اسلام ويب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

من فقه الدعاء يقول سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "أنا لا أحمل همَّ الإجابة، وإنما أحمل همَّّ الدعاء، فإذا أُلهمت الدعاء كانت الإجابة معه". وهذا فهم عميق أصيل ، فليس كل دعاء مجابًا، فمن الناس من يدعو على الآخرين طالبًا إنزال الأذى بهم ؛ لأنهم ينافسونه في تجارة ، أو لأن رزقهم أوسع منه ، وكل دعاء من هذا القبيل ، مردود على صاحبه لأنه باطل وعدوان على الآخرين. والدعاء مخ العبادة ، وقمة الإيمان ، وسرّ المناجاة بين العبد وربه ، والدعاء سهم من سهام الله ، ودعاء السحر سهام القدر، فإذا انطلق من قلوب ناظرة إلى ربها ، راغبة فيما عنده ، لم يكن لها دون عرش الله مكان. جلس عمر بن الخطاب يومًا على كومة من الرمل ، بعد أن أجهده السعي والطواف على الرعية ، والنظر في مصالح المسلمين ، ثم اتجه إلى الله وقال: "اللهم قد كبرت سني ، ووهنت قوتي ، وفشت رعيتي ، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفتون ، واكتب لي الشهادة في سبيلك ، والموت في بلد رسولك". انظر إلى هذا الدعاء ، أي طلب من الدنيا طلبه عمر، وأي شهوة من شهوات الدنيا في هذا الدعاء ، إنها الهمم العالية ، والنفوس الكبيرة ، لا تتعلق أبدًا بشيء من عرض هذه الحياة ، وصعد هذا الدعاء من قلب رجل يسوس الشرق والغرب ، ويخطب وده الجميع ، حتى قال فيه القائل: يا من رأى عمرًا تكسوه بردته ** والزيت أدم له والكوخ مأواه يهتز كسرى على كرسيه فرقًا ** من بأسه وملوك الروم تخشاه ماذا يرجو عمر من الله في دعائه ؟ إنه يشكو إليه ضعف قوته ، وثقل الواجبات والأعباء ، ويدعو ربه أن يحفظه من الفتن ، والتقصير في حق الأمة ، ثم يتطلع إلى منزلة الشهادة في سبيله ، والموت في بلد رسوله ، فما أجمل هذه الغاية ، وما أعظم هذه العاطفة التي تمتلئ حبًا وحنينًا إلى رسول الله - صل الله عليهلم -: (أن يكون مثواه بجواره). يقول معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: "يا بن آدم أنت محتاج إلى نصيبك من الدنيا ، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج ، فإن بدأت بنصيبك من الآخرة ، مرّ بنصيبك من الدنيا فانتظمها انتظامًا ، وإن بدأت بنصيبك من الدنيا ، فائت نصيبك من الآخرة ، وأنت من الدنيا على خطر). وروى الترمذي بسنده عن النبي - صل الله عليهلم -: أنه قال: ((من أصبح والآخرة أكبر همه جمع الله له شمله ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن أصبح والدنيا أكبر همه فرَّق الله عليه ضيعته ، وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له)). وأخيرًا .. أرأيت كيف أُلهم عمر الدعاء وكانت الإجابة معه ، وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186)" (البقرة:186).


 

 الجنة وما يقرب إليها

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة


avatar


نقــاط : 100200
الجنة وما يقرب إليها Oooo14
الجنة وما يقرب إليها User_o10

الجنة وما يقرب إليها Empty
مُساهمةموضوع: الجنة وما يقرب إليها   الجنة وما يقرب إليها Emptyالثلاثاء 28 مايو 2013 - 20:41

بسم الله الرحمن الرحيم
الجنة وما يقرب إليها

الحمد لله رب العالمين ..

أما بعد، عباد الله:
هل تفكرتم يوماً في سعادة خالية من الأكدار؟ هل تفكرتم في سعادة أصفى من الدموع؟، وأنصع من لبن الضروع؟ هل تفكرتم في حياة لا شقاء فيها ولا سقم؟ ولا جوع ولا حزن ولا نصب؟

إنها الحياة الحقيقية {وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [العنكبوت: 64].

إنها حياة المؤمنين في جنات النعيم، حياة تنسي كل شقاء، يقول عليه الصلاة والسلام: ((يؤتى بأشد الناس بؤساً في الدنيا من أهل الجنة فيصبغ صبغة في الجنة، فيقال له: يا ابن آدم هل رأيت بؤساً قط؟ هل مر بك شدة قط؟ فيقول: لا والله يا رب، ما مر بي بؤس قط، ولا رأيت شدة قط))؛ رواه مسلم.

دار لا حزن فيها ولا شقاء، ولا كراهية ولا بغضاء {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ } [الحجر: 47]، {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ * الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِن فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ} [فاطر: 34-35].

طهرت قلوبهم وأسعدت، وطهرت مسامعهم وألسنتهم {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا * إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا} [الواقعة: 25-26].

يتقلبون في جنات ونهر، في مقعد صدق عند مليك مقتدر، يشربون مما يشتهون {يُطَافُ عَلَيْهِم بِكَأْسٍ مِن مَّعِينٍ * بَيْضَاء لَذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ * لا فِيهَا غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ} [الصافات: 45-47].

فيها ألذ الخمر بلا صداع ولا سكر، وأنهار شتى من كل ما يطلبون {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاء غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ} [محمد: 15].

وحسبنا قوله - سبحانه وتعالى -: {وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا} [الإنسان: 21]، وقوله - سبحانه وتعالى -: {يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ} [الدخان: 55]، {يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ * بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ * لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنزِفُونَ * وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ * وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ} [الواقعة: 17-21].

وهم مع هذا الأكل والشارب لا يبولون ولا يتغوطون، كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ بل تخرج فضلاتهم كريح المسك {لَّهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ} [النساء: 57]، {قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ} [الرحمن: 56]، {كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ} [الرحمن: 58]، وفي الحديث الصحيح: ((أن الرجل ليصل في اليوم إلى مائة عذراء))؛ رواه الطبراني.

ولهم فيها أفخر اللباس {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ} [فاطر: 33].

أما بناؤها فكما قال المولى - سبحانه وتعالى -: {لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ} [الزمر: 20]، وقال عليه الصلاة والسلام: ((لَبِنَةٌ من فضة ولَبِنَةٌ من ذهب، مِلاطُها المسك، وحَصباؤُها اللؤلؤ والياقوت، وتُربتُها الزعفران))؛ رواه الترمذي، وفي الحديث: ((للمؤمن لؤلؤة مجوفة يرى ظاهرها من باطنها)).

إنه النعيم وهي جنات النعيم، نعيم يعرفه في وجوههم كل ناظر إليهم {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * عَلَى الْأَرَائِكِ يَنظُرُونَ * تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ} [المطففين: 22-24]، {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ * ضَاحِكَةٌ مُّسْتَبْشِرَةٌ} [عبس: 38-39]، {فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا} [الإنسان: 11].

إنه النعيم والسرور، إنه الضحك والاستبشار، لا يفنى شبابهم، ولا تبلى ثيابهم في نعيم أبداً، ففي (صحيح مسلم) عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((أن أهل الجنة إذا دخلوها نادى منادٍ: يا أهل الجنة إن لكم أن تصِحُّوا فلا تسقموا أبداً، وإن لكم أن تشِبُّوا فلا تهرموا أبداً، وإن لكم أن تنعموا فلا تبئسوا أبدًا))؛ رواه مسلم.

وفي الحديث يقول الله - سبحانه وتعالى - لأهل الجنة: ((يا أهل الجنة، فيقولون: لبيك ربنا وسعديك، والخير في يديك، فيقول: هل رضيتم؟ فيقولون: وما لنا لا نرضى يا رب وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدًا من خلقك، فيقول: ألا أعطيكم أفضل من ذلك، فيقولون: يا رب وأيُّ شيءٍ أفضل من ذلك؟ فيقول: أُحِلُّ عليكم رضواني، يا أهل الجنة هل رضيتم؟ أعطيكم أكثر من هذا، فتنكشف الحجب، فينظرون عياناً إليه تعالى، فيشغلهم عن كل نعيم، وعن كل لذة))؛ متفق عليه، {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: 22-23].

خلود بلا موت، ينادون عند دخولها {طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ} [الزمر: 73]، {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ} [الدخان: 56].

فيها الملك العظيم، والنعيم المقيم {وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَّنثُورًا * وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا} [الإنسان: 19-20].

والحديث عن الجنة وما فيها من نعيم لا يمكن استقصاءه، وما في الكتاب والسنة من فرحهم، وسرورهم، وخيامهم، وسررهم، وأرائكهم، وبسطهم، ووسائدهم، ونمارقهم، وأصناف طعامهم وشرابهم، ونسائهم، وولدانهم، وخيولهم، ومراكبهم، وأشجارها، وظلالها، وأنهارها، وأبوابها، ما لا يتسع المجال له، وليس في الدنيا من الجنة إلا الأسماء، كما قال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: {وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً} [البقرة: 25]، لا مقارنة، وإنما تقريب للأذهان.

وحسبنا أن نروي ما ذكره صلى الله عليه وسلم أن موسى عليه السلام سأل ربه عن أدنى أهل الجنة منزلة، قال: هو رجلٌ يجيءُ بعد ما أدخل أهل الجنة الجنة، فيقال له: ادخل الجنة، فيقول: أي رب كيف وقد نزل الناس منازلهم وأخذوا أخذاتهم؟ فيقال له: أترضى أن يكون لك مثل ملك ملك من ملوك الدنيا؟ فيقول: رضيت رب، فيقول: لك ذلك، ومثله، ومثله، ومثله، ومثله، فقال في الخامسة: رضيت رب، فيقول: هذا لك وعشرة أمثاله، ولك ما اشتهت نفسك، ولذَّت عينك، فيقول: رضيت رب، قال: رب فأعلاهم منزلة؟ قال: أولئك الذين غرستُ كرامتهم بيدي، وختمت عليها، فلم تَرَ عينٌ، ولم تسمع أُذُنٌ، ولم يخطر على قلب بشر، قال: ومصداقه في كتاب الله - عز وجل -: {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين}))؛ رواه مسلم.
عباد الله:
ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة، وهي دارُنا الأولى التي أخرج منها أبينا، فحيَّ إلى جنات عدن.
اعمل لدار غدٍ رضوان خازنها الجار أحمد والرحمن بانيها
أرض لها ذهب والمسك طينتها والزعفران حشيش نابت فيها
أنهارها لبن محض ومن عسل والخمر يجري رحيقاً في مجاريها
والطير تجري على الأغصان عاكفة تسبح الله جهراً في مغانيها
من يشتري قبة في العدن عالية في ظل طوبى رفيعات مبانيها
من يشتري الدار في الفردوس يعمرها بركعة في ظلام الليل يخفيها
أو سد جوعة مسكين بشبعته في يوم مسبغة عم الغلا فيها
النفس تطمع في الدنيا وقد علمت أن السلامة منها ترك ما فيها
عباد الله:
تنافسوا إلى جنات النعيم كما أمركم خالقكم - سبحانه وتعالى -: {وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران: 133]، فنعم السباق ونعم التنافس {خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} [المطففين: 26]، {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالْأَرْضِ} [الحديد: 21].

عباد الله:
سابقوا وسارعوا وتنافسوا كما أمركم ربكم فنعم السباق ونعم التنافس، إنه الفوز العظيم، والربح الكبير {فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ} [آل عمران: 185].
عباد الله:
أقول ما تسمعون وأستغفر الله العظيم فاستغفروه إنه هو التواب الرحيم.

الخطبة الثانية
الحمد لله الذي أكرم أوليائه بجنات النعيم، وأسبغ عليهم فيها حلل النضارة والتكريم، والصلاة والسلام على نبيه الهادي إلى الصراط المستقيم، وعلى آله وأصحابه مصابيح الليل البهيم.

أما بعد، عباد الله:
لما خلق الله الجنة وشق فيها أنهارها، وغرس فيها أشجارها، ووضع فيها بنيانها، قال لها تكلمي، قالت: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [المؤمنون: 1-11].

عباد الله:
الطريق إلى الجنة واضح معلوم، دل عليه كتاب الله المجيد، ونبيه الكريم، طريقها العمل الصالح، {فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ} [سورة القارعة، آية: 17] {فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ * فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ * قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ * كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ} [الحاقة: 21-24].

لابد لها من عملٍ وسعيٍ وجدٍّ {إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاء وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُورًا} [الإنسان: 22].

طريقها: الخوف من الله تعالى {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} [الرحمن: 46].

طريقها: تقوى الله تعالى {لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ} [الزمر: 20].

طريقها: الاستقامة والصلاح {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ} [الرعد: 23].

طريقها: الإخلاص لله والاستعداد ليوم المعاد، {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا * وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُورًا * فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا * وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا} [الإنسان: 7-12].

يقول عبدالله بن سلام حبر يهود المدينة: كانت أول كلمات سمعتها من النبي صلى الله عليه وسلم عند وصوله المدينة بعد ما رأيت وجهه وقلت: إنه ليس وجه كذاب، سمعته يقول: ((أيها الناس أطعموا الطعام، وأفشوا السلام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام)) فعرفت أنه نبي وأنها دعوة جميع الأنبياء.

عباد الله:
الجنة لها أسباب {ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [النحل: 32] لها ثمانية أبواب: الريان باب لا يدخل منه إلا الصائمون، وباب الصلاة، وباب الجهاد، .. وهكذا.

ومن أعظم أسباب دخول الجنة: الجهاد، وهو بذل الجهد، وجهاد النفس، وجهاد المشركين، وجهاد الهوى، وجهاد الشيطان، ففي غزو أحد قتل حارثة رضي الله عنه وهو شاب صغير، فجاءت والدته فرأته في دمائه، فقالت: يا رسول الله أخبرني عن حارثة، إن كان في الجنة صبرت واحتسبت، وإن كان غير ذلك أريك ما أصنع، فنظر إليها النبي صلى الله عليه وقال: ((يا أم حارثة بل هي جنات، وان ابنك أصاب الفردوس الأعلى))؛ رواه البخاري.

طريقها: العلم النافع، يقول صلى الله عليه وسلم: ((من سلك طريقاً يلتمس به علماً سهل الله له طريقاً إلى الجنة))؛ رواه ابن حبان والترمذي، وقال صلى الله عليه وسلم أيضاً: ((والحج المبرور ليس له جزاء إلى الجنة))؛ رواه الطبراني.

طريقها: طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم: ((كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى))، قالوا: من يأبى يا رسول الله؟ قال: (من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى))؛ رواه البخاري.

عباد الله:
إن أحسن الكلام المنظوم، وأبين اللفظ المرقوم، كلام ربنا الحي القيوم، قال عز من قائل: {مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا * وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا} [الإسراء: 18-19].

عباد الله:
أمركم الله بأمرٍ بدأ فيه بنفسه، وثنَّى بملائكة قدسه، وثلَّث بالمؤمنين من جنه وإنسه، فقال عز من قائل عليمًا حكيماً: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56].

اللهم صلِّ وسلِّم وزِدْ وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الجنة وما يقرب إليها
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» غلمان الجنة يطوفون على أهل الجنة ليمارسوا معهم الشذوذ الجنسي
» حديث الرجل الذي يؤمر به إلى النار فيلتفت إلى ربه راجيا أن يدخله الجنة فيدخله الجنة
»  مساكن الآخرة والطريق إليها
» من يتقدم إليها
» .:.:. منهُ إليها .:.:.

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اسلام ويب :: ۩✖ منتدي الاسلاميات العامه ۩✖ :: مقــــالات اســــلاميه :: خطب مقـــرؤه-
انتقل الى: