اسلام ويب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

من فقه الدعاء يقول سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "أنا لا أحمل همَّ الإجابة، وإنما أحمل همَّّ الدعاء، فإذا أُلهمت الدعاء كانت الإجابة معه". وهذا فهم عميق أصيل ، فليس كل دعاء مجابًا، فمن الناس من يدعو على الآخرين طالبًا إنزال الأذى بهم ؛ لأنهم ينافسونه في تجارة ، أو لأن رزقهم أوسع منه ، وكل دعاء من هذا القبيل ، مردود على صاحبه لأنه باطل وعدوان على الآخرين. والدعاء مخ العبادة ، وقمة الإيمان ، وسرّ المناجاة بين العبد وربه ، والدعاء سهم من سهام الله ، ودعاء السحر سهام القدر، فإذا انطلق من قلوب ناظرة إلى ربها ، راغبة فيما عنده ، لم يكن لها دون عرش الله مكان. جلس عمر بن الخطاب يومًا على كومة من الرمل ، بعد أن أجهده السعي والطواف على الرعية ، والنظر في مصالح المسلمين ، ثم اتجه إلى الله وقال: "اللهم قد كبرت سني ، ووهنت قوتي ، وفشت رعيتي ، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفتون ، واكتب لي الشهادة في سبيلك ، والموت في بلد رسولك". انظر إلى هذا الدعاء ، أي طلب من الدنيا طلبه عمر، وأي شهوة من شهوات الدنيا في هذا الدعاء ، إنها الهمم العالية ، والنفوس الكبيرة ، لا تتعلق أبدًا بشيء من عرض هذه الحياة ، وصعد هذا الدعاء من قلب رجل يسوس الشرق والغرب ، ويخطب وده الجميع ، حتى قال فيه القائل: يا من رأى عمرًا تكسوه بردته ** والزيت أدم له والكوخ مأواه يهتز كسرى على كرسيه فرقًا ** من بأسه وملوك الروم تخشاه ماذا يرجو عمر من الله في دعائه ؟ إنه يشكو إليه ضعف قوته ، وثقل الواجبات والأعباء ، ويدعو ربه أن يحفظه من الفتن ، والتقصير في حق الأمة ، ثم يتطلع إلى منزلة الشهادة في سبيله ، والموت في بلد رسوله ، فما أجمل هذه الغاية ، وما أعظم هذه العاطفة التي تمتلئ حبًا وحنينًا إلى رسول الله - صل الله عليهلم -: (أن يكون مثواه بجواره). يقول معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: "يا بن آدم أنت محتاج إلى نصيبك من الدنيا ، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج ، فإن بدأت بنصيبك من الآخرة ، مرّ بنصيبك من الدنيا فانتظمها انتظامًا ، وإن بدأت بنصيبك من الدنيا ، فائت نصيبك من الآخرة ، وأنت من الدنيا على خطر). وروى الترمذي بسنده عن النبي - صل الله عليهلم -: أنه قال: ((من أصبح والآخرة أكبر همه جمع الله له شمله ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن أصبح والدنيا أكبر همه فرَّق الله عليه ضيعته ، وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له)). وأخيرًا .. أرأيت كيف أُلهم عمر الدعاء وكانت الإجابة معه ، وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186)" (البقرة:186).


 

 التحذير من النار

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة


avatar


نقــاط : 100270
التحذير من النار Oooo14
التحذير من النار User_o10

التحذير من النار Empty
مُساهمةموضوع: التحذير من النار   التحذير من النار Emptyالسبت 18 مايو 2013 - 17:46

التحذير من النار



الحمد لله.. الحمد لله ذي الحول والطول والملكوت.. له الكبرياء في السموات والأرض وله العزة فيهما والقهر والجبروت، أليم العذاب شديد العقاب وهو دائمٌ حيٌّ لا يموت.

سبحانك اللهم مَن الذي أمِن مكرك فما خسر؟! ومن الذي استهان بحرماتك فما ندم ؟! ومن الذي تعرض لوعيدك فسلم ؟!

وأشهد أن لا إله إلا أنت سبحانك وأشهد أن محمداً عبدك ورسولك، صلى الله عليه فما كان أخشاه لله وأخشعه!وصلى الله عليه ما كان أتقاه وأورعه!وصلى الله عليه فكم سح لله أدمعه!وصلى على الآل والصحب الكرام وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

أما بعد:
فاتقوا الله - تعالى - حق التقوى واستمسكوا من الإسلام بالعروة الوثقى، وتأهبوا للقاء الله واحذروا عقابه؛ فإن أجسادكم على حر النار لا تقدر ولا تقوى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [الحشر: 18].

عباد الله:
لقد كان من سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - تعاهد أصحابه بالموعظة وربط أحوالهم بالآخرة، وفي الصحيحين: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "اشتكت النار إلى ربها فقالت: يارب أكل بعضي بعضا، فأذن لها بنفسين: نفس في الشتاء ونفس في الصيف، فهو أشد ما تجدون من الحر وأشد من تجدون من الزمهرير".

وفي الصحيحين أيضاً: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم".

أيها المسلمون:
مصيرٌ أرق عيون الصالحين ومنقلبٌ أوجف قلوب المتقين ونهايةٌ أظمأ توقيها نهار العابدين وأطال في الليل قيام المتألهين وخاتمةٌ أدامت الحزن في محيا المتأوهين {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُون َرَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا} [السجدة: 16].

إنها أيها المسلمون النار:
النار خلقٌ عظيم من خلق الله، وهي الدار التي أعدها الله للكافرين، فهي مأوى الظالمين وسجن الكافرين وعقوبة العصاة والمخالفين، وهي الخزي الأكبر والخسران المبين.. هي الشر الذي لا خير فيه والورد الذي لا بد منه، قديمة النشأة سالفة الوجود {وَاتْقَوُا النَّارَ التَيِ أُعِدَتْ لِلْكَافِرِينَ} [آل عمران: 131]، فهي معدةٌ ومخلوقة، وقد رآها النبي - صلى الله عليه وسلم - كما في الحديث المخرج في الصحيحين في صلاة الكسوف.

أيها المسلمون:
الحديث عن النار حديث صدقٍ وحق.. فيها جبالٌ وأوديةٌ وأنهرٌ وشعاب.. فيها دركاتٌ ومنازل، وهي سوداء مظلمة.. قاتمةٌ معتمة.. لها صوتٌ يسمع من بعيد.. تشهق وتزبر تمور موراً، و: {تًرْمِي بِشَرَرٍ كَالقَصْرِ كَأَنَّهُ جِمَاَلَةٌ صُفْرُ وَيْلٌ يَوَمَئِذٍ لِلْمُكَذِبِين} [المرسلات: 32-33].

الحزن فيها دائمٌ وطويل، وللناس فيها صياحٌ وضوضاء وعويل.. قلوب أهلها ملئت قنوطًا ويأساً، ولا تزيدهم الأيام فيها إلا شدةً وبؤساً، فيها من العذاب والآلام ما تعجز عن وصفه الألسن والأقلام، وفيها من الأهوال والأحزان ما تتقاصر دون تصوره الأذهان: {إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً} [الفرقان: 66]، خوف الله بها ملائكته المقربين: {وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ} [الأنبياء: 29]. وقال لرسوله الكريم: {لاَ تَجْعَلََْ مَعَ اللهِ إِلَهً آَخَرَ فَتُلْقَى فِيْ جَهَنَمَ...} [الإسراء: 22].

وخوف الرسول بها صحابته وأمته فأنذرهم النار وقال: " أنذرتكم النار. أنذرتكم النار".. أفبعد هذا يأمن بقية العالمين، بلها المقصرين؟!.. يقول الحسن البصري – رحمه الله -: "والله ما صدق عبد بالنار إلا ضاقت عليه الأرض بما رحبت، وإن المنافق لو كانت النار خلف ظهره ما صدق بها حتى يتجهم في دركها، والله ما أُنذر العباد بشيء أدهى منها {فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى * لاَ يَصْلاَهَا إِلاَّ الأَشْقَى * الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى} [الليل: 14-16].

وفي التنزيل العزيز: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيّاً} [مريم: 71].

فأين الخوف من ذلك المورد؟ إن من خاف أدلج ومن أدلج بلغ المنزل، وتالله ما نجا إلا المؤمنون: {قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ * فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ * إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ} [الطور: 26-28].

عن عبد الله - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام.. مع كل زمامٍ سبعون ألف ملك يجرونها " رواه مسلم، لها صوتٌ رهيب وتحطمٌ ووجيج: {إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا} [الفرقان: 12].

وفي سورة الملك: {تَكَادُ تَميز مِنَ الغَيْظِ} [الملك: 8].

وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم – قال: " ناركم هذه التي يوقد ابن آدم جزءٌ من سبعين جزء من نار جهنم، قالوا: والله إن كانت لكافية، قال: فإنها فُضلت عليها بتسعة وستين جزءاً كلها مثل حرها " رواه البخاري ومسلم. {هذِهِ جَهَنَّمُ الّتي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ} [الرحمن: 43] يدخلونها بأشد خطاب ثم توصد عليهم الأبواب: {نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ * الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ * إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ * فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةٍ } [الهمزة: 6-9 ].

وقودها الناس والحجارة.. لا تنطفئ نارها مع تطاول الزمان ولا يخبو أوارها مع مر الأيام {...كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا} [الإسراء: 97].
وهم مع ذلك مقيدون: {إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَا وَأَغْلَالاً وَسَعِيراً} [الإنسان: 4]، {...إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ * فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ} [غافر: 71-72 ].

وفوق ذلك يضربون ويهانون {وَلَهُم مَّقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ * كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ} [الحج: 22-23].

يلبسون من النار ويُصهرون: {وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ * سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ} [إبراهيم: 49-50].

وفي سورة الحج: {فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ * يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ * وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ} [الحج: 19- 21].

أرأيت كيف يُشوَى اللحم على النار؟ فهكذا في جهنم حال الكفار {يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا} [الأحزاب: 66]، {تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ} [المؤمنون: 104].

أما طعامهم فعذاب وشرابهم فعذاب: {لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ} [الغاشية: 6]، والضريع: شوكٌ يخرج بأرض الحجاز لائط بالأرض: {إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ * طَعَامُ الْأَثِيمِ * كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ * كَغَلْيِ الْحَمِيمِ} [الدخان: 43-46}

والزقوم: شجرة تخرج في أصل الجحيم طلعها كأنه رؤوس الشياطين.. أما شرابهم فالغسلين والغساق، وهو عصارة أهل النار: {وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ} [الكهف: 29]، {وَسُقُوا مَاء حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءهُمْ} [محمد: 15]، وفي الآية الأخرى: {...وَيُسْقَى مِنْ مَاء صَدِيد يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ} [إبراهيم: 16-17].

هذه بعض صور العذاب.. فهل تساوي شهوة ساعة من الدنيا؟

عن أنس بن مالك – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة فيصبغ في النار صبغةً ثم يُقال: ياابن آدم هل رأيت خيراً قط؟هل مر بك نعيماً قط؟فيقول: لا والله يارب" رواه مسلم.

إنها غمسةٌ واحدةٌ وينسى الإنسان كل نعيم الدنيا ولذائذها وشهواتها: {يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ * وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ * وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنْجِيهِ * كَلَّا إِنَّهَا لَظَى * نَزَّاعَةً لِلشَّوَى * تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى} [المعارج: 11-17].
عباد الله:
وإذا طال البلاء على أهل النار وبلغ منهم العذاب كل مبلغ وكثرت حسراتهم وندامتهم طلبوا الخروج والمثاب: {وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ} [فاطر: 37] ويعترفون بذنوبهم: {قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ * رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ} [المؤمنون: 106- 107]، فيجابون بعد زمان: {قَالَ اخْسَؤُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ} [المؤمنون: 108]، ثم يطلبون من خازن النار أن يشفع عند الله ليهلكهم وليميتهم حتى يتخلصوا من العذاب: {وَنَادَوْا يَامَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ} [الزخرف: 77].

إنه الرفض لكل ما يطلبون.. ويؤتى بالموت ليذبح، ويقال لأهل الجنة: خلود فلا موت، ويقال لأهل النار: خلود فلا موت.. الحديث في صحيح البخاري، هنالك يشتد نحيب أهل النار ويعظم حزنهم ويطول بكاؤهم، فيبكون حتى تنقطع الدموع ثم يبكون الدم حتى يصير في وجوههم كهيئة الأخدود من البكاء.

أيها المسلمون:
إن من كمال عدل الله - عز وجل - أن لا يساوي بين المطيع والعاصي والمصلح والمفسد: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} [القلم: 35-36].

وإن الله - تعالى - وصف لنا عقابه، فليس للعاصي على الله حجة.. فالكفر والنفاق سبب للخلود في النار: {وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ} [التوبة: 68].

ومن انتصر برأيه معارضا أمر الله وشرعه فليسمع قول الله - عز وجل -: {ألم يَعْلَموا أنه من يُحَادِدِ اللهَ ورسولَه فأن له نارَ جهنمَ خالدًا فِيِهَا ذَلِكَ الخِزْيِ العَظِيِم} [التوبة: 63].

وويلٌ ثم ويلٌ لتارك الصلاة حين يسأل: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ * وَكُنَّا نُكَذِبُ بِيَوْمِ الدِينِ * حَتَى آَتَانَا اليَقِين * فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} [المدثر: 42- 48].

وأكل الربا موجبٌ لدخول النار، وأكل أموال اليتامى ظلمًا: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا} [النساء: 10].

وفي "صحيح مسلم": أن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال: يقول الله - تعالى -: الكبرياء ردائي والعظمة إزاري.. فمن نازعني واحدة منهما أدخلته النار".. وفي القرآن العظيم: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} [النساء: 93].

وأكل أموال الناس بالباطل والانتحار مقرونان في آيةٍ واحدة.. قال الله - عز وجل – {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إًنَّ اللّهَ كَانَ بًكُمْ رَحًيماً وَمَن يَفْعَلْ ذَلًكَ عُدْوَاناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلًيهً نَاراً وَكَانَ ذَلًكَ عَلَى اللّهً يَسًيراً} [النساء: 29-30].

واليمين الكاذبة تغمس صاحبها في النار، لذا سميت يمينًا غموسا، والركون إلى الظَّلَمة والميل معهم: {وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ...} [هود: 113].

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "صنفان من أهل النار لم أرهما: قومٌ معهم سياطٌ كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساءٌ كاسياتٌ عارياتٌ مائلاتٌ مميلات روؤسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها.. وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا"رواه مسلم.

وعند عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال: "يا معشر النساء تصدقن وأكثرن الاستغفار فإني رأيتكن أكثر أهل النار، فقالت امرأةٌ منهن: وما لنا يا رسول الله أكثر أهل النار؟ قال: تكثرن اللعن وتكفرن العشير" رواه البخاري ومسلم.

وأما المراءون فهم أول من تُسعَّر بهم النار يوم القيامة كما في الصحيحين, وقل للذين يطلقون ألسنتهم وأقلامهم بلا وزنٍ ولا حساب.. يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم ".. النار موعودٌ بهم مدمن خمر وقاطع رحم والمصدِّق بالسحر والنمام ومن اقتطع مال أخيه بيمينٍ فاجرة فليتبوأ مقعده من النار.

أيها المسلمون:
وقد رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - صورا من عذاب أهل النار.. كما في حديث سمرة بن جندب - رضي الله عنه -: فقد رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلًا مضجعًا وآخر قائمًا يهوي بصخرةٍ على رأسه فيثلغ صدره ويتدحرج الحجر، ثم يصح رأسه فيثلغه بالحجر على رأسه مرة أخرى.. وقال في الحديث: هذا هو الرجل الذي يأخذ الرجل فيأخذه وينام عن الصلاة المكتوبة.. كما رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلا مستقليا لقفاه وإذا آخر قائم عليه بكلوب من حديد، وإذا هو يأتي أحد شقي وجهه فيشرشر شدقه إلى قفاه ومنخره إلى قفاه وعينه إلى قفاه، ثم يتحول إلى الجانب الآخر فيفعل به مثل ما فعل بالجانب الأول ويكرر ذلك.

وقال في الحديث: هذا الرجل الذي يغدو من بيته فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق، ورأى النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل التنور فيه لغطٌ وأصوات وفيه رجالٌ ونساءٌ عراةٌ يأتيهم لهبٌ من أسفل منهم فيصيحون، وقال: هؤلاء هم الزناة والزواني، ورأى النبي - صلى الله عليه وسلم - نهرا أحمر كالدم وفيه رجلٌ يسبح، وعلى شط النهر رجلٌ معه حجارةٌ كبيرة، فيفرغ السابح فاه ثم يلقمه الرجل حجرًا في فيه ويكرر ذلك.. وقال: هذا آكل الربا، ورأى رجلًا كريه المنظر كأكره ما أنت راء، وقال: هذا مالك خازن جهنم، الحديث رواه البخاري.

فهل بعد هذا الوعيد من وعيد؟ {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} [ق: 37].

اللهم أجرنا من عذاب النار، اللهم أجرنا من عذاب النار، اللهم أجرنا من عذاب النار.

ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنبونا وقنا عذاب النار.. نفعنا الله بهدي كتابه وأجرنا من خزيه وعذابه.

أقول قولي هذا وأستغفر الله - تعالى - لي ولكم.


الخطبة الثانية

الحمد لله، الحمد لله معز من أعطاه ومذل من عصاه.. مجير من استجاره ومجيب من ناداه، أحمده - تعالى - وأشكره وأثني عليه وأستغفره، وأسأله النجاة لي ولكم.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:
فكلام الله الحق: {فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ} [آل عمران: 185].

والإيمان والعمل الصالح هو - والله - طريق الفوز والفلاح، ووعد الله ووعد رسوله صدق.. فلن يلج النار رجلٌ بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع، وعينان لن تمسهما النار / عينٌ بكت من خشية الله وعينٌ باتت تحرس في سيبيل الله.. وللتقوى منزلة عظيمة: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ}[الرحمن: 46].


والدعاء والاستعاذة بالله بابٌ عظيمٌ للنجاة.. عن أنس بن مالك - رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: "ما سأل أحدٌ الله الجنة ثلاثًا إلا قالت الجنة: اللهم أدخله الجنة، وما استجار مسلم من النار ثلاثًا إلا قالت النار: اللهم أجره مني" رواه أحمد وابن ماجة بإسناد صحيح.

ونحن في إقبال شهرٍ عظيم.. شهر العتق من النار، فمن صام يومًا في سبيل الله باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفا، وفي رمضان تفتح أبواب الجنة وتغلق أبواب النار، ولله في كل ليلة عتقاء من النار.

اللهم ياحي ياقيوم ياذا الجلال.. اللهم إنا نسألك بأنا نشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت ولا حول ولا قوة إلا بك.. نسألك اللهم أن تدخلنا الجنة وأن تجيرنا من عذاب النار، اللهم إنا نسألك الجنة ونعوذ بك من النار. اللهم إنا نسألك الجنة ونعوذ بك من النار. اللهم إنا نسألك الجنة ونعوذ بك من النار.

اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميدٌ مجيد، وبارك على محمدٍ وعلى آل محمد كما باركت على إيراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميدٌ مجيد.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمنًا مطمئنًا وسائر بلاد المسلمين.. اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا..اللهم من أرادنا وأراد بلادنا بسوءٍ فأشغله بنفسه ورد كيده في نحره.. اللهم ادفع عن الغلا والوبا والربا والزنا والزلازل والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن.

اللهم وفق ولي أمرنا لهداك، واجعل عمله في رضاك، اللهم انصر به دينك وأعل به كلمتك، اللهم أصلح بطانته، اللهم أصلح بطانته واصرف عنه بطانة السوء يارب العالمين، اللهم ووفقه ولي عهده ونائبه الثاني لما تحبه وترضاه ياسميع الدعاء.

اللهم انصر المستضعفين من المسلمين، اللهم انصرهم في فلسطين وفي كل مكان يارب العالمين، اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك وعبادك المؤمنين، اللهم انصر من نصر الدين واخذل الطغاة والملاحدة والمفسدين.

اللهم فرِّج همَّ المهمومين من المسلمين وفرِّجْ كرب المكروبين، وفك أسر المأسورين، واقض الدين عن المدينين ، واشف برحمتكم مرضانا ومرضى المسلمين.

ربنا آتنا في الدينا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النار، ربنا اغفر لنا ولوالدينا ووالديهم وذرياتهم يارب العالمين.. اللهم اغفر ذنوبنا واستر عيوبنا ويسِّرْ أمورنا وبلغنا فيما يرضيك آمالنا.

اللهم بلغنا رمضان، اللهم بلغنا رمضان ووفقنا فيه لما يرضيك من العمل الصالح، وتقبل منا يا حي ياقيوم ياذا الجلال والإكرام.. ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.

سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
التحذير من النار
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اسلام ويب :: ۩✖ منتدي الاسلاميات العامه ۩✖ :: مقــــالات اســــلاميه :: خطب مقـــرؤه-
انتقل الى: