ست إشكالية تجفيف المنابع الإسلامية وليدةَ السياسة المعاصِرة، أو وليدةَ الفكر الحديث؛ بل إنها سياسة قديمة قِدَم ظهور الإسلام، وما محاولة المشركين التخلُّص من
رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - إلاَّ بدايةٌ لهذه المؤامرة، وكذلك
هل كان وقوف قريش ضدَّ كلمة التوحيد كي لا تصل إلى آذَان القادِمين إلى مكة للتجارة أو الحج إلاَّ من هذا القبيل؟!
وهل كان قتل الصحابة وحمَلَة القرآن الذين كان يبعثهم النبي - صلَّى الله عليه
وسلَّم - لتعليم الناس مبادئ الإسلام؛ كأصحاب الرجيع وبئر معونة وغيرهم -
إلا من قبيل تجفيف منابع الإسلام؟!
ولكن هذه المحاولات ما كانت لتصمد أمام تيَّار الحق الجارِف الذي حملته
نفوس آمَنت وصدقت في حمل رايته، وظلَّت أساليب سياسة تجفيف المنابع - في
الأعم الأغلب - تتَّبع نفس أساليب المشركين القديمة، حتى كان العصر الحديث،
وكان التفكير الاستعماري الخبيث، وما بدأ دُهاة الغرب يضعونه من خطط
لمواجهة الإسلام دون حدوث صدام مسلَّح يدرك الأعداء نتيجته مسبقًا؛ لوعيهم
وحسن قراءتهم لخطِّ سَيْرِ التاريخ، ونتائج الصراع المسلَّح مع الإسلام.
وسوف نتحدَّث عن نموذج يُعَدُّ النموذج الأمْثَل عند أعداء الإسلام لخطَّة
تجفيف المنابع الإسلامية، بل يُعَدُّ كذلك النموذج الذي احتذاه كثيرٌ من
الحكَّام العلمانيين في الدول الإسلامية لمواجهة المد الإسلامي المعاصر.
إنها تجربة الحزب الشيوعي في بدايات القرن الماضي عندما قرَّر منظِّروه القضاء على الإسلام؛ كي تتمكَّن الشيوعية من الهَيْمَنة على البلاد التي حكمَتْها.
ومن عجيب ما يُذكَر أن هذه التجربة الأم لسياسة (
تجفيف المنابع) قد رسمها مفكِّر شيوعي من أصل مسلم، وكان اسمه (
سلطان غالييف)، وقام الحزب الشيوعي بتنفيذها في البلاد الإسلامية التي بدأت الشيوعية تسيطر عليها.
ولما كان الإسلام هو الدين القادر على الصمود أمام زحف الشيوعية، فقد عمل (
سلطان غالييف) على اتخاذ سياسة النَّفَس الطويل للقضاء عليه.
أبعاد خطة (غالييف) ومراميها:أولاً: عمل (
غالييف)
على وجوب إبعاد المسلمين عن دينهم بمراحل تدريجية لا تُثِير صدامًا أو
مقاومة، قد تتَّخذ شكل حرب وطنية مع محاولة الشيوعية التظاهر بأنها لا
تشنُّ حربًا على الإسلام.
وما كادت الحرب الأهلية تنتهي حتى بدأت الحكومة السوفيتية تهاجِم الإسلام بطريقٍ غير مباشر، وذلك بالقضاء على:أولاً: الأوقاف باعتبارها القوة الاقتصادية التي تمدُّ علماء الدين.
ثانيًا: المحاكم الشرعية التي تمنح الإسلام السيطرة على حياة المسلمين الخاصة.
ثالثًا: التعليم الديني الإسلامي؛ لما له من أثر في تخريج أجيال مسلمة ملتزمة بدينها، معتزَّة بعقيدتها.
وقد شنَّت الشيوعية الحرب على هذه الهيئات الإسلامية في وقت واحد.
وفي سنة 1930 قضت حكومة موسكو عمليًّا ونهائيًّا على المؤسسات الوقفية
الكائنة في طول الاتحاد السوفيتي وعرضه - بعد عدَّة خطوات تمهيدية - تحت
وعْدِها بأن توزع الأرض على الفلاحين، وبذلك حُرِم علماء الدين من مصادر
رزقهم، كما حرمت المساجد والمدارس من الوسائل المادية لدوام بقائها.
ومع هذه الحملة بدأت حملة أخرى على علماء الدين، وأخذت تتَّهمهم بالجهل وعدم فهم القرآن، ثم تطوَّرت إلى اتهام العلماء
بالسرقة والإجرام، وأخيرًا بسوء السيرة والخلق، ولك أن تتنبَّه إلى هذه
الطريقة التي تَمَّ بها التخلُّص من المحاكم الشرعية في بعض الدول
الإسلامية وخاصة مصر - كما سنشير إليه - ثم تطوَّرت الحملة إلى مهاجمة
الإسلام في جوهره وصميمه.
وبعد هذه المراحل التي تمَّت بدون صدام - اتِّباعًا لسياسة (
النَّفَس الطويل)
التي رسمها غالييف - فقد رأت الحكومة السوفيتية أنه قد أصبح بالإمكان
تنفيذ المرحلة الثانية؛ وهي الكفاح في سبيل إقامة مجتمع شيوعي بعيد كلَّ
البُعْدِ عن الأفكار الدينية.
ومن العجيب أن الحكومة الشيوعية لمَّا قرَّرت مجابهة الإسلام والقضاء عليه لم تترك أعضاء (
حزب الجديد)، بل تم تصفية أكثر أعضائه أمثال (
سلطان غالييف)
[1]!
خطة (تجفيف المنابع) ووسائل تنفيذها في العالم الإسلامي:اتَّخذت الحكومات العلمانية التسلُّطية في عالمنا الإسلامي - وفي الدول العربية بالذات - من سياسة (
تجفيف المنابع) التي رسمها (
غالييف) خطَّة تسير على هداها، وتنسج على منوالها، في مجابهة الإسلام والتضييق عليه، إن لم يكن القضاء عليه.
وهذه بعض النماذج في الدول العربية:أولاً: القضاء على التعليم الديني والتضييق على معاهده وجامعاته:يُعتَبر التعليم الديني بمعاهده وجامعاته أقوى رافد يمدُّ المجتمع الإسلامي
بالشباب المسلم المتفقِّه في دينه، العالم بعظمة الإسلام، المعتز بهويته،
المتأبِّي على الخضوع للمحتلِّ، أو المستعصي على خطط الترويض التي يسهرون
في إعدادها.
وطالما أدرك الأعداء أن هذا الرافد (
التعليم الديني)
حجَر عَثْرَة في طريقهم؛ فلا بُدَّ أن يسعوا للقضاء عليه، وبالفعل تَمَّ
القضاء على العديد من الجوامع الإسلامية والمعاهد التي كانت تقوم بنشر
التعليم الديني؛ أمثال: جامع الزيتونة، وجامع القرويِّين، وأخيرًا المعاهد
العلمية في اليمن، أمَّا الأزهر ذلك الصَّرْحُ الإسلامي العريق، فالحديث
عمَّا يواجِهه من تحدِّيات ينبغي أن يُخَصَّ بشيءٍ من البيان والإيضاح.
التحدِّيات التي تواجِه الأزهر الشريف:لأهمية الأزهر في العالم الإسلامي وخبث ما يُعَدُّ له؛ سوف نخصُّه بشيءٍ من الإيضاح والتفصيل فيما يلي، فنقول:المؤامرة على الأزهر في العصر الحديث تمتدُّ جذورها إلى عصر الحملة
الفرنسية بقيادة نابليون بونابرت، الذي أحسَّ بقوَّته ومدى التفاف الشعب
حول علمائه؛ فأراد أن يتخلَّص منه ومن علمائه، فضرَبَه بالمدافع وحوَّله
إلى إسطبل للخيل، وحاوَل أن يقضي على ما فيه من نفائس الكتب والتراث الفكري
الإسلامي، وبالرغم من كلِّ ذلك، فقد فشل نابليون في نيل مراده.
وبعد نابليون جاء الاحتلال البريطاني بدُهَاته وخبثائه من أمثال اللورد
كرومر، والقس دنلوب الذي سَيْطَر على مقاليد العملية التعليمية في مصر.
ولقد أدرك هؤلاء الخُبَثاء خطورة الأزهر على وجود البريطانيين في مصر، حتى قال اللورد كرومر - المعتمد البريطاني في مصر - في تقريره: "إن
التعليم الوطني في قبضة الأزهر الشديد المتمسك بالدين، والذي يقف حاجزًا في
طريق أيِّ إصلاح تعليمي، وكان الطَّلَبة الذين يتخرَّجون منه يحملون قدرًا
عظيمًا من غرور التعصُّب الديني، فلو أمكن
(تطويره)
لكان خطوة جليلة الخطر، فليس من اليسير أن يُتَصوَّر أيُّ تقدُّم لنا
طالما ظلَّ الأزهر متمسِّكًا بأساليبه، وإذا بدا أنَّ مثل هذه الخطوة غير
متيسر تحقيقها، فحينئذ يصبح الأمل محصورًا في التعليم اللاديني، الذي
يُنافِس الأزهر حتى يُتاح له الانتشار والنجاح"
[2].
ومن هنا بدأت الحملة ضدَّ الأزهر
ومنافسته بالتعليم اللاديني، وكانت هذه هي الخطة التي بدأ بها دنلوب حرب
الأزهر، حيث أراد أن يخنق الأزهر ثم يقضي عليه، دون صدام مباشر كما فعل
نابليون وفشل من قبل.
بدأ دنلوب يُنشِئ مدارس مدنية، ليس القرآن ولا الدين من موادها الأساسية
كما هو الشأن في الأزهر، هذه المدارس كان الناس في البداية ينظرون إليها
على أنها مدارس الكفر، ويحذِّرون من إدخال أولادهم فيها، إلا أن الخطة جعلت
أبناء هذه المدارس هم أصحاب المكانة والوجاهة، وهم الأكثر ثراءً؛ فسنوات
التعليم قليلة، والمرتَّبات مرتفعة، ووظائفهم جاهزة، أمَّا أبناء الأزهر
فمدَّة الدراسة طويلة، والوظائف قليلة، وإن وُجِدت فمقيم شعائر في مسجد
بأجر زهيد
[3].
أضِف إلى ذلك حرص الخطَّة على إبعاد الأزهريين عن مراكز التأثير، وخاصة
الثقافي والسياسي، ثم تضافرت في هذه الخطوات وسائل الإعلام التي أسهمت في
تشويه صورة عالِم الدين الأزهري، وإظهاره في الأفلام وغيرها في صورة ساخرة
نفَّرت الناس - وخاصة الناشئة - من أن يكونوا أزهريين.
كل هذه الترتيبات جعلت الناس ينصرفون عن الأزهر، ويرمون بأولادهم في أحضان تلك المدارس التي كانوا يرونها مسبقًا (
مدارس الكفر).
فانظر إلى هذه الخطة الخبيثة، وكيف أنها خنقت الأزهر وضيَّقت عليه دون صدام مباشر، ودون غباء وحمق كالذي قام به نابليون وحملته.
أضِف إلى ذلك ما قام به الأعداء وعملاؤهم من إنشاء الجامعة الأمريكية، التي أُرِيدَ بها تحويل الأنظار وجذب الناس بعيدًا عن الأزهر؛ وذلك لما
أصبح ينتظر أبناءَها من مستقبل باهر ومرتَّبات مرتفعة، وذلك بترتيبات
الأعداء.
وأضِف إلى ذلك أيضًا إنشاء الجامعة المصرية التي حملت منذ اليوم الأول
مخطَّط التعليم العلماني، والتي قام عليها طه حسين، وأمين الخولي، وأحمد
أمين.
ولم يكتفِ القائمون على الجامعة بذلك، بل لقد طالب بعضهم أمثال طه حسين -
تمشِّيًا مع سياسة الاستعمار الرامية إلى عَزْلِ الأزهر عن الحياة وحبسه في
المساجد - بقصر أهداف التعليم في الأزهر على تخريج وُعَّاظ، ونادَى بعدم
إقحامهم في الوظائف الأخرى.
ثانيًا: مصادرة الأوقاف التي كانت تمدُّ الأزهر بالقوَّة الاقتصادية:وكانت هذه الخطوة من الخطوات الخطيرة، ومن الضربات القاصمة التي وجَّهها
الأعداء إلى الأزهر وعلمائه وطلاَّبه؛ ذلك أن استقلال الأزهر بموارِدِه
المالية يُعتَبر من أقوى الضمانات لاستقلالية قراره وقوَّة كلمته، فعملت
القُوَى المعادية على "تجريد الأزهر من جميع أوقافه ونهبها، منذ عصر محمد
علي وهم يحتالون للأمر حتى أمكنهم بالمكر والخديعة أن يستولوا على أوقاف
الأزهر ويعطوه مالاً من خزانة الدولة"
[4].
ولقد أشار إلى هذه الخديعة الدكتور محمد البهي فيقول: "إنه في عام 1915 ورَدَت رسالة من المستشار الإنجليزي (
دنلوب)
إلى شيخ الأزهر تتأسَّف فيه وزارة الخزانة لأن المبلغ الذي خُصِّص للأزهر
قليل، وقد وعد أن تصرف وزارة الخزانة مبلغ ثمانية آلاف جنيه للأزهر، بشرط
أن تنتقل أوقاف الأزهر إلى وزارة الخزانة.
ثم أُنشِئت وزارة الأوقاف التي استمرَّت بميزانية مستقلة حتى جاءت حركة الجيش في يوليو 1956 حيث صدر قرار بضم الأوقاف إلى الحكومة"
[5].
وحينما ننظر إلى عملية التخلُّص من الأوقاف الإسلامية التي كانت تمدُّ
الأزهر، نجد أنها جد قريبة من عملية التخلُّص منها في الدول الإسلامية التي
سيطرت عليها الشيوعية، والتي خطط لها (
سلطان غالييف).
فالاستعمار مهَّد لها منذ عام 1915م ثم لمَّا أزعجهم دور الأزهر في ثورة
1919، قاموا باقتحام مكتبة الأزهر واستولوا على حجج أوقاف الأزهر؛ للقضاء
على قوَّته وإضعافه وتدمير استقلاله، ثم كانت الخطوة النهائية بضمِّ
الأوقاف إلى الحكومة عام 1956.
ثالثًا: تطوير الأزهر:ترتيبات مسبقة من الأعداء:نظر الأعداء إلى الأزهر، هذا المعهد العتيق القائم على غرس الإسلام في نفوس
الأجيال المسلمة، فلم يرقهم ذلك، وعملوا على تغيير طرق الدراسة، وتغيير
المناهج المقررة تحت مسمى (
تطوير الأزهر).
"ولقد كان هذا العمل مقدِّمة لما يُراوِد المحتلِّين من أماني في (
تطوير الأزهر)
كله، وتغيير معاييره ومفاهيمه الإسلامية ليصبح شيوخه أكثر قبولاً للأوضاع
الوافدة، كالوطنية والقومية، ولتنحل فيهم عقدة الرفض لكلِّ ما هو (
غير إسلامي)، حتى يمكن التفاهم مع أجيالهم الحديثة؛ لتعايش (
العلمانية) على الأقل، إن لم يمكن احتواؤهم، ونقل ولائهم التام إلى هذه (
الجاهلية) الطاغية.
وليس هذا ظنًّا أو تخمينًا، وإنما هو فعلاً السياسة الثابتة للاحتلال، تتابَع عليها خلفاء (
كرومر) حتى بعد الثورة المصرية سنة 1919م، كاللورد (
لويد)
- مندوب الاحتلال سنة 1925 وما بعدها - الذي يقول صراحة: "إن التعليم
الوطني عندما قدم الإنجليز إلى مصر كان في قبَّة الجامعة الأزهرية الشديدة
التمسُّك بالدين، والتي كانت أساليبها الجافَّة تقف حاجزًا في طريق أيِّ
إصلاح تعليمي، وكان الطلبة الذين يتخرَّجون في هذه الجامعة يحملون قدرًا
عظيمًا من غرور التعصُّب الديني، ولا يصيبون إلا قدرًا ضئيلاً جدًّا من
مرونة التفكير والتقدير.
فلو أمكن تطوير الأزهر عن طريق حركة تنبعث من داخله هو، لكانت هذه خطوة
جليلة الخطر، فليس من اليسير تصوُّر أيِّ تقدُّم طالما ظلَّ الأزهر
متمسِّكًا بأساليبه الجامدة، ولكن إذا بدَا أن هذا الأمل غير متيسر تحقيقه،
فحينئذ يصبح الأمل محصورًا في إصلاح التعليم اللاديني الذي ينافس
الأزهر... وعند ذلك فسوف يجد الأزهر نفسه أمام أحد أمرين: فإمَّا أن
يتطوَّر، وإمَّا أن يموت ويختفي"
[6].
ولقد كان من خطوات التطوير التي سعى إليها دُهَاة الاحتلال: أن بدؤوا
يتطلَّعون - بمساعدة عملائهم من أبناء المسلمين - إلى إنشاء كلية لتخريج
القضاة الشرعيين بعيدًا عن الأزهر.
ولقد أشار اللورد كرومر إلى هذه الخطوة في تقريره حيث يقول: "كنت أتَّصل
بين الحين بالبارون كالي حاكم البوسنة لتبادل الرأي في الموضوعات ذات
الطابع المشترك، وقد استطعت أن أحصل - بفضل مساعدته ومساعدة خَلَفه - على
معلومات وافية عن الكلية التي أنشأتها حكومة النمسا والمجر في "
ساراجيفو"
لتخريج القضاة - يقصد قضاة الشرع المسلمين - وهي كلية قد أثبتتْ نجاحها من
كلِّ الوجوه، وقد وضعتُ هذه المعلومات تحت تصرُّف لجنة ذات كفاية ممتازة
يرْأَسها المفتي الأكبر السابق - يعني: الشيخ محمد عبده - بقَصْدِ وضْعِ
خطَّة مشابهة تُلائِم ظروف مصر وحاجاتها، وقد أتمَّت اللجنة عملها في شهر
يونيو السابق، ووضعت النُّظُم المقتَرَحة تحت تصرُّف الحكومة، وهي الآن قيد
البحث في وزارة العدل - الحقانية وقتذاك - وهذه النُّظُم تزوِّد الطالب
ببرامج ثقافية ذات طابع تحرُّري، لا تحصر الطالب في الدراسات الدينية
الخالصة"
[7].
إنها خطَّة تسير في تدرُّج حَثِيث بمناهج خاصة تُنشِئ جيلاً جديدًا من رجال
الشريعة، يَقْبَلون التعايُش مع النُّظُم العلمانية، إن لم ينخَرِطوا فيها
بأنفسهم.
العملاء يكملون ما بدأه الأعداء:إذا كان الأعداء قد عجزوا عن تنفيذ كلِّ
أهدافهم في محاربة الإسلام ومحاربة الأزهر، باعتباره أقوى هيئة دينية تسعى
لنشر الإسلام الصحيح، وتبصِّر المسلمين بمبادئه - فقد قام عملاؤهم - ممَّن
يتسمَّون بأسماء إسلامية، ويتظاهرون بالإسلام - بإكمال ما بدأه أعداء
الأمَّة (
المستعمرون).
ولقد كان موضوع (
تطوير الأزهر) من الأمور التي سهر لها الأعداء، إلا أنهم لم يُكمِلوا الخطة إلى نهايتها، وإنما قام بإكمالها عملاؤهم فيما بعد.
ولقد كان قرار تطوير الأزهر الذي صدر سنة 1961م من الأمور التي دبِّر لها
بليلٍ، والذي من خلاله استطاعوا أن يُبعِدوا الكفاءات - علمًا وسلوكًا - عن
قيادة هذا الصرح الإسلامي العظيم.
هذا الأمر الذي وصَفَه الدكتور (
عبدالعظيم المطعني) بأنه: "
تأميم المناصب العليا في الأزهر".
ويقول: ونعني بـ(
التأميم) هنا: شغل
هذه المناصب المؤثرة بقرار سياسي سيادي، وهذا أمر طرَأ على الأزهر مع صدور
قانون تطوير الأزهر والهيئات التابعة له، الذي صدر سنة 1961، وعُرِض على
مجلس الأمة في جزء من ليلة واحدة أيام قيام الوحدة بين مصر وسوريا.
ومن الحقائق التي عُرِفت عن هذه الجلسة التي أقرَّت هذا القانون الذي قيل:
إنه وُضِع بإشراف كمال رفعت – أمين عام الفكر الاشتراكي في ذلك الوقت - وأن
الجلسة لمَّا عُقِدت وقد دعي إليها بعض أعضاء المجلس لا جميعهم، بدأت
الجلسة الطارئة وليس لها علم بجدول الأعمال، وقيل: قبل أن تهمَّ بالانصراف
طلب رئيس المجلس الانتظار لأمرٍ ما، ثم جاءه مظروف ففضَّ ما فيه، وأعلن
عنه، ثم أقرَّ بدون مناقشة، أو بمناقشة شكلية، ثم وُوفِق عليه في لَمْحِ
البصر أو هو أقرب.
ثم فُوجِئ الناس في مصر وغير مصر بنشر قانون تطوير الأزهر في جميع الصحف (
الأهرام، الأخبار، الجمهورية).
ووقع هذا القانون موقع الصاعقة على الرأي العام والخاص، وأصبحنا به أمام الأمر الواقع المبرَم الذي لا مجال فيه للاجتهاد.
هذا القانون أحدث تغييرات جوهرية في رسالة الأزهر تعليمًا ومناهج وإدارة وتنويعًا، وكان من أبرز ما فيه بالنسبة لموضوعنا ما يأتي:1- جَعْلُ منصب شيخ الأزهر بالتعيين، وكان يتمُّ شغل هذا المنصب الجليل عن طريق الانتخاب من أعضاء جماعة كبار العلماء.
2- إلغاء جماعة كبار العلماء، وتغيير الوسيلة التي كانوا يُنتَخبون بها أعضاءً في تلك الجماعة.
3- تنصيب رئيس لجامعة الأزهر عن طريق القرار السياسي السيادي.
4- شغل جميع المناصب القيادية في إدارة الأزهر وإدارة الجامعة عن طريق التعيين السياسي السيادي.
وقد كان لهذا أثر كبير في مجال الدعوة كمًّا وكيفًا، وأصبح إحساس أصحاب هذه المناصب يدين بشدَّة بالولاء لِمَن بيديه التعيين
والعزل، وتولَّد عن هذا إحساس بالرغبة والطمع في نفوس المعيَّنين، إلا مَن
عصمه الله"
[8].
ومن التغييرات التي أَحْدَثها قانون تطوير الأزهر في الأقسام بالكليات وفي المناهج كذلك أنهم:1- قاموا بإلغاء تخصُّص القضاء الشرعي
من كلية الشريعة، وكان ذلك تبعًا لإلغاء القضاء الشرعي جملةً، بعد
المسرحية التي مثَّلوها ولفَّقوا فيها تهمة نكراء لقاضيين شرعيين (
الشيخ الفيل، والشيخ سيف).
2- إدخال القانون الوضعي في صُلْبِ البرامج الدراسية لكلية الشريعة بجامعة الأزهر، وتسميتها: (
كلية الشريعة والقانون).
وحتى يتمَّ تحويل ولاء حمَلَة الشريعة والقانون إلى القانون الوضعي
بالتدريج أولاً، وحتى يضمنوا التسليم بمبدأ ضمِّ الأحكام الشرعية إلى
القانون؛ ممَّا يُتِيح للحكومات فرصة تحويرها أو تغييرها، باعتبارها جزءًا
من القانون لا من الدين ثانيًا؛ فقد نصَّ قانون السلطة القضائية المصرية
رقم 43 لسنة 1965م على تعيين خريجي كلية (
الشريعة والقانون) في وظائف معاونين ووكلاء للنائب العام للأحوال الشخصية
[9].
وممَّا لا شكَّ فيه أن هذا من الاستدراجات الخطيرة؛ حتى يضمنوا سكوت هؤلاء الخريجين.
ولقد كان أخطر ما انطوى عليه هذا القانون أنه مكَّن عملاء الاستعمار من وضع غير الأكْفَاء على هذه الهيئة الدينية الخطيرة، وهذا العمل كفيلٌ بإسقاط دولة من أعظم الأمم، فكيف بهيئة يتفنَّن لإسقاطها الأعداء؟!
وليس هذا كلامًا مبالَغًا فيه، بل هو حقيقة واقعة، وهذه الحادثة تؤكِّد ما
نحن بصدده من أن وصول غير الأكْفَاء كافٍ لإسقاط أقوى الدول؛ يقول الدكتور
عبدالودود شلبي: "من الأسباب (
الخفيَّة) لانهيار الاتحاد السوفيتي - كما جاء ذلك في وثيقة نشرت أخيرًا بالولايات المتحدة - آفة المحسوبية، وانعدام الكفاءة.
ويقول هذا التقرير أو هذه الوثيقة: إن الرئيس السوفيتي (
أندربوف) علم أن أحد رجاله يعمل لحساب المخابرات الأمريكية... فاستدعاه (
أندربوف)، وسأله عن المعلومات التي قدمها إلى المخابرات الأمريكية، فقال له: إنني لم أقدِّم أيَّة معلومات إلى أمريكا أبدًا.
فأعاد (
أندربوف) السؤال:
لماذا دفعوا إليك كلَّ هذه الأموال إن لم تكن قدمت لهم شيئًا؟!
فأجاب المسؤول الخائن قائلاً: إن كل ما طلبه مني الأمريكيون كان ينحصر في منع أيِّ شخص كفء يصِل إلى السلطة، والحيلولة بينه وبين الصعود للقمة.
أرأيتم كيف تسقط الأمم وتنهض الدول؟!"[10].
انظر كيف تسبَّبت هذه الآفة - إبعاد الأكْفَاء عن المناصب المهمة - في
إسقاط الاتحاد السوفيتي، ألا تكون سببًا من باب أَوْلَى في إسقاط الأزهر
وتراجعه عن القيام بمهمته الإسلامية؟!
ومن الفائدة هنا أن نشير إلى الآثار السلبية المترتِّبة على تولية المناصب الدينية شخصيات غير جديرة بها، وهذه الآثار هي:أولاً: باعتبار هذه
الشخصيات قيادات دينية فإنها تكتسب بذلك نوع تقديس واحترام، وتصبح في موضع
القدوة في المجتمع، فإذا كانت منحرفة التفكير والسلوك فإن الناس
يقلِّدونها، ومن ثَمَّ أصبحت هذه القيادات بأخلاقها الفاسدة وتقليد المجتمع
لها قد وفَّرت على العدو جهدًا كبيرًا في إضلال الناس.
ثانيًا: تؤثر
القيادات الدينية الفاسدة على الطائفة الواعية المثقَّفة في المجتمع
تأثيرًا سلبيًّا؛ إذ إنَّها تكره من أجلهم كل القيادات الدينية رسمية وغير
رسمية، بل ربما تتَّجه هذه الطائفة المثقَّفة اتجاهًا بعيدًا عن الإسلام
كليةً، وهذا في حقيقته فوز آخر لأعداء الإسلام.
ثالثًا: وهذه
القيادات الدينية الفاسدة تنفِّر بأخلاقها مريدي التعليم الديني منه،
وتجعلهم يتَّجهون اتجاهًا آخر في التعليم، وهذا فوز آخر للأعداء، وتجفيفٌ
لمنابع الإسلام.
رابعًا: يجد ضِعَاف
النفوس والمتطلِّعون إلى المناصب والبريق الإعلامي الزائف في وصول هؤلاء
المنحرفين إلى هذه المراكز دونما صعوبة تذكر - اللهم إلا بعض النفاق - خير
مثل يُحتَذى للوصول، فتستحوذ هذه النوعيات على القيادات الدينية، وبالتالي
تفقد الجماهير الثقة في هذه القيادات، وهذا فوز آخر للأعداء؛ إذ العلماء
كانوا هم المحرك للشعوب ضد الأعداء، فإذا فقدت الشعوب ثقتها فيهم، فلن
تتحرَّك بكلماتهم ضد عدو.
خامسًا: متى أَمِنَ الأعداء خطر كلمة
العلماء، فقد أُتِيحت لهم الفرصة يعبثون بثوابت الأمَّة دون خوف من
الحرَّاس الخائنين الذين تخلَّوا عن ثغورهم (
وهم العلماء)
[11].
فانظر إلى مدى خطورة إصدار قانون مثل قانون تطوير الأزهر، وجعل المناصب القيادية بقرار سياسي سيادي،
وهل يُنَصِّب العلمانيون إلا مَن يصفِّق لهم، وإن هدموا الإسلام وهتكوا الأعراض وضيَّعوا الحرمات؟!
وهل يكونون إلا أبواقًا تصيح بالثناء عليهم مرددة: عاش عهدكم المجيد؟!
ولا تزال التحدِّيات التي تواجه الأزهر مستمرة، بالرغم من كلِّ ما تَمَّ
وضعه من خطط للقضاء على الأزهر، إلا أن الأزهر - بفضل الله - ما زال
قائمًا، يُخرج العلماء والدعاة، وهذا بالطبع لا يروق الأعداء؛ إذًا لا
بُدَّ من وضع مزيد من العقبات، ولا بُدَّ من وضع مزيدٍ من الخطط لتجفيف
منابعه وروافده.
ولقد تحدَّث كثيرٌ من أهل الغيرة على الإسلام عن ضرورة الوقوف والتصدِّي للمؤامرات الماكرة التي تُدَبَّر للأزهر، وقد حرص كثيرٌ من الإسلاميين على كشف أبعاد هذه المؤامرة أمام الأمَّة؛ كي
تتنبَّه وتحافظ على حصن من أعظم حصونها، ألاَ وهو الأزهر، ويرحم الله
الزعيم الهندي المسلم (
أبو الكلام أزاد) حينما قال: "إذا كان للمسلمين (
قبلة) يتَّجهون إليها في صلواتهم كلَّ يوم خمس مرات، وهي الكعبة، فإن للمسلمين (
قبلة) أخرى يتَّجهون إليها في كلِّ وقت لطلب العلم، وهي الأزهر".
ونحن نذكر طرفًا من المؤامرة الحالية على الأزهر، والتي لفت نظرنا إليها الأستاذ (
علي لبن) عضو مجلس الشعب، في الاستجواب الذي وجَّهه للدكتور عاطف عبيد، رئيس مجلس الوزراء ووزير شؤون الأزهر.
ولقد أكَّد الأستاذ علي لبن في استجوابه على أنه:• قد تَمَّ إلغاء أكثر من 23 معهدًا للتحفيظ؛ لعدم وجود درجات مالية لتعيين محفِّظين مؤهَّلين.
• كما توقَّفت إعانة مكاتب تحفيظ
القرآن الكريم، وتحويل بعضها لترميم وصيانة المعاهد، والمصير نفسه لقيته
إعانة تحفيظ القرآن الكريم للمعاهد الأزهرية؛ ممَّا نتج عنه ضآلة متوسط
تكلفة الطالب الأزهري في جميع المجالات التعليمية والصحية والتغذية
والأنشطة الرياضية وغيرها، إلى حد أنها لا تصل إلى نصف مخصَّصات قرنائهم في
التعليم العام؛ ممَّا يهدِّد الأزهر ويقضي على مسيرته الإسلامية، ويخالف
أحكام القانون 103 لسنة 1961م، ويهدر الأهداف التي صدَر هذا القانون من أجل
تحقيقها، والتي حدَّدتها المذكِّرة الإيضاحية للقانون.
وعن المخالفات الخاصَّة بالمناهج والسياسات التعليمية بالأزهر، أكَّد النائب الأستاذ (علي لبن) في الاستجواب أن:• المخالفات تشمل الازدواجية الكاملة
بين مناهج التعليم العام بكلِّ حذافيرها ومقرَّراتها، وبين العلوم الشرعية
والعربية التي كانت مقرَّرة بالأزهر، وهو ما يخالف أحكام القانون رقم 103
لسنة 1961 ومذكرته الإيضاحية، وخلافًا لكلِّ الأصول التربوية؛ حيث تَمَّ
حذف واختصار كثيرٍ من العلوم الشرعية والعربية، مع بقاء مناهج ومقرَّرات
التعليم العام كما هي، خلافًا لأحكام القانون، وبما يخلُّ بتميُّز وخصوصية
الأزهر، ويهدر رسالته الإسلامية، ويحوِّله إلى جامعة مدنية.
وأضاف: إن تدريس مناهج ومقرَّرات
التربية والتعليم بما تتضمَّنه من مخالفات للفكر الإسلامي والقِيَم
والأخلاق الإسلامية والاجتماعية للشعب المصري - يهدر رسالة الأزهر ويخالِف
أهداف القانون، كما أن تخفيض سنوات الدراسة جاء بالمخالفة لكلِّ القواعد
والأصول التربوية والصحية والنفسية التي تستوجب زيادة سنوات الدراسة
لمواجهة تحمل طلبة الأزهر لكلِّ مناهج التعليم العام الذي يدرس وحده
بالمدارس في نفس المدَّة، ومناهج التعليم الأزهري التي تحتاج إلى مدَّة
مماثلة وأكثر.
وأكَّد الأستاذ (
علي لبن) أن ذلك
أدَّى إلى كارثة تهدِّد التعليم الأزهري، إمَّا بهروب الطلاب إلى التعليم
العام والذي بلغ في سنة واحدة (97/ 1998) أكثر من 25000 طالب حسب تصريح شيخ
الأزهر نفسه، أو إلى ضعف المستوى العلمي والشرعي للخرِّيجين وعدم قدرتهم
على أداء رسالتهم الإسلامية في المجتمع والعالم.
كما أشار النائب الأستاذ (علي لبن) إلى المخالفات القانونية والمالية والإدارية التي تؤدِّي إلى تجفيف منابع القبول بالأزهر وتفريغه من طلابه، ومنها:• رفع سن القبول بالصف الأول الابتدائي من 5 سنوات إلى 6 سنوات.
• رفع سن القبول بالصف الأول الإعدادي
من 11 سنة إلى 12 سنة، وذلك بالمخالفة لما جرى عليه العمل حتى عام 96/
1997، وخلافًا لحكم المادتين 58، 63 من اللائحة التنفيذية للقانون 103 لسنة
1961، ورغم إنقاص سن القبول إلى 5 سنوات و6 شهور بمدارس التعليم العام،
وعدم استجابة إدارة الأزهر لتوصية لجنة التعليم بمجلس الشعب بضرورة إنقاص
السن إلى ما يماثل سن القبول في وزارة التربية والتعليم؛ وهو ما أدَّى إلى
تحويل ما يزيد على 30000 طالب إلى التعليم العام، وخلو الصف الأول في 170
معهدًا من التلاميذ في عام 98/ 1999 وحده، وتهديد باقي الصفوف، وبالتالي
مسيرة التعليم الأزهري كله.
إضافةً إلى توقُّف إدارة الأزهر عن صرف 15 مليون جنيه كانت مخصَّصة في الميزانية لإعانة مكاتب تحفيظ القرآن الكريم، وتحويل 7 ملايين جنيه منها إلى بند صيانة وترميم المعاهد الأزهرية، الأمر الذي هدَّد بإغلاق 7100 مكتب تحفيظ.
كما أن إدارة الأزهر توقَّفت عن صرف مبلغ 11 مليون جنيه خصَّصتها الميزانية
لإعانة تحفيظ القرآن الكريم لطلاَّب المعاهد الابتدائية، دون أيِّ قرار أو
أسباب، ودون معرفة مصيرها.
كما تَمَّ إلغاء معاهد المعلمين لتخريج محفظي القرآن الكريم، وعددها 23 معهدًا، بذرائع ومبررات ثبَت عدم صحَّتها.
وأضاف: إن هناك إعاقة لإنشاء معاهد
أزهرية خاصة جديدة، رغم أن عددها في جميع أنحاء الجمهورية يقلُّ عن 10
معاهد أزهرية خاصة، وهناك إقبال عليها"
[12].
وهذا بعض ما ورد في الاستجواب وليس كله؛ ممَّا يدلُّ على ما يتعرَّض له الأزهر من مؤامرة، وتجفيف لمنابعه.
ثم كانت الكارثة التي أظهرتها بعض الجرائد تحت عنوان "
مخطط حكومي لتفكيك الأزهر وإلغاء المشيخة"، حيث كتب الأستاذ محمد حسين يقول: "كشف النائب (
علي لبن)
عن مخطَّط جديد للحكومة يهدف إلى إلغاء الأزهر الشريف، وتوزيعه على وزارات
الأوقاف والتعليم والتعليم العالي، بعد إلغاء منصب شيخ الأزهر، واستعرض
النائب الخطوات التي اتخذتها الحكومة لتنفيذ المخطَّط في بيان عاجل تقدَّم
به للبرلمان؛ حيث أشار إلى قرار مجلس المحافظين برئاسة رئيس الوزراء رقم 2
الصادر في الثاني من مايو 2004م، تحت عنوان خادع هو: "
ضوابط إنشاء المساجد والمعاهد الأزهرية".
وأَوْضَح أن القرار يهدف إلى تغيير مسار التعليم الأزهري، وجعله تابعًا لوزارة التربية والتعليم، إضافة إلى ما نشر على لسان شيخ الأزهر بإحدى الصحف المصرية تحت عنوان "
خطة الحكومة لدمج دار الإفتاء والأزهر الشريف مع وزارة الأوقاف بعد إلغاء منصب شيخ الأزهر"؛
حيث أكَّد شيخ الأزهر في تصريحاته أنه سيكون آخر شيخ أزهر؛ لأن خطة
الحكومة التي عرضها عليه رئيس الوزراء تشتمل على ضمِّ المعاهد الأزهرية
وجامعة الأزهر إلى وزارتي التعليم والتعليم العالي، وضم الجامع الأزهر ودار
الإفتاء إلى وزارة الأوقاف.
وأوضح النائب أنه بعد تنفيذ هذا المخطَّط، وإلغاء منصب شيخ الأزهر، سيكون المسمَّى الجديد لهذه الهيئات الثلاث (
الأزهر - دار الإفتاء - الأوقاف) هو وزارة الشؤون الدينية"
[13].
فمن خلال عرضنا لطرف من هذه المؤامرة وهذه الخطط التي يسهر في إعدادها بُغاة الهدم، وبُغاة تجفيف منابع الدين وروافده، والتي في مقدمتها الأزهر - يتَّضح
أمامنا حرص الأعداء وعملائهم على تضييع ديننا وهويتنا الإسلامية، وهذا يفرض
علينا أخْذَ الحذر وإعداد العدَّة لمواجهة مؤامرتهم وعدم تمكينهم من تنفيذ
مآربهم الخبيثة؛ {
وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ} [يوسف: 21].
ـــــــــــــــــ
[1] انظر:
"مجلة البيان"، العدد 74 شوال 1414هـ/ مارس - أبريل 1994م من ص 98: 104
باختصار وتصرف، مقال للدكتور أحمد بن محمد العيسى بعنوان "الجذور التاريخية
لسياسة تجفيف المنابع".
[2] "عقبات في طريق النهضة"، أ. أنور الجندي، ص 156، طبعة دار الاعتصام.
[3] ينظر: "واقعنا المعاصر": ص 217: 219.
[4] "عقبات في طريق النهضة": ص 157.
[5] المرجع السابق: ص 157.
[6] "الغزو
الفكري والتيارات المعادية للإسلام"؛ د. عبدالستار فتح الله سعيد: ص 130 ،
131، طبعة دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع، المنصورة ط 4، 1408 هـ -
1988م.
[7] "الاتجاهات الوطنية": حـ 1 ص 346- 347.
[8] "جريدة آفاق عربية" العدد 673 السنة العاشرة 24 رجب 1425 هـ/ 9 سبتمبر
2004، م ص 11، مقال للدكتور عبدالعظيم المطعني بعنوان "أسباب تراجع الأزهر
(9)".
[9] ينظر: "الغزو الفكري والتيارات المعادية للإسلام": ص 135.
[10] "الأزهر إلى أين" د. عبدالودود شلبي: ص 145، طبعة دار الاعتصام.
[11] "أجنحة المكر الثلاثة": ص 254 ، 255.
[12] من
مقال للأستاذ أحمد سبيع بجريدة "آفاق عربية" السنة السابعة العدد 555،
الصادر في 19 صفر 1423 هـ/ 2 مايو 2002م، ص 5 تحت عنوان "في أخطر استجواب
عن الأزهر الشريف - هروب 30 ألف طالب للتعليم العام وغلق 7100 مدرسة قرآن".
[13] "آفاق عربية": عدد 686 السنة العاشرة - 26 شوال 1425/ 9 ديسمبر 2004 م ،
مقال للأستاذ محمد حسين ص 201 تحت عنوان "مخطط لتفكيك الزهر وتوزيعه على
الأوقاف والتعليم".