اسلام ويب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

من فقه الدعاء يقول سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "أنا لا أحمل همَّ الإجابة، وإنما أحمل همَّّ الدعاء، فإذا أُلهمت الدعاء كانت الإجابة معه". وهذا فهم عميق أصيل ، فليس كل دعاء مجابًا، فمن الناس من يدعو على الآخرين طالبًا إنزال الأذى بهم ؛ لأنهم ينافسونه في تجارة ، أو لأن رزقهم أوسع منه ، وكل دعاء من هذا القبيل ، مردود على صاحبه لأنه باطل وعدوان على الآخرين. والدعاء مخ العبادة ، وقمة الإيمان ، وسرّ المناجاة بين العبد وربه ، والدعاء سهم من سهام الله ، ودعاء السحر سهام القدر، فإذا انطلق من قلوب ناظرة إلى ربها ، راغبة فيما عنده ، لم يكن لها دون عرش الله مكان. جلس عمر بن الخطاب يومًا على كومة من الرمل ، بعد أن أجهده السعي والطواف على الرعية ، والنظر في مصالح المسلمين ، ثم اتجه إلى الله وقال: "اللهم قد كبرت سني ، ووهنت قوتي ، وفشت رعيتي ، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفتون ، واكتب لي الشهادة في سبيلك ، والموت في بلد رسولك". انظر إلى هذا الدعاء ، أي طلب من الدنيا طلبه عمر، وأي شهوة من شهوات الدنيا في هذا الدعاء ، إنها الهمم العالية ، والنفوس الكبيرة ، لا تتعلق أبدًا بشيء من عرض هذه الحياة ، وصعد هذا الدعاء من قلب رجل يسوس الشرق والغرب ، ويخطب وده الجميع ، حتى قال فيه القائل: يا من رأى عمرًا تكسوه بردته ** والزيت أدم له والكوخ مأواه يهتز كسرى على كرسيه فرقًا ** من بأسه وملوك الروم تخشاه ماذا يرجو عمر من الله في دعائه ؟ إنه يشكو إليه ضعف قوته ، وثقل الواجبات والأعباء ، ويدعو ربه أن يحفظه من الفتن ، والتقصير في حق الأمة ، ثم يتطلع إلى منزلة الشهادة في سبيله ، والموت في بلد رسوله ، فما أجمل هذه الغاية ، وما أعظم هذه العاطفة التي تمتلئ حبًا وحنينًا إلى رسول الله - صل الله عليهلم -: (أن يكون مثواه بجواره). يقول معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: "يا بن آدم أنت محتاج إلى نصيبك من الدنيا ، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج ، فإن بدأت بنصيبك من الآخرة ، مرّ بنصيبك من الدنيا فانتظمها انتظامًا ، وإن بدأت بنصيبك من الدنيا ، فائت نصيبك من الآخرة ، وأنت من الدنيا على خطر). وروى الترمذي بسنده عن النبي - صل الله عليهلم -: أنه قال: ((من أصبح والآخرة أكبر همه جمع الله له شمله ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن أصبح والدنيا أكبر همه فرَّق الله عليه ضيعته ، وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له)). وأخيرًا .. أرأيت كيف أُلهم عمر الدعاء وكانت الإجابة معه ، وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186)" (البقرة:186).


 

  ضوابط محبة الرسول، صلى الله عليه وسلم

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة


avatar


نقــاط : 99970
 ضوابط محبة الرسول، صلى الله عليه وسلم Oooo14
 ضوابط محبة الرسول، صلى الله عليه وسلم User_o10

 ضوابط محبة الرسول، صلى الله عليه وسلم Empty
مُساهمةموضوع: ضوابط محبة الرسول، صلى الله عليه وسلم    ضوابط محبة الرسول، صلى الله عليه وسلم Emptyالجمعة 7 يونيو 2013 - 3:59

إنَّ الحمد لله، نحمدهُ ونستيعنهُ، ونستغفرهُ، ونعوذُ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} [آل عمران: 102]. {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} [النساء: 1]. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} [الأحزاب: 70-71].
أما بعد:
فإن أصدقَ الحديث كتابُ الله، وأحسنَ الهديِ هديُ محمد - صلى الله عليه وسلم - وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعةٌ ضلالةٌ، وكلَّ ضلالةٍ في النار.
ذِكْرَيَاتٌ مَعَ الرَّسُولِ وَشَوْقٌ يَسْتَثِيرُ الشُّجُون مِنْهُ الأَجَلا
كُلَّمَا مَرَّ ذِكْرُهُ فِي فُؤَادِي قَالَ قَلْبُ الْمُحِبِّ أَهْلاً وَسَهْلا
حبُّه - صلى الله عليه وسلم - عبادة، حبه طاعة مفروضة، حبه إيمان وتصديق، يتقرب العبد به إلى الله الواحد الأحد.
* والناس في حبه - صلى الله عليه وسلم - أقسام ثلاثة:
قسم: أحبه - صلى الله عليه وسلم - حبّاً عظيماً، حبّاً شرعيّاً، حبّاً مسنوناً على الكتاب والسنة.
وقسم: جفا على حبه، وأعرض عنه، وعاداه، ونصب له الحرب الشعواء.
وقسم: غلا في حبه، حتى ضل الطريق، وربما خرج بذلك من الملة.
أما الذين جفوا عنه - صلى الله عليه وسلم - فقوم أطفأ الله بصائرهم، وأعمى أفئدتهم، قوم، جعلوه - صلى الله عليه وسلم - حامل لواء الشر في العالم، والمسؤول الأول عن تخلف المسلمين!!
{كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً} [الكهف: 5].
يأتي أحدهم، وهو رجل معتوه، فيصف الرسول عليه الصلاة والسلام بأنه رجعي، وأنه بدوي متخلف، أساء إلى العرب، فهو لا يعرف علم الاجتماع، ولا علم النفس، ولا علم التربية، ولا العمران ..
يا أيها المتكلم، عليك لعنة الله، أرسولنا - صلى الله عليه وسلم - لا يعرف التربية، ولا يعرف النفس، وهو الذي خرج الناس ببعثته من الظلمات إلى النور، ومن عبادة الحجر والشجر، إلى عبادة الله الواحد الأحد، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة؟!
أتطلبون من المختار معجزة يكفيه شعبٌ من الأموات أحياه
أبوك وجدك يا معتوه، كانوا في مقابر الإلحاد، وفي زنزانات الشيوعية، وفي مقابض البغي والعدوان، حتى أخرجهم محمدٌ، عليه الصلاة والسلام، من الذل والمهانة، إلى العزة والكرامة.
لا تَعْجَبَنْ لِحَسُودٍ رَاحَ يُنْكِرُهَا تَجَاهُلاً وَهْوَ عَيْنُ الْحَاذِقِ الْفَهِمِ
قَدْ تُنْكِرُ الْعَيْنُ ضَوْءَ الشَّمْسِ مِنْ رَمَدٍ وَيُنْكِرُ الْفَهْمُ طَعْمَ الْمَاءِ مِنْ سَقَمِ
وهذا دجال آخر يقول في كتابه: إن لأئمتنا مقاماً، لا يصل إليه ملك مقرب، ولا نبيٌّ مرسل!! الأئمة عند هؤلاء، أرفع قدراً، وأكثر تأثيرً في العالم، من الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام.
أيُّ أئمة هؤلاء، أئمة الطقوس، والتمائم، والشعوذة، والسحر، والرشوة، وأكل أموال الناس بالباطل، إنها الخيانة المطلقة، والانسلاخ الواضح، والضلال المبين.
وهذا شاعر الجنس والغرام والضياع، عابد المرأة والكأس والأغنية، لا رفع الله شامته، ولا قبل حجته، تهكم بالشريعة، واستهزأ بالدين، وسخر من الرسالة الخالدة، بينما أتى هذا المجرم، إلى أحد الأصنام والطواغيت فقال له:
مَلأْنَا لَكَ الأَقْدَاحَ يَا مَنْ بِحُبِّهِ سَكِرْنَا كَمَا الصُّوفِيُّ بِاللهِ يَسْكَرُ
فَأَنْتَ أَبُو الثَّوَرَاتِ أَنْتَ وَقُودُهَا وَأَنْتَ لَنَا الْمَهْدِيُّ أَنْتَ الْمُحَرَّرُ
يقول هذا في رجل ضيع العرب والمسلمين، وتوالت علينا الهزائم والنكبات في عهده كالمطر.
ومن هؤلاء – ويا للأسف – أذناب ونابتة، يوجدون في بلادنا، ويشربون ماءنا، ويستنشقون هواءنا، هم أهل الحداثة، ناصبوا محمداً، عليه الصلاة والسلام العداء، واستهزءوا بالقرآن، وسخروا بالسنَّة، وحاربوا شباب الصحوة المباركة، ووصفوهم بالتطرف، والتخلف، والرجعية، وأهل القرون الوسطى!!
* ونقول لهؤلاء، مرة، وثانية، وثالثة، ومائة، أشباب الصحوة هم أهل التطرف، أم أنتم يا دعاة الحداثة؟ يا من روجتم للفاحشة والزنا.
أنتم الذين صدروا المخدرات إلى بلادنا.
أنتم الذين جلبوا كتب استالين، وماركس، ولينين.
أنتم الذين أركب إسرائيل على ظهورنا.
أنتم مخابرات الصهيونية العالمية، والشيوعية، والإلحاد، فلا تتكلموا، ولا تنطقوا بعد هذا أبداً.
* شباب الصحوة، هم أهل القرآن والسنة، شباب الصحوة هم أهل المساجد، هم أحفاد أبي بكر وعمر وعثمان وعليّ، الذين دخلوا التاريخ من أوسع أبوابه.
عُبّادُ لَيْلٍ إِذَا جَنَّ الظَّلامُ بِهِمْ كَمْ عَابِدٍ دَمْعُهُ فِي الْخَدِّ أَجْرَاهُ
وَأُسْدُ غَابٍِ إِذَا نَادَى الْجِهَادُ بِهِمْ هَبُّوا إِلَى الْمَوْتِ يَسْتَجْدُونَ رُؤْيَاهُ
يَا رَبُّ فَابْعَثْ لَنَا مِنْ مِثْلِهِمْ نَفَراً يُشَيِّدُونَ لَنَا مَجْداً أَضَعْنَاهُ
أما الفريق الثاني: ففريق غلا في حب الرسول - صلى الله عليه وسلم - حتى أخرجه هذا الغلو، من دائرة عباد الله الموحدين، إلى دائرة الشرك، والبدعة، والضلال المبين.
فالرسول - صلى الله عليه وسلم - عبد لله، لا يملك لنفسه ضرّاً ولا نفعاً، لا يشفي مريضاً، ولا يعافي مبتلى، ولا يرزق أحداً، وإنما هو عبد الله ورسوله.
فمبلغ العلم فيه أنه بشرٌ وأنه خيرُ خلقِ الله كلهم
* جاءه - صلى الله عليه وسلم - وفد من بني عامر بن صعصعة، فقالوا: أنت سيدنا، فقال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((السيدُ الله - تبارك وتعالى -)) فقالوا: أنت أفضلنا فضلاً، وأعظمنا طَولاً، فقال:
((قولوا بقولكم، أو بعض قولكم، ولا يستَجْرِيَنَّكُمُ الشيطان))[1].
* جاءه أعرابي فقال: يا رسول الله جهِدَت الأنفسُ، وضاعت العيال، ونهكت الأموال، وهلكت الأنعام، فاستسق لنا، فإنا نستشفع بك على الله، ونستشفع بالله عليك.
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ويحك!! أتدري ما تقول؟)) وسبَّح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فما زال يسبح، حتى عرف ذلك في وجوه أصحابه. ثم قال: ((ويحك!! إنه لا يستشفع بالله على أحد من خلقه، شأنُ الله أعظم من ذلك))[2].
* ويحذر النبي - صلى الله عليه وسلم - من الغلو فيه فيقول: ((لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبده، فقولوا عبد الله ورسوله))[3].
* ويقول - صلى الله عليه وسلم - في سكرات الموت: ((اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد))[4].
هذا كلامه - صلى الله عليه وسلم - وهذا تحذيره من إطرائه، والغلو فيه.
أما القبوريون، والمشعوذون من غلاة التصوف، فما سمعوا كلامه، وما التزموا أوامره، حتى سلكوا في حبه طرقاً بدعية، لا توصل إلا إلى غضب الله وسخطه.
يقول البرعي، شاعر اليمن! صوفي، قبوري، غالٍ، أتى إلى قبر النبي عليه الصلاة والسلام في المدينة، فوقف عند القبر يبكي، ويطلب المغفرة من الرسول عليه الصلاة والسلام!! ويقول:
يا رسول الله يا مَنْ ذكرهُ في نهارِ الحشر رَمْزاً ومقاماً
فأقلني عثرتي يا سيدي في اكتساب الذَّنب في خمسين عاماً
سبحان الله! من الذي يقيل العثرات إلا الله؟ ومن الذي يغفر الزلات إلا الله؟ ومن الذي يشافي ويعافي إلا الله؟
{وَاتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لَّا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ ضَرّاً وَلَا نَفْعاً وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُوراً} [الفرقان: 3].
{وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ * بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ} [الزمر: 65-66].
إن هؤلاء الغلاة، من المتصوفة القبوريين، جعلوا محبته - صلى الله عليه وسلم - نشيداً، ورقصاً، وطرباً، وتمايلاً، وشعوذة، ومراسيم ما أنزل الله بها من سلطان.
اذهب إلى المدينة، وانظر ماذا يفعلون في مسجد الرسول - صلى الله عليه وسلم - يحمل أحدهم مسبحة، لا يستطيع الحمار حملها!!، لا يعرف من الإسلام شيئاً يأتي إلى القبر، ويأخذ بالعد في مسبحته ويبكي، ويتمسح بالجدران، ويقبل الحديد، وقد جهل السنَّة، وظن أن النبي - صلى الله عليه وسلم - يغفر الذنوب، ويشفي المرضى، ويرفع الحاجات، ويكشف الضرّ! وهذا فعله، كفعل أبي جهل تماماً.
النبي - صلى الله عليه وسلم - ميتٌ في قبره، وقد حرم الله على الأرض أن تأكل جسمه، لكنه لم يكن يملك لنفسه شيئاً في حياته، فكيف يملك لغيره بعد وفاته؟!
يأتي البوصيري ويقول:
يا أكرمَ الرُّْلِ ما لي مَنْ ألوذ به سواك عند حدوثِ الحَادِثِ العَمَمِ
إِن لم تكن في قيامي آخذاً بيدي فضلاً وإلاَّ فقل يا زلَةَ القدم
ولن يضيقَ – رسول الله – جَاهُك بي إذا الكريمُ تحلّى باسم مُنْتَقِمِ
فإِن من جودِك الدنيا وضُرَّتها ومن عُلومِك علمُ اللوحِ والقلم
فما أبقَى البوصيري لله - عزَّ وجلَّ -؟ جل الله، وتعالى عما يقول المبطلون علوّاً كبيراً {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً} [الكهف: 5].
لقد صرف هؤلاء الغلاة، الناس عن اتباع السنَّة، بمثل هذا الكلام، الذي هو شرك صراح، فتجد أحدهم عند القبر، حليقاً، مسبلاً، يلبس الذهب، يلبس الحرير، مُغنّ، مطبل، مزمر، دينه التمسح بالقبور، يتبرك بقبر البدوي تارة، وبقبر السيدة زينب تارة، وبقبر عبد القادر الجيلاني تارة، لا يعرف قرآناً، ولا سنة، ومع ذلك يزعم أحدهم أنه أعظم ولي لله تعالى، وأنه أشد الناس حبّاً للنبي - صلى الله عليه وسلم -!
* قال تعالى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ} [المائدة: 72].
أما الفريق الثالث، فهم أهل السنة، قوم أنار الله بصائرهم، وفتح للحق قلوبهم، نسأل الله أن يرفع قدرهم، وأن يعلي منزلتهم، وأن يكثر سوادهم.
أحبوه عليه الصلاة والسلام وقالوا: عبد الله ورسوله، يبلغ عن الله، وهو أفضل الخلق، لكنه لا يكشف الضر، ولا يشفي المريض، ولا يجيب السائل؛ لأنه لا يملك ضرّاً ولا نفعاً، ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً.
أحبوه عليه الصلاة والسلام؛ لأن حبه كحلٌ للعينين، وبلسم للأرواح، وتشنيف للآذان، وتضويع للمجالس، وطيب للأنوف. يقول عليه الصلاة والسلام: ((لا يؤمن أحدُكم حتى أكون أحبَّ إليه من ولده وولده والناس أجمعين))[5].
ولذلك فإن أهل السُّنَّة، يحبونه - صلى الله عليه وسلم - حبّاً جَمّاً، حبّاً شرعياً، حبّاً حقيقيّاً. الإمام مالك ما ركب دابة في المدينة احتراماً لثرىً دفن فيه محمدٌ - صلى الله عليه وسلم.
يَا مَنْ تَضَوَّعَ طِيب الْقَاعِ أَعْظُمُه فَطَابَ مِنْ طِيبِ ذَاكَ القَاعُ وَالأُكُمُ
نَفْسِي الْفِدَاءُ لِقَبْرٍ أَنْتَ سَاكِنُهُ فِيهِ الْعَفَافُ وَفِيهِ الْجُودُ وَالْكَرَمُ
يقرأ الإمام مالك كتابه "الموطأ" في أحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - فتلدغه العقرب ثلاث عشرة مرة، فلا يقطع الحديث، فيقول له الناس: يا إمام، رأينا وجهك تغير مرات كثيرة وأنت في المجلس، فقال: لدغتني عقرب وأنا أقرأ الحديث، قالوا: فلم تقطع الحديث؟ قال: استحييتُ أقطع حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أجل نفسي!!
يُسأل سعيد بن المسيب – رحمه الله – عن حديث، وهو في سكرات الموت، فيقول: أجلسوني. قالوا: أنت مريض. قالوا أجلسوني، كيف أسأل عن كلام الحبيب - صلى الله عليه وسلم - وأنا مضطجع!
* يحدث عبد الله بن عمر رضي الله عنه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((لا تمنعوا نساءكم المساجد إذا استأذنَّكم إليها))، فقال بلال ابنه: والله لنَمْنَعُهنَّ! قال الم: فأقبل عليه عبد الله، فسبَّ سبّاً سيئً، ما سمعته سبَّه مثله قطٌّ. وقال: أخبرك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتقول: والله لنمنعهن! وفي رواية: فضرب عبد الله في صدره، وقال: أحدثك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتقول: لا[6].
هذا هو حب الرسول - صلى الله عليه وسلم - حبه عليه الصلاة والسلام طاعته، حبه عليه الصلاة والسلام اتباعه، حبه عليه الصلاة والسلام تعظيم سنته، وتحكيم شريعته.
أما الذين لا يقيمون للسنَّة وزناً، ولا للشريعة كياناً، فليس لهم من حبه - صلى الله عليه وسلم - نصيب.
كيف لا يحب أهل السنَّة محمداً عليه الصلاة والسلام، وقد أحبه الجماد، وبكى لفراقه، وشكى إليه الحيوان ما يجده من الظلم، وأهل السنَّة يرون ذلك.
* كان - صلى الله عليه وسلم - يقوم يوم الجمعة يخطب إلى جذع شجرة أو نخلة، فقالت امرأة من الأنصار، أو رجل: يا رسول الله، ألا نجعل لك منبراً؟ قال: ((إن شئتم)) فجعلوا له منبراً، فلما كان يوم الجمعة، صعد على المنبر، فصاحت النخلة صياح الصبي، ثم نزل النبي - صلى الله عليه وسلم - فضمه إليه، تئن أنين الصبي الذي يُسكَّنُ. قال: ((كانت تبكي على ما كانت تسمع من الذكر عندها))[7].
سمع ذلك أكثر من ألف من الصحابة، فكيف لا يحب أهل السنَّة محمداً - صلى الله عليه وسلم -؟!
* وفي حديث عبد الله بن مسعود قال: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر، فانطلق لحاجته، فرأينا حُمَّرَةً[8] معها فَرْخَانِ، فأخذنا فرخَيْها، فجاءت الحُمَّرةُ فجعلت تفرُشُ[9] فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((من فجع هذه بولدها؟ ردُّوا ولدها إليها))[10].
جَاءَتْ إِلَيْكَ حَمَامَةٌ مُشْتَاقَةٌ تَشْكُو إِلَيْكَ بِقَلْبِ صَبٍّ وَاجِفِ
مَنْ أَخْبَرَ الْوَرْقَاءَ أَنَّ مَقَامَكُمْ حَرَمٌ وَأَنَّكَ مَنْزِلٌ لِلْخَائِفِ
* يدخل النبي - صلى الله عليه وسلم - مزرعة لأحد الأنصار، فإذا جَمَل، فلما رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - حنَّ وذرفت عيناه، فأتاه النبي - صلى الله عليه وسلم - فمسح ذفراه[11] فسكت، فقال: ((من ربُّ هذا الجمل، لمن هذا الجمل؟)) فجاء فتى من الأنصار فقال: لي يا رسول الله، فقال: ((أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي مَلَّككَ الله إياها، فإنه شكى إليَّ أنك تجيعُه، وتُدْئِبُه))[12].
هذا هو حبه - صلى الله عليه وسلم - الذي شمل الإنسان والحيوان والجماد، فكيف لا يحبه أهل السنة، هذا من أسخف الزعم وأبين الكذب.
هذا ولحبه عليه الصلاة والسلام علامات، وصفات، ومؤهلات، نعرض لها في الخطبة الثانية إن شاء الله.
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العزيز الجليل لي ولكم، ولجميع المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه هو التوب الرحيم.


الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، ولي الصالحين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وإمام المتقين، وقدوة الناس أجمعين، وعلى آله وأصحابه والتابعين.

* عباد الله:
إن من ادعى شيئاً، طولب بالبينة، فإذا لم يأت بها فهو كاذب.
وَالدَّعَاوَى مَا لَمْ يُقِيمُوا عَلَيْهَا بَيِّنَاتٍ أَصْحَابُهَا أَدْعِيَاءُ
قال تعالى: {قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة: 111]. وقد ادعى نفر من الناس، وفئام من البشر، محبة الرسول - صلى الله عليه وسلم - فطولبوا بالبينة، فلم تكن لهم بينة، ولو أعطى الناس بدعواهم، لادعى الخليُّ حُرقة الشجي، ولذهب قوم بأموال قوم وبدمائهم لكن جعل الله البينة على المدعي واليمين على من أنكر.
{قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا} [الأنعام: 148].
وقوم من أهل السنة، تابعوا الرسول عليه الصلاة والسلام، ووافوا معه، وحكَّموا شريعته، وقدموا سنته، ولا يطلب من الإنسان أن يكون نسخة مكررة من النبي - صلى الله عليه وسلم - لأن ذلك محال ولأن النقص من طبيعة البشر، و((إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث))[13].
أما هؤلاء الذين يدعون المحبة والقربة، ثم تنظر في أحوالهم، فتجدهم، لا سلوك، ولا عبادة، ولا استقامة، ولا خشوع، إنما هو القول باللسان فقط، ويشهد الله على ما في قلبه، أنه كذب، ودجل، وخرافة.
إن نفراً من اليهود زعموا محبة الله - عزَّ وجلَّ - إلا أنهم لا يتبعون النبي - صلى الله عليه وسلم - فأنزل الله - تبارك وتعالى - قوله: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [آل عمران: 31] فخرسوا، وما قامت لهم قائمة.
فمن علامات حبه - صلى الله عليه وسلم -: اتباع سنته، واقتفاء طريقته، والسير على هديه، فمن لم يتبع سنته - صلى الله عليه وسلم - قولاً، وعملاً، وسلوكاً، وحالاً، وظاهراً، وباطناً، وسرّاً، وعلانية، فهو من أكبر الكذابين، وهو من أعظم الدجاجلة، إذا ادعى محبة الرسول عليه الصلاة والسلام، فمثل هذا لا تسمع له ولا تلتفت إليه، واعلم أنه خائن للشريعة، لا ينظر الله إليه يوم القيامة، ولا يزكيه، وله عذاب أليم.
{لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} [التوبة: 128]. {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21].
ومن علامات حبه - صلى الله عليه وسلم -: الشوق إليه، والحنين إلى رؤياه، والمسارعة إلى تنفيذ أوامره، ولو كلف ذلك فَقْدِ النفس والمال والولد.
ذكر ابن القيم وغيره من أهل العلم[14]، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتى لينحر هديه في حجة الوداع، فأخذ الحربة؛ لينحر النوق وكانت مائة، فأخذت تتسابق إليه أيتها ينحر أولاً!! حبٌّ يكلف النفس، ولكن لا ضير ما دام المحبوب محمداً - صلى الله عليه وسلم.
* وهذا الحب عرفه الصحابة رضوان الله عليهم، عرفه الصديق، يوم هاجر مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخذ يمشي أمامه تارة، وخلفه تارة، وعن يمينه تارة، وعن شماله تارة، حتى إذا كان هناك شيء أو خطر أصابه هو، ولم يُصَب النبي - صلى الله عليه وسلم - بشيء!!
* وذكر ابن كثير في تفسيره، عن ابن جرير الطبري قال: جاء رجل من الأنصار إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو محزون، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((يا فلان؛ ما لي أراك محزوناً)) فقال: يا نبي الله، شيء فكرتُ فيه، فقال: ((ما هو؟)) قال: نحن نغدو عليك ونروح، ننظر إلى وجهك، ونجالسك، وغداً ترفع مع النبيين، فلا نصل إليك، فلم يرد عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئاً، فنزل جبريل بقوله تعالى: {وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقاً} [النساء: 69]. فبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - إليه فبشره[15].
* يأخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - بيد عمر بن الخطاب رضي الله عنه فيقول عمر: يا رسول الله، لأنت أحبّ إليّ من كل شيء إلا نفسي، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لا والذي نفسي بيده، حتى أكون أحبَّ إليك من نفسك))، قال عمر: فأنت الآن والله، أحب إلي من نفسي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((الآن يا عمر))[16]، أي الآن استكملت الإيمان.
ومن علامات حبه - صلى الله عليه وسلم -: عدم الاعتراض على شريعته، أو الاستهانة بشيء من سنته؛ كإماطة الأذى عن الطريق، أو تقصير الثياب، أو إعفاء اللحية، أو الأكل باليمين، أو الشرب جالساً، أو دخول المسجد باليمنى، والخروج باليسرى، أو غير ذلك.
ومن استهزأ بشيء من سنته - صلى الله عليه وسلم - بعد أن علم أنها سنة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو كافر، حلال الدم.
{قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤونَ * لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَآئِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ} [التوبة: 65-66]. {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً} [النساء: 65].
{لَا تَجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء بَعْضِكُم بَعْضاً قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذاً فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63].
ومن علامات حبه - صلى الله عليه وسلم -: كثرة الصلاة والسلام عليه، فالصلاة عليه نور، وإيمان وبرهان لك عند الله يوم القيامة، فضوع بها مجلسك، وعطر بها لسانك، ونور بها قلبك.
نَسِينَا فِي وِدَادِكَ كُلَّ غَالٍ فَأَنْتَ الْيَومَ أَغْلَى مَا لَدَيْنَا
نُلامُ عَلَى مَحَبَّتِكُمْ وَيَكْفِي لَنَا شَرَفٌ نُلامُ وَمَا عَلَيْنَا
ولمَّا نلقَكُم لكنَّ شوقاً يذكِّرُنا فكيف إذا التقينا؟!
تسلَّى الناسُ بالدنيا وإِنَّا لعمرُ الله بعدَكَ ما سَلَيْنَا
* يأتي أُبي بنُ كعب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فيقول: يا رسول الله، إني أكثر الصلاة عليك، فكم أجعل لك من صلاتي – يعني من دعائي – فقال: ((ما شئت)) قلت: الربع؟ قال: ((ما شئت، فإن زدت فهو خيرٌ لك)). قلت: النصف؟ قال: ((ما شئت، فإن زدت فهو خيرٌ لك)). قلت: أجعل لك صلاتي كلها؟ قال: ((إذاً تُكفى هَمَّك ويُغْفَر لك ذنبُك))[17].
فأحسن الدعاء، ما مزج بالصلاة والسلام عليه، فصلى الله وسلم وبارك عليه، ما تعاقب الليل والنهار، وما سالت بوجه الأرض الأنهار، وما تهطلت من السماء الأمصار، وما فاحت في ربُاها الأزهار، وما ذكره الذاكرون، وما غفل عن ذكره الغافلون.
أيها الناس:
صلوا عليه، وأحيوا ذكره بالصلاة عليه، واتباع سنته، ونشرها في الناس؛ تعليماً، وتدريساً، وقتياً، ودعوة، وتبليغاً، وأمراً بالمعروف، ونهياً عن المنكر.
* قال - صلى الله عليه وسلم -: ((بلغوا عني ولو آية))[18].
* وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((نضر الله امرئ سمع منا حديثاً فحفظه، حتى يُبَلِّغَهُ، فربَّ حامل فقهِ إلى من هو أفقه منه، وربَّ حامل فقه ليس بفقيه))[19].
فكتمان العلم، وعدم نشره في الناس، والبخل به، من شيم بني إسرائيل، وهم قوم غضب الله عليهم ولعنهم: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَـئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} [البقرة: 159].
{وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ} [آل عمران: 187].
هذه بعض علامات حبه عليه الصلاة والسلام، وإنما أفردنا أهل السنة بحبه - صلى الله عليه وسلم - لأنهم الذين أحبوه المحبة الشرعية، أما الغلاة والجفاة، فليسوا من أحبابه - صلى الله عليه وسلم - وليسوا من اتباعه عليه الصلاة والسلام، وإن زعموا ذلك بألسنتهم، قال تعالى: {وَلَوْ نَشَاء لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 30].
* عباد الله:
وصلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه، فقال: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب: 56].
* ويقول - صلى الله عليه وسلم -: ((من صلى علي صلاة، صلى الله عليه بها عشراً))[20].
اللهم صلِّ على نبيِّك وحبيبك محمد، واعرض عليه صلاتنا وسلامنا في هذه الساعة المباركة يا رب العالمين، وارض اللهم عن أصحابه الأطهار، من المهاجرين والأنصار، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

[1] أخرجه أبو داود (4/254) رقم (4806).
[2] أخرجه أبو داود (4/232) رقم: (4726).
[3] أخرجه البخاري (4/142).
[4] أخرجه مالك في "الموطأ" (1/172) رقم: (85) عن عطاء بن يسار مرسلاً، وأخرجه أحمد (2/246) عن أبي هريرة. قال الألباني في المشكاة (1/234): وقد صحَّ موصولاً من حديث أبي هريرة. انظر: "تحذير الساجد" ص(17، 18).
[5] أخرجه البخاري (1/9)، ومسلم (1/67)، رقم (44).
[6] أخرجه مسلم (1/327، 328) رقم: (442).
[7] أخرجه البخاري (4/173).
[8] حمرة: بضم الحاء وفتح الميم المشددة – طائر صغير كالعصفور.
[9] تفرُش: أي ترفرف بجناحيها شاكية.
[10] أخرجه أبو داود (3/55) رقم: (2675)، وأخرجه أيضاً (4/367) رقم: (5268).
[11] ذفراه: مثنى ذِفْرَى، وهو العظم الشاخص خلف الأذن.
[12] تدئبه: تتعبه. والحديث أخرجه أبو داود (3/23) رقم: (2549).
[13] حديث صحيح أخرجه أبو داود (1/17) رقم (63). والترمذي (1/97) رقم (67) والنسائي (1/46) رقم: (52) وغيرهم. وصححه محدثاً الديار المصرية والشامية أحمد شاكر، كما في "سنن الترمذي" (1/98) ومحمد ناصر الدين الألباني، كما في "إرواء الغليل" رقم: (23).
[14] انظر: "زاد المعاد" (2/261)، وانظر الرواية عند أبي داود (2/149) رقم: (1765). وجوَّد إسنادها الأرناؤوط.
[15] انظر تفسير ابن كثير (1/495). قال الهيثمي في مجتمع الزوائد (7/10): رواه الطبراني في الصغير والأوسط، ورجاله رجال الصحيح، غير عبد الله بن عمران العابدي، وهو ثقة.
[16] أخرجه البخاري (7/218).
[17] أخرجه الترمذي (4/549) رقم: (2457) وقال: حسن صحيح.
[18] أخرجه البخاري (4/145).
[19] أخرجه أبو داود (3/322) رقم: (3660)، والترمذي (5/33، 34) رقم: (7657). وقال: حسن صحيح، ورقم (2658). وصححه الألباني كما في "مشكاة المصابيح" (1/78).
[20] أخرجه مسلم (1/288) رقم: (384).


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
ضوابط محبة الرسول، صلى الله عليه وسلم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» دلائل الصدق في محبة الرسول صلى الله عليه وسلم
» كتاب محبة الرسول صلى الله عليه وسلم وما تقتضيه
» طريق الوصول إلى محبة الرسول صلى الله عليه وسلم
» محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأثرها في عبادة المرء
»  محبة النبي صلى الله عليه وسلم

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اسلام ويب :: ۩✖ منتدي الاسلاميات العامه ۩✖ :: مقــــالات اســــلاميه :: خطب مقـــرؤه-
انتقل الى: