لم أجد أنسبَ من هذا العنوان لأكتب تحته هذه الخواطر المتعلِّقة بطريقة صديقنا أبي عمرو د. محمد بن حامد الأحمري في معالجة الإشكالات المتعلقة بالمسألة الشيعية.
وفي البدء أودُّ القولَ: إن من أثقل المواقف على النفس أن يضطرَّ المرء ليكتب محذِّراً من رأيٍ بالغ الخطر يتبناه فاضلٌ صادق النية، ناصحٌ لأمته، مريدٌ للخير والإصلاح.
غير أن مما يهوِّن الموقف أن الدكتور - وفقه الله - اتَّخذ لنفسه نهجاً ثابتاً في تضعيف عقول مخالفيه، ووصْفِهم بالغفلة وعدم الإدراك والاستغراق - جهلاً وسذاجةً - في خدمة مصالح الصهيونية والعدو المحتل. ففي ظني أني مهما قلتُ - بعد هذا - وكتبتُ، فلن أبلغَ مبلغَ الدكتور، ولن أباريه في ازدراء عقل ورأي مخالفه.
عند القصف اليهودي الأخير للبنان؛ كتب دكتورُنا الفاضل مقطوعةَ هجاءٍ شهيرةً عنوانها: "خدعة التحليل العقدي". رمى فيها حِمَماً بركانيةً على حمقى أغبياء مغفَّلين يقال لهم: "العقديون"، ثم أتبع مقطوعته تلك بمعلَّقةٍ هجائيةٍ ثانيةٍ تدور حول المعنى نفسه عنوانها "حصاد التحليل العقدي".
ولما سُئل في برنامج (إضاءات) عن فكرة هاتين المقالتين ذكر أن الوضع في لبنان كان وضعَ حربٍ مع اليهود، ولم يكن وقتَ إثارة قضايا عقدية.
انتهت الحرب. وسكتت المدافع. وهدأت لبنان. لكن موقف الدكتور لم يتغيَّر، ومدافعه لم تسكُت. وكما كتبَ وقت الحرب عن "خدعة التحليل العقدي"، وعن "حصاد التحليل العقدي"، إذا به يعود من جديد ليكتب لنا مقالةً مطولةً عنوانها "رؤية في المعضِلة الشيعية"، حذَّر فيها من خطورة "التهييج العقدي"!!
فالدكتور - عافاه الله - ينتهي من "خدعة التحليل العقدي" ليكتُب عن "حصاد التحليل العقدي". وما إن يفرغ من ذلك حتى ينبري للحديث عن خطر "التهييج العقدي". من غير أن يخطر له أن يمرَّ في طريقه بشيءٍ اسمه خطر الإغضاء عن "الانحراف العقدي"، وعن أثر "التضليل العقدي" في ضياع الأمة.
والحجة - دائماً - لدى الدكتور أن العدو يسعى لاستثمار الخلافات العقدية، فيجب ألا نخدم أهدافه بإثارتها!! فلتذهبْ - إذاً - عقائد المسلمين، وليأخُذ الشيعة وقتهم في نشر باطلهم، وليُمعِنوا في اختراق المجتمع السني، وتشييع السذَّج الغافلين. وعلى "العقديين" مقابلَ ذلك أن يتجنبوا "التهييج العقدي" حتى لا يخدموا أمريكا وإسرائيل بوقوفهم في وجه إخوانهم الشيعة!
هذا المنطق الذي يتحدث به د. الأحمريُّ هو الذي أوحى إليَّ بالحديث عن (خدعة التحليل السياسي)؛ فقد رأيتُ الدكتور أغرقَ نفسه في تتبع السياسة وتفاصيلها حتى صار ينطبق عليه ما ذكره هو في مقالة (حصاد التحليل العقدي) حين قرَّرَ أن : "المندمِج بقضيةٍ ما ينغرسُ فيها، ويصعُب عليه الرؤية خارجها؛ لأنه كرَّر موقفه على نفسه مراراً، حتى لم يعُد يسمح لها بالتفكير خارج الصندوق الذي وضعها فيه".
دكتورنا - أعزَّه الله - وضع نفسه في صندوق السياسة، فلم يعُد يستطيع السماح لعقله بالتفكير خارج ذلك الصندوق، حتى لو كان صندوقاً مشتملاً على أغلى ما تملكه الأمة، وهو عقيدتها وتوحيدها.
وصاحبُ "التحليل السياسي" الذي لا يبصر إلا السياسة؛ كثيراً ما تتشبع نفسه بالتهوين من العامل العقدي ومدى تأثيره في تسيير المواقف من حيث لا يشعر، بل ربما رفع صوته معلناً (بلسانه) عن يقينه بدور العامل العقدي في تحليل بعض المواقف، لكن عند التطبيق فهو لا يبصر شيئاً سوى السياسة.
د. الأحمري يملك كمَّاً هائلاً من المعلومات والمعارف السياسية، غير أنه حين يكتب يغرق في معلوماته تلك، فيعجز عن توظيفها للخروج بفكرةٍ متوازنةٍ، بسبب عدم قابليته للنظر برويةٍ فيما لدى الآخرين، مما له وقعٌ بالغ في القضية التي يتصدى للحديث عنها.
وقد رأيته في واحدةٍ من مقاطع هجائه يذكر أن مِن الناس : مَنْ يُريح نفسه من عناء التفكير والفهم بوضع الآخرين في صناديق أو مجموعات، وأحزاب ومواقف. فيجعل هذا ليبرالياً، وذاك عقلانياً؛ ليسقط عن نفسه مشقة التفصيل والفهم.
فليتَ دكتورنا تنبَّهَ - أيضاً - إلى أن من الناس من يريح نفسه من عناء التفكير والفهم بوضع مخالفيه في صندوقٍ كُتبتْ عليه عبارة : "عقديون مغفَّلون".
دكتورنا الفاضل يرى أن "التحليل العقدي، والتفريق بين الناس بناءً عليه؛ كانَ ولم يزلْ أداةً مهمةً من أدوات المستعمرين". ويقول : "كم شيخٍ يقول وهو لا يدري أبعاد قوله، ويحلب في قدح المحتل الصهيوني أو غيره، وهو يرى أنه ينصر طائفةً أو عقيدةً أو مذهباً أو يدَّعي أنه ينير الطريق للأمة، بينما هو يرتكس بأتباعه في الظلمات، ويستعيدُ معارك الفرق والتاريخ ويغيب عن الشهود ومصالح الحاضر".
فالدكتور - سلَّمه الله - منزعجٌ من شيوخٍ سُذَّجٍ يرتكسون بأتباعهم في الظلمات، ويحلبون في القدح الصُّهيوني من خلال إثارة معارك تاريخية تغيبهم عن مصالح الحاضر!
وقد تعِبَ الناسُ - وكاتب هذه الأحرف منهم - ليشرحوا للدكتور أن استغلال العدو للخلاف السُّني الشيعي أمرٌ معروفٌ وليس بخافٍ عنهم، لكنهم يرون أن تجاهل أو تهوين الخطر الشيعي ليس حلاً؛ بل هو مما يزيد الواقع سوءاً وتدهوراً.
غير أن الدكتور يصرُّ - دائماً - على أن كلَّ من لا يرى رأيه فهو لا يعرف خطط الأعداء الصهاينة الأمريكيين. وإنما هو "عقديٌّ" مغفَّلٌ يحرث التاريخ لينبش خلافاتٍ ميتةً، يتلهَّى بها عن مشاكل العصر الحقيقية.
يقول الدكتور هذا مع علمه أن التشيُّع والرَّفض لم يكن في يومٍ من الأيام مشكلةً تاريخيةً تحتاج إلى نبشٍ وتفتيش، بل هي قضيةٌ حاضرةٌ أمام أعين الجميع، إلا إذا كان من رأي الدكتور أن الانحرافات العقدية تسقط بالتقادُم!
في مقالته "حصاد التحليل العقدي" يقول د. الأحمري مخاطباً مخالفيه: "للنظر السياسي يا إخواننا تقسيماتٌ أُخَر، بعضها من بضاعتكم وبعضها تقع خارج ثقافتكم، وإلا لما صحَّ وجود سياسي وعقدي، ووجود رجل دين ورجل دولة أو سياسة".
في هذا الكلام نرى د. الأحمري يسند موقفه ويعضد رأيَه بالتنبيه إلى قاعدة احترام التخصُّص. فبما أنه صاحب سياسة؛ فعليكم معاشر "العقديين" التنحِّي عن طريقه كي يشرح للناس رؤيته هو للمعضلة الشيعية! لكن لو سألنا دكتورنا: ماذا لو سلَّم لك "العقديون" نظرك السياسي، فهل ستسلِّم لهم نظرهم العقدي؟!
الجواب بالتأكيد: لا!.. فالدكتور يدرك استحالة فصل القضايا بهذه الصورة السَّطحية التي يطرحها ويعلم ضعفها. غير أنه يريد الوصول إلى إخراس من يسميهم "عقديين" وحسبْ، فمن أجل ذلك فزع للحديث عن التخصُّص.
كلامُه في الظاهر معناه: (أنتم مجالكم "النظر العقدي" فدعوا عنكم (السياسة)!. لكن حقيقة موقفه
أنتم لا تفهمون السياسة، فاسكتوا حتى عن العقائد).
وقد رأيتُه في كثيرٍ من كلامه لا يستطيع البعد عن "النظر العقدي"، ولا يقوى على تركه لأهله، مع أنه حين يتعرَّض لمناقشة مسائله يقع في أخطاء فادحة لها أثرها في تقييم الواقع، وتبعاً لذلك في معالجته.
سمعتُه في برنامج (إضاءات) يقول: "كيف نُشغل الطالب مثلاً لمدة سنتين أو ثلاث في قضية خلق القرآن؟ ما عندنا أحد الآن يقول بهذه القضية! نحتاج أن نتحدث عن قضية من قضايا الحريات أو قضايا مفاهيم جديدة".
هذا ما قاله الأستاذ الدكتور، سامحه الله. وعن نفسي فإني لا أعرفُ أحداً - من لدُنْ آدم وإلى اليوم - يشتغل سنتين أو ثلاث بتدريس قضية خلق القرآن! بل هي مسألة ضمن أبواب الاعتقاد يمرُّ عليها الطالب المتخصِّص ويتعلمها في مجالس معدودة.، غير أن ضِيقَ صدر الأستاذ بالمباحث العقدية هو الذي يدفعه لمثل هذا التهويل.
وأغرب من تهويله قوله بثقةٍ تامةٍ: (ما عندنا أحد يقول بهذه القضية)!!
هذا الكلام من الدكتور يظهر منه أثر الاستغراق في "التحليل السياسي" وما يؤدي إليه من ضعفٍ في "النظر العقدي"، فالقول بخلق القرآن - لو علِمَ الدكتور - هو قولُ الشيعة الإمامية الذين منَعَنا من إزعاجه عند معالجته لمعضلتهم!
الشيعة الإمامية، ومعهم الشيعة الزيدية، ومثلهم إباضية عمان والمغرب - دعْ عنك جملةً من زنادقة أدباء الحداثة الذين يعتبرون القرآن نصاً أدبياً مخلوقاً قابلاً للنقد - كل هؤلاء يقولون بخلق القرآن إلى اليوم، لكنَّ الأستاذ لا يدري عن ذلك شيئاً بسبب صندوق السياسة المحكم الإقفال الذي حبسَ نفسه فيه، فلم يعُدْ قادراً على معرفة ما في سائر الصناديق.
على أني أقطع أن دكتورنا حتى لو علِمَ بذلك، فلن يختلفَ موقفه؛ لأن المسألة عنده في الأصل ليست ذاتَ بالٍ، والمشكلة لديه لا علاقة لها بوجود تلك الأقوال أو انقراضها، بل هي نابعةٌ من خصلةٍ واضحةٍ لدى الدكتور تتعلق بضيق صدره بالمباحث العقدية عموماً.
الدكتور يريد السياسة ولا شيءَ غير السياسة. هو يريد حديثاً عن (الحرية، وعن خطر الاستبداد السياسي، وعن الانتخابات والمشاركة الشعبية). فهذه القضايا هي العقائد القطعية والركائز اليقينية التي يقوم عليها بنيان الإسلام في نظر "المحلل السياسي".
أما شهادةُ ألا إله إلا الله، ونقضُ الشيعة لها بممارساتهم الشركية، وشهادةُ أن محمداً رسول الله، ونقضهم لها بعقيدة الإمامة والعصمة؛ فكلُّ هذا مما يمكن احتماله والتهوين من أمره، وبالإمكان اعتبار تفاصيله قضيةً تاريخيةً عفا عليها الزمن. لكن الذي لا يجوز السكوت عنه بحالٍ، هو "الانحراف السياسي"، وما يتفرَّع عنه!.
وقد رأينا القصور في "النظر العقدي" يبرُز لدى معالجة الدكتور "للمعضلة الشيعية"، فحين تطفَّل على صندوق "العقديين"، وعاب عليهم رميَ الشيعة بالقول بتحريف القرآن؛ رأيناه يقول: إن هذا الموقف "في غاية الخطأ، لأسبابٍ، منها: أن القرآن الذي يقرأه الشيعة اليوم هو القرآن نفسه الذي بأيدي المسلمين في كلِّ مكان، ومن شكَّ فليذهب بنفسه لأقرب تجمُّعٍ أو مسجدٍ أو منزلٍ لهم، وسيجده القرآن الذي عنده".
فها هو ضعف "النظر العقدي" يتحدث عن نفسه، فالدكتور دخل للتحكيم في مسألة لا يملك تصوراً لأبعادها الحقيقية لأنها غير موجودة في صندوق السياسة الذي يهوى الدوران فيه. هو - بالتأكيد - لن يستوعب مذاهب وآراء الشيعة في القرآن ما دام مستغرقاً في متابعة تصريحات "تشيني" و"مارتن إنديك"، وكتابات "فوكوياما"، ومقالات "فريدمان".
الدكتور أتى هنا بحجةٍ يراها قاطعةً في تبرئة الشيعة من ظلم "العقديين". فهو يقترح أن يذهب "العقديون" لمساجد الشيعة وتجمعاتهم، وينظروا في مصاحف الشيعة ليتأكدوا أن الذي يقرؤونه هو نفسه القرآن الذي (يقرأه) يقرؤه السنة.
ولو أن دكتورنا أنصت قليلاً لإخوانه "العقديين" لربما أخذه الحياء من ذكر مثل تلك الحجة، فالعقديون يعلمون أن أكثر الشيعة القائلين بالتحريف يؤمنون بهذا القرآن الموجود عندنا، لكن موضع الإشكال أنهم يعتقدون نقصَه، وأن الصحابة الكرام حذفوا منه آيات ولاية علي بن أبي طالبٍ - رضي الله عنه - وفضائل آل البيت، ومثالب الصحابة!
قد لا تعني هذه المسألة الكثير للدكتور، لكن لو أنه أعطى "العقديين" - الذين يعانون اضطهاده - فرصةً ليسمع منهم؛ لأراح نفسه من عناء الذهاب إلى مساجد وتجمعات الشيعة ومقارنة مصاحفهم بمصاحف أهل السنة.
وقد رأيتُه في غمرة إصراره على تخطئة فرقة "العقديين"، وبيان ظلمهم للشيعة يذكرُ أن كتاب (فصل الخطاب في تحريف كلام رب الأرباب) كتابٌ منبوذٌ عند الشيعة، وغير متداوٍل حتى إنه لم يطبعْ إلا مرةً واحدةً، وفي الهند.
ولو أن دكتورنا - غفر الله - تواضع قليلاً لإخوانه "العقديين" هنا أيضاً، لعلمَ أن ذاك الكتاب القذر لم يُطبعْ في الهند قطْ، وإنما طُبعَ في إيران مركز التشيع والرَّفض.
ولو أنه أرعى سمعه وعقله لشرح له "العقديون" أن المشكلة ليست محصورةً في كتاب (فصل الخطاب)، ولا في مكان طبعه.
فسواءٌ طُبعَ الكتاب في الهند أو نجازاكي أو في زُحَل.
وسواءٌ طُبعَ طبعةً واحدةً أو اثنتين، أو لم يُطبَع قطْ.
بل لو أن ذاك الكتاب لم يُخلَق في هذه الدنيا، ولا خُلِق مؤلفه.
كلُّ ذلك لا قيمة له ولا تأثير في المسألة التي يدرك "العقديون" وحدهم أبعادها وخطورتها. كتاب (فصل الخطاب) - لو عَلِم الدكتور - لا جديدَ فيه، فمؤلفه لم يزدْ على جمع المتفرِّق في كتب أعيان الشيعة القائلين بتحريف القرآن، تلك الكتب التي لا زالتْ تطبع إلى اليوم بالآلاف في طهران وفي قُم من غير أن يشعر الدكتور، وهي كتبٌ متداولةٌ وليست منبوذةً، بل هي محلُّ حفاوة علماء الشيعة، ومؤلفوها محلُّ تقديرٍ وإجلالٍ، بل هم معدودون عندهم من أئمة الإسلام وأعيانه المبرَّزين.
أقول هذا الكلام وأنا في شكٍّ كبيرٍ من فائدته في تغيير موقف الدكتور، فالتحقُّق من موقف الشيعة المعاصرين من القول بتحريف القرآن مبحثٌ "عقدي"، فهو - لذلك - ليس من محتويات صندوق دكتورنا الفاضل.
لكنَّ "العقديين" - باعتبارهم يتحدثون في فنِّهم، ولأنهم ينطلقون من قواعد شرعية محكمة - لا يكفيهم أن يقول المعمَّم الشيعي: (أنا لا أقول بالتحريف)، سواءٌ صدق في قوله أو كذب، بل يريدون موقفاً واضحاً وحازماً من كلِّ من تجرَّأ على الطعن في دستور الأمة، فلا أقلَّ من الاتفاق على كفر القائل بذلك الفجور والتبرِّي منه.
قد يرى د. الأحمري في هذا الموقف شيئاً من المبالغة والتشدُّد، لكنَّ "العقديين" يريدون أن يفهم الدكتور أن للقرآن الكريم عندهم منزلةً عاليةً وأهميةً بالغةً، فهو عندهم أهمُّ من المفاعل النووي الإيراني الذي يُشفِق عليه الدكتور من الدَّمار، ويرجو أن يكون له دورٌ في إحداث توازن في المنطقة، وردع إسرائيل عن أطماعها التوسعية، وتخفيف مذابحها ضد الفلسطينيين!
وكما قلتُ في مسألة "خلق القرآن"؛ أقول في مسألة "تحريف القرآن"، فسواءٌ قال الشيعة بالتحريف أو لم يقولوا، فموقف الدكتور - غالباً - لن يتغير! بل لو أطبقَ الشيعة كلهم على القول بالتحريف؛ فالدكتور - وإن اعتبر هذا القول كفراً - فإنه سيوجب على "العقديين" الكفَّ عن "التهييج العقدي"، والبعد عن إثارة الخلاف المذهبي، لئلا يستفيد العدوُّ الصهيونيُّ الأمريكي من ذلك، فالموقف السياسي هو وحده الحاضر في عقل الأستاذ!
من آثار "خدعة التحليل السياسي" احتفاء د. الأحمري ببروز فكرة "ولاية الفقيه" لدى الشيعة، فهي - في تصوره - "هدمٌ ذكيٌّ لركن الإمامة في المذهب الشيعي"! كما أنها تمثِّلُ "تجديداً واقتراباً من الحلول الإسلامية بل والفطرية الطبيعية"، وقد استشهد في كلامه بقول أحد الكتاب: إن "ولاية الفقيه" خطوةٌ نحو التسنُّن!
هذا التصور الساذج الذي طرحه الدكتور ما هو إلا نتيجة مباشرة للاستغراق التام في "التحليل السياسي". فالدكتور - سلمه الله - نظر فقط للأثر السياسي لفكرة "ولاية الفقيه" على الواقع الشيعي، فأداه نظره إلى أنها تمثل هدماً ذكياً لركن الإمامة لدى الشيعة، بل وتمثل تجديداً وخطوةً نحو التسنُّن! ولو أن أستاذنا اعتنى بـ "النظر العقدي" لربما كان له رأيٌ ثانٍ، ولأدرك حينها أثر "خداع التحليل السياسي" في اختلال الموازين الشرعية، وفي تغييب أصول المعتقد!
"ولاية الفقيه" عند من يعرف بعدها العقدي أبعد ما تكون عن المفاهيم السُّنية، بل هي - في ذروة نضجها - أقرب إلى المفهوم الكنسي منها إلى المفاهيم الإسلامية!
قبل "ولاية الفقيه" كانَ الشيعة يقولون: (من ردَّ على الإمام المعصوم؛ فقد ردَّ على رسول الله، ومن ردَّ على رسول الله؛ فقد ردَّ على الله). أما بعد بروز فكرة ولاية الفقيه، فقد أصبح أنصارها يقولون: (الرَّد على الولي الفقيه، كالردِّ على الإمام المعصوم! والرَّد على الإمام كالرَّد على رسول الله ، والرَّد على الرسول كالرَّد على الله)!!
والنتيجة النهائية لهذا الزيغ أن من ردَّ قول "الولي الفقيه"، فقد ردَّ على الله!!
فهل هذا هدمٌ ذكي لمبدأ الإمامة، أو أنه إحياء خبيثٌ لها؟!
"ولاية الفقيه" في محصَّلها ترسيخٌ لمبدأ الإمامة في العقل الشيعي، والذين اخترعوا الفكرة إنما أرادوا تفعيل عقيدة الإمامة وتوظيفها لهدف إقامة دولة رافضية، يتمُّ فيها إحكام السيطرة على قطعان الشيعة الضالة بنَصب طاغوتٍ لهم يشركون به مع الله. وحسبَ هذه النظرية - عند أمثال الخميني - فإن "الولي الفقيه" له الطاعة المطلَقة، ليس في الشأن السياسي وحسبْ، بل حتى في جانب التشريع، فمن حقه تعليق وإيقاف أحكامٍ شرعيةٍ قطعيةٍ من مثل الصلاة والصيام والزكاة والحج!
فأينَ هُدِمَت فكرة الإمامة في مثل هذه الزندقة المكشوفة؟!
هذه الضلالات المتراكمة لدى الشيعة الروافض من العسير جداً تصوير خطرها وحجمها الحقيقي لمن أغلق على نفسه صندوق السياسة. فمن أصعب المهام إقناع "المحلل السياسي" أن قوة الأمة في اجتماعها على معتقدها، وأن الخطر الخارجي - مهما يكن - فإنه لا يسوِّغ التهوين من شأن تلك الضلالات التي تستهدف الأمة في أعز ما تملك.
شيءٌ واحدٌ يمكن أن يؤمن الدكتور بضرورة إثارته، وتفريق الأمة عليه، وتشتيت وحدتها من أجله، حتى لو كان في ذلك خدمةً للعدو الصهيوني الأمريكي!
فإذا كان الدكتور يعتبر إثارة الخلاف العقدي مع الشيعة حلباً في قدح العدو المحتل؛ فلنجرِّب أن نقول له: يجب عليك - إذاً - أن تكفَّ عن انتقاد الاستبداد السياسي للحكومات، وأن تمسك قلمك ولسانك عن المطالبة بالانتخابات والمشاركة الشعبية؛ لأن هذه المطالب هي عينها مطالب العدو الغربي الصهيوني الذي يضغط ويبتزُّ الحكومات بإثارتها، ليحملها في النهاية على تقديم تنازلات تضر بشعوبها.
بالطبع الدكتور لن يقبل مثل هذا الكلام، فهو لا يرى مانعاً أن يحلب في قدح العدو المحتل، لأجل تفعيل محتويات صندوقه، بل لا مانع لديه أن يهبَ عدوَّه البقرة كلها، متى ما تعلَّق الأمر بالرُّكن الأهم عنده: "السياسة"، و"الانتخاب". أما قضايا التوحيد والشرك، والسنة والبدعة، والهدى والضلال؛ فالمغفَّل من يخدم العدو بإثارتها، وهي - في نظر دكتورنا - قضايا تاريخية تنتمي لعصر أحمد بن حنبل، على حدِّ تعبيره في برنامج (إضاءات)!
من مظاهر الضَّعف الكبرى في نهج "المحلل السياسي" أنه يطرح أراءً واقتراحاتٍ من كدِّ عقله، دون أن يكلِّفَ نفسه التوقف عند حكم الشرع فيها. وقد رأيتُ د. الأحمري يقترح - من أجل حلِّ المعضلة الشيعية - دمجَ الشيعة في المجتمع السُّني عن طريق رفع ما سماه بـ"الحصار الثقافي" عنهم، وفسح الحرية لهم في ممارسة دينهم المنحرف والدعوة إليه، وعدم إشعارهم بفروق بينهم وبين أهل السنة. بل رأيته يتمنَّى لو وُجد في البلاد السُّنية مراجع شيعية محلية، حتى يخفَّ ولاء الشيعة للمراجع الخارجيين!
ومع تقديري لحسن مقصد الدكتور، فإن الذي يقرأ مثل هذه المقترحات يشعر وكأنه يقرأ لمحللٍ ليبرالي أو علماني لا يرجعُ لأصلٍ ولا دينٍ، ولا تعنيه الانحرافات الدينية لدى الشيعة، إلا بقدر إضرارها بالجانب السياسي للدولة!
هو يتحدث عن الشيعة وكأنه يتكلم عن قبيلةٍ أو عِرْقٍ أو حزبٍ سياسي يريد أن يدمجه في المجتمع وحسب، فلا يخطر ببال الدكتور - وهو يطرح رؤيته - أن الشيعة فرقة منحرفة ضالة يتعين - شرعاً - تحجيمها ما أمكن، والسَّعي في معالجة ضلالاتها، بدلاً من تعميقها وترسيخ وجودها في المجتمع السُّني.
أقول هذا وعجبي يطول من مناداة الدكتور بإقامة مرجع شيعي (طاغوت) من صنعٍ محلي، ليعلِّم الناس الضلال وعقائد الحقد الأسود على خيار الأمة، بدلاً من أن يتعلموها من طاغوت مستورد!
فهل توقَّف الدكتور - قبل أن يتكلم بهذا - عند مدى شرعية مثل هذا المقترَح؟!
وهل نظر في أدلة الكتاب والسنة؛ ليعرفَ إن كان عقله أصاب ههنا أو أخطأ؟!
أو أن النظر في الكتاب والسنة أصبح - أيضاً - نبشاً في التاريخ؟!
على أن الحل الذي يقترحه الدكتور - مع مناقضته للشرع - فإن الواقع يُثبت عدم جدواه؛ لأن انتماء الشيعي لمرجعه انتماءٌ دينيٌّ، تحكمه عوامل واعتبارات كثيرة، تأتي الحدود السياسية في آخرها. فها هو العراق أمام ناظري الدكتور متشبِّعٌ بالمراجع الشيعية المحلية، فهل منع ذلك من تبعية الشيعة للمراجع الإيرانية؟! وهذا لبنان يوجد به مرجع محليٌّ معروفٌ، ومع ذلك فإن أكثر اللبنانيين ينتمون لمراجع خارجية معارِضة ومعادية للمرجع المحلي!
أمرٌ آخر، لا أدري هل تفطن له الدكتور أو لا؟ فتنصيب مرجع محلي - لو حصل - فلن يكون للشيعة المحليين رأيٌ في اختياره حسب النظام الداخلي للعصابات الشيعية. فالمراجع خارج الحدود هم من يملك حقَّ تنصيب وإضافة مراجع جدُد، وهم - بالتأكيد - لن يسمحوا بوجود مرجعٍ خارج عن منظومتهم، وعليه فإن الثمرة النهائية لاقتراح الدكتور ستكون فتح قاعدة متقدِّمة للروافض داخل العُمق السُّني!
هذا الكلام أقوله على سبيل التنزل والاستطراد، وإلا فإن الميزان أولاً وآخراً للشرع الحنيف، وما كان الله ليرضى عن أمةٍ لا تمانع من ممارسة بعض أفرادها للكفر أوالفسوق العقدي علناً، بل والدعوة إليه بحمايةٍ من القانون، كما هو مطلب الأستاذ.
دكتورنا - سدَّد الله قلمه - كمَّمَ أفواه "العقديين"، ثم فشل في القيام مكانهم! فالخلل في كلامه لم يقتصر على ضعف "النظر العقدي"، بل تجاوز ذلك إلى ضعفٍ في معرفة واقع الشيعة القائم. وقد رأيته في تعريفه بالباحث الشيعي أحمد الكاتب يذكر أنه (نشأ شيعياً حركياً، ثم ذهب ليكمل دراسته العليا في قم، وسجَّل مسألة "الإمامة" موضوعاً لرسالة دكتوراه في الحوزة في قم).
لا أدري كيف يتكلَّم بهذا من يتحدَّث دائماً عن جهل "العقديين" بواقع عصرهم! وكم أتمنى لو أن الشيعة لا يطَّلعون على مثل هذا الكلام لئلا يكون دكتورنا محلًَّ تندُّرهم!! أحمد الكاتب لم يتقدَّم - يوماً من الأيام - لنيل درجة الدكتوراه ولا الماجستير من حوزة قم، وذلك لسببٍ هين، وهو أن الحوزات الشيعية لا يوجد فيها شيء اسمه دكتوراه ولا دراسات عليا؛ هذه الألقاب - لو علمَ دكتورنا - لا وجود لها في عالم الحوزات الأسود، والذي يتخرَّج في الحوزة الشيعية إنما يتأهل لوضع العمامة على رأسه، والتزين بألقاب من مثل: حجة الإسلام، وآية الله، ونحو ذلك من ألقاب معتضدٍ ومعتَمدِ. وكلام الدكتور عن دراسات عليا ودكتوراه في حوزات قم يشبه قول القائل: إن فلاناً سجل أطروحة دكتوراه في جامع الرياض الكبير!
الدكتور - غفر الله - سَخِر من "العقديين"، واتهمهم بالجهل بالواقع، ثم أقام نفسه مقامهم في علاج المسألة الشيعية، ليكشف بعد هذا عن ضعف معرفته بواقع الشيعة، ومعتقداتهم، ونظام المرجعية عندهم، فضلاً عن منهجية التعليم في حوزاتهم السوداء.
بقي أن أنبِّهَ إلى أن د. الأحمري حين يشرح رؤيته للمعضلة الشيعية، فإنه لا يطرح أفكاره بصفتها حلولاً طارئة لوضعٍ استثنائي مؤقت. فهو حين ينادي بتطبيع التشيُّع داخل المجتمع السني؛ لا يفعل ذلك اضطراراً، وحذراً من الخطر الخارجي المحدِق، وإنما يقول هذا باعتباره الأصل، انطلاقاً من قاعدة كبرى يؤمن بها تمام الإيمان.
الدكتور - غفر الله له - يؤمِن بالحرية الفكرية بمفهومها الغربي؛ فمن رأيه ومذهبه أن الحرية الفكرية وحرية التعبير يجب أن تكون مصانةً ومتاحةً للجميع، فليس الرافضيُّ وحده الذي يجب أن تتاحَ له الفرصة لممارسة ضلاله والدعوة إليه! بل حتى الكافر الصَّريح، والشيوعي الملحد، من حقه ألا يُقمَع ويُقصَى، بل يجب أن يكون حرَّاً في إبداء رأيه والدعوة إليه! بل إن دكتورنا يذهب إلى ما هو أبعد من ذلك؛ فلا مانعَ لديه من أن تفسحَ الدولة المسلمة لأحزابٍ سياسيةٍ تقوم على مبادئ الكفر والضلال!! فلا نهضة للأمة - حسب الدكتور - مالم يتسع صدرها لمثل هذه الحرية المترامية الأطراف!
هذا ما يقرِّره الأستاذ ويؤمن به، وقد سبقَ لي بحثٌ معه حول هذا المنحَى الخطير. ثم سمعته بعد ذلك ببرنامج (إضاءات) يذكر أن الإسلاميين "إذا كان عندهم استعدادٌ لوقف الآخرين وكبت حرياتهم فهذه قضية سيئة جداً"!
فليتَ شعري إذا لم يكن من هدف الداعية والمصْلِح إيقاف الباطل وإقصاءُ أهله؛ فما فائدة دعوته وإصلاحه إذاً؟!
حين أذكرُ هذا الكلام عن الدكتور - أصلح الله باله - فإني أريد بيان الزاوية التي نظر من خلالها وهو يتصدى لعلاج "المعضلة الشيعية"، فهو لا يبني فكرته من خلال ملابسات الواقع القائم، بل من خلال قناعةٍ داخلية راسخةٍ لا علاقةَ لها بتآمر الغربيين ضدنا.
الدكتور - رعاه الله - ينطلق من مجموعة تصورات ومفاهيم تجمعها كلمة "ديمقراطية"، ويخطئ من يظنُّ أنه عالج "المعضلة الشيعية" من خلال معرفته الواسعة بتعقيدات الوضع القائم كما يبدو من ظاهر الأمر، بل وكما يجتهد الدكتور في تصوير ذلك. فحديثه الدائم عن الحرية، وعن العقديين وصناديقهم المقفَلة، وكلامه عن ضرورة استيعاب مشاكل العصر، والبعد عن الاستغراق والتعصُّب لآراء الأسلاف، والتشاغل بالخلافات التاريخية.. كل هذا الكلام يتجه إلى مصبٍّ واحد، ينتهي عند دلتا "الديمقراطية".
ودكتورنا - سلمه الله - لم يكن الأول في هذا الطريق، ولا أظنه سيكون الأخير؛ فهو من أناسٍ أرهقهم ضغط الواقع السياسي لأمتهم، فالتبستْ عليهم المسالك، واشتبهتْ عليهم الدروب، فاستبدلوا بالدعوة للتوحيد الدعوةَ للتعددية، واعتاضوا عن تحكيم الشرع بتحكيم صناديق الاقتراع ورأي الأكثرية، فصاروا يركضون طلباً لدولة الحرية، بدلاً من السعي لإقامة دولة الملة الحنيفية. وقد كان مدة ستة عشر عاماً قضاها في أمريكا (أرضَ العدو المحتل) أبلغَ الأثر في تشبُّع نفسه بمثل هذا التوجُّه.
ومن المفارقات أن تقرير مؤسسة (راند) الأخير جعلَ من أهم مواصفات الحليف والعميل الأمريكي: الإيمان بالديمقراطية والحرية الدينية والفكرية. والدكتور - بحسن نيةٍ - ممن يؤمن بذلك ويدعو إليه، وفي الوقت نفسه يتهم مخالفيه بخدمة مخططات العدو، والحلب في قدحه، وإلى الله المشتكى!
مما توقفتُ عنده قول الدكتور في برنامج (إضاءات) إنه يتحفظ على السلفية المعاصرة لأنها "أصبحت تقليداً للمرحلة التي عاشها الإمام أحمد وخصومه"، ولأن "السلفيَّ في العصر الحديث لا بدَّ أن يبحثَ عن المعتزلة حتى يخاصمَهم، ولا بدَّ أن يبحث عن الأشعرية حتى يخاصمهم، ولا بد أن يبحث عن الشيعة حتى يخاصمهم"!.
ومع ما في هذا الكلام من مبالغةٍ وخللٍ، فإني حين قرأته حمدتُ الله - عز وجلَّ - أن جعل النهج السَّلفي الأصيل هو الغالب والسائد بين أهل العلم وطلابه في بلدي، مع ما في تطبيقهم له من خللٍ وقصور ظاهرين. ولو أن الناس أطاعوا د. الأحمري لأضاعوا الدين ولم يصلحوا الدنيا. ولو آمن دعاة السنة بما يدعو إليه الدكتور لخسروا دولتهم، ولم يفلحوا في التخلُّص من النفوذ الأجنبي الذي يريد منا الدكتور تقديم السنة ثمناً للهرب منه.
ومن خلال تتبعِ النشاط الشيعي في المنطقة، فأنا على يقينٍ من أن الطرح الذي يقدِّمه د.الأحمري لا يسبب أيَّ إزعاجٍ أو قلقٍ، لا لدعاة الرفض والتشيع، ولا للصهاينة الأمريكيين، بل إنه يمهد الأرضية التي يستطيعون غرس باطلهم فيها.
فالشيعة يستطيعون التعامل مع أمثال الدكتور بيُسرٍ وسهولةٍ، ولا يجدون أدنى مشقةٍ في تلهيته بشعارات الاتحاد في وجه العدو المشترك؛ لأنه لا ينطلق من قواعد شرعية واضحةٍ في نظرته إليهم، وإنما يتعامل معهم وفقَ ألاعيب السياسة التي يتقن شياطين الشيعة فنونها.
أما الدعوة السَّلفية - فمع ما فيها من ضعفٍ وانقسامٍ - فإنها تمثِّل الحاجز الأكبر، والسدَّ المنيع في وجه المدِّ الرافضي باعتراف أهله. فالروافض لا شكوى لهم اليوم إلا من "الوهابية" التي عجزوا عن اختراقها، فلجأوا للالتفاف عليها عن طريق العبث بأصحاب "التحليل السياسي" المبهورين ببطولات "حزب الله"، والمشفقين على مفاعل إيران النووي!
ومن الجانب الآخر إذا نظرنا للهيمنة الأمريكية الصهيونية التي تشغل الدكتور، فإن العدوَّ يعترف ويقرُّ - والدكتور يعرف هذا - أن السلفية تمثل التحدي الأكبر له، في حين أنه لا يحسب حساباً لأمثال الدكتور، إلا بقدر اتفاقه مع الطريقة السلفية، وتقرير (راند) لم يكن الشاهد الأول على ذلك.
بقيَ أن أقول في الختام: إني أؤيد الدكتور تماماً فيما ذكره في مقالته عن "المعضلة الشيعية" من التأكيد على ضرورة التوجه لعامة الشيعة بالدعوة والتوجيه، لكن هذا كله لا يلغي ضرورة تحصين المسلمين بتحذيرهم وتنفيرهم من الرَّفض وأئمته، فالمحافظة على رأس المال أولى من البحث عن مكاسب جديدة.