اسلام ويب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

من فقه الدعاء يقول سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "أنا لا أحمل همَّ الإجابة، وإنما أحمل همَّّ الدعاء، فإذا أُلهمت الدعاء كانت الإجابة معه". وهذا فهم عميق أصيل ، فليس كل دعاء مجابًا، فمن الناس من يدعو على الآخرين طالبًا إنزال الأذى بهم ؛ لأنهم ينافسونه في تجارة ، أو لأن رزقهم أوسع منه ، وكل دعاء من هذا القبيل ، مردود على صاحبه لأنه باطل وعدوان على الآخرين. والدعاء مخ العبادة ، وقمة الإيمان ، وسرّ المناجاة بين العبد وربه ، والدعاء سهم من سهام الله ، ودعاء السحر سهام القدر، فإذا انطلق من قلوب ناظرة إلى ربها ، راغبة فيما عنده ، لم يكن لها دون عرش الله مكان. جلس عمر بن الخطاب يومًا على كومة من الرمل ، بعد أن أجهده السعي والطواف على الرعية ، والنظر في مصالح المسلمين ، ثم اتجه إلى الله وقال: "اللهم قد كبرت سني ، ووهنت قوتي ، وفشت رعيتي ، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفتون ، واكتب لي الشهادة في سبيلك ، والموت في بلد رسولك". انظر إلى هذا الدعاء ، أي طلب من الدنيا طلبه عمر، وأي شهوة من شهوات الدنيا في هذا الدعاء ، إنها الهمم العالية ، والنفوس الكبيرة ، لا تتعلق أبدًا بشيء من عرض هذه الحياة ، وصعد هذا الدعاء من قلب رجل يسوس الشرق والغرب ، ويخطب وده الجميع ، حتى قال فيه القائل: يا من رأى عمرًا تكسوه بردته ** والزيت أدم له والكوخ مأواه يهتز كسرى على كرسيه فرقًا ** من بأسه وملوك الروم تخشاه ماذا يرجو عمر من الله في دعائه ؟ إنه يشكو إليه ضعف قوته ، وثقل الواجبات والأعباء ، ويدعو ربه أن يحفظه من الفتن ، والتقصير في حق الأمة ، ثم يتطلع إلى منزلة الشهادة في سبيله ، والموت في بلد رسوله ، فما أجمل هذه الغاية ، وما أعظم هذه العاطفة التي تمتلئ حبًا وحنينًا إلى رسول الله - صل الله عليهلم -: (أن يكون مثواه بجواره). يقول معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: "يا بن آدم أنت محتاج إلى نصيبك من الدنيا ، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج ، فإن بدأت بنصيبك من الآخرة ، مرّ بنصيبك من الدنيا فانتظمها انتظامًا ، وإن بدأت بنصيبك من الدنيا ، فائت نصيبك من الآخرة ، وأنت من الدنيا على خطر). وروى الترمذي بسنده عن النبي - صل الله عليهلم -: أنه قال: ((من أصبح والآخرة أكبر همه جمع الله له شمله ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن أصبح والدنيا أكبر همه فرَّق الله عليه ضيعته ، وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له)). وأخيرًا .. أرأيت كيف أُلهم عمر الدعاء وكانت الإجابة معه ، وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186)" (البقرة:186).


 

  بداية الخلق والتكليف

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة


avatar


نقــاط : 100210
 بداية الخلق والتكليف Oooo14
 بداية الخلق والتكليف User_o10

 بداية الخلق والتكليف Empty
مُساهمةموضوع: بداية الخلق والتكليف    بداية الخلق والتكليف Emptyالخميس 6 يونيو 2013 - 15:55

الحمد لله، نَحْمَدُه ونَسْتَعِينُه ونَسْتَغْفِرُه، وَنَعُوذُ بِالله من شُرورِ أَنْفُسِنا، ومن سيئات أعمالِنا، مَن يَهْدِهِ الله فلا مُضِلَّ له، ومن يضلل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ مُحَمَّدًا عبده ورسوله.. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102]، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1] ، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 07-17].
أما بعدُ: فإن أحسن الحديث كلام الله – تعالى- وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم - وشرَّ الأُمور محدثاتُها، وكلَّ مُحدثةٍ بِدعةٌ، وكُلَّ بدعة ضلالةٌ، وكلَّ ضلالة في النار.

أيها الناس: لكل بداية نهاية، ولِكُلِّ أجَلٍ كتاب، وسَنَتُنا هذه كان لها بداية، وها هي الآن تنتهي ليخلفها سَنَةٌ أخرى، تبتدئُ ثم تنتهي، وكما كان للدنيا بداية قبل مئات السنين فإن لها أجلاً تنتهي عنده، لا يعلم حينَهُ إلا الله تعالى.
وهذه الأرض وما يدبُّ عليها من ملايين البشر والحيوان والوحش والطير، وما فيها من بحارٍ وجبالٍ وعمران، وحركة دائبة لا تتوقف؛ مضى أزمان لم تكن موجودة قبل خلق الله – تعالى - لها، ومضى عليها زمنٌ بَعْدَ خَلْقِها خالية من الأحياء التي تعمرها، وسيأتي على عُمْرانِها يومٌ يعودُ خرابًا كأنْ لم يَكُنْ من قبل؛ وذلك حينما يأذن الله – تعالى - بانتهاء أجَلِها، فتُسَجَّرُ بِحارُها، وتُسيَّرُ جِبالُها، وتتناثَرُ كواكِبُها، وتُكوَّرُ شمسُها، ويَخسف قمرها، وتنشقُّ سماؤها، ويُبعث أحياؤها من بطنِها لِلحشر والحساب والجزاء؛ لتكون نهاية المكلفين من الجن والإنس: الخلود في الجنة أو في النار.
إنها بدايات عجيبة، ونهايات أعجب، علمها العليم الحكيم، وقدرها اللطيف الخبير، في نظام بديع دقيق، ووَفْقَ حكمة بالغة.

إنَّ مِمَّا يناسب الحديث عنه في نهاية عام وبداية آخر أن ننظر في بداية هذا الأمر كله: في بداية الخلق، وبداية الإنسان، وبداية التكليف، ثم انتهاء ذلك كله على وَفْق ما جاء في النصوص المعصومة من الكتاب والسنة، ومعرفة ذلك تَعْنِي معرفة أسباب وجودنا، وماذا يريد منا مَن أوجدنا من العدم، وربَّانا بالنعم؟ ثم ما هو مصيرُنا ونِهايَتُنا؟! والعاقِلُ مَن يسعَى في صلاحِ ما يَبْقى، والأَحْمَقُ مَن يُقدم ما يفنى على ما يَبقَى؛ فلا ما يفنى بقي له، ولا هو أصلَحَ ما يبقى.
إن علم بدايات الخلق والإنسان والتكليف، ومعرفة المرجع والمصير ليست عندنا - معاشر المسلمين - أوهامًا نتوهمها، أو تخيلاتٍ طرأت على عقولنا، أو توقعاتٍ أنتجتها أفكارنا، أو استجلبناها من بشر مثلنا. إنها حقائق من رب العالمين، ويقين مسطور في الكتاب والسنة، جاء فيهما تفصيل البدايات والنهايات بما لا مجال فيه لمتوهم أو خراص أو كاهن أن يقولوا فيه قولاً؛ فالله – تعالى - هو الخالق، خلق خلقه لحكمة يريدها، ابتدأهم وهو القادر على إعادتهم وبعثهم بعد موتهم: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ المَثَلُ الأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ} [الرُّوم:27]، وما من موجود علا قَدْرُه أوِ انْخَفَضَ إلا وَهُوَ خَلْقٌ مِنْ خَلْقِ الله – تعالى - وعبدٌ مِنْ عَبيدِه، شاء أَمْ أَبَى.

وقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بدايةِ الخَلْقِ لمَّا جاءه أهل اليمن فَسأَلُوهُ وقالوا: "جِئناكَ لنَتَفَقَّهَ في الدين، ولنسألك عن أول هذا الأمر ما كان"؟ فقال - عليه الصَّلاة والسَّلام -: ((كان اللهُ ولم يكن شيءٌ قبله، وكان عرشه على الماء، ثم خلق السموات والأرض، وكتب في الذكر كُلَّ شيء))؛ رواه البخاري[1].
وفي رواية له: ((كان الله ولم يكن شيءٌ غيره، وكان عرشه على الماء، وكتب في الذكر كل شيء، وخلق السموات والأرض))[2].
وأول شيء خلقه الله – تعالى - عرشه؛ كما جاء في صحيح مسلم من حديث عبدالله بن عمرو مرفوعًا قال: ((كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، قال: وكان عرشه على الماء))[3]، فلما أراد - سبحانه وتعالى - تقدير كل شيء خلق القلم، وأمره بالكتابة؛ كما جاء في حديث عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((إن أول ما خلق الله – تعالى - القلم، فقال له: اكتب، قال: ربّ وماذا أكتب؟ قال: اكْتُبْ مقاديرَ كُلِّ شيء حتى تقوم الساعة))؛ رواه أبو داود والترمذي، ولفظه: ((اكتب القدر، ما كانَ وما هو كائِنٌ إلى الأبد))[4].

وجميع ما خلقه الله – تعالى - في السموات والأرض مما ينتفع به المكلفون فإنما خلقه الله - سبحانه - لأجلهم؛ كما قال - عزَّ من قائل -: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ} [الجاثية: 13]، وفي الآية الأخرى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [البقرة:29].
وأما بداية البشرية فإنَّ الله – تعالى - لما أرادَ خَلْقَ أصْلِهم أَخْبَرَ ملائِكَتَهُ بذلك {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 30]، خلق آدم من طين كما جاء في آياتٍ كثيرةٍ من القرآن، وهذا الطين كان قبضة قبضها الجبار - جل وعلا - من جميع الأرض كما قال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض، فجاء بنو آدَمَ على قدر الأرض، جاء منهم الأحمر والأبيض والأسود، وبين ذلك، والسهل والحَزْنُ، والخبيث والطيب))؛ رواه أبو داود والترمذي من حديث أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - وقال الترمذي: حسن صحيح[5].

وأكرم الله – تعالى - أصل البشر بأن نفخ فيه من روحه، وأمر ملائكته بالسجود له {إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ * فَسَجَدَ المَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ * إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الكَافِرِينَ * قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ العَالِينَ * قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} [ص: 71-76].
لقد استكبر إبليسُ على أمر ربه، واستحقر شأن آدم، وحسده على ما أكرمه الله – تعالى - به من الخلق، ونفخه الروح فيه؛ فأبى أن يسجد له، فحقت عليه لعنة الله - تعالى - فأعلن عداوته لهذا المخلوق الجديد، الذي طرد من الرحمة بسببه، وأقسم بعزة الله – تعالى - ليغوينه وذريته {قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ المُخْلَصِينَ} [الحجر: 39-40]، {قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ المُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ} [الأعراف: 16-17]. إنه ابتلاء ابتلي به آدم - عليه السَّلام - وابتليت به ذريته من بعده؛ لحكمةٍ يريدها الله – تعالى - وهو العليم الحكيم.

وبعد خلق آدم - عليه السلام - خلقت زوجه من ضِلَعِه؛ كما جاء في الآية {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً} [النساء: 1]، وثبت في الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((استوصوا بالنساء فإن المرأة خُلِقَتْ من ضِلَعٍ، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه))[6].
أسكن الله – تعالى - آدم وزوجَهُ جنته، وأباح لهما الأكل منها حيث شاءا إلا شجرة واحدة حرَّمَهَا عليْهِما امتحانًا لهما، وكان إبليس ماضيًا فيما عزم عليه من إغواء آدم وذريته، وكان يعلم أن لوساوسه مدخلاً عليهم؛ لما رآه من طبيعة خلق أبيهم، وما فيه من مركب الشهوة؛ كما جاء في حديث أنس - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لما صوَّر اللهُ آدَمَ في الجَنَّةِ تَرَكَهُ ما شاء الله أن يتركه، فجعل إبليس يُطيفُ به، ينظر ما هو، فلما رآه أَجْوَفَ عَرَفَ أَنَّهُ خُلِقَ خَلْقًا لا يَتَمَالَكُ)) رواه مسلم[7]، والأجوف صاحب الجوف، وقوله: لا يتمالك: أي لا يملِكُ نَفْسَهُ ويَحْبِسُها عن الشهوات، وقيل: لا يملك دفع الوساوس عنه، والمراد جنسُ بني آدم[8].

ولأجل ذلك فإن الله – تعالى - حذَّر آدم وحواء - عليهما السلام - أشد التحذير من عداوة إبليس ووسوسته، وجعل ثمن طاعتهما لأمر ربهما بعدم الأكل من الشجرة المنهي عنها: البقاء في الجنة، والتمتع بما فيها من خيرات، وبدأ إبليس ينفذ ما وعد من الوسوسة، وكانت تلك هي بداية تكليف آدمَ وحواء وامتحانهما {يَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ} [البقرة: 35]، {فَقُلْنَا يَا آَدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الجَنَّةِ فَتَشْقَى* إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى * وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى} [طه: 117-119].
ولما كانت هذه النعم مُشْتَهاةً عِنْدَ آدَمَ وزَوْجِه - عليهما السلام - ويجدان فيها من اللَّذَّة ما كَمُلَ به نعيمهما؛ فإنهما خشِيا من زَوالِها، وتلك الشَّهْوَةُ كانت هي نقطةَ الضعف، التي تسلَّل الشيطان من خلالها إلى قلبيهما {فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آَدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى * فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآَتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الجَنَّةِ وَعَصَى آَدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى} [طه: 120-121].

إنه وزوجه قد زلاَّ الزلة التي نهاهما عنها ربهما، ولكن من رحمة الله – تعالى - بآدم وحواء وذريتهما من بعدهما، أنهما لم يُصِّرَا على الخطيئة كما فعل إبليس، ولم يجادلا كما جادل؛ بل بادرا بالتوبة والاستغفار فَوْرَ سؤال الرب – تعالى - لهما {وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ * قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الخَاسِرِينَ} [الأعراف: 22-23]. فقَبِلَ أَرْحَمَ الراحمين توبتهما، وعفا عنهما، وأهبطهما إلى الأرض كما أهبط إبليس، وجعل الأرض مقرًّا للبلاء والامتحان مدَّةً من الزمان معدودةً هي الحياة الدنيا، {قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} [الأعراف: 24]. وجرى قلم التكليف على ذرية آدم من بعده، وظل إبليس ينفذ وعده، ولا يزال يفعل، وسيظل إلى ما شاء الله تعالى.
وانقسم بنو آدم إلى قسمين، وسلكوا طريقين لا ثالث لهما؛ فقسم منهم - وهم الأقل - سلكوا طريق أبيهم آدم - عليه السلام - طريق الإيمان بالله – تعالى - والتوبة من الذنوب، والاعتراف بالخطأ. وهؤلاء يلحقون بأبيهم آدم في جنة الخلد برحمة الله – تعالى - لهم.
وأما القسم الآخر فاتبع طريق إبليس، وخضع لوساوسه، وأطاعه فيما أراد من الكفر والجحود والاستكبار عن عبادة الله تعالى؛ فمآلهم مآل إبليس اللعين، نعوذ بالله من حالهم ومآلهم، ونسأل الله – تعالى - أن يُجَنِّبَنا طريقَهُمْ، وأن يَسْلُكَ بنا طريقَ المرسلين، وأن يجعلنا من عباده الصالحين، إنه سميع مجيب.
وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم...

الخطبة الثانية
الحمد لله حمدًا طيبًا كثيرًا مباركًا فيه كما يحب ربنا ويرضى، أحمده وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.
أما بعد: فاتقوا الله – تعالى - وأطيعوه، واحذروا الذنوب؛ فإن أهل المعاصي جديرون بالعقوبة، وإن أهل الطاعة والاستغفار لحقيقون بالرحمة {اعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ العِقَابِ وَأَنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المائدة: 98] .
أيها المسلمون: تنطوي قصة بداية الخلق، وبداية الإنسان، وبداية التكليف على دروس وعبر حقيق بالمسلم أن يتأملها، ويُنْعِمَ النظر فيها، ويتدبر النصوص التي عرضتها. ويتأكد ذلك في وقت التبس فيه الحقُّ بالباطل عند كثير من الناس، وقوي فيه أنصار الشر، وكثرت أحزاب الشيطان؛ لِصَرْفِ النَّاسِ عن دِينِهِمُ الذي ارتضاه الله – تعالى - لهم.

وكما ابتلي أبونا آدم - عليه السَّلام - بوساوِسِ الشيطان؛ فإننا لا ننفك عن الابتلاء بها، مع ما يقوم به شياطينُ الإنس من ضغوط ومضايقات لصرفنا عن الحق، ولا معصوم من الزلة والانحراف إلا من عَصَمَهُ الله تعالى. وإذا اعتصم المؤمن بِرَبِّهِ، واستعاذ به من الشيطان الرجيم، وسأل الله – تعالى - الثبات على الحقِّ بقلب موقِنٍ مخلِص؛ فإنَّ الله – تعالى - لا يُخَيِّبُه، وسيكون الثبات والتوفيق حليفًا له.
وإذا ما زلَّ في حال غفلة وجهل، تذكَّرَ زلَّة أبيه آدم - عليه السَّلام - من قبل، وعمل مثل ما عمل، فبادر بالتوبة والاستغفار، وهُرِع إلى الله – تعالى - طالبًا الرحمة والمغفرة، وخاف من الإصرار على الذنب، والاستكبار عن التوبة؛ لئلا يكون مصيره مصيرَ إبليس اللعين.
وقد يستهين العبد بذنب استصغره؛ فأصر عليه؛ فأورده المهالك، وختم له بالسوء على أثره، وما أُهبط آدم من الجنة إلا بسبب معصيةٍ واحدةٍ كان في غنًى عنها، وكانت هذه المعصية سببًا لابتلائه وابتلاء ذريته من بعده على وَفْق حكمةٍ أرادها الله تعالى، قال إبراهيم ابن أدهم - رحمه الله تعالى -: "لقد أورثتنا تلك الأكلةُ حزنًا طويلاً"[9].


إن قصة بداية الخلق لتدل على قدرة الخالق وعظمته، واستحقاقه أن يفرد بالعبادة دون ما سواه. فهذه الأحياء المتكاثرة على الأرض، في البر والبحر والجو، وهذا العمران العريض في الأرض، وما في السماء من عجائب الأفلاك والأنجم؛ كل ذلك مضى عليه أزمانٌ لم يكن موجودًا، فأوجد الخالق – سبحانه - كل ذلك، ودبره أحسن تدبير، وسيره في نظام دقيق عجيب، وجعل له أجلاً ونهاية.
وهكذا البشرية التي تزخر الأرض بهم، ويتكاثر عددهم حتى بلغوا المليارات كانوا من نسل رجلٍ واحد، فتكاثروا بأمر الله تعالى وتقديره حتى بلغوا ما ترون، ويخلف الأمواتَ منهم أحياءٌ يعمرون الأرض إلى أن يأذن الله تعالى بانتهاء ذلك. وقد مضى حينٌ من الزمن لم يكن هناك أي بشر {هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا * إِنَّا خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا * إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا}. [الإنسان: 1-3].

إنه يجب علينا - أيها الأخوة - أن نفطن لأمر مهم جدًا في قصة بداية الخلق، وهو ما منَّ الله تعالى به على آدم لما وقع في الخطأ، وأكل من الشجرة؛ إذ بادر بالتوبة، ولم يسلك مسلك إبليس الذي استكبر وجادل وخاصم، فكانت هذه التوبة من آدم نعمة من الله تعالى وفضلًا عليه أخرجه بها من غضبه إلى رحمته، وكانت لولده من بعده إذا استزلتهم الشياطين؛ فأبواب التوبة أمامهم مفتوحة· فهل نحن أهلٌ لشكر المنعم سبحانه وتعالى على هذه النعمة العظيمة بلزوم التوبة، وكثرة الاستغفار؟!
وثمة نعمة عظيمة أخرى اختص الله تعالى بها هذه الأمة التي تدين بدين محمد صلى الله عليه وسلم، تلك هي نعمةُ معرفة قصة بداية الخلق، وبداية الإنسان، وبداية التكليف، ونهايات ذلك كله؛ فأمم الأرض من غير المسلمين تتخبط في ذلك كله بين أقوال أهل الكتاب التي داخلها من التحريف ما أفسدها، وبين أوهام الفلاسفة والمنظرين والكهان والعرافين والمنجمين.
ولقد كانت هذه القضية - أعني معرفة البداية والنهاية - سببًا في انتحار كثير من غير المسلمين، وشقاء الباقين منهم، وحيرتهم في أمرهم ومصيرهم، وقد هدى الله تعالى المسلمين إلى معرفة ذلك عن طريق الوحي الذي تكفل الله تعالى بحفظه؛ فتجد الشيخ المسلم الكبير العامي الأمي يعرف ذلك تمام المعرفة على وجه الإجمال، كما تجد الطفل الصغير في مجتمعات المسلمين يفهم ذلك ويتصوره، وقد عجز عن معرفته كبار النُظَّار والفلاسفة من غير المسلمين، فاللهم لك الحمد على نعمة الإسلام، وعلى نعمة القرآن، ونسألك اللهم الثبات على الحق إلى الممات.

وكما كان عامنا هذا بالأمس يبتدئ ها هو ينتهي، وكما كان للدنيا بداية فإن لها نهاية، وكما يولد الإنسان فإنه يموت، وإذا مات الميت قامت قيامته؛ فاعتبروا - يا عباد الله - واتعظوا، وأحسنوا أعمالكم تحسن خواتمكم، اللهم اختم عامنا هذا بخير، واخلفه علينا بخير، واجعلنا فيه من المقبولين، واحفظ علينا ديننا وأمننا إنك سميع مجيب.
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
[1] أخرجه من حديث عمران بن حصين - رضي الله عنه - البخاري في مواضع من صحيحه، وهذا اللفظ في التوحيد باب: وكان عرشه على الماء وهو رب العرش العظيم (7418)، وأحمد (4/431)، والطبراني في الكبير (18/203 ـ 204) بأرقام: (497 ـ 489 ـ 499 ـ 500)، والدارمي في "الرد على الجهمية" (14)، والبيهقي في السنن الكبرى (9/2)، وفي "الأسماء والصفات" (489 ـ 800).
[2] هذه الرواية للبخاري في بدء الخلق باب ما جاء في قول الله – تعالى -: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} [الرُّوم: 27] (3191).
[3] أخرجه مسلم في القدر باب حجاج آدم وموسى - عليهما السلام - (2653)، والترمذي في القدر باب إعظام أمر الإيمان بالقدر (2156).
[4] أخرجه أبو داود في السنة باب القدر (4700)، والترمذي في القدر باب إعظام أمر الإيمان بالقدر (2155)، وأحمد (5/317).
وقدِ اختلف العلماء في أول المخلوقات على أقوال:
الأول: أن العرش هو أولها، ويدل عليه حديث عبدالله بن عمرو - رضي الله عنهما - المخرج في هامش (3)، وهو قول الجمهور فيما نقله عنهم أبو العلاء الهمداني كما في "العقيدة الطحاوية" (295)، و"البداية والنهاية" (1/9) واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، وانتصر له بالأدلة والحجج في "مجموع الفتاوى" (18/213 ـ 216)، وابن القيم في "اجتماع الجيوش الإسلامية" (99).
الثاني: أن أول المخلوقات القلم، ودليل هذا القول حديث عبادة بن الصامت المخرج آنفًا، ورجح هذا القول الطبري في تاريخه (1/28 ـ 29)، وهو ظاهر كلام ابن الجوزي في "المنتظم" (1/121)، ورجحه الألباني في السلسلة الصحيحة (1/207 ـ 208) في تعليقه على الحديث رقم: (133).
قال الطبري - رحمه الله تعالى - في تاريخه (1/30): "وقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي رويناه عنه أولى قول في ذلك بالصواب؛ لأنه كان أعلم قائل في ذلك قولاً بحقيقته وصحته، وقد روينا عنه - عليه السلام - أنه قال: ((أول شيء خلقه الله - عزَّ وجلَّ - القلم» من غير استثناء منه شيئًا من الأشياء أنه تقدم خلق الله إياه خلق القلم، بل عم بقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن أول شيء خلقه الله القلم)) كل شيء، وأن القلم مخلوق قبله من غير استثنائه من ذلك عرشًا ولا ماءً ولا شيئًا غير ذلك". ا هـ.
وقال الألبانيّ مؤيّدًا لما قرَّره الطبري، ورادًّا على من قال بخلق العرش قبل القلم: "وفيه رد على من يقول بأنَّ العرش هو أول مخلوق، ولا نَصَّ في ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإنما يقول به مَنْ قال - كابن تيمية وغيره - استنباطًا واجتهادًا، فالأخذ بهذا الحديث ـ وفي معناه أحاديث أخرى ـ أولى؛ لأنه نص في المسألة، ولا اجتهاد في مورد النص كما هو معلوم، وتأويله بأن القلم مخلوق بعد العرش باطل؛ لأنه يصح مثل هذا التأويل لو كان هناك نَصٌّ قاطع على أن العرش أول المخلوقات كلها ومنها القلم، أما ومثل هذا النص مفقود، فلا يجوز هذا التأويل". ا هـ من السلسلة الصحيحة (1/208).
الثالث: أنَّ أوَّل شيء خلقه الله – تعالى - النور والظلمة، وهذا القول منسوب لابن إسحاق كما ذكر ذلك الطبريُّ في تاريخه (1/29)، وابن الجوزي في "المنتظم" (1/121)، وقدْ ردَّهُ الطَّبريُّ بِقوله: "وأما ابن إسحاق فإنَّهُ لم يسند قوله الذي قاله في ذلك إلى أحدٍ؛ وذلك من الأمور التي لا يُدْرَكُ عِلْمُها إلا بِخَبَرٍ من الله - عزَّ وجلَّ - أو خبر من رسول الله صلى الله عليه وسلم". ا هـ.
وقال ابن الجوزي: "ولا يقبل هذا مع الحديث المرفوع".
والذي يَظْهَرُ رُجحانُه بجمع الأدلة، وتأمل ألفاظها القول الأول، القاضي بأن العرش خلق قبل القلم؛ لظاهر حديث عبدالله بن عمرو - رضي الله عنهما - مع ظاهر حديث عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - ففي حديث عبدالله بن عمرو بيَّن أن التقدير كان قبل خلق السموات والأرض، وذكر فيه ((وكان عرشه على الماء))، وفي حديث عبادة ما يدل على أن التقدير كان فور خلق القلم؛ لأنه خلق للكتابة، فكان العرش بهذا الاعتبار سابقًا في الخلق على القلم، ويدل على ذلك أيضًا ظاهر حديث عمران بن حصين: ((كان الله ولم يكن شيء قبله، وكان عرشُه على الماء)) فلا ذكر للقلم في ذلك، قال ابن القيم معلقًا عليه: "ولا يناقض هذا الحديث ((أول ما خلق الله القلم))؛ لوجهين:
أحدهما: لأن الأولية راجعة إلى كتابته لا إلى خلقه، فإن الحديث: ((أول ما خلق الله القلم، قال له: اكتب، قال: ما أكتب؟ قال: اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة)).
والثاني: أن المراد أول ما خلقه الله من هذا العالم بعد خلق العرش، ويدل على سبق خلق العرش قوله في الحديث الثابت: ((قدر الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وعرشه على الماء)). وقد أخبر أنه حين خلق القلم قدر به المقادير كما في اللفظ الآخر قال: ((اكتب، قال: ما أكتب؟ قال: اكتب القدر)). فهذا التقدير المؤقت قبل خلق العالم بخمسين ألف سنة، فثبت أن العرش سابق على القلم، والعرش كان على الماء قبل خلق السموات والأرض". ا هـ. من "اجتماع الجيوش الإسلامية" (99 ـ100).
[5] أخرجه أحمد (4/400)، وأبو داود في السنة باب في القدر (4693)، والترمذي في التفسير باب ومن سورة البقرة (2955) وقال: حسن صحيح، وعبد بن حميد في المنتخب من مسنده (845)، وصححه ابن حبان (6160)، والحاكم ووافقه الذهبي (2/216).
[6] أخرجه من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - البخاري في الأنبياء باب خلق آدم وذريته (3331)، ومسلم في الرضاع باب الوصية بالنساء (1468).
[7] أخرجه مسلم في البر والصلة والآداب باب خلق الإنسان خلقًا لا يتمالك (1162)، وأحمد (3/152 - 229).
[8] انظر: شرح النووي على صحيح مسلم (16/248)، و"جامع الأصول" (4/31)، وقال القرطبي في "المفهم" (6/596): "يعني: أن الله – تعالى - لما صور طينة آدم وشكلها بشكله على ما سبق في علمه، فلما رآها إبليس أطاف بها، أي: دار حولها، وجعل ينظر في كيفيتها وأمْرِها، فلما رآها ذات جوف وقع له أنها مفتقرة إلى ما يسد جوفها، وأنها لا تتمالك عن تحصيل ما تحتاج إليه من أغراضها وشهواتها، فكان الأمر على ما وقع".
[9] "معالم التنزيل" للبغوي (1/84).


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
بداية الخلق والتكليف
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  بداية الرحلة
» بداية رمضان
»  وقفات مع بداية العام
»  بداية الحملات الصليبية
» حب خير الخلق

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اسلام ويب :: ۩✖ منتدي الاسلاميات العامه ۩✖ :: مقــــالات اســــلاميه :: خطب مقـــرؤه-
انتقل الى: