من آثار المدونة
لقد تبين لنا من هذا العرض السريع أن تاريخ العلمانية شديد الارتباط بالمسيحية، ذلك أن الفكر العلماني ترعرع أساسا في إطار المناخ الديني للمسيحية، وخاصة منها الجانب الكاثوليكي. فالمصطلح لم يتبلور للدلالة على تيار مناهض للتوجه الديني السائد إلا بعد سنة 1842، حيث انتقل من دلالته الدينية على الشخص المعتنق للمسيحية - لكنه ليس من رجال الدين - إلى دلالة أوسع تشير إلى تيار يطالب بنزع الصفة الدينية عن المؤسسات.
فلقد ظل القرن التاسع عشر الميلادي قرن ثورات بامتياز، حيث استطاع فكر الثورة الفرنسية أن ينغرس إلى أن أصبح له اتباع كثيرون في الوسط الكنسي نفسه الذي ظل يعاديه حينا من الدهر(على الرغم من أن رجال دين مسيحيين شاركوا فكرا وتوجيها في اندلاع الثورة الفرنسية على الكنيسة والدولة سنة 1789).
كما أن تطورات الفكر الجمهوري في فرنسا ما بعد 1870 جعلت المصطلح لصيقا بالفكر المطالب بالديمقراطية والحرية والمساواة، وخاصة حين صاغ جول فيري (Jules Ferry) مشاريعه حول المدرسة والتربية، حتى ليمكننا أن نعتبر سنة 1870 سنة الولادة الفعلية والعملية للمصطلح، وهي السنة التي انتهت فيها السلطة الفعلية للبابا بيا التاسع، رغم حرصه على عقد مجمع مسكوني - بعدما لم تغن التوجيهات والرسائل في الحد من الأزمة - وإصداره قانون عصمة البابا الشهير، ظنا منه بأنه الحل الأمثل(مثلما تعمد بعض أنظمتنا إلى التنصيص في دساتيرها على قداسة الحزب أو الرئيس). فالأزمات السياسية وضياع الأراضي الفاتيكانية جعلت البابا يوقف المجمع، ويفر من روما خوفا على نفسه، مما جعل الساحة منذئذ خالية من المعارضة الدينية بشكلها التقليدي.
ونحن لا نريد فتح الباب أوسع مما فعلنا لدراسة تطور الفكر العلماني عبر الصراع مع الفكر السلطوي الكنسي، ذلك أن التحليل التاريخي لتطور الفكر العلماني يسمح بالجزم بأن الأس الفلسفي الأول الذي بني فوقه الصرح العلماني في القرن التاسع عشر خاصة هو "تمكين الجميع من الوصول إلى معين المعرفة" بعد أن كانت محتكرة بين رجال الدين ورجال الفلسفة. لكن هل بقي وفيا لذلك؟ وهل استطاعت الكنيسة أن تنافسه في جانب من ذلك؟ هذا أمر يحتاج إلى دراسة أوسع، وحسبنا ما أمددنا به الباحثين والمؤرخين من نص ديني نعتبره عنصرا هاما من عناصر الصراع المسيحي العلماني.
لكن ما نستطيع قوله في هذه العجالة حول المسارات التي اتجهت لها كل من المسيحية والعلمانية هو التوافق على نوع من الصراع السلمي، والاحتكام إلى النفوذ الشعبي، مما جعل الكنيسة - حرصا على الجماهيرية والشعبية - تدخل تجديدات جذرية في فهومها للنص الديني لا تكاد تمليها حاجتها الداخلية لبلورة النص وتفعيله وفق أحكامه ومكونات تراثه، وإنما يفرضها الجدال السياسي والتدافع السلطوي لاكتساب مرجعية توجيهية للمجتمع وصناعة غده.
بل لمسنا أنه بقدر ما يتقدم الزمن، بقدر ما تتزيل الصفوف، ويكثر الانقسام داخل المجموعات الفكرية والثقافية والمذهبية، ليفسح المجال لتوالد أفكار ومجموعات أخرى لها رؤى جديدة، وأطروحات تعطي للقديم نفسا متجددا، بل تذهب به إلى تفسيرات مخالفة لما هو متعارف عليه في الوسط الديني التقليدي.
لكن الملاحظ أن كلا من الطرفين المتصارعين يحتاج إلى المفكر والمثقف، والعالم الراسخ والاستراتيجي النابغة، لكن غالبا ما يبحث كل منهما عن المفكر أو المثقف أو المتعالم "المؤجر لشدقه" كما نقول في بلاد المغرب، فيدخل كلاهما في مجال تصنيف الناس والحكم عليهم حسب الولاء والانتماء. بيد أنه لا شيء يدل على أن المنخرط في التيار العلماني الحزبي هو خارج دائرة التدين، ولا شيء يمنع المتدين من البحث عن الحكمة ومناصرة الأفكار النيرة، لكن لشهادته على الناس، يلزمه في كل المراحل الولاء للدين الحق، والبراء من الجهل والظلم، والابتعاد عن التحجر المذهبي أو الاستبداد الفقهي.
فلقد كانت الصفوف منقسمة، والآراء مختلفة، وما زالت، ورأينا عبر تحليل المدونة أن من يرغب في أن يحجر واسعا عبر تقنين أقوال الناس حسب المواقف السياسية لا يخلو من ضلالة وابتعاد عن النهج السوي، إذ من الصعوبة بمكان أن تكمم أفواه الناس، أو أن يخنعوا طول الدهر على الاستبداد الديني والمذهبي، أو أن يغفلوا عن الخلل في الأولويات لدى رجال الدعوة حين سكوتهم البين عن ظلم اجتماعي صارخ، واهتمامهم أكثر من اللازم بجوانب عبادية فردية.
بل إن الدراسات التاريخية لمسار الفكر المسيحي تخبرنا أن معدلات الجهر بمكنون الأفكار لدى المجتمع المسيحي الأوروبي تطورت بعد صدور المدونة وهيجان أوساط المثقفين والسياسيين متدينين وعلمانيين في وجهها. فمثلا في الوقت الذي نجد فيه مثقفا مسيحيا في مستوى ج - ج غوم (J. J. Gaume) الذي بكتابه "الثورة الفرنسية: أبحاث تاريخية عن أصل الشر وشيوعه في أوروبا " الصادر سنة 1856، يعتبر الثورة الفرنسية أم الأمراض، والوباء الذي أبطل حكم الله، وفرض نظاما دينيا جديدا يؤله الإنسان، ويهدد أوروبا قاطبة، فإننا نجد أحد أتباع الكنيسة والمنخرطين في هرمها السلطوي المحلي الراهب ج. أوديزيو (G. Audisio) يكتب بعد عشرين سنة عام 1876 حول إرث الثورة الفرنسية، ويعتبر أنه ليس شرا كله، بل كل ما فيه من دفاع عن الحرية والأخوة هو عين ما تنص عليه الأناجيل من مبادئ اجتماعية، ويرى أن النظام الاجتماعي الجديد وقتها ينبغي أن يقوم على ذات المبادئ.[24]
أكيد أن السلطة الكنسية العليا لم تكن بعد قد بلغت مستوى من الوعي الثقافي النسبي فأدرجت كتاب الراهب أوديزيو على لائحتها السوداء، ولكن ما تهمنا الإشارة إليه هو أنه إلى حدود تاريخ "مجمع الفاتيكان الأول" (1869- 1870)، كان نموذج المثقف المسيحي ج.ج غوم في الوسط الديني الرسمي هو السائد، حيث كانت الكنيسة تعتبر الثورة الفرنسية بمثابة السوار الأخير من القيد الديني، والذي انطلق تكبيل الكنيسة به منذ عصر النهضة وثورة الإصلاح البروتستانتي إبان القرن السادس عشر الميلادي.
ومن المسلم به تاريخيا أن ردود الفعل على إصدار المدونة كانت قوية ومؤثرة، سواء على المستوى الديني أو الفكري أو السياسي. ويصعب علينا في هذا البحث الوجيز أن نأتي على كافة تلك الردود وآثارها ونتائجها. لكن لا بأس من أن نشير إلى بعض ردود الفعل السياسية إذ يبقى التساؤل الآتي قائما: إذا كانت جموع المثقفين من علمانيين ودينيين قد عبرت عن غضبها ورفضها للانصياع للمدونة، فكيف كان تصرف الكنائس الرسمية والأحزاب المسيحية في أوروبا نحوها؟
نوجز جانبا من الجواب فيما يلي:
ففي فرنسا كانت الأزمة أشد بصدور دورية وزير العدل الفرنسي "باروش" (Baroche) بتاريخ فاتح يناير 1865 الموجهة للقساوسة بعدم نشر أي وثيقة صادرة عن الإدارة الكنسية بروما، مما فجر احتجاجا شديد اللهجة من طرف هؤلاء على المس بحرياتهم، حيث بقي الجميع ينتظر مواقف الليبراليين الكاثوليك الذين لم يعبروا عن رأيهم إلا في آخر شهر يناير من تلك السنة.
لكن حنكة أسقف مدينة أورليون (Orléans) الفرنسية البطريك "دوبانلوب" (Dupanloup) بإصداره لدراسة بتاريخ 26 يناير 1865 بعنوان: "اتفاقية 15 سبتمبر ولائحة 8 ديسمبر"[25]، والتي كان لها صدى واسع إذ عرفت 34 طبعة في بضعة أسابيع - مما يدل على وجود صدى للفكر الديني رغم ارتفاع معدلات الإلحاد - قد استطاع أن يحد من الانتقادات الموجهة للكرسي "الرسولي"، ويخفف من وطأة ردود الفعل السلبية نحو المدونة بإعادة قراءتها في ضوء المناخ السياسي الفرنسي.
أما ببلجيكا فإن الكاثوليك الليبراليين أو الكاثوليك الدستوريين قد وجدوا أنفسهم في ورطة سياسية شبيهة بتلك التي فجرها البابا غريغوار السادس عشر (Grégoire XVI) برسالته المعنونة "ميراري فوس" (Mirari Vos) بتاريخ 15 أغسطس 1832 - والتي قصد منها كما قلنا إسكات الكاتب المسيحي "لاموني" (Lamennais) وجماعته، ومنع مجلته "المستقبل" (L'avenir) ذات الخط التحرري والتأثير القوي في الأوساط الدينية - فعمدوا إلى حل ينطلق من أن البابا بقي متمسكا بالأطروحة (la thèse)، أي بالجوهر، ولم يقل شيئا عن فرضيات التنزيل على الواقع (l'hypothèse)، ولهذا فهم يرون أن البابا لم يقصد معاداة الحداثة، بقدر ما أصر على إظهار المواقف التقليدية للكنيسة التي هي من كامل حقه وسلطته.
وبمثل هذه المراوغات الأيديولوجية، استطاع الكاثوليك في بلجيكا وفي غيرها من دول أوروبا أن يصرحوا بأنهم دستوريون فيما يخص الجانب السياسي، ومؤمنون بدور البابا فيما يخص الجانب الديني، أي أن عاطفتهم الروحية مع الكنيسة، وانخراطهم الأيديولوجي والفكري مع ما يضمن التربع على الكرسي السياسي.
وما زلنا إلى اليوم، نجد داخل الصف المسيحي من يسعى إلى عودة الكنيسة إلى قواعدها الأولى، والحكم عليها بالضلال والتنازل عن رسالتها وأهدافها، خاصة بعد أن أضحى الإسلام واسع الانتشار في الأوساط الأوروبية وسريان الخوف في أوساط الساسة المسؤولين من "الأسلمة" الزاحفة للمجتمع الأوروبي.
وأنا أراجع هذا المقال للنشر، اطلعت على عدد من مجلة "فيديليتر" (Fideliter)[26] والتي تصدرها مجموعة من الكاثوليك الراديكاليين المنضوين تحت منظمة "إخوانية القديس بيا العاشر" (والتي أسسها الكاردينال لوفيبر (Cardinal Lefebvre) الذي غادر مغاضبا الإدارة الكنسية محتجا على الانقلاب على تقاليد الكنيسة المتجسد في أعمال وقرارات مجمع الفاتيكان الثاني)[27]، خصص للحديث عن سيلابوس بيا التاسع، العدد 161، بتاريخ سبتمبر - أكتوبر 2004؛ وهو عدد غني بالأبحاث وبعض المواقف لمن يمجدون المدونة وأفكارها، لكن المثير فيه هو أن أصحابه يحبون أن ينعتوا ب- "كاثوليك السيلابوس"، حيث جاء في العنوان العريض لإحدى دراسات العدد: "نحن كاثوليك السيلابوس" (Nous sommes des "catholiques du Syllabus") .[28]
وقد كان من المفيد الاطلاع فيه على رأي الجماعات الدينية المسيحية التي مازالت تؤيد وتساند مضامين السيلابوس، وتعتبره وثيقة هامة وضرورية في وجه الحداثة وويلاتها الأيديولوجية. بل جاء الملف المخصص للسيلابوس والاحتفال بذكرى مرور 140 سنة على إصداره تحت عنوان معبر عن أفكار منظمة "إخوانية القديس بيا العاشر": "السيلابوس أو مجمع الفاتيكان الثاني المضاد" (Le syllabus ou l'anti-Vatican II).
كما أن "النشرة الأدبية المضادة للثورة: قراءة وتراث" (Bulletin littéraire contre-révolutionnaire: Lecture et Tradition)، في عددها المخصص للبابا بيا التاسع ومدونته،[29] تعبر خير تعبير عن فكر هؤلاء الراديكاليين وحرصهم على إعادة الروح للمدونة البابوية وتوجهاتها وضرورة الالتزام الصارم بقوانينها. بل نلمس فيها إرجاع كل البلايا إلى الماسونية، والتي بالفعل ساهمت إسهاما كبيرا في زلزلة العرش المسيحي وانهيار إمبراطوريته.
ففيها يقول الراهب الراديكالي "جاك بلونكار داساك" (Jacques Ploncard d'Assac) في محاضرته حول السيلابوس بتاريخ 2 سبتمبر 1984:
"ليس أمام طوفان البدع والأخطاء إلا موقفان في مجال الإمكان: التحدي والتسامح. فبالتسامح نصل بسرعة إلى القبول، ولهذا كانت الكنيسة دائما تنادي بحقوق الله في مواجهة ما يدعى بحقوق الإنسان، فالإنسان لم يوجد إلا من طرف الله ومن أجل الله. فكل تصور مخالف لا يمكن أن يكون كاثوليكيا، أي ملتزما بالأصول"[30].
كما يشير ذات المحاضر إلى أن الخطر يكمن في كون الأخطاء قد غزت الكنيسة نفسها مشيرا إلى أنه لا يدعي ذلك من تلقاء نفسه، ولكنه يستشهد بنص للبابا بيا العاشر من رسالته الدائرية "باساندي" (Pascendi):
"إن مروجي الأخطاء لم يعد يجدي البحث عنهم بين الأعداء المعلنين للكنيسة، بل إنهم يختبئون - وهذا أمر يدعو إلى القلق الشديد - داخل وفي قلب الكنيسة نفسها... فليس في الخارج، بل في الداخل يتكون الخراب، والخطر اليوم داخل أمعاء الكنيسة وشرايينها، ويواصل بتحد ومثابرة مخططه المحدد... فهو يدعو (رجاله) ليظلوا داخل الكنيسة للعمل وللتغيير شيئا فشيئا لتشكيل الضمير العام"
ثم يتساءل الأستاذ المحاضر حول ذلك التناقض العجيب الذي تعيش فيه الكنيسة بعد التعبير عن الأسى لما وصل إليه ضلالها وبعدها عن النصوص الدينية المسيحية: "كيف يمكن للمسيحي أن يكون بخصوص نفس الفعل والتصرف على حق في عهد البابا بيا العاشر، وعلى ضلالة في عهد يوحنا بولس الثاني؟"
ونحن كذلك نتساءل نفس السؤال، لكن بصيغة أخرى: "كيف أنتجت المسيحية الفكر العلماني، ثم صارعته قسرا وانخرطت فيه دهرا؟ وكيف عد مجمع الفاتيكان الثاني انقلابا؟". ذلك ما حاولنا الإجابة عنه في دراساتنا غير المنشورة حول "نقد العقل المسيحي"، نسأل الله أن يمدنا بعونه، ويشملنا برحمته وفضله، لترى النور قريبا.
من الدروس المستفادة
لم تكن ترجمتنا لنصوص هذه المدونة رغبة في دراسة التاريخ المسيحي الكنسي خاصة، ولكن مقاربة منا لما يمكن أن ينتج من صراع مماثل بين المؤسسات والجمعيات والحركات الإسلامية وتيارات الحداثة العلمانية، فليس عجبا أن نرى اليوم وغدا مؤسسات قوية الدعم والنفوذ الدولي، داخلية وخارجية، تحاسب الجهات الدينية على خطابها وتنظيمها ولغتها، وتلومها على تمسكها بالثوابت، وعدم انفتاحها على الديانات الأخرى، ملزمة إياها بالخضوع لما تراه تلك المؤسسات ذات التجربة الاستراتيجية والحنكة المستقبلية ضروريا من لوازم الحرية الدينية والفكرية؛ وليس غريبا أن نسمع بأخرى تطالب بإسلام علماني يلقى نوعا من الدعم على أن لا يتجاوز بعض الطقوس ويؤول العديد من النصوص.
بل ولا فزع من أن تبرز للوجود فئات وتنظيمات تطالب وتقنن للزواج المدني، والولادة المدنية، والموت المدني، بعيدا عن كل الطقوس الدينية، مفجرة لسيل من الانتقادات في وجه تلك المشاريع، خاصة من طرف الفئات المتشددة والمكفرة لمن يخالفها في الرؤى والتوجه، علما بأن الفوارق بين السلطة الكنسية والمؤسسات الإسلامية كبيرة، وبين الإسلام والمسيحية أكبر، لكن الدروس المستفادة من صراع الحداثة والمسيحية البارحة واليوم بليغة الدرس للاستفادة والمراجعة، وإتقان وترشيد المواجهة الفكرية والتدافع الفلسفي والإيديولوجي.
فمعلوم أن الفكر الكنسي التقليدي لم يكن في مستوى المواجهة لكونه ظل على مدى قرون معطلا للعقل، فله مع العقلانية في تاريخه البعيد والقريب حروب وسجال، حيث تشهد وقائع ذلك التاريخ على الحجر الكبير الذي وقع على رجال الدين في تحليلهم النظري ونقدهم الفكري لتراثهم الديني، مما دفع بعضهم إلى الجهر عبر المجلات والكتب والنشرات - والتي ازدهرت صناعتها مع تطور الطباعة - بآراء وأفكار تخالف تفسيرات السلطة الكنسية للنص الديني، وتطالب بمزيد من الحرية في مجال العلم والمعرفة والدفاع عن حقوق الناس السياسية والمدنية.
فبمجرد ما كان الأتباع يخالفون الكنيسة في الفكر ووجهة النظر، أو يعاكسون ولو قليلا فكر ونظر رجالاتها الرسميين - وعلى رأسهم البابا - في تفسيرهم للنصوص الدينية، يصبحون في نظر السلطة الدينية من الذين يخلطون بين الحق والباطل، والخير والشر، والعدل والجور، ويتجاوزون الحدود باسم الحرية، ويقولون في الله ونصوص وحيه وشريعته القول العظيم.
فمن الفقرة الأولى للمدونة نلمس الجمع بين فكرة تأليه الإنسان، ونفي وجود الإله، وبين غياب أي معيار للتمييز بين الخير والشر، والحسن والقبيح، والعدل والظلم. وهذا الغلو في الاتهام للمخالف هو ما جعل رماح الدفاع التي استعملتها السلطة الكنسية تنقلب إلى صدرها، فكان الضرر الناتج عنها أكبر بكثير مما يحتمل أن يصل من أدواء من معتنقي المقالات "الخاطئة" أو المروجين لأفكارها.
فماذا جنت الكنيسة من مثل هذا النص ومثل هذا الموقف إلا النكوص والتقوقع والانكماش؟ فلقد كانت ثمار المدونة بعكس ما أريد منها. فمثلا مما دفعت إليه المقولات والأفكار الواردة ضمن الفصل الثامن مثلا المتعلق بأخطاء وضلالات الزواج هو اعتبار الطلاق أمرا شرعيا وقانونيا بفرنسا سنة 1884. كما أن الحرب السياسية والعسكرية اشتدت بالممتلكات البابوية بحيث في سنة 1870وجد الكرسي البابوي نفسه قد فقد السلطة على الأراضي التي كان يملكها، ولم يستطع أن يسترجع نوعا من السيادة السلطوية إلا على مساحة من مدينة روما، والتي تسمى اليوم بدولة الفاتيكان، وذلك سنة 1929، قدرها 0.44 كلم مربع.
كما أننا من خلال التمعن في نصوص المدونة ودراسة شكل تحريرها، ندرك الخلط الذي وقعت فيه حين عمدت إلى تفسير الأقوال والأفكار السائدة - والتي تصفها بالأخطاء الخطيرة والضلالات الكبيرة - بعيدا عن أصولها ومراجعها ونصوصها التي حررت وفقها، مثل ما تفعل بعض الفئات المسلمة التي باسم الكتاب والسنة، تعمد إلى تصنيف الأفكار الفلسفية والسياسية المعاصرة ضمن لوائح الضلالة والبدعة دون قراءة متزنة وتمحيص علمي رشيد، ودون رجوع للأصول التي كتبت بها والسياقات التي قيلت فيها، خاصة إذا كانت نابعة من بني إسرائيل أو الصهيونية المسيحية أو غيرها من الجهات التي تعلن العداء للإسلام، بيد أن الأمر في كل مرحلة وكل لحظة، وأيا كان المصدر وأيا كانت درجات كرهه للدين، يحتاج إلى العلم والبحث والرجوع إلى الأصول واستشارة أولي النهى من الخبراء والعلماء وأهل الدراية والمعرفة، وإلى أهل الاختصاص في كل مجال من المجالات، وذكر الأشياء كما وردت حسب ظروفها وسياقاتها دون زيادة أو نقصان أو تحيز.
أما العمد إلى قراءة القرآن الكريم عضين، وإخراج نصوص السنة المطهرة عن سياقها لإقامة الدليل على تصنيف الناس ضمن الفرق غير الناجية، فإنه سيحشرنا - إن لم يكن قد تم ذلك - في مناخ شبيه بما عاشته الكنيسة التي كانت مواقفها غير المدروسة خير مساعد لفقدها المواقع والأتباع.
فقد أبطل الله بسننه ما قام به قوم خلوا من قبل من المسلمين وغيرهم، كما هو الشأن بالنسبة للسلطة الكنسية التي ندرس الآن أحد نصوصها الخطيرة، في منعرج تاريخي خطير، سمح لغيرها بالبزوغ، ومكن لمخالفها من السؤدد بفضل أخطائها وضلالتها، في الوقت الذي كانت تظن فيه أنها تحسن صنعا. وكما كانت سنة الله قائمة قبل قرن ونيف، فإنها مازلت قائمة إلى اليوم، وستظل كذلك لقرون مهما تعدد الأعوام والسنون، ولن تجد لسنة الله تبديلا.
فمعدلات العلمنة اليوم ترتفع بقوة، في التعليم والإعلام والإدارة وأنماط التشريع وتوزيع السلط، مما يقلص الدور التقليدي للدين، ويدفع بعض أتباعه للانفعال، ويفتح عليهم من كل صوب أبواب النقد إلى حد الشتم والاستهزاء والازدراء، بشكل يروج في أوساطهم للإعداد للنزال وترقب القتال، وحالة كهذه لا محالة ممكنة - مثل ما كان الحال مع الجانب المسيحي - من ارتكاب أخطاء شتى من طرف جهات إسلامية يمكن تفاديها، ومواقف ساخنة من مفكرين وباحثين متدينين سرعان ما يتم التنكر لها بعد اشتداد الاحتجاج وإتقان صرفه في تأليب الغضب الشعبي، بل استفادة الجهات التي تمرنت على الاستفزاز منه لاستصدار المؤيد لمواقفها المزاحمة من القرار السياسي، والمساعد على المزيد من الخنق والكبت للعنصر الإسلامي.
فلكم ود الذين لم يستوعبوا تطورات الواقع الفكري والثقافي والسياسي لو أن لنا مدونة تجرم كل نيل من الدين أو توجه يرونه مخالفا للشرع الحكيم، بيد أن الخير كل الخير هو قبل كل شيء في تشكيل العقول قبل إجماعها هي ذاتها تلقائيا على احترام ما هو معلوم من الدين بالضرورة، فما عسى ينفع نص يحصي البدع والمنكرات، لمجتمع معظمه لا يجد غضاضة من ضلالة، ولا يحرك يدا ولا لسانا لتغيير منكر.
كما ود المرجفون في بلاط النظام العالمي لو أن للمسلمين هرما سلطويا دينيا على المستوى العقائدي يستطيع أن يقف مثل المواقف المتحجرة للكنيسة في القرون الخالية، فيرسل إليه شواظ ملتهب تلو الآخر من كتاب ومفكرين يحسنون القذف بمناجيق النقد والاتهام دون مراعاة لقيم، من النوع الذي تلمع مؤسسات الدعم والتأييد صورتهم، وتحمي الدعاية منابرهم وتروج خطابهم، بحيث - من شدة وطأة نقدهم وكثافة نبال هجومهم - يدعى ذلك الهرم السلطوي إلى اجتماع في شبه مجمع لاتخاذ قرارات ومواقف تعيد النظر في ثوابت العقيدة، وتقلب فيها التوجيهات الربانية والرسولية رأسا على عقب.
نقول ذلك همسا في أذن من ينتظر الحل في تدوين لوائح فرق أهل البدع والضلالات، وتحرير القوائم السوداء للملل والنحل الأفاكة، أو إصدار فتاوى المقت وبيانات التشهير، فالحكمة والدرس البليغ في الالتفات نقدا وتحليلا للمستقبلات المفقودة منذ أزمنة، وفي مجال التعليم والتربية وإعداد الناشئة خاصة، وقوة ارتباط ذلك بالقرآن الكريم نصا وعلما ومنهجا. فالذين ساءهم أن يأتي الناس بحصادهم للسوق، لن يغني شتمهم للسلع المعروضة عن مسؤوليتهم في الغفلة عن الفعل زمن الزرع، ولا بمجد هيجانهم شيئا ضد الزراع في موسم الحصاد.
بل الأولى العمد إلى تشخيص الواقع تشخيصا دقيقا، والبحث عن العناصر الممكّنة من الحفاظ على الموجود، والأدوات الميسرة لإيجاد المفقود، دون كبير ضجيج ولا تهويل لمخططات الغير. فالعارف بالأوضاع ومحركاتها، والمتأهب للاستفادة من دائرة المستطاع وإمكاناتها، يحسن الاستفادة من الوضع الديني والحالة الاجتماعية والتاريخية في أي زمان ومكان.
ففي نفس السنة التي صدرت فيها المدونة البابوية (1864)، صدر في المغرب ما دعي من بعد بظهير[31] "الحرية الدينية" من طرف السلطان الحسن الأول إثر حادث جنحي تدخل في شأنه كبار اليهود في بريطانيا لحماية أحد أتباعهم متهم بجريمة قتله أحد الأجانب من طرف القضاء المغربي. فاستغل اليهود - وحق لهم ذلك - صدور الظهير لتأسيس المدارس والمؤسسات التربوية بمعزل عن أي توجيه رسمي؛ فما كاد القرن التاسع عشر يؤذن بالذهاب، حتى كان المجتمع اليهودي بالمغرب قد وصل في مجالات صقل الذهن ومحو الأمية وإعداد الأجيال إلى مستويات تضاهي ما كانت أوروبا قد بلغته منذ سنة 1830، مع تطعيم روادها وطلبتها بجوانب إيديولوجية ظهرت آثارها فيما بعد.
وحتى نزيد الأمر وضوحا، نضرب المثل بأننا كثيرا ما نتكلم عن التنصير، أو الردة، أو التنكر لما هو معلوم من الدين بالضرورة، وننسى أن غياب الاستثمار العلمي والفكري والثقافي والدعوي، بعيدا عن كل استغلال سياسي في شتى الواجهات وفي كل المستويات وبكل المؤسسات، هو ما مكن ويمكن - وفق سنة التدافع الراسخة الثابتة - من بزوغ ملل ونحل قديمة ومستحدثة في أوساط المجتمعات، فضعف التدين في ضعف العلم، وانتشار الباطل هو في عدم عناية أهل الحق بأصوات الحق، ومنها - بل على رأسها - العالم الراسخ القدوة المؤلف للقلوب، العارف المتقن لكلام علام الغيوب، الملتزم بمنهج المصطفى في التعامل مع الناس على مختلف شرائحهم الاجتماعية ومذاهبهم الفكرية وتوجهاتهم الدينية، بكل رحابة صدر ورحمة وعطف.
ذلك أن الإصلاح يقتضي مهارة في الطب، طب المجتمع من أمراضه المزمنة والمعقدة، اجتماعية واقتصادية وسياسية وتربوية، ولقد فصلنا بعض ذلك في بحث يمكن الرجوع إليه حررنا فيه بعض القواعد الاستراتيجية عنوناه: "أوجز القواعد لتحقيق ما نبل من المقاصد"، كان مما ضمناه فيه تفصيل وتحليل لقاعدة استراتيجية صغناها كالآتي: "الطب حفظ صحة برء مرض، دون إرهاب للمريض، ولا شتم للمرض". [32]
فنحن أحوج ما نكون اليوم إلى العمل على محورين أساسيين:
- محور إتقان اللغات العالمية، إتقانا يسمح بتبليغ رسالة الإسلام صافية نقية، وترجمة التراث الإسلامي بعد تنقيحه ترجمة وافية دقيقة، لتحسين صورة الإسلام والمسلمين في الساحة الثقافية لكل لغة، مع الاجتهاد عدة وإعداد في توفير العالم الراسخ، العارف لفقه الدين، المتمكن من فقه الدعوة، المدرك لفقه الواقع، والمتقن للغة قومه ولغات عالمية أخرى تسمح بالتواصل والحوار والتدافع العلمي والفكري، على دراية وتبصر وحكمة.
- محور معرفة الأديان معرفة دقيقة من نصوصها وثقافتها وفكرها وخطاب رجالاتها ومنشورات مؤسساتها، بحيث نستطيع أن نعرف مجال التلاقي معها مهما ضاق، وميادين الخلاف مهما اتسعت، وذلك يحتاج إلى عدة وإعداد، ومثابرة وحزم، ورسوخ علم، وصبر وثبات وتقوى، وما ذلك على صاحب رسالة وذي بصيرة بعزيز.
فالتيارات الغالبة مثلا تنبؤ بمستقبلات ممكنة، أو صور للغد صادقة الظن، للصين والهند فيها مثلا حضور لا ينكر، ولهذا فقد نحتاج اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى من يعرف اللغات والأديان المتعددة بتلك الأرض معرفة دقيقة ومتقنة، وكثيرة هي الدروس التي سنستفيدها من ذلك، دون أن نقدم دنية في ديننا، والذي لا نشك بأنه لقوته وصدق وحيه، لا يهاب أي احتكاك بدين، ولا يضره أي تدافع مع فكر أو ثقافة.
فحري بنا أن نصحو من الغفلة فندرس الملل والنحل دراسة وافية، الملل ذات التأثير وصياغة المصير في ساحة التدافع المعاصر، وليس الملل البائدة والنحل الميتة. وذلك يقتضي تجديدا وتطويرا في علوم وفنون الدعوة، فلا نحجم أو نستنكف عن دراسة تشكل وتطور العقل البوذي والعقل الهندوسي والعقل الماسوني وغيره من العقول التي حتما للدين والثقافة في تشكلها وتطورها النصيب الأوفى، كما فعل بعض الأساتذة الأجلاء مثل أخينا وصديقنا الدكتور عبد الوهاب المسيري حفظه الله مع العقل اليهودي، والذي ما زلنا نفتقر إلى العديد من الدراسات حول مراحل تشكله وتطوره، وأنماط فعله وتفاعله وحركته.
ذلك أن الحروب التي تشن علينا، الفكرية والثقافية والسياسية والعسكرية، تجعلنا - رغم الفارق الكبير- شبيهي الوضع بما كان يجري قبل قرن ونصف من تاريخنا المعاصر. فلو ترجمت خطبة واحدة من الخطب التي تلقى بمساجدنا بالعالم الإسلامي والغربي، لاستطاعت المؤسسات العلمانية أن تعثر - إذا أحسنت الاختيار- على شيء شبيه بالسيلابوس أو قريب منه، ولن تجد الجهات الدينية المسلمة من مجال إلا التنكر له والابتعاد عنه. وحري بنا - وغباوتنا قد استفحلت - أن ننقح خطاباتنا بما ليس من الدين في شيء، وأن نجتهد في أن لا يعتلي المنبر إلا صاحب فقه في الدين، وفقه في الدعوة، وفقه للواقع.
بل المتمعن في أدعيتنا وحدها، وخاصة منها دعاء القنوت في رمضان، يدرك أننا لا نحسن الصنعة ولا نستقيم على منهاج الملة. بل خلاصة الدعاء - وتلك كارثة كبرى - أننا نحيل كل حل لأوضاعنا على خالقنا جل وعلا، مثل قول قوم موسى له حين أمروا بدخول القرية: {قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَداً مَا دَامُوا فِيهَا، فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} (المائدة:24)، غير مميزين بين التوكل والتواكل، ولا بين الاستعانة والاستقالة، مبرئين أنفسنا من أي عمل أو فعل، معتذرين عن ضعفنا باستحالة قيامنا - والأوضاع كما هي - بما نحن مأمورون به.
بل الأدهى أننا في العديد من أدعيتنا - سواء في القنوت أو خطب الجمع أو غيرها - نسأل الله عز وجل أن يبطل سننه، ويعطل قوانين ملكوته، فيمحق الذين كفروا جميعا فلا نسمع لهم ركزا، ويهلك المنافقين فلا نلمس لهم حسا، ولا أدري لم لا نسأله - والحالة كذلك - أن يخلف وعده لإبليس، فيضع لوجوده حدا.
ولقد حاولت - على ضعف قدرتي وحدود علمي - أن أقدم في هذا البحث المتواضع مثلا لما يمكن أن نستخلصه من الدروس والعبر في معرفة تشكل العقول والأفكار عبر التفاعل الإيجابي والسلبي مع النص الديني أو موقف المؤسسة الدينية، من خلال تناولي بالدراسة والتحليل لنص مسيحي مغمور كان له دور تاريخي خطير في الصراع السياسي والفكري بين الكنيسة والعلمانية في المجتمع الغربي.
وإن كنت لم أتوسع في الرجوع للنصوص الدينية التي اعتمدتها الكنيسة لصياغة خطابها، فحسبي أن الذي كان يحكم توجهي هو العقل الديني وليس النص مهما بلغ عند أهله من القداسة.
وما لا يدرك كله لا يترك جله، فقد سعيت من خلال المثل المدروس أن أقدم صورة ما أظن أني سبقت إليها - من حيث الحدث والمثال - حول أصول الصراع الديني - الحداثي بأوروبا في التاريخ المعاصر، وستتلوها بإذن الله دراسات مماثلة حول تطور العقل المسيحي عبر التاريخ، وأثر ذلك في تشكل الفكر الغربي الحديث.
وسيظل قصدنا دوما استنباط الدروس واستخلاص الفوائد والعبر، وليس الوقوف على مصائب قوم وتعداد ما لديهم من شاذ المذاهب أو غلو الفكر.
ذلك، ومن رام بلوغ العلا من غير كد ولا إعداد ولا رباط، ولا مراجعة ولا تعبئة ولا تقدير ولا احتياط، فمدركها... إذا ولج الجمل في سم الخياط!
المهندس محمد بريش
خبير في الدراسات الاستراتيجية والمستقبلية
ص ب 4585، عجمان
الإمارات العربية المتحدة
• • • •
قائمة المصادر البابوية الرسمية
التي استوحت منها المدونة نصوص المقالات والأفكار المحظورة
معظم هذه المصادر يرجع إلى رسائل توجيهية وخطابات ترشيدية صادرة عن البابا بيا التاسع نفسه، ذلك أن مشروعا أوليا للمدونة كان قد رجع إلى مراجع أوسع من ذلك، ففشى سره قبل أن يصدره البابا، فكان الاتجاه حين المراجعة أن يركز أساسا على ما صدر عن البابا نفسه.
ولقد عمدنا إلى عدم ترجمة العناوين اللاتينية للرسائل والخطابات لأنها بمثابة الأسماء لها، وجعلنا بين قوسين - نظرا لتكرار الإحالة على نفس المصدر في المقولات الثمانين - رقم المقولة المعنية، حتى لا نثقل النص بالإحالة على ذات المصدر بشكل متكرر.
كما أننا ألحقنا في آخر المقال نص المدونة باللغة الإنجليزية لمن أراد الرجوع إلى الأصل، لكننا نشير إلى أن الترجمة الفرنسية - أخذا بعين الاعتبار الأوضاع وقتئذ - كانت من أولى الترجمات الصادرة عن الوسط المسيحي وصرف لها جانب هام من العناية، واعتمدنا أقدمها لترجمة النص للعربية.
ولقد اجتنبنا كذلك الإشارة إلى مختلف الدراسات التاريخية والمعاصرة المتعلقة بالنص وظروفه التاريخية لتعددها وكثرتها.
1. Encyclique Qui pluribus, 9 novembre 1846 (4, 5, 6, 7, 16, 40, 63, 74).
2. Allocution Quis vestrum, 4 octobre 1847 ( 63).
3. Allocution Uni primum, 17 décembre 1847 ( 16).
4. Allocution Quibus quantisque. 20 avril 1849 (40, 64, 76).
5. Encyclique Noscitis et Nobiscum aux archevêques et évêques d'Italie, 8 décembre 1849 (18, 63).
6. Allocution Si semper antea, 20 mai 1850 ( 16).
7. Allocution In consistoriali, 1er novembre 1850 ( 43-45).
8. Lettre apostolique Multiplices inter, 10 juin 1851 (15, 21, 23, 30, 51, 54, 68, 74).
9. Lettre apostolique Ad apostolicae, 22 août 1851 (24, 25, 34-36, 38, 41, 42, 65-67, 69-75).
10. Allocution Quibus luctuosissimis, 5 septembre 1851 ( 45).
11. Lettre à S.M. le Roi Victor-Emmanuel, 9 septembre 1852 (73).
12. Allocution Acerbissimum, 27 septembre 1852 ( 31, 51, 53, 55, 67, 73, 74, 78).
13. Allocution Singulari quadam, 9 décembre 1854 ( 8, 17, 19).
14. Allocution Probe memineritis, 22 janvier 1855 ( 53).
15. Allocution Cum saepe, 27 juillet 1855 ( 53).
16. Allocution Nemo Vestrum, 26 juillet 1855 (77).
17. Lettre Singulari quidem aux évêques d'Autriche, 17 mars 1856 (4, 16).
18. Allocution Nunquam fore, 15 décembre 1856 (26, 28, 29, 31, 46, 50, 52, 79).
19. Lettre Eximiam à Son Eminence l'archevêque de Cologne, 15 juin 1857 (4, 16).
20. Lettre apostolique Cum Catholica Ecclesia, 26 mars 1860 (63, 76).
21. Lettre Dolore baud mediocri à l'évêque de Breslau, 30 avril 1860 (14).
22. Allocution Novos et ante, 28 septembre 1860 (19, 62, 76).
23. Allocution, Multis gravibusque, 17 décembre 1860 (19, 37, 43, 73).
24. Allocution Iamdudum, 18 mars 1861 (37, 61, 76).
25. Allocution Meminit, 30 septembre 1861 (20).
26. Allocution consistoriale Maxima quidem, 9 Juin 1862 (1-7, 15, 19, 27, 39, 44, 49, 56-60, 76).
27. Lettre apostolique Gravissimas inter à l'archevêque de Munich-Frisingue, 11 décembre 1862 (9- 11).
28. Encyclique Quanto conficiamur moerore aux évêques d'Italie, 10 août 1863 (17, 58).
29. Encyclique Incredibili à l'archevêque de Santa-Fé-de-Bogota, 17 septembre 1863 (26).
30. Lettre apostolique Tuas libenter à l'archevêque de Munich-Frisingue, 21 décembre 1863 (9, 10, 12-14, 22, 33).
31. Lettre Cum non sine à l'archevêque de Fribourg-en-Brisgau, 14 juillet 1864 (47, 48).
32. Lettre Singularis Nobisque à l'évêque de Mondovi (Piémont) 29 septembre 1864 (32).
نص المدونة باللغة الإنجليزية
نظرا لبعدنا عن مكتبتنا الخاصة التي أغنيناها بالمراجع طيلة الثلاثين سنة الماضية، فإننا اكتفينا للدراسة والتحليل بما اصطحبناه معنا من الكتب والأبحاث.
أما الترجمة فقد اعتمدنا أساسا على الترجمة الفرنسية الواردة في الدراسة الموسعة التي قام بها القس لويس بريجي (L. Brigué) (1959-1900)، والمنشورة ضمن موسوعة اللاهوت الكاثوليكي المرجعية (Dictionnaire de la Théologie Catholique)، (والتي وضع تصميمها وخططها الراهب جون ميشال ألفريد فاكان Jean-Michel-Alfred Vacant (1852-1901)، واستغرق نشرها ما بين 1903 إلى 1951)، المجلد الرابع عشر، صص 2877-2923، والصادر في باريس، سنة 1941.
النص الإنجليزي موجود بعدة مواقع، منها على سبيل المثال:
http://www.papalencyclicals.net/Pius09/p9syll.htmTHE SYLLABUS OF ERRORS CONDEMNED BY PIUS IX
I. PANTHEISM, NATURALISM AND ABSOLUTE RATIONALISM
1. There exists no Supreme, all-wise, all-provident Divine Being, distinct from the universe, and God is identical with the nature of things, and is, therefore, subject to changes. In effect, God is produced in man and in the world, and all things are God and have the very substance of God, and God is one and the same thing with the world, and, therefore, spirit with matter, necessity with liberty, good with evil, justice with injustice. -- Allocution "Maxima quidem," June 9, 1862.
2. All action of God upon man and the world is to be denied. -- Ibid.
3. Human reason, without any reference whatsoever to God, is the sole arbiter of truth and falsehood, and of good and evil; it is law to itself, and suffices, by its natural force, to secure the welfare of men and of nations. -- Ibid.
4. All the truths of religion proceed from the innate strength of human reason; hence reason is the ultimate standard by which man can and ought to arrive at the knowledge of all truths of every kind. -- Ibid. and Encyclical "Qui pluribus," Nov. 9, 1846, etc.
5. Divine revelation is imperfect, and therefore subject to a continual and indefinite progress, corresponding with the advancement of human reason. -- Ibid.
6. The faith of Christ is in opposition to human reason and divine revelation not only is not useful, but is even hurtful to the perfection of man. -- Ibid.
7. The prophecies and miracles set forth and recorded in the Sacred Scriptures are the fiction of poets, and the mysteries of the Christian faith the result of philosophical investigations. In the books of the Old and the New Testament there are contained mythical inventions, and Jesus Christ is Himself a myth.
II. MODERATE RATIONALISM
8. As human reason is placed on a level with religion itself, so theological must be treated in the same manner as philosophical sciences. -- Allocution "Singulari quadam," Dec. 9, 1854.
9. All the dogmas of the Christian religion are indiscriminately the object of natural science or philosophy, and human reason, enlightened solely in an historical way, is able, by its own natural strength and principles, to attain to the true science of even the most abstruse dogmas; provided only that such dogmas be proposed to reason itself as its object. -- Letters to the Archbishop of Munich, "Gravissimas inter," Dec. 11, 1862, and "Tuas libenter," Dec. 21, 1863.
10. As the philosopher is one thing, and philosophy another, so it is the right and duty of the philosopher to subject himself to the authority which he shall have proved to be true; but philosophy neither can nor ought to submit to any such authority. -- Ibid., Dec. 11, 1862.
11. The Church not only ought never to pass judgment on philosophy, but ought to tolerate the errors of philosophy, leaving it to correct itself. -- Ibid., Dec. 21, 1863.
12. The decrees of the Apostolic See and of the Roman congregations impede the true progress of science. -- Ibid.
13. The method and principles by which the old scholastic doctors cultivated theology are no longer suitable to the demands of our times and to the progress of the sciences. -- Ibid.
14. Philosophy is to be treated without taking any account of supernatural revelation. -- Ibid.
III. INDIFFERENTISM, LATITUDINARIANISM
15. Every man is free to embrace and profess that religion which, guided by the light of reason, he shall consider true. -- Allocution "Maxima quidem," June 9, 1862; Damnatio "Multiplices inter," June 10, 1851.
16. Man may, in the observance of any religion whatever, find the way of eternal salvation, and arrive at eternal salvation. -- Encyclical "Qui pluribus," Nov. 9, 1846.
17. Good hope at least is to be entertained of the eternal salvation of all those who are not at all in the true Church of Christ. -- Encyclical "Quanto conficiamur," Aug. 10, 1863, etc.
18. Protestantism is nothing more than another form of the same true Christian religion, in which form it is given to please God equally as in the Catholic Church. -- Encyclical "Noscitis," Dec. 8, 1849.
IV. SOCIALISM, COMMUNISM, SECRET SOCIETIES, BIBLICAL SOCIETIES, CLERICO-LIBERAL SOCIETIES
Pests of this kind are frequently reprobated in the severest terms in the Encyclical "Qui pluribus," Nov. 9, 1846, Allocution "Quibus quantisque," April 20, 1849, Encyclical "Noscitis et nobiscum," Dec. 8, 1849, Allocution "Singulari quadam," Dec. 9, 1854, Encyclical "Quanto conficiamur," Aug. 10, 1863.
V. ERRORS CONCERNING THE CHURCH AND HER RIGHTS
19. The Church is not a true and perfect society, entirely free- nor is she endowed with proper and perpetual rights of her own, conferred upon her by her Divine Founder; but it appertains to the civil power to define what are the rights of the Church, and the limits within which she may exercise those rights. -- Allocution "Singulari quadam," Dec. 9, 1854, etc.
20. The ecclesiastical power ought not to exercise its authority without the permission and assent of the civil government. -- Allocution "Meminit unusquisque," Sept. 30, 1861.
21. The Church has not the power of defining dogmatically that the religion of the Catholic Church is the only true religion. -- Damnatio "Multiplices inter," June 10, 1851.
22. The obligation by which Catholic teachers and authors are strictly bound is confined to those things only which are proposed to universal belief as dogmas of faith by the infallible judgment of the Church. -- Letter to the Archbishop of Munich, "Tuas libenter," Dec. 21, 1863.
23. Roman pontiffs and ecumenical councils have wandered outside the limits of their powers, have usurped the rights of princes, and have even erred in defining matters of faith and morals. -- Damnatio "Multiplices inter," June 10, 1851.
24. The Church has not the power of using force, nor has she any temporal power, direct or indirect. -- Apostolic Letter "Ad Apostolicae," Aug. 22, 1851.
25. Besides the power inherent in the episcopate, other temporal power has been attributed to it by the civil authority granted either explicitly or tacitly, which on that account is revocable by the civil authority whenever it thinks fit. -- Ibid.
26. The Church has no innate and legitimate right of acquiring and possessing property. -- Allocution "Nunquam fore," Dec. 15, 1856; Encyclical "Incredibili," Sept. 7, 1863.
27. The sacred ministers of the Church and the Roman pontiff are to be absolutely excluded from every charge and dominion over temporal affairs. -- Allocution "Maxima quidem," June 9, 1862.
28. It is not lawful for bishops to publish even letters Apostolic without the permission of Government. -- Allocution "Nunquam fore," Dec. 15, 1856.
29. Favours granted by the Roman pontiff ought to be considered null, unless they have been sought for through the civil government. -- Ibid.
30. The immunity of the Church and of ecclesiastical persons derived its origin from civil law. -- Damnatio "Multiplices inter," June 10, 1851.
31. The ecclesiastical forum or tribunal for the temporal causes, whether civil or criminal, of clerics, ought by all means to be abolished, even without consulting and against the protest of the Holy See. -- Allocution "Nunquam fore," Dec. 15, 1856; Allocution "Acerbissimum," Sept. 27, 1852.
32. The personal immunity by which clerics are exonerated from military conscription and service in the army may be abolished without violation either of natural right or equity. Its abolition is called for by civil progress, especially in a society framed on the model of a liberal government. -- Letter to the Bishop of Monreale "Singularis nobisque," Sept. 29, 1864.
33. It does not appertain exclusively to the power of ecclesiastical jurisdiction by right, proper and innate, to direct the teaching of theological questions. -- Letter to the Archbishop of Munich, "Tuas libenter," Dec. 21, 1863.
34. The teaching of those who compare the Sovereign Pontiff to a prince, free and acting in the universal Church, is a doctrine which prevailed in the Middle Ages. -- Apostolic Letter "Ad Apostolicae," Aug. 22, 1851.
35. There is nothing to prevent the decree of a general council, or the act of all peoples, from transferring the supreme pontificate from the bishop and city of Rome to another bishop and another city. -- Ibid.
36. The definition of a national council does not admit of any subsequent discussion, and the civil authority car assume this principle as the basis of its acts. -- Ibid.
37. National churches, withdrawn from the authority of the Roman pontiff and altogether separated, can be established. -- Allocution "Multis gravibusque," Dec. 17, 1860.
38. The Roman pontiffs have, by their too arbitrary conduct, contributed to the division of the Church into Eastern and Western. -- Apostolic Letter "Ad Apostolicae," Aug. 22, 1851.
VI. ERRORS ABOUT CIVIL SOCIETY, CONSIDERED BOTH IN ITSELF AND IN ITS RELATION TO THE CHURCH
39. The State, as being the origin and source of all rights, is endowed with a certain right not circumscribed by any limits. -- Allocution "Maxima quidem," June 9, 1862.
40. The teaching of the Catholic Church is hostile to the well- being and interests of society. -- Encyclical "Qui pluribus," Nov. 9, 1846; Allocution "Quibus quantisque," April 20, 1849.
41. The civil government, even when in the hands of an infidel sovereign, has a right to an indirect negative power over religious affairs. It therefore possesses not only the right called that of "exsequatur," but also that of appeal, called "appellatio ab abusu." -- Apostolic Letter "Ad Apostolicae," Aug. 22, 1851
42. In the case of conflicting laws enacted by the two powers, the civil law prevails. -- Ibid.
43. The secular Dower has authority to rescind, declare and render null, solemn conventions, commonly called concordats, entered into with the Apostolic See, regarding the use of rights appertaining to ecclesiastical immunity, without the consent of the Apostolic See, and even in spite of its protest. -- Allocution "Multis gravibusque," Dec. 17, 1860; Allocution "In consistoriali," Nov. 1, 1850.
44. The civil authority may interfere in matters relating to religion, morality and spiritual government: hence, it can pass judgment on the instructions issued for the guidance of consciences, conformably with their mission, by the pastors of the Church. Further, it has the right to make enactments regarding the administration of the divine sacraments, and the dispositions necessary for receiving them. -- Allocutions "In consistoriali," Nov. 1, 1850, and "Maxima quidem," June 9, 1862.
45. The entire government of public schools in which the youth- of a Christian state is educated, except (to a certain extent) in the case of episcopal seminaries, may and ought to appertain to the civil power, and belong to it so far that no other authority whatsoever shall be recognized as having any right to interfere in the discipline of the schools, the arrangement of the studies, the conferring of degrees, in the choice or approval of the teachers. -- Allocutions "Quibus luctuosissimis," Sept. 5, 1851, and "In consistoriali," Nov. 1, 1850.
46. Moreover, even in ecclesiastical seminaries, the method of studies to be adopted is subject to the civil authority. -- Allocution "Nunquam fore," Dec. 15, 1856.
47. The best theory of civil society requires that popular schools open to children of every class of the people, and, generally, all public institutes intended for instruction in letters and philosophical sciences and for carrying on the education of youth, should be freed from all ecclesiastical authority, control and interference, and should be fully subjected to the civil and political power at the pleasure of the rulers, and according to the standard of the prevalent opinions of the age. -- Epistle to the Archbishop of Freiburg, "Cum non sine," July 14, 1864.
48. Catholics may approve of the system of educating youth unconnected with Catholic faith and the power of the Church, and which regards the knowledge of merely natural things, and only, or at least primarily, the ends of earthly social life. -- Ibid.
49. The civil power may prevent the prelates of the Church and the faithful from communicating freely and mutually with the Roman pontiff. -- Allocution "Maxima quidem," June 9, 1862.
50. Lay authority possesses of itself the right of presenting bishops, and may require of them to undertake the administration of the diocese before they receive canonical institution, and the Letters Apostolic from the Holy See. -- Allocution "Nunquam fore," Dec. 15, 1856.
51. And, further, the lay government has the right of deposing bishops from their pastoral functions, and is not bound to obey the Roman pontiff in those things which relate to the institution of bishoprics and the appointment of bishops. -- Allocution "Acerbissimum," Sept. 27, 1852, Damnatio "Multiplices inter," June 10, 1851.
52. Government can, by its own right, alter the age prescribed by the Church for the religious profession of women and men; and may require of all religious orders to admit no person to take solemn vows without its permission. -- Allocution "Nunquam fore," Dec. 15, 1856.
53. The laws enacted for the protection of religious orders and regarding their rights and duties ought to be abolished; nay, more, civil Government may lend its assistance to all who desire to renounce the obligation which they have undertaken of a religious life, and to break their vows. Government may also suppress the said religious orders, as likewise collegiate churches and simple benefices, even those of advowson and subject their property and revenues to the administration and pleasure of the civil power. -- Allocutions "Acerbissimum," Sept. 27, 1852; "Probe memineritis," Jan. 22, 1855; "Cum saepe," July 26, 1855.
54. Kings and princes are not only exempt from the jurisdiction of the Church, but are superior to the Church in deciding questions of jurisdiction. -- Damnatio "Multiplices inter," June 10, 1851.
55. The Church ought to be separated from the .State, and the State from the Church. -- Allocution "Acerbissimum," Sept. 27, 1852.
VII. ERRORS CONCERNING NATURAL AND CHRISTIAN ETHICS
56. Moral laws do not stand in need of the divine sanction, and it is not at all necessary that human laws should be made conformable to the laws of nature and receive their power of binding from God. -- Allocution "Maxima quidem," June 9, 1862.
57. The science of philosophical things and morals and also civil laws may and ought to keep aloof from divine and ecclesiastical authority. -- Ibid.
58. No other forces are to be recognized except those which reside in matter, and all the rectitude and excellence of morality ought to be placed in the accumulation and increase of riches by every possible means, and the gratification of pleasure. -- Ibid.; Encyclical "Quanto conficiamur," Aug. 10, 1863.
59. Right consists in the material fact. All human duties are an empty word, and all human facts have the force of right. -- Allocution "Maxima quidem," June 9, 1862.
60. Authority is nothing else but numbers and the sum total of material forces. -- Ibid.
61. The injustice of an act when successful inflicts no injury on the sanctity of right. -- Allocution "Jamdudum cernimus," March 18, 1861.
62. The principle of non-intervention, as it is called, ought to be proclaimed and observed. -- Allocution "Novos et ante," Sept. 28, 1860.
63. It is lawful to refuse obedience to legitimate princes, and even to rebel against them. -- Encyclical "Qui pluribus," Nov. 9, 1864; Allocution "Quibusque vestrum," Oct. 4, 1847; "Noscitis et Nobiscum," Dec. 8, 1849; Apostolic Letter "Cum Catholica."
64. The violation of any solemn oath, as well as any wicked and flagitious action repugnant to the eternal law, is not only not blamable but is altogether lawful and worthy of the highest praise when done through love of country. -- Allocution "Quibus quantisque," April 20, 1849.
VIII. ERRORS CONCERNING CHRISTIAN MARRIAGE
65. The doctrine that Christ has raised marriage to the dignity of a sacrament cannot be at all tolerated. -- Apostolic Letter "Ad Apostolicae," Aug. 22, 1851.
66. The Sacrament of Marriage is only a something accessory to the contract and separate from it, and the sacrament itself consists in the nuptial benediction alone. -- Ibid.
67. By the law of nature, the marriage tie is not indissoluble, and in many cases divorce properly so called may be decreed by the civil authority. -- Ibid.; Allocution "Acerbissimum," Sept. 27, 1852.
68. The Church has not the power of establishing diriment impediments of marriage, but such a power belongs to the civil authority by which existing impediments are to be removed. -- Damnatio "Multiplices inter," June 10, 1851.
69. In the dark ages the Church began to establish diriment impediments, not by her own right, but by using a power borrowed from the State. -- Apostolic Letter "Ad Apostolicae," Aug. 22, 1851.
70. The canons of the Council of Trent, which anathematize those who dare to deny to the Church the right of establishing diriment impediments, either are not dogmatic or must be understood as referring to such borrowed power. -- Ibid.
71. The form of solemnizing marriage prescribed by the Council of Trent, under pain of nullity, does not bind in cases where the civil law lays down another form, and declares that when this new form is used the marriage shall be valid.
72. Boniface VIII was the first who declared that the vow of chastity taken at ordination renders marriage void. -- Ibid.
73. In force of a merely civil contract there may exist between Christians a real marriage, and it is false to say either that the marriage contract between Christians is always a sacrament, or that there is no contract if the sacrament be excluded. -- Ibid.; Letter to the King of Sardinia, Sept. 9, 1852; Allocutions "Acerbissimum," Sept. 27, 1