اسلام ويب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

من فقه الدعاء يقول سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "أنا لا أحمل همَّ الإجابة، وإنما أحمل همَّّ الدعاء، فإذا أُلهمت الدعاء كانت الإجابة معه". وهذا فهم عميق أصيل ، فليس كل دعاء مجابًا، فمن الناس من يدعو على الآخرين طالبًا إنزال الأذى بهم ؛ لأنهم ينافسونه في تجارة ، أو لأن رزقهم أوسع منه ، وكل دعاء من هذا القبيل ، مردود على صاحبه لأنه باطل وعدوان على الآخرين. والدعاء مخ العبادة ، وقمة الإيمان ، وسرّ المناجاة بين العبد وربه ، والدعاء سهم من سهام الله ، ودعاء السحر سهام القدر، فإذا انطلق من قلوب ناظرة إلى ربها ، راغبة فيما عنده ، لم يكن لها دون عرش الله مكان. جلس عمر بن الخطاب يومًا على كومة من الرمل ، بعد أن أجهده السعي والطواف على الرعية ، والنظر في مصالح المسلمين ، ثم اتجه إلى الله وقال: "اللهم قد كبرت سني ، ووهنت قوتي ، وفشت رعيتي ، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفتون ، واكتب لي الشهادة في سبيلك ، والموت في بلد رسولك". انظر إلى هذا الدعاء ، أي طلب من الدنيا طلبه عمر، وأي شهوة من شهوات الدنيا في هذا الدعاء ، إنها الهمم العالية ، والنفوس الكبيرة ، لا تتعلق أبدًا بشيء من عرض هذه الحياة ، وصعد هذا الدعاء من قلب رجل يسوس الشرق والغرب ، ويخطب وده الجميع ، حتى قال فيه القائل: يا من رأى عمرًا تكسوه بردته ** والزيت أدم له والكوخ مأواه يهتز كسرى على كرسيه فرقًا ** من بأسه وملوك الروم تخشاه ماذا يرجو عمر من الله في دعائه ؟ إنه يشكو إليه ضعف قوته ، وثقل الواجبات والأعباء ، ويدعو ربه أن يحفظه من الفتن ، والتقصير في حق الأمة ، ثم يتطلع إلى منزلة الشهادة في سبيله ، والموت في بلد رسوله ، فما أجمل هذه الغاية ، وما أعظم هذه العاطفة التي تمتلئ حبًا وحنينًا إلى رسول الله - صل الله عليهلم -: (أن يكون مثواه بجواره). يقول معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: "يا بن آدم أنت محتاج إلى نصيبك من الدنيا ، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج ، فإن بدأت بنصيبك من الآخرة ، مرّ بنصيبك من الدنيا فانتظمها انتظامًا ، وإن بدأت بنصيبك من الدنيا ، فائت نصيبك من الآخرة ، وأنت من الدنيا على خطر). وروى الترمذي بسنده عن النبي - صل الله عليهلم -: أنه قال: ((من أصبح والآخرة أكبر همه جمع الله له شمله ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن أصبح والدنيا أكبر همه فرَّق الله عليه ضيعته ، وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له)). وأخيرًا .. أرأيت كيف أُلهم عمر الدعاء وكانت الإجابة معه ، وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186)" (البقرة:186).


 

  إسرائيل تحصد ميداليات مؤتمر السلام!

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة


avatar


نقــاط : 100265
	إسرائيل تحصد ميداليات مؤتمر السلام! Oooo14
	إسرائيل تحصد ميداليات مؤتمر السلام! User_o10

	إسرائيل تحصد ميداليات مؤتمر السلام! Empty
مُساهمةموضوع: إسرائيل تحصد ميداليات مؤتمر السلام!   	إسرائيل تحصد ميداليات مؤتمر السلام! Emptyالأربعاء 12 يونيو 2013 - 19:52


إسرائيل تحصد ميداليات مؤتمر السلام!

لقد حقَّق اليهود -ولا زالوا يحققون- مكاسب كبرى في كل عملية سلام يحاولها العرب، وأبرز هذه المكاسب ما يلي:

أولاً: الاعتـراف الواضح المطلـق بإسـرائيل، وحقها في الوجود:

ولذلك يقول (بيريز) في مقابلة مع جريدة الأهرام المصرية عقب بداية مفاوضات السلام: "العالم العربي قريب جدًّا من الاعتراف بإسرائيل، مما لا يعني فقط إنجاز السلام؛ بل دخول مرحلة جديدة أيضًا"، يقصد بهذه المرحلة أن العرب أصبحوا يعترفون بأن إسرائيل لها حقوق تاريخية في فلسطين -كما صرح بذلك الوفد المصري-، بمعنى أنهم لم يعودوا يقولون الآن: إن إسرائيل واقع لا مفر من الاعتراف به والتعامل معه، إذ فرض نفسه بالقوة؛ بل أصبحوا الآن يقولون: إن لليهود حقًّا في أرض فلسطين ويجب الاعتراف لهم بهذا الحق، وإقرارهم عليه. وسأعرض لهذه القضية إن شاء الله تعالى.

يقول أحد المؤلفين تعليقًا على هذا الأمر: "إن إجبار العرب على الصلح مع إسرائيل هو هدف حيوي من أهداف السياسة الإسرائيلية، لابد لها من السعي إلى تحقيقه، إذا أرادت التخلص من الوضع الشاذ الذي يستحوذ عليها منذ مولدها عام ثمانية وأربعين إلى الآن.

فإسرائيل لا تستطيع أن تعيش إلى الأبد مع جيران يعادونها، ويرفضون الاعتراف بها، ويقاطعونها سياسيًّا واقتصاديًّا مقاطعة لا هوادة فيها، ويهددون كيانها، ويتربصون بها الدوائر...

والنتيجة الوحيدة للوضع الشاذ لإسرائيل، هي حرب مستديمة لا تتوقف لفترة معينة إلا لتنشب من جديد، والحرب تكلِّف إسرائيل نفقات ضخمة وخسائر جسيمة في الأموال والأرواح، وهذا الأمر لا تطيقه إسرائيل إلى الأبد بحال من الأحوال.

لذا فقد حرص عقلاء اليهود حرصًا بالغًا على بقاء اليهود في الماضي مشتتين في أقطار الدنيا، وعلى عدم تجمعهم في فلسطين؛ لأن بقاءهم في بلاد كثيرة يقيهم من الفناء الذي يتعرضون له إذا تجمعوا في بلد واحد؛ ولأن العرب أو المسلمين إذا ناموا ساعة فلن يناموا إلى قيام الساعة، فإذا عرف العرب طريقهم وساروا عليه، فإنهم سيقضون على إسرائيل عاجلاً أو آجلاً.

ثم يسترسل المؤلف قائلاً: لقد توقع زعماء الصهاينة أن العرب سيرضخون للأمر الواقع بعد مولد إسرائيل عام ثمانية وأربعين ويعترفون بها، ولكن الحوادث أثبتت عكس ذلك؛ إذ إن حقد العرب والمسلمين المقدَّس -كما يقول المؤلف- ازداد على إسرائيل شدة واضطرامًا مع مرور الأيام.

والمسؤولون العرب أول من يعرف استحالة الاعتراف بإسرائيل أو مصالحتها من قبل الشعوب، والذي يُقْدم على الاعتراف بها أو مصالحتها من هؤلاء المسؤولين يخسر مكانته بين شعبه، وبين العرب والمسلمين، ثم يخسر سلطانه وحياته أيضًا.

لذلك لن يعترف المسلمون بإسرائيل مختارين أبدًا، ولكي تجبر إسرائيل العرب على الصلح معها والاعتراف بكيانها، فقد لجأت إلى وسائل العنف، فاعتدت على الدول العربية العديد من المرات...".

والمقصود أن من أهم وأعظم مكاسب إسرائيل من السلام هو اعتراف العرب بها، وإقرارهم بوجودها، وأن لها الحق في أن تقيم في أرض فلسطين، وأن تنادي اليهود من كل مكان في الدنيا؛ حتى يهاجروا إلى هذه البقعة من الأرض الإسلامية.



ثانيًا: كسر العزلة بين إسرائيل وعدد من بلاد العالم:

فقد كانت هناك عزلة اقتصادية وعلمية بين إسرائيل وبين روسيا وكثير من بلاد أوروبا، لكن الآن هناك زيارات متبادلة بين المجموعة الأوروبية وبين إسرائيل، بعد أن كان جزء من الرأي العام الأوروبي قد نبذ إسرائيل قبل أزمة الخليج، وقد أدى هذا الأمر إلى اتساع مجال التعاون بين الجانبين الإسرائيلي والأوروبي، ونمو الآفاق العريضة لتطويره في الأعوام المقبلة؛ إذ إن إسرائيل مرشحة لعضوية النادي الاقتصادي الأوربي.

كما كان من ضمن التنازلات، قيامها بتأسيس وتدشين([1]) وتأييد قيام أكبر حركة تهجير للسوفييت اليهود إلى إسرائيل حتى الآن، وبذلك كسرت إسرائيل طوق العزلة العالمية التي كانت تضرب عليها في عدد من بلاد العالم.



ثالثًا: دفع الركود الاقتصادي الذي تعاني منه إسرائيل:

فالركود الاقتصادي كان يهدد اقتصاد إسرائيل في كل لحظة، مما يؤثر بطبيعة الحال على التسليح خاصة، ومن المعلوم أن سعر الأسلحة المتطورة قد ارتفع كثيرًا، وأصبح من الصعب على إسـرائيل توفيره في ظل ظروف الركود الاقتصادي الذي كانت تعيشه

ومن المعلوم أيضًا أنه لكي يُضمن نجاح وتقدم اقتصادي لابد من وجود استقرار سياسـي، أي أن رؤوس الأموال لا يمكـن أن تهاجر من العالم إلى إسـرائيل وهي بلد قلق مضطرب، يمكن أن يتغير أو تُشنُّ عليه حرب في أي لحظة، فلابد أن يضمن المسـتثمرون وجود قدر من الاستقرار السياسي والأمن الاقتصادي؛ لتوظيف رؤوس أموالهم التي يمكن أن تهاجر إلى إسرائيل.

وهذه من أعظم المكاسب التي سوف تحصل عليها إسرائيل، خاصة أنه - وفي ظل الهجرة اليهودية المكثفة إلى إسرائيل- لو وجد المهاجرون ظروفًا اقتصادية صعبة فمن الممكن أن يرجعوا، ويكون هناك ما يُسمَّى بهجرة معاكسة، أي خروج اليهود من إسرائيل إلى المكان الذي هاجروا منه، فإذا ما استقر الوضع اقتصاديًّا كانت إسرائيل هي البيئة المناسبة لاستقبالهم واستقرارهم فيها.

لهذا لا نستغرب إذا نادى شيمون بيريز -وهو زعيم حزب العمل- بإمكانية أن يتخلى اليهود عن غزة وبعض أراضي الضفة الغربية المكتظة بالعرب؛ لكي تدمج في اتحاد فيدرالي أردني فلسطيني! هذه فكرته، أما لماذا؟ فقد جاء الجواب على هذا في قوله: "لكن نحن إذ نتخلى عن بعض حقوقنا هنا -فجعلها حقًّا لهم-، نكون قد أدَّينا واجبنا تاريخيًّا تجاه أنفسنا، فأولاً ستحافظ إسرائيل -كما يقول- على نقائها العرقي وهويتها الدينية من هؤلاء الدخلاء، وبذلك تستطيع أن تحكم العرب جميعًا وليس فلسطين وحدها".

ولنلاحظ قوله: الدخلاء، فهو يَعُدُّ العرب المسلمين دخلاء -من الناحية العرقية والدينية- في مثل جو إسرائيل وبيئتها؛ ولذلك إذا تخلَّى عن هذه الأراضي ذات الكثافة الإسلامية والعربية، يكون قد تخلَّص من هؤلاء الدخلاء الذين يشكِّلون شيئًا غير مرضي عنه، ولا مرغوب فيه، يعكر نقاء العنصر الإسرائيلي -كما يزعم-، وفي الوقت نفسه فإنها تفتح أمام إسرائيل الأبواب المغلقة.

وهناك اتجاه آخر لبعض زعماء إسرائيل، حيث يطالبون بعدم التخلي عن شبر واحد من أرض فلسطين، والفرق بين هؤلاء وأولئك -كما عبَّر أحدهم- هو فرق بين زعامتين: إحداهما عجولة متسرعة، تريد أكل العرب بيديها وبسرعة، والأخرى متأنية بطيئة حكيمة، تريد أكل العرب والمسلمين بالشوكة والسكين، وإلا فهم متفقون على الأكل، لكن مختلفون في الطريقة.

فإسحاق شامير([2]) يمثِّل صـورة الذي يريد أن يلتهم المسلمين بكلتا يديه وبسرعة؛ لذلك لما استقبل المهاجرين السوفييت، ورأى جموع اليهود تفد إلى إسرائيل، أصابه ذلك بفرح غامر وسرور لا حدود له، فانطلق يتحدث على سجيته، في لحظة من لحظات الانفعال والتجلي العاطفي، بعيدًا عن الأساليب الدبلوماسية الرسمية، وقال وهو يخـاطب المهاجرين: "إن إسرائيل الكبرى من البحر إلى النهر هي عقيدتي، وحلمي الشخصي، وبدون هذا الكيان لن تكتمل الهجرة، ولا الصعود إلى أرض الميعاد، ولا أمن الإسرائيليين وسلامتهم".



رابعًا: إزالة آثار المقاطعة السياسية والثقافية والحدودية مع العرب:

فتلك المقاطعة تؤثر سلبيًّا في صعوبة نقل السلع الإسرائيلية؛ لأنها لا يمكن أن تنقل عبر البر بسبب المحاصرة العربية، بينما يمكن أن تنقل جوًّا بصعوبة، مما يجعل أسعارها مرتفعة، وغير قادرة على المنافسة في الأسواق العالمية، وبالتالي يصاب الاقتصاد اليهودي بشيء من الكساد.

فإذا زالت هذه المقاطعة، أمكن أن تنقل إسرائيل بضائعها عبر الأراضي العربية؛ بل أمكن أن تنقل بضائعها إلى البلاد العربية نفسها، بحيث تكون الأسواق العربية مفتوحة على مصاريعها للبضائع والمنتجات والصناعات الإسرائيلية.

إن منع التواصل بين اليهود وبين العرب والمسلمين في هذه الرقعة يضر بإسرائيل كثيرًا، فهم حريصون أشد الحرص على فتح الحدود، فيأتي اليهود إلى البلاد العربية، ويذهب العرب والمسلمون إلى إسرائيل دون أي تحفظ.

إن إسرائيل تريد أن تكون حدودها مفتوحة للمسلمين، وحدود البلاد الإسلامية والعربية مفتوحة لها، وهذا يفسِّر حرص إسرائيل على عقد المؤتمر أو بعض جلساته -كما يقولون هم- في الشرق الأوسـط؛ ذلك لأن من أهم مقاصدهم أن يأتي العرب إلى إسرائيل، أو حتى أن يذهب اليهود إلى أي بلد عربي آخر كالأردن مثلاً، أو لبنان أو سوريا، أو أي بلد عربي آخر حتى تعقد المفاوضات هناك.

فاليهود يرون أن من أهم مكاسبهم اعتراف العرب بإسرائيل، وأن تكون العلاقات بينهم طبعية، بعيدًا عن تجنب إسرائيل أو مقاطعتها؛ لذلك فهم يعدون عقد المفاوضات في إحدى البلاد العربية تمهيدًا لكسر هذه الحواجز الحدودية.

وقد دعا بيريز في مقال له عن آفاق التعاون الإقليمي، إلى التعاون بين دول المنطقة العربية وغير العربية، وقال: "إن هذا التعاون يمكن أن يقوم على المعرفة والمهارة والتقنية اليهودية، وعلى النفط والسوق العربيين، وعلى المياه التركية، فهذا هو التكامل". وأحيانًا يصرِّحون بأخذ العمالة البشرية ورؤوس الأموال من البلاد العربية، والخبرة والعقول من اليهود.

هذه نظرة عنصرية فوقية، تستهدف الاستحواذ على الثروة النفطية وعلى الطاقات الإسلامية، وكأن المسلمين ليسوا مؤهلين الآن ولا مستقبلاً للإفادة من هذه الطاقة، فيحتاجون إلى أن يتولى اليهود بمعرفتهم ومهارتهم -فيما يزعمون- الانتفاع بها.

ومن أهم نتائج ذلك -كما هو ظاهر- غزو الأسواق بالمنتجات اليهودية التي كانت تقاطع بالأمس، وفتح الطريق أمام علاقات دبلوماسية مع اليهود، وإقامة سفارات أو قنصليات -كما هو مطروح-، وهو ما يسمى بالتطبيع، وللحديث عنه مواضع أخرى إن شاء الله تعالى؛ لأنه من أهم القضايا التي تبنى على عملية السلام.

كذلك فتح الباب أمام السياح اليهود كي يأتوا إلى البلاد العربية؛ بل ومن حقهم أن يزوروا حتى الأماكن الدينية والأثرية والتاريخية على حد سواء مع العرب والمسلمين، وهذه من بنود الصلح الذي عقد في مؤتمر كامب ديفيد كما سيأتي.

أما التعامل الثقافي فجانب مهم من جوانب التطبيع، وخلاصته إنهاء حالة العداء مع اليهود، ولعل مما يظهر ذلك العناق الحار الذي رؤي وشوهد في أكثر من مكان بين الوفد الإسرائيلي ومجموعات من الوفود العربية، والابتسامات العريضة التي كست وجوه بعض العرب، والتي كانت بعرض المصيبة التي أصابت الأمة الإسلامية، لا من اليهود -فليس غريبًا أن يحارب اليهود أمة الإسلام و يكيدوا لها-، لكن من هؤلاء الذين ذهبوا إلى مدريد، وصافحوا وعانقوا الوفد الإسرائيلي، واتفقوا معه على بيع أرض المسلمين (بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ) [يوسف:20].



خامسًا: حرب المياه:

إن إسرائيل تخطِّط للمستقبل القريب والبعيد، ومن المعروف أنها الآن تستهلك من المياه خمسة أضعاف ما يستهلكه العرب كلهم، وإنما غزت إسرائيل لبنان للسيطرة على منابع بعض الأنهار؛ كنهر الليطاني، والحصباني، والوزاني، وغيرها، حتى إن بعضهم يقول: إن إسرائيل من الممكن أن ترفع شعار: "الماء مقابل السلام"؛ لأنه شريان حيوي هام، فلا حياة إلا بالماء، كما قال الله - عز وجل -: (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ) [الأنبياء:30]، فالماء أمر ضروري ضرورة الهواء لوجود الإنسان، والإسرائيليون تمكنوا من سرقة مليون وثلاث مئة ألف متر مكعب من مياه الأنهار العربية، بالإضافة إلى مئتي مليون متر مكعب من المياه الجوفية، بطريقتهم الخاصة.

ومما يتوقعه بعض الباحثين -والعلم عند الله تعالى- أنه في القرن القادم سوف يتعرض ألف ومئتي مليون إنسان للعطش؛ بسبب نقص المياه، وغالبية هؤلاء الناس هم في الشرق الأوسط، يعني في البلاد العربية وفي إسرائيل أيضًا.

ولعله من المعروف أنه عُقد في تركيا مؤتمر بعنوان: مؤتمر مياه السلام، وهو يهدف إلى استثمار مياه الأنهار الرئيسة في الشرق الأوسط، وكثير من هذه الأنهار ينبع من بلاد يقع غالبها تحت قبضة الدول الغربية ومن يدور في فلكها، كتركيا مثلاً التي تنبع منها عدة أنهار هي التي تسقي البلاد العربية.

ومما جاء في هذا المؤتمر: أنه من الممكن أن تستثمر تركيا مياه الفرات، وتتحكم فيها، وتبيعها إلى إسرائيل بكميات هائلة مقابل شيء آخر، وقد عرضت تركيا بيع هذه المياه على العرب مقابل النفط، حيث المياه أهم من النفط؛ لأن النفط يمكن الاستغناء عنه، لكن الماء لا يمكن الاستغناء عنه.

وفرصة بيع المياه التركية إلى إسرائيل لو حصلت فستكون مناسبة لدمج إسرائيل بالمنطقة العربية من الناحية الاقتصادية عن طريق التعاون البري، كما تم التعاون من قبل في موضوع يعد - في نظرهم - بريئًا وهو ما يسمى بحماية البيئة.

فإذا عرفنا أن العرب يعانون نقصًا في المياه بمقدار أربعة وأربعين بالمئة، وأن منابع المياه يتحكم فيها دول أخرى، وأن إسرائيل تتحكم في جزء كبير من الموارد المائية العربية، وتخطِّط للهيمنة على مواقع المياه في البلاد العربية؛ بل والأفريقية في منابع نهر النيل؛ ظهر مدى الخطر الذي يتهدد العرب في أحد أهم مقومات حياتهم.



.الخسائر العربية من جرَّاء التفاوض مع اليهود:

في مقابل هذه المكاسـب الإسرائيلية، وغيرها من المكاسب التي لا يمكن حصرها، فهناك خسائر عربية كبيرة، منها:

- أولاً: دخول كل دولة من الدول العربية على حدة في مفاوضتها لإسرائيل دون الدول الأخرى، وبكل تأكيد فإن هذا التمزيق الذي تسعى إليه إسرائيل لن يُمكِّن العرب من استرجـاع هويتهم الجماعية([3]).

إذن ينبغي أن يُعرف أن إسرائيل تحرص على تفتيت الدول العربية إلى دويلات صغيرة أكثر مما هي عليه الآن، وقد جاءت تقارير عديدة تؤكِّد ذلك، منها مقال غاية في الغرابة للدكتور عبد الله بن فهد النفيسي تعجبت وذهلت بعدما قرأته، وأظن أن المقال كُتب عام 1406هـ بعنوان: "إسرائيل والخليج".

وقد جاء فيه مما يتعلق بهذا الموضوع: "أكد موسـى ساريد رئيس وزراء إسرائيل الأسبق في مذكراته أنه لكي تبقى إسرائيل فلابد من تحقيق هدفين مهمين:

أولهما: أن تصبح إسرائيل قوة إقليمية مهيمنة، تتمتع دائمًا بالتفوق العسكري على العرب.

وثانيهما: أن تفرض إسرائيل تقسيم المنطقة إلى دويلات صغيرة، ضعيفة ومفككة".

لقد كتب ساريد هذا الكلام في الخمسينات، ومن يتفحص واقع الصراع العربي الإسرائيلي لا يحتاج إلى كثير ذكاء كي يعرف أن إسرائيل نجحت في تحقيق الهدف الأول نجاحًا واضحًا، وأنها مستمرة في تحقيق الهدف الثاني.

فقد طرح ساريد وابن جوريون([4]) عدة أفكار لتحقيق الخطوة الثانية، أي تقسيم المنطقة الإسلامية إلى دويلات صغيرة ضعيفة ومفككة، تارة تحت شعار طائفي أو عـرقي أو غير ذلك، وقد طرحوا آراء لتقسيم لبنان وسوريا والعراق والأردن ومصر... الخ.

إذن هم يرون أن من أهم مكاسبهم تمزيق العرب والمسلمين إلى دويلات صغيرة مفككة ومشتتة؛ بل ومتناحرة فيما بينها، وذلك بإيجاد التناقضات بينهم.

وهذا ما حصل في مؤتمر السلام، فقد دخلت كل دولة من الدول العربية على حدة في مفاوضات مع إسرائيل، وكانت إسرائيل غير ملزمة بأن تتفاوض مع الجميع، فتتفاوض مع من تريد وترفض مفاوضة من لا تريد، فمن الممكن جدًّا أن ترفض التفاوض مع الفلسطينيين مثلاً، أو السوريين، أو أي طائفة أو دولة لا ترضى بالتفاوض معها.



- ثانيًا: بدت إسرائيل وكأنها هي التي تنظِّم المؤتمر، وتدير شؤون العرب فيه، فهي التي تحدِّد الوفد الفلسطيني مثلاً، وترفض أن يكون لهم انتماء إلى منظمة التحرير أو غيرها، وأن يكونوا ممثلين لكل طبقات الفلسطينيين، كما رفضت واشنطن التمثيل المستقل للفلسطينيين بناء على طلب إسرائيل، ورفضت أيضًا إدراج موضوع القدس ضمن القضايا المطروحة، كما رفضت الاعتراف بحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، ورفضت أمريكا أن تطلب من إسرائيل تجميد عمليات الاستيطان التي لازالت قائمة على قدم وساق، حتى قال أحد الوزراء الإسرائيليين: "هناك حملـة اليوم لا مثيل لها في الاستيطان منذ عام ثمانية وأربعين"، وحقًّا لأول مرة تُشن هذه الحملة الضارية من الاستيطان اليهودي؛ لإثبات أقدام اليهود وترسيخها في البلاد التي احتلوها.



- ثالثًا: لو فُرض وجود سلام مؤقت فإنه ليس في صالح العرب؛ ذلك أن إسرائيل قد جنَّدت كل أجهزة استخباراتها وكل وسائلها وإمكانياتها؛ لسرقة الأسرار العسكرية والحربية والاقتصادية من أنحاء العالم، وكل يوم يزيدها رسوخًا وثباتًا وعمقًا.

أما بالنسبة للعرب، فإنهم على النقيض من ذلك، فهم يحاولون أن يلتقطوا أنفاسهم، حتى يضمنوا للمواطن شيئًا من طلب الرزق الذي حرم منه في أكثر من بلد، وأصبح يلهث ليله ونهاره بحثًا عنه.

وخلال هذه المفاوضات، استطاعت إسرائيل أن تخترق المجال الجوي لعدد من الدول العربية عدة مرات، وهذا الاختراق له دلالاته، فهو إشارة إلى الذراع الطويلة القوية لإسرائيل لتهديد العرب؛ إشعارًا لهم بأن إسرائيل تتفاوض معهم من موقع قوة، وهو أيضًا رسالة من إسرائيل إلى أمريكا تقول فيها: إن إسرائيل تستطيع أن تستغني عنكم، وليست بحاجة إليكم حتى تدافعوا عنها، فهي قادرة على أن تدافع عن نفسها.

وكذلك الحال بالنسبة للنواحي العسكرية، والاقتصادية، والأخلاقيـة، والاجتماعية، والأمنية، في البلاد الإسلامية والعربية، فإن الوقت فيها عامل سلبي، في حين تُحكم إسرائيل قبضتها لضبط أمـورها، والقضاء على كل التحديات التي تواجهها.



- رابعًا: ومن الخسائر الفادحة والواضحة أنه مع اعتراف العرب بالوجود الإسرائيلي، والجلوس على طاولة المفاوضات، وتقديم قائمة طويلة من التنازلات؛ فإن من المعروف أن هذا المؤتمر أشبه ما يكون بندوة حوار ومناقشة؛ إذ ليس له حق إصدار القرارات، أو التصويت، أو فرض حلول معينة على أحد أطراف النـزاع، وبذلك نعلم أن إسرائيل قد حصدت -كما يقال- ميداليات السلام في هذا المؤتمر، وذهبت بها، وأنها حتى على فرض تقديم تنازلات شكلية فهي الرابح الأول.


----------------------------------------

(1) تدشين: من الدَّشْن وهو كلام عراقي، وليس من كلام أهل البادية، كأنهم يعنون به الثوب الجديد الذي لم يُلبس، أو الدار الجديدة التي لم تُسكن ولا استُعملت. انظر: لسان العرب (4/349).

(2) أحد رؤساء الوزراء السابقين في إسرائيل.

(3) ما ذكرناه هنا من استرجاع الهوية العربية، إنما هو باعتبار منطلق القوم، حيث ينطلقون من منطلق القومية العربية، وليس من منطلق الإسلام.

(4) أحد رؤساء الوزراء السابقين في إسرائيل.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
إسرائيل تحصد ميداليات مؤتمر السلام!
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اسلام ويب :: ۩✖ Known to the islam ۩✖ :: قسم الاسلام واليهوديه-
انتقل الى: