الرد على آية الولاية ومن قال بأن عليا تصدق بخاتمه
الرد الأول:
كم (ولي) بمعنى إمام في هذه الآية؟
إن كان معنى الولي هو الإمام صار معنى الآية هكذا: (إنما إمامكم الله..) فهل يرتضي الرافضة هذا التفسير؟
هل موضوع الآية متعلق بالولاية - بفتح الواو - بمعنى الولاء والنصرة؟ أم بكسرها بمعنى الإمامة؟
أما استدلالهم بقوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾ [المائدة:55]، فهو استدلال عقيم ناتج عن جهلهم المركب؛ فهل يعقل أن لا نقيم الصلاة إلا أثناء الركوع؟ ولا نؤتي الزكاة إلا أثناء الركوع؟ هل هذا من فقه الشيعة في الزكاة؟ هل يؤدي الرافضة الزكاة وهم راكعون؟ هل يعدون الأموال التي ينفقونها أثناء ركوعهم؟ وهل يدخلون في الصلاة وهم راكعون فتصير تكبيرة التحريم للدخول في الصلاة بعد الركوع؟
ما هذه المفاهيم المعوجة المضحكة؟!
وحتى عندما ذكر الله أولي الأمر جعلهم منا لا من أهل البيت.
هذه الآية يسميها الشيعة "آية الوِلاية" بكسر الواو، وهو خطأ، والصحيح بفتح الواو، وسياق الآية يناسب هذا التنبيه؛ لأن السياق متعلق بمودة المؤمنين ومؤازرتهم لا بموضوع الإمامة.
ما زلنا نطالب بنص جلي واضح يليق بما تعتبرونه أصلاً من أصول الدين أهم من الصلاة والصيام، ولا يقوم الدين إلا به، ولا يقبل العمل إلا معه. وهيهات أن تجدوا.
لقد قال تعالى قبل هذه الآية للمؤمنين: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ [المائدة:51]، إلى قوله: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾ [المائدة:55] ﴿وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ﴾ [المائدة 55 - 56]، وقال: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ﴾ [سورة التوبة 71].
فأثبت الموالاة بينهم، وأمر بموالاتهم، والرافضة تتبرأ منهم ولا تتولاهم، وأصل الموالاة المحبة، وأصل المعاداة البغض وهم يبغضونهم ولا يحبونهم.
أما الرواية التي تحكي أن علياً أدى الزكاة وهو راكع؛ فهيئة مثيرة للتعجب أن يعطي المزكي زكاته وهو راكع، ولم لا يعطيها وهو ساجد!!!
قال الهيثمي في مجمع الزوائد [7/17]: "فيه من لم أعرفهم"، وهذا اصطلاح يشير به إلى أن في الرواية مجاهيل.
قال ابن كثير: "رواه ابن مردويه من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه وعمار بن ياسر وليس يصح منها شيء بالكلية، لضعف أسانيدها وجهالة رجالها" [تفسير ابن كثير 3/130].
وقال الطبراني في المعجم الأوسط [6/218]: "تفرد به خالد بن يزيد".
والذي زعم أنها نزلت في علي هو الثعلبي، وهو الملقب بحاطب الليل؛ لأنه لا يميز الصحيح من الضعيف، وأكثر رواياته عن الكلبي عن أبي صالح، وهو عند أهل العلم من أوهى ما يروى في التفسير.
قال ابن حجر العسقلاني: "رواه الطبراني في الأوسط في ترجمة محمد بن علي الصائغ، وعند ابن مردويه من حديث عمار بن ياسر قال: وقف بعلي سائل وهو واقف في صلاته… الحديث. وفي إسناده خالد بن يزيد العمر وهو متروك، ورواه الثعلبي من حديث أبي ذر مطولا وإسناده ساقط" [الكافي الشافي في تخريج أحاديث الكشاف لابن حجر العسقلاني، هامش الكشاف 1/649].
فلا يمكن أن يبنى ركن الإمامة على هذه الآثار الضعيفة.
سبب نزول الآية:
الآية نزلت في عبادة بن الصامت حين تبرأ من حلفه السابق مع اليهود لما أعلن اليهود الحرب عليه. فقد روى ابن جرير أنها نزلت في عبادة بن الصامت لما حاربت بنو قينقاع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمشى إليهم عبادة، وكان أحد بني عوف بن الخزرج، فخلصهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وتبرأ إلى الله وإلى رسوله من حلفهم، وقال: أتولى الله ورسوله والمؤمنين وأبرأ من حلف الكفار وولايتهم" [تفسير الطبري 6/288 وتفسير ابن كثير 2/71].
قلت: وفيه السائب بن محمد الكلبي والضحاك عن ابن عباس. لم يصح فإن الضحاك لم يثبت لقياه ابن عباس.
الأدلة العقلية على بطلان الاحتجاج بالآية:
هل عند الشيعة رواية عن علي تتضمن احتجاج علي بهذه لآية على تقديم إمامته على غيره؟
أو أنه احتج عليهم بيوم الغدير؟
سياق الكلام في الآية متعلق بالنهي عن موالاة الكفار وقد سبق هذه الآية قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ﴾ [المائدة:51]، لا بموضوع: (من الأولى بالإمامة بعد الرسول صلى الله عليه وسلم).
الواو ليست واو الحال؛ إذ لو كان كذلك كان لا يسوغ أن يتولى إلا من أعطى الزكاة في حال الركوع، فلا يتولى علي سائر الصحابة والقرابة.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن في الصلاة لشغلاً»؛ فكيف يكون أداء الزكاة داخل الصلاة؟ وبالتحديد عند حالة الركوع؟ ولم لا يكون أداؤها في حال القيام أو السجود أو عند التشهد مثلاً؟
- قوله: (والذين) صيغة جمع وعلي واحد، وعلي لا زكاة عليه، وقد كان فقيراً باعتراف الشيعة.
- أن أكثر العلماء على أن إخراج الخاتم في الزكاة لا يجزئ.
- أن في الصلاة شغل عن الأعمال الخارجة. أليس من الغريب أن لا يصبر علي على أداء الزكاة حتى يخرج من صلاته؟ أم أن الشرع أوجب أن تؤدى الزكاة على هذا النحو؟
- الولي هو القريب والمحب والنصير.
﴿إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ﴾ [الأعراف:30].
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [التوبة:23]
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ﴾ [المائدة:51]، والنهي لم يكن عن مبايعتهم. وإنما كان النهي في السياق عن محبتهم ومودتهم.
﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ﴾ [التوبة:71]
﴿لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ[آل عمران:28].
﴿وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ﴾ [الجاثية:19]
﴿ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ﴾ [المائدة:51]، وليس المعنى أن نبايعهم على السمع والطاعة؛ فإن هذا معروف ضرورة، وإنما على مطلق المحبة والمودة والاقتراب منهم.
﴿يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا وَلا هُمْ يُنصَرُونَ﴾ [الدخان:41]، وهذا في النصرة لا في الإمامة.
﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ﴾ [محمد:11].
﴿بَلِ اللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ﴾ [آل عمران:150].
﴿فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [التحريم:4].
وقد وضع بعض الكذابين حديثاً مفترىً أنَّ هذه الآية نزلت في "علي" لما تصدق بخاتمه في الصلاة!! وهذا كذبٌ بإجماعِ أهل العلم بالنقل، وكَذِبُه بَيِّنٌ مِن وجوهٍ كثيرةٍ:
منها: أنَّ قوله ﴿الذين﴾ صيغة جمع و"عليٌّ" واحدٌ.
ومنها: أن الواو ليست واو الحال؛ إذ لو كان كذلك لكان لا يسوغ أن يتولى إلا مَن أعطى الزكاة في حال الركوع فلا يتولى سائر الصحابة والقرابة.
ومنها: أنَّ المدح إنما يكون بعمل واجبٍ أو مستحبٍ، وإيتاء الزكاة في نفس الصلاة ليس واجباً ولا مستحباً باتفاق علماء الملة؛ فإن في الصلاة شغلاً.
ومنها: أنه لو كان إيتاؤها في الصلاة حسناً لم يكن فرقٌ بين حال الركوع وغير حال الركوع، بل إيتاؤها في القيام والقعود أمكن.
ومنها: أن "عليّاً" لم يكن عليه زكاةٌ على عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
ومنها: أنه لم يكن له أيضا خاتمٌ، ولا كانوا يلبسون الخواتم حتى كتب النبي صلى الله عليه وسلم كتاباً إلى كسرى، فقيل له: إنهم لا يقبلون كتاباً إلا مختوماً؛ فاتخذ خاتماً مِن ورِق ونقش فيها (محمَّدٌ رسولُ الله).
ومنها: أنَّ إيتاءَ غيرِ الخاتم في الزكاة خيرٌ مِن إيتاء الخاتم فإنَّ أكثر الفقهاء يقولون لا يجزئ إخراج الخاتم في الزكاة.
ومنها: أن هذا الحديث فيه أنه أعطاه السائل، والمدح في الزكاة أنْ يخرجها ابتداءً، ويخرجها على الفور لا ينتظر أن يسأله سائلٌ.
ومنها: أنَّ الكلام في سياق النهي عن موالاة الكفار والأمر بموالاة المؤمنين كما يدل عليه سياق الكلام.
وسيجيئ إن شاء الله تمام الكلام على هذه الآية فإن الرافضة لا يكادون يحتجون بحجةٍ إلا كانت حجةً عليهم لا لهم كاحتجاجهم بهذه الآية على الولاية التي هي الإمارة، وإنما هي في الولاية التي هي ضد العداوة والرافضة مخالفون لها" اهـ [منهاج السنة (2/30-32)].
قوله: نزول آية (إنما وليكم) في علي بن أبي طالب.
فنقول: إن الروايات التي رويت في هذا الباب كلها من الأكاذيب.
فمنها: أن الواو ليست واو الحال؛ إذ لو كان كذلك لكان لا يسوغ أن يتولى إلا مَن أعطى الزكاة في حال الركوع فلا يتولى سائر الصحابة والقرابة.
ومنها: أنَّ المدح إنما يكون بعمل واجبٍ أو مستحبٍ، وإيتاء الزكاة في نفس الصلاة ليس واجباً ولا مستحباً باتفاق علماء الملة، فإن في الصلاة شغلاً.
ومنها: أنه لو كان إيتاؤها في الصلاة حسناً لم يكن فرقٌ بين حال الركوع وغير حال الركوع، بل إيتاؤها في القيام والقعود أمكن.
ومنها: أن "عليّاً" لم يكن عليه زكاةٌ على عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
ومنها: أنه لم يكن له أيضا خاتمٌ، ولا كانوا يلبسون الخواتم حتى كتب النبي صلى الله عليه وسلم كتاباً إلى كسرى فقيل له إنهم لا يقبلون كتاباً إلا مختوماً فاتخذ خاتماً مِن ورِق ونقش فيها (محمَّدٌ رسولُ الله).
ومنها: أنَّ إيتاءَ غيرِ الخاتم في الزكاة خيرٌ مِن إيتاء الخاتم، فإنَّ أكثر الفقهاء يقولون لا يجزئ إخراج الخاتم في الزكاة.
ومنها: أن هذا الحديث فيه أنه أعطاه السائل، والمدح في الزكاة أنْ يخرجها ابتداءً، ويخرجها على الفور لا ينتظر أن يسأله سائلٌ.
ومنها: أنَّ الكلام في سياق النهي عن موالاة الكفار والأمر بموالاة المؤمنين كما يدل عليه سياق الكلام.
قوله بأن أصحاب الكتب الستة أجمعوا على نزول الآية في عليّ.
يقول الإمام ابن كثير في تفسيره لهذه الآية الكريمة وبعد أن ذكر بعض أحاديث التي تذكر أن علياً تصدق بخاتمه قال: "وليس يصح شيء منها بالكلية لضعف أسانيدها وجهالة رجالها" [تفسير ابن كثير جـ 2 ص (598)] فهذا قول إمام من كبار المفسرين يعرض أسانيد تلك الروايات ويفندها, وهذا دليل قاطع على عدم وجود ذلك الإجماع المزعوم.
الرد الثاني:
آية الولاية هي قول الله تبارك وتعالى: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾ [المائدة: 55].
يستدلون بهذه الآية على إمامة علي رضي الله عنه وأرضاه قبل أبي بكر وقبل عمر وقبل عثمان.
وجه الدلالة ليس في هذه الآية وإنما في سبب نزول هذه الآية, فالآية إذا كما ترون عامة يقول الله فيها: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾، لا ذكر فيها أبداً لعلي رضي الله عنه، ولا ذكر فيها لأحد من أصحاب النبي صلوات الله وسلامه عليه, إنما تذكر ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾.
إذاً: أين الدلالة؟!
الدلالة هي في تفسير هذه الآية، وهو سبب نزولها كما يزعم القوم، فما سبب نزول الآية عندهم؟
إنّ سبب نزول الآية عندهم دعوى أنّ علياً رضي الله عنه كان يصلي فجاء سائل يسأل الناس فلم يعطه أحد شيئاً, فجاء إلى علي وهو راكع فمد علي يده وفيها خاتم فأخذ الرجل الخاتم من يد علي رضي الله عنه فأنزل الله جل وعلا هذه الآية: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾، فيقولون الذين آتوا الزكاة وهم راكعون هم واحد وهو علي بن أبي طالب فهذه الآية أو ما تسمى عندهم بآية الولاية وهي أقوى دليل عندهم بهذه المسألة كما قرأت لبعض علمائهم.
لنرى هل هذه الآية فعلاً تدل على مرادهم أو لا تدل؟
هذه الآية طُرحت في أثناء المناظرة وتم الرد على بعض شبههم فيها، ولكن كما قلت نحتاج إلى أن نسهب أكثر في بيان معنى هذه الآية، وبيان مدى دلالتها على ولاية علي رضي الله عنه وأرضاه.
إن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه العزيز: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾ [المؤمنون: 1-2], ويقول رسولنا صلوات الله وسلامه عليه: «إن في الصلاة لشغلاً» [متفق عليه]، وعلي عندنا معاشر أهل السنة والجماعة من أئمة المسلمين ومن أئمة المتقين ومن أئمة الخاشعين فلا نقبل أبداً أن ينسب إلى علي رضي الله عنه أن يشتغل بإخراج الزكاة وقت الصلاة, بل نرى أن علياً رضي الله عنه ممن يلتزم بقول الله تبارك وتعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾ [المؤمنون: 1-2]، ويلتزم بقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إن في الصلاة لشغلاً».
ثم يقال بعد هذا كله: إن الأصل في الزكاة أن يتقدم بها المزكي لا أن ينتظر الفقير أو المحتاج حتى يأتيه ويطلب منه هذه الزكاة, فهذا لا يُمدح، وإنما يُمدح الذي يعطيها ابتداء لا الذي ينتظر الفقير حتى يأتيه ويعرض نفسه للسؤال, ونحن كذلك ننزه علياً رضي الله عنه من أن يفعل ذلك وهو أن ينتظر الفقير حتى يأتيه ثم يعطيه زكاة ماله.
ثم كذلك نقول: إنّ الزكاة لم تجب على علي رضي الله عنه في زمن النبي صلوات الله وسلامه عليه بل كان فقيراً, اسألوا أنفسكم ماذا أمهر علي رضي الله عنه فاطمة رضي الله عنها؟؟
أمهرها درعاً, لم يكن ذا مال, كان فقيراً ما كان يستطيع أن يشتري خادماً لفاطمة, ولذلك لما سمع علي رضي الله عنه وفاطمة رضي الله عنها بقدوم سبي للنبي صلى الله عليه وسلم ذهبا يطلبان خادماً, ما كانا يملكان حتى شراء خادم, ومع هذا يأتي علي ويتزكى في زمن النبي صلى الله عليه وسلم!! هذا لا يمكن أبداً, ما كانت الزكاة واجبة على علي زمن النبي صلى الله عليه وسلم.
كذلك نقول: ليس في هذه الآية مدح لمن يعطي الزكاة وهو راكع, إذ لو كان الأمر كذلك لكان إعطاء الزكاة أثناء وقت الركوع أفضل من غيره من الأوقات!! ونقول لجميع الناس أعطوا زكاة أموالكم وأنتم ركوع لأن الله مدح الذين يعطون زكاة أموالهم وهم ركوع!! ولقلنا للفقراء ابحثوا عن الراكعين واسألوهم الزكاة، ولا أظن أنه يقول أحد من أهل العلم مثل هذا الكلام.
ثم إن الله جل وعلا ذكر إقامة الصلاة ولم يذكر أداءها, فلنحاول أن نتدبر الآية قليلاً, إن الله جل وعلا يقول: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ﴾ ثم وصفهم الله جل وعلا قال: ﴿الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾ فلم فصل بين الركوع والصلاة وأدخل بينهما الزكاة, إن القرآن يعلم جميع المسلمين أنه أفصح القول ولا يستطيع أحد أن يمسك على القرآن ولا غلطة واحدة في نحوٍ ولا بلاغة ولا صرف ولا في غيرها من الكلمات أبداً لا يمكن هذا, أحسن الحديث وأحسن الكلام, إذا كان الأمر كذلك - ولا أظن أن مسلماً يخالفني في ذلك - فكيف دخلت الزكاة بين الصلاة والركوع؟
ثم إن الصلاة إنما ذكرت بالإقامة فقال جل ذكره: ﴿الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ﴾ إن إقامة الصلاة تختلف تماماً عن أدائها، وذلك أن إقامة الصلاة هي أن تؤدى هذه الصلاة بكمال شروطها وأركانها وواجباتها بل ومستحباتها مع حسن وضوء وحسن خشوع, هذه هي إقامة الصلاة، ولذا جاء بعده ذكر الزكاة، أما قوله جل وعلا: ﴿وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾، فليس له دخل في الصلاة أصلا، وإنما الركوع هنا بمعنى الخضوع لله جل وعلا، كما قال سبحانه وتعالى عن داوود عليه السلام: ﴿وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ﴾ [ص: 24]، ومعلوم أن داوود عليه السلام إنما خر ساجداً، ولذا نسجد نحن إذا قرأنا هذه الآية سجود التلاوة, وداوود خر راكعاً فكيف يكون هذا؟ نقول إن داوود خر ساجداً، ولكن الله قال: ﴿خَرَّ رَاكِعًا﴾، نقول أي خاضعاً لله جل وعلا, فالركوع هو الخضوع لله جل وعلا، ومنه قول الله جل وعلا عن مريم عليها السلام: ﴿يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾، أي: اخضعي مع الخاضعين ولذا مريم كانت تعيش بيت المقدس, وهبتها أمها لبيت المقدس وامرأة لا تجب عليها صلاة الجماعة مع الراكعين, وإنما المقصود اخضعي لله جل وعلا مع الخاضعين له سبحانه وتعالى.
فيكون مراد الله جل وعلا في هذه الآية كما ذكر أهل العلم ذلك: ﴿الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾ أي: وهم في كل أحوالهم خاضعون لله جل وعلا.
كذلك نقول: لا نوافق أبداً بأن هذه الآية نزلت في علي رضي الله عنه وذلك أننا نعتقد جازمين أن هذه القصة غير صحيحة, لم يأت سائل ولم يسأل علياً وهو راكع ولم يدفع علي رضي الله عنه الزكاة وهو راكع، لم يحدث شيء من ذلك أبداً.
ومن يقرأ هذه الآية وما سبقها وما يتبعها من الآيات يعلم علم اليقين أن الآية لها سبب آخر غير هذا السبب, وذلك أن الله جل وعلا يقول قبيل هذه الآية بثلاث آيات: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ فنهى الله جل وعلا المؤمنين أن يتولوا اليهود والنصارى.
وقد جاء في الحديث - وهو حديث حسن الإسناد -: أن سبب هذه الآية هي قصة وقعت لعبادة بن الصامت رضي الله عنه وأرضاه، وذلك أن عبد الله بن أُبي بن سلول شفع عند النبي صلى الله عليه وسلم لبني قينقاع, لما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يقتلهم شفع لهم عبد الله بن أبي بن سلول وأكثر في هذا على النبي صلى الله عليه وآله وسلم حتى تركهم له صلوات الله وسلامه عليه فأراد إخوانهم اليهود من بني النظير أن يشفع لهم عبادة بن الصامت كما شفع عبد الله بن أُبي بن سلول لإخوانه اليهود فرفض رضي الله عنه أن يشفع لهم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم, ولذلك عبادة بن الصامت من أصحاب بيعة العقبة, عبادة بن الصامت من المؤمنين, عبد الله بن أبي من المنافقين بل رأس المنافقين؛ فكيف يصنع عبادة بن الصامت كما صنع عبد الله بن أبي بن سلول, ولذلك رد عليهم قولهم ورفض الشفاعة لهم، فأنزل الله تبارك وتعالى قوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ﴾ حتى قال الله تبارك وتعالى: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ..﴾، فنجد أن الآيات تتكلم عن ولاية المؤمنين بشكل عام ولا تتكلم عن قضية رجل تصدق بصدقة وهو يصلي, ولذلك يستطيع كل أحد أن يدعي مثل هذه الدعوى فيأتينا شخص فيؤلف لنا حديثاً مكذوباً على طلحة بن عبيد الله ويقول إن طلحة تصدق وهو راكع إذاً هي في طلحة!! ويأتينا ثالث ويقول هي في الزبير، ورابع يأتينا ويقول هي في خالد بن الوليد، وخامس يقول هي في العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم .. ولا تنتهي هذه القضية, قضية وضع حديث وكذب على النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمرها يسير من حيث الإحداث، ولكنها عند الله تبارك وتعالى عظيمة، وذلك أنه من كذب على النبي صلى الله عليه وسلم فإن عليه أن يتبوأ مقعداً من النار؛ أعاذنا الله وإياكم من النار.
حتى لو قلنا أنها نزلت في علي - تنزلاً وإلا هي لم تنزل في علي رضي الله عنه - أين الخلافة؟ أين الولاية؟؟؟ لا ذكر أبداً للخلافة ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾ أين الخلافة؟؟ الحكم وليكم يعني حاكمكم؟؟!!
هل يقال إن الله حاكم سبحانه وتعالى, الله خالق الخلق, الله رب العالمين سبحانه وتعالى, أين الخلافة؟
أين ربط هذه الآية بالآيات السابقة والآيات اللاحقة؟ أين هذا كله؟ لا نجده عندما نقول هي في الخلافة!
وهناك دعاوى عريضة وجدتها لبعضهم حول هذه الآية يحاولون فيها التلبيس على الناس، من ذلك ما قرأته للموسوي في مراجعاته مثلاً [في المراجعة رقم 12 ص 137] يقول عبد الحسين شرف الدين الموسوي انظروا إلى هذه الجرأة: "أجمع المفسرون على أن هذه الآية إنما نزلت في علي حين تصدق راكعاً في الصلاة", ثم يزعمون بعد ذلك أن هذه المراجعات تمت بين عبد الحسين شرف الدين الموسوي والشيخ سليم البشري رحمه الله تعالى (شيخ الأزهر في ذلك الوقت) وهذا لا شك أنه كذب وليس هذا مجال حديثنا عن المراجعات، ولكن من شاء أن يرجع إليها فهناك أربعة أشرطة نزلت في تكذيب هذه المراجعات وبيان تأليف عبد الحسين شرف الدين لها، وزج اسم الشيخ سليم البشري في هذا الموضوع وهو منه براء رحمه الله تعالى.
على كل حال نسمع أقوال المفسرين في هذه الآية, هؤلاء المفسرون الذين جمعت كلامهم في هذه الآية:
ابن كثير -رحمه الله تعالى- قال: "وأما قوله: ﴿وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾ فقد توهم البعض أن هذه الجملة في موضع الحال من قوله: ﴿وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ﴾ - يعني أنهم يؤتون الزكاة والحال أنهم راكعون، حتى أن بعضهم ذكر هذا أثراً عن علي رضي الله عنه أن هذه الآية قد نزلت فيه، وأن مر به سائل في حال ركوعه فأعطاه خاتمه" ثم ذكر بن كثير الآثار التي رُويت عن علي وأنها نزلت فيه وبين ضعفها جميعاً ثم قال: "وليس يصح منها شيء بالكلية لضعف أسانيدها وجهالة رجالها".
ابن عطية في المحرر الوجيز يقول: "قال مجاهد: نزلت هذه الآية في علي بن أبي طالب تصدق وهو راكع, وفي هذا القول نظر، والصحيح ما قدمناه من تأويل الجمهور، ولقول الله تبارك وتعالى: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُواْ﴾ أي ومن آمن من الناس حقيقة لا نفاقاً وهم الذين يقيمون الصلاة المفروضة بجميع شروطها ويؤتون الزكاة" وهذا قول - كما قلنا – جماهير المفسرين نقلها عنهم بن عطية رحمه الله تعالى.
النيسابوري في هامشه على تفسير الطبري قال: "فيها قولان: الأول أن المراد عامة المسلمين؛ لأن الآية نزلت على وفق ما مر من قصة عبادة بن الصامت رضي الله عنه, والقول الثاني أنها في شخص معين ورُوي أنه أبو بكر وروي أنه علي" ثم رد القول الثاني وهو أن المراد فيها شخص بعينه.
وهذا القرطبي في الجامع لأحكام القرآن قال: "والذين عام في جميع المؤمنين, وقد سؤل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي رضي الله عنه - الذي هو الباقر - عن معنى قول الله تعالى ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ﴾، هل هو علي بن أبي طالب؟ فقال: علي من المؤمنين, يذهب إلى أن هذا لجميع المؤمنين, قال النحاس: (وهذا قول جيد)".
الرازي في تفسيره يقول بعد أن ذكر كلاماً طويلاً في إبطال القول في أنها نزلت في علي: "وعلي بن أبي طالب أعلم بتفسير القرآن من هؤلاء الروافض، ولو كانت هذه الآية دالة على إمامته لأحتج بها في محفل من المحافل, وليس للقوم أن يقولوا إنه تركه للتقية, فإنهم ينقلون عنه أنه تمسك يوم الشورى بخبر يوم الغدير وخبر المباهلة في جميع فضائله ومناقبه ولم يتمسك البته بهذه الآية لإثبات إمامته وذلك يوجب القطع بسقوط قول هؤلاء الروافض لعنهم الله" هكذا قال.
وكذلك قال: "وأما استدلالهم بأن هذه الآية نزلت في حق علي فهو ممنوع، وقد بينا أن أكثر المفسرين زعموا أنه في حق الأمة" يعني ليس في علي.
وهذا الألوسي كذلك في المعاني يقول: "وهم راكعون حال من فاعل الفعلين أي يعملون ما ذُكر من إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وهم خاشعون ومتواضعون لله جل وعلا".
وهذا ابن جرير الطبري رحمه الله تعالى يقول: "يعني تعالى ذكره في قوله: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ﴾ ليس لكم أيها المؤمنون ناصر إلا الله ورسوله والمؤمنون الذين صفتهم ما ذكر الله تعالى, وقيل أن هذه الآية نزلت في عبادة بن الصامت في تبرئه من ولاية يهود بني قينقاع وحلفهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين, وأما قوله: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾؛ فإن أهل التأويل اختلفوا في المعنيّ به، فقال بعضهم
عُني به علي، وقال بعضهم عُني به جميع المؤمنين"، ثم ذكر من قال بهذين القولين.
وهذا الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى يقول: "فولاية الله تُدرك بالإيمان والتقوى فكل من كان مؤمناً تقياً كان ولياً لله ومن كان ولياً لله فهو ولي لرسوله وقوله: ﴿وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾ أي خاضعون لله ذليلون.
والشوكاني كذلك في فتح القدير وابن الجوزي في زاد المسير؛ فأين الإجماع؟!
كل هؤلاء المفسرين وغيرهم كثير لا يقولون أنها نزلت في علي, وهؤلاء يدعون أنه أجمع المفسرون أنها نزلت في علي رضي الله عنه وأرضاه!!.
كذلك نقول الآية - كما يلاحظ الجميع – ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ﴾ فهي جمع وعلي واحد فهذه تعمية لحال علي, لو كان المراد علياً رضي الله عنه فعلى الأقل يأتي إما باسمه أو بشيء يدل عليه, والذي يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة وهو راكع على الأقل هذه أوضح أما أن تأتي هكذا معماه إذا قلنا إن المقصود علي رضي الله عنه هذا لا يمكن أن يكون أبداً ولا يجوز أن يُنسب إلى الله جل وعلا الذي هو أحسن قيلا وأحسن حديثاً سبحانه وتعالى كيف نحن من قول الله تعالى: ﴿يريدُ اللهُ ليبينَ لكم ويهديَكُم سُنَنَ الذين مِنْ قبلكم ويتوبَ عليكم﴾ أين نحن من هذه الآية؟ أين البيان في هذه الآية!؟ إنها دعوى والدعوى مرفوضة لا تُقبل.
وهناك جزئية ذكرها بعض أهل العلم مفيدة في هذا الجانب، وهي قولهم أن الزكاة بالخاتم لا تُجْزئ, الزكاة إنما تكون بالدراهم والدنانير، وأما أن يتزكى بالخاتم فإن هذا لا يجزئ أبداً.
على كل حال هذه هي الآية الأولى التي يستدلون بها ووجه الاستدلال عندهم - حسب ما قرأتُ لبعضهم - أنه كلمة إنما ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ الله﴾ قالوا إنما هذه للحصر كما يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات» أي حصر الأعمال لا تُقبل إلا تكون مصحوبة بنية ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾ وهو علي رضي الله عنه! سلمنا جدلاً أنها في علي ثم ماذا؟!
أين خلافة الحسن والحسين وعلي بن الحسين, أهذه للحصر؟ إذاً ليس لكم ولي إلا الله وليس لكم ولي إلا رسول الله وليس لكم ولي إلا علي إذاً أبطلوا خلافة الحسن أبطلوا خلافة الحسين أبطلوا خلافة التسعة من أولاد الحسين لأن الله قال: ﴿إِنَّمَا﴾ أي فقط, فإذا التزموا بذلك فهذا شأنهم.
المصدر: شبكة الدعاة إلى العلم النافع الإسلامية