اسلام ويب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

من فقه الدعاء يقول سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "أنا لا أحمل همَّ الإجابة، وإنما أحمل همَّّ الدعاء، فإذا أُلهمت الدعاء كانت الإجابة معه". وهذا فهم عميق أصيل ، فليس كل دعاء مجابًا، فمن الناس من يدعو على الآخرين طالبًا إنزال الأذى بهم ؛ لأنهم ينافسونه في تجارة ، أو لأن رزقهم أوسع منه ، وكل دعاء من هذا القبيل ، مردود على صاحبه لأنه باطل وعدوان على الآخرين. والدعاء مخ العبادة ، وقمة الإيمان ، وسرّ المناجاة بين العبد وربه ، والدعاء سهم من سهام الله ، ودعاء السحر سهام القدر، فإذا انطلق من قلوب ناظرة إلى ربها ، راغبة فيما عنده ، لم يكن لها دون عرش الله مكان. جلس عمر بن الخطاب يومًا على كومة من الرمل ، بعد أن أجهده السعي والطواف على الرعية ، والنظر في مصالح المسلمين ، ثم اتجه إلى الله وقال: "اللهم قد كبرت سني ، ووهنت قوتي ، وفشت رعيتي ، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفتون ، واكتب لي الشهادة في سبيلك ، والموت في بلد رسولك". انظر إلى هذا الدعاء ، أي طلب من الدنيا طلبه عمر، وأي شهوة من شهوات الدنيا في هذا الدعاء ، إنها الهمم العالية ، والنفوس الكبيرة ، لا تتعلق أبدًا بشيء من عرض هذه الحياة ، وصعد هذا الدعاء من قلب رجل يسوس الشرق والغرب ، ويخطب وده الجميع ، حتى قال فيه القائل: يا من رأى عمرًا تكسوه بردته ** والزيت أدم له والكوخ مأواه يهتز كسرى على كرسيه فرقًا ** من بأسه وملوك الروم تخشاه ماذا يرجو عمر من الله في دعائه ؟ إنه يشكو إليه ضعف قوته ، وثقل الواجبات والأعباء ، ويدعو ربه أن يحفظه من الفتن ، والتقصير في حق الأمة ، ثم يتطلع إلى منزلة الشهادة في سبيله ، والموت في بلد رسوله ، فما أجمل هذه الغاية ، وما أعظم هذه العاطفة التي تمتلئ حبًا وحنينًا إلى رسول الله - صل الله عليهلم -: (أن يكون مثواه بجواره). يقول معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: "يا بن آدم أنت محتاج إلى نصيبك من الدنيا ، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج ، فإن بدأت بنصيبك من الآخرة ، مرّ بنصيبك من الدنيا فانتظمها انتظامًا ، وإن بدأت بنصيبك من الدنيا ، فائت نصيبك من الآخرة ، وأنت من الدنيا على خطر). وروى الترمذي بسنده عن النبي - صل الله عليهلم -: أنه قال: ((من أصبح والآخرة أكبر همه جمع الله له شمله ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن أصبح والدنيا أكبر همه فرَّق الله عليه ضيعته ، وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له)). وأخيرًا .. أرأيت كيف أُلهم عمر الدعاء وكانت الإجابة معه ، وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186)" (البقرة:186).


 

  غزوة مؤتة: أحداث ودروس

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة


avatar


نقــاط : 100210
 غزوة مؤتة: أحداث ودروس Oooo14
 غزوة مؤتة: أحداث ودروس User_o10

 غزوة مؤتة: أحداث ودروس Empty
مُساهمةموضوع: غزوة مؤتة: أحداث ودروس    غزوة مؤتة: أحداث ودروس Emptyالأربعاء 5 يونيو 2013 - 11:41

الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعُوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهْدِه الله فلا مُضِلّ له، ومن يُضْلِل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102] {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1] {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 70 - 71].

أما بعْدُ: فإنَّ خيرَ الكلام كلام الله - تعالى - وخيرَ الهَدْيِ هَدْيُ مُحمَّد - صلَّى اللَّه عليه وسلم - وشرَّ الأمور محدثاتُها، وكلَّ مُحدثةٍ بِدْعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

أيها الناس: تحتاج أمة الإسلام في حال ضعفها واستكانتها، وتسلطِ أعدائها، وعجز أبنائها؛ من أجل إيقاظها وإحيائها إلى الموعظةِ والتذكير، ومراجعة حساباتها، والرجوع إلى ربها، والاستمساك بدينها، فهي أمةٌ لا تحيا ولا تقوى إلا بالإسلام؛ فإذا أعرضت عنه عاشت في الدنية والدون.
ومما يسهم في إحيائها، ويعين على نهوضها: مدارسةُ تاريخها، والتذكيرُ بأمجادها وأيَّامها، والوقوف على سير أبطالها ورجالاتها، لا اكتفاءً بذكر الأمجاد السالفة، ولا تغنِّيًا بأيامها الخوالي، ولكنه وقوفُ تأملٍ وتدبر، يقود إلى المتابعةِ والاقتفاء، والسعي الجاد إلى الصلاح والإصلاح، ونشر الخير بين الناس، حتى تنهض أمَّةُ الإسلام، ويقوى أبناؤها؛ فتكون شريعةُ الله - تعالى - حاكمة بين العباد.

وهذا حديث عن غزوة مؤتة التي عيّن النبي - صلى الله عليه وسلم - لها قادة ثلاثة، يعقب أحدهم الآخر إذا استشهد، والتي كانت أول معركة للمسلمين مع النصارى، فخرجت تلك الغزوة عن المعهود؛ إذ كانت حروب المسلمين قبلها مع العرب واليهود.
يُذكر في سبب هذه الغزوة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث بكتاب إلى ملك بُصْرى، مع الحارث بن عمير الأزدي، فلمَّا نزل مؤتة عرض له شرحبيلُ بن عمرو الغسَّاني فقتله صبْرًا - وكانت الرسلُ لا تُقْتَل - فغضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مِنْ قَتْل رسوله، فأرسل إلى مؤتة ثلاثة آلاف من المسلمين في جمادى الأولى من السنة الثامنة من الهجرة النبوية[1]، وأمَّر عليهم زيد بن حارثة ثم قال: "إن قُتل زيدٌ فجعفر، وإن قُتل جعفرٌ فعبدالله بن رواحة"؛ أخرجه البُخَارِي[2].

فمضى الجيش حتى نزلوا مَعَان من أرض الشام، وكانت أخبارُ هذا الجيش قد وصلتْ إلى الروم، فجهزوا لملاقاتِه مِئَة ألف، وانضم إليهم مئة ألف أخرى من نصارى العرب، فكانوا مائتي ألف كافر، مُقابِلَ ثلاثة آلاف من المسلمين، فالمقارنة بينهما ضرب من ضروب الخيال، والدخولُ في القتال مجازفة أيُّ مجازفة، مِمّا جعل المسلمين - فيما يُروى - يترددون في ملاقاة عدوهم، ويقيمون ليلتين يفكرون في أمرهم، فقالوا: "نكتب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنُخْبِرُه بعدد عدوّنا، فإمَّا أن يمدَّنا بالرجال، وإمَّا أن يأمرنا بأمره فنمضي له، لكنَّ ابْنَ رواحة قطع تفكيرهم، وشجَّع الناس على المُضِيّ في القتال قائلاً: "يا قوم، والله إنَّ الَّتي تكرهون للتي خرجتم تطلبون؛ الشهادة، وما نقاتلُ الناس بعددٍ ولا قوةٍ ولا كثرةٍ، ما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذي أكرمنا الله به، فانطلِقوا فإنَّما هي إحدى الحسنيين: إما ظهور، وإما شهادة"، فقال الناس: "قد - والله - صدق ابن رواحة"[3].

فمضوا حتى إذا كانوا بتخوم البلقاء لقيتهم جموعُ هرقلٍ من الروم والعرب، فانحاز المسلمون إلى مؤتة، وعبأوا أنفسهم فيها، ثم التحم الفريقان·
وغريبٌ جدًّا أن ينازل المسلمون عدوهم وهو يزيد عليهم بما يقارب سبعين ضعفًا، إن المقاييس والحسابات ترفض ذلك، لكن تحطَّمتِ المقاييس، وألغيت الحسابات؛ فالمقاتلون هنا ليسوا كسائر المقاتلين، بل هم أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - امتلأتْ قلوبُهم إيمانًا ويقينًا، وعلموا أن ما عند الله - تعالى - حق، فلم يُحْجِموا ويعتذروا بكثرة عدوّهم وقِلَّتهم، وقوته وضعفهم؛ بل قاتلوا قتالاً مريرًا، وعانقوا المنايا، وخاضُوا حِمام الموت؛ حتى استُشْهِدَ قائِدُهم زَيْد - رضي الله عنه - فأخذ الراية القائد الذي يليه جعفر بن أبي طالب - رضي الله عنه - فعقر فرسه الشقراء[4]، وقاتل بالراية فقطعت يمينه، فأمسك الراية بشماله، فقطعت شماله، فاحتضن الراية بعضديه حتى استشهد وهو ابنُ ثلاث وثلاثين سنة[5]، ولقد أبدله الله - تعالى - عن يديه جناحين يطير بهما في الجنة؛ كما ثبت في الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[6] وقيل: "إنه ظل محتضنًا الراية حتى قُطِع جسده نصفين[7]، فلِلَّه درُّه ما أثبته، قال ابن عمر - رضي الله عنهما -: "ووجدنا ما في جسده بضعًا وتسعين من طعنةٍ ورميةٍ"[8]. وعلى رغم استشهاده لم تَسْقُطِ الراية بل أخذها القائد الثالث عبدالله بن رواحة فقاتل حتى استشهد.

فمضى الثلاثة الذين عيَّنهم النبي - صلى الله عليه وسلم - قادة للجيش، فأخذ الرايةَ ثابتُ بنُ أقْرَم وصاح: "يا معشر المسلمين، اصطلحوا على رجل منكم، قالوا: أنت، قال: ما أنا بفاعل، فاصطلح الناس على خالد بن الوليد"[9]، وثابت بن أقرم - رضي الله عنه - أبى القيادة لا هروبًا من المنية، أو خوفًا من العدو، ولكنه أحس بوجود من هو أكفأ منه، كيف وقد حمل الراية خشية أن تسقط، وصاح في المسلمين أن يعينوا قائدًا والحرب تدور رحاها، إنَّ ذلك لمن آيات الشجاعة والجُرْأَة في هذا الموقف العصيب، وكم هو جميل أن يصيح الناس به ليكون قائدهم فيأبى استصغارًا لنفسه، وهو يرى وجود من هو أولى بالقيادة منه!!
وهذا درس عظيم من هذا الصحابي الجليل - رضي الله عنه - في معرفة أقدار الرجال، وإنزالهم منازلهم التي يستحقّونها؛ حتى لا نكلّف أمَّتنا أن تحمل عجزنا وأثرتنا[10].
لقد اصطلح الناس على خالد بن الوليد، وخالد لها، شجاعة وإقدامًا، وخبرة بأمور الحرب وسياستها، فأخذ الراية، وقاتل قتالاً مريرًا حتى تكسَّرت في يده تِسْعَةُ أسياف من شدة القتال، لا شلت يمينه، روى البخاري عن خالد - رضي الله عنه - أنه قال: "لقدِ انقطعت في يدي يوم مؤتة تسعة أسياف فما بقي في يدي إلا صفيحة يمانية"[11].
وكان خالد يُقاتل وهو يحتال للخلوص بالجيش من هذا المأزق المتضايق، وقتال الانسحاب شاقٌّ ومُرْهِق، لا سيَّما وخالدٌ لا يريد إشعار الروم بالحفاظ على الجيش وسحبه.

ودخل الليل على المتحاربين فتوقَّف القتال، فأعاد خالد تنظيم قواته القليلة، فجعل مقدمته ساقته، وساقته مقدمته، وميمنته ميسرته، وميسرته ميمنته؛ فأنكر الأعداء ما كانوا يعرفون من رايات وهيئات المسلمين وقالوا: "قد جاءهم مدد، فرعبوا"[12]، وكان هدف خالد مناوشتهم، وإلحاق الخسائر بهم، دونَ إدخال المسلمين في حرب عامة معهم تكون خطرًا عليهم.
واكتفى بذلك، ثم آثر الانصراف بمن معه، وكان من معجزات النبي - صلى الله عليه وسلم - أن أخبَرَ أصحابَهُ في المدينة بخبر الجيش. روى أنس بن مالك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "نعى زيدًا وجعفرًا وابنَ رواحة للناس قبل أن يأتِيَهُمْ خبرُهم فقال: ((أخذ الراية زيد فأصيب، ثم أخذها جعفر فأصيب، ثم أخذها ابن رواحة فأصيب - وعيناه - صلَّى الله عليه وسلم - تذرفان - حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله حتى فتح الله عليهم))؛ رواه البخاري[13].
وعلى الرغم من ضراوة هذه المعركة، وكثرة أعداد جيش العدو؛ فإنه لم يستشهد من المسلمين سوى اثْنَيْ عشر رجلاً فقط، أمَّا العدُوّ فلم يعرف عدد قتلاهم، غير أنَّ وصف المعركة يدل على كثرتهم، وما انكسرت تسعة أسياف في يد خالد - رضي الله عنه – عبثًا[14].
ولقد كان لشهداء مؤتة مكانة عظيمة عند الله - تعالى - لذا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما يسرني - أو قال ما يسرهم - أنهم عندنا))؛ أخرجه البخاري[15].

أمّا أُسَرهم ففي كفالة الله - تعالى - وهو نعم المولى ونعم النصير. عن عبدالله بن جعفر - رضي الله عنهما - قال: "جاءنا النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد ثلاثٍ من موت جعفر فقال: ((لا تبكوا على أخي بعد اليوم، وادعوا لي بني أخي))، قال عبدالله: "فجيء بنا كأننا أفراخ، فقال: ادعوا لي الحلاق، فجيء بالحلاّق، فحلق رؤوسنا، ثم قال - عليه الصلاة والسلام - مداعبًا: ((أمَّا مُحمَّد فشبيه عمنا أبي طالب، وأما عبدالله فشبيه خَلْقي وخُلُقي))، قال عبدالله: "ثم أخذ بيدي فأشالها" وقال: ((اللهم اخلفْ جعفرًا في أهله، وبارك لعبدالله في صفقة يمينه)). قالها ثلاثًا، قال عبدالله: "فجاءت أمّنا فذكرت له يُتمنا، وجعلت تفْرحُ له"، فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((العيلة تخافين عليهم وأنا وليّهم في الدنيا والآخرة؟!))؛ أخرجه أحمد بسند صحيح[16].

ولما جاء نعي جعفر قال النبي - عليه الصلاة والسلام -: ((اصنعوا لآل جعفر طعامًا فقد أتاهم أمر يشغلهم أو أتاهم ما يشغلهم))؛ أخرجه أحمد والترمذي، وقال: حسن صحيح[17].
اللهمَّ ارْضَ عن شهداء مؤتة، وعنِ الصحابة أجمعين، واحْشُرْنَا في زُمْرَتِهم يا رب العالمين.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً} [الأحزاب: 23].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم..

الخطبة الثانية
الحمد لله؛ كتب النصر والفلاح للمؤمنين، وجعل الصغار والذُّل على الكافرين، أحمده وأشكره، وأتوبُ إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ولا نعبد إلا إياه، مخلصين له الدين ولو كرِهَ الكافرون. وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله؛ إمامُ المرسلين، وقائدُ الغُرّ المحجَّلين، والشافعُ المشفعُ يوم الدين، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه، ومن سار على نهجهم واقتفى أثرهم.

أما بعد: فاتَّقوا الله - عباد الله - لعلكم تفلحون: {وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الفَائِزُونَ} [النور: 52].
أيها الإخوة المؤمنون: كانت غزوة مؤتة مليئةً بالدروس، حافلةً بالبطولات، تعطي البرهان على أن الإيمان إذا استقرَّ في القلوب، وعمل عمله فيها؛ قاد النفوس إلى استقبال المنايا، وتمني الموت؛ ابتغاء رضوان الله - تعالى - وهكذا سقط القادة الثلاثةُ في مؤتة الواحد منهم تلو الآخر، ولم يكن همهم أنفسهم والرماحُ والسيوفُ قد خالطت أجسادهم، بل همُّهم الإسلام، فلم تسقط رايته من أيديهم رغم ما لاقوه من ألم القتل والتمزيق.
إن طبيعة البشر عدمُ الاهتمام عند الموت إلا بالموت وسكراته، لكن أولئك القادة نسوا ما هم فيه، وقضى كل واحد منهم نحبه وقلبُه مع الإسلام، إن هذه النماذج من البشر إذا وجدت في الأمة تحقق لها النصر بإذن الله تعالى.

أيها الإخوة: إن مجاهدي غزوة مؤتة برهنوا برهانًا واضحًا على أن حروب المسلمين مع عدوهم لاتحسم بكثرة العدد، أو قوة العتاد؛ بل الفيصلُ فيها قوةُ الإيمان، وصدقُ التوكل على الله - تعالى - والإخلاصُ في طلب الشهادة. وتلك سنَّةٌ أبدية، وهي مفسرة لأسباب هزائم المسلمين المتتابعة متى ما ضعف الإيمان، أو تخلّف التوكل والإخلاص؛ كما هو حادث في أزمنة الضعف والانحطاط حتى ولو كان المسلمون أعدادًا كثيرة، فهم بدون إيمان ويقين وإخلاص وتوكل غثاءٌ؛ كغثاء السيل.

أيها الإخوة: إن كل مسلم في الأرض مسؤول عن الأمة ماذا قدم لها؟ هل حافظ على فرائض الله - تعالى - حتى لا يتخلف النصر بسببه؟ هل أدى الأمانة فيما استرعاه الله - تعالى - عليه من أهله وذريته، وفي عمله ووظيفته؛ لكيلا يتخلف نصر الله - تعالى - بسببه؟! هل سعى في الإصلاح على قدر استطاعته وجهده؟ هل أمر بالمعروف ونهى عن المنكر، وأخذ على يد السفيه، وعلم الجاهل؛ حتى يتحقق النصر؟!
إن مشكلتنا - أيها الإخوة - أن كل واحد منا يتنصل من مسؤولياته، ويلقي باللائمة على غيره، بينما في غزوة مؤتة لم تسقط الراية حتى بعد مقتل القادة الثلاثة، وأحس كل فرد من أفراد الجيش المسلم أن الراية لو سقطت فإنه المسؤول عنها دون غيره، إننا نحتاج إلى هذا الشعور بالمسؤولية؛ حتى يأتيَ نصر الله تعالى.

فاتقوا الله ربكم، واستمسكوا بدينكم، فلا نصر إلا بالاستمساك بالإسلام، والأخذ به قولاً وعملاً، وتقديم حق الله - تعالى - على أهواء النفوس وشهواتها.
ثم صلوا وسلموا على نبيكم؛ كما أمركم بذلك ربكم...
[1] انظر: "طبقات ابن سعد" (2/128)، و"سيرة ابن هشام" (5/22)، و"البداية والنهاية" (4/241).
[2] أخرجه من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - البخاري في المغازي؛ باب غزوة مؤتة من أرض الشام (4261)، وأخرجه من حديث أبي قتادة الأنصاري - رضي الله عنه - أحمد (5/299-300).
[3] "سيرة ابن هشام" (5/24) و"تاريخ الطبري" (2/150)، و"البداية والنهاية" (4/223)، و"السيرة الحلبية" (2/787)، و"زاد المعاد" (3/382).
[4] جاء هذا في حديث عباد بن عبدالله بن الزبير عن أبيه من الرضاعة، وهو من بني مرة بن عوف، وقد حضر الغزوة، وشهد فعل جعفر - رضي الله عنه-. أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (6/540) برقم (33672)، وأبو داود وقال عقب ذكره: "هذا الحديث ليس بالقوي" (2573)، والبيهقي (9/87)، والطبراني في "الكبير" (2/106) برقم (1492)، وحسنه الحافظ في "الفتح" (7/584)، وانظر كلام الخطابي عن حكم عقر الفرس في خطبة سيرة جعفر بن أبي طالب - رضي الله عنه -ج (4) ص(52) من هذه المجموعة.
[5] انظر: "الدرر" لابن عبدالبر (210)، و"زاد المعاد" (3/382)، و"السيرة الحلبية" (2/788).
[6] جاء ذلك في أحاديث عدة، منها:

أ ) حديث أبي هريرة - رضي الله عنه – قال: قال رسول الله - صلى الله عايه وسلم -: "رأيت جعفرًا يطير في الجنة مع الملائكة" أخرجه أبو يعلى (4935)، والترمذي وقال: هذا حديث غريب (3763)، وصححه ابن حبان (4047)، والحاكم وقال على شرط مسلم ووافقه الذهبي (3/212).
ب) حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عايه وسلم -: "رأيت جعفر بن أبي طالب في الجنة ذا جناحين يطير حيث شاء"؛ أخرجه الطبراني في "الكبير" (11/396) برقم (12112).
جـ) ما جاء عن ابن عمر - رضي الله عنهما -: "أنه كان إذا حيّا ابن جعفر قال: ((السلام عليك يا ابن ذي الجناحين))؛ أخرجه البخاري (4264)، والحاكم (3/44).

والأحاديث في ذلك كثيرة، وقد ذكر كثيرًا منها الحافظ في "الفتح" في مناقب جعفر بن أبي طالب - رضي الله عنه –وحسنها.
[7] انظر: "وسيلة الإسلام" لأبي العباس أحمد بن أحمد الخطيب (108).
[8] أخرجه البخاري في المغازي باب غزوة مؤتة من أرض الشام (4261)، وجاء في حديث آخر عن نافع أن ابن عمر - رضي الله عنهما - أخبره أنه: "وقف على جعفر يومئذ وهو قتيل، فعددت به خمسين بين طعنة وضربة ليس منها شيء في دبره؛ يعني في ظهره" أخرجه البخاري (4260)، وهذا تعارض من راوٍ واحد هو ابن عمر - رضي الله عنهما - وللجمع بين الحديثين أوجه عدة منها:

الأول: أن العدد قد لا يكون له مفهوم.
الثاني: أن الزيادة باعتبار ما وجد فيه من رمي السهام؛ فإن ذلك لم يذكر في هذه الرواية؛ بل ذكر: "طعنة وضربة" والحديث الآخر قال فيه: "طعنة ورمية".
الثالث: أن رواية الخمسين مقيدة بكونها ليس فيها شيء في ظهره، ورواية التسعين يكون الزائد على الخمسين في ظهره أو جنبيه، ولا يستلزم ذلك أنه ولى الدبر فقد تكون السهام أتته من ظهره وجنبيه.

ويؤيد الوجه الأول رواية العمري عن نافع: "فوجدنا ذلك فيما أقبل من جسده" بعد أن ذكر العدد بضعًا وتسعين.
ووقع في رواية البيهقي في "الدلائل": "بضعًا وتسعين، أو بضعًا وسبعين"، وأشار إلى أن بضعًا وتسعين أثبت. انظر: "فتح الباري" (7/585).
[9] أخرجه ابن إسحاق عن عروة مرسلاً؛ كما في "فتح الباري" لابن حجر (7/584)، وأخرجه الطبري في تاريخه عن ابن إسحاق عن يحيى بن عباد بن عبدالله ابن الزبير عن أبيه من الرضاعة، وهو من بني مرة بن عوف وكان في الغزوة (2/151)، وابن كثير في "البداية والنهاية" (4/244-245)، وانظر: "سيرة ابن هشام" (5/30)، و"الثقات" لابن حبان (2/33)، و"الدرر" لابن عبدالبر (210)، و"زاد المعاد" (3/383)، و"السيرة الحلبية" (2/788).
[10] انظر: "فقه السيرة" للغزالي (367-368).
[11] أخرجه البخاري في المغازي باب غزوة مؤتة من أرض الشام (4265)، وابن المبارك في الجهاد (218)، وابن أبي شيبة في "مصنفه" (19443)، وأحمد في "فضائل الصحابة" (1475-1481)، والخرائطي في "مكارم الأخلاق" (175).
[12] "البداية والنهاية" (4/247).
[13] أخرجه البخاري في المغازي باب غزوة مؤتة (4262)، والنسائي في الجنائز باب النعي (4/26)، والطبراني في "الكبير" (2/105) (1460).
[14] اختلف أهل السير في نتائج هذه السرية هل كانت نصرًا للمسلمين أم كانت هزيمة عليهم على أقوال ثلاثة:

القول الأول: أنها كانت هزيمة على المسلمين؛ وهذا اختيارُ ابن سعد في "الطبقات" (2/98) إذ قال - رحمه الله تعالى -: "فاصطلح الناس على خالد بن الوليد فأخذ اللواء، وانكشف الناس فكانت الهزيمة، فتبعهم المشركون، فقتل من قتل من المسلمين". ولعلَّ هذا القول مبنيّ على ما حصل للقادة الثلاثة - رضي الله عنهم - إذ يبعد أن يقتل ثلاثةُ قادة متتابعين في معركة واحدة دون أن يكون هناك هزيمة! وجواب ذلك: أن القادة الثلاثة كانوا من فرط شجاعتهم، وحبّهم للشهادة في مقدمة الجيش، فكان بدء الرمي والضرب عليهم، أو أن الروم قصدوا الراية؛ لأنها عنوان النصر والهزيمة، فتساقط القادة الثلاثة تحتها؛ حماية لها.
القول الثاني: لم يكن هناك نصر ولا هزيمة بلِ انحازت كل طائفة عن الطائفة الأخرى؛ كما روى ابن هشام عن ابن إسحاق: "فاصطلح الناس على خالد بن الوليد فلما أخذ الراية دافع القوم، وخاشى بهم، ثم انحاز وانحيز عنه؛ حتى انصرف بالناس" انظر: "سيرة ابن هشام" (4/19).
وقال ابن إسحاق في موضع آخر (4/23): "وقد قال فيما كان من أمر الناس وأمر خالد، ومخاشاته بالناس، وانصرافه بهم قيس بن المسحر اليعمري يعتذر مما صنع يومئذ وصنع الناس:

فَوَاَللّهِ لَا تَنْفَكّ نَفْسِي تَلُومُنِي عَلَى مَوْقِفِي وَالْخَيْلُ قَابِعَةٌ قُبْلُ
وَقَفْتُ بِهَا لَا مُسْتَجِيرًا فَنَافِذًا وَلَا مَانِعًا مَنْ كَانَ حُمّ لَهُ الْقَتْلُ
عَلَى أَنّنِي آسَيْتُ نَفْسِي بِخَالِدِ أَلا خَالِدٌ فِي الْقَوْمِ لَيْسَ لَهُ مِثْلُ
وَجَاشَتْ إلَيّ النّفْسُ مِنْ نَحْوِ جَعْفَرٍ بِمُؤْتَة إذْ لَا يَنْفَعُ النّابِلَ النّبْلُ
وَضَمّ إلَيْنَا حَجْزَتَيْهِمْ كِلَيْهِمَا مُهَاجِرَةٌ لَا مُشْرِكُونَ وَلَا عُزْلُ

فبين قيس ما اختلف فيه الناس من ذلك في شعره: أنَّ القوم حاجزوا وكرهوا الموت، وحقق انحياز خالد بمن معه» اهـ. وانظر: "تاريخ الطبري" (3/42)، و"الاكتفاء" للكلاعي (2/283)، وقوله: "مخاشاته بالناس" معناه: أنه - رضي الله عنه - خشي على المسلمين لقلة عددهم وكثرة عدوهم، وقيل: الصواب "حاشى بهم. بالحاء المهملة، ومعناه: انحاز بهم، انظر: "الروض الأنف" (4/81).
وقد أيد قول ابن إسحاق هذا بأنهم انحازوا ابن القيم في "زاد المعاد" (3/383)، فقال: "والصحيح ما ذكره ابن إسحاق أن كل فئة انحازت عن الأخرى" اهـ.

القول الثالث: أن غزوة مؤتة كانت نصرًا عظيمًا للمسلمين؛ كما هو قول موسى بن عقبة والزهري ومن وافقهما؛ فقد نقل ابن هشام في "السيرة" (4/23) عن الزهري قوله: "أمّر المسلمون عليهم خالد بن الوليد ففتح الله عليهم". وقال الحافظ في "الفتح" (7/586): "وقع في المغازي لموسى بن عقبة - وهي أصح المغازي - ما نصه: ثم أخذه - يعني اللواء - عبدالله بن رواحة فقتل، ثم اصطلح المسلمون على خالد بن الوليد فهزم الله العدو وأظهر المسلمين" اهـ. ونصر هذا القول ابن كثير في "البداية والنهاية" فقال: "هذا عظيم جدًّا أن يتقاتل جيشان متعاديان في الدين، أحدهما وهو الفئة التي تقاتل في سبيل الله عدتها ثلاثة آلاف، وأخرى كافرة وعدتها مئتا ألف مقاتل: من الروم مئة ألف، ومن نصارى العرب مئة ألف، يتبارزون ويتصاولون، ثم مع هذا كله لا يقتل من المسلمين إلا اثنا عشر رجلاً، وقد قتل من المشركين خلق كثير، هذا خالد وحده يقول: "لقد اندقت في يدي يوم مؤتة تسعة أسياف فما بقي في يدي إلا صفيحة يمانية"، فماذا ترى قد قتل بهذه الأسياف كلها، دع غيره من الأبطال الشجعان من حملة القرآن، وقد تحكَّموا في عبدة الصلبان عليهم لعائن الرحمن في ذلك الزمان وفي كل أوان، وهذا مما يدخل في قوله - تعالى -: {قَدْ كَانَ لَكُمْ آَيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ} [آل عمران: 13] اهـ. من "البداية والنهاية" (4/259).

والذي يظهر رجحانه القول الثالث لما يلي:

حديث أنس - رضي الله عنه - وفيه أن النبي - صلى الله عايه وسلم - قال: ((حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله حتى فتح الله عليهم))؛ أخرجه البخاري، وانظر تخريجه في هامش (13) فسماه النبي - صلى الله عايه وسلم - فتحًا، والفتح لا يكون إلا عن انتصار.
ما جاء في مغازي أبي الأسود عن عروة بن الزبير - رضي الله عنهما - قال: "فحمل خالد على الروم فهزمهم"؛ ذكره الحافظ في "الفتح" (7/586).
أن رجلاً من المسلمين من أهل اليمن قد قتل فارسًا من الروم، وسلبه سرجًا وسلاحًا مذهبين؛ كما في حديث عوف بن مالك الأشجعي - رضي الله عنه - عند أحمد (6/26-28)، ومسلم (1753)، وأبي داود (2719)، ولا شك في أن السلب غنيمة، والغنيمة تكون عن ظفر بالمعركة.
أنه لم يقتل من المسلمين بإجماع أهل السير والمغازي - فيما وقفت عليه من كتبهم - سوى اثني عشر رجلاً سماهم ابن هشام في "سيرته" (4/27-28)، والهزيمة لا يكون ضحاياها هذا العدد الضئيل؛ بل كثير من المعارك التي انتصر فيها المسلمون انتصارًا ساحقًا كان عدد قتلاها أكثر من هذا العدد.
الظاهر من حال المعركة أن المسلمين أثخنوا في الروم، ولا يعلم كم كانت خسائر الروم، لكن سياق المعركة يدل على أنها خسائر فادحة، ويتبين ذلك من وجهين:


الأول: أن خالدًا - رضي الله عنه - اندقت في يده تسعة أسياف، وهذا عدد كبير في معركة واحدة، ويدل على إثخانه في العدو سوى غيره من أبطال المسلمين وشجعانهم؛ كما هو قول ابن كثير - رحمه الله تعالى -.
الثاني: أن المسلمين استطاعوا الانسحاب من أرض المعركة بسلام، ولولا أن القتل كان كثيرًا في الروم - حتى إنهم كفوا عن المسلمين - لما انسحبوا ولركبوا ظهور المسلمين قتلاً وأسرًا، وأطبقوا عليهم من كل جانب، خاصة وأنهم يزيدون على المسلمين بما يقارب سبعين ضعفًا، وهذا عدد كبير جدًّا - بل لا يكاد يصدق لولا إجماع أهل السير عليه - وما منعهم من ذلك إلا ما رأوه من القتل في قومهم، فتهيبوا من المسلمين فلم يطاردوهم، وكأنهم فرحوا بانحيازهم عنهم. وهذا الانحياز، والخلوص من هذه الجموع العظيمة من الروم بخسائر قليلة من أبين الدلائل على أنه نصر عظيم، وفتح مبين؛ ولذلك اعتبره بعض المحققين علامة على "الفتح" والنصر؛ كما قال الدكتور أكرم العمري في "السيرة النبوية الصحيحة" (2/469): "«ويعتبر هذا الانسحاب المنظم الناجح فتحًا عظيمًا حيث تمكَّن خالد من إنقاذ جيشه بخسائر طفيفة مع الإثخان في الروم، وإصابتهم بقتلى وجرحى، ولا شك أن استبسال المسلمين في القتال، وشجاعتهم النادرة، وحرصهم على الشهادة، بالإضافة إلى عبقرية خالد العسكرية هو الذي مكنهم بعون الله - تعالى - من الخلاص من المأزق" اهـ.

[15] أخرجه من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه -البخاري في الجهاد والسير باب تمني الشهادة (2798)، وأحمد (3/113).
[16] أخرجه أحمد (1/204-205)، وابن سعد في "الطبقات" (4/3-37)، والنسائي في "الكبرى" (8604)، والطبراني في "الكبير" (2/105) برقم (1461)، وابن عبدالبر في "التمهيد" (22/139) وأخرجه مختصرًا أبو داود في الترجل باب في حلق الرأس (4192)، والنسائي في الزينة باب حلق رؤوس الصبيان (8/128)، وصححه الشيخ أحمد شاكر في "شرحه على المسند" (1750)، وانظر "شرح كلمة (تفرح له) في خطبة سيرة جعفر - رضي الله عنه - ج(4) ص(54) من هذه المجموعة.
[17] أخرجه أحمد (1/205)، وإسحاق بن راهويه في "مسنده" (10)، وأبو يعلى في "مسنده" (6801)، وعبدالرزاق في "مصنفه" (6665)، وأبو داود في الجنائز باب صنعة الطعام لأهل الميت (3132)، والترمذي في الجنائز باب ما جاء في الطعام يصنع لأهل الميت (998)، وابن ماجه في الجنائز باب ما جاء في الطعام يبعث إلى أهل الميت (1610)، والدارقطني (11). وقد جاء من حديث عبدالله ابن جعفر - رضي الله عنهما - ومن حديث أسماء بنت عميس - رضي الله عنها - وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي (1/372)، وصححه الشيخ أحمد شاكر في "شرحه على المسند" (1751).


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
غزوة مؤتة: أحداث ودروس
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  الجانب الحسن في أحداث غزة
»  تأملات في أبرز أحداث سنة 2011م
» • لحظات مؤلمه ..ودروس فى الصبر•.
»  وقفة مع أحداث غزة
»  التأمل في أحداث الثورات

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اسلام ويب :: ۩✖ منتدي الاسلاميات العامه ۩✖ :: مقــــالات اســــلاميه :: خطب مقـــرؤه-
انتقل الى: