اسلام ويب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

من فقه الدعاء يقول سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "أنا لا أحمل همَّ الإجابة، وإنما أحمل همَّّ الدعاء، فإذا أُلهمت الدعاء كانت الإجابة معه". وهذا فهم عميق أصيل ، فليس كل دعاء مجابًا، فمن الناس من يدعو على الآخرين طالبًا إنزال الأذى بهم ؛ لأنهم ينافسونه في تجارة ، أو لأن رزقهم أوسع منه ، وكل دعاء من هذا القبيل ، مردود على صاحبه لأنه باطل وعدوان على الآخرين. والدعاء مخ العبادة ، وقمة الإيمان ، وسرّ المناجاة بين العبد وربه ، والدعاء سهم من سهام الله ، ودعاء السحر سهام القدر، فإذا انطلق من قلوب ناظرة إلى ربها ، راغبة فيما عنده ، لم يكن لها دون عرش الله مكان. جلس عمر بن الخطاب يومًا على كومة من الرمل ، بعد أن أجهده السعي والطواف على الرعية ، والنظر في مصالح المسلمين ، ثم اتجه إلى الله وقال: "اللهم قد كبرت سني ، ووهنت قوتي ، وفشت رعيتي ، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفتون ، واكتب لي الشهادة في سبيلك ، والموت في بلد رسولك". انظر إلى هذا الدعاء ، أي طلب من الدنيا طلبه عمر، وأي شهوة من شهوات الدنيا في هذا الدعاء ، إنها الهمم العالية ، والنفوس الكبيرة ، لا تتعلق أبدًا بشيء من عرض هذه الحياة ، وصعد هذا الدعاء من قلب رجل يسوس الشرق والغرب ، ويخطب وده الجميع ، حتى قال فيه القائل: يا من رأى عمرًا تكسوه بردته ** والزيت أدم له والكوخ مأواه يهتز كسرى على كرسيه فرقًا ** من بأسه وملوك الروم تخشاه ماذا يرجو عمر من الله في دعائه ؟ إنه يشكو إليه ضعف قوته ، وثقل الواجبات والأعباء ، ويدعو ربه أن يحفظه من الفتن ، والتقصير في حق الأمة ، ثم يتطلع إلى منزلة الشهادة في سبيله ، والموت في بلد رسوله ، فما أجمل هذه الغاية ، وما أعظم هذه العاطفة التي تمتلئ حبًا وحنينًا إلى رسول الله - صل الله عليهلم -: (أن يكون مثواه بجواره). يقول معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: "يا بن آدم أنت محتاج إلى نصيبك من الدنيا ، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج ، فإن بدأت بنصيبك من الآخرة ، مرّ بنصيبك من الدنيا فانتظمها انتظامًا ، وإن بدأت بنصيبك من الدنيا ، فائت نصيبك من الآخرة ، وأنت من الدنيا على خطر). وروى الترمذي بسنده عن النبي - صل الله عليهلم -: أنه قال: ((من أصبح والآخرة أكبر همه جمع الله له شمله ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن أصبح والدنيا أكبر همه فرَّق الله عليه ضيعته ، وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له)). وأخيرًا .. أرأيت كيف أُلهم عمر الدعاء وكانت الإجابة معه ، وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186)" (البقرة:186).


 

 شبهات حول تطبيق الشريعة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة


avatar


نقــاط : 100210
شبهات حول تطبيق الشريعة Oooo14
شبهات حول تطبيق الشريعة User_o10

شبهات حول تطبيق الشريعة Empty
مُساهمةموضوع: شبهات حول تطبيق الشريعة   شبهات حول تطبيق الشريعة Emptyالخميس 9 مايو 2013 - 15:59

شبهات حول تطبيق الشريعة


الشُّبهة الأولى:

نحن لا نرفض الشريعة، ولكن نرفض التطبيق الخاطئ لها، وهل ستُطَبق بفهم الإخوان أم السلفيِّين أم بفهم الجماعات المُتشدِّدة، ومَن الذي سيُطبقها؟



الشبهة الثانية:

كيف نُطبِّق الشريعة ومعنا شركاء في الوطن على خلاف دينِنا، لا يريدون أن تطبَّق الشريعة الإسلامية عليهم مِن باب: ﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ﴾ [البقرة: 256]؟



الشبهة الثالثة:

الشريعة مُطبَّقة بالفعل، ولا تحتاج إلى كل هذا الجدل والخلاف؛ لأن معظم أحكام الشريعة مطبَّقة إلا الحدود فقط، فنُبقي الأمر على ما هو عليه؛ مِن أجل عدم الخلاف وشقِّ الصف وإسالة الدماء، والتوافُق.



الشبهة الرابعة:

الخلاف في مسألة تطبيق الشريعة خلاف سياسيٌّ، وليس خلافًا عقديًّا، فلماذ يُكفِّرنا هؤلاء الذين يريدون تطبيق الشريعة بسبب مسائل سياسية؟



الشبهة الخامسة:

نحن لا نرفض الشريعة، ولكن نرفض الإسلام السياسي أو الدولة الدينية أو مَن يُفوِّضون أنفسهم بالتحدُّث باسم الله، ولا نريد إدخال الدِّين في السياسة، نحن مع مدنية الدولة، أما الدِّين فمعاملة خاصة بين العبد وربه؛ لأن السياسة بها ألاعيب وحيَل وأكاذيب، والدين ليس كذلك؟



الشبهة السادسة:

لا يُمكن تطبيق الشريعة الآن في ظل التزامنا بالعهود والمواثيق الدولية التي تُلزمنا بعدم تطبيق الشريعة؛ لما في ذلك مِن تقييد الحقوق والحريات، وتقييد المرأة عن الحريات التي كفَلها المجتمع الغربي، والعودة بنا إلى عصور الظلام، والدليل على ذلك النموذج الأفغاني والنموذج الصومالي والسوداني، هذه النماذج التي ثبَت فشلُها، وأدى إلى انهيارها سياسيًّا واقتصاديًّا، وعرَّضها للتقسيم والانفصال عن العالم؟



الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبعد:

فأستعين بالله - تعالى - في الرد على تلك الشبه، والتي انتشرَت كانتشار النار في الهَشيم، وسيطرت على فِكر كثير مِن الناس، وأصبحوا يَحتجُّون بها على كل مَن تحدَّث في أمر تطبيق الشريعة.



فأقول - وبالله التوفيق والسداد، راجيًا من الله أن يُسدِّد رميتي لإزالة تلك الشبه؛ فإنه وليُّ ذلك والقادر عليه -:

الرد على الشبهة الأولى: أما قولهم: "نحن لا نرفض الشريعة، ولكن نرفض التطبيق الخاطئ لها"، فأقول:

هذا قولٌ مِن وحي إبليس اللعين، بثَّه في قلوب الإعلاميِّين الفاسدين؛ من أجل تعطيل أحكام الشريعة، فوقفوا جميعًا في قنواتهم الفاسدة؛ ليبثُّوا للناس سمومهم، ويُلقون الشُّبهة تلو الأخرى، فأقول لمن وقعتْ هذه الشبهة في قلبه: لنفرض جدلاً أن الشريعة سوف تُطبَّق، وبها أخطاء، أليس هذا أفضل من عدم تطبيقها بالكلية؟ يعني وبمثال توضيحي: إذا مَرِض ابنك، ولا يوجد في البلد الذي تقيم فيها إلا طبيب ضعيف المستوى، قليل الخبرة العمليَّة، هل تذهب إليه؟ أم ستترك ابنك حتى يقضي عليه المرض؟ مما لا شك فيه أنك ستذهب إليه، على الأقل مِن أجْل تخفيف الآلام عن ولدك؛ ولأن في ذَهابك إليه سيَتحقَّق بعض العلاج، وإن لم يكن بالشكل المرجوِّ.



وكذلك لو كان هناك مدرِّس ضعيف المستوى، هل تذهب إليه أم تجلس دون تعلُّم؟ مما لا شك فيه أنك ستذهب إليه؛ لأن المصلحة المترتبة على الذهاب إليه أفضل من الأخطاء التي قد تقع بسب ضعفه.



وإذا تخيَّرنا بين أن يعيش الإنسان في العراء، أو يعيش في بيت بلا أبواب وشبابيك، نعم؛ ليس هذا المرجو، ولكن هذه الجدران أفضل من العراء، وأقصد بالعراء هنا تلك الأحكام الوضعية، التي هي مِن وضع البشر بلا خلاف، والمستوردة مِن البلاد الغربية، وهذه الشريعةُ التي هي مِن عند الله، هل يقول عاقل: إن مخاوف التطبيق الخاطئ لبعض أحكام الشريعة الإسلامية تجعلنا ننصرف عنها كليًّا، ونطبق أحكامًا وضعية خطأ مائة بالمائة؟! فهذه مِن صنْع الله، وتلك مِن صنع البشر، هل يستويان؟!


قولهم: "بأي فهم ستُطبَّق؟ بفهم السلفيين؟ أم بفهم الإخوان؟ أم بفهم غيرهم من الجماعات المُتشدِّدة؟":

أقول: وهذه أيضًا مِن بثِّ الإعلام الفاسد، والدليل على ذلك لِمَ لَمْ يتمَّ إثارة هذا في حق أهل الكتاب واحتكامهم إلى شرائعهم في أحوالهم الاجتماعية؟ أم أن هؤلاء معصومون من الخطأ في تطبيق شرائعهم؟ ونحن لا بد أن نُخطئ في تطبيق شرائعنا؟! ولما لم يُقَل لهم: بأيِّ فهْم ستُطبقون شرائعكم؟ على الرغم من أنهم مختلفون فعلاً، ومعلوم أن بمصر ثلاث كنائس، ورغم ذلك لم يَجرؤ أحد على مجرَّد التفكير في أنهم قد يُخطئون في التطبيق.



اعلموا أن الشريعة لا تُطبق بفهم الجماعات والتيارات الإسلامية بكل أشكالها، سواء كانوا من الإخوان أو السلفيين أو غيرهم، فهذا الأمر موكول للدولة، والدولة ستَكِله إلى أهل التخصُّص من باب قوله - تعالى -: ﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [النحل: 43]، وأهل الذكر هم أهل التخصُّص، هم علماء الشريعة والتفسير والحديث والعقيدة، وعلماء اللغة، وأساتذة القانون مِن أجل الصياغة القانونية، وغيرهم مِن العلماء، وهؤلاء ليس لهم آراء خاصة؛ بل تُستقى الأحكام مِن مصادرها المعتبرة عند أهل السنة وهي: (الكتاب، والسنَّة الصحيحة، والإجماع، والقياس، والمذاهب المعتبرة عند أهل السنة)، ويُشرف على كل هذا هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف - كما نُصَّ عليه في الدستور الجديد - ثم يُوافَق عليه من المجلسَين (النُّواب والشورى)؛ حتى يَنزل للواقع التطبيقي، وفي هذه الحالة يكون مُلزمًا للجميع؛ الحاكم والمحكوم.



قولهم: "ومن الذي سيُطبِّقها؟":

يتخيل البعض أن أفراد الجماعات الإسلامية من إخوان وسلفيين هم مَن سيقومون بتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية على الناس، وأنهم سيقومون بقطع يد السارق، وجلد ورجْم الزاني، وقتل القاتل، وهكذا، وهذا ما يُصوِّره الإعلام الفاسد حينما يتحدث عن التطبيق، ومخاوف التطبيق.



وهذا الأمر غاية في الخطأ، فلم يكن أبدًا أمر تطبيق أحكام الشريعة مِن وظائفِ عامَّة الناس؛ بل كانت - منذ عهد النبوة إلى أن سقطت الخلافة - مِن وظائف الحاكم، والسلطة التنفيذية، وليس للعامة حق إقامة الحدود؛ بل لا بد من رفع الأمر إلى جِهَة التحقيق (القاضي)؛ ليفصل بين الخصوم، ويقضي بالحكْم على الجناة، ويردَّ المظالم، ثم تقوم السلطة التنفيذية بتنفيذ الحكم؛ ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - هو مَن كان يقضي بين الناس بنفسه أو يُنيب غيره نيابةً عنه - صلى الله عليه وسلم - كما ورَد في صحيح مسلم أن رجلاً مِن الأعراب أتى رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، أَنشُدك الله إلا قضيتَ لي بكتاب الله، فقال الخصْم الآخَر، وهو أفقه منه: نعم؛ فاقض بيننا بكتاب الله، وأْذَن لي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((قل))، قال: إن ابني كان عسيفًا - أي: أجيرًا - على هذا، فزنى بامرأته، وإني أُخبِرتُ أن على ابني الرجم، فافتديتُ منه بمائة شاة ووليدة، فسألتُ أهل العلم، فأخبروني أنما على ابني جلد مائة وتغريب عام، وأن على امرأة هذا الرجم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((والذي نفسي بيده، لأقضينَّ بينكما بكتاب الله، الوليدة والغنم ردٌّ، وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام، واغدُ يا أُنَيس إلى امرأة هذا، فإن اعترفتْ فارجمها))، قال: فغدا عليها، فاعترفت، فأمر بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرُجِمَت.



قلتُ: الحديث يُرشد لعدَّة معانٍ:

1- إنَّ كل حكم مخالف لما شرَع اللهُ فهو مردود.



2- إنه ينبغي على الناس سؤال أهل العلم دون غيرهم.



3- إن سؤال أهل العلم من باب الفتوى، وليس من باب الحكم والقضاء.



4- إن القضاء والحكم وتطبيق الحدود والتعزير مِن اختصاص الحاكم أو نائبه، وليس عامة الناس.



5- إن الحاكم هو مَن يُعيِّن مَن ينوب عنه؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((واغد يا أنيس إلى امرأة هذا، فإن اعترفَت فارجمها))، قال: فغدا عليها، فاعترفتْ، فأمر بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرُجِمَت.



قال الإمام النووي - رحمه الله -: "واعلم أن بعْث أُنَيس محمول عند العلماء من أصحابنا وغيرهم على إعلام المرأة بأن هذا الرجل قذفَها بابنِه، فيُعرفها بأن لها عنده حدَّ القذف، فتُطالب به، أو تعفو عنه، إلا أن تَعترِف بالزنا، فلا يجب عليه حدُّ القذف؛ بل يجب عليها حدُّ الزنا، وهو الرجْم؛ لأنها كانت مُحصَنة، فذهب إليها أنيس فاعترفتْ بالزنا، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - برجْمِها، فرُجِمَت، ولا بد من هذا التأويل؛ لأن ظاهره أنه بُعث لإقامة حدِّ الزنا، وهذا غير مُراد؛ لأن حدَّ الزنا لا يحتاط له بالتجسُّس والتفتيش عنه؛ بل لو أقرَّ به الزاني، استُحبَّ أن يلقَّن الرجوع" اهـ.



ومما سبق يتبيَّن أن ما يشاع عن التطبيق الخاطئ أو التطبيق العامي للشريعة خارجَ إطار المؤسسات التنفيذية - مجرَّدُ تخويفات شيطانية؛ مِن أجل صرف الناس عن الشريعة، وليس له حقيقة في الواقع الملموس.



الردُّ على الشبهة الثانية: "كيف نُطبِّق الشريعة، ومعَنا شركاء في الوطن على خلاف دينِنا، لا يريدون أن تطبق الشريعة الإسلامية عليهم؛ من باب: ﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ﴾؟!":

أقول: نحن نعيش في هذا البلد مع غيرنا من غير المسلمين، ونحن نتقاسم الماء والهواء والطعام، لا يجور بعضنا على بعض، ومن باب ﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ﴾ فإنَّ مِن حقهم أن يُمارسوا شعائرَهم ومعتقداتِهم، وأن يتحاكموا إلى شرائعهم في أحوالهم الشخصية، ورغم أنهم أقلية فإن هذه الحقوق مكفولة لهم، فهل يُعقل أن تُمنَع الأغلبية المسلمة مِن ممارسة شعائرهم والتحاكُم إلى شرائعهم؟! مع العلم أن تحكيم الشريعة الإسلامية لا يقدح ولا يؤثِّر على عقيدة النصارى؛ لأنهم لا أحكام لهم، فيجوز لهم أن يتحاكموا إلى أيِّ شريعة بلا حرج، فمن باب المحافظة على الشريك المسلم أن يتحاكم إلى شريعته التي لا تَصحُّ عقيدته حتى يتحاكم إليها؛ قال - تعالى -: ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [النساء: 65]، وقال - تعالى -: ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [المائدة: 44]، وقال - تعالى -: ﴿ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾ [المائدة: 50] إذًا يجب على الشريك أن يُراعي شريكه، وألا يقف أمامه حجر عثرة؛ حتى يُحقِّق ما يعتقد، وليس هناك ما يدعو لأن يتخوف غيرُ المسلمين من تطبيق الشريعة، والزمن السابق خير دليل على المستقبل؛ فقد عاش هؤلاء في ظل الشريعة الإسلامية مئات السنين، ولم يصبْهم أيُّ مكروه؛ لأن الإسلام راعى حقوقهم، وأمَّنهم على أموالهم وأعراضهم وأنفسهم ومعتقداتهم؛ قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن قتَل معاهَدًا لم يَرحْ رائحة الجنة، وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عامًا))؛ رواه البخاري، وقال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ألا مَن ظلم معاهدًا، أو انتقصه، أو كلَّفه فوق طاقته، أو أخذ منه شيئًا بغير طيب نفس، فأنا حجيجُه يوم القيامة))؛ رواه أبو داود بسند صحيح.



الردُّ على الشبهة الثالثة: "الشريعة مُطبَّقة بالفعل، ولا تحتاج إلى كل هذا الجدل والخلاف؛ لأن معظم أحكام الشريعة مطبَّقة، إلا الحدود فقط، فلنُبقِ الأمر على ما هو عليه؛ من أجل عدم الخلاف وشقِّ الصف وإسالة الدماء، والتوافق":

قولهم: "الشريعة مطبَّقة بالفعل، ولا تحتاج إلى كل هذا الجدل والخلاف؛ لأن معظم أحكام الشريعة مطبقة إلا الحدود فقط": هذا الكلام غاية في الكذب المحض، الذي لا يُصدِّقه عاقل، وهو من باب: اكذب ثم اكذب حتى يُصدِّقك الناس، وهذه سياسة الطواغيت الذين كانوا يَكذبون على الناس استخفافًا بهم، مِن باب قوله - تعالى -: ﴿ فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ ﴾ [الزخرف: 54]، وهذا الكذب للأسف انطلى على بعض ضعاف العقول؛ فصدَّق ذلك.



أقول: كيف يُصدَّق هذا الكذب؟! هل يستوي الأعمى والبصير؟ والظلمات والنور؟ والظل والحرور؟ والأحياء والأموات؟ والهُدى والضلال؟! لو كانت الشريعة مطبَّقة لما كان هذا الظلام والظلم الذي نعيش فيه، ولم تقم هذة الثورة العظيمة المباركة إلا مِن أجل القضاء على هؤلاء الطواغيت الذين طغوا في البلاد، فأكثروا فيها الفساد، لو كانت الشريعة مطبَّقة لما كان نجوم المجتمع هؤلاء الراقصين والراقصات، لو كانت الشريعة مطبَّقة لما استطاع هؤلاء الساسة الفاسدون أن ينهَبوا أموال الشعب المسكين.



إن العلماء المُخلصين يُنادون منذ عشرات السنين بتطبيق الشريعة، ولا سامعَ لهم، وحال دون ذلك الطواغيت ومَن عاونهم، والعجب كل العجب أن يقال: إن الشريعة مطبَّقة! أقول لهؤلاء: إن لم تَستحوا فقولوا ما شئتم!



إذًا الشريعة ليست مطبَّقة؛ لا كُلاًّ ولا جزأً، ونحن نسعى إلى تطبيقها بالطرُق السلمية ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً، ولو كلفتْنا دماءنا وأموالنا في سبيل ذلك؛ لأن التحاكم إلى الشريعة ركنٌ مِن أركان العقيدة.



الرد على الشبهة الرابعة: "الخلاف في مسألة تطبيق الشريعة خلافٌ سياسي، وليس خلافًا عقَديًّا، فلماذ يُكفِّرنا هؤلاء الذين يُريدون تطبيق الشريعة بسبب مسائل سياسية؟":

أقول: في الحقيقة هذا النوع مِن الخلاف هو مِن الخلاف العقَدي؛ أي: خلاف في المعتقد، يؤثِّر على أصل الإيمان، فيُحوِّل الناس إلى صِنفَين: مؤمن وكافر، وهذه مِن المسائل التي يَغفُل عنها كثير مِن الناس؛ ظنًّا منه أن هذه من المسائل الجدلية التي يَحق له أن يُجادل فيها، أو يُبدي رأيه الشخصي فيها، والأمر ليس كذلك.



يجب أن تعلم أن مسألة تحكيم الشريعة من المسائل المُجمَع عليها، وأن مُنكرها كافر، سواء كان حاكمًا أو محكومًا؛ قال - تعالى -: ﴿ أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ ﴾ [الشورى: 21]، وقال - تعالى -: ﴿ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾ [المائدة: 50]، وقال - تعالى -: ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [النساء: 65]، وقال - تعالى -: ﴿ وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ ﴾ [النور: 48] وقال تعالى: ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [المائدة: 44].



وإليك كلام بعض أهل العلم في هذه المسألة:

يقول العلامة الشنقيطي بعد ذكره آية: ﴿ وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ﴾ [الشورى: 10]: يُفهم من هذه الآية الكريمة أنه لا يجوز التحاكم إلى غير كتاب الله وسنَّة نبيِّه - صلى الله عليه وسلم - وقد أوضح - تعالى - هذا المفهومَ موبِّخًا للمُتحاكِمين إلى غير كتاب الله وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - مُبينًا أن الشيطان أضلَّهم ضلالاً بعيدًا عن الحق بقوله: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا ﴾ [النساء: 60]؛ "أضواء البيان" (1: 292).



ويقول بعد ذكْر آية: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا ﴾ [النساء: 60]، وبهذه النصوص السماوية التي ذكرْنا يظهر غاية الظهور أن الذين يتبعون القوانين الوضعية التي شرَعها الشيطان على ألسنة أوليائه مخالفةً لما شرع الله - جل وعلا - على ألسنة رُسله - صلى الله عليهم وسلم - أنه لا يشكُّ في كفرِهم وشِركهم إلا مَن طمَس الله بصيرته، وأعماه عن نور الوحْي مثله؛ "أضواء البيان" (4: 83، وما بعدها).



قال الإمام القرطبي - رحمه الله -: قال أبو علي: إن مَن طلب غير حكْم الله مِن حيث لم يرضَ به، فهو كافر؛ "تفسير القرطبي" (ص: 2185).



ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية: ومعلوم بالاضطرار مِن دين المسلمين وباتفاق جميع المسلمين أن مَن سوغ اتباع غير دين الإسلام أو اتبع غير شريعة محمد - صلى الله عليه وسلم - فهو كافر؛ "الفتاوى الكبرى"، (4: مسألة 15).



ويقول ابن كثير - رحمه الله -: قوله: ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ﴾ [النساء: 65] يُقسم - تعالى - بنفسه الكريمة المقدَّسة أنه لا يؤمن أحد حتى يُحَكِّم الرسول - صلى الله عليه وسلم - في جميع الأمور، فما حكَم به، فهو الحق الذي يجب الانقياد له باطنًا وظاهرًا؛ "تفسير ابن كثير" (1: 520).



ويقول الشيخ عبدالعزيز بن باز - مفتي الديار السعودية -: وقد أجمع العلماء على أن مَن زعم أن حكم غير الله أحسن مِن حكم الله، أو أن هدْي غير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحسن مِن هدْي الرسول - صلى الله عليه وسلم - فهو كافر، كما أجمعوا على أن مَن زعم أنه يجوز لأحد من الناس الخروجُ عن شريعة محمد - صلى الله عليه وسلم - أو تحكيم غيرها، فهو كافر ضالٌّ، وبما ذكرنا مِن الأدلة القرآنية وإجماع أهل العلم يَعلم السائل وغيره أن الذين يَدعون إلى الاشتراكية أو الشيوعية أو غيرها من المذاهب الهَدَّامة المناقضة لحكم الإسلام - كفارٌ ضُلاَّل، أكفَر مِن اليهود والنصارى؛ لأنهم ملاحدة، لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخِر؛ "فتاوى وتنبيهات ونصائح" (ص: 137).



والآن يمكنك أن تسأل نفسك:

لماذ يرفض العلمانيون والليبراليون والاشتراكيون الشريعة، ويُفضِّلون غيرها عليها؟ ويُنادون بمدنية الدولة - يعني: لا تحكم إلا بقوانين مدنية؟ وأظنُّ أنه لا توجد سوى إجابة واحدة، وهي: إنهم يعتقدن صلاحية هذه القوانين وأفضليتها على الشريعة الإسلامية، وإلا ما الذي يدفعهم لإنفاق الأموال الطائلة وإسالة الدماء مِن غير مُعتقَد قويٍّ راسخ في قلوبهم؟!



والآن يُمكنك أن تجيب:

هل الخلاف في مسألة تَطبيق الشريعة خلاف سياسيٌّ أم خلاف عقَدي؟


الرد على الشبهة الخامسة: قولهم: "نحن لا نرفض الشريعة، ولكن نرفض الإسلام السياسي، أو الدولة الدينية، أو مَن يُفوِّضون أنفسهم بالتحدث باسم الله، ولا نريد إدخال الدِّين في السياسة، نحن مع مدنية الدولة، والدين معاملة خاصة بين العبد وربه؛ لأن السياسة بها ألاعيب وحِيَل وأكاذيب، والدِّين ليس كذلك".

أقول: نظام الحكم ثلاثة أنواع، وهي كما يلي:

النوع الأول: الدولة الدينية (الثيوقراطية)، وهي التي يَحكم فيها الحاكم باسم الله، فلا يُرَد قوله، ولا مُعقِّب لقضائه؛ لأنه مُفَوَّض مِن قِبَل الله، وهذه كانت في أوربا في العصور الوسطى، ولا توجد الآن دولة دينية في الواقع.



النوع الثاني: الدوله العسكرية، وهي التي يحكمها الجنرالات العسكريُّون، ولا بد أن يكون الحاكم عسكريًّا، فالعسْكر هم مَن يُمسكون بزمام الحكْم، ويَسنُّون القوانين دون غيرهم.



ثالثًا: الدولة المدنية: وهي حال أغلب الدول؛ حيث يكون الحاكم مدنيًّا - ليس عسكريًّا - ولا مفوضًا عن الله، والدول المدنية إما أن تكون علمانية (ليبرالية، اشتراكية، قومية)، وإما أن تكون ذات مرجعية دينية، فهذه الدول مدنية؛ لأنها ليستْ عسكرية، ولا ثيوقراطية، ولكن الأحكام التي يُعمَل بها مأخوذة من أصول دينية؛ حتى تتوافق القوانين مع ما يَدينون به، ولا يوجد سياسي يُطلِق على إسرائيل أنها دولة دينية، وكذلك السعودية.



إذًا لماذا يُطلق هؤلاء النخب العلمانية على الإسلاميِّين أنهم يُريدون الدولة الدينية؟!

أقول: هذا مِن باب التشويش على العامة، من باب التخويف، ويزعمون أن الإسلاميين سيُصدِرون أحكامًا لا نستطيع مخالفتهم فيها؛ لأنها مِن قِبَل الله، وهذا كلام باطل؛ لأن الحاكم لا بد له مِن مرجعيَّة يستقي منها الأحكام، هذه المرجعية إما أن تكون من مصدر إلهيٍّ شرعي، وإما أن تكون من مصدر بشَريٍّ وضْعيٍّ، ورغم ذلك فإن الحاكم بالأحكام الشرعية ليس معصومًا من الخطأ؛ لأنه بشَر، ولذلك قال أبو بكر - رضي الله عنه -: "إذا أحسنتُ فأعينوني، وإذا أخطأتُ فقوِّموني"، إذًا الحكم بالشريعة لا يمنع مدنية الدولة؛ فالإسلام مدني منذ النشأة، ولا يوجد مَن يتحدث في الإسلام باسم الله.



أما قولهم: "لا نريد إدخال الدين في السياسة، نحن مع مدنية الدولة، والدين معاملة خاصة بين العبد وربه؛ لأن السياسة بها ألاعيب وحيَل وأكاذيب، والدين ليس كذلك":

أقول: قول: "لا دين في السياسة، ولا سياسة في الدين" قولٌ باطل، لم يقل به أحد مِن أهل العلم المُعتبَرين؛ بل أنكر علماء الأزهر على مَن قال هذه المقالة المُنكَرة، وهو (علي عبدالرازق) وطردوه من الأزهر، وتبرؤوا منه؛ لأن الإسلام دين ودولة، لصلاح الدنيا والآخِرة، فلا يقتصر على الصوم والصلاة والحج والزكاة فقط؛ بل يشمل كل المعاملات بين الخالق والمخلوق، والمخلوق مع المخلوق؛ مِن علاقات اجتماعية كزواج وطلاق، وعلاقات اقتصادية كبيع وشراء وإجارة وهبة ومزارعة ومُساقاة، وعلاقات سياسية كعلاقة الحاكم بالمحكوم، وحق كل منهما على الآخَر، وعلاقات الدولة مع الدول الأخرى في السِّلمِ والحرب، بين الدولة المسلمة والدولة الكافرة، وهو ما يسمى بالعلاقات الدولية، فكتُبُ الفقه وكتب السياسة الشرعية مليئةٌ بآلاف الأدلة الدالَّة على ذلك.



أما قولهم: "السياسة عبارة عن حِيَل وأكاذيب، والإسلام بريء من ذلك"، فهذا قول حق يُراد به باطل، نعم؛ الإسلام يَمنع الكذب والغشَّ، ولكن لا يَمنع السياسة بالطرُق المشروعة؛ كالصدق والإخلاص؛ لأن السياسة هي نوع مِن إدارة شؤون العامة، ولو كانت السياسة لا تَقوم إلا بالغشِّ لما مارسها الأنبياء - صلوات الله عليهم أجمعين - فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((كانت بنو إسرائيل تَسوسهم الأنبياء، كلما هلَك نبيٌّ خلَفه نبي، وإنه لا نبي بعدي، وسيكون خلفاء فيَكثرون))، قالوا: يا رسول الله، فما تأمرنا؟ قال: ((أوفوا ببيعة الأول فالأول، وأعطوهم حقَّهم، فإن الله سائلهم عما استرعاهم))؛ متَّفق عليه.



إذًا ساس الأنبياءُ الناسَ؛ حتى يُعطوا النموذج الأمثل؛ حتى يقتدي بهم بقية الحكام، إذًا إذا أحسَن السياسي فله، وإذا أساء فعليه، ولا يُنسَب للإسلام؛ قال - تعالى -: ﴿ إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ﴾ [الإسراء: 7].



الرد على الشبهة السادسة: "لا يُمكن تطبيق الشريعة الآن في ظل التزامنا بالعهود والمواثيق الدولية التي تُلزمنا بعدم تطبيق الشريعة؛ لما في ذلك مِن تقييد الحقوق والحريات، وتقييد المرأة عن الحريات التي كفَلها المجتمع الغربي، والعودة بنا إلى عصور الظلام، والدليل على ذلك النموذج الأفغاني والنموذج الصومالي والسوداني، هذه النماذج التي ثبَت فشلها، وأدَّى إلى انهيارها سياسيًّا واقتصاديًّا، وعرَّضها للتقسيم والانفصال عن العالم":

وأقول: إن الصراع بين الحق والباطل قائم إلى قيام الساعة، وهذا الصراع من السنن الكونية التي قدَّرَها الله بحِكمته، ومَن ظنَّ أنه إن سكَت عن الظلم فإن الظلم سيَسكت عنه، فهو واهِم؛ قال - تعالى -: ﴿ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا ﴾ [البقرة: 217]، وقال - تعالى -: ﴿ وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ﴾ [البقرة: 120]، وقال - تعالى -: ﴿ وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ ﴾ [البقرة: 109]، وبما أن هذا الصراع واقع لا محالة، فلا بد مِن تقوى الله والاستعانة به والصبر على ذلك؛ قال - تعالى -: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾ [الطلاق: 2، 3]، وقال: ﴿ وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا ﴾ [آل عمران: 120]، وقال: ﴿ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [المائدة: 44].



وأقول لمَن يظنُّ أن الشريعة ستجلب عليه الهلاك: هذا مِن سوء الظنِّ بالله، ونحن نُصدِّق النبي - صلى الله عليه وسلم - ونُحسِن الظن في الله - تعالى - ونعلم أن ما عند الله لا يُنال إلا بطاعته؛ كما قال - صلى الله عليه وسلم - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((حدٌّ يُعمل به في الأرض، خير لأهل الأرض مِن أن يُمطَروا أربعين صباحًا))؛ حسنه الألباني.



اللهم حَكِّم فينا شرعك، اللهم جنِّب مصر الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم وفِّق ولي أمرنا للعمل بكتابك وسنَّة نبيِّك، وهيئ له البطانة الصالحة، اللهم صلِّ على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
شبهات حول تطبيق الشريعة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اسلام ويب :: ۩✖ Known to the islam ۩✖ :: شبهـات حــول الاسـلام-
انتقل الى: