هل علي أن أكون داعية؟
بقلم / أ.هناء الحمراني.
لكل مرحلة عمرية همومها المرتبطة بها,واهتماماتها,وميولها التي تميل بالإنسان إما إلى الخير ,وإما إلى الشر,ولربما تنازعنه الهموم؛ فهو متأرجح بين هذا,وذاك,ولكن هل الدعوة هم يتعلق بالعمر؟وهل هوهم يقتصر على أشخاص دون آخرين؟ وهل هو لمن يمتلك الموهبة والملكات التي تمكنه من القيام بين الناس محاضرا أو كاتبا,وهل هو هواية يمكن أن يتسلى بها المرء ليشغل وقته؟
عديد من الأسئلة التي قد تفكرين فيها عندما (تتمنين) أن تكوني داعية,وقد تظنين بأن هناك عوائق تمنعك من القيام بهذه المهمة,وربما دفعك الحماس إلى الدعوة على غير بصيرة,ولا أسس تسيرين عليها,ولعلك قد تظنين بأن الدعوة طريق مفروش بالورد أو أنه طريق مفروش بالأشواك.
وأنا لدي الرغبة في أن أجيبك على كل تساؤلاتك, وعن كل الأسئلة التي وضعتها لك هنا, وعن السؤال الذي لأجله أكتب هذا المقال,هل عليك أن تكوني داعية؟
يقول الله تعالى: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [آل عمران 104] ,ويقول ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية: وقال أبو جعفر الباقر : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ) ,ثم قال : (الخير إتباع القرآن وسنتي ) رواه ابن مردويه ,والمقصود من هذه الآية أن تكون فرقة من الأمة متصدية لهذا الشأن ، وإن كان ذلك واجبا على كل فرد من الأمة بحسبه ،وكما ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان ) . صحيح
ولقد جبلا الله الإنسان على أن (يؤثر) أو (يتأثر),والدعاة إلى الله في كل مكان,وكذلك الدعاة إلى الكفر, والضلال, والضياع هم أيضا في كل مكان كلا الفريقين ينادي,ولكليهما أتباع, ونهاية لا بد وأن يصلا إليها,والفرق بين البداية والنهاية أننا نحن من يختار الطريق الذي نسير عليه,والنهاية هي النتيجة الحتمية التي لا يمكننا تقريرها, ولكننا مسؤولون عنها باختيار الطريق الذي مشينا عليه منذ البدء.
تمتلئ الدنيا بالملذات من حولنا,وبإمكاننا أن نختار منها ما شئنا بقدر ما نستطيع,وتسمح لنا ظروفنا؛كرضا الوالدين, وسماحهما للأبناء بأن يلبسوا ما شاؤوا, ويسمعوا ما أحبوا إلى غير ذلك من الملذات غير أن هناك عاملا علينا أن نراعيه قبل أن نمد أيدينا إلى تلك اللذائذ؛فهناك تقوى الله وهل هذه الملذة حلال أم حرام؟
ولتسألي نفسك سؤالا في غاية الأهمية والواقعية: هل يمكن لإنسان ما أن يحصل على جميع ما يتمناه في الدنيا؟إذا كان الجواب نعم؟
فاسألي نفسك السؤال التالي: وهل تساوي ملذات الدنيا حلالها, وحرامها أن أخسر الجنة؟
أما إذا كان جواب السؤال الأول لا؛فاسألي نفسك: فلماذا لا أستغني عن الملذات التي حرمها الله في سبيل سعادة أبدية دنيوية,وأخروية؟
إن الدعوة إلى الله هم,وعلى كل مسلم أن يحمله,وأن يبذل ما في وسعه, وطاقته ,وقدراته؛ليكون داعية إلى الله, وهذه هي أول خطوة في طريق الدعوة أن نحمل هذا الهم.
في بعض الأسر الكبيرة أو الصغيرة قد لا تجدين من يدعو إلى الله,وقد تكونين فردا في هذه الأسرة,وستجدين هم الدعوة إلى الله ملقى على الأرض بلا راع؛فاحمليه على عاتقك,ويحملك إلى الجنة.
في بعض المدارس تجدين مجموعة يحملون هم الدعوة؛فاقتسمي هذا الهم بينك وبينهم,وثقي أن الله أكرم من أن يقسم نعيمه بينكم؛بل سيعطي كل على قدر إخلاصه وعمله,والله أعظم وأكرم.
في المجتمعات في العالم بأسره في كل مكان تذهبين إليه ستجدين الدعوة هما يحتاج إلى من يحمله,ويقوم به؛ لينشر الفضيلة,والدين في كل مكان .
يقول ابن باز رحمه الله حول حكم الدعوة إلى الله: " وصرح العلماء أن الدعوة إلى الله عز وجل فرض كفاية، بالنسبة إلى الأقطار التي يقوم فيها الدعاة، فإن كل قطر, وكل إقليم يحتاج إلى الدعوة وإلى النشاط فيها؛فهي فرض كفاية إذا قام بها من يكفي سقط عن الباقين ذلك الواجب، وصارت الدعوة في حق الباقين سنة مؤكدة، وعملا صالحا جليلا" .
ولتعلمي أن الله ناصر دينه,وأن كلمة الله هي العليا؛فإن لم تكوني ضمن الدعاة إلى الله؛ فلن تخسر الدعوة شيئا؛ بل إن من يبتعد بنفسه عن الدعوة وهمومها هو الخاسر الأكبر,ولئن كلفت نفسك عناء قراءة هذا المقال؛فهذا يعني أن لديك رغبة في أن تقدمي ما يمكنك تقديمه لخدمة الإسلام, وهذا ما هو مؤمل فيك يا داعيتي الصغيرة.
__________________