اسلام ويب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

من فقه الدعاء يقول سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "أنا لا أحمل همَّ الإجابة، وإنما أحمل همَّّ الدعاء، فإذا أُلهمت الدعاء كانت الإجابة معه". وهذا فهم عميق أصيل ، فليس كل دعاء مجابًا، فمن الناس من يدعو على الآخرين طالبًا إنزال الأذى بهم ؛ لأنهم ينافسونه في تجارة ، أو لأن رزقهم أوسع منه ، وكل دعاء من هذا القبيل ، مردود على صاحبه لأنه باطل وعدوان على الآخرين. والدعاء مخ العبادة ، وقمة الإيمان ، وسرّ المناجاة بين العبد وربه ، والدعاء سهم من سهام الله ، ودعاء السحر سهام القدر، فإذا انطلق من قلوب ناظرة إلى ربها ، راغبة فيما عنده ، لم يكن لها دون عرش الله مكان. جلس عمر بن الخطاب يومًا على كومة من الرمل ، بعد أن أجهده السعي والطواف على الرعية ، والنظر في مصالح المسلمين ، ثم اتجه إلى الله وقال: "اللهم قد كبرت سني ، ووهنت قوتي ، وفشت رعيتي ، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفتون ، واكتب لي الشهادة في سبيلك ، والموت في بلد رسولك". انظر إلى هذا الدعاء ، أي طلب من الدنيا طلبه عمر، وأي شهوة من شهوات الدنيا في هذا الدعاء ، إنها الهمم العالية ، والنفوس الكبيرة ، لا تتعلق أبدًا بشيء من عرض هذه الحياة ، وصعد هذا الدعاء من قلب رجل يسوس الشرق والغرب ، ويخطب وده الجميع ، حتى قال فيه القائل: يا من رأى عمرًا تكسوه بردته ** والزيت أدم له والكوخ مأواه يهتز كسرى على كرسيه فرقًا ** من بأسه وملوك الروم تخشاه ماذا يرجو عمر من الله في دعائه ؟ إنه يشكو إليه ضعف قوته ، وثقل الواجبات والأعباء ، ويدعو ربه أن يحفظه من الفتن ، والتقصير في حق الأمة ، ثم يتطلع إلى منزلة الشهادة في سبيله ، والموت في بلد رسوله ، فما أجمل هذه الغاية ، وما أعظم هذه العاطفة التي تمتلئ حبًا وحنينًا إلى رسول الله - صل الله عليهلم -: (أن يكون مثواه بجواره). يقول معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: "يا بن آدم أنت محتاج إلى نصيبك من الدنيا ، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج ، فإن بدأت بنصيبك من الآخرة ، مرّ بنصيبك من الدنيا فانتظمها انتظامًا ، وإن بدأت بنصيبك من الدنيا ، فائت نصيبك من الآخرة ، وأنت من الدنيا على خطر). وروى الترمذي بسنده عن النبي - صل الله عليهلم -: أنه قال: ((من أصبح والآخرة أكبر همه جمع الله له شمله ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن أصبح والدنيا أكبر همه فرَّق الله عليه ضيعته ، وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له)). وأخيرًا .. أرأيت كيف أُلهم عمر الدعاء وكانت الإجابة معه ، وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186)" (البقرة:186).


 

 اعملوا لدار الجزاء

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة


avatar


نقــاط : 100205
اعملوا لدار الجزاء Oooo14
اعملوا لدار الجزاء User_o10

اعملوا لدار الجزاء Empty
مُساهمةموضوع: اعملوا لدار الجزاء   اعملوا لدار الجزاء Emptyالأحد 26 مايو 2013 - 12:28

اعملوا لدار الجزاء

الحمد لله العزيز الغفور الحليم الشكور، {يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ * يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [الحديد: 4 - 6].

أحمد ربي وأشكره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له العلي الكبير، وأشهد أن نبَّينا وسيِّدنا محمدًا عبده ورسوله المبعوث بالرحمة والنور، اللهمَّ صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه ذوي السعي المشكور.

أما بعد:
فاتقوا الله تعالى؛ فإن تقواه نجاةٌ من عذابه، وفوزٌ بثوابه.

أيها المسلمون:
إن لكم دارٌ غير هذه الدار؛ إما دار نعيمٍ أبديٍّ مقيم، وإما دار عذابٍ سرمديٍّ أليم، وكل آتٍ قريب؛ فالليل والنهار يختلفان، والخلق يلبسونهما إلى أجل مسمَّى، والموت غاية كل مخلوق؛ قال الله تعالى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [الرحمن: 26 - 27].

ولا يكذِّب بالموت أحد؛ فأما المؤمن فيستعد له، وأما الفاجر فيغره أمله حتى يصرعه أجله!!

ألا وإن دار الدنيا تصلح بصلاح الأعمال، وتتغير بقبيح الفعال؛ قال الله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل: 97]. وقال تعالى: {وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ} [المؤمنون: 71].

فنعم دار الابتلاء لمن أصلحها بالخيرات، وبئست الدار لمن اتبع بها الشهوات، قال الله تعالى: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى} [النجم: 31]، وقال عز وجل: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ} [فاطر: 5].

ألا وإن في الدنيا جنَّة مَنْ دخلها دخل جنة الآخرة؛ ألا وهي طاعة الله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه؛ قال الله تعالى: {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الزخرف: 72].

وإن نار الآخرة لا يدخلها إلا مَن اخترق سياج شهواتها وتجرَّأ على ربه، وفي الحديث: ((حُفَّت الجنة بالمكاره، وحُفَّت النار بالشهوات)).

فاطلبوا - عباد الله - جنَّة ربكم بحسن العمل، مع الإخلاص لله تعالى، والعمل بسنَّة نبيِّكم - صلى الله عليه وسلم - فمَنْ لم يكن على إخلاصٍ وسنَّة؛ فهو مُبْعَدٌ عن رحمة الله - عزَّ وجلَّ - وقد رغَّب الله تعالى في جنَّته، ووصفها لكم كأنها رأيَ عين، ووصف أهلها وذكر أعمالهم؛ ليعمل العاملون، ويتسابق المتسابقون.

وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((ألا هل من مشمِّرٍ للجنَّة؟ فإن الجنة لا خطر لها، هي ورب الكعبة نورٌ يتلألأ، وريحانةٌ تهتز، وقصرٌ مَشيد، ونهرٌ مُطْلَب، وثمرةٌ نضيجة، وزوجةٌ حسناء جميلة، وحُلَلٌ كثيرة، ومقاد في أبد في دار سليمة، وفاكهة وخضرة وحضرة، ونعمة في محلَّة عالية بهية))!! قالوا: نعم يا رسول الله، نحن المشمِّرون لها؛ قال: ((قولوا: إن شاء الله))، فقال القوم: إن شاء الله؛ رواه ابن ماجه، وابن حبان في "صحيحه" من حديث أسامة بن زيد - رضي الله عنه.

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قلنا: يا رسول الله، حدِّثنا عن الجنَّة؛ ما بناؤها؟ قال: ((لَبِنَةُ ذهب، ولَبِنَةُ فضة، وملاطُها المسك[1]، وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت، وترابها الزعفران، مَنْ يدخلها ينعم ولا يبأس، ويخلد لا يموت، ولا تبلى ثيابه، ولا يفنى شبابه))؛ رواه أحمد والترمذي.

وعن جابر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((يأكل أهل الجنة فيها ويشربون، ولا يتغوَّطون ولا يمتخَّطون ولا يبولون، ولكن طعامهم ذاك غشاءٌ كرَشْح المسك، يُلْهَمون التسبيح والتكبير كما يُلْهَمون النَّفَس))؛ رواه مسلم.

وعن أنس - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لَغدوةٌ في سبيل الله أو رَوْحَة - خيرٌ من الدنيا وما فيها، ولقاب قوس أحدكم عن موضع كده في الجنة خير من الدنيا وما فيها، ولو أن امرأة من نساء أهل الجنة اطلعت إلى أهل الأرض لأضاءت الدنيا وما فيها ولملأت ما بينهما ريحا، ولنصيبها[2] خير من الدنيا وما فيها))؛ رواه البخاري ومسلم.

وعن جرير بن عبدالله - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إنكم سترون ربَّكم عيانًا، كما ترون هذا القمر، لا تضامون في رؤيته))؛ رواه البخاري ومسلم.

وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إني لأعلم آخر أهل النار خروجًا منها - أو: آخر أهل الجنة دخولاً الجنة -: رجلٌ يخرج من النار حَبْوًا، فيقول الله - عزَّ وجلَّ - له: اذهب فادخل الجنة؛ فيأتيها، فيُخيَّل إليه أنها ملأى؛ فيرجع فيقول: يا رب، وجدتها ملأى! فيقول الله - عزَّ وجلَّ - له: اذهب فادخل الجنة؛ فيأتيها، فيُخيَّل إليه أنها ملأى؛ فيرجع فيقول: يا رب، وجدتها ملأى!! فيقول الله - عزَّ وجلَّ - له: اذهب فادخل الجنة، فإن لك مثل الدنيا وعشرة أمثالها - أو: إن لك مثل عشرة أمثال الدنيا - فيقول: أتسخر - أو: تضحك - بي وأنت الملك!)). قال: فلقد رأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضحك حتى بَدَت نواجذه؛ فكان يقول: ((ذلك أدنى أهل الجنة منزلةً))؛ رواه البخاري ومسلم.

فهذا الوعد والصدق، والثواب الحق، ودار الخلد والنعيم - هو الذي جعل السلف الصالح - رضي الله عنهم - يبذلون أنفسهم وأموالهم، ويفارقون أوطانهم؛ نصرةً لدين الله، وحبًّا لله ولرسوله، ويتَّصفون بالفضائل، ويبتعدون عن الرذائل، ويُحسنون إلى الخَلْق، ويحبُّون لله، ويبغضون لله، ويُعطون لله، ويمنعون لله؛ طلبًا لرضوان الله وجنَّته، لا تفتر هِممهم، ولا ينقطع عملهم، ولا يضعف خوفهم ورجاؤهم لربِّهم، ولا ينسون ذِكْرَ ربِّهم.

فيا مَنْ غرَّته دنياه ونسي أخراه، ويا مَنْ جرَّأه حلم الله على المعاصي فضيَّع الواجبات، ويا مَنْ متَّعه الله بالنِّعم وظن أنه أوتي الحظ السعيد: الزم الأمر الرشيد، واسْتَفِقْ من سَكْرَتِك، واستيقظ من نوم غفلتك، فما أسرع الموت وسَكَراته!! وما أقرب القبر وظلماته!! وما تخطَّاك إلى غيرك سيتخطَّى غيرَك إليك، وليس بينك وبين الجنة والنار إلا نزول ملائكة الموت.

ففروا إلى رب كريم، واحذروا - عباد الله - دار الهوان والعذاب الأليم؛ فإن الله تبارك وتعالى قد أنذركم وحذركم من النار، ووصف لكم عذابها كأنها رأي العين، وذكر أعمال أهلها؛ لنجتنب تلك الأعمال.

وأخبرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشدة عذابها، فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((إن أهون أهل النار عذابًا من له نعلان وشراكان من نار، يغلي منهما دماغه كما يغلي المِرْجل، ما يرى أن أحدًا أشد منه عذابًا، وإنه لأهونهم عذابًا!))؛ رواه مسلم من حديث النعمان بن بشير - رضي الله عنهما -.

وأما أشدهم عذابًا في النار؛ فذلك الكرب العظيم والرِّجز الأليم:
الطعام: ضريعٌ وزَقُّوم.
الشراب: المُهْل والصَّديد والحميم.
اللِّباس: من قطران ومن قطع النار.
قال تعالى: {لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ} [الأعراف: 41]، {لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ} [الزمر: 16].

ألا إن سبب دخول الجنة والنجاة من النار القيام بأركان الإسلام وما يتبعها.

ألا وإن صيام رمضان ركنٌ من أركان الإسلام، وقد طُويت صحائفه بما فيه، فمَنْ وُفِّق فيه للصيام والقيام فيما مضى؛ فليحمد الله على ذلك، وليشكر الله - عزَّ وجلَّ - وليثبت على طاعة الله - عزَّ وجلَّ - فإن من ثواب الحسنة الحسنة بعدها.

ومَنْ قصَّر فليتب إلى الله - تبارك وتعالى - فإن التوبة بابها مفتوحٌ في كل وقت، وإن من عقوبة المعصية المعصية بعدها؛ قال الله - تبارك وتعالى -: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} [هود: 114].

وإن المعصية بعد الطاعة إما أن تذهبها وإما أن تنقص ثوابها، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الحج: 77].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذِّكْر الحكيم، ونفعنا بهدي سيد المرسلين وقوله القويم.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم وللمسلمين من كل ذنب؛ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.


الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله الملك الحق المبين، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبده ورسوله الصادق الوعد الأمين، اللهمَّ صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:
فاتقوا الله تعالى حقَّ التقوى، وتمسَّكوا من الإسلام بالعروة الوثقى؛ يقول الله تعالى: {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [الحديد: 21]، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: 6].

ورُوي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما رأيتُ مثل النار ما مهاربها، ولا مثل الجنة ما مطالبها))؛ رواه الترمذي.

أيها المسلمون:
إن رسولنا - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إن الحلال بيِّن وإن الحرام بيِّن وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام)).

فاعملوا بعمل أهل الجنة فكونوا من أهلها، ولا تعملوا بأعمال أهل النار لئلا تكونوا من أهلها.

وعلى المسلم أن يكثر الدعاء دائمًا أن يدخله الله الجنة ويعيذه من النار؛ فإن الدعاء هو مخُّ العبادة، كذلك هو غاية المسلم ومنتهى أمانيه؛ قال رجلٌ: يا رسول الله: إني لا أُحسن دندنتك ولا دندنة معاذ، ولكني أسأل الله الجنة، وأعوذ به من النار؛ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((حولها ندندن)).

ألا وإن مَنْ صام ستَّةً من شوال فإنه كصيام الدهر، وقد رغَّب النبيُّ - عليه الصلاة والسلام - في صيام هذه الستَّة، فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((مَنْ صام رمضان، وأتبعه ستًّا من شوال؛ فكأنما صام الدهر كله))؛ رواه مسلم.

عباد الله:
{إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56]، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: ((من صلَّى عليَّ صلاة واحدة صلَّى الله عليه عشرا)).

اللهمَّ صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهمَّ صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم؛ إنك حميدٌ مجيدٌ، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم؛ إنك حميدٌ مجيدٌ، وسلِّم تسليمًا كثيرًا.

اللهمَّ أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الكفر والكافرين يا رب العالمين. اللهمَّ انصر دينك وكتابك وسنة نبيك.

اللهمَّ فرِّج هم المهمومين من المسلمين، واقضِ الدين عن المدينين من المسلمين، اللهمَّ واشف مرضانا ومرضى المسلمين يا رب العالمين.

اللهمَّ أعذنا من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، اللهمَّ أعذنا من إبليس وذريته يا رب العالمين.

اللهمَّ إنَّا نسألك أن تغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا وما أسررنا وما أعلنَّا وما أنت أعلم به منَّا، أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت.

اللهمَّ اغفر لموتانا وموتى المسلمين، اللهمَّ ضاعف حسناتهم وتجاوز عن سيئاتهم يا رب العالمين.

اللهمَّ أنت الله لا إله إلا أنت رحمن الدنيا والآخرة ورحيمها لا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين، اللهمَّ أغثنا يا أرحم الراحمين ويا رب العالمين، أنت ربنا وإلهنا وأنت على كل شيء قدير.

اللهمَّ أحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة.

اللهمَّ إنَّا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى، اللهمَّ أغننا بحلالك عن حرامك وبطاعتك عن معصيتك وبفضلك عمن سواك يا رب العالمين.

اللهمَّ ألِّف بين قلوب المسلمين، واجعلهم متعاونين على الحق والبر والتقوى يا رب العالمين، وانصرهم على عدوك وعدوهم، واكفهم أعداء الإسلام يا رب العالمين.

{رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [الحشر: 10].

اللهمَّ وفق ولي أمرنا إمامنا لما تحب وترضى، اللهمَّ وفقه لهداك واجعل عمله في رضاك يا رب العالمين، وأعنه على أمور الدنيا والدين، وانصر به دينك وأعلِ به كلمتك. اللهمَّ وفق نائبه لما تحب وترضى، اللهمَّ انصر به دينك، اللهمَّ وفقه لهداك واجعل عمله في رضاك.

اللهمَّ إنَّا نسألك يا ذا الجلال والإكرام أن تشرح صدورنا، اللهمَّ اشرح صدورنا ويسر أمورنا وأحسن عاقبتنا يا أرحم الراحمين، تقبل حسناتنا وتجاوز عن سيئاتنا.

عباد الله:
{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ} [النحل: 90 - 91].
اذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.

[1] الملاط: هو ما يكون بين الحجرين.
[2] نصيبها يعني: خمارها.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
اعملوا لدار الجزاء
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اسلام ويب :: ۩✖ منتدي الاسلاميات العامه ۩✖ :: مقــــالات اســــلاميه :: خطب مقـــرؤه-
انتقل الى: