قبل أن تجادلي بالباطل
بقلم / أ. هناء الصنيع .
تستعين على باطلها برفع صوتها ، ودموع عينيها ، وبشهادة شهداء الزور أمثالها من قريباتها كابنتها أو والدتها أو أختها أو صديقتها,وتجادل, وتصرخ ,وتحرك جسدها, ويديها بحركات توحي بصدقها ، ويروعكِ جحوظ عينيها وعروقها الدقيقة ، تسمعين ضربات قلبها ، وترين جريان الدماء في وجهها والحجج تلو الحجج من الكذب, وتنميق الحديث, وتزويره حتى يرق قلبكِ لها وتجزمين بصدقها ، ولا تملكين إلا أن تبادري بالاعتذار, وتقبيل رأسها .
هي تعلم في قرارة نفسها أن ما تدعيه كذباً ، وأنها مخطئة ؛ ولكن هيهات أن تعترف بخطئها فهذا بعيد؛ بل لابد من اللف والدوران والمراوغة؛ لأنها ليست من أصحاب النفوس الفاضلة؛ فالاعتذار وتصحيح الأخطاء في شرق وهي في غربها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الكبر بطر الحق وغمط الناس)صحيح ,بطر الحق : دفعه وإنكاره ترفعاً وتجبراً ، غمط الناس : احتقارهم.
إن الباعث لتصرفاتها: الترفع والكبر ، والتهجم على الآخرين لإظهار نقصهم,والكبرياء من صفات الربوبية ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الله سبحانه : (الكبرياء ردائي ، والعظمة إزاري ، فمن نازعني واحداً منهن ألقيته في جهنم). صحيح
إنها شخصية متعبة مزعجة لا تكادين تأخذين حقك منها ، ولا تكادين تعلمينها الأفضل لتعدل عن غيها ، ولا تكاد الحقائق تظهر لأصحابها؛ فهي تجعل المصيب مخطئ, والمظلوم ظالم؛لأنها تملك من سحر البيان ما تسحرك به وتخدعك ، ويا ليتها سخرت هذه الملكة في خدمة دينها ورد الحقوق لأهلها لكان أعظم لها أجراً.
قال الشاعر :
له ألف وجه بعدما ضاع وجهه
فلم تدر فيها أي وجه تصدق
إن الجدال المذموم هو الذي يؤيد الباطل أو يوصل إليه ، وقد يكون الجدال محموداً إذا تعلق بإظهار الحق ، قال الله تعالى: ﴿ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾.[النحل:125]
خصومات بالجملة :من الطبيعي أن تكون المرأة المجادلة بالباطل كثيرة الخصومة مع الناس لاسيما الأقارب فلهم الحظ الأوفر ،وكذا الأشخاص المتواجدون في مكان دراستها أو سكنها أو عملها ، ندعو لهم من قلوبنا.
وقد قيل :
أنزه نفسي عن مساواة سفلة
ومن ذا يعض الكلب إن عضه الكلب
بعض النساء تفتخر بأنها لاتغلب في الخصومة فصوتها عالي ، ولسانها سليط ، وهناك من تفتخر بأن لديها بنت أو أخت أو أم من هذه النوعية لتستعين بها عند الحاجة,وهذه مصيبة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال (أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم) صحيح البخاري, الألد : هو الشديد اللدد كثير الخصومة, الخصم : الذي يخصم أقرانه ويحاجهم بالباطل ولا يقبل الحق, وأن تكوني بغيضة إلى الله هذا شيء لا يفتخر به إنه مصير مؤلم ألا يروعك ذلك ؟
المشكلات التي تواجهها: -
من تجادل بالباطل لا تعيش حياة مستقرة هانئة ؛ لأنها قد لفت نفسها بشبكة كبيرة تحاصرها من كل جهة؛ فهي تتخبط وسطها لتواجه الأسماك المفترسة ، وأمواج البحر العاتية متمثلة في عدة أمور ذكرها د.محمد الصغير :-
1- كثرة الخلافات, والمشادات الكلامية مع الآخرين,وبغضهم لها حتى أقرب الناس إليها ( الوالدين- الإخوة والأخوات - الزوج - الأولاد - الأقارب)
2- الاعتداء على حقوق الناس قولاً, وفعلاً , وظلمهم, وما يترتب عليه من ذنوب وآثام.
3- مشكلات صحية ونفسية ( ارتفاع ضغط الدم - داء السكري - القلق - الاكتئاب)
4- ليس هناك أذهب للدين ، ولا أنقص للمروءة, ولا أشغل للقلب من الخصومة.
أخيتي :الجدال يهيج العداوة بين الناس ،ويغري بالتمادي في الباطل ،ويجعل صاحبه منبوذاً يحذر منه الناس ويتحاشونه ،وهو يحرم صاحبه من الوصول للحق؛ لأن مبعثه الكبر وعلاجه ترك الكبر.
حافظي على حسناتكِ لتجديها يوم القيامة؛ فلا توزعيها على من تخاصمت معهم وآذيتهم ، ورفعتِ صوتكِ عليهم ، وجرحت مشاعرهم ، وعليك بالرفق فأنت مؤمنة ، وفي نفس الوقت أنثى رقيقة رفيقة بأخواتها المسلمات ، مالكِ وللناس يوم القيامة يخاصمونكِ عند الله, ويقتصون منكِ؟ كوني خفيفة من حقوق الناس ، ثقيلة بالحسنات, وامضي إلى الجنة سريعة.
قال الشاعر :
وأصفح عن سباب الناس حلماً
وشر الناس من يهوى السبابا
وأُبشر كل مؤمنة تركت الجدل ,وسمت بأخلاقها بقول نبينا صلى الله عليه وسلم
أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا ، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا ، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه) . صحيح
___________________________________