اسلام ويب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

من فقه الدعاء يقول سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "أنا لا أحمل همَّ الإجابة، وإنما أحمل همَّّ الدعاء، فإذا أُلهمت الدعاء كانت الإجابة معه". وهذا فهم عميق أصيل ، فليس كل دعاء مجابًا، فمن الناس من يدعو على الآخرين طالبًا إنزال الأذى بهم ؛ لأنهم ينافسونه في تجارة ، أو لأن رزقهم أوسع منه ، وكل دعاء من هذا القبيل ، مردود على صاحبه لأنه باطل وعدوان على الآخرين. والدعاء مخ العبادة ، وقمة الإيمان ، وسرّ المناجاة بين العبد وربه ، والدعاء سهم من سهام الله ، ودعاء السحر سهام القدر، فإذا انطلق من قلوب ناظرة إلى ربها ، راغبة فيما عنده ، لم يكن لها دون عرش الله مكان. جلس عمر بن الخطاب يومًا على كومة من الرمل ، بعد أن أجهده السعي والطواف على الرعية ، والنظر في مصالح المسلمين ، ثم اتجه إلى الله وقال: "اللهم قد كبرت سني ، ووهنت قوتي ، وفشت رعيتي ، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفتون ، واكتب لي الشهادة في سبيلك ، والموت في بلد رسولك". انظر إلى هذا الدعاء ، أي طلب من الدنيا طلبه عمر، وأي شهوة من شهوات الدنيا في هذا الدعاء ، إنها الهمم العالية ، والنفوس الكبيرة ، لا تتعلق أبدًا بشيء من عرض هذه الحياة ، وصعد هذا الدعاء من قلب رجل يسوس الشرق والغرب ، ويخطب وده الجميع ، حتى قال فيه القائل: يا من رأى عمرًا تكسوه بردته ** والزيت أدم له والكوخ مأواه يهتز كسرى على كرسيه فرقًا ** من بأسه وملوك الروم تخشاه ماذا يرجو عمر من الله في دعائه ؟ إنه يشكو إليه ضعف قوته ، وثقل الواجبات والأعباء ، ويدعو ربه أن يحفظه من الفتن ، والتقصير في حق الأمة ، ثم يتطلع إلى منزلة الشهادة في سبيله ، والموت في بلد رسوله ، فما أجمل هذه الغاية ، وما أعظم هذه العاطفة التي تمتلئ حبًا وحنينًا إلى رسول الله - صل الله عليهلم -: (أن يكون مثواه بجواره). يقول معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: "يا بن آدم أنت محتاج إلى نصيبك من الدنيا ، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج ، فإن بدأت بنصيبك من الآخرة ، مرّ بنصيبك من الدنيا فانتظمها انتظامًا ، وإن بدأت بنصيبك من الدنيا ، فائت نصيبك من الآخرة ، وأنت من الدنيا على خطر). وروى الترمذي بسنده عن النبي - صل الله عليهلم -: أنه قال: ((من أصبح والآخرة أكبر همه جمع الله له شمله ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن أصبح والدنيا أكبر همه فرَّق الله عليه ضيعته ، وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له)). وأخيرًا .. أرأيت كيف أُلهم عمر الدعاء وكانت الإجابة معه ، وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186)" (البقرة:186).


 

 الجاهلية الجهلاء

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة


avatar


نقــاط : 100210
الجاهلية الجهلاء Oooo14
الجاهلية الجهلاء User_o10

الجاهلية الجهلاء Empty
مُساهمةموضوع: الجاهلية الجهلاء   الجاهلية الجهلاء Emptyالثلاثاء 2 يوليو 2013 - 15:16

عنوان الخطبة
الجاهلية الجهلاء
اسم الخطيب
سعود بن إبراهيم الشريم
رقم الخطيب
14
رقم الخطبة
185
اسم المسجد
المسجد الحرام
تاريخ الخطبة
 
ملخص الخطبة
1- نظرة إلى المجتمع الجاهلي قبل الإسلام. 2- الحج في الجاهلية مزيج بين التوحيد والوثنية والفضائل والرذائل. 3- خطبة حجة الوداع. 4- لفظة الجاهلية في القرآن. 5- أمر الله المسلمين بمخالفة مسائل الجاهلية. 6- من مسائل الجاهلية المنبوذة الشرك والفرقة والتفاخر وتحاكم إلى غير شرع الله.
الخطبة الأولى
أما بعد :
فوصيتي لنفسي ولكم عباد الله هي تقوى الله سبحانه ، في السر والعلن ، والسفر والحضر ، والفرح والحزن ، في خلواتكم وجلواتكم إن الله يحب المتقين .
أيها الناس :
لقد ابتليت المجتمعات الجاهلية في غابر الأزمان ، برجس الأصنام والوثنية ، والخمر والميسر، والأنصاب والأزلام ، يتخرج منها رجال ونساء ، في الشرك والتضليل ، والجهالة والعبْيَّة الجاهلية ، حتى لقد أصبحت مقاصد الحج عندهم عبارة عن تجمعات مكثفة ، في سوق عكاظ، يقصدها الناس من شتى أنحاء البلاد ، وكان يقام فيها السوق ،  شهر ذي القعدة نحوا من نصف شهر ، ثم يأتون بعد ذلك موضعا دونه إلى مكة ، يقال له : سوق مجنة ، فيقام فيه السوق إلى آخر الشهر ، ثم يأتون موضعا قريبا منه ، يقال له : ذو المجاز ، فيقام فيه السوق إلى يوم التروية ، ثم يصدرون إلى منى .
كانت تجتمع في هذه الأسواق قبائل العرب ، ووفود ملوكهم ، بالهدايا والقرابين إلى الأصنام ، يتناشدون الأشعار ، ويفتخرون بالسلب والنهب ، وقتل الأنفس البريئة دون ما ذنب أو جريمة، ويمارسون وأد البنات إبان حياتهن ، ويعدون ذلك من المكرمات ، التي تهون دونها الحرمات.
عباد الله :
 لقد كانت مواقف الجاهلية في الحج ، مواقف مخزية ، إنما هي خليط ممزوج ، من الأضداد والمتناقضات ، يظهر ذلك جليا في بعض المواقف المتكررة ، ومن ذلك مثلا تلبيتهم في الحج، التي يخلطون معها الشرك فيقولون : لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إلا شريكا هو لك ، تملكه وما ملك .
وكانت قبيلة عك إذا خرجت حاجة ، قدمت أمامها غلامين أسودين من غلمانهم ، فكانا أمام ركبهم فيقولان : نحن غرابا عك ، فتقول عك من بعدهما : عك إليك عانية ، عبادك اليمانية ، كيما نحج الثانية ، هذه هي تلبيتهم .
ولقد كانت قريش ومن دان بدينها ، يقفون بالمزدلفة ، وسائر العرب يقفون بعرفات ، حتى أنزل الله على رسول الجاهلية الجهلاء Start-iconثم أفيضوا من حيث أفاض الناس الجاهلية الجهلاء End-icon[سورة البقرة:199].
ومن مظاهر الجاهلية في الحج – عباد الله – ما ذكره ابن عباس رضي الله عنهما بقوله : كان أهل الجاهلية يقفون في الموسم فيقول الرجل منهم : كان أبي يطعم ، ويحمل الحمالات ، ويحمل الديات ، ليس لهم ذكر غير فعال آبائهم فأنزل الله : الجاهلية الجهلاء Start-iconفاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكراً الجاهلية الجهلاء End-icon[سورة البقرة :200].
وفي خضم الجاهلية الجهلاء يمن الرب الرحيم القادر الحليم على عباده ، بالنبي الختم ذي النفس الطاهرة ، عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم ، فأنزلت آيات الكتاب المتلوة ، وأبلغ الرسول دعوته ، فسمع الأصم نبراته ، وأبصر الأعمى آياته ، جاء البشير النذير والسراج المنير ، فاقتلع الوثنية من جذورها واستأصل شأفتها ، بعد أن سفه أحلامهم وعاب آلهتهم في مدة من الزمن وجيزة الجاهلية الجهلاء Start-iconهو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين الجاهلية الجهلاء End-icon[سورة الجمعة :2].
ويمن الله عليه بفتح مكة ، وتحطيم ما فيها من أصنام وأوثان ، ثم يرسل أبا بكر في السنة التاسعة حاجا ، لينادي بالناس ، ألا يحج بعد العام مشرك ، وألا يطوف بالبيت عريان ، ثم يأتي صلوات الله وسلامه عليه حاجا في السنة العاشرة ، ليختم دعوته ، بلقاء حافل مع جموع المسلمين ، في عرصات المشاعر المقدسة ، ويقول لهم : (( خذوا عني مناسككم فلعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا )) ، وفي عرصات عرفة ، في اليوم الذي أكمل الله فيه دينه وأنزل قوله الجاهلية الجهلاء Start-iconاليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً الجاهلية الجهلاء End-icon[سورة المائدة:3].
في يوم عرفة عباد الله ، يرى الحبيب الجاهلية الجهلاء Salla-iconأن هذا الجمع العظيم ، وهذه القلوب الصافية الخاشعة، فرصة عظيمة ؛ لأن تعي ما سيقول لها ، من قواعد عظيمة ، ربما عدوها وصية مودع مشفق ، فيقف على راحلته ، ويخطب الناس خطبته المشهورة ، كما جاء في السنن لأبي داود وابن ماجة وغيرهما ، فكان مما قال فيها : ((ألا إن كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع ، ودماء الجاهلية موضوعة ، وإن أول دم أضع من دمانا ، دم ابن ربيعة ابن الحارث بن عبد المطلب ، كان مسترضعا في بني سعد فقتلته هذيل ، وربا الجاهلية موضوع كله ، وأول ربا أضع ربانا ، ربا العباس بن عبد المطلب ، فإنه موضوع كله .. )) الحديث .
إن هذه الكلمات ، المنبعثة من، مشكاة النبوة ، ليؤكد المصطفى الجاهلية الجهلاء Salla-iconحتمية المخالفة لما كان عليه أهل الجاهلية ، ويبين بذلك أن مسمى الجاهلية ، يعني أن يكون الأمر إسلاما اولا إسلام ، فالجاهلية والإسلام أمران نقيضان ، لا يمكن أن يجتمعا في نفس واحدة البتة .
إن كلمة الجاهلية ، لم تكن نشازا من حديث النبي الجاهلية الجهلاء Salla-iconلا وكلا ، بل هي كلمة مطروقة ، تكرر ذكرها في غير ما موضع من كتاب الله وسنة رسوله الجاهلية الجهلاء Salla-icon، فقد قال سبحانه الجاهلية الجهلاء Start-iconأفحكم الجاهلية يبغون الجاهلية الجهلاء End-icon[سورة المائدة :50]. وقال عز وجل الجاهلية الجهلاء Start-iconيظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية الجاهلية الجهلاء End-icon[سورة آل عمران:154]. ويقول جل شأنه الجاهلية الجهلاء Start-iconولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى الجاهلية الجهلاء End-icon[سورة الأحزاب :33]. ويقول أيضا الجاهلية الجهلاء Start-iconإذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية الجاهلية الجهلاء End-icon            [سورة الفتح :26].
ولقد بوب البخاري في صحيحه بابا فقال : باب المعاصي من أمر الجاهلية . وذكر فيه قول النبي الجاهلية الجهلاء Salla-iconلأبي ذر الجاهلية الجهلاء Radia-iconلما عير رجلا بأمه ((إنك امرؤ فيك جاهلية)) ، قال الحافظ ابن حجر : إن كل معصية تؤخذ ، من ترك واجب أو فعل محرم فهي من أخلاق الجاهلية .
وعن ابن مسعود الجاهلية الجهلاء Radia-iconقال :قال رجل : يا رسول الله ، أنؤاخذ بما عملنا في الجاهلية قال : ((من أحسن في الإسلام ، لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية ، ومن أساء في الإسلام أخذ بالأول والآخر )) رواه البخاري ومسلم .
وقد قال ثابت بن الضحاك الجاهلية الجهلاء Radia-icon: نذر رجل أن ينحر إبلا ببوانة ، فسأل النبي الجاهلية الجهلاء Salla-icon: ((هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد ؟ )) قالوا :لا ، قال : ((فهل كان فيها عيد من أعيادهم ؟ )) قالوا : لا ، فقال رسول الله الجاهلية الجهلاء Salla-icon: ((أوف بنذرك )) الحديث ، [رواه أبو داود] .
فيؤخذ من هذا الحديث وغيره – عباد الله – التحذير الشديد من أمور الجاهلية ، أو مشابهة أهلها ، في أي لون من ألوانها ، كيف لا ورسول الله الجاهلية الجهلاء Salla-iconيقول : (( ألا إن كل شيء من أمور الجاهلية تحت قدمي موضوع )) ، ولو لم يكن من ازدرائها وشناعة قبحها ، إلا حكم النبي الجاهلية الجهلاء Salla-iconبأنها تحت قدميه لكفى .
لقد أكد رسول الله الجاهلية الجهلاء Salla-iconمخالفة ما عليه أهل الجاهلية من الكتابيين والأميين ، مما لا غنى للمسلم في أن ينبذها وينأ بنفسه عن الوقوع في هوتها ، وأن ينسل بنفسه ، عن أشدها خطرا وآكدها ضررا ، وهو عدم إيمان القلب بما جاء به الرسول الجاهلية الجهلاء Salla-icon، ناهيكم عما ينضاف إلى ذلك ، من استحسان ما عليه أهل الجاهلية ، الذي تتم به الخسارة والبوار كما قال تعالى الجاهلية الجهلاء Start-iconوالذين آمنوا بالباطل وكفروا بالله أولئك هم الخاسرون الجاهلية الجهلاء End-icon[سورة العنكبوت :52]. الجاهلية الجهلاء Start-iconأفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرهاً وإليه يرجعون الجاهلية الجهلاء End-icon[سورة آل عمران :83].
عباد الله :
إن مسائل الجاهلية برمتها ، قد بسطها أهل العلم في كتبهم ، وسطروها بأقلامهم وألسنتهم ، حتى لقد أوصلها بعضهم إلى مائة وثلاثين مسألة ، وهي إلى الثلاثمائة أو تزيد أقرب .
وإن من أعظم التشبه ، بما كان ، عليه أهل الجاهلية ، وأكثرها إيقاعا للخلل في دين الناس ودنياهم ، أمورا ثلاثة :
أولها : أن كثيرا من الناس يتعبدون بإشراك الصالحين في دعاء الله وعبادته ، يريدون شفاعتهم عند الله في حين أنهم لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا ؛بل إنهم لأحوج إلى عفو الله ورحمته من أولئك الذين يدعونهم ؛ كما قال سبحانه الجاهلية الجهلاء Start-iconأولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذوراً الجاهلية الجهلاء End-icon[سورة الإسراء:57].
وهذه – عباد الله – هي أعظم مسألة خالف فيها الرسول الجاهلية الجهلاء Salla-iconما كان عليه أهل الجاهلية ، وعندها بدت بينه وبينهم العداوة والبغضاء أبدا حتى يؤمنوا بالله وحده ، ومن هنا افترق الناس إلى مسلم وكافر ، ولأجل هذه القضية العظمى شرع الجهاد في سبيل الله الجاهلية الجهلاء Start-iconوقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله الجاهلية الجهلاء End-icon[سورة البقرة :193].
وثاني الأمور الثلاثة : هو أن أهل الجاهلية ، متفرقون في دينهم ودنياهم ، وهم في ذلك فرق وأحزاب ، كل حزب بما لديهم فرحون ، كل منهم يرى أنه على الحق دون سواه ، فمحق الخير ، وأحيي الشر ، حتى أصبح المرء لا يعرف إلا نفسه ، ولا يهتاج بالفرح والحزن ، إلا لما يمسه هو من خير أو شر ، فماتت العاطفة ، وقل الاكتراث المبتوت الصلة ، بمشاعر الأخوة الإسلامية العامرة .
فجاء الإسلام ودعا إلى الأخوة الدينية وتلا رسول الله الجاهلية الجهلاء Salla-iconقول ربه الجاهلية الجهلاء Start-iconشرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه الجاهلية الجهلاء End-icon[سورة الشورى :13]. وتلا قول خالقه الجاهلية الجهلاء Start-iconإن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء الجاهلية الجهلاء End-icon[سورة الأنعام:159].
ويعلن المصطفى الجاهلية الجهلاء Salla-iconقولته المشهورة : ((مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر )) رواه مسلم .
ويكون بذلك مؤكدا أخوة الدين ، التي تفرض تناصر المؤمنين المصلحين ، لا تناصر العبية العمياء ، والجاهلية الجهلاء ، لإحقاق الحق وإبطال الباطل ، وإجارة المهضوم ، وإرشاد الضال ، وحجز المتطاول ، وهذا كله هو ثمرة قول المصطفى الجاهلية الجهلاء Salla-icon: ((انصر أخاك ظالما أو مظلوما )) رواه البخاري .
إن الله سبحانه رد أنساب الناس وأجناسهم إلى أبوين اثنين ، فهم جميعا من جهة التمثال أكفاء، أبوهم آدم وأمهم حواء ، وإن يكن لهم من أصلهم نسب يفاخرون به ، فهو الطين والماء ، ليجعل الله من هذه الرحم ، ملتقى تتشابك عنده الصلات وتستوثق العرى الجاهلية الجهلاء Start-iconيا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير الجاهلية الجهلاء End-icon[سورة الحجرات:13]. إنه التعارف لا التفاخر ، والتعاون لا التخاذل ، وأما الشرف والرفعة فإنما هو في قوة الدين ، وتمكن التقوى من قلب العبد ، في إزالة الفوارق البشرية ، فرسول الله الجاهلية الجهلاء Salla-iconمن أشراف قريش ، يقف مع الناس ويقول لقومه الجاهلية الجهلاء Start-icon  ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس الجاهلية الجهلاء End-icon[سورة البقرة :199]. تحقيقا للمساواة بين المسلمين ، وكان الرجل من أشراف قريش يأنف أن يزوج ابنته أو أخته من الرجل من عامة الناس ، فيأتي رسول الله  ويزوج ابنة عمته زينب بنت جحش الأسدية ، من مولاه زيد بن حارثة ، ويقول الجاهلية الجهلاء Salla-iconعن رجل من أصحابه: ((يا بني بياضة أنكحوا أبا هند وأنكحوا إليه )) ، وقد كان حجاما الجاهلية الجهلاء Radia-icon، رواه أبو داود والحاكم الجاهلية الجهلاء Start-icon إنما المؤمنون اخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون الجاهلية الجهلاء End-icon[سورة الحجرات:10].
 
الخطبة الثانية
الحمد لله حمدا كثيرا كما أمر ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إرغاما لمن جحد به وكفر ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله سيد البشر ، والشافع المشفع في المحشر ، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه السادة الغرر.
أما بعد :
فاتقوا الله عباد الله ، واعلموا أن ثالثة الأثافي من أمور الجاهلية : هي ديدن الجاهلية ، المتمثل في ظنهم المقلوب ، أن مخالفة ولي الأمر ، وعدم الانقياد له ، فضيلة ورفعة ، وأن السمع والطاعة والانقياد ، ذل ومهانة ، ونقص في الرجولة والعلم ، فخالفهم المصطفى الجاهلية الجهلاء Salla-iconوأكد على مخالفتهم في ذلك ، بالسمع والطاعة في المنشط والمكره ، للولاة الشرعيين بالبيعة الشرعية ، وأمر بالصبر على جور الولاة ، وعدم الخروج عليهم ، مع بذل النصح والإرشاد لهم ، فغلظ في ذلك وأبدى وأعاد ، بأبي هو وأمي صلوات الله وسلامه عليه ؛ حيث يقول : ((من كره من أميره شيئا فليصبر ، فإنه من خرج من السلطان شبرا مات ميتة جاهلية )) رواه البخاري ومسلم .
فهذه الأمور الثلاثة التي مضت ، جمعها النبي الجاهلية الجهلاء Salla-iconفي قوله: ((إن الله يرضى لكم ثلاثا : ألا تعبدوا إلا الله ولا تشركوا به شيئا ، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم )) رواه أحمد .
وإن مما ينبغي التنبيه إليه عباد الله ، هو ما وقع فيه كثير من الناس في هذا العصر إلا من رحم الله ، من التحاكم إلى غير كتاب الله وسنة رسوله الجاهلية الجهلاء Salla-iconو التراضي بأحكام البشر وقوانينهم ودساتيرهم ، وهذا وربي هو عين فعل الجاهلية الجاهلية الجهلاء Start-iconأفحكم الجاهلية يبغون الجاهلية الجهلاء End-icon                [سورة المائدة :50].
لقد أنكر سبحانه ، على من خرج عن حكمه ، المشتمل على كل خير ، الزاجر عن كل شر ، وعدل إلى ما سواه من قوانين البشر وأعرافهم ، التي وضعها رجالهم بلا مستند أو أثارة من علم ، كما كان عليه أهل الجاهلية الأولى ، وكما كان يحكم به التتار ، من السياسات المأخوذة عن سلاطينهم ، والتي اقتبسوها من شرائع شتى ، كاليهودية والنصرانية وغيرها ، فصارت فيمن بعدهم شرعة متبعة ، يقدمونها إلى الحكم بكتاب الله وسنة رسوله الجاهلية الجهلاء Salla-iconيصف أمثالهم لبيد بن ربيعة ويقول :
               يا معشر سنت لهم آباءهم                      ولكل قوم سنة وإمامها
وهم بذلك ، قد كفروا وجب قتالهم لأجله حتى يرجعوا إلى حكم الله ورسوله الجاهلية الجهلاء Start-iconأ فحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون الجاهلية الجهلاء End-icon[سورة المائدة :50]. الجاهلية الجهلاء Start-iconفلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً الجاهلية الجهلاء End-icon[سورة النساء:65].
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الجاهلية الجهلاء
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اسلام ويب :: ۩✖ منتدي الاسلاميات العامه ۩✖ :: مقــــالات اســــلاميه :: خطب مقـــرؤه-
انتقل الى: