لم يكتف أعداء
الإسلام بمحاولة القضاء على الجماعات الإسلامية الملتزمة التي حملت الفكرة
الإسلامية في صفائها ووضوحها، وإنما راحوا يخلقون فرقاً وجماعات هدامة
نسبوها إلى الإسلام بهدف القضاء عليه من الداخل وبواسطة بعض المنافقين
الذين أعلنوا الإسلام وأبطنوا الكفر أو النصرانية أو اليهودية والماسونية.
وهكذا يتجاوز أعداء الإسلام من أسلوب الضرب غير المباشر للعقيدة الإسلامية إلى أسلوب الضرب المباشر.
ولقد كانوا سابقاً يحاولون إقناعنا
بنظريات تتعارض في طبيعتها مع عقيدتنا وتشريعاتنا وما جرأوا يوماً أن
يقولوا لنا اتركوا الإسلام، ولكنهم من خلال هذا الأسلوب الخبيث يقولون بكل
وقاحة اتركوا الإسلام فقد انتهى عهده، وهاهي النبوات الجديدة، ابحثوا لكم
عن نبوة بينها.
فلقد خلق
أعداء الإسلام عدداً من الفرق والمذاهب والجماعات المنحرفة مثل القاديانية،
والبهائية والروحية الحديثة وأخيراً الإخوان الجمهوريين والتي تبنت آراء
تهدم مبادئ الإسلام من أساسه، وكان الهدف من إنشاء هذه الجماعات:أولاً: ضرب الإسلام كعقيدة وشريعة وتشكيك المسلمين في دينهم، بعد أن حاولوا إبعاده من مجال التطبيق.
ثانياً: أن تساعدهم هذه الفرق على إسقاط شريعة الجهاد التي أقلقت مضاجع المستعمرين، وذلك ضماناً لاستمرار احتلالهم لبلدان العالم الإسلامي.
ثالثاً: أن تساعدهم على إشاعة الفرقة الفكرية بين المسلمين وشغلهم بالرد على بعضهم، واستنفاد قوتهم في الجدل والمناقشات.
رابعاً: أن تساعدهم على نشر عقائدهم الباطلة، فقد تبنت هذه الجماعات كثيراً من
عقائد النصارى واليهود والماركسيين وبذلك تستخدم هذه الجماعات كمدراس
تبشيرية جديدة داخل العالم الإسلامي.
خامساً: أن تعمل هذه الفرق وخصوصاً البهائية كجناح آخر للحركة الماسونية الصهيونية
التي تحاول تحقيق السيطرة العالمية. ومن هنا جاءت مبادئ هذه الفرق متفقة
تماماً مع أغراض أعداء الإسلام وسوف نبدأ بأحدث الفرق التي كونها أعداء
الإسلام في السودان وهي فرقة
(الإخوان الجمهوريين) والتي أسسها مضلل يدعى (
محمود محمد طه)
والذي استطاع أن يضلل عدداً كبيراً من الإخوة السودانيين على مدى ثلاثين
سنة إلى أن حاكمته أخيراً حكومة السودان الإسلامية وحكمت عليه (
بالإعدام)
بعد أن ناقشته في فكره فتبين لها أنه كافر مرتد عن الإسلام حيث ادعى
النبوة والرسالة، وأنكر عقيدة ختم النبوة، بل ادعى أن الإله قد تجسد في
شخصه، وقد أودع هذه الأفكار كتابين هما
(أدب السالك على طرق محمد) وكتاب
(الرسالة الثانية).
ومما يستلفت الانتباه أن هذا المضلل لم يأت بجديد في فكره وعقائده المضللة بل كان يردد نفس أفكار (
غلام أحمد) مؤسس القاديانية و(
وميرزا علي محمد الشيرازي)
مؤسس البهائية، مما يدل على أن المؤامرة على الإسلام ما تزال مستمرة، وأنه
كلما ماتت فرقة من هذه الفرق التي يؤسسها أعداء الإسلام، أنشأوا فرقة
جديدة تحاول أن تبعث من جديد مبادئ الفرق الهدامة وهذا ما سوف يتضح حينما
تتعرض لمبادئ
(محمود محمد طه).
قامت هذه الجماعة الجديدة على أساس من المبادئ والعقائد التالية:1- أن
رسالة محمد صلى الله عليه وسلم ليست دائمة، وإنما هي رسالة وقتية، لها وقت
تنتهي فيه وهو القرن العشرين، وبعد ذلك سوف يأتي رسول جديد برسالة جديدة.
2- أن العقائد - والشرائع - والشعائر التعبدية الإسلامية لم تعد صالحة للناس في هذا العصر.
3- فالاعتقاد
القديم بأن الإله واحد لا شريك له ومتنـزه عن صفات البشر وتصورات البشر
أصبح باطلاً والعقيدة الجديدة هي أن الله سبحانه وتعالى ليس إلا مظهراً
ينعكس في شخصية من الشخصيات، لأن الله سبحانه وتعالى له أسماء وله صفات،
ولكن هذه الأسماء والصفات لا يمكن أن يشار بها إلى الله، لأن الله بمعزل عن
الإشارة فإذن هي للإنسان الكامل وهذا الإنسان الكامل جمهوري هو الله في
تجسيد (
وهو محمود محمد طه) الذي ادعى أنه المسيح المحمدي صاحب المقام المحمود، ومالك يوم الدين وحينما يصل إلى هذا المستوى سوف يتحقق قول الله تعالى: ﴿
تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُو عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾.
ومن هنا (
فالإنسان الكامل) هو مالك الملك وعند ظهوره يتحقق لمن يؤمن به الجنة الموعودة.
• ولذلك لا داعي للاعتقاد في جنة أو نار بعد الموت فالجنة التي وعد بها
القرآن لا وجود لها في الآخرة وإنما هي متحققة في الدنيا لمن يتبع محمود
محمد طه وينضم إلى حزب
(الإخوان الجمهوريين).
• ولا
داعي لعقيدة الحساب والجزاء والنفخ في الصور كما قال القرآن، فالنفخ في
الصور معناه مجيء الكلام إليه عن طريق إسرافيل الذي ينفخ في روحه وينقل
إليه وحي السماء.
4- أما
عن تشريعات الإسلام من حدود وأنظمة وقوانين فلم تعد صالحة لهذا العصر
وإنما ينبغي أن يأتي تشريع جديد يلائم حال الناس، وصاحب هذا التشريع
المرتقب هو (
محمود محمد طه).
5- إن
شعائر الإسلام العبادية من صلاة وزكاة وصيام وحج كما وصفها محمد صلى الله
عليه وسلم وكما حدد مواصفاتها لا داعي لها في هذا العصر، من هنا أتى هذا
الدجال بمفاهيم جديدة لهذه الشعائر فالصلاة لا يلزم أن تكون بالركوع
والسجود، والزكاة لا يلزم أن تكون بنفس المقادير والشروط التي حددها رسول
الله صلى الله عليه وسلم وهكذا سائر الشعائر لا داعي لها بهذه الصورة
الإسلامية.
هنا نجد أنفسنا أمام خليط من العقائد والمذاهب المضادة للإسلام: • فقد أخذ من الشيوعية فكرة إنكار الإله الغير محسوس وإنكار الغيبيات حين ادعى أن الإله لا يمكن أن يوصف بما وصف به نفسه.
• وأخذ من النصرانية فكرة تجسيد الإله حين ادعى أن الإله قد حل وتجسد وظهر في صورة عيسى.
• وأخذ من اليهود فكرة إنكار مراحل ما بعد الموت والادعاء بأن الجنة والنار لا وجود لها إلا في الدنيا وتفسيرها تفسيراً مادياً بحتاً.
• وأخذ من القاديانية فكرة عدم ختم النبوة وعدم صلاحية الشريعة الإسلامية
لهذا العصر وهنا نجد أنفسنا أمام مؤامرة متعددة الأطراف على الإسلام (
شيوعية، يهودية، نصرانية)
وهي مؤامرة خطيرة لأنها استهدفت اجتذاذ الإسلام من جذوره كعقيدة وشريعة
وشعائر وعبادات وهذا ما سوف يزداد وضوحاً حينما نعرض للبهائية والقاديانية
فيما يأتي:
القاديانية: مؤسسها هو «ميرزا غلام أحمد» الذي نشأ في مدينة (
قاديان)
بالهند في بؤرة من الخيانة فأبوه كان عميلاً للإنجليز ومعاوناً لهم كما
يقول أحمد نفسه:«وقد قدم والدي فرقة مؤلفة من خمسين فارساً لمساعدة الحكومة
الإنجليزية، وفي ثورة سنة 1857م، وتلقى على ذلك رسائل شكر وتقدير من رجال
الحكومة».
وأخوه كان جندياً يخدم في صفوف الإنجليز ضد المسلمين «وكان أخي الأكبر غلام قادر بجوار الإنجليز على جبهة من جبهات حرب الثورة»
[1] وقد اعترف أحد قادة الإنجليز المدعو(
نكلسون) بمدى إخلاص أسرة غلام أحمد لهم فقال:«إن في قاديان تسكن هذه الأسرة التي وجدنا فيها دون جميع الأسر الوفاء للإنجليز
[2]وهكذا
ينشأ مؤسس القاديانية في هذه البؤرة العفنة وحينما يكبر يرسله والده إلى
البعثات التبشيرية لكي يتتلمذ على يديها، وبعد أن يتم تعليمه يعمل في خدمة
هذه البعثات التبشيرية.
وقد توسمت هذه البعثات في ميرزا غلام أحمد
شخصاً تجعله مخلب قط بالنسبة لسياستها التبشيرية، فجعلت منه شخصية محبوبة
في محيط المسلمين حتى يلتفوا حوله
[3]،
ويتلقوا منه توجيهاته، وبذلك يضمنون أن يكون شأن توجيه المسلمين بأيديهم
هم، لأنه مجرد صنيعة لهم، خصوصاً وأن الجماعات الإسلامية الحقيقية هناك قد
أمرت الناس بالجهاد واعتبرت الهند دار الحرب وقد تولى قيادة هذه الجماعات
شاه ولي الله الدهلوي وابنه عبدالعزيز (
وأحمد بن عرفان) الذي أذاق الإنجليز الأمرين.
ومن هنا دفع الإنجليز بصنيعتهم (
غلام أحمد)
من أجل مواجهة الحركات الإسلامية الصحيحة، فكون الجماعة القاديانية ويعبر
نهرو الزعيم الهندي عن مدى الصلة بين الإنجليز وبين جماعة القاديانية
بقوله
إذا أردنا أن نضعف قوة بريطانيا علينا أن نضعف الجماعة القاديانية)
[4] ذلك أن مبادئ وعقائد القاديانية هي نفسها أحلام وآمال أعداء الإسلام وإليك بعضاً من هذه المبادئ.
مبادئ القاديانية: 1- إسقاط شريعة الجهاد في سبيل الله: من المعروف أن الجهاد في سبيل الله فرض
أساسي في الإسلام وماضٍ إلى يوم القيامة لا يسقط مهما كان السبب، وقد ذاق
الاستعمار الإنجليزي في الهند من المجاهدين الأمرين، فلقد قام العلماء
المسلمون بزعامة (
عبدالعزيز الدهلوي)
بدفع الناس إلى الجهاد في سبيل الله وكونوا جيشاً كبيراً قاده الشهيد
إسماعيل، ووقعت حرب دامية بين المسلمين وأعدائهم من الإنجليز، وفتحوا مدناً
كثيرة رفعوا فيها راية الإسلام
[5].
من أجل هذا دفع الإنجليز بمؤسس القاديانية إلى الإفتاء بإسقاط شريعة الجهاد، ووجوب محبة الإنجليز ومسالمتهم.
• أما عن إسقاط الجهاد فقد قال فيه هذا الدجال:«لا جهاد في الإسلام ولا تسفك
دماء المستعمرين الإنجليز وأعلن بأن على المسلمين أن يضحوا بأنفسهم لحماية
الوجود البريطاني»
[6].
وقال: «لقد وضع الجهاد بالسيف منذ اليوم بأمر الله، فمن رفع السيف بعد هذا على الكفار مسمياً نفسه غازياً فقد عصى»
[7].
ويقول: «أنا مؤمن بأنه كلما ازداد أتباعي وكثر عددهم قل المؤمنون بالجهاد، لأنه يلزم من الإيمان بأني مسيح أو مهدي إنكار الجهاد»
[8].
• وفي الدعوة إلى محبة الإنجليز وطاعتهم يقول:«إن ديني الذي أنا أبديه للناس
مرة بعد مرة هو أن الإسلام منقسم إلى قسمين: الأول أن نطيع الله تعالى،
والثاني أن نطيع الحكومة التي أقامت الأمن وأظلتنا بظلها، وحمتنا من
الظالمين، وهذه الحكومة هي الحكومة البريطانية، ومن هنا كان التجسس
للإنجليز من أشرف العمال عند القاديانيين ومن يموت بسبب ذلك يعتبرونه
شهيداً»
[9].
2- رفض عقيدة ختم النبوة: لا يعترف القاديانيون بعقيدة أن محمد صلى
الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء والمرسلين والمعروف أن هذه العقيدة من
العقائد الأساسية في الإسلام نص عليها القرآن ونص عليها الحديث الشريف وهي
على حد تعبير محمد إقبال - الحارسة لكيان المجتمع الإسلامي ووحدة الأمة
الإسلامية.
ومن هنا كان الخروج على هذه العقيدة هدماً
للإسلام وصرفاً للمسلمين عنه إلا أن القاديانية ادعت أن ميرزا غلام أحمد
نبي ومن لم يتبعه فهو كافر، وبذلك يقيم نبوته على أنقاض نبوة محمد صلى الله
عليه وسلم
[10].
3- أن الإسلام لم يعد صالحاً للعصر الحديث: فإن القرآن قد نـزل في زمن يختلف كثيراً
عن هذا العصر، ومن هنا احتاج الإسلام إلى تجديد وتفسير جديد ونبوة جديدة
فغلام أحمد هو هذا المجدد الذي سيفسر القرآن على هواه بوحيه الشيطاني.
4- أن عيسى ابن مريم قد مات على الأرض، ولم يرفع إلى السماء، وأنه قد هرب من اضطهاد اليهود وعاش في الهند ومات وقبر فيها[11]،
والهدف من إشاعة هذه العقيدة أن يمهد لنبوته هو لأنه ما دام المسيح قد
توفى، إذاً فلن ينـزل على الأرض كما أخبر القرآن ونصت السنة المطهرة وهذا
ما قاله هذا المضلل: فقد قال بما أن المسيح قد توفى فإنني ذلك الرجل
الموعود الذي بشر به الرسول لإصلاح الخلق، أي أنه المسيح بدلاً من عيسى
عليه السلام ويلاحظ أن المعارضين لعقيدة رفع عيسى ونـزوله في هذا الأيام
يأخذون نفس أدلة ميرزا غلام أحمد ويرددونها بدون فهم كالببغاوات فهل هي
مؤامرة جديدة لإحياء مبادئ القاديانية في مصر؟ ربما.
5- إنكار الجن: الإيمان بوجود الجن من صميم الإيمان
بالغيبيات التي أخبر بها الرسول صلى الله عليه وسلم ونص عليها القرآن
الكريم، حتى وردت سورة في القرآن باسم (
سورة الجن).
ولكن أعداء الإسلام يريدون القضاء عليه
بأي ثمن فدفعوا بهذا المضلل إلى القول بإنكار الجن وتفسير الآيات التي وردت
في شأنه تفسيراً متعسفاً
[12] والغريب أن بعض منحرفي الفكر في هذه الأيام يروجون لعقيدة إنكار الجن ويفسرون القرآن الكريم بنفس تفسير هذا المضلل.
6- إسقاط فريضة الحج: فقد ادعى (
غلام أحمد) أن الحج لا يكون إلى مكة وإنما إلى (
قاديان) وبذلك يحقق أغراض أعداء الإسلام في صرف المسلمين عن الكعبة وأخيراً فإن الإفطار في نهار رمضان كان من صفات هذا النبي الجديد.
هذه هي مبادئ القاديانية التي حاول أعداء
الإسلام نشرها في كل مكان، فقد أنشأوا لهم مراكز تبشير في كل دول أوربا
وإفريقيا، وأمدوهم بالأموال والمساعدات اللازمة لنشر عقيدتهم الباطلة من
أجل هدم الإسلام.
وفي إسرائيل أنشأ دعاة القاديانية مدارس
ومراكز تبشير وتعاونهم الحكومة الإسرائيلية ولهم مكانة محترمة لدى كل
الأوساط الرسمية والشعبية هناك وهذا أعظم دليل على أن هذه الجماعة نصرانية
يهودية أكثر منها إسلامية، بل إنها لا تمت إلى الإسلام بصلة، والخطير في
الأمر أنها تقدم للناس باسم الإسلام.
وقد حاول أعداء الإسلام نشر هذه الدعوة في
مصر، ففي عام 1940م بعثوا بطالبين، وألحقوهما بكلية أصول الدين – حماها
الله ورعاها – وقد حاول هذان الطالبان نشر كتب تبشر بتعاليم القاديانية
الأحمدية فلما علم شيخ الجامع الأزهر بأمرهما حقق معهما بواسطة لجنة من
كبار العلماء برئاسة الشيخ عبدالمجيد اللبان - عميد كلية أصول الدين وقتها –
وقررت اللجنة أن القاديانيين كافرون واستبعدت أتباعها من الأزهر الشريف.
البهائية: إذا كانت القاديانية قد نشأت في ظل
الاستعمار الإنجليزي في الهند وسخرت نفسها لخدمة أغراضه ضد المسلمين، فإن
البهائية قد نشأت في ظل الصهيونية العالمية وأحضان الماسونية، من أجل
مخططات اليهود.
وقد ظهرت هذه الفرقة على يد «ميرزا علي
محمد الشيرازي» المولود بشيراز سنة 1819م، وقد تتلمذ على أيدي اثنين من
دعاة الفكر اليهودي، وقد أوهماه بأنه سيكون له شأن، وأدخلا في روعه أنه
سيصبح منقذاً للإنسانية، وراحا يقدمان له أفكاراً جديدة، سرعان ما اعتقدها،
وروج لها
[13] وقد ادعى أنه الباب أي الواسطة بين الناس وبين المهدي المنتظر، وفي هذه
المرحلة سميت جماعته بالبابية، ثم تطور قليلاً فادعى أنه المهدي المنتظر
وأنه صاحب نبوة جديدة فقتلته الحكومة الإيرانية لجنونه وفتنته الناس في
دينهم.
وتولى أمر الجماعة من بعده «
ميرزا حسين علي»
ولم يكتف هذا الكذاب بادعاء النبوة كصاحبه، بل ادعى أنه مظهر للألوهية
التي تجلت وظهرت في جميع الأنبياء من آدم إلى محمد من هنا ادعى الألوهية
وسمى نفسه بهاء الله - تماماً كما ادعى النصارى أن الإله قد حل في عيسى -
وفي هذه المرحلة سميت جماعته بـ(
البهائية)
وقد طردته الحكومة الإيرانية خارج البلاد، فاستقبله الإنجليز خير استقبال،
وأسكنوه في مدينة عكا بفلسطين، ووضعوا أتباعه في المناصب الحساسة في حكومة
الانتداب في فلسطين، ومن هنا قام البهائيون بالتمهيد لقيام دولة اليهود
في فلسطين ومكنوهم من رقاب المسلمين هناك
[14] ومات حسين فتولى بعده ابنه (
عباس) المقلب «بعبدالبهاء» فروجت له أجهزة الإعلام الغربية وعقدت له المؤتمرات الصحفية التي كشف فيها عن هويته (
الصليبية اليهودية) فراح يمجد الصهيونية والاستعمار، وفي أثناء الحرب العالمية الأولى راح يدعو للحلفاء ضد الخلافة الإسلامية
[15]. وقد كشفت البهائية عن صلتها الجذرية
بالصهيونية العالمية عندما عقد في إسرائيل سنة 1968م المؤتمر البهائي
العالمي، فقد كانت مقررات هذا المؤتمر هي بعينها أهداف الماسونية
والصهيونية
[16] وحينما مات (
عباس) سنة 1921م لم يسر في جنازته إلا الحاكم الإنجليزي الصهيوني لمدينة القدس ومعه عدد من اليهود
[17].
وقد تولى أمر الجماعة من بعده ابن ابنته «شوقي رباني» وبعد وفاته تولى أمرها صهيوني أمريكي هو (
ميسون)اختير لكي يكون رئيساً للطائفة البهائية في العالم
[18].
وهكذا يتأكد لنا أن البهائية لم تكن أكثر من خلية من خلايا الماسونية التي تعمل على هدم الإسلام، وهذا ما سوف يتضح من مبادئهم.
مبادئ البهائية: 1- أن
جميع الأديان صحيحة، والتوراة والإنجيل غير محرفة وهما مصدر توجيه بجانب
القرآن، ولذلك لا بد من توحيد كل الأديان في دين واحد هو البهائية التي
نسخت الإسلام وكل الأديان السابقة.
ومن المعروف أن المساواة بين جميع الأديان هو مبدأ الماسونية والروتاري والليونز اليهودي.
2- إنكار عقيدة ختم النبوة، والادعاء أنها مفتوحة للمضللين.
3- إنكار
حقائق العقيدة الإسلامية – من البعث والحشر والإيمان باليوم الآخر وتأويل
هذه الحقائق تأويلاً يهودياً، فالقيامة هي ظهور البهاء والجنة هي اتباعه،
والنار هي الكفر به إلى غير ذلك من الأباطيل، بل إنهم رفضوا حتى عقيدة
الألوهية بالمفهوم الإسلامي.
4- رفض حقائق الشريعة والعبادات الإسلامية، من الصلاة والصيام والزكاة والحج، والحدود والقصاص، وسائر ما ورد في الكتاب والسنة.
والصلاة عندهم تسع ركعات عند الزوال، وفي البكور والآصال والقبلة عندهم (
عكا)
[19] وصلاة الجماعة ممنوعة إلا على الميت، والحج لا يكون إلى مكة بل إلى شيراز مولد مؤسس الفرقة أو إلى عكا التي قبر فيها (
حسين) وهم بذلك يحققون حلم الصليبي الحاقد (
جلادستون) الذي قال «لا بد من تحويل المسلمين عن صلاة الجماعة وزيارة الكعبة والاتجاه إليها»
[20].
وأما الصيام فهو تسعة عشر يوماً فقط.
5- ومن مبادئهم محاربة اللغة العربية، واستبدال أخرى بها أطلقوا عليها اسم اللغة (
النورانية)
[21] وكان الهدف من هذه الدعوة أن تنقطع صلة المسلمين بكتابهم وسنتهم وتراثهم
المكتوب باللغة العربية وقد سبق أن بيننا أن قتل اللغة العربية كان حلماً
من أحلام المستشرقين.
6- رفض التشريعات الإسلامية في مجال الأسرة، وتحريم تعدد الزوجات، كما قرروا المساواة بين الرجل والمرأة في الميراث
[22].
7- رفض الحدود الإسلامية، والتعويض عنها بالمال.
8- أن
المسيح ابن مريم إله، وقد صلب على الصليب، كما يؤمنون بالحلول والتناسخ
الذي يؤمن به النصارى، فيقولون إن الله عز وجل قد حل في البهاء، وأن روحه
قد انتقلت إلى ابنه عباس من بعده، ومنه إلى ابن بنته (
شوقي)
ومعلوم أن هذه كلها عقائد النصارى، ومن مبادئهم أيضاً بطلان الجهاد في
سبيل الله، وقد ضبط تنظيم بهائي في مصر سنة 1972م وتبين من التحقيقات
الرسمية التي أجريت مع أحد أتباعهم قوله:«أنه لو أجبر على حمل السلاح في
مواجهة إسرائيل، لأطلقه في الفضاء»
[23].
وهكذا نجد أنفسنا أمام فرقة أخذت من كل
العقائد يهودية كانت أو نصرانية أو بوذية وماسونية – اللهم إلا الإسلام ومع
ذلك يروج لها أعداء الإسلام على أنها فرقة إسلامية، بل إنها في نظرهم هي
الإسلام الصحيح، وبذلك يضرب الإسلام بواسطة من ينتسبون إليه في الظاهر
والغريب في الأمر أن التنظيم البهائي الذي قبض عليه أخيراً في مصر بزعامة (
بيكار)
قد حكم القضاء المصري ببراءته رغم فتوى علماء الإسلام جميعاً بتكفيرهم
وردتهم، ولو أن هؤلاء قد تهجموا على سياسة الدولة أو حاكمها لعاقبهم القضاء
أشد العقوبة، أما أن يتهجموا على العقيدة الإسلامية، فذلك أمر هين؟!!
لأن حرية الفكر مكفولة إذا كانت ضد الإسلام!!
المدارس والجمعيات الروحية: هي أيضاً كسابقتها فرقة ضالة مضلة تلقفتها
الصهيونية العالمية، وأمدتها بالمال اللازم لنشر مبادئها التي تحاول هدم
الإسلام بصفة خاصة، والأديان بصفة عامة، ولذلك نجد أن من مبادئ هذه
الجمعيات:
«وحدة الوجود، وتناسخ الأرواح، وخلود
الحياة، فلا قيامة ولا بعث ولا حساب ولا عقاب كما بشر القرآن الكريم، كما
أنهم يقولون باستمرار الوحي والنبوات وبذلك لا يكون هناك للإسلام داع».
وفي الوقت ذاته يمجدون الوثنية، والنحل القديمة، ويشيدون ببعض آلهة الفراعنة مثل «
رع» ويطلقون على محفلهم اسم (
جمعية الأهرام).
ومن أخطر الدعاة لهذه الجمعية علي
عبدالجليل راضي الذي يترأس هذه الجمعية، وفهمي أبو الخير، والدكتور رؤوف
عبيد النصراني، وعبدالعزيز جادو وغيرهم من الذين يحملون على عاتقهم تحقيق
مبادئ التلمود اليهودي وتحطيم الدين الإسلامي فهذه المدارس على حد تعبير
الأستاذ الراجحي «مخطط إسرائيلي واضح الهدف والأسلوب»
[24].
وأخيراً فإن أسلوب ضرب الإسلام بواسطة بعض
المنتسبين إلى الإسلام من أخطر الأساليب التي ينبغي أن يلتفت إليها
المسلمون لأنه أسلوب مخادع.
وقد دأبت بعض الحكومات في العالم الإسلامي
في السنوات الأخيرة على خلق وتكوين بعض الجماعات الإسلامية التي تتبنى
أفكاراً منحرفة وشاذة وساذجة، وذلك من أجل عرقلة المسيرة الصحيحة للجماعات
الإسلامية المعتدلة وحتى ينشغل المسلمون بعضهم ببعض ويخلو الجو لأعدائهم.
وذلك أن ما تدعيه بعض الجماعات التي ظهرت في هذه الأيام لا يمكن أن يكون من الإسلام في شيء.
• فما تدعيه جماعة الفرماوية من التواكل المقيت لا يمكن أن يكون من الإسلام، بل هو من تخطيط أعداء الإسلام لنشر هذا الفكر المسموم.
• وما تدعيه جماعة بين الخشبتين من السذاجة والعبط لا يمكن أن يكون من الإسلام.
وبهذا نستطيع أن نقول ونحن مطمئنون إن هذه
الجماعات دخيلة على الإسلام أقامتها جهات معينة ومعروفة لتشويه صورة
الإسلام ولتمزيق الحركة الإسلامية.
وبعد: فهذه هي أساليب أعداء الإسلام في مواجهته،
ونحن لا نلومهم عليها وإنما متوقع منهم ما هو أكثر من ذلك، بل نلوم أنفسنا
لأننا ساعدناهم على ذلك بتقصيرنا في حق ديننا.
وهكذا لم يكن استضعاف المسلمين بسبب
أساليب القوى المعادية وحدها، بل هناك أسباب أخرى نبعت من داخل المجتمعات
الإسلامية نفسها، بل إن أساليب أعداء الإسلام إنما تستمد قوتها من ضعف
المسلمين، وحينما ينهض المسلمون ويتمسكون بعقيدتهم وشريعتهم سوف تذهب كل
هذه الأساليب أدراج الرياح.
فمن الذي
يمسك المسلم عن الالتزام بتعاليم الإسلام من صلاة وصيام وزكاة وحج وآداب
وأخلاق؟ ومن يمسك المسلم عن أن يلزم أهل بيته بتعاليم الإسلام فيما يتعلق
بالحجاب والعفة ومنع الاختلاط وغير ذلك؟• من يمسك المسلم من أن يأخذ بأسباب الحضارة والعلم؟
• من يمسك حكام المسلمين عن تطبيق شرع الله وعن القضاء على القهر السياسي وإشاعة الحريات في المجتمعات الإسلامية؟
ليس هناك من يمسك المسلمين عن الالتزام
بدينهم، ومن هنا فإننا نقول إن أسباب نهضة العالم الإسلامي هي بيد المسلمين
أنفسهم، وإن عوامل التعويق من جانب القوى المعادية لن يكون لها أي قيمة
حينما ينطلق المسلمون من قماقمهم التي قبعوا فيها طويلاً.
فيا أيها الرجال أفيقوا، وانظروا كيف كنتم
وكيف أصبحتم وخذوا من المحن والنوائب دروساً توقظكم من سباتكم فلقد أراد
الله لنا أن نكون خير أمة وحقق ذلك واقعاً في سلفنا الصالح وأردنا أن نكون
غير ذلك.
فهل من
يقظة لديننا؟ وهل من عودة إليه؟ وهل من بعث جديد من هذه المراقد التي طال
المكث فيها؟ وهل من أمل جديد يضعه الله في هذه النفوس التي أماتها اليأس،
ورضيت بالدنية في دينها؟إنه لمن المهانة والمذلة أن يتحرك دعاة
الباطل لدحض الحق، ويركبون في ذلك الصعب ويتجشمون المشاق ولا نتحرك نحن
لإحقاق الحق، فعلينا أن نتحرك ولا نيأس وقد بشرنا الرسول صلى الله عليه
وسلم بأن النصر مع الحركة والعمل، وأن هذا الدين قائم إلى يوم القيامة
مهما تكن أساليب أعداء الإسلام، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم:«لا تزال
طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتيهم أمر الله وهم
ظاهرون»
[25].
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يرد للمسلمين الكرة على أعدائهم، وأن يوفقهم إلى موجبات نصره ﴿
رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾
[26].
المصدر:
من كتاب "التيارات المعادية للإسلام"؛ للأستاذ الدكتور سعد الدين السيد صالح.
[1] راجع ص41 وما بعدها من كتاب القاديانية د. حسن عيسى. [2] السابق ص35. [3] د. أحمد عون - القاديانية الخطر الذي يهدد الإسلام ص25. [4] السابق ص101.[5] أنور الجندي – الفكر الإسلامي ص557.
[6] د. أحمد عون ص43.
[7] د. حسن عيسى ص95.
[8] الشيخ محمد الغزالي – دفاع عن العقيدة والشريعة ص248.
[9] السابق ص27.
[10] حسن عيسى عبد الظاهر ص131.
[11] د. أحمد عون ص23.
[12] الشيخ محمد الغزالي – حصاد الغرور ص174.
[13] د. أحمد شلبي – اليهودية ص35.
[14] محمود عبدالحليم – الإخوان المسلمون جـ1 ص86.
[15] د. عفاف صبرة – المستشرقون ص245.
[16] أنور الجندي – الفكر الإسلامي ص559.
[17] الشيخ محمد الغزالي – دفاع عن العقيدة والشريعة ص234.
[18] د. أحمد شلبي – اليهودية ص353.
[19] ذيل الملل والنحل ص53.
[20] راجع ص10 من الحركات النسائية وصلتها بالاستعمار.
[21] راجع ص21 من البهائية – محب الدين الخطيب.
[22] ذيل الملل والنحل ص53.
[23] الجندي – الفكر الإسلامي ص552.
[24] السابق ص561.
[25] رواه البخاري.
[26] الأعراف (23).