اسلام ويب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

من فقه الدعاء يقول سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "أنا لا أحمل همَّ الإجابة، وإنما أحمل همَّّ الدعاء، فإذا أُلهمت الدعاء كانت الإجابة معه". وهذا فهم عميق أصيل ، فليس كل دعاء مجابًا، فمن الناس من يدعو على الآخرين طالبًا إنزال الأذى بهم ؛ لأنهم ينافسونه في تجارة ، أو لأن رزقهم أوسع منه ، وكل دعاء من هذا القبيل ، مردود على صاحبه لأنه باطل وعدوان على الآخرين. والدعاء مخ العبادة ، وقمة الإيمان ، وسرّ المناجاة بين العبد وربه ، والدعاء سهم من سهام الله ، ودعاء السحر سهام القدر، فإذا انطلق من قلوب ناظرة إلى ربها ، راغبة فيما عنده ، لم يكن لها دون عرش الله مكان. جلس عمر بن الخطاب يومًا على كومة من الرمل ، بعد أن أجهده السعي والطواف على الرعية ، والنظر في مصالح المسلمين ، ثم اتجه إلى الله وقال: "اللهم قد كبرت سني ، ووهنت قوتي ، وفشت رعيتي ، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفتون ، واكتب لي الشهادة في سبيلك ، والموت في بلد رسولك". انظر إلى هذا الدعاء ، أي طلب من الدنيا طلبه عمر، وأي شهوة من شهوات الدنيا في هذا الدعاء ، إنها الهمم العالية ، والنفوس الكبيرة ، لا تتعلق أبدًا بشيء من عرض هذه الحياة ، وصعد هذا الدعاء من قلب رجل يسوس الشرق والغرب ، ويخطب وده الجميع ، حتى قال فيه القائل: يا من رأى عمرًا تكسوه بردته ** والزيت أدم له والكوخ مأواه يهتز كسرى على كرسيه فرقًا ** من بأسه وملوك الروم تخشاه ماذا يرجو عمر من الله في دعائه ؟ إنه يشكو إليه ضعف قوته ، وثقل الواجبات والأعباء ، ويدعو ربه أن يحفظه من الفتن ، والتقصير في حق الأمة ، ثم يتطلع إلى منزلة الشهادة في سبيله ، والموت في بلد رسوله ، فما أجمل هذه الغاية ، وما أعظم هذه العاطفة التي تمتلئ حبًا وحنينًا إلى رسول الله - صل الله عليهلم -: (أن يكون مثواه بجواره). يقول معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: "يا بن آدم أنت محتاج إلى نصيبك من الدنيا ، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج ، فإن بدأت بنصيبك من الآخرة ، مرّ بنصيبك من الدنيا فانتظمها انتظامًا ، وإن بدأت بنصيبك من الدنيا ، فائت نصيبك من الآخرة ، وأنت من الدنيا على خطر). وروى الترمذي بسنده عن النبي - صل الله عليهلم -: أنه قال: ((من أصبح والآخرة أكبر همه جمع الله له شمله ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن أصبح والدنيا أكبر همه فرَّق الله عليه ضيعته ، وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له)). وأخيرًا .. أرأيت كيف أُلهم عمر الدعاء وكانت الإجابة معه ، وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186)" (البقرة:186).


 

  يوسف أبالخيل لا يكفّر من كفّره الله ورسوله

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة


avatar


نقــاط : 100260
 يوسف أبالخيل لا يكفّر من كفّره الله ورسوله  Oooo14
 يوسف أبالخيل لا يكفّر من كفّره الله ورسوله  User_o10

 يوسف أبالخيل لا يكفّر من كفّره الله ورسوله  Empty
مُساهمةموضوع: يوسف أبالخيل لا يكفّر من كفّره الله ورسوله     يوسف أبالخيل لا يكفّر من كفّره الله ورسوله  Emptyالأربعاء 15 مايو 2013 - 10:57

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

وبعـد،
فيقول الرسولُ صلى الله عليه وسلم: (إن الله لا يقبض العلمَ انتزاعًا، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، فيرفع العلم معهم، ويبقي في الناس رؤوساً جهالاً يفتونهم بغير علم فيضلون ويضلون) [البخاري (100) مسلم (2673) واللفظ لمسلم]، ويذكر صلى الله عليه وسلم وصفاً آخر لهؤلاء الأئمة الجهال، وذلك في حديث (سيأتي على الناس سنوات خداعات؛ يصدق فيها الكاذب، ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن، ويخون فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة، قيل وما الرويبضة؟ قال: الرجل التافه يتكلم في أمر العامة) [أحمد 2/291 وابن ماجه في السنن، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (1887)].

وفي زماننا اليوم -وبعد ذهاب كثير من العلماء الراسخين وبقاء القلة منهم- بدأ بعض من وصفهم الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديثين السابقين يطلون علينا بضلالاتهم وجرأتهم العظيمة على الكتاب والسنة ومسلمات هذا الدين وأصوله.

ومن ذلك ما تجرأ وتورط فيه الكاتب في صحيفة الرياض يوسف أبالخيل بتاريخ 6/12/1428هـ تحت عنوان (الآخر في ميزان الإسلام)؛ هذا المقال الخطير الذي عارض فيه الكاتب -هداه الله- صريحَ القرآن والسنة وإجماع المسلمين قاطبة، وذلك عندما لخص مقالته المخزية بقوله: (إن الإسلام -على خلاف ما يريده المتشددون والمتنطعون- لا يكفر مخالفيه لمجرد عدم اتباعهم رسالته، بل يكفر منهم فقط من يحول بين الناس وبين ممارستهم لحرية العقيدة التي كفلها لهم).

الحمد لله الذي عافانا مما ابتلى به هذا الظالم لنفسه من بلاء الجهل والصلف والحماقة!

ألا يعلم هذا المسكين أن المتشددين والمتنطعين الذي خالفوا رأيه هم أئمة الإسلام في القديم والحديث من الصحابة رضي الله عنهم والتابعين لهم بإحسان؟!

وإن تعجب فعجب جرأة هذا الجاهل على كتاب الله عز وجل وتفسيره لبعض الآيات حسب هواه ضارباً بأقوال السلف وأئمة التفسير عرض الحائط معترضاً عليها. ولا ندري إن كان هذا الكاتب مدركاً لخطورة صنيعه هذا أو غير مدرك. ألم يسمع قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار) [الترمذي (295) وقال حسن صحيح].

ألم يسمع صديقَ الأمة الأكبر أبا بكر رضي الله عنه -وقد سئل عن قوله تعالى {وَفَاكِهَةً وَأَبًّا} [عبس: 31]- فقال: (أي سماء تظلني، وأي أرض تقلني إذا قلتُ في كتاب الله ما لا أعلم) [تفسير البغوي 8/339، جامع بيان العلم ص 353، الدر المنثور 8/421].

ومن افتراءات هذا الظالم لنفسه على كتاب الله عز وجل وجهالاته الشنيعة التي أوردها في مقاله ما يلي:
أولاً: استدلاله على عدم كفر اليهود والنصارى الذين لم يدخلوا في الإسلام بقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة: 62]، وهذا منه جرأة عظيمة على كتاب الله عز وجل ومخالفة لإجماع أئمة التفسير قاطبة؛ إذ لم يقل أحد منهم بذلك، بل قالوا بنقيضة، وأكتفي بكلام شيخ المفسرين الطبري رحمه الله تعالى إذ كان مما قال: (فكان إيمان اليهود: أنه من تمسك بالتوراة وسنة موسى، حتى جاء عيسى. فلما جاء عيسى كان من تمسك بالتوراة وأخذ بسنة موسى –فلم يدعها ولم يتبع عيسى- كان هالكًا، وإيمان النصارى: أنه من تمسك بالإنجيل منهم وشرائع عيسى كان مؤمناً مقبولاً منه، حتى جاء محمد صلى الله عليه وسلم، فمن لم يتبع محمداً صلى الله عليه وسلم منهم ويدع ما كان عليه من سنة عيسى والإنجيل – كان هالكاً).

وقد أطال الرد على هذه الفرية شيخُ الإسلام بن تيمية رحمه الله تعالى في الجواب الصحيح 3/121 فليرجع إليه، وقد بين أن هذا التحريف من شأن الذين في قلوبهم زيغ؛ إذ يتبعون المتشابه ويتركون المحكم الصريح؛ قال الله عز وجل: {فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ} [آل عمران: 7].

ثانيًا: استدلاله على أنه لا يكفر من أهل الكتاب إلا المحارب بقوله تعالى: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ} [المائدة: 82] وهذا يدل على جهله بالقرآن وتفسير القرآن واتباعه لما تشابه منه. يقول شيخ الإسلام رحمه الله تعالى في رد هذه الجهالة: (والجواب أن يقال: تمام الكلام: {وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ وَمَا لَنَا لاَ نُؤْمِنُ بِاللّهِ وَمَا جَاءنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَن يُدْخِلَنَا رَبَّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ فَأَثَابَهُمُ اللّهُ بِمَا قَالُواْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَا الْمُحْسِنِينَ} [المائدة: 83-85].

فهو -سبحانه –لم يعد بالثواب في الآخرة إلا لهؤلاء الذين آمنوا بمحمد –صلى الله عليه وسلم-الذين قال فيهم: {وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} [المائدة: 83].

والشاهدون هم الذين شهدوا له بالرسالة، فشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم الشهداء الذين قال فيهم: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: 143]. ولهذا قال ابن عباس رضي الله عنهما وغيره في قوله: {فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} قال: مع محمد – صلى الله عليه وسلم-وأمته.

وكل من شهد للرسل بالتصديق فهو من الشاهدين،كما قال الحواريون: {رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنزَلَتْ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} [آل عمران: 53].. وأما قوله في أول الآية: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى} [المائدة: 82]، فهو كما أخبرنا سبحانه وتعالى؛ فإن عداوة المشركين واليهود للمؤمنين أشد من عداوة النصارى. والنصارى أقرب مودة لهم، وهذا معروف من أخلاق اليهود، فإن اليهود فيهم من البغض والحسد والعداوة ما ليس في النصارى.. وليس في هذا مدح للنصارى ولا وعد لهم بالنجاة من العذاب واستحقاقه الثواب، وإنما فيه أنهم أقرب مودة) [الجواب الصحيح 3/106-111 باختصار].

ثالثًا: استدلاله بقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ} [البينة: 6] على أن مفهوم المخالفة هنا أن من أهل الكتاب من ليس بكافر. وهذا منه خروج عن مقصوده؛ إذ كان مقصوده أن من لم يدخل في الإسلام فليس بكافر بشرط أن لا يحارب الإسلام، فأين موضوع الاستدلال على ذلك هنا؟ أما أن مِن أهل الكتاب من ليس بكافر فليس الخلاف على هذا؛ إذ إن من آمن برسوله واتبعه قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم فهو مؤمن، ومن أدرك النبي صلى الله عليه وسلم وآمن به واتبعه فهو مؤمن، أما من لم يؤمن بالرسول صلى الله عليه وسلم وبرسالته فهو كافر ولو كان على دين صحيح قبل ذلك؛ إذ إن من أركان الإيمان الواردة في حديث جبريل الطويل الإيمان بالرسل، ومن كفر وجحد برسالة واحد منهم فهو كافر.

ومِن بَوَاقِرِ هذا الظالم لنفسه جهله أو تجاهله إزاء أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم التي لا تقبل التأويل والتي تخالف رأيه الشاذ المنحرف، وإلا فأين هو عن الحديث الصحيح الذي رواه الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار) [مسلم 153]، وقد استدل بهذا الحديث اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في جوابها الطويل عن (وحدة الأديان) على كفر من لم يدخل في الإسلام بقولهم: (ومن أصول الإسلام أته يجب اعتقاد كفر من لم يدخل في الإسلام من اليهود والنصارى وتسميته كافرًا وأنه عدو لله ورسوله والمؤمنين وأنه من أهل النار كما قال تعالى: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ} [البينة: 1].

وقوله جل وعلا: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ} [البينة: 6].

وثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار)، ولهذا مَن لم يكفر اليهود والنصارى فهو كافر طرداً لقاعدة الشريعة (من لم يكفّر الكافر فهو كافر.. الخ الفتوى) [الفتوى رقم (9402)، 5/1/1418هـ]

ومن استدلالات أئمة السلف رحمهم الله تعالى على مصداق الحديث من القرآن الكريم قوله تعالى: {وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ} [هود: 17].

قال شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله تعالى: (روى الإمام أحمد وابن أبي حاتم وغيرهما عن أيوب عن سعيد بن جبير قال: ما بلغني حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم على وجه إلا وجدت تصديقه في كتاب الله؛ حتى بلغني أنه قال: (لا يسمع بي أحد من هذه الأمة لا يهودي ولا نصراني ثم لم يؤمن بما أرسلت به إلا دخل النار)، قال سعيد: فقلت أين هذا في كتاب الله حتى أتيتُ على هذه الآية: {وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ} [هود: 17]، قال: الأحزاب هي الملل كلها [مجموع الفتاوى 15/75].

والهاء في قوله {وَمن يَكْفُرْ بِهِ} عائدة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم.

وقوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ فَمَن تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [آل عمران: 81-82] قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره هذه الآية: قال علي بن أبي طالب وابن عمه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: ما بعث الله نبياً من الأنبياء إلا أخذ عليه الميثاق: لئن بعث محمد وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه، وأمره أن يأخذ الميثاق على أمته لئن بعث محمد وهم أحياء ليؤمنن به ولينصرنه.

وقال طاووس، والحسن البصري، وقتادة: أخذ الله ميثاق النبيين أن يصدق بعضهم بعضًا. وهذا لا يضاد ما قاله علي وابن عباس رضي الله عنهما ولا ينفيه، بل يستلزمه ويقتضيه. ولهذا رواه عبد الرزاق، عن معمر، عن ابن طاووس، عن أبيه مثل قول علي وابن عباس.

وقد قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، أنبأنا سفيان، عن جابر، عن الشعبي، عن عبد الله بن ثابت قال: جاء عمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إني مررت بأخ لي من قريظة، فكتب لي جوامع من التوراة، ألا أعرضها عليك؟ قال: فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال عبد الله بن ثابت: قلت له: ألا ترى ما بوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال عمر: رضينا بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد رسولا، قال: فسُرِّي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: والذي نفس محمد بيده لو أصبح فيكم موسى عليه السلام ثم اتبعتموه وتركتموني لضللتم، إنكم حظي من الأمم، وأنا حظكم من النبيين. [مسند أحمد 4/265].

دعوة الكاتب إلى التوبة:
إنَّ الطوامَّ التي تورط فيها الكاتب هداه الله عز وجل -بقوله على الله بغير علم وتحريفه للقرآن ورده للأحاديث الصحيحة- لَتُوجِب عليه المبادرة إلى التوبة النصوح من هذه الزلات العظيمة التي تهدد أصل إيمانه؛ قال الله عز وجل: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} [الأعراف: 33]، ومن ذلك عدم تكفيره للكافر الذي كفره الله ورسوله، وقد أجمع أئمة العلم والدعوة من سلف الأمة على كفر من لم يكفر من كفره الله عز وجل وكفره الرسول صلى الله عليه وسلم أو شك في ذلك؛ لأنه مكذب لله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم؛ يقول الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى: (فاليهود والنصارى لما لم يصدقوا محمداً -عليه الصلاة والسلام- صاروا بذلك كفاراً ضُلالاً، وإن بعضهم وحد الله، فإنهم ضالون كفار بإجماع المسلمين؛ لعدم إيمانهم بمحمد –صلى الله عليه وسلم-، فلو قال شخص: إني أعبد الله وحده، وأصدق محمداً في كل شيء إلا في تحريم الزنا، بأن جعله مباحاً، فإنه يكون بهذا كافراً حلال الدم والمال بإجماع المسلمين. [مجموع فتاوى ابن باز 2/18].

وقال عن حكم من لم يكفر اليهود والنصارى: (ومن لم يكفر الكافر فهو مثله إذا أقيمت عليه الحجة، وأبين له الدليل، فأصر على عدم التكفير، كمن لا يكفر اليهود أو النصارى أو الشيوعيين أو نحوهم ممن كُفْرُه لا يلتبس على من له أدنى بصيرة وعلم) [مجموع الفتاوى 7/418].

وهل يحسب الكاتب أن الله ليس بسائله عن هذه الزلة العظيمة، بلى والله ليسألن؛ قال تعالى: {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ} [الصافات: 24]، لذا نكرر النصح لهذا الكاتب هداه الله عز وجل بالتوبة النصوح من هذه الأقوال الشنيعة قبل أن يفجأه الموت وهو مصر على هذه الجريرة، وعندها لا ينفعه الندم، ولا ينفعه مال ولا بنون ولا منصب ولا شهرة، فكل ذلك ذاهب وزائل ويبقى بعده الحسرات؛ قال الله عز وجل: {أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ ثُمَّ جَاءهُم مَّا كَانُوا يُوعَدُونَ مَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يُمَتَّعُونَ} [الشعراء: 205-207].

كما ندعو القائمين على صحيفة الرياض إلى التوبة من فتحهم المجال لمثل هذا المقال ومقالات كثيرة سابقة لا تزال هذه الصحيفة تنشرها وتتحدى مشاعر المسلمين بالنيل من مسلَّمات هذا الدين وأصوله. والله حسبنا ونعم الوكيل.

والحمد لله رب العالمين.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
يوسف أبالخيل لا يكفّر من كفّره الله ورسوله
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اسلام ويب :: ۩✖ Known to the islam ۩✖ :: شبهـات حــول الاسـلام-
انتقل الى: