اسلام ويب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

من فقه الدعاء يقول سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "أنا لا أحمل همَّ الإجابة، وإنما أحمل همَّّ الدعاء، فإذا أُلهمت الدعاء كانت الإجابة معه". وهذا فهم عميق أصيل ، فليس كل دعاء مجابًا، فمن الناس من يدعو على الآخرين طالبًا إنزال الأذى بهم ؛ لأنهم ينافسونه في تجارة ، أو لأن رزقهم أوسع منه ، وكل دعاء من هذا القبيل ، مردود على صاحبه لأنه باطل وعدوان على الآخرين. والدعاء مخ العبادة ، وقمة الإيمان ، وسرّ المناجاة بين العبد وربه ، والدعاء سهم من سهام الله ، ودعاء السحر سهام القدر، فإذا انطلق من قلوب ناظرة إلى ربها ، راغبة فيما عنده ، لم يكن لها دون عرش الله مكان. جلس عمر بن الخطاب يومًا على كومة من الرمل ، بعد أن أجهده السعي والطواف على الرعية ، والنظر في مصالح المسلمين ، ثم اتجه إلى الله وقال: "اللهم قد كبرت سني ، ووهنت قوتي ، وفشت رعيتي ، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفتون ، واكتب لي الشهادة في سبيلك ، والموت في بلد رسولك". انظر إلى هذا الدعاء ، أي طلب من الدنيا طلبه عمر، وأي شهوة من شهوات الدنيا في هذا الدعاء ، إنها الهمم العالية ، والنفوس الكبيرة ، لا تتعلق أبدًا بشيء من عرض هذه الحياة ، وصعد هذا الدعاء من قلب رجل يسوس الشرق والغرب ، ويخطب وده الجميع ، حتى قال فيه القائل: يا من رأى عمرًا تكسوه بردته ** والزيت أدم له والكوخ مأواه يهتز كسرى على كرسيه فرقًا ** من بأسه وملوك الروم تخشاه ماذا يرجو عمر من الله في دعائه ؟ إنه يشكو إليه ضعف قوته ، وثقل الواجبات والأعباء ، ويدعو ربه أن يحفظه من الفتن ، والتقصير في حق الأمة ، ثم يتطلع إلى منزلة الشهادة في سبيله ، والموت في بلد رسوله ، فما أجمل هذه الغاية ، وما أعظم هذه العاطفة التي تمتلئ حبًا وحنينًا إلى رسول الله - صل الله عليهلم -: (أن يكون مثواه بجواره). يقول معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: "يا بن آدم أنت محتاج إلى نصيبك من الدنيا ، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج ، فإن بدأت بنصيبك من الآخرة ، مرّ بنصيبك من الدنيا فانتظمها انتظامًا ، وإن بدأت بنصيبك من الدنيا ، فائت نصيبك من الآخرة ، وأنت من الدنيا على خطر). وروى الترمذي بسنده عن النبي - صل الله عليهلم -: أنه قال: ((من أصبح والآخرة أكبر همه جمع الله له شمله ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن أصبح والدنيا أكبر همه فرَّق الله عليه ضيعته ، وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له)). وأخيرًا .. أرأيت كيف أُلهم عمر الدعاء وكانت الإجابة معه ، وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186)" (البقرة:186).


 

 مسيرة الإساءات إلى خاتم الرسالات صلى الله عليه وسلم

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة


avatar


نقــاط : 100205
مسيرة الإساءات إلى خاتم الرسالات صلى الله عليه وسلم Oooo14
مسيرة الإساءات إلى خاتم الرسالات صلى الله عليه وسلم User_o10

مسيرة الإساءات إلى خاتم الرسالات صلى الله عليه وسلم Empty
مُساهمةموضوع: مسيرة الإساءات إلى خاتم الرسالات صلى الله عليه وسلم   مسيرة الإساءات إلى خاتم الرسالات صلى الله عليه وسلم Emptyالخميس 9 مايو 2013 - 15:54

مسيرة الإساءات إلى خاتم الرسالات صلى الله عليه وسلم



تواكبت الإساءة إلى شخص رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم - مع بزوغ أول شعاع لنور دين الإسلام في مكة المكرمة، وكان مبعثها المشركين عبدة الأوثان، الذين لم يتوانوا ولم يكلوا عن ركوب كافة الوسائل والأساليب من تحقير لشخصه - صلى الله عليه وسلم -، والاستهزاء به وتكذيبه فيما يقول، لمحاربته في شخصه بغية وأد دعوته في مهدها، كما لم يكفوا عن التشنيع عليه بكل ما يشوهه من شبهات رخيصة لصد الناس عنه - صلى الله عليه وسلم.



فحينما انبثق الاسلام في مكة العربية، هبت جميع الزعامات والقيادات في وجهه، تقاومه وتحاربه بكل ما أوتيت من سلطان ونفوذ، وبكل من ورائها من أتباع وأنصار، وقد وحدت هذه الحرب بين الزعماء في جبهة واحدة، هي حرب الإسلام، فقد رأوه جميعاً خطرًا على نفوذهم، وتهديدًا لزعامتهم، فبذلوا كل ما في نفوسهم من جهد وكل ما يملكون من قوة، يصبونها أحيانًا على الأفراد، ويدفعون بها أحيانًا إلى حروب عامة [1] وهى نفس المخاوف التي راودت الغرب المسيحي على الضفة الأخرى من العالم مما حدا بأنتوني ناتنج أن يقول: (منذ أن جمع محمد - صلى الله عليه وسلم - أنصاره في مطلع القرن السابع الميلادي، وبدأ أول خطوات الانتشار الإسلامي، فإن على العالم الغربي أن يحسب حساب الإسلام كقوة دائمة، وصلبة، تواجهنا عبر المتوسط‏)[2]. ‏



ومع دخول الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة مهاجرًا ذلك الدخول الاحتفالي الذى أثار عليه حفيظة قلوب المنافقين، وحقد اليهود الكارهين، تغيرت الوسائل والأساليب؛ فقد كان اليهود أهل كتاب ولذا فقد شوشوا على دعوة الرسول - صلى الله عليه وسلم - متهمين إياه باقتباس آيات القرآن الكريم من توراتهم المزعومة، ولما لم يفلحوا عمدوا إلى تأليب أهل المدينة عليه بمؤازرة المنافقين، وذلك بإثارة النعرة القومية بينهم، واستثارتهم ضد محمد المكي الذى جاء طامعًا في بسط سلطانه وهيمنته على المدينة، ومن هذا القبيل الشيء الكثير مثل استكتاب شعراؤهم قصائد لاذعة في هجائه - صلى الله عليه وسلم -.



لقد كانت إساءة نصارى العرب للرسول - صلى الله عليه وسلم - أسبق من إخوانهم في الغرب، بيد أنها كانت في نطاق ضيق وصاحبها الدفاع الفوري أيضًا:

قال يونس بن بكير عن ابن إسحاق: حدثني بريدة بن سفيان عن ابن البيلماني، عن كرز بن علقمة قال: قدم وفد نصارى نجران ستون راكبا، منهم أربعة وعشرون رجلا من أشرافهم، والأربعة والعشرون منهم ثلاثة نفر إليهم يؤول أمرهم: العاقب، والسيد، وأبو حارثة أحد بني بكر بن وائل أسقفهم، وصاحب مدرستهم، وكانوا قد شرفوه فيهم، ومولوه، وأكرموه، وبسطوا عليه الكرامات، وبنوا له الكنائس لما بلغهم عنه من علمه واجتهاده في دينهم، فلما توجهوا من نجران جلس أبو حارثة على بغلة له وإلى جنبه أخ له يقال له: كرز بن علقمة يسايره، إذ عثرت بغلة أبي حارثة. فقال كرز: تعسَ الأبعد - يريد رسول الله - [وفي رواية أخرى: تعسًا للأبعد!]. فقال له أبو حارثة: بل أنت تعست [وفي رواية أخرى: بل تعست أمك]. فقال له كرز: ولِمَ يا أخي؟، فقال: والله إنه للنبي الذي كنا ننتظره.



فقال له كرز: وما يمنعك وأنت تعلم هذا. فقال له: ما صنع بنا هؤلاء القوم شرفونا، ومولونا، وأخدمونا، وقد أبوا إلا خلافه، ولو فعلت نزعوا منا كل ما ترى. قال: فأضمر عليها منه أخوه كرز حتى أسلم بعد ذلك[3].

أما عن إساءة الغرب لرسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم - في عصرنا الحديث أو منذ علمهم بظهوره، فقد تميزت بالتقدم النوعي تحت غطاء البحث العلمي والمنهجي من أجيال متتالية تسلم الشعلة إلى بعضها في إصرار عجيب وغريب، منذ كانوا يعيشون في حاضرة الخلافة الإسلامية الزاهرة، أو مع بدايات الحروب الصليبية التي شنوها على الشرق الإسلامي.



تأتى شهادة المستشرق الفرنسي "مكسيم رودنسون"[4] الذى يراه الدكتور محمود حمدي زقزوق أنه قريب من الاعتدال والاتزان في معالجة بعض المسائل الإسلامية، بأن بداية افتراءات الغرب على شخص رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم - مع الحملات الصليبية الغربية، فيقول: (لقد حدث أن الكتاب اللاتين، الذين أخذوا بين سنة 1100م، وسنة 1140م على عاتقهم إشباع هذه الحاجة - أي كراهية الإسلام - لدى الإنسان العامي، أخذوا يوجهون اهتمامهم نحو حياة محمد، دون أي اعتبار للدقة، فأطلقوا العنان لجهل الخيال المنتصر فكان محمد: ساحرًا، هدم الكنيسة في إفريقيا، والشرق عن طريق السحر والخديعة، وضمن نجاحه بأن أباح الاتصالات الجنسية، بل كان محمد - في عرف تلك الملاحم - هو صنمهم الرئيسي، وكان معظم الشعراء الجوالة يعتبرونه كبير آلهة السراسنة - البدو - وكانت تماثيله تصنع في مواد غنية، وذات أحجام هائلة).



وجاءت ملحمة "أنشودة رولان"Chanson de Roland التي كتبها "كونراد" - شاعر الكنيسة ومؤلف الملحمة - أثناء القرن الثاني عشر الميلادي في ريجنز بورج وهىَّ أقدمَ ما وصلنا من تراث فرنسا الأدبي لتقف خير شاهد على بداية مشروع الغرب المسيء، وفيها يخاطب كاتبها المسلمين ورسولهم - صلى الله عليه وسلم - قائلاً: (قد أرسلني إليك - القيصر- لأطيح رأسك عن كتفيك، وأطرح للجوارح جثتك، وأمتشق برمحي هامتك. ولتعلم أن القيصر قد أمر كل من يأبى أن تعمده الكنيسة ليس له إلا الموت شنقًا أو ضربًا، أو حرقًا. إن أولئك جميعا دون استثناء حزب الشيطان اللؤماء، خسروا الدنيا والأخرة، وحل عليهم غضب الله، فبطش بهم روحاً وجسدًاً، وكتب عليهم الخلود في جنهم أبدًا).



يؤكد الباحث الأمريكي "زكاري لوكمان"[5]: (إن ظهور الإسلام اعتبر ككارثة مطلقة، وفي البداية اعتمد الأوروبيون على المنقولات الشفهية، والنتيجة قدر كبير من التخيلات والأوهام والتشويه والصور النمطية. كما فشلوا بإدراك أن الاسلام ديانة توحيدية بل ظل المسلمون في المخيلة كوثنيين، ثم جاءت الحروب الصليبية وبدأ معها مفعول عبارة "اعرف عدوك"، لكنها معرفة من أجل السيطرة والإبادة، فنُقلت النصوص العربية إلى اللاتينية، وتُرجم القرآن، وبدأ اشتباك مع تراث العرب والمسلمين في الطب والفلك والرياضيات والفلسفة)[6].



بينما تُرجِع "باتريشياكرون" [7]بداية الإساءة لوقت مبكر عن تاريخ رودنسون، فتقول: (ولا شك في وجود محمد على الرغم من المحاولات من وقت لآخر لإنكار ذلك، فجيرانه في سوريا البيزنطية سمعوا عنه بعد عامين من رحيله على الأكثر، ويذكر نص يوناني كتب أثناء الغزو العربي لسوريا بين عامي 632، 634 أنه: "ظهر نبي زائف من العرب"، ويرفضه النص ويستهجن بعثته على أساس أن الأنبياء لا يأتون وهم يحملون السيوف، ويركبون فوق المركبات الحربية[8].



أما التاريخ فيشهد أن انطلاق أول موجات الإفك والافتراءات النصرانية ضد الإسلام والقرآن والرسول عليه الصلاة والسلام فكانت قبيل الحروب الصليبية بقرون على يد وبقلم وبلسان "القديس يوحنا الدمشقي" أحد أكبر آباء الكنيسة الأرثوذكسية وبسبب قيمته الدينية الكبرى نال لقبين ذوي شأن هما: "القديس يوحنا" و"يوحنا ينبوع الذهب".



ولم يكن ذلك "الدمشقي" غريبًا عن المجتمع الإسلامي بوجهٍ عام أو عن المجتمع العربي بوجهٍ خاص حيث كان من كبار موظفي بلاط الخلافة الأموية، فقد كان يتقن العربية كأهلها، ومعايشًا وملمًا بالبيئة الثقافية العربية الإسلامية، ولذا فقد استعان بثقافته العربية على فحص ونقد القرآن الكريم، حيث صب آراؤه ضد الإسلام والقرآن والرسول في كتابٍ له أسماه: "ينبوع الحكمة" خصص فيه فصلاً كاملًا في قسم البدع للجدل ضد الإسلام، مما جعل مقالاته فيه هيًّ الأساس التي بنى عليها معظم المستشرقين أفكارهم ودراساتهم خاصةً، وأن أهم ما يعطي كتابات "الدمشقي" أهميتها لديهم أنها صادرة عن رجلٍ عاش بين العرب بالإضافة لكونه موظفًا مرموقًا قريبًا من رأس السلطة الإسلامية.



تدورآراء "الدمشقى" في أغلبها حول أن الإسلام ليس ديانة بل هرطقة مسيحية ولايمت بصلة لدين إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، وأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - هو المسيح الدجال أو على الأقل هو من يمهد لظهوره، وتارة يجعل "الدمشقي" النبي عليه الصلاة والسلام "آريوسي" وتارةً يجعله "نسطوري" وذلك بسبب تأكيده - صلى الله عليه وسلم - على أن المسيح مخلوق وإنسان مجرد؛ إذ أن الأريوسية تنكر ألوهية المسيح عليه السلام والأرثوذكسية تثبتها، ثم جاء "نسطور" بعد ذلك ليجد الخصومة قائمة بين طرفين أحدهما يلقب القديسة العذراء بلقب "والدة الإله" والآخر يراها مجرد "والدة إنسان". فلجأ نسطور إلى التوفيق بينهما بأن اقترح عبارة "والدة المسيح". معتقدًا أن كلا الطرفين سوف يرضى بها. ويعتقد "نسطور" أن اتحاد اللاهوت بعيسىالإنسان ليس اتحادًا حقيقيًا، بل ساعده فقط، وفسر الحلول الإلهي بعيسى على المجاز. ثم يظهر تيودورأبو قرة[9] ويكرر أقوال يوحنا الدمشقي من أن الإسلام هرطقة نسطورية.


ثم تناوبت الألسن الحاقدة نقل نفس الافتراءات من جيل إلى جيل، ليرد عليها علماء المسلمين تفنيدًا وتصويبًا مؤيدة بمختلف الأسانيد التاريخية، والدلائل العقلية، ولكنهم دأبوا على اللجاج واستغشوا ثيابهم وأصروا إلا أن لا يسمعوا إلا ترهاتهم، ليؤكدوا بذلك أنهم لو كانوا يبغون الحق لانتهوا إن لم يؤمنوا.


ولم تلبث بيزنطة أن تستلم راية التشهير بنبي الإسلام عليه الصلاة والسلام ممثلةً في شخص مؤرخها "ثيوفانوس المعترف"، فيقوم بغمس قلمه الخبيث في مداد التلفيق والتزوير فيؤلف كتابًا حول حياة رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم -، صار مرجعًا رئيسيًا ينهل منه المستشرقون مع إنه لم يستند إلى مراجع محترمة من مصادر رئيسية تؤيد أقواله.



ولم تخرج تهويماته عن ذلك المعروض اليوم من غثاءٍ ورغاء حول يُتم الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وفقره، واقترانه بثرية تكبره بعدما أوقعها في شباكه بطرق ملتوية، مما مهد له السبيل في اكتناز ثروتها، وسفره إلى فلسطين مما أتاح له فرصة الاحتكاك بأهل الكتاب فنهل من كتبهم المنزلة!



إن الغرب المسيحي يبدو دائمًا تجاه المستجدات الدينية التي تخالف منهجه غير محايد وغير أمين، ولذلك فهو يبدأ بثورة عارمة مصحوبة دومًا بالاتهامات المقولبة والمعلبة التي يلقونها في وجه الخصم في محاولة آثمة للنيل منه بُغية اقصائه عن طريقهم سواء بحق أو بغير حق، والشواهد على ذلك كثيرة غير أن أقساها وأقصاها ما تعاملوا به مع نبينا الكريم - صلى الله عليه وسلم.



أما الذى يدل على ذلك الذى ذهبنا إليه أنه بمطالعة ما دونوه ضد المصلح الألماني الإنجيلي "مارتن لوثر"[10] لن يبعد كثيراً عن ذلك الجو الاحتفالي بأطلاق حزمة الاتهامات المسفة في حق نبينا - صلى الله عليه وسلم -، مع الفارق الهائل بين الرجلين، فهذا نبيٌ مرسل، وذاك مصلح معاصر لهم يعلمون عنه أولا يعلمون ما يقولون، ودون الحاجة لاستجلاب وتكرار ادعاءاتهم في سيد الخلق - صلى الله عليه وسلم -، سنسرد ما قالوه في حق "لوثر" لا لشيء إلا لأنه خرج على وعن الكنيسة الكاثوليكية: "شخص ضل السبيل وانقطع عن الصلاة فصار شقياً تعساً في حياته، كما أنه كان السبب في بؤس الشعب الألماني"، بل وصفه "ف. أ. هار" في كتابه المعنون: "حقائق لوثر" بأنه: (كان يعاني من مرض نفسي منذ صباه، وقد التحق بالدير دون دعوة حقيقية وأنه كان فاسد الأخلاق والإيمان، وهو زانٍ، وبطل كاذب، نبي كاذب و مصلح كاذب، يهدم ولا يبني، كان مشوهًا وليس مصلحًا، فهو يهوذا وهو عدو المسيح وخادم الشيطان).



ومثلما نقل كتاب الغرب المحدثين عن كتاب "ثيوفانوس المعترف" كل ما يقدح في شخص نبينا الكريم - صلى الله عليه وسلم -، دون تثبت أو إعمال فكر، فعل ذلك الفعل كل من قدح في شخصية لوثر فقد نقلوا كل أفكارهم فيه وعنه من كتاب ألفه عن لوثر بعد موته بثلاث سنوات كاهن كاثوليكي ألماني يدعى "يوحنا كوكلاوس"، قال فيه: (ابن شيطان ويسكن فيه ابليس، وقد امتلأ بالكذب والكبرياء.... كان سكيراً وشهوانياً، كان مجردًا أيضًا من الضمير، وبناءً عليه فقد استخدم كل الوسائل واستحسنها، فهو رجل كذاب، مرائي، جبان، مشاغب).



يقول الدكتور القس حنا جرجس الخضري[11]: لقد استطاع "كوكلاوس" لا أن يصحح الصورة في أذهان معاصريه، بل أن يعطي صورة سوداء مشوهة غير حقيقية قد لصقت في أذهانهم و أذهان الأجيال التالية ضد المصلح الألماني!!



لا يحتاج الأمر إلى تعليق لكى يتبين القارئ مدى خسة ذلك المنهج غير العلمي - إذا جاز لنا أن نسميه منهجًا - الذى يمارسه الغربيون ضد من يعارضهم، لتزول بذلك معظم الدعاوى التي تصفهم بالعقلانية، والحيادية، والنزاهة العلمية في أغلب نقدهم للإسلام ورسول الإسلام - صلى الله عليه وسلم -، وليس أدل على ذلك من اعتراف جيبير النوجنتي - أحد أهم المؤلفين في القرون الوسطى - بأنه لا يعتمد في كتاباته عن الإسلام على أية مصادر مكتوبة، بل لا يوجد لديه أية وسيلة للتمييز بين الخطأ والصواب.



ولو أسرعنا الخطى بعيدًا عن هذا المستنقع الآثن بالافتراءات، والأباطيل التي يلبسونها دومًا ثوب الحقيقة، والذى نسير فيه اضطراراً سنصل إلى دانتي الليجيري في كوميديته الإلهية - كما سماها - وحول رؤيته لنبينا - صلى الله عليه وسلم -، يقول ادوارد سعيد: (أن دانتي يجسد محمدًا تركيبًا سلاليًا متصلبًا من الشرور مع من يسميهم ناشري الفضيحة والفتنة، وعقاب محمد ومصيره الأبدي عقاب مثير الاشمئزاز من نمط فريد، إذ يقطعه [قطعه الله] إلي نصفين من ذقنه إلي دُبره مثل برميل تمزق أضلاعه كما يقول دانتي ويصف دانتي أمعاء محمد وبرازه بدقة ويشرح دانتى مسببات عقابه لمحمد مشيرًا كذلك إلي علي الذي يتقدمه في صف الآثمين الذين يشقهم الشيطان الحارس إلي نصفين كما يقارن دانتي بين محمد وفرادوليشينو وهو قسيس مرتد دعا أصحابه الي المشاركة الجماعية في النساء والممتلكات وهكذا ظهر التصور المشوه عن نبي الاسلام في الغرب حتي رأي المسيحيون في القرون الوسطي محمدا كرجل مرتد وكنبي مزيف وكساحر معاد للمسيح وأنه يدعو إلي لون جديد من الهرطقة اليهودية أو المسيحية.. العربية، وبسبب هذه العقدة عقدة الاحباط والفشل ومن أجل الثأر والانتقام أسس ديانته الجديدة وانسجامًا مع هذا الموقف المعادي لرسول الإسلام انتشرت أسطورة ألصقت بالإسلام وانتشرت في أوروبا تقول أن محمدًا درب حمامة لتنقر حبوب القمح من أذنه حتي يراها العرب فيقتنعوا أن تلك الحمامة هي رسول الله القدس الذي يبلغه الوحي الالهي).



لاتكاد تلامس أقدامنا أرض القرن الثامن عشر في أوربا حتى تتبدى لنا نشوة العلم الجديد - علم مقابلة الأديان - والتي دفعت أصحابها إلى تحميل المشابهات والمقارنات فوق طاقتها، إذ نرى أمامنا في هذا العصر أن هذه المشابهات لا تنفي ولا تثبت، بل لعلها إلى الاثبات منها إلى النفي على الإجمال، كما قال العقاد[12].



وفي هذا العصر يطالعنا رواد التنوير من كبار الفلاسفة العقلانيين، أمثال:

"فولتير" Voltaire رغم انتقاده التعصب الديني، ومناداته بفكرة التسامح، فقد صور النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم - كنموذج للتعصب والطغيان الدينيين، في استغلاله مشاعر البسطاء ومعتقداتهم الساذجة لبلوغ "غاياته الشريرة"، كما أنه، في نظره، متعصب، عنيف، محتال، وعار على الجنس البشري، وأنه انتقل من كونه تاجرًا، ليصبح نبيًا مشرعًا وملكًا. وبقوله: (أن محمدا عندي ليس سوى مراء Tartuffe بيده سلاح. أنه أكبر زير نساء وأعظم عدو للعقل).



غير أن فولتير للأنصاف عاد ليهدم آراؤه تلك بعدما تعرف على الإسلام من خلال قراءته "سيرة حياة محمد" لمؤلفه "هنري دي بولونفيوس"، لينشر بعدها كتابه: "أخلاق الأمم وروحها" دافع فيه عن نبينا عليه الصلاة والسلام دفاعًا طيبًا باعتباره مفكرًا سياسيًا عميق الفكر ومؤسس دين عقلاني حكيم، ثم يتبعه على فترة من الزمن بكتابه: "بحثٌ في العادات" يمدح فيه الإسلام ورسوله - صلى الله عليه وسلم - والقرآن الكريم، بقوله: (إنَّ محمداً مع كونفوشيوس وزرادشت أعظم مشرعي العالم)، وفي هذا رغم إنصافه ما أنصف.



ومن مدرسة فولتير يأتي بعده بقليل الروائي الفرنسي "أنوريه دوبلزاك" H. de Balzac الذى أعتبر نبيينا - صلى الله عليه وسلم - (أفاقا)، والقرآن الكريم إعادة كتابة للتوراة والإنجيل، وأن الله سبحانه لم تكن لديه أية نية في أن يجعل من هذا الحادي (سائق الجمال) نبياً له.



إن الذى يبدو لنا أن الإسلام وحده كدين كان مستهدفاً في ذلك القرن من مفكري أوربا وكتابها، والواقع أن القرن الثامن عشر قد أخرج للناس مدرسة الشك المطلق في مقررات العلم القديم ووقائع التاريخ المتواتر، فشك الكتاب في وجود الأنبياء والمرسلين، وكاد الشك يتناول كل نبي وكل صاحب دين غير محمد عليه السلام! شكوا في بوذا كما شكوا في إبراهيم وموسى وعيسى. وسرى الشك إلى الأدب كما سرى إلى الدين[13].



وليس أدل على ذلك من نقد الربوبيين[14] للمسيحية والذى سبق الحملة الفولتيرية في فرنسا بنصف قرن، ومن شاء فعليه مطالعة قصة الحضارة "عصر فولتير" لـ "ول ديورانت"، ولعلنا في مقدمة الفصل القادم سنسوق قبسًا ليس من نور من ذلك الهجوم الضاري على المسيحية والمسيح معًا.



مع مطلع الربع الأول من القرن العشرين في عام 1925تحديدًا ظهرت أول الرسوم المسيئة لرسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم - والذى أعتقده أنها بغير قصد إذ نشرت صحيفة بريطانية ذائعة صورة كارتونية توضح كابتن فريق الكريكت الإنجليزي "جاك هوبز"، وحوله أشهر الشخصيات التاريخية في العالم احتفالا به، وكان الرسول - صلى الله عليه وسلم - من بين تلك الشخصيات. وثار المسلمون في الهند آنذاك مما حدا بالحكومة الهندية أن أصدرت قرارات احتجاج على تلك الصورة.



كما شهد القرن المنصرم وبواكير القرن الحالي الكثير من المطبوعات التي طعنت في شخصية الرسول - صلى الله عليه وسلم -، كان من أبرزها رواية آيات شيطانية للهندي المرتد سلمان رشدي، والتي طبعها ونشرها في لندن، لتشتد الهجمات والضربات بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 الشهيرة والخاصة بالاعتداء على برجي نيويورك، وهيَّ الموجة الجديدة من تلك الموجات المنظمة في سلسلة الإساءات إلى شخصية الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ليشهد العالم تصاعدًا غير مسبوق في الكتابات التي تطعن في شخصه الكريم، نتيجة لشعور الغرب و أمريكا بالحزن والغضب والصدمة.



ومن أشهر الكتب التي صدرت في هذه الفترة كتاب بعنوان: "نبي الخراب" لمؤلفه "كريك ونن"، الذي وصف الرسول - صلى الله عليه وسلم - بأنه قاطع طريق استعمل البطش والاغتيالات والخداع للوصول إلى السلطة المطلقة.



كما وزعت مجلة "هيومن إيفنتس" الأمريكية الأسبوعية، من كتاب للكاتب الأمريكي الأصولي "روبرت سبنسر" اسمه: "الحقيقة حول محمد، مؤسس أكثر ديانة غير متسامحة في العالم"، يسيء فيه للرسول محمد - صلى الله عليه وسلم - ويتهمه بحث المسلمين على قتل اليهود، وبخيانة صلح الحديبية، وخلق اضطرابات في العالم حتى الآن. وبرغم عدم نجاح الكتاب عند طرحه في الأسواق فقد أثار الغضب بين مسلمي أمريكا ضد سبنسر الذي دأب في عدة كتب له على انتقاد الأصول الإسلامية واتهام الإسلام بالإرهاب. بينما تروج الجريدة للكتاب: "إن كتاب سبنسر يكشف حقائق لم يكتشفها كتاب التاريخ أو مؤلفي السيرة الذاتية لمحمد".


وقد تجاهلت الجريدة انتقادات عددًا من الأكاديميين وخبراء في الدراسات الإسلامية للكتاب، حيث قالت المؤلفة البريطانية "كارن أرمسترونج" صاحبة كتاب "محمد - صلى الله عليه وسلم -": (إن هذا الكتاب مخطوط بالكراهية، وبه أخطاء كبيرة وتجاهل للأدلة. وما كان من المجلة أن نشرت في بيانها الترويجي ادعاءات تقول إن النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - قد قال: "نصرت بالإرهاب" وتم استخدام كلمة "تيروريزم" بالإنكليزية التي تعنى في المعنى المتداول "الإرهاب"، ويقول البيان: "إن الكتاب يشرح كيف استخدم محمد جاذبية الجنة الإسلامية من أجل حث محاربيه على الحرب بشراسة من أجل أن يمد حكمه".



الغريب أن الكاتب الأصولي "روبرت سبنسر" قد اتهمته منظمات إسلامية وعربية بتحريف كلام ونصوص القرآن وأحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وهو الذى يتهم كٌتاب التاريخ على الإطلاق بما فيهم كتاب التاريخ من الغربيين، بأنهم يقدمون صورة غير حقيقية ومنقحة لسيرة الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم -، بل ويمعن الكاذب لا الكاتب في كذبه فيقول: (إن الرسول محمد كان يوصي أصحابه بجعل النساء أسيرات لديهم لا يملكون من أمر أنفسهن شيئا).



بل تبنت المجلة نفسها الترويج - في إصرارٍ عجيب - لفيلم وثائقي به ادعاءات غير موثقة ضد الدين الإسلامي والقرآن الكريم، ولأن أهل الكفر ملة واحدة فلم تكتفْ المجلة بالترويج بنفسها بل استدعت الكاتبة الأمريكية الرائجة "آن كولتر" للترويج أيضاً لهذا الكتاب الفاشل، وقامت بدورها خير قيام، وهى التي كتبت ما نصه: (أن علينا مهاجمة دولهم وقتل قادتهم وتحويلهم إلى المسيحية، إننا لم نتردد في ملاحقة هتلر وكبار مساعديه، وقد قصفنا المدن الألمانية ودمرناها وقتلنا مدنيين، كنا يومها في حرب ونحن الآن في حرب).



أما الأقوال فقد باحت بها الأفواه الحاقدة أمثال وزير العدل الأمريكي - آنذاك - "جون أشكروفت"، إذ يقول: (إن المسيحية دين أرسل الرب فيه ابنه ليموت من أجل الناس، أما الإسلام فهو دين يطلب الله فيه من الشخص إرسال ابنه ليموت من أجل هذا الإله).



ليشارك في سيمفونية البذاءات نائب وزير الدفاع الأسبق رامسفيلد الجنرال الأمريكي "وليام م. ج. بويكن"، فيقول: (إن إلهنا أكبر من إلههم، إن إلهنا إله حقيقي، وإله المسلمين صنم، وإنهم يكرهون الولايات المتحدة الأمريكية، لأنها أمة مسيحية يهودية، وحربنا معهم هي حرب على الشيطان، وإن الإسلام دين شيطاني وشرير، ومحمد هو الشيطان نفسه!!).



وكذلك القس الأمريكي "بات روبرتسون" - رئيس التحالف المسيحي الأمريكي والمعروف بعداوته للإسلام، ومناصرته للدولة العبرية: (إن الإسلام هو دين الإرهاب، دعا إلى العنف.. وإن أمريكا بحاجة إلى إنذار ضد خطر المسلمين الذين يكرهون أمريكا ويحاولون تدمير إسرائيل). وفي حوار تليفزيوني معه، صرح قائلاً: (أنا أقول هذا القرآن ما هو إلاّ سرقة من المعتقدات اليهودية ثم استدار محمد بعد ذلك ليقتل اليهود والنصارى في المدينة. أنا أقصد، أن هذا الرجل كان قاتلاً سفاك دماء، وأظن أن الإرهاب قد غدا تيارًا وليس فقط عند حفنة من المتطرفين. إذا اشتريت مصحفًا اقرؤه بنفسك فستجد عنفًا يبشر به)[15]. وقد أجبر هذا الرجل على الاعتذار عن قوله هذا، ولكنه عاد ليقول[16]: (الإسلام أسس بواسطة مجرد فرد بشري مقاتل يسمى محمدًا، وفي تعاليمه ترى تكتيك نشر الإسلام من خلال التوسع العسكري، ومن خلال العنف إذا كان ضروريًا)، وأضاف: (الإسلام بخلاف المسيحية في تعاليمه الأساسية تعصب عميق ضد أصحاب الديانات الأخرى)، كما قال عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إنه كان يدعو قومه إلى قتل المشركين.. إنه رجل متعصب إلى أقصى درجة، إنه كان لصًا وقاطع طريق ما يدعو إليه خديعة وحيلة. 80% من القرآن نقل من نصوص النصرانية واليهودية).



وقد أضاف تقرير"كير" أن هذا القس اليميني المتطرف روبرتسون سبق له الإساءة للإسلام بوصفه "دين تجار العبيد"، ووصف الأمريكيين الذين يعتنقون الإسلام بأنهم يعانون من الجنون ومن اقواله ضد المسلمين أيضاً: (لا ينبغي تعيين قضاة في الولايات المتحدة من غير المسيحيين أو اليهود، فالقاضي لابد وأن يؤمن بالقيم المسيحية. المسلمون يقسمون العالم إلى دار إسلام ودار حرب ويؤمنون بالجهاد ضد أمريكا، فهل تريدون أن يصبح واحد منهم قاضيا؟).



وأضاف أحدهم يدعى أديسون: (محمد لم يستطع فهم النصرانية، ولذلك لم يكن في خياله إلا صورة مشوهة بنى عليها دينه الذي جاء به العرب).



أما كبير أساقفة كانتربري السابق اللورد الإنجليزي "جورج كيري"، فيقول: (إن الثقافة الإسلامية استبدادية وتفتقر إلى المرونة، وهي لم تساهم في التاريخ، وإن الدول الإسلامية لم يتقدم شيئا للثقافة عبر القرون).



وساهم المستشرق الصهيوني "برنارد لويس" بقوله: (إن النظام الأخلاقي الذي يستند إليه المسلمون مختلف عما هو في الحضارة اليهودية المسيحية [الغربية]، وإن آيات القرآن تصدق على ممارسة العنف ضد غير المسلمين).


أما وزير الداخلية الألماني السابق "أوتو شيلي" فيصف عقيدة الإسلام بأنها: (هرطقة وضلال).


كما وصف الروائي الفرنسي "ميشيل هويلبيك" الإسلام بأنه: (دين ظهر في الصحراء، وسط الأفاعي والجمال والحيوانات المفترسة من كل نوع). أما المسلمين في تصوره فهم: (حقراء الصحراء)، أما القرآن الكريم والإسلام فرأيه فيهما: (إن قراءة القرآن مثيرة للتقزز. وإن الإسلام دين عدواني، لا متسامح، يجعل الناس أشقياء تعساء).



وتحتفظ الذاكرة بقول "بن جوريون" رئيس وزراء إسرائيل الهالك: ‏‏‏(إن أخشى ما أخشاه أن يظهر في العالم العربي محمد جديد)‏‏‏. ‏



والقس الحاقد "جيري فالويل" يعلن في حديث إذاعي: (أنا أعتقد أن محمداً كان إرهابياً، لقد قرأت ما يكفي من المسلمين وغير المسلمين، إنه كان رجل عنف، ورجل حروب)[17].



لقد أساءوا الأدب في الكلام عن شيءٍ نبيل وعزيز لدينا مما لا يترك مجالاً لتبادل الحديث معهم، ويزيد الغضب والحنق عندما تجيء هذه الاتهامات والإهانات من سياسيين في الغرب لا يعرف عنهم الكثير من التحضر إلا في أتفه الشكليات، فلا يعرف عنهم سمو الأخلاق في معاملتهم لغيرهم من الشعوب[18].



ومن باب رمتني بدائها وانسلت، افترى القس "جيري فاينز"- الرئيس السابق للمؤتمر السنوي للكنيسة المعمدانية الجنوبية - على الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم -، فقال: (شاذ يميل للأطفال ويتملكه الشيطان، تزوج من اثنتي عَشْرةَ زوجة آخرهم طفلة عمرها تسع سنوات!)، وأضاف: (إن الله الذي يؤمن به المسلمون ليس هو الرب الذي يؤمن به المسيحيون. فلن يقوم الرب بتحويلك إلى إرهابي يحاول تفجير الناس وأخذ أرواح آلاف مؤلفة من البشر).



المؤسف أن قادة الكنيسة المعمدانية الجنوبية أعلنوا تأييدهم لتصريحات فاينز في سبه للرسول - صلى الله عليه وسلم -، بينما كان رئيس مؤتمر الأساقفة الكاثوليك الأميركيين الأسقف "بيلفيل ويلتون غريغوري" يعلن: (لقد اعتمدنا اليوم وثيقة مهمة في تاريخ مؤتمرنا الأسقفي، و كل من يعرف عنه - من القساوسة - أنه تعاطى الدعارة مع طفل يُمنع من العمل في كنيسة الولايات المتحدة الكاثوليكية).



بينما قامت اللجنة المختصة المكلفة بصياغة الميثاق بتشديد مشروع البيان واعتمدت صيغة "عدم التسامح" مع أي كاهن تثبت إدانته بالاستغلال الجنسي ليطرد من الكنيسة ويعاد إلى الحياة العلمانية بعدما كان النص يدور حول "إمكانية أن يبقى في سلك الكهنوت أي كاهن مارس الاستغلال الجنسي في الماضي لكنه لم يذنب إلا مرة واحدة، أو أن يبقى إذا تلقى علاجا مناسبًا".



وكانت صحيفة "دالاس مورنينغ نيوز" قد ذكرت أن ثلثي الأساقفة الأميركيين (111) في 178 أبرشية قد قاموا على مدى سنوات بالتغطية على تصرفات الكهنة الذين يستغلون الأطفال جنسيًا واكتفوا بنقلهم من أبرشية إلى أخرى أو إخضاعهم لعلاج نفسي. ورغم هذا فقد أثار هذا التعديل أيضا غضب الضحايا الذين طالبوا بعقوبات تأديبية بحق أولئك الأساقفة. وقال "بيتر ايسلي" المسؤول عن شبكة الناجين من الاستغلال الجنسي الذي يقوم به الكهنة: (إنه أمر فاضح أخلاقيًا بكل بساطة). وقال آخر: (لم يجدوا بعد انصرافنا عنهم سوى مهاجمة الإسلام عسى أن يعودوا للأضواء من جديد).



إن هؤلاء القساوسة والأساقفة الشواذ الذين تجرأوا فاتهموا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما فيهم، هم أنفسهم من أجبروا البابا بنديكتوس السادس عشر على أن يقول أنه: (يشعر بالعار بشدة من ممارسات بعض القساوسة في الولايات المتحدة). وتعهد أثناء عودته إلى الولايات المتحدة بالعمل على منع الذين يعتدون على الأطفال جنسيًا من أن يصبحوا قساوسة. وكانت الكنيسة الكاثوليكية الأمريكية قد شهدت خلال السنوات الأخيرة موجة من الاتهامات ضد عدد من القساوسة الذين استغلوا الأطفال جنسيًا ودفعوا حوالي مليارَي دولار في قضايا تعويضات. كما أفاد تقرير بأن قساوسة الكنيسة الكاثوليكية في الولايات المتحدة اتهموا بارتكاب أكثر من إحدى عشر ألف إساءة جنسية منذ عام1950. بل أكدت أبرشية أمريكية أن نحو 4440 (أربعة آلاف وأربعمائةٍ وأربعون) قسيسًا اتهموا بالإساءة الجنسية أي حوالي 4% من إجمالي القساوسة الذين ينتمون لهذه الأبرشية، بينما قال ممثل ضحايا الإساءة الجنسية: (أن الرقم النهائي لعدد الحالات التي تعرضت لإساءة جنسية من قبل قساوسة سيكون أكبر بكثير).



وعلى نفس النسق القذر عندما يُتهم الأطهار الأبرار من قِبل الزناة واللوطيين اتهم القمص المشلوح زكريا بطرس في برنامجه: "في الصميم" الذى يقدمه و تذيعه قناة الحياة المسيحية، الرسول - صلى الله عليه وسلم - بأنه ابن زنا، وذلك في الحلقة المعنونة: "النبي محمد ابن زنا بشهادة علماء الإسلام" زاعماً أن افتراءاته هذه مستقاة من مراجع وكتب لعلماء مسلمين، والقرآن الكريم، والكتاب المقدس. مما دعا العديد من المصريين لرفع دعاوى ضده.



قال الدكتور زغلول النجار عن ذلك الذى يتهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (ويكفي أن هناك شيطان مصري خرج من مصر إلى قبرص وباع نفسه للمخابرات الإسرائيلية والأمريكية اسمه زكريا بطرس، وهو رجل أُشْتُهِرَ عنه سوء الأخلاق؛ فهو متهم بالزنا واللواط وفصل من الكنيسة أكثر من مرة، قام بفتح قناة تليفزيونية في قبرص وله أربع سنوات أو أكثر يقوم بالتطاول على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ويتطاول بالسب على أمهات المؤمنين وعلى آل البيت وعلى الصحابة وعلى كبار رموز الإسلام قديمًا وحديثًا[19].



أما جلال محمد القصاص فيقول عنه[20]: (قس نصراني يتأرجح بين الأرثوذكسية والبروتستانتية، أشعل الفتنة في كل مكان ذهب إليه، وأبناؤه مثله يثيرون القلاقل في أستراليا ضد الكنيسة القبطية إلى اليوم).



ومن أرشيف التاريخي الوطني الإسباني [21]أضع بين أيديكم شهادات دونتها محاضر محاكم التفتيش الإسبانية في القرن السادس عشر عن حالات توبع فيها مورسكيون بتهمة إخفاء الإسلام. فالمورسكيون هم أولئك المسلمون الذين عاشوا في إسبانيا في ظل الحكم المسيحي بعد سقوط دولة الإسلام بالأندلس سنة 1492م و أُجبروا على التنصر و تغيير أسمائهم و أزيائهم و عاداتهم الإسلامية. و لمراقبتهم أسس النصارى تلك المحاكم: يذكر الدكتور الفرنسي "لويس كاردياك"[22]: (في كثير من الأحيان، كان الموريسك لا يتحملون من يسب أو يشتم الرسول. من ذلك أن أحد الموريسك عندما وصل ليقتني خمراً من الحانة قد استُقبل عند مدخل الحانة بهذه الألفاظ: "لتحرق النار الخالدة محمدًا"، غير أنه لم يتماسك عن الرد: (إن محمدا يعد رجلاً خيِّراً و طيبًا) [23].و في نفس الكتاب يذكر كاردياك أن: (اسم محمد يظهر دوماً على لسان المسيحيين عندما يحلفون، وفي أحد الأيام بطليطلة كان مسيحيان في نقاش كبير عندما فقال أحدهما: (إني أحلف باسم الله)، و قد أخذ عليه رفيقه أن يستعمل مثل هذه العبارات قائلاً له: (احلف باسم من لا تؤمن به) فرد عليه المسيحي قائل: (إني أحلف باسم محمد البغي الشرير)، إلا أن أحد الموريسك كان حاضرًا هذه المجادلة، وسرعان ما استولى على هراوة وكله يرتجف وقد هدد الشاتم قائلاً له: (ماذا فعل لك محمد)، وبالطبع فإن المورسكي هو الذي سيدفع الثمن بسوقه إلى دواوين التحقيق نتيجة شكاية المسيحي[24].


ويتابع كارديا: (في سنة 1614م، لنفس هذا السبب، مثُلَتْ "بياتريس هارننداز" أمام المحكمة، و على الرغم من صفتها المورسكية، فإنها استطاعت أن تبقى بإسبانيا بعد عملية الطرد النهائية: غير أن عدداً من جيرانها كانوا يرتابون في ابتداعها، وفي إحدى الأمسيات قضت سهرتها عند أحد أفراد جيرانها، وبينما كان رب البيت يشعل النار في المدفئة، أصابه حرق وصاح: (بَغيٌ أنت يا محمد)، فردت عليه: (لم يكن بغياً، ولكنه رسول).

لقد طار فرحاً أحد رجال الكنيسة في الشرق والمقيم بالغرب - والذى دائماً ما يكتب مقالاته باسم مستعار- عندما ظهرت الرسوم الدنماركية المسيئة لمن رسمها قبل أن تسيء لرسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم - فقال وهو في قمة نشوته شامتاً شانئاً: (إنها ليست رسومًا مسيئة بل هي رسوم توضيحية). بل إنه أعد رسومًا مسيئة للنبي - صلى الله عليه وسلم - ونشرها على موقع خاص ينشر فيه بذاءاته تناصره شرذمة مهجريون مهجورون، كما أعلن أنه يستعد لعمل السيرة المحمدية الطاهرة بصورة هزلية وكاريكاتورية وبعده القرآن الكريم، ولم نحمل كلامه على محمل الجد، وها قد مرت السنوات حتى ظهر الفيلم المنتظر "براءة الإسلام".



ومادام قد أقدم على فعل ما فعل، فأرجو أن يستجمع حكمته وشجاعته عندما يقرأ عن الرسوم والصور المسيئة لمن رسمها أيضاً للسيد المسيح عليه السلام ويحكم هل هي رسوم مسيئة أو توضيحية. وهذا ليس من باب الشماتة والتشفي لأنه يعلم قبل غيره موقع نبي الله عيسى وأمه البتول السيدة العذراء مريم من المسلمين، وكان أولى به أن يدافع عن شخص من يعظمه، لا أن ينتهج نفس أسلوب المسيء، وأن يتأسى بتعاليم الرب ودين المحبة!



هذا ما أريده تماماً، أن أقول للذين يؤمنون بالمسيح، وللذين يؤمنون بمحمد: برهان إيمانكم إن كنتم صادقين، أن تهبوا اليوم جميعاً لحماية الإنسان، وحماية الحياة[25].

[1] جوامع السيرة لابن حزم 51-52.

[2] وليم بولك‏: ‏ الولايات المتحدة والعالم الغربي - والقومية والغزو الفكر ص 42‏.

[3] ابن كثير: البداية والنهاية، الجزء الخامس.

[4] أنظر: الاستشراق والخلفية الفكرية للصراع الحضاري ص52، كتاب الأمة ط2 صفر 1404 هـ.

[5] باحث مرموق، يعمل حاليا أستاذا في قسم دراسات الشرق الأوسط بجامعة نيويورك، وينتمي إلى تيار من الباحثين الأميركيين اليساريين الذين لعبوا دورا مهما في تطوير دراسات الشرق الأوسط، انطلاقا من موقف إنساني مكافح ضد تيار استشراقي ينتقص من العرب والمسلمين، وذلك على الرغم من أنه يهودي اسمه التوراتي زكريا لقمان.

[6] تاريخ الاستشرق وسياسات زكاري لوكمان ترجمة شريف يونس محيط. أسك زاد.

[7] أستاذ التاريخ الإسلامي بمعهد الدراسات المتقدمة في برنستون.

[8] موقع أوبن ديموكراسي 10 يونيو 2008، ترجمة راشدة رجب.

[9] تيودور أبو قرة أسقف حران الذي كان يجادل المسلمين في حضور خليفة المسلمين آنذاك الخليفة المأمون.

[10] مارتن لوثرLuther)1483-1546) مؤسس حركة الإصلاح الدينى البروتستانتية.

[11] المصلح مارتن لوثر حياته وتعاليمه ص- 176، دار الثقافة المسيحية، القاهرة 1977.

[12] عبقرية المسيح ص- 72، كتاب اليوم العدد 264- يناير1987.

[13] المصدر السابق ص- 67.

[14] الربوبية: الاعتقاد بوجود إله غير مشخص هو العلة الأولى للكون، فهو الذى خلق الكون ثم دفعه ليعمل بقوانينه الذاتية الطبيعية دون تدخل منه في حركة الكون وشئون الحياة.

[15] برنامج هانتي وكلولمز Hannity & Colmes الذي بث في قناة فوكس الإخبارية Fox News.

[16] كتاب من تأليفه باسم: الاسم (The Name) ص71.

[17] حديث له بث يوم الأحد بتاريخ 6/أكتوبر/2002 / برنامج 60 دقيقة.

[18] دكتور جلال أمين، عصر التشهير بالعرب والمسلمين. مكتبة الأسرة/دار الشروق2004القاهرة.

[19] حوار مع أحمد سعد - جريدة الوسط 13 أغسطس 2008.

[20] الكذاب اللئيم زكريا بطرس ط2ص 29.

[21] ملف 193 ص 16.

[22] المورسكيون الأندلسيون و المسيحيون: المجابهة الجدلية.. ترجمة الدكتور عبد الجليل التميمي.

[23] من أرشيف محاكم التفتيش بكوينكا. ملف255، الصفحة3455.

[24] من الأرشيف التاريخي الوطني الإسباني، ملف193، الصفحة17.

[25] خالد محمد خالد: كتاب معاً على الطريق محمد والمسيح. كتاب اليوم، عدد 329، 1989 القاهرة.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
مسيرة الإساءات إلى خاتم الرسالات صلى الله عليه وسلم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اسلام ويب :: ۩✖ Known to the islam ۩✖ :: شبهـات حــول الاسـلام-
انتقل الى: