..( صديقتـي الغاليــة .. " الداعيـة الصامتـة " .. ) ..
الأستاذة : زاد المعاد
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله الذي آخى بين المهاجرين والأنصار رضوان الله عليهم وألف بين قلوبهم لو أنفقنا مافي الأرض جميعاً ما جمعنا قلوباً كانت متنافرة إلا بإذن الله , والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين صلاة وسلاماً أتمين دائمين ما تعاقب الليل والنهار وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجهم إلى يوم الدين وبعد
إن الحياة لا تطيب إلا بذكر الله عز وجل ( ألا بذكر الله تطمئن القلوب ) , وإن من عباد الرحمن أناساً تطيب الحياة بمجالستهم وفيهم يقول القائل : لولا ثلاث ما أحببت البقاء في الدنيا , وذكر منها ومجالسة إخوة ينتقون أطايب الكلام كما ينتقون أطايب الثمر .
رب صدفة خير من ألف ميعاد
نعم , فرب صدفة جمعتك بأخ , خير ممن عرفته منذ عرفت الحياة
إليكم يا أيها الأحبة
قصة ليست من نسج الخيال
لصديقة لي
أسميتها
الداعية الصامتة
عرفتها قبل خمسة أعوام , عندما كنت طالبة في جامعة أم القرى , آخر عام دراسي لي بالجامعة , وكان هذا العام من أمتع الأعوام , ومسك الختام أن جمعني برفقة مباركة منهن " الداعية الصامتة "
كنت ذات صباح جميل في رحاب جامعتي الحبيبة
وقد أنهيت محاضراتي , وجئت لبيتنا " كم نسميه أنا وصديقتي " ذلك المكان المنعزل أسفل الدرج الذي يطيب لي الجلوس فيه بعيداً عن ضجة الفناء الخارجي
وبينما أنا كذلك , أنتظر صديقتي الغالية , والهدوء يخيم على المكان , إذا بأخت كانت تجلس بجواري , تقترب مني بعض الشئ لتحدثني قائلة :
هل أنتِ طالبة في قسم الأحياء ؟
قلت / نعم , وأنا في قمة العجب , كيف تعرفني ولم يسبق لي رؤيتها
قالت / أنا جارتكم في قسم الرياضيات
يامرحباً بجيران الهنا ( وقسم كنت أتمنى أن أنتسب له يوماً ما )
قالت :/ عذراً إن كنت أزعجتك بنظراتي كلما رأيتك في القسم
قلت / أبداً ,, ولم يسبق لي رؤيتك قبل هذه المرة ( وحدة ما تعرف تجامل )
قالت / هل تعرفين المعلمة الفلانية ؟ وهل هي قريبة لك ؟
قلت / لا وأنا أصلاً لست من تلك العائلة
قالت / لقد كنت أنظر إليك كثيراً كلما رأيتك في القسم , لأنك تشبهين معلمتي تلك .
( سبحان الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يكن له ند ولا شبيه ولا مثيل )
أتممنا لقاءنا بالتعارف
فطلبت رقمي للتواصل فرحبت بالأمر
وانفض اللقاء الأول
وانتهى
وكنت أظن أن الأمر انتهى بالنسبة لي وما علمت أن لي موعداً مع إنسانة عظيمة , كانت لها بصمة بارزة في حياة زاد المعاد
في الحقيقة كما يقولون " الذي لا يعرفك يجهلك "
لم أكن حريصة على وصالها بادئ الأمر , لأني ما كنت أعرف مكنون هذه الجوهرة الثمينة
كنت أراها على فترات في رحاب الجامعة من غير سابق ميعاد
كنت أتعلم منها الكثير
فقد كانت داعية صامتة
ترى الدعوة إلى الله في حركاتها وسكناتها فتغنيك عن ألف موعظة
بعبارة واحدة وجملة قصيرة توصل لك المراد أفضل من مقال طويل عريض , هكذا عهدتها حتى هذه الساعة , تختصر النصيحة وتجيدها في رسالة نصية لا تتجاوز السطرين غالب الأحيان .
لن أنسى جلساتها الرائعة , رغم أني ما عرفتها إلا متأخراً , وقد جمعتني وعرفتني على رفقة مباركة طيبة وثلة متميزة من طالبات جامعة أم القرى
تخرجت من الجامعة , وما زالت هي طالبة هناك
وما زلت أنا لا أعرف قدرها حتى فارقتها
كانت حريصة على وصالي بعد التخرج
فلا تلبث إن انقطعت عنها فترة تصلني برسائل ونصائح , جلها يأتي في وقت أحتاجه ودون أن أطلب منها النصيحة
وكأنها تقرأ أفكاري
كيف لا يكون ذلك ؟ وقصصي معها في هذا كثيرة و عجيبة
كنت ذات يوم جالسة معها , بداية معرفتي بها
فحدثتها عن الشبكة العنكبوتية , والمنتديات , وكنت ذلك الوقت في بداية دخولي لهذا العالم
ذكرت لها أحد المنتديات والذي كان منطلق حياتي في هذا العالم
وذكرت لها خبر تلك الصديقة الغالية التي جمعني بها ذلك المنتدى وانتهى بلقائي معها في رحاب جامعة أم القرى في قصة عجيبة غريبة
قالت /
نعم , لقد رأيت في منتديات ..... عضوة وأخرى يتواعدون على اللقاء في مبنى ب في جامعة أم القرى
قلت لها / وصلتي هي أنا , وتلك الأخت الآن أصبحت صديقتي الغالية , وسوف أعرفك عليها , فأصبحنا 3 أخوات جمعتنا الصدفة المباركة من غير سابق ميعاد ..
ولن أنسى ذلك اليوم , الذي حدثتيني فيه قائلة
لقد وجدت عضوة في النت وضعت فتوى للشيخ ... يتحدث فيها عن حكم ...
قلت لها / ( وأنا أضحك بيني وبين نفسي )
وما اسم تلك العضوة ؟
قالت / نسيت ,
قلت / هل كان اسمها ...؟
قالت / نعم
قلت / هذه أنا وقد غيرت معرفي من مدة وكتبت بهذا المعرف ولم أخبرك به
فأي صدفة هذه ؟ وأي تقارب هذا ؟
غير أنك كنت تقرئين حبل أفكاري
وكيف أنسى تلك الليلة التي بتها حزينة بائسة من البشر
وبي هاجس وألف هاجس
هل من المعقول يا زاد المعاد أنت خطأ ؟ هل من المعقول يا زاد المعاد أن تتنازلي عن مبادئك لأجل إرضاء البشر وطلب ماعندهم ؟
نمت وأنا والحزن والتفكير لا نفترق
وكرهت أن أشكو هذا الهم لبشر
فإذا بي أستيقظ الصباح الباكر , فبدأت أقلب الرسائل الواردة لجوالي فإذا بي أجد رسالة منك تقولين فيها /
حتى لو اجتهدت وقطعت فؤادك ووضعته للناس في طبق فضي ليرضوا عنك لن تفلح , وربما لن تصل لمستوى يرضيك أنت عن نفسك , فاجتهد ليكون الله وحده راضياً عنك وأغمض عينيك عن ما سواه .
ما فرحت بشئ ذلك اليوم فرحي بهذه الرسالة , التي كأنك كنتِ تقرئين فيها حبل أفكاري , إنه تألف الأرواح ياغالية .
لن أنسى تلك الرسالة الموجزة من 4 كلمات ولكنها خير وأبلغ من ألاف الكلمات
حينما قلت لك , منتدى طلاب جامعة أم القرى طلبوا مني أن أصبح مشرفة عندهم ما رأيك ؟
فكان الجواب جملة من 4 كلمات
وافقي , وكوني من المصلحين
تعلمت منك الكثير الكثير
كل هذا بصمتك
علمتيني
أن الفرج مع الصبر
تعلمت منك
أن أطرق باب الدعاء , فهذا باب مفتوح , باب أكرم الأكرمين وأجود الأجودين
تعلمت منك
أن الحياة لا تدوم على وتيرة واحدة , وكل ماعلينا الصبر على البلاء
تعلمت منك
أن الدعوة لابد أن تكون أهم أمر في حياتي , وأن الدعوة والصبر على الأذى أمران متلازمان .
تعلمت منك
أن الإنسان قادر على الإنجاز مهما كانت ظروفه
تعلمت منك
أن أحسن الظن بالله عز وجل , وأن يكون أنيسي في حياتي
هذه خواطر في نفسي يا غالية أيتها الداعية الصامتة
أجلتها حتى كانت هذه الليلة , يوم الخميس ليلة الجمعة 3/11/1430 هـ , ليلة زفافك
لا أدري لماذا بت هذه الليلة أستحث القلم ليكتب هذا المقال رغماً عنه
ربما لأني أشعر أن الفراق قد يحل هذه الليلة , ولن تذكريني بعدها , وأرجو أن هذا لا يكون منك , وأرجو كما ذكرتيني برسالة صبيحة يوم زفافك أنك لا تنسيني بعد ذلك , فأنت مدرسة تعلمت منها الكثير , وما زلت تلميذة فيها لا أريد أن أبرحها أو أتخرج منها .
في هذه الليلة
لاحت أمام ناظري صورتك , وأول لقاء لنا في رحاب الجامعة , وكل لقاء من بعده
لاحت إلى ناظري صورتك وأنت تحملين الكتاب وتقرئين لنا منه الدرر المنثورة
لاحت أمام ناظري رسائلك لي بعد تخرجي
يا .... هل لك من زيارة قريبة للجامعة فإني أود رؤيتك ؟
لا يمر عام إلا وأنت تعرفين الموعد الذي أزور فيه الجامعة ( للتقديم على الدراسات العليا ) فكنت تسبقيني لطلب اللقاء
لن أنسى تلك الرسالة التي كان لها في قلبي وقعاً
" إن كان رمل البحر يشتاق للموووج , قلبي على جلستك ميت من الشوووق "
هذه هي صديقتي الغالية " الداعيـة الصامتـة "
أعلم ياغالية أنك لو قرأتِ هذه السطور سوف تغضبين مني , ولكن هذا المقال ما كتبته إلا ليعلم الجميع
أن في أمة الإسلام فتيات يفخر التاريخ بهن
وأرجو من الله أن تكوني منهن
ولا تنسي ياغالية أنه كانت لك يوماً ما صديقة اسمها .... كانت وما زالت تحبك في الله وترجو لقياك على المنابر
بارك الله لك وبارك عليك وجمع بينكما في خير
وهذه مقتطفات يسيرة استخرجتها من صندوق الوارد في جوالي , من بعض ما وصلني من الداعية الصامتة , التي كانت تستغل كل جزء في الرسالة بفائدة تبثها
ـ نور : إن وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين
ـ نور : والله غالب على أمره .
ـ صار الهلال بدراً ,
وهو يزفلكم البشرى ,
أهل العبادة والصلاة والذكر
استمروا وسددوا وقاربوا وأبشروا ,
إنك تعبد ( الشكور ) الذي يشكر يسير عملك ويخلفلك مكان الحسنة * الخالصة * نشاط بدنك وانشراح صدرك وسعة رزقك ويعينك على طاعة أخرىويمحو زلتك ,
ولأجر الآخرة أكبر ..!!
ماذا تريد بعد ؟
_ دعوة من قلبي
بحجم الكون كله :
رزقك الله الجنة وبلغك مناك في الدنيا والآخرة
_ لا قيمة للبسمة الظاهرة إلا إذا كانت منبتعثة عن نفس باسمة وتفكير باسم .
_ كل عام وأنت بخير في دينك ودنياك
غاليتي
الداعية الصامتة
أعلم أن سطوري وكلماتي هذه لن توفيك حقك
وكل ما أرجوه لك التوفيق والسداد في حياتك المقبلة , والثبات حتى الممات
جمعنا الله إخواناً على سرر متقابلين , في دار لا صخب فيها ولا نصب
لئن لم نلتقي في الارض يوما وفرق بيننا كأس المنون
فموعدنا غدا في دارخلد بها يحيـــا الحنون مع الحنون