حوار: (الداعية الصغيرة ,, بداية وطريق)
ضيف الحوار / أ. نبيل جلهوم .
أجرت الحوار / المحررة : أمل الطبيشي .
الدعوة إلى الله خطوة أولى في طريق الحياة حتى يكون صاحبها داعياً إلى الله ورسوله ,وبها استنار برسالة عظيمة حملها قبله أنبياء الله ورسله وقد أدّوها على أكمل وجه وأتمّ أداء , الدعوة إلى الله باب من أبواب الخير والأجر والثواب من فُتح له فيه ؛ قد هُدي إلى الجنة بأجره وبأجر من اهتدى على يديه , الدعوة إلى الله طريق شاق بدايته قد تكون محملة بالعثرات والصعاب ونهايته جنةٌ عرضها السموات والأرض لمن وفق لها وأعطاها حقها بنواياه المتصلة بالله عز وجل .
حوارنا مع داعية حمل هم الدعوة والدعاة , وسخّر قلمه ليكتب لهم ويرشدهم , وبالأخص لمن كان مبتدئ في طريق الدعوة حوارنا مع الأستاذ (نبيل جلهوم).
س1/ نود أن نتشرف نحن والقراء بالتعرف على نبذة من سيرتك ؟
نبيل جلهوم – جامعي - أبلغ من العمر 49 عام – وهبني الله زوجة صالحة رُزقت منها بنتا تدرس بالجامعة تخصص كيمياء حيوي وابناً يدرس بالهندسة وابناً ثالثا صغيراً .
مؤلّف كتاب/ وصايا نُورانية لتحقيق الربانية, قدم له أحد كبار العلماء .
مؤلف سلسلة / الربانية حياة الروح من 6 حلقات .
مؤلف سلسلة / الدعاء ,صلة بالله وعبادة من 9 حلقات جمعاً وإعداداً .
أحد كُتّاب موقع شبكة الألوكة , صفحة الكُتّاب والمُفكّرون - موقع شبكة صيد الفوائد – موقع كلمات الدعاة .
تم إنشاء صفحات خاصة بنا على مواقع منها: عباد الرحمن الدعوى – إسلام إينو .
تم إنشاء قسم خاص بنا على موقع الرقية الشرعية النسائية للداعية الإسلامية والراقية الشرعية فضيلة الأستاذة / جوهرة آل غرم الغامدي .
عضو جمعية الكُثّاب ببيت عطاء الخير .
عضو نادي الكُتّاب بمجلة كلمات .
كتابات متنوعة في الإيمانيات والرقائق وتهذيب النفس بمجلات ومواقع إلكترونية عديدة .
أخيراً أتوسل إلى ربى وخالقي أن يجعل عملنا هذا خالصاً ولوجهه صادقاً وفى الميزان مُثقّلاً وللناس نافعاً .
س2/ ربما يكون لكل بداية مشقة وصعوبة ,ماهي الصعوبات التي مررت بها من خلال مسيرتك الدعوية؟
بالتأكيد أي عمل يواكبه في بدايته بعض المشقات والصعوبات , إلا أنه بالاستعانة بالله وصحبة الصالحين وذوي الخبرات الدعوية العاقلين والمتزنين يستطيع الداعية الناشئة أن يجد ضالته وينهض بنفسه .
أما عن الصعوبات التي واجهتني شخصياً في بداياتي الدعوية فأذكر منها صعوبة وقوفي أمام جمع كبير من الناس أحدثهم بميكروفون أو غيره فقد كان ذلك يمتزج بالرهبة والارتباك ,فقد لا أستطيع ترتيب كلماتي خاصة إذا كان من بين الحاضرين من يفوقني في العلم والدعوة والسن ثم شيئاً فشيئاً بدأت الأمور تتحسن بالاستعانة بالله والدعاء والتضرع قبل القيام بأي عمل دعوي, وأيضاً كان لذوي الخبرة والسبق دوراً وعوناً .
س3/ من تجارب الكبار يتعلم المبتدئين , حدثنا عن الركائز الهامة التي يجب أن تتثبت بها كل داعية مبتدئة ؟
1/ إخلاص النية لله وحده في كل حركة وسكنة تتحرك بها الأخت الداعية .
2/ تجديد النية باستمرار والبعد عن الكِبْر والعُجْب وعدم تسفيه رأى الآخرين .
3/ البعد عن مواطن الخلاف في الدعوة والتمسك بما هو مجمع عليه من أمور الدين والذي لاخلاف فيه وأن تحب الناس وتتلطف بهم في المدرسة, وفي الجامعة ,وفي الوظيفة ,وفي البيت,وفي كل مكان .
4/ الاستشعار الدائم أن العمل لله في ميدان الدعوة هو شرف نالته الداعية من الله وهو اصطفاء من الله وأنها مهمة عظيمة كلّف الله بها الأنبياء والمرسلين, مما يستدعيها أن تتأسى بهم وتتخلق بأخلاقهم وعلى رأسهم خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .
5/ ضرورة الوسطية والاعتدال في الدعوة إلى الله, والرفق بمن تدعوهن والتنويع في الوسائل الدعوية .
6/ أن تكون ربانية وذاكرة لله كثيراً؛ فلا تقتصر على أذكار الصباح والمساء ولكن يجب أن يكون لها صولات وجولات خاصة بها مع الله من التسبيح والتهليل والتكبير والاستغفار والصلاة على الحبيب والذكر بأنواعه .
7/ أن يكون لها ورد يومي من القرآن تجتهد ألا يقل عن جزء , وأن تحمل المصحف في جيب عباءتها وتحرص على ذلك تماماً مثلما هي حريصة على دفتر هويتها وهاتفها النقال .
8/ أن تقرأ في الإسلام دائماً وفى أحوال المسلمين لتتفقه وتكون ملمة بشكل متنوع مقبول في أمور الدين والدنيا .
9/ أن تكون قدوة يحتذي الغير بها؛ فإن من أفضل وسائل التأثير في الناس أن تكون الداعية تفعل ماتقول ذات أخلاق عالية وهو مايسمى بمنهج التربية بالقدوة .
10/ أن تُحضّر جيداً الموضوع الذي سيكون محل حديثها فتكون لديها مكتبة طيبة في بيتها لتكون على إلمام طيب وتقرأ فيها وتحرص على صلاة الحاجة والدعاء والتضرع إلى الله قبل أن تتحرك لمكان دعوتها أن يوفقها في هذا العمل وأن يفتح عليها من فضله ويشرح صدور الناس لها بما ستعرضه عليهم بالموضوع المحدد, وأن تقرأ دائما في سيرة نساء النبي والصحابة رضوان الله عليهم جميعاً.
11/ ألا تتعجل ثمرة دعوتها للغير؛ فالداعية عليها أن تأخذ بأسباب الدعوة وتنطلق بها مخلصة لربها تاركة النتائج عليه سبحانه انطلاقا من قوله تعالى إنْ عليك إلا البلاغ .
12/ أن تحاول الاستفادة من الداعيات الكبار ذوي السبق والخبرة اللائي لهن باعاً كبيراً في الدعوة .
13/ إن كانت متزوجة فهنا وجب عليها أن توازن بين عملها الدعوي وبين بيتها وزوجها وبنوها؛ فلا يطغى جانب على آخر؛ فلا الدعوة وحُب العمل لها يكون سبباً في إهمال الزوج ورعايته وحسن التبعل له ففي هذا عبادة لها إن ضمنت إجادتها فلها الجنة , كذلك الأولاد يجب ألا يكونوا محل إهمال وعدم عناية بحجّة الدعوة؛ فالتوازن هام وضروري, وإلا ستكون النتائج غير طيبة ,كذلك الداعية الطالبة يجب أن توازن بين دراستها ودعوتها فلا تجعل لأحدهما طغيان على الآخر.
14/ ألا تغفل عن الوسيلة الدعوية الهامة في وقتنا الحاضر وهى الشبكة الالكترونية؛ فمواقع الدعوة النسائية ماشاء الله كثيرة, ولها أن تتصور كيف أن ما تدعوا إليه من خير سيقرؤه مئات بل آلاف بل ملايين ممن يتصفحون الإنترنت مما يكون له تأثيراً كبيراً واسعاً بلا تكلفة ولا جهد, فضلاً عن الأجر والثواب من الله تعالى ,وأن تسأل ربها دائماً أن يتقبل منها .
15/ أن تضع دائماً نصب عينيها ركائز ثلاثة هامة هي: الله ,والنفس ,والناس ؛فالارتقاء في التعامل مع الركائز الثلاث مطلوب في وقت واحد ,وأن تهتم دائماً بمحاسبة نفسها على ماقدمت من خير في حق الله وفي حق الناس وفي حق النفس وكذلك ماقدمت من سوء؛فتكون بذلك صاحبة نفس ربانية .
س4/ عند العثرات الأولى في طريق الدعوة , ماهي النصائح التي توجهها للمبتدئين عن كيفية التعامل معها؟
1/ الصبر وسعة الصدر وعدم تعجل الثمرة , فقد جلس النبي محمد صلى الله عليه وسلم ثلاثة عشر عاماً في مكة المكرمة يدعوا الناس فقط إلى أن يقولوا لا إله إلا الله توحيداً خالصاً واعتقاداً راسخاً,فما لم توفق فيه اليوم غداً توفق فيه بإذن الله .
2/ اليقين بأن الله لن يضيع أجر من دعا إلى خير, وأنتهج نهج قائد الخير محمد صلى الله عليه وسلم بوسطية واعتدال ونية صادقة .
3/ دراسة أسباب العثرات والعمل على علاجها باستمرار مستعينة بالمولى سبحانه وتعالى, وبمشورة أصحاب السبق .
4/ التضرع والدعاء واللجوء إلى الله والإكثار من السجود وطلب العون من الله .
5/ الثقة في النفس واليقين في الله بأن مع العسر يسراً,والاستشعار الدائم أنها مهمة الأنبياء والمرسلين فما أعظمها من مهمة وما أعظمه من شرف وما أعظمه من أجر ,وتوقن بأنه حتى الحيتان في البحور تصلي على مُعلّم الناس الخير فلتصبر .
س5/ العلم نور وهداية , والداعية ؛داعياً إلى الخير والهدى, ماهي العلوم الأساسية التي يجب على الداعية أن يكون ملماّ بها؟
1/ الأساس في العلوم هو كتاب الله وسنة رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم, فهل يمكن للداعية أن تتصدر مجالس أو تلقي محاضرات ومواعظ أو تكتب أو غير ذلك من غير أن تستند على معرفة متنوعة في القرآن العظيم وسنة النبي العظيم عليه الصلاة والسلام , لاشك وبالطبع أن الداعية تحتاج إلى الإلمام الطيب في هذين المصدرين الأساسين لكل مسلم بقسط معقول يساعدها على التحرك دعويا .
2/ علم سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وسيرة الصحابة الكرام وتاريخ المسلمين وكيف كانوا درر ومصابيح أنارت الدنيا بهم .
3/ علوم التنمية البشرية والتطوير الذاتي التي من شأنها تنوير الداعية في وسائل التواصل الجيد والتفاعل الأمثل مع شرائح المجتمع المتنوعة, وكيفية استيعاب الآخر وفنون وأصول الحوار .
4/ علوم العقائد التي تبين وحدانية الله وإلوهيته وربوبيته وتفرده بالعبودية .
س6/ هل حفظ القرآن الكريم من الأشياء الواجبة على الداعية أم أنه يكفي الداعية أن يكون ملم بعلم التفسير والفقه فيه؟
دعونا نرجع في ذلك إلى صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم خير دعاة الأرض,هل كانوا جميعاً حفظة لكتاب الله كاملاً أم شيئاً منه حتى جعلوا من ذلك الحفظ سبباً لينطلقوا ويعمّروا الدنيا بالإسلام ؟ أم أنهم كان يشغلهم تدبر المعاني وتفسيرها والانطلاق بما تحمله من خير ؟
ثبت أنهم لم يكونوا حافظين لكتاب الله كاملاً إلا القليل وأن أكثرهم كانوا يحفظون القليل , وأن الأمر كان مرتبطا بتدبرهم وانطلاقهم بمعاني الآيات وتفسيرها وماتحمله من منهج حياة يجب تفعيله في المجتمع وتأصيله في السلوك .
إذن أقول - مستعيناً بالله - أنه إذا حفظت الداعية كتاب الله فهو خيراً كبيراً وبارك الله فيها فذلك رائع وجميل ومطلوب ما استطاعت الداعية لذلك سبيلاً ,أما إن كانت لاتستطيع الحفظ ,أو تستطيع أن تحفظ القليل منه فهل في ذلك مُعوّق لأن تكون داعية ومتميزة؟ بالطبع لا؛ فالمطلوب أن تكون مٌلمّة بتفسير الآيات ومعاني الكلمات ومدلولات السور وأسباب النزول وأن تتفقه في قراءة مستفيضة في القرآن, وأن تحفظ ولو القليل الذي يساعدها على الاستدلال والتوضيح والتعضيد لموضوعها الذي تقوم بالدعوة فيه .
س7/ البعض ينتقد الداعية الملم بكافة العلوم والمعارف ويعتبرها ضياع لوقت الداعية وتشتيته عن مهمته الدعوية ,وعلى العكس قد تكون محفزة له لمخاطبة كافة شرائح المجتمع باختلاف طبقاتهم واهتماماتهم , كلمة توجهها للداعية حول هذا الأمر؟
تفضلتم من قبل بقولكم أن العلم نور وهداية للداعية ووافقتكم على ذلك؛ بل أقول أنه علم وهداية للدعاة وغير الدعاة ؛فالمسلم عموماً مطالب بأن يكون مثقف الفكر سليم العقيدة واعي الإدراك مُلماٍ بدينه , أما عن مضيعة الوقت وتشتيت مهمة الأخت الداعية عندما تتبحر في العلوم , فإنني أرى أن التوازن في حياة الداعية أمر هام وضروري , فينبغي ألا تجعل جانباً يطغى على آخر ولا التبحر في العلوم يطغى على الدعوة والتحرك بها ,ولا التحرك بالدعوة يغنيها عن الإلمام بالعلوم ؛فالوسطية والاعتدال والتوازن في حياة الأخت الداعية بل في حياة أي مسلم هي ضرورة من الضروريات اللازمة نحو الريادة والتميز في أي مجال دعوي أو غير دعوي .
فلو أجمعنا على أن الداعية حتماً ستتعامل مع شرائح مختلفة في المجتمع فهنا يلزم أن يكون لديها القسط المعقول من العلوم, لانقول أنه ينبغي أن تكون عالمة كبيرة فيها ولكن نقول تكون ملمّة بما يساعدها على التواصل والمُضيّ .
وكل إنسان – ليست الأخت الداعية فقط – يستطيع بإذن الله أن يوازن بين أموره بشكل عام بالاستعانة بالله وطالما أن الرغبة في ذلك تتوفر لديه ونواياه فيها صادقة وخالصة لمولاه .
س8/ الدعوة إلى الله يجب أن يكون سلوك ينتهجه الداعية قبل أن يكون مهمة يؤديها, كيف يكون سلوك الداعية في حياته ويومياته؟
كلام رائع وجميل وحقيقي بالتأكيد وبالطبع أوافقكم فيه موافقة كاملة؛ فإن الدعوة إلى الله منهج حياة كامل للداعية لابد أن يمارسه هو أولاً شخصياً فكما قلنا من قبل أن أفضل أنواع التربية والتأثير في الناس هو التربية والدعوة بالقدوة؛ فالأخت الداعية على سبيل المثال لايصح أن تدعو النساء إلى مقاطعة منتجات الدول التي ترسم كاريكاتيرات مسيئة لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم والإساءة والتجريح في أمّنا عائشة رضي الله عنها ثم إذا بكِ تدخلين بيتها فتجديه مُتخماً بهذه المنتجات,ولأن الدعوة كانت مهمة الأنبياء والمرسلين فلقد كانت أيضاً سمتاً لهم وظاهرة في سلوكياتهم وأخلاقياتهم ومُعمّرة بها حياتهم؛فالقيم التي خصص الله بها الأنبياء والمرسلين والتي اشتركوا فيها جميعاً كقيمة وخلق الصدق مثلاً, لم نجد نبياً كان يكذب بل الصدق كان أصلاً أصيلاً من القيم الأخلاقية التي ميزهم الله بها .
كذلك الحال بالنسبة للأخت الداعية ,هل يصح أن تكون كاذبة غير صادقة ؟ أعتقد إن حدث ذلك فهي كارثة كبرى؛فضلا عن كونها لن تُحدث تأثيراً بدعوتها تجاه غيرها من النساء .
كذلك الصبر فهو من القيم الأخلاقية السلوكية الواجب أن تتحلى بها الأخت الداعية, فهل يُقبل أن تكون الداعية غضوبة أو سريعة الغضب أو تنتصر لتفسها مع خصمها ؟ أم أنها مُطالبة فعليا بأن تكون صبورة على الناس طويلة البال واسعة الصدر مستوعبة للغير .
ثم دعونا نقول إذا افترضنا أن هناك أخت داعية وهى في نفس الوقت تعمل مُعلّمة بمؤسسة تعليمية فهي هنا تستطيع ببساطة شديدة أن تقدم دعوتها بشكل عملي رائع بدون أن تتفوه بكلمة واحدة عن الدين والتدين, كأن تكون صادقة لاتكذب تحب طالباتها وتعاونهم تتلفظ بألفاظ الخير تمشى مشية الحياء تبعث البسمات لزميلاتها وطالباتها غير عبوسة الوجه إذا حان وقت الصلاة هرعت لمصلاها,تساعد من تحتاج إليها,تعين الضعيف تتلطف مع عاملات المدرسة وخادماتها وتعاملهن كأخوات لها تتقى الله في شرح الدروس,أعتقد أنه إذا كانت الأخت الداعية التي تعمل مُعلمة بمدرستها وكانت على هذا النهج العملي السلوكي الأخلاقي فإن ذلك يمثل أعظم دعوة وأبلغ تأثيراً بعدما قدمت دعوتها في شكل سلوكي عملي أخلاقي رائع؛فالمحور الأخلاقي والسلوكي في حياة الداعية هو أصل أصيل من أصول العمل الدعوى, فيجب أن نكون جميعاً أناساً عمليون نقدم السلوك والأخلاق قبل الوعظ والإرشاد .
كذلك في بيتها؛ فالأخت الداعية يجب أن تكون نموذجاً راقياً سواء كانت فتاة أو زوجة, فإن كانت فتاة فطاعة والديها وإقامة الصلاة ولين الجانب والإحسان إلى الخادمة وتعليمها أمور الدين وهكذا,وإن كانت زوجة فحُسن السمع للزوج والطاعة وتلزم خدمته وتتحبب إليه بكل الوسائل المشروعة تحافظ عليه في غيابه كحضوره تجعل من نفسها ريحانة له وسكن تتكسر على يديها أمامه صعوبات الدنيا وهمومها فيرتاح باله وتسعد نفسه ويصبح بيتاً آمناَ مطمئناَ يستحق أن تتنزل عليه رحمات السماء بفضل فقه هذه الزوجة التي نهجت من سلوكها في البيت كوكبة رائعة من السلوك والأخلاق جعلتها داعية ناجحة عظيمة في ميدانها الكبير وهو البيت .
س9/ ماهي أبرز الميادين التي منها ينطلق الداعية ويستثمرها في بدايته الدعوية؟
لاشك أن أبرز الميادين التي يجب أن تنطلق منها الأخت الداعية هو ميدان النفس: فتسعى نحو تعبيد نفسها لله تعبيداً صالحاَ,فتدعوها أولاً وتبدأ بها وتجعل من نفسها نفساً مسلمة في الاعتقاد الصحيح والإيمان العميق بالله وتنظر إلى جوانب الخير في نفسها فتنميها, وإلى جوانب التقصير فتعالجها حتى تكون في نهاية الأمر نموذجاً للمسلمة الصحيحة في المعتقد والسلوك والأخلاق,وهذا مانعني به الدعوة الذاتية للفرد المسلم بشكل عام وليست الداعية وفقط؛فميدان النفس أعظم ميدان للدعوة فإن انتصرت عليها صاحبتها كانت على غيرها أقدر .
ثم تبدأ بالميدان الثانى: بيتها ,فتسعى إلى تعبيده أيضاً لله من زوج وأولاد شريطة الرفق بهم والحُسنى؛فتُطهر البيت من كل ما يغضب الله وتدعو زوجها وبنوها إلى الصلاة والفضائل من الأعمال وإلى تصحيح المعتقد والسلوك والأخلاق والتعاون على البر والتقوى, وهو مانعني به الدعوة في الأسرة والعائلة .
ثم الميدان الثالث: المحيط الذي يحيط بها من جيران وميدان عمل ووظيفة فتساعد المحتاج وتدعو لحب الله تعالى والرسول الكريم وتلين بالجانب,وتتبسّم في وجوه النساء من حولها,وتدعوهم بالحسنى وتزور المريضة,وتواسي المنكوبة,وهو مانعني به الدعوة في المحيط المجتمعي .
ثم الميدان الرابع: الدعوة العامة بالمساجد وحلقات العلم .
س10/ حدثنا عن أبرز الصفات التي يجب أن تتحلى بها الداعية لكسب قلوب الآخرين؟
1/ التبسم في وجه المدعوات أمامها, والمتعاملات بشكل عام معها .
2/ أن تعتبر من نفسها طبيبة فتسلط الضوء على أمراض السلوك والأخلاق فتكتشفها وتضع العلاج النافع لها بلا إفراط ولاتفريط .
3/ إن استطاعت خدمة المدعوات وغيرهن فلا تتأخر عن ذلك؛فخدمة الناس تأسر قلوبهم فخير الناس أنفعهم للناس .
4/ أن تكون صاحبة لسان طيب تُحبّب الناس في الخير,وتُرشدهم إليه, وتداعب بكلماتها الجميلة الحاضرات, وتلاطف بمزاحها المهذب المستمعات, ترسل البسمات والإشارات اللطيفة لمن أمامها من المتعطشات للجّنة, فتكون بلسماً يٌزيح هموم النساء وباباً لإسعاد المكلومات, وروحاً جميلة تسرى في أجساد الحاضرات فتحييها بنور الله؛فتصبح المدعوة آمنة مطمئنة تتعبد ربها بحُب وشغف وصفاء وشوق بفضل هذه الداعية الخبيرة بنفوس الناس .
س11/ هل ترى ضرورة أن يتدرب الداعية على بعض الأمور لتقوية سلوكه الدعوي؟
إنما العلم بالتعلم والصبر بالتصبر والخلق بالتخلق .
فمن أرادت العلم فعليها التدرب على ذلك بالتعلم, ومن أرادت الصبر فعليها التدرب على ذلك بالتصبر,ومن أرادت التحلي بأحسن الخلق فعليها التدرب على ذلك بالتخلق بالصفات الحسنة .
فمما لاشك فيه أن الأخت الداعية هي في الأصل إنسان ذا طبيعة بشرية فهي ليست ملكاً وليست نبياً وبالتالي فهي ليست معصومة ولا كاملة,وتحتاج دائماً إلى مايساعدها ويعضدها ويقويها, والأخت الداعية يجب أن تضع باعتبارها أنها قد وضعت نفسها على سلّم الدعوة طريق الأنبياء والمرسلين؛أي أصبحت ممن توجه وترشد وتعظ وتُعلّم, مما يلزمها أن تتدرب على صفات وقيم هامة لتقوية سلوكها الدعوي؛كأن تتدرب على كيف تتعامل مع الآخرين,وكيف تحاور الآخرين,وتتدرب على محاسبة نفسها بالورقة والقلم,وتتدرب على كيفية قراءة موضوع ما وكيف تؤصله وتفنده وتحيط بجوانبه,وتتدرب على كيف تسرع لزيارة المريضة وإغاثة الملهوفة والسؤال عنها,وتتدرب على فن الإلقاء ,وهكذا؛ فإن ذلك مما لاشك فيه يعتبر عاملاً هاماً من المعينات على أداء أفضل, والباعث على المضي قدماً نحو داعية ناجحة محبوبة.
س12/ في البدايات الدعوية هل ترى من ضرورة انتهاج طريق لأحد الداعيات الكبار وجعله قدوة لمسيرة الداعية الصغيرة ؟
الأفضل أن تجمع الداعية الصغيرة مابين الأمرين,بمعنى أن تقتدي بداعية كبيرة,وأن تسعى أيضاً للتميز هي بسمت خاص حتى لا تفاجأ مستقبلياً بأنها قد برمجت نفسها على آلية معينة قد لاتستطيع تطويرها أو التخلي عنها يوم أن ترغب في ذلك,فلاشك أن استفادة الداعية الصغيرة من الداعيات الكبار شيء لابأس به ولاعيب فيه لكن لايعني ذلك أن يصبح مجرد تقليداً وفقط؛ فالداعية الصغيرة أو الناشئة عليها أن تحاول أن يكون لها أيضاً سمتاً تتميز به؛فقد يملّ الناس مثلاً عندما يرون أحدا من قُرّاء القرآن يقلد قارئاً شهيراً من المتربّعين على مائدة القرّاء .
س13/ كلمة توجهها للداعية الصغيرة ؟
1/ أشكري ربكِ ومولاكِ دائماً أن أختاركِ للدعوة لدينه,واعلمي أنه شرف لكِ أن تسلكي مسلك الأنبياء والمرسلين .
2/ احذري التعالي وزيدي تواضعاً وخفضاً للجناح,واعلمي أنكِ على ثغر من ثغور الإسلام العظيم .
3/ كوني زيت المصباح الذي يضيء للناس ظلمتهم,ويحّببهم إلى ربهم ويسعدهم في حياتهم ويقربهم من الجنة .
4/ لاتنسي دعوة الناس إلى المساهمة البنّاءة في بناء وحب الوطن والدعوة إلى الإنتاجية الفاعلة.
5/ إياكِ وهوى النفس وحب الشهرة,ولاتكوني مصدر للفتن والقلاقل, وكوني مصدر أمن وأمان للناس والوطن .
6/ اسألي ربكِ دائماً الإخلاص وأن يتقبل منكِ وأن يشرح للعباد صدورهم على يديكِ وأن يهديكِ ويهدى بكِ, وأن يجعلكِ سبباً لمن اهتدى .
7/ أنهجي الوسطية والاعتدال في الدعوة من غير إفراط ولا تفريط, ولاتركزي على الوعظ والإرشاد مُتناسية الوعظ والتأثير بالقدوة,والتربية العملية بالأثر,وكوني من القوم العمليين لا الوعّاظ فقط والمرشدون .
8/ ابتهلي دائماً بقولكِ ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم .
وفى نهاية حوارنا يطيب لي أن أشكر الأخت الكريمة معدة الحوار,ومؤسسة وموقع دعوتها الالكتروني ,وأرجو الله أن يتقبل منا ومنكم ويبارك في مؤسستكم المباركة وجهودكم جميعاً وينفع بكم , وصلى اللهم على نبينا محمد معلّم الناس الخير وعلى آله وصحبه أجمعين .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ