لا تحسبوه شراً لكم
الكاتب: مدير الموقع
صالح بن مبروك عوبدان الصيعري
الحمد لله الذي جعل مع المحن منحا , وصلى الله على خير الورى وآله وصحبه أولوا البر والتقى وزوجاته العفيفات الطاهرات , ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين . أما بعد ,,,
فقاتل الله تعالى من فرق بين الآل والأصحاب , فعلاقتهم كعلاقة الصلاة بالزكاة ولكن ( ومن يضلل الله فماله من هاد).
لعل من المناسب البدء بهذه القصة وهي أن أحد العلماء قال للرافضة : هل أنتم من المهاجرين ؟ قالوا لا . قال وهل أنتم من الأنصار ؟ قالوا لا . قال وأنا أشهد بالله أنكم لستم ممن تبعهم بإحسان . يشير إلى قول الله تعالى ( والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم).
سبحان الله تذكرنا هذه الحادثة - أعني بها تطاول الخبيث ياسر على أمنا عائشة رضي الله تعالى عنها وأخزاه الله تعالى - بتلك الحادثة العظيمة والمحنة الكبيرة التي حصلت لها ألا وهي حادثة الإفك فقد اتُهمت الطاهرة الشريفة المبرأة العفيفة بالزنى وطار الخبر وانتشر وتولى كبر هذا الإفك رأس المنافقين ابن سلول ولا عجب فهم في كل زمان ومكان ( بعضهم أولياء بعض) ( تشابهت قلوبهم) لكن ما الذي حصل ؟ ظهرت براءتُها وعظمت منزلتها وبانت منقبتها وحصل من هذه الحادثة خير كبير حتى قال الله تعالى في معرض آيات البراءة ( لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم) وخاب الأفاك ولم تنفعه الأنات وباء بالحسرات ولم يَجُرّ عليه حقده إلا الويلات وما ياسر عنه ببعيد ( فانتظروا إنا منتظرون)
وتتأخر مرة عن الجيش فتنزل بسببها رخصة التيمم فيقوم أحد سادات الأنصار وهو أسيد من الحضير رضي الله تعالى عنه ويعلنها للجميع " ما هذا بأول بركتكم يا آل أبي بكر " وصدق وأهل الفضل يعرفون لأهل الفضل فضلهم , وبركات بيت الصديق رضي الله تعالى عنهم لا تعد ولا تحصى. وبعد هذه التقدمة آن الأوان لأشرع في ذكر نزر يسير من المنح التي حصلت بعد تطاول المبتور ياسر الخبيث على أمنا الحبيبة عائشة الصديقة بنت الصديق رضي الله تعالى عنها وعن أبيها وعن الصحب الكرام والآل الأطهار وأمهات المؤمنين جمع . ومن ذلك .
· أبانت للعالم أجمع أن حب أمهات المؤمنين متجذر في قلوب المسلمين لا ولن يستطيع هذه الخبيث ولا غيره أن يعكروه أو يشوهوه أو ينقصوا منه شيئا بل والله ما ازددنا لهن إلا محبة وإجلالا لأننا بحمد الله تعالى نرضع حبهن مع حليب أمهاتنا فتجد الشبل الصغير يعرف لأمهات المؤمنين قدرهن وعظيم منزلتهن. كنا في الأيام القليلة الماضية نقابل بعض الطلاب ومن أسئلة المقابلة اذكر أربعا من زوجات النبي صلى الله عليه وسلم فتأتي الإجابة وكأنها مسجلة إذ قالها كل من قابلناه يفتر ثغر الواحد منهم بكلمات كالدر المنثور وتخرج الإجابة سريعة من تلقاء نفسها ولسان حالها دعوني فإني مأمورة ينطقون صغارا وكبارا " عائشة وخديجة " و من ثم يذكرون اثنتين من زوجات النبي صلى الله عليه وسلم فبعد عائشة وخديجة تختلف الإجابات , أحد الأطفال الذين قابلناهم كان صغيرا جدا ولما سئل أجاب وبدون تلكأ ولا عي ولا تأخر عائشة وخديجة و ... و ... فإذا بأحد اللجنة يقول " خاب وخسر الخبيث ياسر اسمعوها من أبناء عائشة رضي الله تعالى عنها حتى من الصغار وهذا أمر بحمد الله تعالى واضح لأرباب الفطر السليمة والعقول الحكيمة أما الشاذ فلا عبرة به إذ " من شذ شذ في النار " ولا يحتاج النهار إلى دليل إلا عند من فقد عقله وعمي بصره وصم سمعه ( إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون) .
وكنت مرة جالسا مع ابنتي ذات السنتين نشاهد أحد الفلاشات عن أمنا عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها فما إن سَمِعَتْ الصغيرة اسم عائشة رضي الله تعالى عنها وإذا بها تنطق إنها أمي وأمك فقلت لها صدقت قالت وأم الشيخ عدنان العرعور ( حفظه الله تعالى علقم الروافض ورعبهم) قلت صدقت . فسبحان من أخزى الخبيث وأتباعه على ألسنة الصغار قبل الكبار . ( لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم)
· جمع هذا الحدث شمل الأمة و لمّ شعثها ووحد صفها ,اتحدت العبارات والمواقف والتصريحات وسطرت الأقلام وكتبت , وسالت الأحبار وجرت, وما ندوة إخواننا الأبطال في الكويت الحبيبة سددهم الله تعالى إلا أكبر شاهد لما أقول فقد رأينا تلك الجموع الغفيرة والأعداد الكثيرة التي أتت وحضرت وآزرت ونصرت , وكم من مسلم لسان حاله يا ليتني كنت معهم إذ حبسه العذر فلم يستطع الحضور ببدنه لكنه حاضر بقلبه وهمه .فيا مسلمون اجتماع باجتماع لكن لا سواء ( وترجون من الله مالا يرجون) فكتب الله تعالى أجوركم وسدد خطاكم وجعل ما قدمتم في ميزان حسناتك . ( لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم)
· أظهرت هذه الحادثة البغض الدفين من هذا اللعين وأمثاله لزوجات النبي صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين وللمسلمين أجمعين وأماطت اللثام عن الوجه القبيح لهذا العدو الخبيث وما يكنه من عداء وما يطمح إليه من آمال قطع الله دابره وخيب آماله ولا عجب فتلك شنشنة نعرفها من أخزم . وقد ظهر للجميع ما يخفيه هؤلاء من عداء لأن البعض اغتر بدعاواهم من إظهار العداء لليهود والنصارى وحب أهل السنة وإظهار حمل هموم المسلمين ونصر قضاياهم والوقوف معهم وظن أن الدعايات على حقيقتها فاغتر بهم وأيقن بصدقهم وما عرف أن وراء الأكمة ما وراءها وأن التقية ركن ركين من أركان دينهم وركيزة من ركائزه لكن هذه الحادثة أظهرت بجلاء العداء ولسان حال بعضنا (الآن حصحص الحق) . ( لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم)
· أيقظت الأمة من رقدتها واستنهضتها من غفلتها وبينت لها أنها أمام تحدي كبير ولا بد من أخذ الحيطة والحذر والاستعداد للأمر قبل وقوعه وكما قيل قبل الرمي يراش السهم .وقد تجاوزنا مرحلة
أرى خلل الرماد وميض نار ***** ويوشك أن يكون له ضراما
فقد كان , لكن لا بد من الاستعداد على جميع الأصعدة لكل من يكيد للأمة( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة) وإلى متى ونحن غافلون ؟ .( لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم)
· بينت لنا كم نحن مقصرون مع زوجات النبي صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين , فلم يتطاول هذا الموتور إلا لأننا أهملنا سيرهن وتغافلنا عن فضائلنا وخلت مجالسنا من ذكرنهن فيأتي هذا الحدث ليوقظنا فكم انتفض بعده من أناس وأحسوا بالقصور فتداركوا الخلل فيا لها من منحة لو لم يكن في هذا الحدث إلا هي لكفى , فكم أقيم من برامج ما كان لها أن تقوم لولا هذا الحدث وكم ذكرت فضائل زوجات النبي صلى الله عليه وسلم وكم تفانى الغيوريون في نصر أمنا ليظهر للكل أن الحق منصور والنصر قادم وأن الحق ربما مرض لكنه لا يموت وإني أثمن الدور الكبير الذي قامت به بعض القنوات الإسلامية وعلى رأسهن قناة صفا وقناة وصال وقناة الرحمة وغيرهن بارك الله مسعى القائمين عليهن وجزاهم خير الجزاء . فلهن في نصر الأمة كذلك أحسبهن القِدح المعلى والجهد المجلى . فقد رأينا ما يثلج الصدر , جهود مباركة وبرامج مفيدة واستضافات رائعة دافعوا فأحسنوا وجدوا واجتهدوا والله الكريم لا يضيع عمل عامل.وعزم البعض على عقد درس في سير أمهات المؤمنين خصوصا وسير الصحب الكرام عموما وسيواكب البعض النصرة بما يستطيع حتى ربما سمى عائشة لتبقى ذكرى بنصر الحبيبة زوجة الحبيب . رضي الله تعالى عنها وصلى الله على حبيبنا وسلم .
· ومن المنح : سحبت جنسية هذا الخبيث (لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن) بعد أن سحبت كرامته فلا غرو ولا عجب مما يتفوه به وينطق إذ كل إناء بما فيه ينضح , يكثر السب والشتم ونحن نقول هون عليك فما ضر نهر النيل أن ولغت فيه الكلاب ,
إذا رزق الفتى وجها وقاحا ***** تقلب في الأمور كما يشاء
و " إذا لم تستح فاصنع ما شئت " ولعلك أيها القارئ المفضال سمعت ذاك الرجل بل الأسد الذي كان على المذهب الشيعي ثم دخل الإسلام الحقيقي والتحق بركب المهتدين والداخلين في أهل السنة والجماعة بعد سب هذا الخبيث لأمنا إذا زأر هذا المبصر كيف تسب زوجة حبيبنا صلى الله عليه وسلم وأنا على دينه ؟ أعاد مقولة حمزة رضي الله تعالى عنه وأرضاه فطوبى لهذا المتهدي ويا لسعادته ويا بؤس المفتري ويا لشقاوته ( أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون) أسأل الله تعالى أن يثبت المهتدي ويوفقه ويخذل ياسر ويهلكه .
ويا إخوان :المنح أكثر من أن تذكر ولو أُلِّفَتْ فيها مجلدات لم توفها حقها ولكن هذا نزر يسير من هذه المنح حاولت أن أظهر للجميع أن المحن وإن رأيناها في تصورنا محنا ففي حقيقتها منحا فهي رحمة في لباس عذاب والحكيم من يبتهج بالمصائب ليقطف منها الفوائد .
وصدق الله تعالى وهو أصدق القائلين ( يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون) وصدق الله ومن أصدق من الله قيلا ( لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم) والقصص كثيرة والمواقف متعددة لكن حسبي ما ذكرت .
هذا ما أردت رقمه وأعانني الكريم على كتبه وفتح الفتاح علي من واسع فضله فله الحمد وحده لا أحصي ثناء عليه هو جل جلاله كما أثنى على نفسه .
وبالله حولي واعتصامي وقوتي ***** ومالي إلا ستره متجللا
فيا رب أنت الله حسبي وعدتي ***** عليك اعتمادي ضارعا متوكلا