اسلام ويب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

من فقه الدعاء يقول سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "أنا لا أحمل همَّ الإجابة، وإنما أحمل همَّّ الدعاء، فإذا أُلهمت الدعاء كانت الإجابة معه". وهذا فهم عميق أصيل ، فليس كل دعاء مجابًا، فمن الناس من يدعو على الآخرين طالبًا إنزال الأذى بهم ؛ لأنهم ينافسونه في تجارة ، أو لأن رزقهم أوسع منه ، وكل دعاء من هذا القبيل ، مردود على صاحبه لأنه باطل وعدوان على الآخرين. والدعاء مخ العبادة ، وقمة الإيمان ، وسرّ المناجاة بين العبد وربه ، والدعاء سهم من سهام الله ، ودعاء السحر سهام القدر، فإذا انطلق من قلوب ناظرة إلى ربها ، راغبة فيما عنده ، لم يكن لها دون عرش الله مكان. جلس عمر بن الخطاب يومًا على كومة من الرمل ، بعد أن أجهده السعي والطواف على الرعية ، والنظر في مصالح المسلمين ، ثم اتجه إلى الله وقال: "اللهم قد كبرت سني ، ووهنت قوتي ، وفشت رعيتي ، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفتون ، واكتب لي الشهادة في سبيلك ، والموت في بلد رسولك". انظر إلى هذا الدعاء ، أي طلب من الدنيا طلبه عمر، وأي شهوة من شهوات الدنيا في هذا الدعاء ، إنها الهمم العالية ، والنفوس الكبيرة ، لا تتعلق أبدًا بشيء من عرض هذه الحياة ، وصعد هذا الدعاء من قلب رجل يسوس الشرق والغرب ، ويخطب وده الجميع ، حتى قال فيه القائل: يا من رأى عمرًا تكسوه بردته ** والزيت أدم له والكوخ مأواه يهتز كسرى على كرسيه فرقًا ** من بأسه وملوك الروم تخشاه ماذا يرجو عمر من الله في دعائه ؟ إنه يشكو إليه ضعف قوته ، وثقل الواجبات والأعباء ، ويدعو ربه أن يحفظه من الفتن ، والتقصير في حق الأمة ، ثم يتطلع إلى منزلة الشهادة في سبيله ، والموت في بلد رسوله ، فما أجمل هذه الغاية ، وما أعظم هذه العاطفة التي تمتلئ حبًا وحنينًا إلى رسول الله - صل الله عليهلم -: (أن يكون مثواه بجواره). يقول معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: "يا بن آدم أنت محتاج إلى نصيبك من الدنيا ، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج ، فإن بدأت بنصيبك من الآخرة ، مرّ بنصيبك من الدنيا فانتظمها انتظامًا ، وإن بدأت بنصيبك من الدنيا ، فائت نصيبك من الآخرة ، وأنت من الدنيا على خطر). وروى الترمذي بسنده عن النبي - صل الله عليهلم -: أنه قال: ((من أصبح والآخرة أكبر همه جمع الله له شمله ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن أصبح والدنيا أكبر همه فرَّق الله عليه ضيعته ، وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له)). وأخيرًا .. أرأيت كيف أُلهم عمر الدعاء وكانت الإجابة معه ، وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186)" (البقرة:186).


 

 فضائل التوبة والاستغفار في القرآن الكريم

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة


avatar


نقــاط : 100245
فضائل التوبة والاستغفار في القرآن الكريم Oooo14
فضائل التوبة والاستغفار في القرآن الكريم User_o10

فضائل التوبة والاستغفار في القرآن الكريم Empty
مُساهمةموضوع: فضائل التوبة والاستغفار في القرآن الكريم   فضائل التوبة والاستغفار في القرآن الكريم Emptyالأحد 13 أكتوبر 2013 - 21:33

فضائل التوبة والاستغفار في القرآن الكريم :
أولاً: قبول التوبة والمغفرة من صفات الرحمن جل جلاله:
قال الله تعالى: {إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَـئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ} [البقرة:160].
قال ابن جرير: "{فَأُوْلَـئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ} يعني: هؤلاء الذين فعلوا هذا الذي وصفت منهم هم الذين أتوب عليهم فأجعلهم من أهل الإياب إلى طاعتي والإنابة إلى مرضاتي {وَأَنَا ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ} يقول: وأنا الذي أرجع بقلوب عبيدي المنصرفة عني إليّ، والرادها بعد إدبارها عن طاعتي إلى طلب محبتي"[1].
قال الله تعالى: {وَءاخَرُونَ ٱعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلاً صَـٰلِحاً وَءاخَرَ سَيّئاً عَسَى ٱللَّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [التوبة:102].
قال السعدي: "{إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} أي: وصفه المغفرة والرحمة اللتان لا يخلو مخلوق منهما، بل لا بقاء للعالم العلوي والسفلي إلا بهما، فلو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك على ظهرها من دابة"[2].
وقال تعالى: {أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ ٱلتَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ ٱلصَّدَقَـٰتِ وَأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ} [التوبة:104].
قال السعدي: "أي: كثير التوبة على التائبين، فمن تاب إليه تاب عليه، ولو تكررت منه المعصية مراراً، ولا يمل الله من التوبة على عباده حتى يملوا هم"[3].
وقال تعالى: {حـم A تَنزِيلُ ٱلْكِتَـٰبِ مِنَ ٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ B غَافِرِ ٱلذَّنبِ وَقَابِلِ ٱلتَّوْبِ شَدِيدِ ٱلْعِقَابِ ذِى ٱلطَّوْلِ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ إِلَيْهِ ٱلْمَصِيرُ} [غافر:1-3].
قال وهبة الزحيلي: "ثم وصف الله نفسه بستة أنواع من الصفات الجامعة بين الوعد والوعيد والترغيب والترهيب فقال: {غَافِرِ ٱلذَّنبِ وَقَابِلِ ٱلتَّوْبِ} [غافر:3] أي: أن الله هو غافر الذنب الذي سلف لأوليائه، سواء أكان صغيرة أم كبيرة بعد التوبة، أو قبل التوبة بمشيئته، وقابل توبتهم المخلصة"[4].
ثانياً: أمر الله عز وجل عباده بالتوبة والاستغفار:
قال الله تعالى: {يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ تُوبُواْ إِلَى ٱللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً} [التحريم:8].
قال القرطبي: "أمر بالتوبة وهي فرض على الأعيان في كل الأحوال وكل الأزمان"[5].
وقال الله تعالى: {وَتُوبُواْ إِلَى ٱللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَ ٱلْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.
قال القرطبي: "أمرٌ، ولا خلاف بين الأمة في وجوب التوبة وأنها فرض متعين"[6].
وقال الله تعالى: {وَٱسْتَغْفِرِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً} [النساء:106]، وقال الله تعالى: {ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ ٱلنَّاسُ وَٱسْتَغْفِرُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [البقرة:199].
قال السعدي: "أمر الله بالاستغفار والإكثار من ذكره عند الفراغ من المناسك، فالاستغفار للخلل الواقع من العبد في أداء عبادته وتقصيره فيها"[7].
وقال الله تعالى: {فَٱعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَ ٱللَّهُ وَٱسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَـٰتِ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ} [محمد:19].
قال ابن جرير الطبري: "وسل ربك غفران ذنوبك وحادثها وذنوب أهل الإيمان بك من الرجال والنساء"[8].
وقال تعالى: {إِذَا جَاء نَصْرُ ٱللَّهِ وَٱلْفَتْحُ A وَرَأَيْتَ ٱلنَّاسَ يَدْخُلُونَ فِى دِينِ ٱللَّهِ أَفْوٰجاً B فَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبّكَ وَٱسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوبَا} [النصر:1- 3].
عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما صلّـى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة بعد أن نزلت عليه سورة {إِذَا جَاء نَصْرُ ٱللَّهِ وَٱلْفَتْحُ} إلا ويقول: ((سبحانك ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي))[9].
ثالثاً: التوبة والاستغفار من صفات الأنبياء والصالحين:
قال الله تعالى: {وَلَمَّا جَاء مُوسَىٰ لِمِيقَـٰتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبّ أَرِنِى أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِى وَلَـٰكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِى فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّا وَخَرَّ موسَىٰ صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَـٰنَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ ٱلْمُؤْمِنِينَ} [الأعراف:143].
قال مجاهد: "من مسألة الرؤية في الدنيا، وقيل: سأل من غير استئذان فلذلك تاب، وقيل: قاله على جهة الإنابة إلى الله والخشوع له عند ظهور الآيات"[10].
وقال الله تعالى: {ٱلتَّـٰئِبُونَ ٱلْعَـٰبِدُونَ ٱلْحَـٰمِدُونَ ٱلسَّـٰئِحُونَ ٱلركِعُونَ ٱلسَّـٰجِدونَ} [التوبة:112].
قال ابن كثير: "هذا نعت المؤمنين الذين اشترى الله منهم أنفسهم وأموالهم بهذه الصفات الجميلة والخلال الجليلة"[11].
وقال تعالى: {أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ ٱللَّهَ إِنَّنِى لَكُمْ مِّنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ B وَأَنِ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُمَتّعْكُمْ مَّتَاعًا حَسَنًا إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ} [هود:2-3].
قال ابن كثير: "أي: وآمركم بالاستغفار من الذنوب السالفة والتوبة منها إلى الله عز وجل فيما تستقبلونه، وأن تستمروا على ذلك"[12].
قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ ربَّنَا ٱغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِى أَمْرِنَا وَثَبّتْ أَقْدَامَنَا وٱنصُرْنَا عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْكَـٰفِرِينَ} [آل عمران:147]، وقال الله تعالى: {رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِى لِلإِيمَـٰنِ أَنْ ءامِنُواْ بِرَبّكُمْ فَـئَامَنَّا رَبَّنَا فَٱغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفّرْ عَنَّا سَيّئَـٰتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ ٱلأبْرَارِ} [آل عمران:193]، وقال الله تعالى في قصة توبة آدم عليه السلام: {قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلْخَـٰسِرِينَ} [الأعراف:23]، وقال تعالى: {وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَـٰنَ وَأَلْقَيْنَا عَلَىٰ كُرْسِيّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنَابَ h قَالَ رَبّ ٱغْفِرْ لِى وَهَبْ لِى مُلْكاً لاَّ يَنبَغِى لأحَدٍ مّن بَعْدِى إِنَّكَ أَنتَ ٱلْوَهَّابُ} [ص:34، 35].
رابعاً: دعوة الأنبياء والصالحين أقوامهم للتوبة والاستغفار:
قال الله تعالى: {وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَـٰهُمْ هُودًا قَالَ يٰقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ مُفْتَرُونَ x يٰقَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِىَ إِلاَّ عَلَى ٱلَّذِى فَطَرَنِى أَفَلاَ تَعْقِلُونَ y وَيٰقَوْمِ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ ٱلسَّمَاء عَلَيْكُمْ مّدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ} [هود:50-52].
قال السعدي: "استغفروا ربكم عما مضى منكم، ثم توبوا إليه فيما تستقبلونه بالتوبة النصوح والإنابة إلى الله تعالى"[13].
وقال الله تعالى: {وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَـٰلِحاً قَالَ يٰقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُمْ مّنَ ٱلأرْضِ وَٱسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَٱسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبّى قَرِيبٌ مُّجِيبٌ} [هود:61]، وقال تعالى حاكياً قول شعيب عليه السلام لقومه: {وَٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبّى رَحِيمٌ وَدُودٌ} [هود:90].
قال السعدي في سرده لفوائد قصة شعيب: "ومنها: أن التائب من الذنب كما يسمح له عن ذنبه ويعفى عنه فإن الله تعالى يحبه ويودُّه ولا عبرة بقول من قال: (إن التائب إذا تاب فحسبه أن يغفر له ويعود عليه بالعفو وأما عود الود والحب فإنه لا يعود)، فإن الله تعالى قال: {وَٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبّى رَحِيمٌ وَدُودٌ}"[14].
خامساً: بيان جزاء التوبة في الدنيا والآخرة:
أ- محبة الله عز وجل للتائبين:
قال الله عز وجل: {إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلتَّوبِينَ وَيُحِبُّ ٱلْمُتَطَهّرِينَ}.
ب- حصول المغفرة من الله عز وجل:
قال تعالى: {وَإِنّى لَغَفَّارٌ لّمَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ صَـٰلِحَاً ثُمَّ ٱهْتَدَىٰ} [طه:82].
قال ابن كثير: "{وَإِنّى لَغَفَّارٌ} أي: كل من تاب إليّ تبت عليه من أي ذنب كان حتى إنه تاب تعالى على من عبد العجل من بني إسرائيل، وقوله: {تَابَ} أي: رجع عما كان فيه من كفر أو شرك أو معصية أو نفاق"[15].
ج- الفلاح في الدنيا والآخرة:
قال تعالى: {إِلاَّ مَن تَابَ وَءامَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَـٰلِحاً فَأُوْلَـئِكَ يُبَدّلُ ٱللَّهُ سَيّئَاتِهِمْ حَسَنَـٰتٍ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً} [الفرقان:70].
قال السعدي: "{وَتُوبُواْ إِلَى ٱللَّهِ جَمِيعاً} لأن المؤمن يدعوه إيمانه إلى التوبة، ثم علق على ذلك الفلاح فقال: {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} فلا سبيل إلى الفلاح إلا بالتوبة وهي الرجوع مما يكرهه الله ظاهراً وباطناً إلى ما يحبه ظاهراً وباطناً"[16].
د- تبديل السيئات إلى حسنات:
قال الله تعالى: {إِلاَّ مَن تَابَ وَءامَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَـٰلِحاً فَأُوْلَـئِكَ يُبَدّلُ ٱللَّهُ سَيّئَاتِهِمْ حَسَنَـٰتٍ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً}.
قال القرطبي: "قال النحاس: من أحسن ما قيل فيه أنه يكتب موضع كافر مؤمن وموضع عاصي مطيع، وقال مجاهد والضحاك: أن يبدلهم الله من الشرك الإيمان وروي نحوه عن الحسن. وقال أبو هريرة: ذلك في الآخرة فيمن غلبت حسناته على سيئاته، فيبدل الله السيئات حسنات. وقال القرطبي: فلا يبعد في كرم الله تعالى إذا صحت توبة العبد أن يضع مكان كل سيئة حسنة وقد قال صلى الله عليه وسلم: ((أتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن))[17] وفي صحيح مسلم عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إني لأعلم آخر أهل الجنة دخولاً الجنة وآخر أهل النار خروجاً منها، رجل يؤتى به يوم القيامة فيقال: اعرضوا عليه صغار ذنوبه، وارفعوا عنه كبارها، فتعرض عليه صغار ذنوبه فيقال: عملت يوم كذا وكذا كذا وكذا، فيقول: نعم، لا يستطيع أن ينكر، وهو مشفق من كبار ذنوبه أن تعرض عليه، فيقال له: فإن لك مكان كل سيئة حسنة، فيقول: يا رب قد عملت أشياء لا أراها ها هنا))، فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحك حتى بدت نواجده[18]"[19].
هـ- تكفير السيئات ودخول الجنات:
قال الله تعالى: {يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ تُوبُواْ إِلَى ٱللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُكَفّرَ عَنكُمْ سَيّئَـٰتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّـٰتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَـٰرُ يَوْمَ لاَ يُخْزِى ٱللَّهُ ٱلنَّبِىَّ وَٱلَّذِينَ ءامَنُواْ مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَىٰ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَـٰنِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَٱغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَىٰ كُلّ شَىْء قَدِيرٌ}.
قال السعدي: "قد أمر الله بالتوبة النصوح في هذه الآية، ووعد عليها بتكفير السيئات ودخول الجنات والفوز والفلاح"[20].
و- منع العذاب في الدنيا:
قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُعَذّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ مُعَذّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الأنفال:33].
قال ابن عباس رضي الله عنهما: (كان فيهم أمانان: النبي صلى الله عليه وسلم والاستغفار، فذهب النبي صلى الله عليه وسلم وبقي الاستغفار)[21].
ز- الإمداد بالأموال والبنين وإنزال الغيث:
قال تعالى: {فَقُلْتُ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً J يُرْسِلِ ٱلسَّمَاء عَلَيْكُمْ مُّدْرَاراً K وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوٰلٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّـٰتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً} [نوح:10- 12].
قال ابن عباس رضي الله عنهما: (أي: إذا تبتم إلى الله واستغفرتموه وأطعتموه كثر الرزق عليكم وأسقاكم من بركات السماء، وأنبت لكم من بركات الأرض، وأنبت لكم الزرع، وأدرّ لكم الضرع، وأمدكم بأموال وبنين، أي: أعطاكم الأموال والأولاد، وجعل لكم جنات فيها أنواع الثمار وخللها بالأنهار الجارية بينها)[22].


[1] تفسير الطبري (2/60).
[2] تيسير الكريم الرحمن (350).
[3] تيسير الكريم الرحمن (351).
[4] التفسير المنير (24/73) باختصار.
[5] الجامع لأحكام القرآن (18/197).
[6] الجامع لأحكام القرآن (12/238).
[7] تفسير السعدي (92) بتصرف.
[8] تفسير الطبري (11/318).
[9] أخرجه البخاري في كتاب تفسير القرآن باب حدثنا الحسن بن الربيع (4967) وأخرجه مسلم في كتاب الصلاة باب ما يقال في الركوع والسجود (484).
[10] انظر: الجامع لأحكام القرآن (7/279).
[11] تفسير القرآن العظيم (2/374).
[12] تفسير القرآن العظيم (2/417).
[13] تفسير السعدي (383).
[14] تفسير السعدي (389).
[15] تفسير ابن كثير (3/169).
[16] تفسير السعدي (567).
[17] أخرجه الترمذي في كتاب البر والصلة باب ما جاء في معاشرة الناس (1987) من حديث أبي ذر رضي الله عنه. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
[18] أخرجه مسلم في كتاب الإيمان باب: أدنى أهل الجنة منزلة فيها (190).
[19] الجامع لأحكام القرآن (13/78).
[20] تفسير السعدي (874).
[21] انظر: تفسير ابن كثير (2/317).
[22] انظر: تفسير ابن كثير (4/453).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فضائل التوبة والاستغفار في القرآن الكريم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اسلام ويب :: ۩✖ منتدي الاسلاميات العامه ۩✖ :: مقــــالات اســــلاميه :: خطب مقـــرؤه-
انتقل الى: