اسلام ويب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

من فقه الدعاء يقول سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "أنا لا أحمل همَّ الإجابة، وإنما أحمل همَّّ الدعاء، فإذا أُلهمت الدعاء كانت الإجابة معه". وهذا فهم عميق أصيل ، فليس كل دعاء مجابًا، فمن الناس من يدعو على الآخرين طالبًا إنزال الأذى بهم ؛ لأنهم ينافسونه في تجارة ، أو لأن رزقهم أوسع منه ، وكل دعاء من هذا القبيل ، مردود على صاحبه لأنه باطل وعدوان على الآخرين. والدعاء مخ العبادة ، وقمة الإيمان ، وسرّ المناجاة بين العبد وربه ، والدعاء سهم من سهام الله ، ودعاء السحر سهام القدر، فإذا انطلق من قلوب ناظرة إلى ربها ، راغبة فيما عنده ، لم يكن لها دون عرش الله مكان. جلس عمر بن الخطاب يومًا على كومة من الرمل ، بعد أن أجهده السعي والطواف على الرعية ، والنظر في مصالح المسلمين ، ثم اتجه إلى الله وقال: "اللهم قد كبرت سني ، ووهنت قوتي ، وفشت رعيتي ، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفتون ، واكتب لي الشهادة في سبيلك ، والموت في بلد رسولك". انظر إلى هذا الدعاء ، أي طلب من الدنيا طلبه عمر، وأي شهوة من شهوات الدنيا في هذا الدعاء ، إنها الهمم العالية ، والنفوس الكبيرة ، لا تتعلق أبدًا بشيء من عرض هذه الحياة ، وصعد هذا الدعاء من قلب رجل يسوس الشرق والغرب ، ويخطب وده الجميع ، حتى قال فيه القائل: يا من رأى عمرًا تكسوه بردته ** والزيت أدم له والكوخ مأواه يهتز كسرى على كرسيه فرقًا ** من بأسه وملوك الروم تخشاه ماذا يرجو عمر من الله في دعائه ؟ إنه يشكو إليه ضعف قوته ، وثقل الواجبات والأعباء ، ويدعو ربه أن يحفظه من الفتن ، والتقصير في حق الأمة ، ثم يتطلع إلى منزلة الشهادة في سبيله ، والموت في بلد رسوله ، فما أجمل هذه الغاية ، وما أعظم هذه العاطفة التي تمتلئ حبًا وحنينًا إلى رسول الله - صل الله عليهلم -: (أن يكون مثواه بجواره). يقول معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: "يا بن آدم أنت محتاج إلى نصيبك من الدنيا ، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج ، فإن بدأت بنصيبك من الآخرة ، مرّ بنصيبك من الدنيا فانتظمها انتظامًا ، وإن بدأت بنصيبك من الدنيا ، فائت نصيبك من الآخرة ، وأنت من الدنيا على خطر). وروى الترمذي بسنده عن النبي - صل الله عليهلم -: أنه قال: ((من أصبح والآخرة أكبر همه جمع الله له شمله ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن أصبح والدنيا أكبر همه فرَّق الله عليه ضيعته ، وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له)). وأخيرًا .. أرأيت كيف أُلهم عمر الدعاء وكانت الإجابة معه ، وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186)" (البقرة:186).


 

  معرض الكتاب وموجة الإلحاد

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة


avatar


نقــاط : 99980
 معرض الكتاب وموجة الإلحاد Oooo14
 معرض الكتاب وموجة الإلحاد User_o10

 معرض الكتاب وموجة الإلحاد Empty
مُساهمةموضوع: معرض الكتاب وموجة الإلحاد    معرض الكتاب وموجة الإلحاد Emptyالأربعاء 15 مايو 2013 - 11:01

معرض الكتاب وموجة الإلحاد
د. ناصر بن يحيى الحنيني وأ. د. عبدالله بن صالح البراك

الحمدُ لله رب العالمين، والعاقبةُ للمتقين، ولا عدوانَ إلا على الظالمين، والصلاةُ والسلام على المبعوث رحمةً للعالمين وحجة على الخلق أجمعين.
وعلى آله الأطهار، وأصحابه الأبرار، ومن سار على نهجهم واقتفى أثرهم إلى يوم الدين.

أما بعد:
فإن الصراعَ بين الحق والباطل، والإيمان والكفر، والخير والشر سنةٌ ماضية عبر العصور ومر الدهور، وإن من طبيعة الصراع أن كل طرف يناصر الرأيَ الذي يدعو إليه، والفكرَ الذي ينتمي إليه، فالعقلُ يحتم على من يرى أن الحق معه أن يناصره ويدافع عنه بكل ما يستطيع، فكيف إذا كان الحقُّ الذي نؤمن به والذي يُعتدى عليه هو الإسلامُ بشرائعه وأحكامه، بل يتعدى هذا الأمرُ إلى القدح في ربنا ومولانا -جل وعلا- وفي رسولنا الكريم والقرآن العظيم، فهنا تصبح المدافعة فرضاً على الأمة، وتزداد التبعةُ على أهل العلم والفكر والرأي فيها، وعلى من ولاه الله أمرَ المسلمين والمكلف بحماية الدين والدنيا.

والله -جل وعلا- ناصر دينه وحافظه كما قال سبحانه: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} [التوبة: 33، الصف: 9] ولكن إن تخاذلنا وتقاعسنا فإن الله سوف يستبدل بنا من هم خير منا ومن يستحقون شرف الانتساب لهذه الأمة والدفاع عن دينها ومقدساتها {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} [محمد: 38] {مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ} [المائدة: 54]، والتاريخ يشهد وسوف يكتب؛ إما لنا وإما علينا.

والأمة في الآونة الأخيرة تتعرض لهجوم غاشم من الداخل والخارج، فأما الخارج فأخذ صوراً مكشوفة في حرب عسكرية واقتصادية وفكرية؛ فالعسكرية ما نراه من ظلم وبطش بكل شعوب الأرض التي تخالف المنظومة الغربية من الدول المستضعفة وعلى رأسها الدول الإسلامية، وهناك حربٌ اقتصادية تسعى لإفقار العالم الإسلامي ونهب خيراته ومقدراته وجعله تابعاً للغرب، ويحول بينها وبين النهضة والتنمية بكل ما أوتي من قوة عسكرية ونفوذ سياسي وإعلامي، وهناك هجمة فكرية -وهي التي تعنينا في هذه الدراسة المختصرة- تمثلث في محاولة لطمس هُوية الأمة وإذابتها في الثقافة الغربية التي أعلنت إفلاسها في أرض الواقع من الناحية الاجتماعية والفكرية وغيرها، وظهرت العولمة في صورتها المتوحشة التي تحمل في طِياتها طلائعَ التغيير الاجتماعي والثقافي لشعوب الأرض وَفق النظرة الغربية التي لا تتواءم مع ثقافة الإسلام ولا المنهج الرباني الذي أنزله الله على رسولنا الكريم محمد -صلى الله عليه وسلم- والذي فيه إهدار لكرامة الإنسان وضياع لحقوق الضعفاء والمساكين، وفيها إعلاء للجانب المادي الشهواني على حساب الروح والأخلاق، وقد بدأ الغربُ الحربَ الفكرية منذ بدأ الاحتلال في القرنين الماضيين، وحقق بعضَ أهدافه وظهر في الأمة تلاميذُ نجباء وحركات تزعم التحرر ومقاومة المحتل، وهي في حقيقتها نَتاج المحتل الذي أخذ عليهم العهود والمواثيق بأن يناضلوا بعد رحيله لإحلال قيمه ومبادئه ومحاربة الإسلام بكل ما يستطعيون، وزعموا أن هذا هو الطريق لنهضة المسلمين من تخلفهم ورجعيتهم، فها هي ذي السنوات تمر وهؤلاء الأذناب قد جثموا على صدر الأمة ومقدراتها ورءوسها، وهيمنوا على التعليم والإعلام والثقافة.

فهل أصبحت الدولُ العربية والإسلامية في مصاف الدول المتقدمة؟ هل تحررت من التخلف والرجعية، إن تقارير التنمية الدولية التي صدرت في الآونة الأخيرة تعطي جواباً عملياً عما آلت إليه الأمةُ الإسلامية والعربية، وإننا لا نستغرب من العدو الخارجي أن يبذل كل ما في وسعه لإضعاف الأمة وإغراقها في اللهو والعبث والمجون حتى لا تبحث عن طوق النجاة، وتصحو من غفلتها، ولكن العجب لا ينقضي ممن هم من بني جلدتنا ويتكلمون بألستنا بلغة القرآن، ويحملون أسماء إسلامية وهوياتهم إسلامية، وهم أشد شراسة من العدو في تغريب بلدان المسلمين، والقدح في دين الإسلام ونبي الإسلام، والمساعدة على نشر الخلاعة والمجون وتطبيع الفحش والبذاءة والشذوذ الأخلاقي بأبشع صوره عبر وسائل إعلامية متنوعة، من بين كتاب ومقالة وقنوات وإذاعات وغيرها، وتأخذ في بعض الأحيان قرارات ممن لا يرقبون في مؤمن إلاًّ ولا ذمة.

وقد ظهر في الآونة الأخيرة -وتحديداً في جزيرة الإسلام ومهبط الوحي والرسالة- في بلاد الحرمين الشريفين أطهر البقاع وأشرفها على وجه الأرض، والتي هي محط أفئدة المسلمين في كل أرجاء المعمورة (المملكة العربية السعودية)، نقول: ظهرت موجةٌ متزامنة مع الهجمة الاستعمارية الأخيرة من قبل الغرب التي استهدفت الفكر والثقافة قبل غيرها من المكتسبات والحظوظ المادية، فارتفعت الأصواتُ النشاز عبر إعلام مأجور لا يمثل هويةَ الأمة ولا عقيدتها ينادي بالتحلل والمجون، والتمرد ومخالفة المألوف، فكانت البدايات المناداة بتحرير المرأة ورفع الظلم عنها، وأدرجوا تحت هذه الشعارات ألواناً من الدعوات إلى التفسخ والتحلل الأخلاقي، واستمر الأمرُ بطريقة مريبة وهجمة مكشوفة مفضوحة، وبتنسيق واضح عبر الصحف والمجلات وعبر القنوات التي لها علاقةٌ مشبوهة بالمحتل الأجنبي الذي يسعى لنهب البلاد واستعباد العباد، فها هو ذا تقريرُ وزارة الخارجية الأمريكية يصرح بأنه دعم إحدى القنوات العربية التي يشارك في أكثر برامجها أناسٌ من بلاد الحرمين الشريفين.

وقد بلغت المعونة ما يقارب خمسمائة مليون دولار أمريكي، ولا يحتاج الأمرُ إلى كثير عناء لتعرف أن الأكمة وراءها ما وراءها من كيد كُبَّار ومكر بالليل والنهار، إذا علمتَ أن غالبَ القنوات العربية التي تنشرُ الفحش والمجون والعبث والسحر والخرافة بأموال عربية وخليجية على وجه الخصوص لا غربية وفي وضح النهار دون حياء ولا خجل، واستمر المسلسلُ في استفزاز مشاعر المسلمين، وظهر أسلوب آخر في الطعن في ثوابت الأمة، وخطا المتأمركون العرب خطوةً إلى الأمام، وتجاوزوا الخطوط الحمراء، فظهر القدح في الرب -جل وعلا- وفي نبيه الكريم -صلى الله عليه وسلم- وفي قرآننا وفي شريعة ربنا، فسمعنا عن رواية (أولاد حارتنا) لنجيب محفوظ، ورواية (وليمة أعشاب البحر) لحيدر حيدر، ومقالات هنا وهناك كما فعل (البغدادي في الكويت)، ونوال السعدواي في مصر، ثم ظهرت موضة سعودية من الاستخفاف بالدين والطعن في الثوابت والتعرض للذات المقدسة كما فعل صاحب الثلاثية (أزقة الأطياف المهجورة)، وإذا بالسلسلة تستمر.

ونرى إبرازاً لكُتَّاب وكاتبات متمردات على ثوابت الأمة وعلى دينها وأخلاقها، ورأينا حفاوة وتنسيقاً وتنظيماً مبطنا ومعلنا عبر وسائل الإعلام التي هيمنوا عليها؛ فظهرت رواية (بنات الرياض) التي تصور المجتمع المسلم بأنه كومة من العاهرات والداعرات، وتغييباً متعمداً لمظاهر العفة، وتهييجاً ونشراً للفاحشة بأسلوب رخيص مكشوف، وتوالت الروايات والحفاوة بها كما صدر مؤخراً في رواية (ملامح) التي تصور أن كثيراً ممن يتصدرون المناصب العليا في البلد كان الطريق السهل للوصول إلى هذه المناصب عبر النساء والجنس، وكم في هذا من ظلم وتشويه لصورة المجتمع الذي يمتلئ بالفضلاء والشرفاء.

وتزداد المصيبة ويعظم الخطب، حينما يتجاوزُ هؤلاء الحدودَ، ويستغلون مناصبهم في الإعلام والثقافة أو غيرها من المناصب لفتح المجال لكتب الزندقة والمروق من الدين، التي تتعدى على الثوابت التي تكفل الشرع والعقل وحتى القوانين الأرضية بالمحافظة عليها وعدم المساس بها.

فظهر في معرضي الكتاب الأول لعام 1427هـ والثاني لسنة 1428هـ أمورٌ يندى لها الجبين؛ فكان الأول مقدمةً للكارثة التي حدثت في الثاني، فجاءت ندوات المعرض الأول تمهيداً وجساً للنبض، وأعلن عن ندوات يصرح فيها من قبل مسؤولين كبار بأن الرقابة على الإعلام لا بد من نزعها حتى يكون الجيلُ مسؤولاً عن نفسه كما يزعمون. وجاءت الطامة الكبرى، والمصيبة العظمى في معرض الكتاب الدولي، فقد نزعت الرقابة تمامًا وفسحت الكتب التي كانت محظورة في السنوات الماضية لاشتمالها على الزندقة والكفر والقدح في الرب وتنقصه سبحانه جل في علاه.

وإليك هذه الدراسة المختصرة عما حصل في المعرض الدولي الذي يعطيك إشارةً وتنبيها على المرحلة التي وصلنا إليها ويريد دعاة التغريب في البلد أن يوصلونا إليها.

أولاً: خلا المعرض من أي رقابة، وإنما كانت شرفية صورية، وقد خوطب أكبر مسؤول في الإعلام وهو الوزير وكذلك وكيله والمراقبون في المعرض على كثير من الكتب التي تخالف سياسة الإعلام وتصادم الإسلام وفيها تحدٍ وتعدٍ على سيادة هذا البلد. وقد تخاطب مع الوزير علماء أفاضل مثل الشيخ العلامة عبد العزيز الراجحي، ولكنه لم يفعل.

ثانياً: رأينا كتبًا تباع هي محظورة في بعض البلاد الغربية، فتجاوزنا حد الحرية الغربية التي ينادي بها بعض مثقفينا. فلا أدري أهو الغباء الثقافي أم العداء السافر للدين والسعار الجنسي الذي أصاب دعاة التغريب في بلادنا؟

ثالثاً: استحق المعرض أن ينال شهادة أن يقال عنه إنه معرض الجنس الدولي؛ فقد كان السباق المحموم بين الدور العربية المعروفة بـ(عمالتها) للغرب ولها (أجندة) خفية لا يعرفها إلا المثقفون تتسابق في عرض الجنس الرخيص والشذوذ والمجون الذي فاق كل التصورات، حتى إن بعض الدور لا تبيع إلا الروايات والكتب الجنسية الفاضحة فقط.

رابعاً: المؤلم والذي يحز في القلب ما ظهر من بيع سافر وواضح لكتب الإلحاد والزندقة كما سوف يمر معنا في القائمة، وظهرت كتب الشيوعيين والماركسيين التي كانت تلاحَق وتمنع في البلاد الغربية، وبعض الدول العربية.

خامساً: غياب الجانب الثقافي الحقيقي الذي يرفع من مستوى تفكير الأمة ووعيها ويساعد على التنمية واللحاق بركب الحضارة المادية، وهنا نتساءل: إن كان ما يفعل في وسائل الإعلام وينشر في الكتب والروايات الهابطة هو خيانة للأمة ومساعدة على تخلفها عن ركب الحضارة الحقيقي، وإلا فما الفائدة التي تجنيها بناتُنا من الروايات التي تعلمهم السحاق والجنس المثلي (رواية الآخرون) أنموذجاً كما سوف يأتي.

سادساً: يكثر الحديث في الصحف وفي وسائل الإعلام وعلى ألسنة بعض المخدوعين بهذه الدعاوى أن ما يحدث في معرض الكتاب هو نوع من الحرية التي تُعلي من قيمة الإنسان، وأن هذه القيمة الغربية نحن محرومون منها، ويمكن أن يجاب عن هذه السذاجة والسطحية وقلة المعرفة بما يلي:

1- لكل أمة ثقافة، وتحديد مفهوم الحرية لا بد أن ينبع من ثقافتنا إذا أردنا التجديد والإبداع لا التقليد والتبعية التي ينعى ويشنع عليها أربابُ التغريب دعاة التجديد، فهل التقليد الأعمى في مثل هذه المفاهيم منقبة أو دليل على العجز الفكري؟

2- إن الغرب لم يدعُ إلى حرية مطلقة، بل حددها وجعل لها ضوابط:
- كمنع كثير من مظاهر الإباحية في الأماكن العامة
- حجب كثير من مظاهر الإباحية عن الصغار إلى سن الثامنة عشر
- لا ترى أحداً في الأماكن العامة- كما يفعل بني قومنا- يقرأ روايات جنسية أو مجلات جنسية فاضحة بل تبقى محدودة ولها شيء من الخصوصية.

3- إن الغرب في المحافظة على شيء من مصالحه الدنيوية حد من كثير من الحريات، أفلا يحق لنا أن نحد من الانفلات الأخلاقي حفاظاً على ديننا ومبادئنا وأخلاق جيلنا وحتى تصلح كذلك دنيانا؟

4- هذه بعض الأمثلة لبعض النماذج في الغرب التي حدت ومنعت وحظرت شيئاً من الكتب والأشخاص ولم تعطهم حريتهم المزعومة:

نماذج من ألمانيا:
أ- كتاب "كفاحي" لهتلر يحظر بيعه أو شراؤه أو طباعته داخل الحدود الألمانية، كما تحظر طباعتة أو توزيع أى مقالات أو كتب مؤيدة للنازي بأى شكل من الأشكال، بل وتحظر حتى الهتافات النازية ولو على سبيل المزاح، وهذا الحظر هو سبب المشكلة التى تعرض لها لاعبُ الكرة المصرى هانى رمزي في ألمانيا حين قام بإلقاء التحية النازية المشهورة على سبيل المزاح في إحدى الحفلات. (وكتاب كفاحي بيع في عدد من الدور في معرض الكتاب الدولي الثاني ببلاد الحرمين الشريفين في الرياض لعام 1428هـ)

ب- في عام 1991م قام "جنترديكيرت" زعيم الحزب الوطني الديمقراطي الألماني (يمين متطرف) بعقد محاضرة استضاف فيها محاضرًا أمريكيًا ادعى خلالَ كلمته أن قتل اليهود بالغاز لم يحدث مطلقا، وترتب على ذلك أن قدم ديكيرت للمحاكمة وعوقب طبقًا للقانون الذي يحظر أي إثارة للأحقاد بين المجموعات العرقية.

ج- وفي شهر مارس 1994م حوكم "ديكيرت" مرة أخرى، وحكم عليه بالسجن لمدة عام واحد مع وقف التنفيذ، بالإضافة إلى غرامة خفيفة، مما أدى إلى تعرض القضاة الذين حاكموا ديكيرت لموجة من الغضب والنقد من القضاة الآخرين بسبب ضآلة العقوبة التي حكموا بها، وقد أدت هذه الانتقاداتُ التي تعرض لها القضاة إلى تدخل المحكمة الفيدرالية التي أبطلت الحكم وأمرت بإعادة المحاكمة مرة أخرى.

د- وفي شهر إبريل عام 1994م أعلنت المحكمة الدستورية الألمانية أن أي محاولة لإنكار حدوث الهولوكوست لا تتمتع بحماية حق حرية التعبير التي يمنحها الدستور الألماني، مما دفع البرلمان الألماني أن يضع قانوناً يجرم أى محاولة لإنكار وقوع الهولوكوست ويوقع بمرتكب هذه الجريمة عقوبة قدرها السجن خمس سنوات بصرف النظر عما إذا كان المتحدث يؤمن بما ينكره أم لا.

هـ- الناشر الألماني الذي نشر الترجمة الألمانية للكتاب الأمريكي "العين بالعين" المنشورة عام 1993 قام بسحب وتدمير كل نسخ الطبعة الألمانية من الأسواق تجنباً للوقوع تحت طائلة القانون أو إثارة غضب الرأى العام، وذلك لأن الكتاب يزعم أن ستالين كان يتعمد اختيار اليهود للقيام بالأعمال البوليسية السرية في بولندا بعد الحرب العالمية الثانية.

النمسا:
قد يعاقب الإنسان بالسجن إذا أنكر وجود غرف الغاز التي أقامها النازيون في أثناء الحرب العالمية الثانية، وفي عام 1992 قامت الحكومة النمساوية بتعديل القانون بصورة تجريم أى محاولة لـ"إنكار أو التخفيف من شأن أو مدح أو تسويغ أي من جرائم النازية سواء بالكلمة المكتوبة أوالمذاعة".

الدانمرك:
يحظر القانوني الدانمركي أي تهديد أو إهانة أو حط من شأن أى إنسان بصورة علنية بسبب الدين أو العرق أو الخلفية (الإثنية) أو التوجة الجنسي، وبسبب ذلك القانون تعرضت امرأة ومحرر صحيفة لمحاولات تقديمها للمحاكمة؛ لأن المرأة كتبت خطابا للجريدة تصف فية الشذوذ الجنسي بأنة "أسوأ أنواع الزنى".

اليابان:
نشرت مجلة "ماركوبولو" في عددها الصادر في شهر فبراير 1995م مقالاً يدعي عرض الحقيقة التاريخية الجديدة، ويوضح أن غرف الغاز التي أقيمت في الحرب العالمية الثانية ليس لها أساس تاريخي موثق.. وقد أدى المقال إلى ردود فعل عنيفة وسريعة، إذ قامت المؤسسات الصناعية الكبرى مثل "فولكس واجن" و"ميتسوبيشي" بإلغاء عقود الدعاية مع المجلة احتجاجاً على المقال، مما أدى بناشر المجلة إلى سحب كل أعداد المجلة من الأسواق وفصل كل أعضاء تحرير المجلة، بل وأغلق المجلة نفسها نهائيا.

أستراليا:
تعد أى مادة مكتوبة من شأنها الحط من قدر أي مجموعة عرقية محظورةً طبقا للقانون المانع للتفرقة العنصرية الصادر عام 1989، وقد يعاقَب الكاتبُ والناشر بغرامات تصل إلى 40 ألف دولار أمريكي.

بريطانيا:
أ- توجد في المكتبة البريطانية في المتحف البريطاني مجموعة من الكتب المصادَرة لأسباب سياسية وقانونية تحمل (s.s )، وقد أنشأت المكتبة البريطانية في القرن التاسع عشر قسماً للاحتفاظ بالكتب غير اللائقة عن جمهور القراء، وتحتوي مجموعة المكتبة المشار إليها على تلك الكتب البذيئة المنشورة خارج حدود المملكة المتحدة والمسيئة لحكوماتها، وهي كتب صدرت ضدها أحكام بالحظر بسبب مما تتضمنه من قذف وتشهير....

ب- لا يزال يعمل بالقانون الذي يمنع سب المقدسات BIASPHEMY LAW في كل من إنجلترا وويلز (في أسكتلندا وأيرلندا الشمالية لا يتم العمل بهذا القانون). من أجل ذلك حينما أعلن المخرج الدانمركي جينز ثور سن اعتزامه إخراج فيلم في إنجلترا عن "الحياة الجنسية" للمسيح (وذلك أدى إلى موجة غضب عارمة في المؤسسات الدينية الأوربية وعلى رأسها الفاتيكان وأسقفية كانتربرى) قام رئيس الوزراء البريطاني في ذلك الوقت جيمس كالاهان بالتحذير من أن أى محاولة لإخراج مثل ذلك الفيلم في إنجلترا سوف تكون عرضة للمحاكمة تحت طائلة قانون سب المقدسات مما ثنى المخرج عنه، فلم يتم إنتاج الفيلم.

ج- في يونيو 1976 قامت جريدة GAY NEWS الخاصة بأخبار الشواذ جنسيًا من الرجال بنشر قصيدة للشاعر البريطاني جيمس كيركوب يصف فيها المسيح -عليه السلام- في أوضاع غير لائقة، مما أثار غضب اتحاد المشاهدين والمستمعين الإنجليز الذي يتولى الرقابة الشعبية على كل ما ينشر في الصحف أو يعرض في وسائل الإعلام والأفلام السينمائية، وقامت رئيسة الاتحاد بمقاضاة رئيس تحرير الجريدة والشركة التي تملكها وتتولى نشرها بتهمة سب المقدسات، وبالفعل تمت المحاكمة في شهر يوليو عام 1977، وبالرغم من محاولات الدفاع المستميتة في إقناع المحلفين أن القصيدة لم تعن أو تقصد أي إساءة للدين المسيحي، بل بالعكس كانت تصور العلاقة العاطفية التي تربط الشاعر بشخص المسيح عليه السلام، إلا أن هيئة المحلفين لم تقبل هذا الدفاع ودانته الصحيفة بأغلبية عشرة أصوات مقابل صوتين بتهمة امتهان مشاعر المسيحيين في إنجلترا والإساءة إلى مقدساتهم، بعد قرار هيئة المحلفين حكم القاضي على رئيس التحرير بالسجن لمدة تسعة أشهر مع وقف التنفيذ، ودفع غرامة مقدارها خمسمائة جنيه إسترليني وعلى الناشر بغرامة مقدارها ألف جنيه إسترليني بالإضافة إلى تحمل تكاليف القضية.

وقد استأنفت الصحيفةُ الحكمَ عام 1978 أمام محكمة الاستئناف الإنجليزية التي أقرت حكم المحكمة الابتدائية، ثم عام 1979 أمام القسم القضائي بمجلس اللوردات البريطاني الذي يمثل أعلى سلطة قضائية في بريطانيا، فخسروا للمرة الثالثة، إذ أقرت المحكمةُ البريطانية العليا الأحكامَ السابقة الصادرة ضد رئيس تحرير الصحيفة وناشرها. بعد حكم المحكمة العليا وقعت عدة محاولات لإنهاء العمل بقانون سب المقدسات من خلال مجلس العموم البريطاني، إلا أن جميع تلك المحاولات باءت بالإخفاق، إذ لم يقبل مجلسُ العموم ولا مجلس اللوردات أيَّ مساس بذلك القانون بالرغم من الانتقادات الكثيرة التي وُجهت له من قبل بعض النواب من أنة يحمي الديانة المسيحية فقط من السب، ويهمل باقي الديانات الموجودة داخل بريطانيا، وأنه يعاقب على المساس بالمقدسات المسيحية دونما نظر أو مراعاة لقصد أو نية الشخص المتهم بسب المقدسات، بعد ذلك تمت محاولاتٌ أخرى لتوسيع دائرة العمل بالقانون كي يعاقب على سب مقدسات الديانات الأخرى في إنجلترا ولكن كل تلك المحاولات باءت أيضا بالإخفاق.

د- عام 1988 بعد نشر كتاب آيات شيطانية حاول المسلمون في بريطانيا استخدام قانون حظر سب المقدسات ضد المؤلف سلمان رشدي ولكنهم أخفقوا في ذلك؛ لأن القانون يعاقب على سب المقدسات المسيحية فقط، ومن ثم فسلمان رشدي لم يكن خارجًا عن أية قوانين بريطانية حين أهان المقدسات الإسلامية. الطريف في الأمر أن بريطانيا التي سمحت بنشر وتداول الكتاب بدعوى حرية التعبير قامت بعد ذلك بمنع دخول فيلم باكستاني يسخر من سلمان رشدي وكتابه.

هـ- عام 1989 قامت هيئة الرقابة على المصنفات الفنية البريطانية برفض عرض فيلم وثائقي عن الراهبة تيريزا التي عاشت في بريطانيا في القرن السادس عشر على شاشات التلفزيون البريطاني بسبب محتوى الفيلم الذي يمكن تأويلُه على أنه إهانة للدين المسيحي.

فرنسا:
أ- عام 1990 أقر مجلسُ الشعب الفرنسي قانونَ فابيوس-جيسو الذي يحظر مجرد مناقشة حقيقة وقوع الهولوكوست في الحرب العالمية الثانية.

ب- وفي يونيو 1995 تم تغريم "برنارد لويس" الأستاذ بجامعة برنستون الأمريكية مبلغًا قدره 10 آلاف فرنك فرنسي (أي ما يقارب 2062 دولار أمريكي)؛ لأنه أنكر أن الأرمن تعرضوا لإبادة جماعية على يد الدولة العثمانية في بداية هذا القرن، فهو يؤكد أن كثيرًا من الأرمن قد لقوا حتفهم بسبب "المرض أو الجوع أو الإرهاق أو البرد"، ولهذا السبب حين سألته صحيفة "لوموند" في نوفمبر عام 1993 "لماذا ترفض تركيا الاعترافَ بأنها أبادت الأرمن؟" قال: "أنت تقصد لماذا ترفض تركيا الاعتراف بوجهة النظر الأرمنية لما حدث".. وقد أدت تصريحات لويس هذه إلى عاصفة احتجاج من قبل الجالية الأرمنية في باريس، فقد قام 30 أستاذًا جامعيًا بكتابة خطاب مفتوح يحتوي على اتهام لويس "بخيانة الحقيقة وإهانة ضحايا الوحشية التركية"، وقد حاولت الجالية الأرمنية في البداية تقديم لويس لمحكمة الجنايات طبقا لقانون جيسو الصادر 1990، ولكن الجالية الأرمنية علمت فيما بعد أن هذا القانون خاص فقط بإنكار الهولوكوست الذي حدث لليهود، ولا يمكن تطبيقُه بخصوص أي جماعية أخرى. الجدير بالذكر أن برنارد لويس مؤرخ بارز، وتخصصه الدقيق هو تاريخ الدولة العثمانية، ويُعد واحدًا من أعلم المؤرخين بهذا التخصص.

ج- وفي أغسطس 1995 قامت السلطات الفرنسية بمنع دخول كتاب أصدرتة "لجنة الجزائريين الأحرار" بسويسرا إلى الأارضي الفرنسية بحجة أن توزيعه سوف يسبب مشاكل للنظام العام في فرنسا، ولأن "لهجة الكتاب معادية لفرنسا" كما قال المتحدث الرسمي لوزارة الداخلية الفرنسية.

د- يناير 1998، تمت محاكمة روجيه جارودي بسبب كتاب "الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية" وتغريمه 20 ألف دولار، ولكن الأمر لم يقتصر على هذا، فقد تلقى جارودى عدة مكالمات هاتفية تهدده بالقتل، وتم الاعتداء على المكتبات التي تبيع كتبه حتى امتنعت عن ذلك، كما اعتدي على ناشر الكتاب بدنيًا، ونهبت مكتبته وألقيت قنابل مولوتوف على المكتبة التي يمتلكها بأثينا، وتم الاعتداء على مجموعة من الصحفيين العرب والإيرانيين على عتبة المكتبة ثم طوردوا حتى مترو الأنفاق حيث أصيبوا إصابات استلزمت نقلهم إلى المستشفى. وأسوأ من ذلك كله أن الصحافة الفرنسية التي هاجمت جارودي وكتابه ومحاميه بكل قسوة لم تنشر أي مقال أو خطاب فية تأييد لجاروي, حتى الخطاب الذي أرسله الأب بيير (الذي يحظى بشعبية هائلة في الشارع الفرنسي لدرجة اعتباره أكثر الأشخاص شعبية في فرنسا كلها) لجريدة لوموند تأييدًا لجارودي لم ينشر, وهكذا أعطت الصحافة الفرنسية انطباعًا لدى الرأي العام أن جارودي لا يؤيدُه أحدٌ في العالم.

سويسرا:
مقاطعة دي تور السويسرية منعت كتاب "الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية" من التداول, وحكمت محكمة على ناشر الكتاب بالسجن أربعة أشهر.

إيطاليا:
الفيلم الأمريكي "الإغراء الأخير للمسيح" الذي صور المسيح -عليه السلام- بطريقة أثارت استياء الكثيرين من المسيحيين منع عرضه في عدة بلاد أوربية، وقدم مخرج الفيلم في المهرجان للمحاكمة في روما بسبب الفيلم.

كندا:
أ- القانون الكندي يحظر أي نوع من التعبير من شأنه أن يؤدي إلى إثارة الكراهية ضد أي مجموعة عرقية أو (إثنية) أو دينية، مع أن الدستور الكندي ينص على حق كل مواطن في التعبير الحر, ولكن الدستور يسمح للمجالس التشريعية في كندا بتقييد حرية التعبير أو غيرها من الحريات الدستورية إذا استدعت الضرورة ذلك, وبناء على هذا أقرت المحكمةُ الكندية العليا العقوبةَ التي حكمت بها إحدى محاكم مقاطعة ألبرتا ضد ناظر المدرسة الذي اتهم بمعاداة السامية والترويج لكراهية اليهود.

ب- قامت شبكة تليفزيون ctv باستضافة "جوزيف ليبد" (المعلق السياسي الإسرائيلي) صباح يوم 15/ 10/ 1994, وقد دعا ليبد على الهواء مباشرة يهود كندا لأن يقوم أحدُهم باغتيال فيكتور أوستروفوسكي (ضابط الموساد الذي ألف كتابين كشف فيهما عن العمليات السرية للموساد). المذهل في الأمر أن حادثًا مثيرًا مثل هذا قد شهد صمتًا مطبقًا من قبيل الإعلام الكندي, لدرجة أن نفس الكتاب والمعلقين الذي دافعوا بحماس بالغ عن حق سلمان رشدي في التعبير الحر لم ينطقوا بكلمة واحدة لتأييد حق أوستروفوسكي في التعبير.

ج- عام 1996 قام قاضٍ كندي بمقاطعة كوبيك بالحكم بالسجن مدى الحياة على امرأة قامت بذبح زوجها بسكين، وقال تعقيبًا على الحكم الذي أصدره: "لقد ثبت أن المرأة تستطيع أن تكون أكثر عنفًا من الرجل, حتى النازي لم يعذب ضحاياه اليهود قبل قتلهم". هذا التعقيب أثار زوبعةً من الاحتجاج ضد القاضي من قبل الجمعيات النسائية واليهودية في كندا، فاضطر القاضي للاعتذار, ولكنه أعلن أنه مؤمن بكل كلمة قالها في ذلك التعقيب على الحكم، مما ضاعف موجة الاحتجاج ضده وتعالت الأصوات مطالبة باستقالته, ولكنه رفض الاستقالة، عندئذ تدخل المجلس القضائي الكندي، وقام بالتحقيق مع القاضي (!!) ثم أوصى المجلس البرلماني الكندي أن يقيل القاضي بسبب التعليق الذي صدر منه، عندما وصلت الأمور إلى هذا الحد اضطر القاضي أن يقدم استقالته بدلا من أن تأتي الإقالة من البرلمان الذي كان واضحًا أنه سيقبل توصية مجلس القضاة الكندي بالإقالة.

الولايات المتحدة:
أ- تم منع عرض مجموعة من الأفلام الوثائقية التي قام بإعدادها الصحفي البريطاني البارز د. روبرت فيسك لأنها أثارت غضبَ اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة, الذي هدد شبكة التلفزيون بسحب الإعلانات منها. والسبب وراء هذا الغضب الصهيوني هو أن مجموعة الأفلام التي أعدها روبرت فيسك التي كان عنوانها "جذور غضب المسلمين" اتهمت "إسرائيل" بأنها السبب الرئيسي وراء نقمة المسلمين على الغرب. والجدير بالذكر هنا أن روبرت فيسك قد قد حصل على جائزة الصحافة البريطانية لعام 1995 كأحسن صحفي بريطاني قادر على عرض وتحليل الأخبار السياسية الدولية.

ب- عام 1972 بعد طبع أحد كتب العالم الأمريكي الشهير نعوم تشومسكي علمت الشركة المالكة لدار النشر التي قامت بنشر الكتاب بمحتواه الذي لم يرق لأعضاء مجلس إدارة الشركة، فقاموا بإيقاف توزيع الكتاب وسحبه من الأسواق وتدميره, ومن المعلوم أن شبكات التلفزيون الأمريكية قلما تتجرأ على استضافة نوم تشومسكي -الذي تصفه بعضُ الصحف كصحيفة النيويورك تايمز بأنه من الممكن اعتبارُه أهم مفكر في العالم حاليا- وذلك بسبب آرائه التي دائمًا تزعج القادة والساسة الأمريكيين والإسرائيليين.

ج- رئيس مجلس النواب الأمريكي نيوت جنجرييتش قد قام بفصل مؤرخة تعمل بالمجلس حين علم أنها سبق أن قالت: "وجهة نظر النازيين بصرف النظر عن عدم شعبيتها لا تزال وجهة نظر, ولا تأخذ حقها في التعبير".

د- في عام 1986 لم يستطيع المؤلفُ جورج جيلبرت أن يجد ناشرًا ليعيد طباعة كتابه "الانتحار الجنسي" مع أن كتب جيلبرت المنشورة في أوائل الثمانينيات قد تصدرت قوائم المبيعات العالية, والسبب في إعراض الناشرين هو الاحتجاج الصاخب الذي قامت به رائدات حركة تحرير المرأة ضده؛ لأن "اختلافات الرجل عن المرأة لا ينبغي حتى أن تدرس" كما قالت إحداهن في مقابلة عرضت مؤخرًا على شبكة ABC الأمريكية.

هـ- الممثلة البريطانية الشهيرة فانيسا ريد جريف لم يسمح لها بالأداء في مسرحية كوميدية بريطانية في أثناء عرضها في الولايات المتحدة بسبب تصريحاتها المعادية للتدخل الأمريكي ضد العراق في حرب الخليج، ومن الجدير بالذكر أن أعمالها الفنية كثيرًا ما تتعرض للمقاطعة أو الإلغاء من العرض في الولايات المتحدة بسبب آرائها المعادية للصهيونية وسياسات إسرائيل.

ثامناً: أن الرقابة مبدأ شرعي حضاري، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- منع ونهى عمر أمير المؤمنين الخليفة الراشد أن ينظر في التوراة، فما بالُ بعض مثقفينا يتنقص ويسخر ممن يدعو إلى الرقابة على ما ينشر حفاظاً على الدين والأخلاق؟

تاسعاً: نماذج عما بيع في المعرض مما يخالف أصول الدين والأخلاق والأعراف وحتى لا نتهم بالمبالغة والتهويل فإليك هذه القائمة من الكتب:

النوع الأول: الكتب التي اشتملت على أنواع من الزندقة والكفروالإلحاد:
1-كتب صرحت بإنكار وجود الله:
المثال الأول: سلسلة كتاب الناقد الصادرة من دار رياض الريس بعنوان (العنف الأصولي –نواب الأرض والسماء) سلسلة مقالات جاء فيها مقال بعنوان (مفهوم الله) لأحمد ظاهر ص73-94ومما جاء فيه ص73 (..وقد أسرف المؤمنون بوجوده والملحدون به في تأكيد وجوده وعدمه، وهم بذلك لم يقصروا في شغل أنفسهم وغيرهم في الإجابة على السؤال: ما الله ؟وما هيئته؟ وما قدرة إرادته؟ وما سر كينونته الأزلية؟..)

ويقول في ص74: (ينطلق هذا البحث من قضية سهلة مؤداها أن الإنسان العربي المسلم إنسان يعيش في الماضي ومع الأموات، وهو أثناء ذلك يستعمل (الله) كأداة ضغط تشده باستمرار إلى الواحدية الصرفة)، ويقول في ص86-87: (..وسواء كان الله موجودًا أو غير ذلك فالأمر لا يعنينا بقليل أو كثير..)، ويقول ص89: (علينا أن نقنع أنفسنا أننا لا نستحق تهديده ولا نستحق ثوابه، فنحن هنا زائرون، علينا أن لا ندفع ثمن وجودنا على هذه الأرض،....إلى أن قال: (علينا أن نقنع أنفسنا بعدم جدوى تعفير جباهنا تحت أقدامه صباح مساء؛ لأنني واثق أنه ليس بحاجة لذلك..)، ويقول ص93: (وأن المفهوم المتعارف عليه في العالم العربي الإسلامي (لله) مفهوم يجعل من الإنسان شيئاً عبثياً ويجرده من إنسانيته..).

المثال الثاني: كتاب أصل الأنواع لداروين الذي قرر فيه نظرية النشوء والإرتقاء التي مؤداها نفي الإيمان بالله ووجوده، والذي يوزعه المركزُ الثقافي العربي. وقد بيع في المعرض بطبعة فاخرة ولها دعاياتها (وهذه النظرية هي التي أدت إلى انتشار الإلحاد بصورة أكبر في أوربا، وتخلت جموع كثيرة بسببها عن الإيمان بوجود الله، وهي ممهدة لنظرية ماركس في المادية الجدلية..) انظر: الانحراف العقدي في أدب الحداثة وفكرها، د.سعيد بن ناصر الغامدي ص118.


المثال الثالث: كتب أدونيس الطافحة بالإلحاد والزندقة وإنكار وجود الله وعلى رأسها كتابه (الثابت والمتحول) الذي بيع في المعرض في دار الساقي ونفدت نسخه، وإليك مقاطع من إلحاده:
-يقول في كتابه الثابت والمتحول الجزء الثالث ص178-179: (كل نقد جذري للدين والفلسفة والأخلاق يتضمن العدمية ويؤدي إليها وهذا ما عبر عنه نيتشه بعبارة (موت الله)، وقد رأينا جبران (يقصد جبران خليل جبران) قتل الله هو كذلك –على طريقته– حين قتل النظرية الدينية التقليدية، وحين دعا إلى ابتكار قيم تتجاوز الملاك والشيطان، أو الخير والشر..... (إلى أن قال): الأخلاق التي يدعو إليها جبران هي التي تعيد موت الله، وتنبع ولادة إله جديد، إذن هو يهدم الأخلاق التي تضعف الإنسان وتستعبده ويبشر بالأخلاق التي تنميه وتحرره،..).

ويقول كذلك في موضع آخر من كتابه الثابت والمتحول –الجزء الثالث ص 248: (إن جوهر الإنسان ليس في كونه مشروطاً، بل في كونه لن يفلت من الشروط كلها، ليس في كونه مخلوقاً بل في كونه خالقاً، فجوهر الإنسان في أنه كائن خلاق مغير، وجوهر الثقافة بالتالي هو في الابداع المغير)
ويقول أدونيس في كتابه (الصوفية والسوريالية ص 55): (.....ففي النشوة ينعدم كل شيء حتى الله).

المثال الرابع: قصائد نزار قباني الطافحة بالإلحاد والمجون، وقد بيعت الأعمال الكاملة لنزار قباني مع الأسف في معرض الكتاب، وإليك هذا المثال:
-يقول نزار قباني (الأعمال السياسية الكاملة 3/105-107):
(حين يصير العدل في مدينة
سفينة يركبها قرصان
ويصبح الإنسان في سريره
محاصراً بالخوف والأحزان
حين يصير الدمع في مدينة
أكبر من مساحة الأجفان
يسقط كل شيء
الشمس والنجوم والجبال والوديان
والليل والنهار والبحار والشطآن
والله والإنسان
حين تصير خوذة
كالرب في السماء
تصنع بالعباد ما تشاء
تمعسهم تهرسهم تميتهم تبعثهم
تصنع بالعباد ما تشاء).

- ويقول –عامله الله بما يستحق- في أعماله الكاملة (2/442): (لأنني أحبك
يحدث شيء غير عادي
في تقاليد السماء
يصبح الملائكة أحراراً في ممارسة الحب
ويتزوج الله حبيبته).

المثال الخامس: يقول معين بسيسو (الأعمال الشعرية الكاملة لمعين بسيسو ص1؛2):
(باسمك تلك المومس ترقص بقناع الرب باسمك يتدحرج رأس الرب)

المثال السادس: الجريء (علاء حامد في روايته مسافة في عقل رجل ص 125):
(الإنسان ليس سوى نظرية مادية بحتة؛ وجد بالصدفة وسيموت بالصدفة، وبموته يصبح مجرد ذكرى في أروقة الحياة، فلا إله، ولا ثواب ولا عقاب ولا جنة ولا نار ولا جن أزرق أو أحمر ولا ملائكة بيضاء أو خضراء تهفهف بأحنحتها، والرسل ليسوا سوى مجموعة من الدجالين، والأديان صيغ بشرية ذكية، والإنسان ابن الطبيعة خالق نفسه، هو الأوحد والأقوى والأفضل والجبار والمتكبر، وبالتالي فقد وجد بالصدفه...)

المثال السابع: جاء في رواية عبد الرحمن المنيف أشهر رواية عربية التي منعت في السنوات الماضية ولأول مرة يفسح لها لأنها قائمة على الاستهزاء بنظام البلد السياسي وبالملك عبدالعزيز والملك سعود والملك فيصل يرحمهم الله، وعنوانها (مدن الملح) وقد جاء فيها نصوص يصرح فيها بإلحاده، وأن الله ليس الخالق، وأن الطبيعة هي الخالقة؛ يقول المنيف (في مدن الملح في الجزء الأول التيه ص11): (طبيعة الصحراء تجعل للأسماء أهمية تفوق غيرها، وهذه لم تخلق نتيجة الرغبة أو في لحظة من لحظات الجنون وإنما خلقتها الطبيعة ذاتها وأعطتها من الأسماء ما يوازي أهميتها أو الصفات التي تحملها)

ويقول: (الجزء الثاني –الأخدود ص 425) –وهو يتحدث عن ثروة البترول على لسان أحد شخصيات روايته- (الصدفة خلقت هذه الثروة، والصدفة هي التي دفعتني إلى هنا)

المثال الثامن: محمود درويش الكاتب الشيوعي يقول في ديوانه ص24 (الذي بيع في المعرض في عدد من دور النشر):
(نامي فعين الله نائمة عنا وأسراب الشحارير)

ويقول في ديوانه ص 264،266،268:
(هكذا الدنيا
وأنت الآن يا جلاد أقوى
ولد الله، وكان الشرطي)
ويقول في ديوانه ص480:
(تتحرك الأحجار
هذا ساعدي متمايل كالرعب
ليس الرب من سكان هذا القفر).

ويقول في ديوانه ص554:
(يومك خارج الأيام والموتى
وخارج ذكريات الله والفرح البديل).

2-كتب وروايات صرحت بالاستهزاء بالله جل وعلا:
مثالها روايات نجيب محفوظ المحظورة، وعلى رأسها رواية (أولاد حارتنا) التي صدرت فيها فتاوى من الأزهر وحكمت بسحبها ومصادرتها، وقد بيعت المجموعة كاملة في مكتبة الشروق في الجناح المصري وبطبعة فاخرة، ولعلي أذكر بعض المقاطع:
نجيب ورواية أولاد حارتنا
(ملخص من دراسة للدكتور سعيد بن ناصر الغامدي).
سأوجز الفكرة التي قامت عليها هذه الرواية، التي كان لها صدى مسموع في العالم العربي والغربي، وبسببها أطلقت وسائلُ الإعلام على نجيب لقب (الأديب العالمي).

إن (أولاد حارتنا) ترمز إلى استخلاف الله لبني آدم في الأرض، غير أنّ الخيال الشيطاني المتلبِّس بلباس الأدب، جعل هذا الاستخلاف يأتي عن طريق وقف يقفه واهبُهُ (الجبلاوي)، رمز الله تعالى عن ذلك، لأبنائه وذريّتهم من بعدهم.
يعكف بعدها "العجوز" في قصره المسور المجهول، وحديقته الغنّاء، التي تحيط به، رمز السماء والجنة، دون أن يجرؤ أحد على الاقتراب منهما.

وتأتي الرسالات السماويّة الثلاث من خلال الرمز، سلسلة من حركات المقاومة التي تسعى لإقامة العدل، ومنع الظلم والطغيان. إلا أنّ تلك المقاومة سرعان ما يزول أثرها بزوال الأنبياء المصلحين، "موسى وعيسى ومحمد" الذين رمز لهم نجيب بـ: جبل ورفاعة وقاسم، ليتسلّط الفتوّات من جديد, ويعمّ الفساد، فآفة الحارة النسيان، كما تقول الرواية.
يظهر بعدها الساحر المبشِّر والثائر الجديد (عرفة)، رمز العلم والمعرفة، لينقذ الحارة مما حلّ بها، ويأتي بما لم يأت به من كان قبله، ويكون سببًا في موت (الجبلاوي)؛ ليحيا بموته إله العصر الحديث.

يقول (عرفة) عن نفسه بعد موت (الجبلاوي):
(إنه يجب على الابن الطيّب أن يفعل كلّ شيء، أن يحلّ محلّه، أن يكُوْنه) رواية (أولاد حارتنا). نجيب محفوظ. 503.
وقد وصف كاتبا كتابِ الطريق إلى نوبل (وهما معجبان بنجيب) وبينا بأن الشكّ يأتي كأوّل سمات الرفض للجانب الميتافيزيقي؛ كأن يقول (عرفة):
لم أسمع عن معمّر عاش طول هذا العمر، فإذا قيل له إنّ الله قادر على كلّ شيء، أجاب في ثقة: إنّ السحر أيضًا قادر على كلّ شيء.
لقد حاولت الرواية أن تعلل فناء الإله، تعالى الله، ليس فقط بضعفه وتعرضه للموت، بل بوصفه بألوان الظلم والتقصير من الغفلة والقسوة والانشغال بالملذات، فـ"الجبلاوي قابع في القصر، يتابع ما يجري من ظلم لأبنائه، ويعيش كمن لا قلب له".

انظر كتاب الطريق إلى نوبل 1988 عبر حارة نجيب محفوظ. محمد يحيى ومعتز شكري. ص13
من ذلك، ما يُظهره الكاتب من تعاطف مع إبليس، الذي رمز له بإدريس، في هذا الموقف الغريب:
(.. وأيقن الجميع أنّ إدريس قد انتهى، ما هو إلا مأساة جديدة من المآسي التي يشهدها هذا البيت صامتًا، كم من سيّدة مصونة تحوّلت بكلمة إلى متسوّلة تعيسة، وكم من رجل غادره بعد خدمة طويلة مترنّحًا، يحمل على ظهره العاري آثار سياط، حملت أطرافها بالرصاص، والدّم يطفح من فيه وأنفه، والرعاية التي تحوط الجميع عند الرضا، لا تشفع لأحد وإنْ عزّ جانبه عند الغضب).
كتاب الطريق إلى نوبل 1988 عبر حارة نجيب محفوظ. محمد يحيى ومعتز شكري. ص13

ويقول الكاتب أيضًا على لسان إدريس، إبليس:
"ملعون البيت الذي لا يطمئنّ فيه إلا الجبناء، الذين يغمسون اللقمة في ذلّ الخنوع، ويعبدون مُذلّهم..".
انظر كتاب الطريق إلى نوبل 1988 عبر حارة نجيب محفوظ. محمد يحيى ومعتز شكري. ص16

ويصف الكاتبان إحدى أحداث الرواية، الجبلاوي -الذي يرمز لله عزوجل- فيقولان:
(ويومًا تفجّر الأب -الجبلاوي- عن ثورة جديدة، كانت ضحيّتها، تلك المرَّة امرأة؛ إذ تعالى صوته الجهير وهو يلعن نرجس الخادمة، ويطردها من البيت، وغادرت نرجس البيت وهي تصوّت وتلطم خدّيها).

انظر كتاب الطريق إلى نوبل 1988 عبر حارة نجيب محفوظ. محمد يحيى ومعتز شكري. ص25
فهو يرمز للإله، ويسيء الأدب معه تقدّس وتعالى، فيصوّره بصورة الأب الطاغية المستبدّ المتجبّر، وينسب له من الأوصاف والكلمات البذيئة ما يترفّع عن ذكره الإنسان العامّي فضلا عن المتعلّم، فكيف بالإله، تبارك اسمُه وتقدّست أوصافه.

ويقول على لسان (قدري)، رمز قابيل، وهو يخاطب أخاه واسمه (همّام)، رمز هابيل:
"إنّ أبانا، آدم، يكدح وراء عربته، وأمّنا حوّاء تكدّ طوال النهار وشطرًا من الليل، ونحن نعاشر الأغنام حفاة شبه عراة، أما هو فقابع وراء الأسوار بلا قلب، متمتّع بنعيم لا يخطر على بال).
انظر كتاب الطريق إلى نوبل 1988 عبر حارة نجيب محفوظ. محمد يحيى ومعتز شكري. ص70

ويقول قابيل لأخيه، أيضًا:
"أؤكّد لك أنّ جدّنا شخص شاذ، لا يستحقّ الاحترام، ولو كانت به ذرّة من خير ما جفا لحمه هذا الجفاء الغريب، إني أراه كما يراه عمنا، يقصد إبليس، لعنة من لعنات الدهر.. لقد نال هذه الأرض هبة بلا عناء، ثمّ طغى واستكبر).
رواية ( أولاد حارتنا). ص71.
وتسود الروايةَ -التي تجاوزت خمسمائة صفحة- عباراتُ التسخُّط والتظلُّم، التي تنكر اعتزال (الجبلاوي) في بيته المحصّن، وهو يرى الظلم والجوع والفقر، فيظلُّ في صمته ولا يحرّك ساكنًا.

يقول نجيب على لسان راوي "أولاد حارتنا":
(أليس من المحزن أن يكون لنا جدّ مثل هذا الجد دون أن نراه أو يرانا؟! أليس من الغريب أن يختفي هو في هذا البيت الكبير المغلق وأن نعيش نحن في التراب؟!). رواية (أولاد حارتنا). ص6

ويقول نجيب متحدثًا عن الله تعالى الذي رمز له بالجبلاوي:
(لماذا كان غضبك كالنار تحرق بلا رحمة؟ لماذا كانت كبرياؤك أحبّ إليك من لحمك ودمك؟ وكيف تنعم بالحياة الرغيدة وأنت تعلم أننا نداس بالأقدام كالحشرات؟ والعفو واللين والتسامح ما شأنها في بيتك الكبير أيها الجبار!). رواية (أولاد حارتنا). ص 55
(هذا الأب الجبار، كيف السبيل إلى إسماعه أنيني؟ أيها القاسي، متى يذوب ثلج قسوتك؟!). رواية (أولاد حارتنا). ص59

ويعلّل انشغال الجبلاوي عنهم بقوله:
(لعلّه نسي الوقف والنظارة والفتوّات والأحفاد والحارة). رواية ( أولاد حارتنا). ص497
ولكي يصوّر"الجبلاوي"، الذي يرمز لذات الله تعالى وتقدّس، بهذا الظلم والبطش والاستبداد أسوأ تصوير، وصَفَه بصفات جبابرة الخلق وطغاتها، فجسمُه كبير، وصوتُه غليظ جهير، وعيناه حادّتان قاسيتان. مما قاله الراوي في سياق وصفه الخرافي:
(تجلّت في عينيه الحادّتين نظرة كئيبة، مليئة بالشجن). رواية (أولاد حارتنا). ص33
(رأى الجبلاوي على ضوء شمعته، يسدّ الباب بجسمه الكبير، ملقيًا عليه نظرة باردة قاسية). رواية ( أولاد حارتنا). ص47
فكان من أصداء هذه الطرح (النتشوي)، تتابُع الترجمات الغربية التي خصّت هذه الرواية بالدراسة والتحليل، وخصّتْ كاتبها بالإجلال والتعظيم.

إنكار وجود الله في روايات نجيب محفوظ:
- في رواية الحب تحت المطر يُجري حواراً بين شخصين وفيه قال أحدهم: (حدثني أحد الكبار (الشيوخ) فقال: إنه كان يوجد على أيامهم بغاء رسمي.
- زماننا أفضل فالجنس فيه كالهواء والماء
- لا أهمية لذلك، المهم هل الله موجود؟
- ولم تريد أن تعرف؟
- إذا قدر لليهود أن يخرجوا فمن سيخرجهم غيرنا.
- من يقتل كل يوم غيرنا!
- من قتل عام 1956 من قتل في اليمن من قتل في عام 1967!
- لا أحد يريد أن يجيبني أهو موجود؟
- إذا حكمنا بالفوضى الضارية في كل مكان، فلا يجوز أن يوجد) رواية الحب تحت المطر: ص 38 و39.
ويقول في موضع آخر: (اللعنة. من ذا يزعم أنه عرف الإيمان؟ قد تجلّى الله للأنبياء، ونحن أحوج منهم بذلك التّجلي، وعندما نتحسّس موضعنا في البيت الكبير المسمى بالعالم فلن يصيبنا إلا الدوار). رواية (ميرامار). ص33.
ويسأله (منصور باهي) مستنكرًا أن تصيبه الحيرة وهو من جيل الإيمان؟
فيجيب ضاحكًا: (الإيمان..الشك..إنهما مثل النهار والليل، لا ينفصلان). رواية (ميرامار). ص23.
أما (طلبه مرزوق) فيعجب منه عامر وجدي ويقول له:
(يخيّل إليّ أحيانًا أنك لا تؤمن بشيء. غير أنّه يدافع عن نفسه، فيجيب بحنق -وبعبارات تشفّ عن تصوره عن ذات الله تعالى-:
(كيف لا أؤمن بالله وأنا أحترق في جحيمه) رواية (ميرامار) ص34
وفي رواية (الطريق) هناك شخص اسمه صابر يبحث عن أبيه (الرحيمي) لينقذه من الجريمة والضياع، وهو سيّد ووجيه ولا حدّ لنفوذه، والدنيا تهتزّ لدى محضره، وهو "لا عمل له إلا الحبّ، وفؤاده متعلّق بالعالم الكبير، ينتقل من بلد إلى بلد، ويوزّع رسائله من جميع القارات، كما أنّ علاقاته تشمل هذه القارات كلها حيث ينتشر أبناؤه". انظر. رواية (الطريق).
نجيب محفوظ. 166 و 167.
وصابر، في ذات الوقت، يتساءل (أين الله حقًّا؟ هو عرف اسم الله ولكنه لم يشغل باله قطّ. ولم تشدّه إلى الدين علاقة تذكر) رواية (الطريق). نجيب محفوظ ص 44
ما أحلمَ اللهَ عن هؤلاء!!!.

3- الكتب التي تجرأت على القرآن الكريم:
المثال الأول: كتب نصر حامد أبو زيد الذي حكم الأزهر بردته وفرق بينه وبين زوجته، وهو يعيش الآن في المنفى في هولندا، وقد بيعت كتبُه في معرض الكتاب الثاني في مكتبة (المركز العربي الثقافي –المغرب).

- يقول نصر حامد أبو زيد في كتابه: مفهوم النص –دراسة في علوم القرآن ص131: (فإن نزول الآيات المثبتة في اللوح المحفوظ ثم نسخها وإزالتها من القرآن المتلون ينفي هذه الأبدية المفترضة الموهومة، ويجب أن نفهم الآيات الدالة على ذلك فهماً غير حرفي،...(إلى أن قال): فإذا أضفنا إلى ذلك المرويات الكثيرة عن سقوط أجزاء من القرآن ونسيانها من ذاكرة المسلمين ازدادت حدةُ المشكلة التي كان على العلماء ومن يتابعهم من المحدثين حذو النعل بالنعل أن يواجهوها)، ويقول ص 134: (والذي لا شك فيه أن فهم قضية النسخ عند القدماء لا يؤدي فقط إلى معارضة تصورهم الأسطوري للوجود الخطي الأزلي للنص، بل يؤدي أيضاً إلى القضاء على مفهوم النص ذاته).

-يقول نصر أبو زيد في كتابه (النص والسلطة الحقيقية ص21): متحدثًا عما حصل في سقيفة بني ساعدة حول تنصيب الخليفة بعد موت النبي -صلى الله عليه وسلم-: (وكان معنى هذا الرفض من جانب قريش تحويل المشروع الإسلامي المطروح في القرآن من مشروع عربي إنساني إلى مشروع قبلي وربط النبوة بآفاق القبيلة..)

ويقول في الكتاب نفسه مصرحاً بعدم قدسية القرآن ص 33: (إن مسألة خلق القرآن كما طرحها المعتزلة تعني في التحليل الفلسفي أن الوحي واقعةٌ تاريخية ترتبط أساساً بالبعد الإنساني من ثنائية الله والإنسان أو المطلق والمحدود، الوحي في هذا الفهم تحقيق لمصالح الإنسان على الأرض؛ لأنه خطاب للإنسان بلغته، وإذا مضينا في التحليل الفلسفي إلى غايته –التي ربما غابت عن المعتزلة– نصل إلى أن الخطاب الإلهي خطاب تاريخي، و
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
معرض الكتاب وموجة الإلحاد
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  حكم عمل معرض للسيرة النبوية
»  الاعتراض طريق الإلحاد
»  الإلحاد والغزو الفكري
» الإلحاد.. معناه.. وحكم الملحد
»  إيران والحوثيون وصناعة الإلحاد في الحرم

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اسلام ويب :: ۩✖ Known to the islam ۩✖ :: شبهـات حــول الاسـلام-
انتقل الى: