اسلام ويب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

من فقه الدعاء يقول سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "أنا لا أحمل همَّ الإجابة، وإنما أحمل همَّّ الدعاء، فإذا أُلهمت الدعاء كانت الإجابة معه". وهذا فهم عميق أصيل ، فليس كل دعاء مجابًا، فمن الناس من يدعو على الآخرين طالبًا إنزال الأذى بهم ؛ لأنهم ينافسونه في تجارة ، أو لأن رزقهم أوسع منه ، وكل دعاء من هذا القبيل ، مردود على صاحبه لأنه باطل وعدوان على الآخرين. والدعاء مخ العبادة ، وقمة الإيمان ، وسرّ المناجاة بين العبد وربه ، والدعاء سهم من سهام الله ، ودعاء السحر سهام القدر، فإذا انطلق من قلوب ناظرة إلى ربها ، راغبة فيما عنده ، لم يكن لها دون عرش الله مكان. جلس عمر بن الخطاب يومًا على كومة من الرمل ، بعد أن أجهده السعي والطواف على الرعية ، والنظر في مصالح المسلمين ، ثم اتجه إلى الله وقال: "اللهم قد كبرت سني ، ووهنت قوتي ، وفشت رعيتي ، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفتون ، واكتب لي الشهادة في سبيلك ، والموت في بلد رسولك". انظر إلى هذا الدعاء ، أي طلب من الدنيا طلبه عمر، وأي شهوة من شهوات الدنيا في هذا الدعاء ، إنها الهمم العالية ، والنفوس الكبيرة ، لا تتعلق أبدًا بشيء من عرض هذه الحياة ، وصعد هذا الدعاء من قلب رجل يسوس الشرق والغرب ، ويخطب وده الجميع ، حتى قال فيه القائل: يا من رأى عمرًا تكسوه بردته ** والزيت أدم له والكوخ مأواه يهتز كسرى على كرسيه فرقًا ** من بأسه وملوك الروم تخشاه ماذا يرجو عمر من الله في دعائه ؟ إنه يشكو إليه ضعف قوته ، وثقل الواجبات والأعباء ، ويدعو ربه أن يحفظه من الفتن ، والتقصير في حق الأمة ، ثم يتطلع إلى منزلة الشهادة في سبيله ، والموت في بلد رسوله ، فما أجمل هذه الغاية ، وما أعظم هذه العاطفة التي تمتلئ حبًا وحنينًا إلى رسول الله - صل الله عليهلم -: (أن يكون مثواه بجواره). يقول معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: "يا بن آدم أنت محتاج إلى نصيبك من الدنيا ، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج ، فإن بدأت بنصيبك من الآخرة ، مرّ بنصيبك من الدنيا فانتظمها انتظامًا ، وإن بدأت بنصيبك من الدنيا ، فائت نصيبك من الآخرة ، وأنت من الدنيا على خطر). وروى الترمذي بسنده عن النبي - صل الله عليهلم -: أنه قال: ((من أصبح والآخرة أكبر همه جمع الله له شمله ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن أصبح والدنيا أكبر همه فرَّق الله عليه ضيعته ، وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له)). وأخيرًا .. أرأيت كيف أُلهم عمر الدعاء وكانت الإجابة معه ، وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186)" (البقرة:186).


 

 الوضوء فضله وآثاره

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة


avatar


نقــاط : 100160
الوضوء فضله وآثاره Oooo14
الوضوء فضله وآثاره User_o10

الوضوء فضله وآثاره Empty
مُساهمةموضوع: الوضوء فضله وآثاره   الوضوء فضله وآثاره Emptyالأحد 19 مايو 2013 - 15:27

الوضوء فضله وآثاره


الحمد لله الذي شرَّع الشرائع، وأحكم الأحكام، وجعلها بالغة الحسن وغايةً في الإحكام، أحمده - تعالى - وأشكره وهو أهلُ الحمد والإنعام، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له هو الحكيم العليّ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ذو الوجه المُضِيء الوَضِيّ، والفعل الجميل الرضِيّ، صلى الله وسلَّم وبارَك عليه وعلى آله وصحبه والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:
فأوصيكم بالتقوى - أيها الناس - فهي خيرُ زادٍ وخيرُ لباس: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} [آل عمران: 102].

ثم اعلموا - رحمكم الله - أن أعمالكم تُحصَى، وأن أعماركم تنقُص، وأن يد الموت عاملة، والأجل مُغيَّب، وليس بينك وبين الآخرة إلا قبض روحك؛ فمن حاسَبَ نفسَهُ ربِحَ، ومن نظر إلى العواقب نجا، ومن خاف سلِمَ، ومن أطاع هواه ضلَّ؛ فهنيئًا لمن استعدَّ للقاء الله، وتخفَّفَ من الدنيا، وتابَ، وآمن، وعمل صالحًا، ثم اهتدى.

أيها المسلمون:
تكليفٌ لطيفٌ، وأمرٌ إلهيٌّ خفيفٌ وفيه تخفيفٌ، جعلَهُ ربُّنا شرطًا بين يدي الصلاة، ومُطفِئًا لغضب النفس حين تضيق بالنفس الحياة، وتكتنفها المعاناة، هو للمؤمن سلاحٌ، ويعقُبُهُ للنفس ارتياحٌ، وللصدر انشراح.

عباد الله:
من أجمل الأحكام والحِكَم: ما يتعلَّقُ بالطهارة والوضوء؛ ذلكم أن الإسلام دين الطهارة والنقاء، والنظافة والصفاء، جَمَعَ بين تطهير الباطن والظاهر، وفي أوائل آيات التنزيل: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} [المدثر: 1- 5].

وعند التأمُّل تتبدَّى لك أحكامٌ جليلةٌ، وحِكَمٌ جميلة تتبيَّن فيها عظمةَ الإسلام ورُقِيَّ أحكامه، وسُمُوَّ شريعته، فما أجمل أن يكون المسلم مُتوضئًا، فضائل وأجور، ونظافة وطهور: {إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: 222].

عملٌ يسيرٌ وأجرٌ كبير، وفي آخر آية الوضوء: {مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [المائدة: 6].

الوضوء مأخوذ من الوضاءة، وهي: الإشراقة، والضياء، والنور، والصفاء، والحسن، والنظافة، وهي الحالُ التي يكون عليها باطن المتوضئ وظاهره حينما يتطهَّر؛ فهو علامةُ الإيمان، قال - صلى الله عليه وسلم: ((ولن يُحافِظَ على الوضوء إلا مؤمنٌ))؛ رواه ابن ماجه.

أيها المسلمون:
منزلةُ الوضوء في الإسلام منزلةٌ عالية؛ فهو نصفُ الإيمان، كما في (صحيح مسلم) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((الطهورُ شطرُ الإيمان)).

الوضوءُ عبادةٌ مستقلةٌ، وقربةٌ كاملة، حتى ولو لم تعقُبه صلاة، إن الأمر ليس مجرد غسلٍ للأطراف، وإزالةٍ للأقذار، إنه أعلى وأجلُّ؛ فالوضوءُ عبادةٌ، والوضوءُ محوٌ للذنوب، وكفارةٌ للخطايا، ورفعةٌ للدرجات، وسببٌ لدخول الجنة، وحِرزٌ من الشيطان، وحفظٌ من الشرور، ومنافعُ للقلوب والأبدان.

وهاكم - أيها المتوضئون - طائفة من أقوال النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها البشارةُ والتحريض:
فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا توضأ العبد المسلم - أو المؤمن - فغسل وجهه خرج من وجهه كل خطيئةٍ نظر إليها بعينيه مع الماء - أو مع آخر قطر الماء، فإذا غسل يديه خرج من يديه كل خطيئةٍ كان بطَشَتْها يداه مع الماء - أو مع آخر قطر الماء، فإذا غسل رجليه خرجت كل خطيئةٍ مَشَتْها رجلاه مع الماء - أو مع آخر قطر الماء، حتى يخرج نقيًّا من الذنوب))؛ رواه مسلم.

وعن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: ((من توضأ فأحسن الوضوء خرجت خطاياه من جسده حتى تخرج من تحت أظفاره))؛ رواه مسلم.

وعنه - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: ((ما من امرئٍ مسلمٍ تحضره صلاةٌ مكتوبةٌ فيُحسِن وُضُوءَها، وخشوعها، وركوعها إلا كانت كفارةً لما قبلها من الذنوب ما لم يؤت كبيرةً، وذلك الدهر كله))؛ رواه مسلم.

وفي (صحيح مسلم) أيضًا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ألا أدُلُّكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟))، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: ((إسباغُ الوضوء على المكاره، وكثرةُ الخُطَى إلى المساجد، وانتظارُ الصلاة بعد الصلاة؛ فذلكمُ الرباط، فذلكم الرباط)).

وفي (الصحيحين) أن النبي - صلى الله عليه وسلم – توضأ، ثم قال: ((من توضأ مثل وضوئي هذا، ثم قام فركع ركعتين لا يُحَدََّثُ فيهما نفسَهُ غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه)).

أيها المسلمون! أيها المتوضئون:
الوضوءُ سيماءُ المؤمنين، وشعارُ هذه الأمة بين العالمين، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ أمتي يُدْعَوْن يوم القيامة غُرًّا مُحجَّلين من آثار الوضوء))؛ رواه البخاري ومسلم.

وفي (الصحيحين) أيضًا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((أنتم الغُرُّ المُحجَّلون يوم القيامة من إسباغ الوضوء، فمن استطاع منكم فليُطِل غُرَّته وتحجيله)).

وفي (صحيح مسلم): ((ترِدُون عليَّ غُرًّا مُحجَّلين من آثار الوضوء، ليست لأحدٍ غيركم))، وكان أبو هريرة - رضي الله عنه - يمُدُّ يديه ويقول: سمعت خليلي - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((تبلُغُ الحِليةُ من المؤمن حيث يبلغ الوضوء)).

عباد الله:
الوضوءُ يُنشِّطُ الجوارح، ويزيد حركة الدم في البدن، ويُعيدُ فيه قوَّته، ونشاطه، وحيويته، ويُوقِفُ العبد أمام ربه بطهارةٍ، وروح عليَّة، ويجلبُ محبَّةَ الله للعبد: {إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: 222]، وفي سورة التوبة: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} [التوبة: 108].

وأعظمُ ما يُشترط له الوضوء: الصلاة، وهي أعظمُ أركان الإسلام بعد الشهادتين، والوضوء مفتاحها، ولا يقفُ المُتعبِّدُ في محراب الصلاة إلا مُتوضئًا؛ ففي (الصحيحين) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لا تُقبَلُ صلاةُ أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ))، وفي (صحيح مسلم) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لا تُقبَلُ صلاةٌ بغير طهور، ولا صدقةٌ من غلول)).

وفي الأمر بالوضوء وصِفَتِهِ يقول الله - عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ} الآية.

وهذه من أعظم آيات الأحكام، كما قال ابن تيمية - رحمه الله، وقال ابن العربي - رحمه الله: "فيها ألفُ مسألة".

وصدقوا؛ فإن فيها من الأحكام والحِكَم ما لا ينقضي منه العجب، ومنه: صفة الوضوء، وهو: غسلُ الوجه مع المضمضمة والاستنشاق، ثم غسل اليدين إلى المرفقين، ثم مسح الرأس والأذنين، ثم غسل الرجلين إلى الكعبين، كما توضأ النبي - صلى الله عليه وسلم.

فعن حُمران مولى عثمان أن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - دعا بوضوء فتوضأ؛ فغسل كفيه ثلاث مرات، ثم مضمض واستنثر، ثم غسل وجهه ثلاث مرات، ثم غسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاث مرات، ثم غسل يده اليسرى مثل ذلك، ثم مسح برأسه، ثم غسل رجله اليمنى إلى الكعبين ثلاث مرات، ثم غسل اليسرى مثل ذلك، ثم قال: رأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ نحو وضوئي هذا، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: ((من توضأ نحو وضوئي هذا، ثم قام فركع ركعتين لا يُحَدِّث فيهما نفسه غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه))؛ رواه البخاري ومسلم.

هذه هي صفة الوضوء الكاملة، والتي ينبغي على المسلم العناية بها، وأن يستوعِبَ جميع أجزاء أعضاء الوضوء بلا إهمال ولا وسواس، وقد رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - من تعجَّل في الوضوء فبَقِيَ في عقِبِه شيءٌ لم يصله الماء، فقال: ((ويلٌ للأعقاب من النار، أسبِغُوا الوضوء))؛ مُخرَّج في (الصحيحين)، وفيهما أيضًا: ((ويلٌ للعراقيب من النار)).

وثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ وغسل أعضاءه مرةً مرةً، وتوضأ أخرى فغسلها مرتين مرتين، وتوضأ أخرى فغسل أعضاءه ثلاثًا ثلاثًا، وقال: ((هكذا الوضوء، فمن زاد على هذا فقد أساء، وتعدَّى، وظلم))؛ حديثٌ صحيحٌ، رواه النسائي، وابن ماجه.

ومنه يُعلَم أن الزيادة على الثلاث وسوسةٌ من الشيطان، وغلوٌّ، وتنطُّعٌ، وإسرافٌ منهيٌّ عنه، والشيطان حريصٌ على إفساد عبادة الإنسان بالغلو والوسوسة، قال الحسن البصري - رحمه الله: "إن شيطانًا يضحك بالناس في الوضوء يقال له: الولهان".

وإن مما تُقطَعُ به الوسوسة: الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، وكذلك نضحُ الفَرْجِ بالماء بعد الوضوء - كما ثبت في (الصحيح) - حتى يُعلَم أن البلل من الماء لا من البول، فيقطع طريق الوسواس.

أيها المسلمون! أيها المتوضئون:
وإذا ختم المسلم وضوءَه بالشهادتين فُتِحت له أبواب الجنة؛ عن عقبة بن عامر - رضي الله عنه - قال: كانت علينا رعاية الإبل، فجاءت نوبَتي فروَّحتُها بعشيٍّ، فأدركتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قائمًا يُحدِّث الناس، فأدركتُ من قوله: ((ما من مسلمٍ يتوضأ فيُحسِن وضوءه، ثم يقوم فيصلي ركعتين مُقبِلاً عليها بقلبه ووجهه إلا وَجَبَت له الجنة))، قال: فقلت: ما أجود هذا، فإذا قائمٌ بين يدي يقول: التي قبلها أجود، فنظرت فإذا عمر، فقال: إني رأيتك جئتَ آنفًا، قال: ((ما منكم من أحدٍ يتوضأ فيبلغ - أو فيسبغ - الوضوء، ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبد الله ورسوله إلا فُتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيِّها شاء))؛ رواه مسلم.

وفي روايةٍ صحيحةٍ عند أبي داود: ((اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين)).

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [المائدة: 6].

بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة، ونفعنا بما فيهما من الآيات والحكمة، أقول قولي هذا وأستغفر الله تعالى لي ولكم.

الخطبة الثانية

الحمد لله حمدًا كثيرًا كما أمر، والشكر له كثيرًا وقد تَأَذّنَ بالزيادة لمن شكر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله خيرُ من توضَّأَ وتطهَّر، صلَّى الله وسلَّم وبارَك عليه وعلى آله وأصحابه الميامين الغُرَر.

أما بعد، أيها المسلمون:
فإن الوضوء ليس مُرتبطًا بالصلاة فحَسْب؛ بل هو مشروعٌ في مواطن كثيرة، مندوبٌ إليه في كل حال؛ فهو مشروعٌ عند النوم، كما في حديث البراء بن عازب - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: ((إذا أتيتَ مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة))؛ الحديث متفق عليه.

وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((من بات طاهرًا بات في شعاره مَلَكٌ، فلا يستيقظ من الليل إلا قال المَلَكُ: اللهم اغفِرْ لعبدك كما بات طاهرًا))؛ أخرجه أحمد، والطبراني في (الكبير).

كما أنه مشروعٌ عند الاستيقاظ من النوم، كما في حديث: ((يعقِدُ الشيطان على ناصية أحدكم إذا هو نام ثلاث عُقَد ..)) الحديث.

ومشروعٌ عند الغضب لإخماد ثوران النفس، وإطفاء حرارتها، ودحر الشيطان، وفي الحديث الذي رواه الإمام أحمد أن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال: ((إذا غضب أحدكم فليتوضأ)).

كما يُشرَع للجُنُب إذا أراد أن يُجامِع أهلَه مرةً أخرى أن يتوضأ؛ فإن ذلك خيرٌ له، وأنشطُ لبدنه ونفسه، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم: ((إذا أتى أحدكم أهله ثم أراد أن يعود فليتوضأ))؛ رواه مسلم.

بل حتى إذا أراد الجُنُب أن يأكل أو ينام قبل الاغتسال فيُسنُّ له أن يتوضأ، كما قالت عائشة - رضي الله عنها: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كان جُنُبًا فأراد أن يأكل أو ينام توضأ وضوءه للصلاة))؛ رواه مسلم.

اللهم اجعلنا من التوابين، واجعلنا من المتطهرين.

ثم اعلموا - رحمكم الله - أن الله قد أمركم بأمرٍ بدأ فيه بنفسه، فقال - سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56].

اللهم صلِّ وسلِّمْ وبارِكْ على عبدك ورسولك محمدٍ، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، وارضَ اللهم عن الأربعة الخلفاء، الأئمة الحنفاء: أبي بكرٍ، وعمر، وعثمان، وعليٍّ، وعن سائر صحابة نبيك أجمعين.

اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام وانصر المسلمين، وأذِلَّ الشرك والمشركين، وانصر عبادك الموحِّدين، اللهم انصر من نصر الدين، واخذل الطغاة والملاحدة والمفسدين.

اللهم ارفع عنا الغلا والوبا، والربا والزنا، والزلازل والمحن، وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا.

اللهم وفِّق وليَّ أمرنا لما تحب وترضى، وخذ به للبر والتقوى، اللهم وفِّقه ونائِبَهُ وإخوانهم وأعوانهم لما فيه صلاح العباد والبلاد، اللهم انصر دينك، وكتابك، وسنة نبيك، وعبادك المؤمنين.

اللهم أصلِح أحوالَ المسلمين، اللهم أصلِح أحوالَ المسلمين في كل مكان يا رب العالمين، اللهم اجمعهم على الكتاب والسنة، وانصرهم على عدوك وعدوهم يا رب العالمين.

اللهم انصر المجاهدين في سبيلك في فلسطين وفي كل مكان يا رب العالمين، اللهم فرِّج همَّ المهمومين من المسلمين، ونفِّث كرب المكروبين، وفُكَّ أسرَ المأسورين، واقضِ الدَّيْن عن المدينين، واشفِِ برحمتك مرضانا ومرضى المسلمين.

{رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة: 201].

ربنا اغفر لنا ولوالدينا ووالديهم وذرياتهم ولجميع المسلمين، اللهم اغفر ذنوبنا، واستر عيوبنا، ويسِّر أمورنا، وبلِّغنا فيما يُرضِيك آمالنا.

{رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيْعُ العَلِيْمُ} [البقرة: 127]، {وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيْمُ} [البقرة: 128].

{سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلاَمٌ عَلَى المُرْسَلِيْنَ * وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ} [الصافات: 180- 182].


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الوضوء فضله وآثاره
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  من دروس الحج وآثاره
» ما جاء فى الصيام و فضله
» ذكر الله (فضله - فوائده)
»  العدل: فضله وأهميته
» ذكر الله - فضله وفوائده

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اسلام ويب :: ۩✖ منتدي الاسلاميات العامه ۩✖ :: مقــــالات اســــلاميه :: خطب مقـــرؤه-
انتقل الى: