اسلام ويب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

من فقه الدعاء يقول سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "أنا لا أحمل همَّ الإجابة، وإنما أحمل همَّّ الدعاء، فإذا أُلهمت الدعاء كانت الإجابة معه". وهذا فهم عميق أصيل ، فليس كل دعاء مجابًا، فمن الناس من يدعو على الآخرين طالبًا إنزال الأذى بهم ؛ لأنهم ينافسونه في تجارة ، أو لأن رزقهم أوسع منه ، وكل دعاء من هذا القبيل ، مردود على صاحبه لأنه باطل وعدوان على الآخرين. والدعاء مخ العبادة ، وقمة الإيمان ، وسرّ المناجاة بين العبد وربه ، والدعاء سهم من سهام الله ، ودعاء السحر سهام القدر، فإذا انطلق من قلوب ناظرة إلى ربها ، راغبة فيما عنده ، لم يكن لها دون عرش الله مكان. جلس عمر بن الخطاب يومًا على كومة من الرمل ، بعد أن أجهده السعي والطواف على الرعية ، والنظر في مصالح المسلمين ، ثم اتجه إلى الله وقال: "اللهم قد كبرت سني ، ووهنت قوتي ، وفشت رعيتي ، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفتون ، واكتب لي الشهادة في سبيلك ، والموت في بلد رسولك". انظر إلى هذا الدعاء ، أي طلب من الدنيا طلبه عمر، وأي شهوة من شهوات الدنيا في هذا الدعاء ، إنها الهمم العالية ، والنفوس الكبيرة ، لا تتعلق أبدًا بشيء من عرض هذه الحياة ، وصعد هذا الدعاء من قلب رجل يسوس الشرق والغرب ، ويخطب وده الجميع ، حتى قال فيه القائل: يا من رأى عمرًا تكسوه بردته ** والزيت أدم له والكوخ مأواه يهتز كسرى على كرسيه فرقًا ** من بأسه وملوك الروم تخشاه ماذا يرجو عمر من الله في دعائه ؟ إنه يشكو إليه ضعف قوته ، وثقل الواجبات والأعباء ، ويدعو ربه أن يحفظه من الفتن ، والتقصير في حق الأمة ، ثم يتطلع إلى منزلة الشهادة في سبيله ، والموت في بلد رسوله ، فما أجمل هذه الغاية ، وما أعظم هذه العاطفة التي تمتلئ حبًا وحنينًا إلى رسول الله - صل الله عليهلم -: (أن يكون مثواه بجواره). يقول معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: "يا بن آدم أنت محتاج إلى نصيبك من الدنيا ، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج ، فإن بدأت بنصيبك من الآخرة ، مرّ بنصيبك من الدنيا فانتظمها انتظامًا ، وإن بدأت بنصيبك من الدنيا ، فائت نصيبك من الآخرة ، وأنت من الدنيا على خطر). وروى الترمذي بسنده عن النبي - صل الله عليهلم -: أنه قال: ((من أصبح والآخرة أكبر همه جمع الله له شمله ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن أصبح والدنيا أكبر همه فرَّق الله عليه ضيعته ، وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له)). وأخيرًا .. أرأيت كيف أُلهم عمر الدعاء وكانت الإجابة معه ، وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186)" (البقرة:186).


 

  تحول العداء اليهوديّ النصرانيّ إلى وفاق

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة


avatar


نقــاط : 100140
 تحول العداء اليهوديّ النصرانيّ إلى وفاق Oooo14
 تحول العداء اليهوديّ النصرانيّ إلى وفاق User_o10

 تحول العداء اليهوديّ النصرانيّ إلى وفاق Empty
مُساهمةموضوع: تحول العداء اليهوديّ النصرانيّ إلى وفاق    تحول العداء اليهوديّ النصرانيّ إلى وفاق Emptyالأربعاء 5 يونيو 2013 - 11:35

إنَّ الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضِلَّ له، ومن يُضْلِلْ فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102]، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1]، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 70 – 71].
أما بعْدُ: فإن أصدق الحديث كلام الله – تعالى - وخير الهدي هَدْي محمد - صلى الله عليه وسلم - وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

أيها المسلمون: الصراع بين الحق والباطل صراعٌ قديم، بدأ منذ أن قال إبليس: {قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} [الحجر: 39 – 40].
وأقسم على ذلك بعزة الله - تعالى - فقال: {فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلا عِبَادَكَ مِنْهُمُ المُخْلَصِينَ} [ص: 82 – 83]، فأرسل الله - تعالى - الرسل، وأنزل الكتب، وبين الطريق إليه، وحذر من سُبُل الشيطان؛ فانقسمت البشرية إلى جند للرحمن ينشرون دين الله – تعالى - ويجاهدون في سبيله، ويتبعون الرسل - عليهم السلام - وجندٍ للشيطان يكذبون الرسل، ويصدون عن سبيل الله – تعالى - ويحاربون أولياءه.

إنه ابتلاء مكتوب على ذرية آدم، ينجو فيه من ينجو ممن كتبت له السعادة، ويهلك فيه من يهلك ممن كتب عليه الشقاء.
وإذا تقرر ذلك؛ فإن من الباطل شرعًا وفطرةً وقدرًا أن يجتمع الكفر والإيمان، ويتآلف الحق مع الباطل، ويتآخى جند الرحمن وجند الشيطان، وكل محاولة لذلك فمصيرها إلى الفشل.
وعداءُ المسلمين مع غيرهم سواءٌ كانوا يَهُودًا، أم نصارى، أم وثنيين هو عداءٌ بين التوحيد والشرك.. بين الإيمان والكفر .. بين الحق والباطل، وكل محاولة لإزالة هذه العداوة لن تكون إلا بإخضاع الكفر للإسلام على الدوام؛ وهذا ما يأباه الشيطان، ولن يكون قضاءً وقدرًا؛ لأن الله - تعالى - قضى أن الباطل يبقى إلى آخر الزمان؛ حتى يُجَاهِدُه أهل الحق والإيمان. أو تزال العداوة بينهما بإخضاع الإسلام للكفر، وذلك الكفر الذي ما بعده كفر؛ لأن من مقتضيات دين الإسلام علوه وارتفاعه على الكفر، وديانة أهله بالبراءة من الشرك وأهله.

وكذلك العداوة بين الديانات الأخرى - غير الإسلام - المُحَرَّف منها، والمخترع هي عداوة دينية في أغلبها؛ مبنية على اعتقادات باطلة.
وهكذا كانت العداوة بين اليهودية والنصرانية، كانت عداوة دينية، سجلها التاريخ، وصرح بها القرآن العظيم: {وَقَالَتِ اليَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ اليَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الكِتَابَ} [البقرة: 113]، وهذه العداوة بين هاتين الأُمَّتَيْن الضَّالَّتَيْن عداوة أساسها الدين، فإن عيسى - عليه السلام - لما بُعِثَ بالنّبوَّة، حسده اليهود عليها وعلى ما أعطاه الله من الآيات، وأيَّده به من المعجزات، فكذبوه وآذوه وآذَوا أتباعه، وحاولوا قتله؛ ولكن الله - تعالى - رفعه إليه، وألقى شبهه على أحد حوارييه، فقتلوه وظنوا أنهم قتلوا المسيح - عليه السلام -: {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ} [النساء: 157]، ونصوص اليهود المقدسة، في كتبهم المُحَرَّفَة، ترسّخ كراهية النصارى وتلعنهم، وتحذر اليهود من معونتهم. وجاء في نص من نصوصهم: "من يفعل خيرًا للمسيحيين فلن يقوم من قبره قط".

لقد وصف اليهود نبي النصارى عيسى - عليه السلام - بأبشع الأوصاف، واتَّهَمُوه بأنواع التهم؛ كالجنون؛ والسحر؛ والنجاسة وأنه وثني وابن شهوة[1]؛ وغير ذلك من الأوصاف التي لا تليق بصالحي البشر فضلاً عن الأنبياء والمرسلين عليهم السلام.
وقذفوا أمه مريم - عليها السلام - بالزنى، وقالوا عليها قولاً عظيمًا[2]؛ ولأجل ذلك فإن النصارى كرهوا اليهود كراهة دينية - ولا سيما أن النصارى يعتقدون أن اليهود قتلوا عيسى - عليه السلام - وصلبوه - وجاء في نصوص النصارى الدينية ما يدلّ على معاداتهم لليهود، فباباوات الكاثوليك - أعلى مرجعية دينية عند النصارى - قرَّروا قديمًا أن اليهود يعتبرون خطرًا على جميع شعوب العالم، وخاصَّةً الشعوب النصرانية[3]، وقال أحد كبار الرهبان النصارى: "إنَّ القوى ذاتها التي صلبت المسيح طيلة ألف وتسعمائة سنة تَسعى اليوم إلى صلب كنيسته، ثم يقرر هذا الراهب النصراني أنَّ اليهوديَّة العالميَّة التي نجحت في إذلال شعوب الأرض تترقَّب الفرصة المواتية؛ لسحق المسيحيَّة سحقًا كاملاً"[4].

أيها الإخوة: بان بما سَبَق شدَّة العَدَاوة بين المغضوب عليهم والضالين، اليهود والنصارى، والسؤال الذي لا بُدَّ من طرحه: ما الذي غير العداء اليهودي النصراني الذي هو في حقيقة الأمر عداءٌ ديني، طفحت به نصوص كل طائفة ضد الطائفة الأخرى؟!
لا بُدَّ للإجابة على هذا السُّؤال من التأكيد على أن اليَهُود والنصارى حَرَّفُوا ولا زالوا يحرّفون كتبهم، كما قال الله عنهم: {يُحَرِّفُونَ الكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ} [المائدة: 13]، ولذا فلا عجب أن يُحَوِّلوا نصوص العداء الديني بينهما إلى نصوص وِفاق ومَحَبَّة؛ لأنهم استمرؤوا التحريف، واعتادوا عليه. وهذا التغيير من عداوة إلى وِفَاق بدأ أيضًا بفكرة دينية على يد رجل دين وعالم باللاَّهُوت الكاثوليكي النصراني في القرن السادس عشر الميلادي[5]؛ إذ أدخل في عقيدة النصارى: أن نزول المخلص عيسى ابن مريم - عليهما السلام - من السماء لقتل المسلمين، ولمن لم يؤمن بالنصرانية من اليهود، مشروطٌ بتوطين اليهود في بيت المقدس. وسرى هذا الفكر في الأمة النصرانية التي تنتحل المذهب البُروتستانتي، وسعى الإنجليز - وهم بروتستانت - وقت استعمارهم للشام؛ لتحقيق هذه الفكرة المُخْتَرَعة عقب وعد بلفور، ثم اعترفت الأمة البروتستانتية في الغرب النصراني بهذه الدولة اليهودية التي زُرِعَت في بيت المقدس[6].

واعترض الكاثوليك على هذا التوطين؛ لأنهم يرون أن اليهود أنجاس قتلة، لا يجوز توطينهم في بلد مولد عيسى وعودته، وهم الذين قتلوه حسب اعتقادهم[7]؛ ولكن مع قوة اليهود في الغرب، وتمكّنهم الاقتصادي والإعلامي أخضعوا الكاثوليك لهذه الفكرة الخُرَافيَّة فعقد الكاثوليك مجمعهم المسكوني المشهور، وبرؤوا فيه اليهود من دم المسيح - عليه السلام[8] - وغيّروا صلاتهم التي صلوها عشرين قرنًا؛ لتَخْلُوَ من عبارات سب اليهود ولعنهم.
وبهذا يرى النصارى - خاصة طائفة البروتستانت - أنَّهم حقَّقوا مكسبًا باتخاذ اليهود - بتجميعهم في القدس - مَطِيَّة لخلاصهم، وتحقيق معجزة دينية ينتظرونها، تتلخَّص في نزول المخلص عيسى - عليه السلام - ليقتل المسلمين، ومن لم يتنصر من اليهود، كما يرى اليهود أنهم خدعوا النصارى بالتَّمكين لهم في احتلال الأرض المباركة؛ لبناء هيكل سليمان - عليه السلام - على أنقاض المسجد الأقصى، وتهيئة العالم لخروج ملك السلام، ثم ملك العالم وقتل غير اليهود.

فاليهود إذًا يمكرون بالنصارى، والنصارى يمكرون باليهود. وهذا التعاون بينهم كان لأجل ما يعتقدونه مصالح دينية مشتركة.
أسأل الله - تعالى - أن يحفظ المسلمين من شَرِّهِم ومكرهم إنه سميع مجيب، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا * وَأَكِيدُ كَيْدًا * فَمَهِّلِ الكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا} [الطَّارق: 15 – 17].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم..

الخطبة الثانية
الحمد لله حمدًا طيبًا كثيرًا مباركًا فيه كما يحب ربنا ويرضى، أحمده وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ مُحمَّدًا عبده ورسوله صلى الله وسلَّم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين.
أما بعد: فاتقوا الله - عباد الله - فإنَّ التقوى سبب لنصر الله – تعالى - وحافظ يحفظ من كيد الأعداء ومكرهم: {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} [آل عمران: 120].

أيها المؤمنون: تتفق الأمم الثلاث: المسلمون والنصارى واليهود على قدسية الأرض المباركة، ولكنْ تختلف دوافع تلك القدسية وأسبابها. كما يتفقون على أن مسرح أحداث آخر الزمان سيكون بيت المقدس وما حوله، ولكنَّهم يختلفون في تفاصيل تلك الأحداث، ونتائجها النهائية، وتنتظر الأمم الثلاث مسيحًا يخرج في آخر الزمان؛ كما قال ابن القيم - رحمه الله تعالى -: "والأمم الثلاث تنتظر منتظرًا يخرج في آخر الزمان؛ فإنهم وعدوا به في كل ملة"[9].
ولكنهم اختلفوا فيمن يكون هذا المخلص؟ ومن يقود؟! فاليهود ينتظرون خروج ملك السلام الذي يؤمنون به، ويصنعون الأحداث؛ لتهيئة خروجه بجعل القدس عاصمة موحدة للدولة اليهودية، وقد ربطت هذه العقيدة بالصلاة اليهودية، فاليهودي في كل صلاة يقول بخشوع وابتهال: "أؤمن إيمانًا مطلقًا بقدوم المسيح، وسأبقى حتى لو تأخر أنتظره كل يوم"[10]، وهذا المنتظر الذي ينتظره اليهود ويسمونه: "ملك السلام" هو في واقع الأمر: المسيح الدجال؛ كما ذكر ذلك ابن القيم[11]، وثبت في صحيح مسلم أن سبعين ألفًا من يهود أصبهان يتبعونه[12].

ويتفق المسلمون والنصارى على نزول عيسى ابن مريم - عليه السلام - ولكن النصارى يظنون أنه سيكون معهم على غيرهم، وهو في حقيقة الأمر سيكون مع المسلمين على مَنْ سواهم؛ فيقتل الدجال، ويقتل الخنزير، ويكسر الصليب، ويحكم بشريعة أخيه محمَّد - صلى الله عليه وسلم - كما دل على ذلك القرآن الكريم، وتواترت به السنة النبوية[13].
إن هذه العقائد يعتقدها اليهود والنصارى، وحوّلوها من خيالات وأحلام إلى واقع مشاهد. إنها ليست عقائد فئة قليلة منهم ليس لها حول ولا قوة؛ كما يسوق ذلك العِلمانيون العرب؛ لينقلوا حقيقة الصراع من واقعه الديني إلى صراع تراب وأرض ووطن. إنها اعتقادات دينية عند اليهود والنصارى يعتقدها عِليةُ القوم من الزعماء والساسة والقادة وصناع القرار، ولولا هذه الاعتقادات الدينية لما هاجر يهود الغرب، وتركوا جنة أوروبا وتطوّرها إلى الشرق المتخلف حسب رأيهم، ولما خسر النصارى الأموال الطائلة لتوطين اليهود، وملء ترسانتهم بأنواع الأسلحة التقليدية والنووية؛ لحفظهم من عدو يحيط بهم من كل جانب. ولكان بالإمكان توطين اليهود في أي مكان من فردوس الغرب الواسع، فذلك أكثر أمنًا وحفظًا لهم، وأقل تكلفة وأيسر على النصارى؛ ولكن تهون الصعاب في سبيل العقائد ولو كانت عقائد محرفة، فمتى يعي من يديرون دفَّة الصراع معهم أنه صراع ديني؟!.

إن أكثرهم يعرف ذلك؛ ولكنَّهم خونة خانوا دينهم وأمتهم وأوطانهم، وخدروا جماهير الأمة بوعود السلام الكاذبة، وأحلام التعايش والمحبة الزائفة، وفي كل مرة يمدون أيديهم بالسلام يضربهم العدوّ ويهينهم ويذلهم ويستعبدهم، وهم لا زالوا يظهرون حسن النوايا بالسلام؛ حتى غدا السلام استسلامًا، وربما سيكون استعبادًا لأهل الأرض المباركة؛ حتى يكون المسلم عبدًا لليهودي الذي ضربه الله بالذلة والصغار إلا بحبل من الله، وحبل من الناس!!
ألا فاتقوا الله ربكم، وأعينوا إخوانكم في الأرض المحتلة، وفي الشيشان، وفي كشمير، وفي كل مكان يقتل فيه المسلمون، أعينوهم بصالح دعائكم فإن الدعاء ينفع مما نزل وما لم ينزل، وأعينوهم بفضول أموالكم فهذا حق لهم علينا: {إِنْ تُقْرِضُوا اللهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ} [التغابن: 17]، {وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المزمل: 20].
اللهم صل على محمد وآل محمد؛ كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
[1] أسس القرن التاسع عشر لهيوستن ستيوارت نشامبرلين (1/337)، والأصولية الإنجيلية لمحمد السماك (11).
[2] كما في قوله - تعالى - عنهم: {وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا} [النساء: 156]. قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: "يعني أنهم رموها بالزنى"، انظر: "تفسير ابن كثير" (1/872).
[3] مجلة: "سيفيلتا كاثوليكا" الصادرة عن الفاتيكان مرجع الكاثوليك في العالم، عن الأصولية الإنجيلية لمحمد السماك (10).
[4] انظر: "انقضاض اليهودية على المسيحية" (9).
[5] هو عالم اللاَّهوت الألماني (مارتن لوثر)، الذي اخترع عقيدة البروتستانت، وقبله لم يكن النصارى سِوى كاثوليك وهم نصارى الغرب، وأرثوذكس وهم نصارى الشرق. والكنائس النصرانية تتبع لإحدى هاتين الطائفتين؛ حتى أنشأ (مارتن) هذا المذهب الذي يقوم على تبني اليهود، واعتبارهم شعب الله المختار، وتسخير النصارى لخدمتهم، وتوطينهم في بيت المقدس، وقد قيل: "إن له أصدقاء يهود تأثر بهم في ذلك"، وقيل: "إنه عميل لليهود". والله أعلم.
[6] بلفور وزير خارجية بريطانيا، هو الذي وعد اليهود بتوطينهم في بيت المقدس عقب استعمارها من قبل الإنجليز، وبريطانيا تدين بالبروتستانتية، ودعم اليهود بعد بريطانيا أمريكا، وهي أيضًا تدين بالبروتستانتية، وفيها الأحزاب الإنجيلية المتعصبة لفكرة خلاص النصارى عن طريق توطين اليهود في فلسطين.
[7] ولذلك أرسل الفاتيكان عام 1922م مذكرة رسمية إلى عصبة الأمم ينتقد فيها فكرة إقامة وطن لليهود في فلسطين، انظر: "الصهيونية المسيحية" لمحمد السماك (25).
[8] هذا المجمع المسكوني عقد عام 1963م.
[9] "إغاثة اللهفان" (2/338).
[10] "الخلفية التوراتية" (42)
[11] "إغاثة اللهفان" (2/338).
[12] كما في حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((يتبع الدجال من يهود أصبهان سبعون ألفًا عليهم الطيالسة))؛ أخرجه مسلم في الفتن باب في بقية من أحاديث الدجال (2944).
[13] جمع أحاديث نزول المسيح ابن مريم الشيخ المحدث محمد أنور شاه الكشميري في مجلد سماه: "التصريح بما تواتر في نزول المسيح"، وقطع بهذا التواتر غير واحد من أهل العلم، وهو من مواطن الإجماع.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
تحول العداء اليهوديّ النصرانيّ إلى وفاق
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اسلام ويب :: ۩✖ منتدي الاسلاميات العامه ۩✖ :: مقــــالات اســــلاميه :: خطب مقـــرؤه-
انتقل الى: