فتاة رشيدة
بقلم/ أ. حسناء العتيبي .
تزدحم في ذهني أعذب الألفاظ، متوشحة وسام الحب والحنان؛ لأهدي أول مقالي في موقع متميز فاح شذى عطره عبر محركات البحث الإلكترونية، والذي أسعد الفؤاد مارآه البصر وأبصرته البصيرة من سمو هدف, وروعة نشر, وتأييد فضيلة؛ فلا شلت أيادي النماء .
عوداً لما عنونته في رأس المقال, دائماً ما أردد على طالباتي في المرحلة المتوسطة قول: (أليست فيكم فتاةً رشيدة) تأخذ بيد اللاتقدير للمسؤولية, إلى إحترام النفس وتذييلها نحو الثبات والإستقلال الديني السامي؛ ليجيبني صوت من أفواه البراءة ناطقاً: وكيف نكون ؟
سؤال يجاوب سؤالاً، لأؤمن بعدها يقيناً بدور كل مربية قادت زمام التربية في هذا السن الحرج وحاجته إلى تعليم فتاته كيف تكون رشيدة ومتزنة في علاقتها الروحانية مع الله، وفي علاقتها وسلوكها مع مجتمعها ، وعلاقتها مع ذاتها؛ لتجيب نفسي ويكتب قلمي ليعبر عن رأيي, تكوني رشيدة يافتاة بمايلي:ــ
1/ معرفة الله من خلال التأمل في نعمه وآياته القرآنية, والنظر في الكون ومعرفة أسمائه وصفاته جل وعلا قال تعالى: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر17] ؛فتعايشك مع القرآن فكراً, وتدبراً, وحياةً سلماً؛ لتلذذي بطهرٍ, وثبات, وسمو روحاني, وعقلي؛ فقد هدى القرآن أمم وجماعات ورد ذكرها في كتاب الله على سبيل المثل بالاستماع, و التدبر أهتدى جماعة من الجن إلى عبادة رب الثقلين وإفراده بالعبادة: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا} [الجن1] ؛فكلام البارئ دواء لمن عجز عن علاج نفسه ومشكلاته السلوكية والاجتماعية .
2/ تدارسكِ لسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم, وتطبيقها في مناحي حياتكِ قولاً وفعلاً وتقريراً، كيف لا وسوف نلقى يوماً ما حبيبنا الرحمة المهداة, والنعمة المسداة؛ فننتظر شفاعته ويفرح بنا إلا من أبى، وأعرض عن سيرته وابتدع في ملته؛ فبتباعه يحصل الاقتداء، وبالاقتداء تتشرف النفس وتسمو بأخلاقها ومبادئها لتحقق أهدافها الدينية والدنيوية والأخروية؛ فلترشدِ باتباعكِ لسنة نبيكِ الذي حاز المحامد والمكارم كرماً من الله لخليله ، كما وصفه شاعر الإسلام الأول:
خُلِقْتَ مبرأ من كل عيب
كأنك خلقت كما تشاء
فكتاب الله وسنة نبيه، هما المحجة البيضاء التي من تمسك بهما نجا من المهالك وفاز بخلة الرحمن .
3/ تمسككي بأخلاق الصحابة الكرماء، والاقتداء بالصحابيات والتابعيات الكريمات تشبهي إن لم تكوني مثلهم إن التشبه بالكرام فلاح؛ فالتشبه شرف حينما يكون المتشبه به نموذجاً صالحاً ومشعل نور أنار بفعله ظلمات الأجواء المعتمة .
فلتكن لكِ يافتاة قدوة من الصحابيات الطاهرات العفيفات اللاتي ورد ذكرهن في سورة التحريم: {مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا} [التحريم5]، ولتسدل من هذه اللحظة ستار التقليد الأعمى لكل من خالفت شريعة الإسلام, وتبرجت ودعت إلى الفحش في القول والفعل، أيتها الفتاة بصبر عائشة, وصدق خديجة, وكرم أم سلمة, وبر فاطمة, وحسن تبعل أسماء بنت أبي بكر, وبثبات أم عمار بن ياسر رضي الله عنهن اقتدي اقتدي؛ لتنالي الدرجات العلى في الدنيا والآخرة .
4/ التأثير الإيجابي في مجتمعكِ (مدرسة - منزل - أماكن عامة) وذلك استجابة لقول الحق سبحانه: {قُمْ فَأَنذِرْ*وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} [المدثر2-3] ,في خطاب خاص لسيد البشرية وعام لأبناء الأمة المحمدية؛ فكلما امتدت أيادي الصفاء نحو نجاة الأخوة كلما ازدادت حياة الفضيلة؛ فكوني أمرة بالمعروف، ناهية عن المنكر، قدوة في هندامكِ وحياؤكِ ولتكن ملامح الأنثى التقية هي مرآة لكِ من رآكِ, قدمي النصيحة من قلبكِ الطاهر لقريناتكِ اللاتي ترين منهن تقصيراً في علاقتهن مع الله بالحكمة والموعظة الحسنة, وتحلي فتأتِ بصفات الداعية المستنبطة من كتاب الله .
5/ الحرص على الفوز بدعاء الوالدين فبه حياة القلوب, ونور اليسر في الدرب العسير، فأم بطنها كان لكِ وعاء ، وثديها كان لكِ سقاء, وحضنها كان لكِ خير بناء، وأب كريم شهم معطاء، أنار بحبه وعطفه وحنانه كل فضاء، ألا يستحقان هؤلاء الوفاء ، فبركِ وخضوعكِ وتذللكِ لهؤلاء فن إنساني لا يتقمص دور مسرحياته إلا العظماء, فيا فتاة كوني عظيمة، وبرّي بالعظماء لقوله عز وجل: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّي ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}. [الإسراء24]
الرشد أوردته من خلَّص القول، إن جنت فتاتي علة فأخبروها بقولي: "في الرشد دواء "
انتهى ريع الحب في المقام يا فتاتي، وأسأل الله أن يحقق فيكِ مناتي, أتبعي ما اختصرت لتنالي النجاتِ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ