اسلام ويب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

من فقه الدعاء يقول سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "أنا لا أحمل همَّ الإجابة، وإنما أحمل همَّّ الدعاء، فإذا أُلهمت الدعاء كانت الإجابة معه". وهذا فهم عميق أصيل ، فليس كل دعاء مجابًا، فمن الناس من يدعو على الآخرين طالبًا إنزال الأذى بهم ؛ لأنهم ينافسونه في تجارة ، أو لأن رزقهم أوسع منه ، وكل دعاء من هذا القبيل ، مردود على صاحبه لأنه باطل وعدوان على الآخرين. والدعاء مخ العبادة ، وقمة الإيمان ، وسرّ المناجاة بين العبد وربه ، والدعاء سهم من سهام الله ، ودعاء السحر سهام القدر، فإذا انطلق من قلوب ناظرة إلى ربها ، راغبة فيما عنده ، لم يكن لها دون عرش الله مكان. جلس عمر بن الخطاب يومًا على كومة من الرمل ، بعد أن أجهده السعي والطواف على الرعية ، والنظر في مصالح المسلمين ، ثم اتجه إلى الله وقال: "اللهم قد كبرت سني ، ووهنت قوتي ، وفشت رعيتي ، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفتون ، واكتب لي الشهادة في سبيلك ، والموت في بلد رسولك". انظر إلى هذا الدعاء ، أي طلب من الدنيا طلبه عمر، وأي شهوة من شهوات الدنيا في هذا الدعاء ، إنها الهمم العالية ، والنفوس الكبيرة ، لا تتعلق أبدًا بشيء من عرض هذه الحياة ، وصعد هذا الدعاء من قلب رجل يسوس الشرق والغرب ، ويخطب وده الجميع ، حتى قال فيه القائل: يا من رأى عمرًا تكسوه بردته ** والزيت أدم له والكوخ مأواه يهتز كسرى على كرسيه فرقًا ** من بأسه وملوك الروم تخشاه ماذا يرجو عمر من الله في دعائه ؟ إنه يشكو إليه ضعف قوته ، وثقل الواجبات والأعباء ، ويدعو ربه أن يحفظه من الفتن ، والتقصير في حق الأمة ، ثم يتطلع إلى منزلة الشهادة في سبيله ، والموت في بلد رسوله ، فما أجمل هذه الغاية ، وما أعظم هذه العاطفة التي تمتلئ حبًا وحنينًا إلى رسول الله - صل الله عليهلم -: (أن يكون مثواه بجواره). يقول معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: "يا بن آدم أنت محتاج إلى نصيبك من الدنيا ، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج ، فإن بدأت بنصيبك من الآخرة ، مرّ بنصيبك من الدنيا فانتظمها انتظامًا ، وإن بدأت بنصيبك من الدنيا ، فائت نصيبك من الآخرة ، وأنت من الدنيا على خطر). وروى الترمذي بسنده عن النبي - صل الله عليهلم -: أنه قال: ((من أصبح والآخرة أكبر همه جمع الله له شمله ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن أصبح والدنيا أكبر همه فرَّق الله عليه ضيعته ، وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له)). وأخيرًا .. أرأيت كيف أُلهم عمر الدعاء وكانت الإجابة معه ، وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186)" (البقرة:186).


 

 يا معرضًا عن التوبة إلى متى؟

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة


avatar


نقــاط : 100255
يا معرضًا عن التوبة إلى متى؟ Oooo14
يا معرضًا عن التوبة إلى متى؟ User_o10

يا معرضًا عن التوبة إلى متى؟ Empty
مُساهمةموضوع: يا معرضًا عن التوبة إلى متى؟   يا معرضًا عن التوبة إلى متى؟ Emptyالخميس 23 مايو 2013 - 8:29

يا معرضًا عن التوبة إلى متى؟

الحمد لله التواب الرحيم الحليم العليم، أحمد ربي وأشكره على فضله العميم، وأشهد أن لا إله إلا الله العلي العظيم، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبده ورسوله الموصوف بكل خلقٍ كريم، اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه ذوي المنهج القويم.

أما بعد،
فاتقوا الله معشر المسلمين حق التقوى، فتقوى الله الجليل عدةٌ لكل شدة، وحصنٌ أمينٌ لمن دخله، وجُنَّةٌ من عذاب الله.

واعلموا عباد الله أن ربكم خلق بني آدم مُعرَّضًا للخطيئات، وكذلك معرَّضٌ للتقصير في الواجبات، فضاعف له الحسنات، ولم يضاعف عليه السيئات، قال الله تعالى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [الأنعام: 160].

وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله كتب الحسنات والسيئات، فمن هَمَّ بحسنةٍ فلم يعملها كتبها الله عنده حسنةً كاملة، فإن عملها كتبها الله عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعافٍ كثيرة، وإن هَمَّ بسيئةٍ فلم يعملها كتبها عنده حسنةً كاملةً، فإن عملها كتبها الله عنده سيئةً واحدة)). رواه البخاري.

وشرع الله لكسب الحسنات طرقًا للخيرات، وفرائض مكفِّرات للسيئات رافعة للدرجات، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفراتٌ لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر)) رواه مسلم.

وعن عبدالله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أربعون خصلة أعلاها منيحة العنز ما من عاملٍ يعمل بخصلةٍ منها رجاء ثوابها وتصديق موعودها إلا أدخله الله الجنة)) رواه البخاري.

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة، فأفضلها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان)) رواه البخاري ومسلم.

وعن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: قلت يا رسول الله: أي العمل أفضل؟ قال: ((الإيمان بالله، والجهاد في سبيله))، قلت: أي الرقاب أفضل؟ قال: ((أنفثها عند أهلها وأكثرها ثمنا))، قلت: فإن لم أفعل؟ قال: ((تعين صانع أو تصنع لأقرب))، قلت: يا رسول الله أرأيت إن ضعفت عن بعض العمل؟ قال: ((تكفُّ شرَّك عن الناس، فإنها صدقةٌ منك على نفسك)). رواه البخاري ومسلم.

وعنه - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقَ أخاك بوجهٍ طليق)) رواه مسلم.

وعن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إنَّ الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها، أو يشرب الشربة فيحمده عليها)) رواه مسلم.

وكما شرع الله كثرة أبواب الخير وأسباب الحسنات سد أبواب الشرِّ والمحرَّمات، وحرَّم وسائل المعاصي والسيئات، ليثقل ميزان البرِّ والخير ويخفَّ ميزانُ الإثمِ والشرِّ، فيكون العبد من الفائزين المخلصين، قال الله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [الأعراف: 33].

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فأتوا به ما استطعتم)). رواه مسلم.

وجماع الخير وملاك الأمر وسبب السعادة التوبة إلى الله - عزَّ وجلَّ -، قال الله تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور: 31].

ومعنى التوبة: هي الرجوع إلى الله والإنابة إليه من فعل المُحرَّم والإثم، أو من ترك واجب أو تقصير فيه بصدق قلب وندمٍ على ما كان.

والتوبة النصوح يحفظ الله بها الأعمال الصالحة التي فعلها العبد، ويكفِّر الله بها المعاصي التي وقعت، ويدفع الله بها العقوبات النازلة والآتية، قال الله تعالى: {فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آَمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آَمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ} [يونس: 98].

روى ابن جرير - رحمه الله - في تفسير هذه الآية عن قتادة قال: "لم ينفع قريةٌ كفرت ثم آمنت حين حضرها العذاب فتُركت إلا قوم يونس، لمَّا فقدوا نبيهم وظنوا أن العذاب قد دنا منهم قذف الله في قلوبهم التوبة، وألهوا بين كل بيهمة وولدها - أي فرَّقوا بينهما - ثم عجُّوا إلى الله أربعين ليلة، فلمَّا عرف الله الصدق من قلوبهم والتوبة والندامة على ما مضى منهم كشف الله عنهم العذاب بعد أن تدلَّى عليهم".

وقال تعالى: {وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ} [هود: 3].

والتوبة واجبةٌ على كل أحدٍ من المسلمين، فالواقع في كبيرة تَجِبُ عليه التوبةُ لئلا يبغته الموت وهو على المعصية، والواقع في صغيرة تَجِبُ عليه التوبة، لأن الإصرار على الصغيرة يكون من كبائر الذنوب.

والمؤدي للواجبات التارك للمحرمات تَجِبُ عليه التوبة أيضًا لِمَا يلزم في العمل من الشروط ولِمَا يلزم من انتفاء موانع قبوله وما يُخشى على العمل من الشوائب المُحذَّرِ منها كالرياء والسمعة.

عن الأذر بن يسار بن المُزَني - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((يا أيها الناس توبوا إلى الله واستغفروه، فإني أتوب في اليوم مائة مرة)) رواه مسلم.

والتوبة بابٌ عظيم يتحقق به الحسنات الكثيرة العظيمة التي يحبها الله؛ لأن العبد إذا أحدث لكل ذنبٍ يقع فيه توبة كثرت حسناته ونقصت سيئاته، قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الفرقان: 68 - 70].

أيها المسلمون:
تذكروا سعة رحمة الله وعظيم فضله وحلمه وجوده وكرمه حيث قَبل توبة التائبين وأقال عثرة المذنبين ورَحم ضعف هذا الإنسان المسكين وأثابه على التوبة، وفتح له أبواب الطهارة والخيرات.

عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إن الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل)) رواه مسلم.

والتوبة من أعظم العبادات وأحبها إلى الله تعالى، من اتصل بها تحقق فلاحه ظهر في الأمور نجاحه، قال تعالى: {فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ} [القصص: 67]. وكفى بفضل التوبة شرفًا فرحُ الربِّ بها فرحًا شديدًا!

عن أنسٍ - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لله أشد فرحًا بتوبة عبده من أحدكم سقط على بعيره وقد أضله في أرضٍ فلاةٍ علي هذا البعير متاعه)) رواه البخاري ومسلم.

والتوبة من صفات النبيين - عليهم الصلاة والسلام - والمؤمنين، قال الله تعالى: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 117].

وقال تعالى عن موسى - عليه الصلاة والسلام -: {قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} [الأعراف: 143]، وقال تعالى عن داود - عليه السلام -: {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ} [ص: 17]، وقال تعالى: {التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآَمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} [التوبة: 112].

ألا ما أجلَّ صفة التوبة التي بدأ الله بها هذه الصفات المثلى من صفات الإيمان، والتوبة عبادة لله بالجوارح والقلب، واليوم الذي يتوب الله فيه على العبد خير أيام العمر، والساعة التي يفتح الله فيها لعبده باب التوبة ويرحمه بها أفضل ساعات الدهر؛ لأنه قد سعد سعادة لا يشقى بعدها أبدًا.

عن كعب بن مالك - رضي الله عنه - في قصة توبة الله عليه لتخلفه عن غزوة تبوك أنه قال: "فلما سلمت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال وهو يبرق وجهه من السرور: ((أبشر بخير يومٍ مرَّ عليك منذ ولدتك أمك))". رواه البخاري ومسلم.

معشر المسلمين:
إنها تحيط بكم أخطار عظيمة، وتنذركم خطوب جسيمة، وقد نزل بالمسلمين نوازل وزلازل وأصابتهم الفتن والمحن، وإنه لا مخرج لهم من هذه المضايق وهذه الكربات إلا التوبة إلى الله والإنابة إليه، فالتوبة واجبةٌ على كل مسلمٍ على وجه الأرض من الذنوب صغارها وكبارها؛ ليرحمنا الله في الدنيا والآخرة، ويكشف الشرور والكربات ويَقِيَنا عذابه الأليم وبطشه الشديد.

قال أهل العلم: "إذا كانت المعصية بين العبد وربه، لا حقَّ لآدمي فيها".

وشروطها:
- أن يقلع عن المعصية.
- أن يندم على فعلها.
- أن يعزم ألا يعود إليها.
- وإن كانت المعصية تتعلق بحقِ آدمي، فلابد مع هذه الشروط أن يؤدي إليه حقه وأن يستحله منه بالعفو.

والتوبة من جميع الذنوب واجبة وإن تاب من بعض الذنوب صحَّت توبته من ذلك الذنب، وبقي عليه ما لم يتب منه، فتوبوا إلى الله أيها المسلمون، وأقبلوا إلى رب كريم أسبغ عليكم نعمه الظاهرة والباطنة وآتاكم من كل ما سألتموه ومد آجالكم، وتذكروا قصص التائبين المنيبين الذين منَّ الله عليهم بالتوبة النصوح بعد أن غرقوا في بحار الشهوات والشبهات فانجلت للشهوة أبصارهم وحَيَت قلوبهم واستنارت نفوسهم وأيقظهم الله من موت الغفلة وبصَّرهم من عمى الغي وظلمات المعاصي، وأسعدهم من شقاء الموبقات، فصاروا مولودين من جديد مستبشرين بنعمةٍ من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضلٍ عظيم.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [التحريم: 8].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، ونفعنا بهدي سيد المرسلين وقوله القويم، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم وللمسلمين فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية


الحمد لله ذي الجبروت والملكوت الحي الذي لا يموت، أحمد ربي وأشكره وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له يحيي ويميت، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبدالله ورسوله وعده الله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمدٍ وعلى آله وصحبه الذين جاهدوا في الله حق جهاده ففازوا في دنياهم بالخيرات وفي آخرتهم برفيع الدرجات.

أما بعد،
فاتقوا الله تعالى بلزوم طاعاته، واخشوا عذابه وعقوبته بالبعد عن محرماته.

عباد الله:
لقد وهب الله لكم الآجال ومكنكم من صالح الأعمال لتجعلوها وسيلة إلى مرضات ربكم ذو العزة والجلال، فبالعمل الصالح يتقرب العباد وبه تتطهر القلوب من الزيغ والفساد، قال الله تعالى: {وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آَمِنُونَ} [سبأ: 37].

واعلموا أن وراءكم طالبا لن تفوتوه، فلا تدرون متى يفجأ أحدكم الموت؟ عندئذ يتمنى المرء لو فُسِحَ له في أجله وأصلح له في عمله، فلا يُؤخَّر في الأجل ولا يتمكن من صالح العمل، قال الله تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [المؤمنون: 99 - 100].

وفي الحديث، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((الكيِّسُ من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجزُ من أَتْبَعَ نفسَهُ هواها وتمنَّى على الله الأمانيَّ)).

أيها الإنسان:
تذكر من بينك وبين أبينا آدم - عليه الصلاة والسلام - من الآباء والأمهات الذين قدِموا على أعمالهم فأنتم على آثارهم سائرون وبهم لاحقون، فهل ترون من الأجيال الخالية أحدا؟! أو تسمعون لأصواتهم صدى؟!

يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((اذكروا هادم اللذات - يعني الموت - فإنه ما ذُكر في قليل إلا كثره ولا ذكر في كثير إلا قلله)). واستعدوا له بالتوبة الصادقة في كل وقت لئلا يُحال بين أحدكم وبين الدنيا بعملٍ سيء يشقى به ولا يُفلح بعده.

عباد الله:
{إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56].

فصلُّوا وسلِّموا على سيد الأولين والآخرين وإمام المرسلين، اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمدٍ كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمدٍ وعلى آل محمدٍ كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميدٌ مجيدٌ وسلِّم تسليمًا كبيرًا.

اللهم وارضَ عن الصحابة أجمعين وعن الخلفاء الراشدين الأئمة المهديين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن سائر أصحاب نبيك أجمعين وعن التابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، اللهم وارضَ عنَّا بمنِّك وكرمك ورحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذل الكفر والكافرين يا رب العالمين.

اللهم ألِّف بين قلوب المسلمين على الحق يا أرحم الراحمين، اللهم أصلح ذات بينهم واهدهم سبل السلام وانصرهم على عدوك وعدوهم يا قوي يا عزيز، اللهم انصر دينك وكتابك وسنَّة نبيك يا قوي يا عزيز.

اللهم فرِّج همَّ المهمومين من المسلمين ونفث كرب المكروبين من المسلمين، اللهم واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين يا رب العالمين، اللهم اغفر لموتانا وموتى المسلمين، اللهم ضاعف حسناتهم وتجاوز عن سيئاتهم يا أرحم الراحمين.

اللهم يا رب العالمين يا رحمن يا رحيم يا مالك يوم الدين اللهم أغثنا، اللهم أنت الغني ونحن الفقراء اللهم أغثنا، اللهم أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منَّا يا رب العالمين، اللهم أنزل علينا الغيث، اللهم أغثنا غيثا عاجلا يا أرحم الراحمين.

اللهم أعذنا وذرياتنا من إبليس وذريته وجنوده وشياطينه يا رب العالمين، اللهم أعذ المسلمين من الشيطان الرجيم من إبليس وذريته والشياطين وجنوده يا رب العالمين إنك على كل شيء قدير.

اللهم اجعل بلادنا آمنة مطمئنة رخاء سخاء وسائر بلاد المسلمين يا رب العالمين، اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح اللهم ولاة أمورنا.

اللهم وفق ولي أمرنا إمامنا لما تحب وترضى، اللهم وفقه لهداك واجعل عمله في رضاك يا رب العالمين، وأعنه على أمور الدنيا والدين، اللهم انصر به دينك وأعلِ به كلمتك يا رب العالمين، اللهم وفق نائبه لما تحب وترضى وانصر به الدين إنك على كل شيء قدير.

اللهم اجعل ولاة أمور المسلمين عملهم خيرًا لشعوبهم وأوطانهم إنك على كل شيء قدير.

رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [البقرة: 201].

اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة، يا حي يا قيوم برحمتك نستغيث أصلح لنا شأننا كله.

اللهم أعذنا من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، وأعذنا من شر كل ذي شرٍ يا رب العالمين.

رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [البقرة: 201].

عباد الله:
{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ} [النحل: 90 - 91].

اذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
يا معرضًا عن التوبة إلى متى؟
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» التوبة
»  التوبة
» التوبة
» التوبة على عجل
» تعريف التوبة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اسلام ويب :: ۩✖ منتدي الاسلاميات العامه ۩✖ :: مقــــالات اســــلاميه :: خطب مقـــرؤه-
انتقل الى: