اسلام ويب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

من فقه الدعاء يقول سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "أنا لا أحمل همَّ الإجابة، وإنما أحمل همَّّ الدعاء، فإذا أُلهمت الدعاء كانت الإجابة معه". وهذا فهم عميق أصيل ، فليس كل دعاء مجابًا، فمن الناس من يدعو على الآخرين طالبًا إنزال الأذى بهم ؛ لأنهم ينافسونه في تجارة ، أو لأن رزقهم أوسع منه ، وكل دعاء من هذا القبيل ، مردود على صاحبه لأنه باطل وعدوان على الآخرين. والدعاء مخ العبادة ، وقمة الإيمان ، وسرّ المناجاة بين العبد وربه ، والدعاء سهم من سهام الله ، ودعاء السحر سهام القدر، فإذا انطلق من قلوب ناظرة إلى ربها ، راغبة فيما عنده ، لم يكن لها دون عرش الله مكان. جلس عمر بن الخطاب يومًا على كومة من الرمل ، بعد أن أجهده السعي والطواف على الرعية ، والنظر في مصالح المسلمين ، ثم اتجه إلى الله وقال: "اللهم قد كبرت سني ، ووهنت قوتي ، وفشت رعيتي ، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفتون ، واكتب لي الشهادة في سبيلك ، والموت في بلد رسولك". انظر إلى هذا الدعاء ، أي طلب من الدنيا طلبه عمر، وأي شهوة من شهوات الدنيا في هذا الدعاء ، إنها الهمم العالية ، والنفوس الكبيرة ، لا تتعلق أبدًا بشيء من عرض هذه الحياة ، وصعد هذا الدعاء من قلب رجل يسوس الشرق والغرب ، ويخطب وده الجميع ، حتى قال فيه القائل: يا من رأى عمرًا تكسوه بردته ** والزيت أدم له والكوخ مأواه يهتز كسرى على كرسيه فرقًا ** من بأسه وملوك الروم تخشاه ماذا يرجو عمر من الله في دعائه ؟ إنه يشكو إليه ضعف قوته ، وثقل الواجبات والأعباء ، ويدعو ربه أن يحفظه من الفتن ، والتقصير في حق الأمة ، ثم يتطلع إلى منزلة الشهادة في سبيله ، والموت في بلد رسوله ، فما أجمل هذه الغاية ، وما أعظم هذه العاطفة التي تمتلئ حبًا وحنينًا إلى رسول الله - صل الله عليهلم -: (أن يكون مثواه بجواره). يقول معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: "يا بن آدم أنت محتاج إلى نصيبك من الدنيا ، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج ، فإن بدأت بنصيبك من الآخرة ، مرّ بنصيبك من الدنيا فانتظمها انتظامًا ، وإن بدأت بنصيبك من الدنيا ، فائت نصيبك من الآخرة ، وأنت من الدنيا على خطر). وروى الترمذي بسنده عن النبي - صل الله عليهلم -: أنه قال: ((من أصبح والآخرة أكبر همه جمع الله له شمله ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن أصبح والدنيا أكبر همه فرَّق الله عليه ضيعته ، وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له)). وأخيرًا .. أرأيت كيف أُلهم عمر الدعاء وكانت الإجابة معه ، وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186)" (البقرة:186).


 

  الاعتراضات التي قدمها المستشرقون ضد القرآن الكريم والجواب عنها

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة


avatar


نقــاط : 100205
 الاعتراضات التي قدمها المستشرقون ضد القرآن الكريم والجواب عنها Oooo14
 الاعتراضات التي قدمها المستشرقون ضد القرآن الكريم والجواب عنها User_o10

 الاعتراضات التي قدمها المستشرقون ضد القرآن الكريم والجواب عنها Empty
مُساهمةموضوع: الاعتراضات التي قدمها المستشرقون ضد القرآن الكريم والجواب عنها    الاعتراضات التي قدمها المستشرقون ضد القرآن الكريم والجواب عنها Emptyالجمعة 10 مايو 2013 - 4:59

الاعتراضات التي قدمها المستشرقون
ضد القرآن الكريم والجواب عنها



التقديم:

إن المستشرقين هم الذين يهتمون بما يحتوي عليه الشرقُ من علومٍ ومعارفَ، وثقافات وميزات، وسمات حضارية متنوعة، وقد اختلف كثيرٌ من الباحثين والعلماء في تعريف المستشرقين وذهبوا إلى مذاهبَ شتَّى، وأبدَوا آراء متنوعة عن الاستشراق والمستشرقين، ولعل أحسن تعريف للمستشرقين هو أنهم أبناء اليهود أو النصارى أو غير المسلمين الذين يتجهون صوب الشرق لدراسة حضاراته وأديانه وثقافته ولغته وآدابه؛ لأهدافهم الدينية والسياسية، والاقتصادية والعلمية، والاجتماعية والاستعمارية وغيرها.



وبكلمة أخرى: هم دارسو الإسلام والمسلمين والعرب من غير المسلمين؛ لتنفيذ أهدافهم السرية، خاصة بقصد التشويه في الدين والتشكيك فيه؛ لأن معظم بحوث هذه الفئة ودراساتهم تركزت عليها، وهنا نذكر الاعتراضات التي قدمها المُستشرقون ضد القرآن الكريم، ثم نرد عليها جوابًا لهم.



الاعتراضات التي قدمها المُستشرقون ضد القرآن الكريم: أخذ المستشرقون ينشرون اعتراضاتٍ وافتراءاتٍ وادعاءات تحذف حول القرآن الكريم، وذلك بحُجج متنوعة، ودلائل عجيبة.



أما الذين يذهبون إلى أن القرآن الكريم نُقل من غيره أو أنه تأليف من محمد - صلى الله عليه وسلم - فمن روادهم: ألوي سبنجر (Aloy Spenger) ووليم ميوير (Wiliiam Muir)، وثيودور نولدكة (Theodore Noldeke)، وواجناز جولدتسيهر (Ignaz Goldziher) ودبليو فلهاوسن (W. Wellhausen)، وليون كايتاني (Leon Caetani)، ودفيد سامويل مرجليوث (David Samuel Margoliouth)، وقد قام بتطوير آرائهم وتضخيم استنتاجاتهم آخرون تبعوهم في القرن العشرين الميلادي، وفي مُقدمتهم ريتشارد بيل (Ritchard Bell) وتلميذه وليم مونتغمري (William Montgomery Watt)، وجميع هؤلاء المستشرقين يسعون بشتى الأساليب إلى الاستنتاج أن القرآن الكريم من تأليف محمد - صلى الله عليه وسلم.



وأما الذين يدَّعون أن القرآن الكريم قد تطور عبر القرنين الأول والثاني من الهجرة، فمنهم من اشتهر في هذا المجال ج. وانسبرة (J. Wansbourough) وج.أ. بيلامي (J.A. Baellamy) وأندرو ريبين (Andrew Rippin) ويهودا دي نبفو (Yehuda De Nevo)، وقد قام ببسط ادعاءاتهم وترويجهم آخرون أمثال باتريشيا كرون (Patricia Crone) ومايكل كوك (Michael Cook) وكينيث كراج (Kenneth Cragg) وتوبي ليستر (Toby Lester).



ومما سبق يتبين أن الاعتراضات التي قدمها المستشرقون ضد القرآن الكريم تتضمن اعتراضين رئيسين من جانبين:

الجانب الأول: ادعاؤهم أن القرآن الكريم نُقل من غيره، أو هو من وضع البشر أو من تأليف محمد - صلى الله عليه وسلم - فيُركزون على الادعاءات التالية:

الادعاء الأول: إن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - كان رجلاً طموحًا، واتخذ خطوات مدروسة لتنفيذ ما كان فيه، فحدث ما يحدُث فيما بعد، أي يُمكن له تأليف القرآن.



الادعاء الثاني: وإن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - كرس نفسه لفن الشعر؛ ليستطيع نظم القرآن، حتى استطاع.



الادعاء الثالث: وإن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - اقتبس الأفكار والقصص من اليهودية والنصرانية، ثم ضمنها القرآن.



الادعاء الرابع: وإن محمدًا أخذ القرآن، وأصول دينه وأخبار الأنبياء والمرسلين عن الراهب بُحيرا عندما لقيه في الشام، وعن ورقة بن نوفل، وعن الغلام الرومي الأعجمي الذي كان يعمل في مكة المكرمة.



الادعاء الخامس: وإن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - لم يكن رجلاً غير عالمٍ بالكتابة والقراءة كما يزعُم المسلمون بأنه كان أميًّا، وإن لفظ "الأمي" المنسوب إليه يعني شيئًا آخرَ.



الادعاء السادس: إن كلمة "الوحي" لا تعني إلقاء النص من الله، بل تعني "اقتراحًا أو إشارة" (Suggestion)، أو "التكلم الذهني" (Intellectual Locution).



الادعاء السابع: إن كثيرًا من الأخطاء العلمية المعاصرة، خصوصًا تلك التي تتصل بالعالم والكون، معكوسةٌ في القرآن، ويوجد فيه العديد من العبارات والمصطلحات الجارية والمفردات الأجنبية، وكل هذه تدل على أنه من تأليف محمد - صلى الله عليه وسلم.



الجواب عن الجانب الأول من ادعاءات المستشرقين ضد القرآن الكريم:

إن الاعتراضات والادعاءات المذكورة ليست جديدةً، والمستشرقون يُرددون أقوال مشركي مكة واليهود في المدينة، فنقول في جوابنا عمن ادعى أنه نُقل من غيره أو من وضع البشر، أو هو من تأليف محمد - صلى الله عليه وسلم - سواء كان المدعي من المستشرقين أو المشركين أو الكافرين - جوابين: الأول منهما على ضوء القرآن الكريم، وثانيهما على ضوء الفكر الإسلامي، كالتالي:

الجواب الأول:

إن المستشرقين يُحاولون دائمًا أن يُثبتوا أن القرآن الكريم نُقل من غيره أو وُضع من تأليف محمد - صلى الله عليه وسلم - كما يشهد التاريخ أن النقاد من الكفار وغير المسلمين منذ عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يزالوا يُكررون آراء مشركي مكة حيال القرآن بأنه ما هو إلا قول البشر، أو أن صاحبهم "الأمين" و"الأمي" قد أصبح شاعرًا أو ساحرًا مجنونًا؛ أو أن بشرًا آخر علمه القرآن؛ والآيات القرآنية ليست إلا ﴿ وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ﴾ [الفرقان: 5] كما ذكر القرآن عنهم قولهم.



فيرد القرآن على جميع هذه المزاعم والاعتراضات ردًّا قاطعًا، وذلك بطرق سبعة رئيسة، وهي:

1- يقول الله تعالى: إن القرآن الكريم ليس بقول البشر، وما هو بقول شاعر، ولا بقول كاهن، ﴿ وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ ﴾ [يس: 69].



2- ويكرر الله في القرآن أنه هو الذي نزَّل القرآن على عبده ليكون للعالمين نذيرًا، وأنه تنزيل من رب العالمين، بلسان عربي مبين.



3- كما يأمر الله رسولَه - صلى الله عليه وسلم - قائلاً: ﴿ لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ ﴾ [القيامة: 16، 17].



هذه المجموعة من الآيات القرآنية تدل على أن ما يُلقى على الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان نصًّا مُعينًا ولم يكن فكرةً وتصورًا فقط.



4- كما يقوم الله - سبحانه وتعالى - بمواساة نبيِّه - صلى الله عليه وسلم - مرارًا وبتشجيعه على تحمل مُعارضة الكافرين وإعراضهم عن الحق بالصبر والمُصابرة، مذكرًا إياه بأنه لم يكن من قبله من نبيٍّ مرسل إلا وكذَّبه قومُه وواجهوه بالظلم والاضطهاد.



5- كما يُعلن الله للجميع أنه لو تقول علينا بعض الأقاويل ﴿ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ * فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ ﴾ [الحاقة: 45 - 47].



6- ويُخبر رسولَه والمؤمنين قائلاً: ﴿ لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا ﴾ [النساء: 166]، كما يأمُر الله نبيه أن يقول للناس: إن الله هو شاهد بينه وبينهم في أمر الوحي القرآني؛ ﴿ قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ ﴾ [الأنعام: 19].



وهذه المجموعة من الآيات مهمة جدًّا؛ فإنها تُقرر أن وحي الله أمر خاص بينه وبين نبيه، ولا يستطيع أحد آخر الاطلاع عليه.



7- وفوق كل هذا، يتحدى الله الجميع ويُحذرهم قائلاً: ﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 23، 24].



وهذا التحدي مفتوح إلى الأبد، فمن في الأرض يستطيع هذا التحدي؟ لم نجد أحدًا حتى مضى 1430 سنة، ولن نجد أبدًا، وهذا يُثبت أن القرآن الكريم ليس منقولاً من غيره، ولا من وضع البشر، ولا من تأليف محمد - صلى الله عليه وسلم.



والجواب الثاني:

1- إن الادعاءات المذكورة ضد القرآن الكريم مُجردة من الدليل، خالية من التحديد والتعيين، ومثل هذه الدعاوى لا تُقبل ما دامت غير مُدللة، وإلا فليُخبرونا ما الذي سمعه محمد - صلى الله عليه وسلم - من بحيرا الراهب؟ ومتى كان ذلك؟ وأين كان ذلك؟


2- إن التاريخ لا يعرف أكثر من أنه - صلى الله عليه وسلم - سافر إلى الشام في تجارة مرتين؛ مرة في طفولته، ومرة في شبابه، ولم يسافر غير هاتين المرتين، ولم يُجاوز سوق بُصرى فيهما، ولم يسمع من بحيرا ولا من غيره شيئًا من الدين، ولم يكن أمره سرًّا هناك، بل كان معه شاهد في المرة الأولى، وهو عمه أبو طالب، وشاهد في المرة الثانية، وهو ميسرة غلام خديجة التي خرج الرسول بتجارتها أيامئذٍ.



وكل ما هنالك أن بحيرا رأى سحابةً تُظلله - صلى الله عليه وسلم - من الشمس، فذكر لعمه أن سيكون لهذا الغلام شأن، ثم حذره عليه من اليهود، وقد رجع به عمُّه خوفًا عليه ولم يُتم رحلته، وليس في شيء من الروايات والتواريخ أنه - صلى الله عليه وسلم - سمع من بحيرا الراهب أو تلقى منه درسًا واحدًا أو كلمةً واحدةً، لا في العقائد ولا في العبادات، ولا في المعاملات ولا الأخلاق، فأنى يُؤفكون؟



3- وأما الذين يقولون: إن القرآن الكريم من عند غيره، فالسؤال هنا: من الغير؟ ويقولون: إنه من اليهود والنصارى، فردَّ الله عليهم أن لسان أولئك القوم ولغتهم أعجمية، ولكن هذا القرآن عربي مبين، فكيف للأعجمي أن يأتي بأعلى الفصاحة وذروة البلاغة في اللغة العربية؟ ﴿ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ ﴾ [النحل: 103].



وكذلك من ادعى أنه من تأليف محمد، فردَّ الله سبحانه بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يقرأ ولا يكتُب، قائلاً: ﴿ وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ ﴾ [العنكبوت: 48]، فثبت أن القرآن الكريم جاء من الله تعالى.



4- وأما الذين يقولون: إن القرآن الكريم ما هو إلا مُترجم من التوراة والإنجيل، فنقول في جوابهم: إن الموسوعة البريطانية (الوحي القرآني في المنظور الاستشراقي)، (ص: 148) قد أشارت إلى عدم وجود ترجمة عربية لأسفار اليهود والتوراة والإنجيل قبل خلافة المسلمين، فكيف إذًا أخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - القرآن منهما؟


وجود بعض الشرائع في القرآن التي تتفق مع ما في التوراة والإنجيل، فهذا ممكن؛ لأن القرآن لم يأتِ لهدم كل شيء؛ بل لتصحيح الخطأ وإقرار الحق، فالصدق والشجاعة والكرم والحلم والرحمة والعزة - كل هذه المعاني موجودة عند كفار مكة، ومع هذا جاء الإسلام ولم يغير منها شيئًا، بل باركها وحثَّ عليها؛ لذلك قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إنما بعثت لأُتمم صالح الأخلاق))، ولم يقل: لأُنشئها.



وقد نص القرآن بأنه من الله رب العالمين قائلاً: ﴿ وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [يونس: 37].



5- والذين يقولون: إن مصادر ومراجع القرآن الكريم هي التوراة والإنجيل والكتب السابقة، فالسؤال هنا: لماذا صارت الاختلافات عن الأحداث التاريخية مع التوراة والإنجيل والكتب السابقة؟ مثلاً: قصة موسى يشير القرآن إلى أن التي كفلت موسى هي امرأة فرعون، مع أن سِفر الخروج يؤكد أنها كانت بنته، كما أن القرآن يذكُر غرق فرعون بشكل دقيق، في الوقت الذي نجد التوراة تشير إلى غرق فرعون بشكل مُبهم.



ومن المعلوم أن في القرآن أمورًا لا وجود لها في كُتب اليهود والنصارى؛ مثل قصة هود وصالح وشعيب، فكيف أتى بها النبي - صلى الله عليه وسلم - أو كيف يأخُذها النبي - صلى الله عليه وسلم - من التوراة والإنجيل أو الكُتب السابقة؟



6- تحذف نجد بعض المستشرقين قد فسروا كلمة "الأمي" و"الوحي" بما لا أساس له؛ لأن في الواقع يقال: الأمي هو الذي لا يستطيع أن يكتب أو يدرس أو يقرأ، والوحي هو إلقاء النص أو البيان من الله سبحانه وتعالى، وهاتان الكلمتان تستخدمان بالمعنى المذكور عبر القرون، حتى منذ بدء الكتابة والقراءة والحضارة، (والتفصيل في المعاجم والقواميس العربية وفي كتب المصطلحات العربية)، فالمعنى الذي ذكره المستشرقون عن الأمي والوحي تحذف ليس إلا للتشكيك في القرآن والرسالة.



7- وكذلك لم يُثبت أحدٌ حتى الآن أي خلاف ولا معارض في القرآن عن اللغة والمصطلح والعبارة والعلمية المعاصرة التي تتصل بالكون والعالم إلا المستشرقين، وما اعترضوا به على لغة القرآن ومصطلحاته وعبارته لا أساس له؛ لأن أكثرهم من الغرب، ولسانهم إنجليزي، أو ألماني، أو فرنسي أو إيطالي وغيرها، فكيف يمكن لهم أن يثبتوا اختلاف القرآن العربي المبين؟ وما يقولون من اعتراضات على القرآن ليس هو إلا دعاوى وراءها حسد وعداوة للإسلام والمسلمين.



الجانب الثاني: وادعاؤهم أن القرآن الكريم اتخذ شكله الحالي تدريجيًّا عبر تطورات وتعديلات تمت في القرنين الأول والثاني من الهجرة، فكلامهم يشمل الادعاءات التالية:

الادعاء الأول: إن القرآن الكريم قد اتخذ شكله الحالي في القرنين الأول والثاني عبر تطورات وتعديلات، خاصة في عهد الخلافة.



الادعاء الثاني: إن المصادر التاريخية للقرآن لا يُمكن الاعتماد عليها؛ إذ إنها وضعت لأغراض تشريعية، وإن الشريعة الإسلامية لم تكن خلال القرن الأول والثاني من الهجرة.



الادعاء الثالث: إن الحفريات الأثرية في جزيرة العرب كشفت العديد من النقوش القديمة، تدل على عدم وجود القرآن في القرن الأول الهجري.



الادعاء الرابع: إن المخطوطات القرآنية القديمة التي عُثر عليها مؤخرًا في صنعاء تُشير إلى تطور القرآن خلال فترة طويلة.



الجواب عن الجانب الثاني من ادعاءات المستشرقين ضد القرآن الكريم:

إننا نجد كثيرًا من المستشرقين قد حاولوا الادعاء والإيهام بأن القرآن الكريم ليس من عند الله، وفي هذه السلسلة نرد على ادعاءاتهم الباطلة بالأجوبة التالية:

1- إن هؤلاء المستشرقين المعترضين خاطئون من نواحٍ عدة، الرئيسة منها أنهم يتجاهلون اهتمام المحدِّثين والمؤرخين؛ فلم يوجد أحدٌ أثبت بأي تاريخ صحيح أو بروايات صحيحة أن القرآن الكريم قد اتخذ شكله الحالي تدريجيًّا عبر القرن الأول والثاني.



والواقع أن المسلمين كانوا يحفظونه بكامله في صدورهم وبكتابتهم في الحجر والورق والجلد وغير ذلك، ولكن بالإضافة إلى ذلك كان القرآن مُتداولاً أيضًا في شكل كتاب كامل، وذلك منذ خلافة عثمان بن عفان - رضي الله عنه.



2- وإن كان ذلك، فلماذا لم يكتب أحد من رجال التاريخ والعلماء وغيرهم في هذا الشأن قبل المستشرقين؟ هل المؤرخون يمتصون الأصابع حينئذٍ أم لم يؤلفوا أي كُتبٍ تاريخية في هذه المدة الطويلة؟



3- إن المصادر التاريخية والمصادر الأخرى من العلوم والفنون التي ذكرت في القرآن لها أُسسٌ قويةٌ من ناحية البحث الطبيعي والبيئي والاجتماعي والعلمي والفلسفي، خلاف ما يزعُم المستشرقون؛ لأن ما بيَّنه الله - سبحانه وتعالى - في القرآن الكريم من التواريخ والعلوم، أثبتت بحوث العلوم المعاصرة والتكنولوجيا الحديثة أنه حق وصحيح وليس الخلاف فيه؛ حيث إننا نجد في هذا المجال بحوثًا ضخمةً وكتبًا كثيرةً مؤلفة من قبل المسلمين وغير المسلمين؛ مما يثبت صحة القرآن وأصوله العلمية والفنية.



4- والواقع أن الحفريات الأثرية التي حفرت في جزيرة العرب ومخطوطات صنعاء القرآنية التي عُثر عليها في سنة 1970م، خصوصًا مخطوطة رقم 20 - 1033 في الحقيقة هي تُثبت أن القرآن الكريم لم يتخذ شكله تدريجيًّا عبر القرن الأول والثاني؛ بل نزله الله - سبحانه - على محمد - صلى الله عليه وسلم - بشكله الحالي عن طريق جبريل - عليه السلام - وتم تجميعه من الصحُف والرقاع في خلافة أبي بكرٍ- رضي الله عنه - ثم جمع الناس على مصحف واحد في خلافة عثمان -رضي الله عنه- وهو في أوائل القرن الأول الهجري (وقد جاء التفصيل في كتاب: "الحفريات الأثرية في العرب، دراسة وتحقيق"، للشيخ عبدالحميد الأزهري).



وفي الختام نقول: إن أعداء القرآن - وخاصة المستشرقين - يحاولون إثبات أن القرآن الكريم من تأليف محمد - صلى الله عليه وسلم - أو أنه من وضع البشر، أو أنه نقل من غيره من التوراة والإنجيل والكتب السابقة، وقد اتخذوا لإثبات هذه الدعوى وسائلَ كثيرة، فعلينا أن نبحث بدقة وعمق عن القرآن وعلومه؛ كي نرد على المستشرقين بالأدلة والبراهين، حتى يتحقق قول ربنا: ﴿ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ ﴾ [الإسراء: 81]، والله الموفق والمعين.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الاعتراضات التي قدمها المستشرقون ضد القرآن الكريم والجواب عنها
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» المستشرقون وترجمة القرآن الكريم
» شبهة عن مشروعية زيادة العبادة في يوم المولد النبوي، والجواب عنها
» النكت في القرآن الكريم ( في معاني القرآن الكريم وإعرابه )
» أدعية القرآن الكريم مرتبة حسب ترتيب القرآن الكريم
» هل تعتد المخطوبة التي توفي عنها خطيبها

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اسلام ويب :: ۩✖ Known to the islam ۩✖ :: شبهـات حــول الاسـلام-
انتقل الى: