ضوابط المحادثة بين الجنسين
إعداد: بسام المقدح
أحبتي في الله، انتشرت في هذا العصر وسائل الشر والفتنة وتعددت طرق الغواية حتى دخلت كل منزل وأضحت في يد كل إنسان وتحت مَرآه..
فوجب الإمساك بحبل الذكرى والتذكير وردع النفس عن هواها ومراقبة الله عز وجل في السر والعلانية، ويجب علينا أن نقتبس من أنوار العلماء الربّانيين ما نُضيء به الدروب ونّذكر به القلوب..
ونظراً لانتشار فتنة المحادثات بين الجنسين في أمور لا تمت للدين بصلة ولا المعروف بطريقة، وإنما ملء فراغ في القلوب، وعبث بغرائز النفوس وغفلة عن مراقبة الملك الديان الذي يعلم خائنة الأنفس وما تخفي الصدور. ثم ما تنتهي إليه تلك المحادثات من نهايات مؤسفة وعواقب وخيمة ومصائب مدوية، لقد كنا في غنى عنها لو أننا راقبنا الله في داخلنا من أول محادثة وفي بداية الغفلة، فمتى نتعظ، والله قد جعل في غيرنا لنا عبرة، وهدى إلينا في كل حين موعظة فهل ننتظر أن نكون للآخرين تذكرة ؟!
من يهمل مراقبة الله فالله يمهله ولا يهمله.. وإن ستر الله علينا ذنوباً فلا نظننّ أن الستر لله علينا يدوم، إن كنّا من يخلع ستار الحياء من رب البريات خالق الأرض والسموات فلا نلومنّ إلا أنفسنا وعسى أن تكون هذه التذكرة في وقتها أن تتذكر قلوباً وترتدع نفوساً والله أعلم وأحلم..
لقد قالوا علاقات بريئة، وأين البراءة في تلك العلاقات؟ ! وقد سدّ الله الطرق المفضية والمؤدّية إلى الوقوع في الحرام .
فحرّم نظر الرجال إلى النساء، وأمَر بغضّ البصر، وحرّم الخلوة، ومنع الاختلاط بين الجنسين، وحرّم على النساء النظر إلى الرجال نظر شهوة وريبة، ومنع المصافحة بين الجنسين إلا في المحارم، ومنع من الخضوع بالقول. كل هذه يصح أن نُسمّيها" احتياطات أمنية لمنع وقوع الفاحشة " . فلا يصحّ أن تُرتكب هذه الأشياء تحت شعار " حُسن النيّة " أو " براءة المقصد " أو تحت أي شعار من هذه الشعارات . وقد كان عطاء بن أبي رباح يقول : لو ائتمنت على بيت مال لكنت أمينا ، ولا آمن نفسي على أمة شوهاء . وعلّق عليه الإمام الذهبي بقوله : صدق رحمه الله . ففي الحديث " ألا لا يخلُوَن رجل بامرأة فإنّ ثالثهما الشيطان " .قال الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء" رواه البخاري ومسلم".
دعونا نضيء دروبنا بقبسات من فتاوى العلماء الأجلاء حول المحادثات بين الجنسين في مجال الانترنت.
ـ المحادثة بين الجنسين على الإنترنت
سؤال: هل يجوز للشاب أن يقوم بمراسلة شباب وفتيات عبر البريد الالكتروني والمسنجر، علماً بأن المواضيع المطروحة تكون في إطار ديني وذلك على سبيل الدعوة إلى الله؟
يجيب الشيخ عبد الله الفقيه :الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد: فإذا كانت هذه الرسائل تحتوي على الأخلاق والآداب الإسلامية فلا حرج في ذلك إن شاء الله تعالى أما إذا كانت هذه الرسائل فيها ما يغضب الله عز وجل من إقامة العلاقات المحرمة بين الرجل والمرأة فهذا حرام. وعن هدي الإسلام في حدود العلاقة بين الرجل والمرأة يضيف الدكتور الفقيه: فقد صان الإسلام العلاقات بين الأفراد، وحدَّها بسياجٍ يلائم النفسَ البشرية، فحرم العلاقة بين رجلٍ وامرأةٍ إلا في ظل زواج شرعي، وكذلك لا يصح مخاطبة رجلٍ امرأةً ، ولا امرأةٍ رجلا إلا لحاجة. وإن كانت ثَمَّ حاجةٌ داعيةٌ إلى الخطاب بينهما فليكن ذلك في حدود الأدب والأخلاق، قال تعالى: ( وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن ). [الاحزاب: 53]. وقال تعالى: ( إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا ). [ الأحزاب 32]. والخطاب قد يكون باللسان والإشارة والكتابة، فهو عبارة عن كل ما يبين عن مقصود الإنسان. قال تعالى: ( قال آيتُك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا ). [آل عمران:41]. وقال الشاعر: إن الكلام لفي الفؤاد وإنما... جعل اللسان على الفؤاد دليلا
فالواجب على المسلمين الحذر من مخاطبة النساء عبر ما يعرف بمواقع الصداقة على الإنترنت، فذلك من طرق الشيطان وسبل الغواية قال تعالى : (يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان، ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر) .[ النور: 21] .وإذا كانت الصداقة بالواسطة ممنوعة محرمة، فإن كل علاقة أو صداقة أكثر قرباً ومباشرة، كالصداقة عبر الهاتف، أو اللقاء المباشر، أو غير ذلك أشد تحريماً وأعظم خطراً، والله أعلم.
ـ الشات بين الجنسين
يقول الشيخ محمد صالح المنجد من علماء الحجاز: لا حرج على المرأة المسلمة في الاستفادة من الإنترنت، ودخول " البالتوك " ما لم يؤد ذلك إلى محذور شرعي، كالمحادثة الخاصة مع الرجال، وذلك لما يترتب على هذه المحادثات من تساهل في الحديث يدعو إلى الإعجاب والافتتان غالبا، ولهذا فإن الواجب هو الحزم والابتعاد عن ذلك، ابتغاء مرضاة الله، وحذرا من عقابه .وكم جَرَّت هذه المحادثات على أهلها من شر وبلاء، حتى أوقعتهم في عشق وهيام، وقادت بعضهم إلى ما هو أعظم من ذلك، والشيطان يخيل للطرفين من أوصاف الطرف الآخر ما يوقعهما به في التعلق المفسد للقلب المفسد لأمور الدنيا والدين .
وقد سدت الشريعة كل الأبواب المفضية إلى الفتنة، ولذلك حرمت الخضوع بالقول، ومنعت الخلوة بين الرجل والمرأة الأجنبية، ولا شك أن هذه المحادثات الخاصة لا تعتبر خلوة لأمن الإنسان من إطلاع الآخر عليه، غير أنها من أعظم أسباب الفتنة كما هو مشاهد.
ويقول الشيخ عبد الخالق الشريف- من علماء مصر- لشاب سأله عن نفس السؤال :-ما الغرض من هذه المحادثة، وإذا كان بغية التبادل الثقافي والفكري والمعرفي والمحاورة، فلماذا لا يكون مع شاب مسلم، وماذا أنت قائل لشاب يفعل ذلك مع أختك أنت، واعلم أن الشاعر قد قال: كل الأشياء مبدأها من النظر ومعظم النار من مستصغر الشرر... فالنار العظيمة التي تحرق المدن لا تبدأ إلا بشرارة قليلة، وقد قال شوقي: نظرة فابتسامة فسلام فكلام فموعد فلقاء ..فابتعد واستمع إلى هذا الحديث المتفق على صحته "الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور متشابهات لا يعلمها كثير من الناس فمن بعد عن الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات فقد وقع في الحرام"، أسأل الله أن يحفظك وأبناءنا وشباب المسلمين من هذا كله.
ويقول الشيخ عبد الخالق الشريف في فتوى أخرى: فإن الله خلق هذا الجنس البشري من الرجال والنساء وجعل كل طرف يميل إلى الآخر بغريزة أودعت في النفس لبقاء النسل، ولبقاء هذه الحياة، ولقد حدد الإسلام طريقة ومنهج العلاقة التي يجب أن تكون بين الذكر والأنثى، فإما أنها علاقة مع المحارم كالأمهات والبنات، أو علاقة مع ما أحلها الله له من الزوجات بضوابطها الشرعية، أما كل علاقة بين الرجل والمرأة خارج هذا النطاق، فلا تتم من المسلم إلا على سبيل الاضطرار أو الحاجة، كشهادة المرأة أمام قاضٍ في محكمة، أو ما يضطر إليه مما لا يملك تغييره، كمدرس متدين عُيِّن في الجامعة يدرس للذكور والإناث، وفي هذه الحالة الاضطرارية يجب ألا تكون العلاقة إلا عابرة وفي حدود التعلم والتعليم، لأن الاختلاط منهي عنه شرعاً، فإذا تطور إلى الخلوة كان محرماً، وعلى هذا الأمر فإنه لا يوجد ما يُسمَّى علاقة عادية مع البنات، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يهدينا جميعاً إلى الحق.
ـ أسماء الفتيات في المنتديات
سؤال :كثيرا ما نجد بعض الفتيات في المنتديات التي تقام على الشبكة العنكبوتية، يطلقون على أنفسهم أسماء مستعارة مثل الدلوعة ـ الحبوبة ـ عاشقة الحب، كما نجد الشباب يرحبون بالفتيات بعبارات مشينة فهل يجوز لهم هذا الفعل؟ وجزاكم الله خيرا
يرد على ذلك الشيخ حامد العلي :الكتابة تحت اسم مستعار من التقاليد الصحافية العتيقة، ولا بأس من استخدام الأسماء المستعارة لكن الذي لا يجوز للفتاة هو أن تطلق على نفسها هذه الأسماء المستعارة التي تهدف من ورائها جذب أنظار الشباب، لأن من أهم شروط إباحة التخاطب بين الجنسين التزام الأدب الشّرعي وعفّة اللسان. هذا كله يخالف الآداب التي أُمرنا بها في العلاقة بين الجنسين ذلك أن الله تعالى قد بين في آيتين من كتابه تلك الآداب :الآية الأولى قوله تعالى
َإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ (والآية الثانية قوله تعالى (فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَض ( وتدل الآيتان على ثلاثة آداب ، وهدفين مقصودين من تشريع هذه الآداب :
الأدبالأول: أن يكون الخطاب عند الحاجة (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا).
والأدبالثاني: يكون من وراء حجاب أي تكون المرأة متحجبة غير متبرجة.
والأدبالثالث: أن تتحدث المرأة حديثا جادا محتشما ليس فيه تمييع ولا تجميل وترقيق للصوت.
أما الهدفان المقصودان من هذه الآداب فهما :1ـ تطهير قلوب المؤمنين من دنس الفواحش 2ـ تحذير المرأة المحتشمة من الذين في قلوبهم مرض.
إذن يجب أن يكون الحديث عند الحاجة فقط، وعلى قدرها، ومن وراء حجاب ، وبلا خضوع من القول، فالواجب أن يتحلى المسلم وكذا المسلمة بالأدب والوقار والحشمة والأسماء الدالة على ذلك، والابتعاد عما يثير الشبهة والريبة، وما يستميل القلوب من الكلمات والألفاظ التي يزينها الشيطان، ولو تذكر الإنسان أنه لا يرضى لأخته أو ابنته أن تخاطب بلفظ ما أو حتى بطريقة ما فيها إثارة، لأحجمه ذلك أن يسلك هذا السبيل مع بنات الناس.
وننوه هنا إلى أن الرجل الذي يعرف معنى العفة، والذي تلقى أدب الإسلام وعرف قيمة الأخت المسلمة ومكانتها في الإسلام، يترفع بفطرته عن أن يبدو منه أي لفظ أو لهجة أو أسلوب خطاب يبدو فيه أنه يستميل بخضوع وميوعة فتاة أو امرأة لا تحل له، وكذلك المرأة، ولا يسلك هذا السبيل المشين إلا من في قلبه مرض ومن انحطت مرتبته في العفة، فهو يتطلع بقلب مريض زين فيه الشيطان حب المعصية.
سؤال: هو ما حكم تحدث الشابة مع شاب عبر الماسنجر وذلك من دون أن يراها أو يسمع صوتها وتكون بشكل الكتابة طبعا، هل في ذلك حرام.. والقصد من العلاقة تكون علاقة أخوة وصداقة وتعاون مشترك، علما بأن الكثير من الفتيات الآن لديهم صداقات كثيرة مع الشباب عبر الماسنجر وأشكركم .
أجاب على ذلك الشيخ عبد الرحمن السحيم : جاءت الشريعة بقواعد وكليّات تصلح لكل زمان ومكان ، كما قرر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله– . ومن قواعد الشريعة : قاعدة : سدّ الذرائع .وقاعدة : درء المفاسد مُقدّم على جلب المصالح .وما أفضى إلى مُحرّم فهو مُحرّم . وفي ضوء هذه القواعد نعلم حُكم المُحادثة بين الجنسين عبر برنامج المحادثة ( الماسنجر) ولو كان ذلك عن طريق الكتابة ومثله غرف الدردشة، وهو ما يُسمّى بـ " الشات " فيجب أن يُغلق الباب ، وأن ذلك من باب سدّ الذرائع والوسائل التي تؤدي إلى ارتكاب ما حرّم الله . ثم إذا تصوّر متصوّر، أو زيّن له الشيطان هذا العمل بحكم الصداقة أو التعارف بقصد الزواج، فهذه مصلحة موهومة مُتخَـيّـلة، ودرء ودفع المفاسد يُقدّم على جلب المصالح، ولذا حُرّمت الخمر مع ما فيها من منافع، إلا أن ما فيها من الإثم أكبر من منافعها، وكذلك الأمر بالنسبة للميسر . قال سبحانه وتعالى : ( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا ) الآية . وكم أدّت تلك المحادثات إلى الوقوع في الحرام، وأفضت إليه .وما أفضى إلى حرام فهو حرام . والذين يصطادون في الماء العكر أكثر من الصالحين .ويكفي أن يُلقي الإنسان نظرة على غرفة دردشة ليرى بنفسه، أن تلك الغرف لا يوجد فيها – غالباً – حديث جاد أو نافع مُثمر .وقد يقول البعض من الشباب أو من الفتيات : إنني أثق بنفسي !فيُقال له أو لها : إنه لا يجوز للمسلم أن يمتحن إيمانه في مواطن الفتن، لأنها مظنّـة الزيغ .ولذا قال عليه الصلاة والسلام : من سمع منكم بخروج الدجال فلينأ عنه ما استطاع، فإن الرجل يأتيه وهو يحسب أنه مؤمن، فما يزال به حتى يتبعه مما يرى من الشبهات. رواه أبو داود وغيره . ومعنى ( فلينأ ) أي ليبتعد عن مواطن الفتنة .ثم إن حسن القصد لا يُبرر العمل أو يجعل ارتكابه سائغا ولذا فإن من المتعيّن إغلاق هذا الباب لئلا تقع الفتاة أو الشاب في المحذور .والله تعالى أعلى وأعلم .
* توصيـات
وبعد طائفة عطرة من أقوال علماء الأمة،، نستخلص أهم الضوابط الشرعية في مجال المحادثة بين الجنسين عبر الانترنت.
أ - عدم استخدام الصورة بأي حال:
أولاً : لأن هذا ليس له حاجة مطلقاً، فالكتابة تغني وتكفي.
ثانياً: لأن هذا مدخل عظيم من مداخل الشيطان، في تزيين الباطل وتهوينه على النفس. قد يستغرب بعض الإخوة، ويتساءل: وهل هذه الفكرة واردة أصلاً؟
والجواب: جيد بالمرة ألا تكون الفكرة واردة، لكن الذي يعرف طرق الغواية، ويعرف مداخل الشيطان على النفس الإنسانية لا يستغرب شيئاً، بل وأكثر من ذلك.. إن النفس المريضة أحياناً تُلبس الخطأ المحض الصريح لبوس الخير والقصد الحسن، نحن نخدع أنفسنا كثيراً.
ب – الاكتفاء بالخط والكتابة، دون محادثة شفوية
وإذا احتيج إلى المحادثة فيراعى فيها الأمر الرباني " فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفاً" [الأحزاب : 32].
وإذا كان هذا لأزواج النبي -صلى الله عليه وسلم-، فكيف بغيرهن من النساء؟ وإذا كان هذا في عهد النبوة، فكيف بعصور الشهوة والفتنة؟
ج – الجدية في التناول، وعدم الاسترسال في أحاديث لا طائل من ورائها، وبالصدق.
فالكثيرون يتسلون بمجرد الحديث مع الجنس الآخر، بغض النظر عن موضوع الحديث، يهم الرجل أن يسمع صوت أنثى، خاصة إذا كان جميلاً رقيقاً، ويهم الأنثى مثل ذلك، فالنساء شقائق الرجال، ويهم كلاً منهم أن يحادث الآخر، ولو كتابياً. فليكن الطرح جاداً، بعيداً عن الهزل والتميّع.
د- الحذر واليقظة وعدم الاستغفال.
فالذين تواجهينهم في الإنترنت أشباح في الغالب، فالرجل يدخل باسم فتاة، والفتاة تقدم نفسها على أنها رجل، ثم ما المذهب؟ ما المشرب؟ ما البلد؟ ما النية؟ ما الثقافة؟ ما العمل؟.. إلخ كل ذلك غير معروف. وأنبه الأخوات الكريمات خاصة إلى خطورة الموقف: فإن المرأة سرعان ما تصدق، وتنخدع بزخرف القول، وربما أوقعها الصياد في شباكه، فهو مرة ناصح أمين، وهو مرة أخرى ضحية تئن وتبحث عن منقذ، وهو ثالثة أعزب يبحث عن شريكة الحياة، وهو رابعة مريض يريد الشفاء.
هـ – وأنصح بعناية الأخوات العاملات في مجال الإنترنت في التواصل بينهن، بحيث يحققن قدراً من التعاون في هذا الميدان الخطير، ويتبادلن الخبرات، ويتعاون في المشاركة، والمرء ضعيف بنفسه، قوي بإخوانه، والله – تعالى - يقول: " والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر " [العصر : 1 – 3]. روى الطبراني في (معجمه الأوسط 5120)، والبيهقي في (شعب الإيمان 9057) عن أبي مليكة الدارمي، وكانت له صحبة، قال: كان الرجلان من أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم - إذا التقيا لم يتفرقا حتى يقرأ أحدهما على الآخر سورة العصر، ثم يسلم أحدهما على الآخر، (الدر المنثور 8/621) . كما أنصح الأخوات أن يجعلن جل همهن العناية بدعوة النساء ونصحهن، وتقديم الخدمات لهن من خلال هذا الحقل، والسعي في إصلاحهن، وليكن ذلك بطريقة لطيفة غير مباشرة، فالتوجيه المباشر قد يستثير عوامل الرفض والتحدي في بعض الحالات، لأن الناصح يبدو كما لو كان في مقام أعلى وأعلم، والمنصوح في مقام أدنى وأدون، فليكن لنا من لطف القول، وحسن التأتي، وطول البال، والصبر الجميل، ما نذلل به عقبات النفوس الأبية، ونروض بها الطبائع العصية