اسلام ويب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

من فقه الدعاء يقول سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "أنا لا أحمل همَّ الإجابة، وإنما أحمل همَّّ الدعاء، فإذا أُلهمت الدعاء كانت الإجابة معه". وهذا فهم عميق أصيل ، فليس كل دعاء مجابًا، فمن الناس من يدعو على الآخرين طالبًا إنزال الأذى بهم ؛ لأنهم ينافسونه في تجارة ، أو لأن رزقهم أوسع منه ، وكل دعاء من هذا القبيل ، مردود على صاحبه لأنه باطل وعدوان على الآخرين. والدعاء مخ العبادة ، وقمة الإيمان ، وسرّ المناجاة بين العبد وربه ، والدعاء سهم من سهام الله ، ودعاء السحر سهام القدر، فإذا انطلق من قلوب ناظرة إلى ربها ، راغبة فيما عنده ، لم يكن لها دون عرش الله مكان. جلس عمر بن الخطاب يومًا على كومة من الرمل ، بعد أن أجهده السعي والطواف على الرعية ، والنظر في مصالح المسلمين ، ثم اتجه إلى الله وقال: "اللهم قد كبرت سني ، ووهنت قوتي ، وفشت رعيتي ، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفتون ، واكتب لي الشهادة في سبيلك ، والموت في بلد رسولك". انظر إلى هذا الدعاء ، أي طلب من الدنيا طلبه عمر، وأي شهوة من شهوات الدنيا في هذا الدعاء ، إنها الهمم العالية ، والنفوس الكبيرة ، لا تتعلق أبدًا بشيء من عرض هذه الحياة ، وصعد هذا الدعاء من قلب رجل يسوس الشرق والغرب ، ويخطب وده الجميع ، حتى قال فيه القائل: يا من رأى عمرًا تكسوه بردته ** والزيت أدم له والكوخ مأواه يهتز كسرى على كرسيه فرقًا ** من بأسه وملوك الروم تخشاه ماذا يرجو عمر من الله في دعائه ؟ إنه يشكو إليه ضعف قوته ، وثقل الواجبات والأعباء ، ويدعو ربه أن يحفظه من الفتن ، والتقصير في حق الأمة ، ثم يتطلع إلى منزلة الشهادة في سبيله ، والموت في بلد رسوله ، فما أجمل هذه الغاية ، وما أعظم هذه العاطفة التي تمتلئ حبًا وحنينًا إلى رسول الله - صل الله عليهلم -: (أن يكون مثواه بجواره). يقول معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: "يا بن آدم أنت محتاج إلى نصيبك من الدنيا ، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج ، فإن بدأت بنصيبك من الآخرة ، مرّ بنصيبك من الدنيا فانتظمها انتظامًا ، وإن بدأت بنصيبك من الدنيا ، فائت نصيبك من الآخرة ، وأنت من الدنيا على خطر). وروى الترمذي بسنده عن النبي - صل الله عليهلم -: أنه قال: ((من أصبح والآخرة أكبر همه جمع الله له شمله ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن أصبح والدنيا أكبر همه فرَّق الله عليه ضيعته ، وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له)). وأخيرًا .. أرأيت كيف أُلهم عمر الدعاء وكانت الإجابة معه ، وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186)" (البقرة:186).


 

 مناقشة علمية لعدنان إبراهيم في طعنه في عبدالله بن عمر

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة


avatar


نقــاط : 100210
مناقشة علمية لعدنان إبراهيم في طعنه في عبدالله بن عمر Oooo14
مناقشة علمية لعدنان إبراهيم في طعنه في عبدالله بن عمر User_o10

مناقشة علمية لعدنان إبراهيم في طعنه في عبدالله بن عمر Empty
مُساهمةموضوع: مناقشة علمية لعدنان إبراهيم في طعنه في عبدالله بن عمر   مناقشة علمية لعدنان إبراهيم في طعنه في عبدالله بن عمر Emptyالخميس 9 مايو 2013 - 15:45

مناقشة علمية لعدنان إبراهيم في طعنه في عبدالله بن عمر


تناول الدكتور عدنان إبراهيم الصحابي الجليل عبد الله بن عمر - رضي الله عنه - بالطعن واللمز من حيث أنه لا يصلح للخلافة، وأنه لا يصلح إلا للنساء، وأن ذلك هو رأي أمير المؤمنين عمر - رضي الله عنه - في ابنه عبد الله - رضي الله عنه -، مستشهدا ببعض المرويات؛ يقول عدنان إبراهيم: "أبوه غضب جدًا لمجرد أن رجل رشحه لأبيه وهو مطعون رضوان الله عليه وهو يجود بأخر أنفاسه للخلافة غضب جدًا جدًا وقال: ثكلتك أمك والله ما أردت بها الله. وفي رواية أخرى قال: عبد الله ابني: لا يصلح إلا للنساء". ثم لما أنكر الشيخ عثمان الخميس وفقه الله على عدنان إبراهيم ما قاله في حق عبد الله بن عمر - رضي الله عنه -، لم يرجع بل تمادي وعمل محاضرة خصصها للرد على استنكار الشيخ عثمان وغيره، يثبت فيها بالأدلة حسب زعمه بأن عبد الله بن عمر - رضي الله عنه - لا يصلح إلا للنساء، فأتى بكتاب أنساب الأشراف للبلاذري، ومصنف عبد الرزاق، وسيرة عمر بن الخطاب لابن الجوزي ليستخرج منهم أدلته على ما أراد أن يرمي به ابن عمر - رضي الله عنه -، فقال عدنان إبراهيم في محاضرته هذه: "موقف ابن عمر مع النساء إيش قصة ابن عمر مع النساء، في "أنساب الأشراف" عن الأعمش عن إبراهيم -النخعي- قال: قال عمر رضي الله تعالى عنه: لو كان أبو عبيدة بن الجراح حيًا لاستخلفته، فقال رجل: يا أمير المؤمنين فأين أنت من عبد الله بن عمر؟ فقال عمر: قاتلك الله، والله ما الله أردت بهذا القول، أستخلف رجلًا لم يحسن أن يطلق امرأته؟ ورواه هكذا ابن سعد في الطبقات". انتهى كلام عدنان.



وهذا الأثر الذي استشهد به ضعيف؛ فإبراهيم النخعي لم يسمع من عمر - رضي الله عنه - فروايته عنه منقطعة، قال أبو حاتم: لم يلق أحدًا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا عائشة ولم يسمع منها شيئًا فإنه دخل عليها وهو صغير وأدرك أنسًا ولم يسمع منه. وقال أيضًا: إبراهيم النخعي عن عمر مرسل. هذا من حيث سند الرواية.



ونزيد عدنان أن البلاذري في "أنساب الأشراف" أخرج من طريق علي بن زيد عن أبي رافع أن عمر بن الخطاب كان مسندًا إلى ابن عباس، وكان عنده ابن عمر وسعيد بن زيد، فقال: اعلموا أني لم أقل في الكلالة شيئًا، ولم أستخلف بعدي أحدًا، وأنه من أدرك وفاتي من سبي العرب فهو حر من مال الله،... فقال له رجل: يا أمير المؤمنين فأين أنت عن عبد الله بن عمر؟ فقال له: قاتلك الله. والله ما أردت الله بها. أستخلف رجلًا لم يحسن يطلق امرأته؟". وهذا سند ضعيف، وعلي بن زيد هو ابن جدعان ضعيف، ضعفه غير واحد، قال سليمان بن حرب، عن حماد بن زيد: حدثنا على بن زيد، و كان يقلب الأحاديث. وفي رواية: كان على بن زيد يحدثنا اليوم بالحديث ثم يحدثنا غدًا، فكأنه ليس ذاك. وقال ابن خزيمة: لا أحتج به لسوء حفظه. وقال ابن حبان: يهم و يخطئ، فكثر ذلك منه فاستحق الترك. وقال الحافظ ابن حجر في "التقريب": "ضعيف".



ولكن عدنان في هذه المحاضرة لم يذكر الرواية الأخرى التي ذكرها في قول الأول وهي: "عبد الله ابني: لا يصلح إلا للنساء"، وهي تخالف من حيث المعنى رواية: "لم يحسن يطلق امرأته"، كما هو ظاهر، ونحن نطالبه بأن يذكر أين هذه الرواية؟ ثم نطالبه بصحتها إن وجدها!!، وهذه الرواية لو كانت عنده في كتاب لسارع في إخراجه وقرأ الرواية منه، كما صنع في بقية ما ذكره من روايات، أو على الأقل أعادها مرة أخرى؛ إنما هي من بنات أفكاره، أراد أن يرمي بها ابن عمر - رضي الله عنه -، وعدنان إبراهيم، كما ظهر لكل من يستمع له من العلماء وطلبة العلم بعناية وتتبع أنه يكذب فيما ينقله ويعزوه من أحاديث وروايات، كما أنه لا يحسن ألفاظ كثير منها، ويصحح الضعيف ويضعف الصحيح وقد جمعنا في ذلك مسائل سيأتي ذكرها إن شاء الله.



ولم يكتف عدنان إبراهيم بذكر هذه الرواية الضعيفة عن عمر - رضي الله عنه -، بل ذهب إلى تقرير هذا على سبيل القدح في ابن عمر - رضي الله عنه - فقال: "هذا لا يصلح، حتى لتطليق نسائه يعني ضعيف في النواحي هذه، هذا اعتقادي في هذا الرجل".



وقال أيضًا: "لكنه شخصية ضعيفة مترددة، هذا لا يضيره ولا يشينه يا جماعة". وقال أيضًا: "لكن ستدرك أيضًا أنه لا يصلح أن يكون قيادة سياسية لا ينفع يا جماعة". نقول لعدنان وغيره، على فرض تقوية قول عمر: "لم يحسن يطلق امرأته"، بمجموع الطريقين فكل ما في هذه الرواية أن عمر - رضي الله عنه - أراد أن يبعد ابنه عبد الله عن أمر الخلافة، إما من باب الورع، أو من باب شفقة الأب على ابنه، أو من باب نظرة الأب لابنه الذي قد لا يعجبه في ابنه أشياء قد لا تلفت نظر الناس ولا يعتبرونها تضر أو تقدح، ولعل كان قول عمر - رضي الله عنه - إن صح في الجملة من باب قفل الباب أمام الناس، فذكر ما يظن أنه يكفي ليكون عذرًا عند الناس، وهو في حقيقة الأمر لا يقدح مطلقًا في شخصية عبد الله بن عمر - رضي الله عنه -، ولعل اختيار عمر - رضي الله عنه - لأمر تطليق النساء كان له قصة تخص عمر - رضي الله عنه - مع ابنه عبد الله - رضي الله عنه -، فعن ابن عمر - رضي الله عنه - قال: "كانت تحتي امرأة أحبها وكان عمر يكرهها، فقال عمر: طلقها فأبيت، فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "أطع أباك وطلقها". أخرجه أبو داود، والترمذي، وابن ماجه، وابن حبان، والطحاوي في "المشكل"، و الحاكم، وأحمد. وقال الترمذي: "حسن صحيح"، وحسنه الألباني في "الصحيحة". ثم إن قصة تطليق ابن عمر لامرأته في الحيض مشهور وهي في الصحيحين نذكر منها عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، - رضي الله عنهما - أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهْيَ حَائِضٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَسَأَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا...". الحديث. إلى غير ذلك من روايات هذا الحديث، والذي يعنيننا هنا هو أن عمر - رضي الله عنه - أمر عبد الله - رضي الله عنه - بتطليق امرأته، وباشر أيضًا سؤال النبي - صلى الله عليه وسلم - عندما طلق عبد الله - رضي الله عنه - امرأته في الحيض، فلعل هذا الأمر ظل عالقًا في ذهن أمير المؤمنين عمر - رضي الله عنه - فأخذه على أبنه عبد الله - رضي الله عنه -، إما لعدم سماع كلامه في بداية الأمر عندما أمره بتطليق زوجته، أو لأنه طلقها وهي حائض، مما جعل عمر - رضي الله عنه - يقول قوله هذا، قال ابن حجر في "فتح الباري" وهو يتكلم على تطليق ابن عمر - رضي الله عنه - امرأته وهي حائض: "فقد يحتمل أن لا تكون عن شقاق بل عن سبب آخر وقد روى أحمد والأربعة وصححه الترمذي وابن حبان والحاكم من طريق حمزة بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال كان تحتي امرأة أحبها وكان عمر يكرهها فقال طلقها فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال أطع أباك. فيحتمل أن تكون هي هذه ولعل عمر لما أمره بطلاقها وشاور النبي - صلى الله عليه وسلم - فامتثل أمره اتفق أن الطلاق وقع وهي في الحيض فعلم عمر بذلك فكان ذلك هو السر في توليه السؤال عن ذلك لكونه وقع من قبله". ويحسن بنا في هذا المقام أن نذكر ما وقع في كلام بعضهم من لمز ابن عمر - رضي الله عنه -، وبيان حقيقته، حتى لا ندع لعدنان إبراهيم مجالًا للتعقيب على طريقته، في التعالي والتعالم وعدم الدقة في التحقيق، فقد جاء في كلام علي بن الجعد بن عبيد أبو الحسن البغدادي، الجوهري، مولى بني هاشم الحافظ، الحجة، مسند بغداد، المتوفي سنة 230هـ: قال يحيى بن معين: ثقة صدوق.



وقال أيضًا: علي بن الجعد أثبت البغداديين في شعبة. وقال فيه مسلم: هو ثقة لكنه جهمي. وقال أبو حاتم: كان متقنًا صدوقًا. وقال أبو زرعة: كان صدوقًا في الحديث. وقال النسائي: صدوق. لكن جاء عنه أنه يطعن على بعض الصحابة - رضي الله عنه -، فأخرج العقيلي في "الضعفاء" (3/225)، والخطيب في "تاريخ بغداد" (/)، من طريق أبي غسان الدوري -وفي بعض النسخ المروزي- يقول كنت عند علي بن الجعد فذكروا عنده حديث ابن عمر كنا نفاضل على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنقول خير هذه الأمة بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - أبو بكر وعمر وعثمان فيبلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا ينكره فقال علي: "انظروا إلى هذا الصبي هو لم يحسن يطلق امرأته يقول كنا نفاضل". وقال أبو غسان: كنت عند علِي بن الجعد فذكروا حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال للحسن إن ابني هذا سيد فقال من جعله سيدًا، وأخرج العقيلي والخطيب من طريق أحمد بن إبراهيم الدورقي، قال: قلتُ لعلي بن الجعد بلغني أنك قلت ابن عمر ذاك الصبي، قال: "لم أقل ذلك ولكن معاوية ما أكره أن يعذبه الله". فنفى الوقيعة في ابن عمر - رضي الله عنه - وأثبتها في معاوية - رضي الله عنه -!! إلا أن أبا داود قال كما نقل عنه الآجري: "علي بن الجعد وسم بميسم سوء، قال: ما يسوؤني أن يعذب الله معاوية وقال ابن عمر ذاك الصبي".



ونقل عنه أيضًا أنه وقع في أمير المؤمنين عثمان - رضي الله عنه -، فأخرج الخطيب في "تاريخ بغداد: قال هارون بن سفيان المستملي المعروف بالديك قال: كنت عند علي بن الجعد فذكر عثمان بن عفان فقال: أخذ من بيت المال مائة ألف درهم بغير حق، فقلت: لا والله ما أخذها ولئن كان أخذها ما أخذها إلا بحق، قال، لا والله ما أخذها إلا بغير حق، قلت: لا والله ما أخذها إلا بحق. قال الألباني في "الضعيفة" (14/935): "وهارون بن سفيان - هو: ابن بشير أبو سفيان مستملي يزيد بن هارون يعرف بـ(الديك )-: له ترجمة في "تاريخ بغداد" (14/25) برواية جمع أخر عنه، مات سنة (251)، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا".



ولما نقل عنه من وقوعه في الصحابة - رضي الله عنه -، جعل الإمام أحمد لا يحدث عنه وينهى أبنه عبد الله من الذهاب إليه فقال العقيلي قلت لعبد الله بن أحمد بن حنبل: لم تكتب عن علي بن الجعد؟ فقال: نهاني أبي أن أذهب إليه فكان يبلغه عنه أنه تناول أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -. وقال زياد بن أيوب سأل رجل أحمد بن حنبل، عن علي بن الجعد، فقال الهيثم: ومثله يسأل عنه؟ فقال أحمد: أمسك أبا عبد الله فذكره رجل بشيء، فقال أحمد: ويقع في أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -. وقال أبو زرعة الرازي: "كان أحمد بن حنبل لا يرى الكتابة عن علي بن الجعد، ولا سعيد بن سليمان، ورأيت في كتابه مضروبًا عليهما". فالقول الذي نسب لعلي بن الجعد في ابن عمر - رضي الله عنه -، باطل لا يقبل، سواء رجع عنه أم لم يرجع، وكذلك قوله في غيره من الصحابة - رضي الله عنه -، فلا يفرح عدنان إبراهيم وأمثاله بتلك الزلات!!



وأعود فأقول: إن في النفس شيء من تقوية قول عمر - رضي الله عنه - : "لم يحسن يطلق امرأته"، فقد جاء ما يخالفه عن عمر - رضي الله عنه -، فنقول لعدنان إبراهيم إن السبب الذي من أجله لم يذكر عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، ابنه عبد الله في أهل الشورى هو؛ لأن عمر - رضي الله عنه - جنب ابنه أمر الولاية من بعده، لا لأنه لا يصلح لها، أو لأنه لا يصلح إلا للنساء؛ أو لأنه شخصية ضعيفة مترددة، كما كذب وافترى عدنان، إنما لأمر آخر، وهو أن عمر - رضي الله عنه - أراد أن يجنب قرابته أمر الاستخلاف، وهذا من ورع عمر - رضي الله عنه - وقد فعل هذا أيضًا مع سعيد بن زيد ابن عمه أحد العشرة الذين بشرهم رسول الله بالجنة وسعيد بن زيد هو راوي حديث العشرة، لذلك قال ابن حجر في "فتح الباري": "واقتصار عمر على الستة من العشرة لا إشكال فيه؛ لأنه منهم وكذلك أبو بكر ومنهم أبو عبيدة وقد مات قبل ذلك وأما سعيد بن زيد فهو ابن عم عمر فلم يسمه عمر فيهم مبالغة في التبري من الأمر وقد صرح في رواية المدائني بأسانيده أن عمر عد سعيد بن زيد فيمن توفي النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو عنهم راض إلا انه استثناه من أهل الشورى لقرابته منه وقد صرح بذلك المدائني بأسانيده قال فقال عمر: لا أرب لي في أموركم فأرغب فيها لأحد من أهلي". وفي صحيح البخاري في حديث البيعة بعد عمر قال عمر: "يَشْهَدُكُمْ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ وَلَيْسَ لَهُ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ -كَهَيْئَةِ التَّعْزِيَةِ لَهُ -". قال ابن حجر: "قوله: "كهيئة التعزية له": أي لابن عمر لأنه لما أخرجه من أهل الشورى في الخلافة أراد جبر خاطره بأن جعله من أهل المشاورة في ذلك".



فعمر - رضي الله عنه - يجعل عبد الله - رضي الله عنه - في أهل المشاورة في أمر الخلافة، مما يدل على أن عمر - رضي الله عنه - يعرف مدى رجاحة عقل ابنه عبد الله - رضي الله عنه -، إنما أراد تجنب ترشيحه لأمر الخلافة لقرابته منه، لا كما ذهب عدنان إبراهيم، ثم نذكر هذا الحديث لكي نرى رجاحة فهم ابن عمر من صغره، وفرح عمر - رضي الله عنه - بذلك، فقد أخرج البخاري ومسلم عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً لاَ يَسْقُطُ وَرَقُهَا وَهِيَ مَثَلُ الْمُسْلِمِ حَدِّثُونِي مَا هِيَ فَوَقَعَ النَّاسُ فِي شَجَرِ الْبَادِيَةِ وَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ قَالَ عَبْدُ اللهِ فَاسْتَحْيَيْتُ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللهِ أَخْبِرْنَا بِهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - هِيَ النَّخْلَةُ قَالَ عَبْدُ اللهِ فَحَدَّثْتُ أَبِي بِمَا وَقَعَ فِي نَفْسِي فَقَالَ لأَنْ تَكُونَ قُلْتَهَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِي كَذَا وَكَذَا". وفي رواية: "قَالَ ابْنُ عُمَرَ فَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ وَرَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ لاَ يَتَكَلَّمَانِ فَكَرِهْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ فَلَمَّا لَمْ يَقُولُوا شَيْئًا قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: هِيَ النَّخْلَةُ فَلَمَّا قُمْنَا قُلْتُ لِعُمَرَ يَا أَبَتَاهُ وَاللَّهِ لَقَدْ كَانَ وَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ فَقَالَ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَكَلَّمَ قَالَ لَمْ أَرَكُمْ تَكَلَّمُونَ فَكَرِهْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ، أَوْ أَقُولَ شَيْئًا قَالَ عُمَرُ لأَنْ تَكُونَ قُلْتَهَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا". قال ابن حجر: "ووجه تمنى عمر - رضي الله عنه - طبع الإنسان عليه من محبة الخير لنفسه ولولده ولتظهر فضيلة الولد في الفهم من صغره وليزداد من النبي - صلى الله عليه وسلم - حظوة ولعله كان يرجو أن يدعو له إذ ذاك بالزيادة في الفهم". وقال النووي: "وفيه سرور الإنسان بنجابة ولده وحسن فهمه وقول عمر - رضي الله عنه - لأن تكون قلت هي النخلة أحب إلى أراد بذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يدعو لابنه ويعلم حسن فهمه ونجابته". ثم أن ابن عمر - رضي الله عنه - عند علماء الأمة من علماء الصحابة ومن فقهاء الأمة، قال الذهبي في سير أعلام النبلاء: "الإِمَامُ، القُدْوَةُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ"، وقال ابن حجر: "وهو أحد العبادلة وفقهاء الصحابة والمكثرين منهم"، ثم إن ابن عمر - رضي الله عنه - عند المسلمين في عصره كان مما يصلح للخلافة ومن أهلها، وأن الناس كانوا يطلبون منه ذلك ولكنه كان زاهدًا في ذلك الأمر مخافة إراقة الدماء والانخراط في أمر الدنيا، فقد أخرج ابن سعد في "الطبقات" بإسناد لا بأس به عن خَالِدُ بْنُ سُمَيْرٍ، قَالَ: قِيلَ لِابْنِ عُمَرَ: لَوْ أَقَمْتَ لِلنَّاسِ أَمْرَهُمْ فَإِنَّ النَّاسَ قَدْ رَضُوْا بِكَ كُلُّهُمْ، فَقَالَ لَهُمْ: أَرَأَيْتُمْ إِنْ خَالَفَ رَجُلٌ بِالْمَشْرِقِ؟ قَالُوا: إِنْ خَالَفَ رَجُلٌ قُتِلَ، وَمَا قَتْلُ رَجُلٍ فِي صَلاَحِ الْأُمَّةِ، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أُحِبُّ لَوْ أَنَّ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَتْ بِقَائِمَةِ رُمْحٍ وَأَخَذْتُ بِزُجِّهٍ ، فَقُتِلَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَلِيَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا. خالد بن سمير هو السدوسي البصري. روى له: البخاري في الأدب المفرد، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه. قال ابن حجر: "صدوق يهم قليلًا". وأخرج بإسناد حسن عن نَافِعٌ أَنَّهُ دَخَلَ الْكَعْبَةَ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: فَسَجَدَ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ فِي سُجُودِهِ: "اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ لَوْلاَ مَخَافَتُكَ لَزَاحَمْنَا قَوْمَنَا قُرَيْشًا فِي أَمْرِ هَذِهِ الدُّنْيَا". وبإسناد صحيح عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ الْبَرَاءِ قَال: كُنْتُ أَمْشِي خَلْفَ ابْنِ عُمَرَ وَهُوَ لاَ يَشْعُرُ ، وَهُوَ يَقُولُ: وَاضِعِينَ سُيُوفَهُمْ عَلَى عَوَاتِقِهِمْ يَقْتُلُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، يَقُولُونَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ أَعْطِ بِيَدِكَ. وأبو العالية البراء البصري، اسمه زياد بن فيروز و قيل زياد بن أذينة وقيل كلثوم وقيل أذينة وقيل لقبه أذينة، مولى قريش. روى له: البخاري، ومسلم، والنسائي. وقال ابن حجر: "ثقة". وهذه شهادة أسلم مولى عمر في ابن عمر - رضي الله عنه - فأخرج ابن سعد بإسناد صحيح عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: كَيْفَ تَرَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ لَوْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ شَيْئًا؟ فَقَالَ: أَسْلَمُ: مَا رَجُلٌ قَاصِدٌ لِبَابِ الْمَسْجِدِ دَاخِلٌ أَوْ خَارِجٌ بِأَقْصَدَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ لِعَمَلِ أَبِيهِ. وأخرج ابن سعد في "الطبقات"، وأحمد في "فضائل الصحابة" بإسناد صحيح إلى الحسن البصري قَالَ: لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ قَالُوا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: إِنَّكَ سَيِّدُ النَّاسِ وَابْنُ سَيِّد ، فَاخْرُجْ نُبَايِعْ لَكَ النَّاسَ، قَالَ: إِنِّي وَاللَّهِ لَئِنِ اسْتَطَعْتُ لاَ يُهَرَاقُ فِي سَبَبِي مِحْجَمَةٌ مِنْ دَمٍ، فَقَالُوا: لَتَخْرُجَنَّ أَوْ لَنَقْتُلَنَّكَ عَلَى فِرَاشِكَ، فَقَالَ لَهُمْ مِثْلَ قَوْلِهِ الأَوَّلِ، قَالَ الْحَسَنُ: فَأَطْمَعُوهُ وَخَوَّفُوهُ ، فَمَا اسْتَقْبَلُوا مِنْهُ شَيْئًا حَتَّى لَحِقَ بِاللَّهِ. ولذا قال ابن الأثير في "أسد الغابة": "وكان ابن عمر شديد الاحتياط والتوقي لدينه في الفتوى، وكل ما تأخذ به نفسه، حتى إنه ترك المنازعة في الخلافة مع كثرة ميل أهل الشام إليه ومحبتهم له". وقال أيضًا الذهبي في "سير أعلام النبلاء": "قلت -أي الذهبي: كاد أن تنعقد البيعة له يومئذ، مع وجود مثل الإمام علي وسعد بن أبي وقاص، ولو بويع، لما اختلف عليه اثنان، ولكن الله حماه وخار له". فماذا بعد هذه الشهادات في بيان أن ابن عمر - رضي الله عنه - كان ممن علم الناس أنه يصلح لسياسة الناس وللقيادة السياسية، وإنما تركها مخافة إراقة الدماء وخوفًا على نفسه من تنافس الدنيا، فهل نترك هذا لسخافات هذا التائه الضال عدنان إبراهيم، عامله الله بما يستحق.



ثم ابن عمر - رضي الله عنه - كان متأنيًا فيما يقول ويفتي به، فأخرج ابن سعد في "الطبقات" بإسناد حسن عن نَافِعٌ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ عَنْ مَسْأَلَةٍ ، فَطَأْطَأَ ابْنُ عُمَرَ رَأْسَهُ، وَلَمْ يُجِبْهُ حَتَّى ظَنَّ النَّاسُ أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مَسْأَلَتَهُ، قَالَ: فَقَالَ لَهُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ أَمَا سَمِعْتَ مَسْأَلَتِي؟ قَالَ: "بَلَى وَلَكِنَّكُمْ كَأَنَّكُمْ تَرَوْنَ أَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِسَائِلِنَا عَمَّا تَسْأَلُونَنَا عَنْهُ، اتْرُكْنَا يَرْحَمْكَ اللَّهُ حَتَّى نَتَفَهَّمَ فِي مَسْأَلَتِكَ ، فَإِنْ كَانَ لَهَا جَوَابٌ عِنْدَنَا، وَإِلاَّ أَعْلَمْنَاكَ أَنَّهُ لاَ عَلِمَ لَنَا بِه"ِ. ولذا قال ابن عبد البر في "الاستيعاب": "وكان - رضي الله عنه - شديد التحري والاحتياط والتوقي في فتواه، وكل ما يأخذ به نفسه". فما هو بضعيف متردد يا عدنان!!



ثم يحاول عدنان إبراهيم أن يخدع الناس فيظهر الثناء على ابن عمر - رضي الله عنه - فيقول: "سيدنا عبد الله بن عمر - رضي الله عنه - رجل صالح صالح، ومتسنن وعابد وتقي". انظر كيف يتفضل عدنان فيصف عبد الله بن عمر - رضي الله عنه - بأنه رجل صالح، فنقول له لا ننتظر منك يا عدنان أن تثني على ابن عمر - رضي الله عنه - وتصفه بالصلاح، فقد شهد له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك، فأخرج البخاري وغيره، عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - قَالَ: رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّ فِي يَدِي سَرَقَةً مِنْ حَرِيرٍ لاَ أَهْوِي بِهَا إِلَى مَكَانٍ فِي الْجَنَّةِ إِلاَّ طَارَتْ بِي إِلَيْهِ فَقَصَصْتُهَا عَلَى حَفْصَةَ. فَقَصَّتْهَا حَفْصَةُ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: "إِنَّ أَخَاكِ رَجُلٌ صَالِحٌ، أَوْ قَالَ إِنَّ عَبْدَ اللهِ رَجُلٌ صَالِحٌ". وفي رواية: "فَزَعَمَتْ حَفْصَةُ أَنَّهَا قَصَّتْهَا عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: "إِنَّ عَبْدَ اللهِ رَجُلٌ صَالِحٌ لَوْ كَانَ يُكْثِرُ الصَّلاَةَ مِنَ اللَّيْلِ". قَالَ الزُّهْرِيُّ، وَكَانَ عَبْدُ اللهِ بَعْدَ ذَلِكَ يُكْثِرُ الصَّلاَةَ مِنَ اللَّيْلِ". وقال كذلك كل من روى الحديث عن ابن عمر، فقَالَ سَالِمٌ بن عبد الله: "فَكَانَ عَبْدُ اللهِ لاَ يَنَامُ مِنَ اللَّيْلِ إِلاَّ قَلِيلا". وقال نَافِعٌ: "لَمْ يَزَلْ بَعْدَ ذَلِكَ يُكْثِرُ الصَّلاَةَ". أخرج كل هذه الروايات البخاري في "صحيحه". وقد بوب البخاري على هذا الحديث: "باب مَنَاقِبُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رضي الله عنهما - "، وبوب الترمذي عليه في جامعه: " باب: مناقب عبد الله بن عمر - رضي الله عنه -"، وذكره ابن حبان في صحيحه تحت: "ذكر شهادة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - لعبد الله بن عمر بالصلاح". وبوب عليه البغوي في "شرح السنة": "باب مناقب عبد الله بن عمر بن الخطاب أبي عبد الرحمن القرشي العدوي - رضي الله عنه - ". وقال العيني في "عمدة القاري" معقبًا على إخراج البخاري لهذا الحديث في باب مناقب ابن عمر - رضي الله عنه -: "مطابقته للترجمة ظاهرة؛ لأن قول النبي إن عبد الله رجل صالح منقبة عظيمة له".



وقال أبو نعيم في "معرفة الصحابة": "وعده رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الصالحين". ثم نمضي في ذكر ما أتصف به ابن عمر - رضي الله عنه -ن فضائل الأخلاق ومحاسنه ثناء أهل عصره عليه ومعرفتهم لقدره ومنزلته، فأخرج ابن سعد في "الطبقات"، وأحمد في "فضاءل الصحابة" بإسناد صحيح عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ -ابن مسعود-: إِنَّ أَمْلَكَ شَبَابِ قُرَيْشٍ لِنَفْسِهِ عَنِ الدُّنْيَا ابْنُ عُمَرَ.



وقال ابن حجر في "الإصابة": "وأخرج أبو سعيد بن الأعرابي بسند صحيح وهو في الغيلانيات والمحامليات عن سالم بن أبي الجعد عن جابر: "ما منا من أحد أدرك الدنيا إلا مالت به ومال بها غير عبد الله بن عمر". وأخر أيضًا أحمد في فضائل الصحابة وعنه أبو نعيم في "معرفة الصحابة". وفي رواية عند أبي نعيم في "معرفة الصحابة": عَنْ يُوسُفَ بْنِ مِهْرَانَ، قَالَ: كُنَّا مَعَ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ فَمَرَّ بِنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ يَطُوفُ، فَقَالَ جَابِرٌ: "إِذَا سَرَّكُمْ أَنْ تَنْظُرُوا إِلَى أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِينَ لَمْ يُغَيِّرُوا، وَلَمْ يُبَدِّلُوا فَانْظُرُوا إِلَيْهِ، مَا مِنْ أَحَدٍ إِلَّا غَيَّرَ".



وقال ابن حجر في "الإصابة": "وفي تاريخ أبي العباس السراج بسند حسن عن السدي رأيت نفرًا من الصحابة كانوا يرون أنه ليس أحد فيهم على الحالة التي فارق عليها النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا ابن عمر". ولذا قال أبو نعيم: "مِنْ أَمْلَكِ شَبَابِ قُرَيْشٍ عَنِ الدُّنْيَا، وأعطي المعرفة بالآخرة، والإيثار لها حق اليقين، لم تغيره الدنيا، ولم تفتنه، كان من البكائين الخاشعين".



وقال ابن حجر في "الإصابة": " وفي معجم البغوي بسند حسن عن سعيد بن المسيب لو شهدت لأحد من أهل الجنة لشهدت لابن عمر. ومن وجه صحيح، كان ابن عمر حين مات خير من بقي".



ونذكر هنا أيضًا محبة الناس لابن عمر - رضي الله عنه -، دون أن يكون بينه وبينهم منفعة دنيوية من إمارة أو أموال ونحو ذلك فأخرج ابن سعد في "الطبقات" بإسناد صحيح، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ ، فَجَعَلَ النَّاسُ يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى دَابَّتِهِ ، فَقَالَ لِيَ ابْنُ عُمَرَ: "يَا مُجَاهِدُ إِنَّ النَّاسَ يُحِبُّونَنِي حُبًّا لَوْ كُنْتُ أُعْطِيهُمُ الذَّهَبَ وَالْوَرِقَ مَا زِدْتُ".



ثم بماذا ترجموا له العلماء في كتبهم: قال أبو نعيم في "معرفة الصحابة": "عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَدَوِيُّ خَالُ الْمُؤْمِنِينَ، مِنْ أَمْلَكِ شَبَابِ قُرَيْشٍ عَنِ الدُّنْيَا، أُمُّهُ وَأُمُّ أُخْتِهِ حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: زَيْنَبُ بِنْتُ مَظْعُونِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ وَهْبِ بْنِ حُذَافَةَ بْنِ جُمَحَ، هَاجَرَ مَعَ أَبِيهِ عُمَرَ - رضي الله عنهما -، كَانَ آدَمَ طُوَالًا لَهُ جُمَّةٌ مَفْرُوقَةٌ تَضْرِبُ قَرِيبًا مِنْ مَنْكِبَيْهِ، يَقُصُّ شَارِبَهُ، وَيُشَمِّرُ إِزَارَهُ، يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ، أُعْطِيَ الْقُوَّةَ فِي الْعِبَادَةِ، وَفِي الْبِضَاعِ، كَانَ مِنَ التَّمَسُّكِ بِآثَارِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالسَّبِيلِ الْمُبِينِ، وَأُعْطِيَ الْمَعْرِفَةَ بِالْآخِرَةِ، وَالْإِيثَارَ لَهَا حَقَّ الْيَقِينِ، لَمْ تَغَيِّرْهِ الدُّنْيَا، وَلَمْ تَفْتِنْهُ، كَانَ مِنَ الْبَكَّائِينَ الْخَاشِعِينَ، وَعَدَّهُ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الصَّالِحِينَ، اسْتَصْغَرَهُ عَنْ بَدْرٍ فَغَلَبَهُ الْحُزْنُ وَالْبُكَاءُ، وَأَجَازَهُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، فَأَذْهَلَهُ عَنِ الْأَمْنِ وَالتُّكَى، نَقْشُ خَاتَمِهِ عَبْدُ اللهِ لِلَّهِ، أَصَابَ رِجْلَهُ زُجُّ رُمْحٍ فَوَرِمَتْ رِجْلَاهُ، فَتُوُفِّيَ مِنْهَا بِمَكَّةَ سَنَةَ أَرْبَعٍ، وَقِيلَ: ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ، وَدُفِنَ بِالْمُحَصَّبِ، وَقِيلَ: بِذِي طُوًى، وَقِيلَ: بِسَرِفَ، مَاتَ وَهُوَ ابْنُ سِتٍّ وَثَمَانِينَ". وقال الذهبي في "سير أعلام النبلاء": "الإمام القدوة شيخ الإسلام، أبو عبد الرحمن القرشي العدوي المكي، ثم المدني.



أسلم وهو صغير، ثم هاجر مع أبيه لم يحتلم، واستصغر يوم أحد، فأول غزواته الخندق، وهو ممن بايع تحت الشجرة، وأمه أم، أم المؤمنين حفصة: زينب بنت مظعون أخت عثمان بن مظعون الجمحي. روى علمًا كثيرًا نافعًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعن أبيه، وأبي بكر، وعثمان، وعلي، وبلال، وصهيب، وعامر بن ربيعة، وزيد بن ثابت، وزيد عمه، وسعد، وابن مسعود، وعثمان بن طلحة، وأسلم، وحفصة أخته، وعائشة. وغيرهم".



هذا ظننا في هذا الصحابي الجليل - رضي الله عنه -.



ولكن تدني عدنان وأصر على ووصف ابن عمر - رضي الله عنه - بأنه كان همه كله في النساء بشهادة والده أمير المؤمنين عمر - رضي الله عنه -، فقال: "ابن عمر يحب النساء وأستاذ فيها معروف"، ويقول أيضًا: "عنده تعلق بالنساء هو طبيعته هيك". ويقول أيضًا: "عنده طاقة جنسية جبارة"، وقال أيضًا: "هنا في مصنف عبد الرزاق وقعت له على شيء عجيب كان خريتًا وخبيرًا بهذه الأشياء يعرفها ويستشار فيها معروف". ثم أخذ في سرد روايات عن ابن عمر - رضي الله عنه - لكي يؤكد ذلك ثم يعلق عليها باستهزاء، وهذه الروايات التي أخرجها عبد الرزاق في "مصنفه" تحت: "باب الرجل يكشف الأمة حين يشتريها"، فذكر الأثر الأول: عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء قال: قلت له: الرجل يشتري الأمة أينظر إلى ساقيها وقد حاضت، أو إلى بطنها؟ قال: نعم، قال عطاء: كان ابن عمر يضع يده بين ثدييها وينظر إلى بطنها وينظر إلى ساقيها أو يأمر به. علق عدنان إبراهيم بقوله: "قلت لكم أستاذ معروف قدوة". ثم قال: "هذا الباب كله عن ابن عمر أفهم له دلالة علمية". ثم ذكر الرواية رقم (13202): "قال معمر وأخبرني بن أبي نجيح عن مجاهد قال وضع بن عمر يده بين ثدييها ثم هزها".



قال عدنان معلقًا: "ليشوف قوة تحمها وجستها كلها على بعضها أحرقوه عبد الرزاق أحرقوا المصنف لم نؤلف من دارنا". إلا أن عدنان إبراهيم كان غير أمين في نقله كعادته فعندما ذكر الأثر رقم (13203) ذكره هكذا عن ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن مجاهد قال كنت مع ابن عمر في السوق فأبصر بجارية تباع فكشف عن ساقها وصك في صدرها، وقال: "اشتروا".



ولم يكمل عدنان إبراهيم بقية الأثر لغرض في نفسه وهو قول مجاهد: "يُريهم أنه لا بأس بذلك". فعدنان إبراهيم وقف عند قول ابن عمر: "وقال: اشتروا"، وحذف قول مجاهد: "يريهم أنه لا بأس بذلك"؛ لأنها تعكر عليه استدلاله. وقد أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (20610): حَدَّثَنَا جَرِير، عَنْ مَنْصُور، عَنْ مُجَاهِد، قَالَ: كُنْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ أَمْشِي فِي السُّوقِ فَإِذَا نَحْنُ بِنَاسٍ مِنَ النَّخَّاسِينَ قَدَ اجْتَمَعُوا عَلَى جَارِيَةٍ يُقَلِّبُونَهَا، فَلَمَّا رَأَوْا ابْنَ عُمَرَ تَنَحَّوْا وَقَالُوا: ابْنُ عُمَرَ قَدْ جَاءَ، فَدَنَا مِنْهَا ابْنُ عُمَرَ فَلَمَسَ شَيْئًا مِنْ جَسَدِهَا، وَقَالَ: أَيْنَ أَصْحَابُ هَذِهِ الْجَارِيَةِ؟ فَإنَّمَا هِيَ سِلْعَةٌ. فأكدت هذه الرواية أن ابن عمر فعل ذلك ليبين للناس جواز ذلك لما رأى منهم تحرجًا، فابن عمر - رضي الله عنه - صاحب علم وفتوى، وليس فعله هذا لشهوة كما هو ظاهر!! ونقول: نعم هذه الروايات التي في مصنف عبد الرزاق صحيحة عن ابن عمر - رضي الله عنه -، ولم يتفرد بروايتها، فقد أخرجها أيضًا ابن أبي شيبة في "مصنفه"، والبيهقي في "السنن الكبرى"، وأهل السنة والجماعة بحق لا يحرقون أمهات مصنفاتهم؛ إنما يفهمون ما فيها فهمًا صحيحًا، ويميزون بين صحيحها وضعيفها، ولا يخفون شيئًا منها، قال الإمام وكيع بن الجراح -رحمه الله-: "أهل العلم يكتبون مالهم وما عليهم، وأهل الأهواء لا يكتبون إلا مالهم". أخرجه الدارقطني في "سننه".



وإنما أفتى من أفتى من العلماء بحرق كتب السحر والزندقة والملاحدة ونحو ذلك. ولكن ما دلالة هذه الآثار المروية عن ابن عمر - رضي الله عنه -؟ هل تدل على ما ذهب عدنان إليه من ابن عمر كان خبرًا بالنساء ونحو ذلك مما قاله؟ نقول بالتأكيد لا، لكنها تدل على أن فعل ابن عمر - رضي الله عنه - إنما كان لبيان جواز هذا الفعل، ولتأكيد ذلك دلهم عليه بفعله، فهو صاحب علم وفتوى، وليس فعله هذا لشهوة. نقول أن هذه الروايات التي ذكرها عدنان إبراهيم ليس فيها ما يدعيه على ابن عمر - رضي الله عنه - بأنه كان خبيرًا بالنساء أو (نسونجي)؛ لأن هذه الروايات متعلقة بمسألة وهي: هل يجوز لمن يريد شراء الأمة أن ينظر إلى بدنها؟ وفعل ابن عمر - رضي الله عنه - متعلق بهذه المسألة، ثم إن ابن عمر - رضي الله عنه - لم يتفرد بهذا الحكم فقد قال به غير واحد من التابعين ومن بعدهم، وإليك بيان ذلك: ذكر ابن أبي شيبة في مصنفه باب: " الرّجل يرِيد أن يشترِي الجارِية فيمسُّها" ثم أخرج أثار عن ابن عمر - رضي الله عنه - بنحو ما أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه"، ولكنه زاد عليه ما أخرجه. مصنف ابن أبي شيبة (20613): حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ أَنَّهُ سَاوَمَ بِجَارِيَةٍ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى ثَدْيَيْهَا وَصَدْرِهَا.



وعبد الله بن حبيب هو ابن أبى ثابت، و اسمه قيس بن دينار الأسدي، مولاهم الكوفي.



قال المزي في "تهذيب الكمال": قال إسحاق بن منصور، عن يحيى بن معين: ثقة.



وكذلك قال أبو القاسم الطبراني. وقال النسائي: ليس به بأس.



وذكره ابن حبان في كتاب "الثقات".



روى له مسلم حديثًا، والنسائي في "خصائص على "حديثًا".



وقال ابن حجر في "تهذيب التهذيب": وقال الدارقطني: عبد الله و عبيد الله و عبد السلام بنو حبيب بن أبى ثابت، وكلهم ثقات. وقال ابن خلفون: وثقه ابن نمير". ولذا قال ابن حجر في "التقريب": "ثقة". وأبو جعفر هو محمد بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب القرشي الهاشمي المدني، أبو جعفر الباقر. روى له: البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي وابن ماجه.



قال ابن حجر في "التقريب": "ثقة".



وقد ذكر المزي في ترجمة عبد الله بن حبيب أنه روى عن: أبى جعفر محمد بن على بن الحسين. وهذا إسناد صحيح وأبو جعفر الباقر من أهل البيت، فماذا سيصنع عدنان إبراهيم؟! فالباقر رحمه الله ورضي عنه فعل مثل فعل ابن عمر - رضي الله عنه -، فهل الباقر كان خبيرًا بالنساء؟! وأخرج ابن أبي شيبة في "المصنف" (20615): حَدَّثَنَا أَزْهَرُ السَّمَّانُ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، قَالَ: "كَانَ مُحَمَّدٌ إذَا بُعِثَ إلَيْهِ بِالْجَارِيَةِ يَنْظُرُ إلَيْهَا كَشَفَ بَيْنَ سَاقَيْهَا وَذِرَاعَيْهَا".



وأزهر السمان هو أزهر بن سعد السمان، أبو بكر الباهلي مولاهم البصري



روى له: البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي.



قال ابن حجر في "التقريب": "ثقة".



وقال الذهبي في "الكاشف": "حجة".



وابن عون هو عبد الله بن عون بن أرطبان المزني، أبو عون البصري



روى له: البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.



قال ابن حجر في "التقريب": "ثقة ثبت فاضل من أقران أيوب في العلم و العمل و السن.



وقال الذهبي في "الكاشف": "أحد الأعلام، قال هشام بن حسان: لم تر عيناي مثله. و قال الأوزاعي: إذا مات ابن عون وسفيان استوى الناس".



قال المزي في "تهذيب الكمال: روى عن: محمد بن سيرين.



وروى عنه: أزهر بن سعد السمان.



فتبين أن محمدًا المذكور في الإسناد هو التابعي محمد بن سيرين مولى أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال ابن حجر في "التقريب": "ثقة ثبت كبير القدر، كان لا يرى الرواية بالمعنى".



وقال الذهبي في "الكاشف": "ثقة حجة، أحد الأعلام، كبير العلم". فهذا إسناد غاية في الصحة، فماذا سيصنع عدنان إبراهيم؟! فابن سيرين رحمه الله فعل مثل فعل ابن عمر - رضي الله عنه -، فهل ابن سيرين كان خبيرًا بالنساء؟!



كما أن عدنان إبراهيم لم يذكر أن عبد الرزاق في "مصنفه" بعد أن روى ما جاء عن ابن عمر - رضي الله عنه -، ذكر رواية عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - بنحو ما روي عن ابن عمر - رضي الله عنه -، ففي "مصنف عبد الرزاق" (7/287) رقم (13208): عن ابن جريج قال أكل في... أصدق [وقع سقط في المطبوعة، ولذا قال الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي في تحقيقه على المصنف: هنا كلمة غير مستبينة وما قبلها كما أثبت، والصواب عندي "قال: أخبرني من أصدق] عمن سمع عليًا يسأل عن الأمة تباع أَينظر إلى ساقها وعجزها وإلى بطنها؟ قال: لا بأس بذلك لا حرمة لها إنما وقفت لنساومها. ولكن عدنان كتمه ولم يذكره، وإن كان في إسناده سقط كما أشار الأعظمي، وفيه أيضًا عنعنة ابن جريج، وراو مبهم وهو قوله: "عمن سمع عليًا"، ولكن كان على عدنان إبراهيم من الأمانة العلمية أن يذكر ذلك ثم يبين ضعف الإسناد عن علي - رضي الله عنه -، ولكنه أراد أن يظهر ابن عمر بأنه متفرد بهذا الصنيع، حتى يظهره بهذا المظهر!!



وقال الباجي المالكي في "المنتقى شرح الموطأ"Sadمَسْأَلَةٌ): وَأَمَّا الرَّجُلُ يُرِيدُ شِرَاءَ الْأَمَةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى وَجْهِهَا وَيَدَيْهَا، وَهَلْ لَهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى بَدَنِهَا؟ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ لَا بَأْسَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى سَاقَيْهَا وَعَجُزِهَا وَبَطْنِهَا، وَقَالَ: لَا حُرْمَةَ لَهَا، وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَضَعُ يَدَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهَا، وَرُوِيَ عَنْ الشَّعْبِيِّ يَنْظُرُ إِلَى جَمِيعِهَا إِلَّا الْفَرْجَ، وَفِي الْمُدَوَّنَةِ عَنْ مَالِكٍ مَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ".



وقال ابن مفلح الحنبلي في "الفروع": "وَيَنْظُرُ مِنْ أَمَةٍ مُسْتَامَةٍ رَأْسًا وَسَاقًا، وَعَنْهُ -الإمام أحمد-: سِوَى عَوْرَةِ الصَّلَاةِ، وَقِيلَ: كَمَخْطُوبَةٍ، نَقَلَ حَنْبَلٌ: لَا بَأْسَ أَنْ يُقَلِّبَهَا إذَا أَرَادَ الشِّرَاءَ، مِنْ فَوْقِ الثَّوْبِ؛ لِأَنَّهَا لَا حُرْمَةَ لَهَا.



قَالَ الْقَاضِي: جَازَ تَقْلِيبُ الصَّدْرِ وَالظَّهْرِ بِمَعْنَى لَمْسِهِ مِنْ فَوْقِ الثِّيَابِ، وَرَوَى أَبُو حَفْصٍ بِإِسْنَادِهِ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَضَعُ يَدَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهَا وَعَلَى عَجُزِهَا مِنْ فَوْقِ الثِّيَابِ، وَيَكْشِفُ عَنْ سَاقِهَا". وهو عند البيهقي في "السنن الكبرى" (5/329) عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ كَانَ إِذَا اشْتَرَى جَارِيَةً كَشَفَ عَنْ سَاقِهَا، وَوَضَعَ يَدَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهَا وَعَلَى عَجُزِهَا". وَكَأَنَّهُ كَانَ يَضَعُهَا عَلَيْهَا مِنْ وَرَاءِ الثَّوْبِ. قال الألباني في "إرواء الغليل": "والسند صحيح".



وفي "شرح منتهى الإرادات": (وَرَأْسٍ وَسَاقٍ مِنْ أَمَةٍ مُسْتَامَةٍ) أَيْ مُعَرَّضَةٍ لِلْبَيْعِ يُرِيدُ شِرَاءَهَا كَمَا لَوْ أَرَادَ خِطْبَتَهَا بَلْ الْمُسْتَامَةُ أَوْلَى؛ لِأَنَّهَا تُرَادُ لِلِاسْتِمْتَاعِ وَغَيْرِهِ نَقَلَ حَنْبَلٌ، لَا بَأْسَ أَنْ يُقَلِّبَهَا إذَا أَرَادَ الشِّرَاءَ مِنْ فَوْقِ الثِّيَابِ؛ لِأَنَّهَا لَا حُرْمَةَ لَهَا.



وَرَوَى أَبُو حَفْصَة أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَضَعُ يَدَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهَا وَعَلَى عَجُزِهَا مِنْ فَوْقِ الثِّيَابِ وَيَكْشِفُ عَنْ سَاقَيْهَا".



وقال ابن ضويان في "منار السبيل":

"وكذا أمة مستامة، لما روى أبو حفص بإسناده: أن ابن عمر كان يضع يده بين ثدييها، وعلى عجزها من فوق الثياب، ويكشف عن ساقها ذكره في الفروع". قصدنا هو بيان أن من العلماء من قال بنحو قول ابن عمر - رضي الله عنه -، فنقول لعدنان إبراهيم فهل كل هؤلاء العلماء الذين وافقوا ابن عمر - رضي الله عنه - كانوا خبراء بالنساء؟!، ولكن لا يستبعد على عدنان إبراهيم أن يقول: نعم كانوا خبراء!! ونحن ليس بصدد بحث هذه المسألة، ولكن هدفنا هو ذكر أقوال أهل العلم في هذه المسألة من أقوال لهم أيضًا ما في مصنف ابن أبي شيبة (20614):حَدَّثَنَا ابْنُ مُبَارَكٍ، عَنِ الأَوْزَاعِي، قَالَ: سَمِعْتُ عَطَاءً وَسُئِلَ عَنِ الْجَوَارِي اللاَتِي تُبَعْنَ بِمَكَّةَ ، فَكَرِهَ النَّظَرَ إلَيْهِنَّ إلاَّ لِمَنْ يُرِيدُ أَنْ يَشْتَرِيَ. وهذا إسناد صحيح. ونقل عن أبي موسى التشديد في ذلك فأخرج ابن أبي شيبة في "المصنف" (20617)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (4/411) من طريق حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ حَكِيمٍ الأَثْرَمِ، عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى أَنَّهُ خَطَبَهُمْ فَقَالَ: "لاَ أَعْلَمُ رَجُلًا اشْتَرَى جَارِيَةً فَنَظَرَ إلَى مَا دُونَ الْحَاوِيَة وَإِلَى مَا فَوْقَ الرُّكْبَةِ إلاَّ عَاقَبْته". ولفظ الطحاوي: "لَا أَعْرِفَنَّ أَحَدًا نَظَرَ مِنْ جَارِيَةٍ إلَّا إلَى مَا فَوْقَ سُرَّتِهَا وَأَسْفَلَ مِنْ رُكْبَتَيْهَا لَا أَعْرِفَنَّ أَحَدًا فَعَلَ ذَلِكَ إلَّا عَاقَبْتُهُ". وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات غير حكيم الأثرم فقال النسائي: "ليس به بأس"، وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال الآجري عن أبى داود: "ثقة". وقال ابن أبى شيبة: سألت عنه ابن المديني فقال: "ثقة عندنا". وفي "التقريب": "فيه لين". فهل بعد هذا العرض لأقوال أهل العلم يبقى لعدنان إبراهيم متعلق فيما ذهب إليه!! ثم يمضي عدنان إبراهيم في مشواره الذي يريد به إثبات أن ابن عمر - رضي الله عنه - كان خبيرًا بالنساء، فيذكر قول ابن عمر: "لقد أعطيت من الجماع شيئًا ما أعلم أحدًا أعطيه إلا أن يكون رسول الله - صلى الله عليه وسلم -". ويعلق عدنان بقوله: "كان عنده طاقة في هذا الشيء شيء فظيع مش طبيعي رجل جبار في هذا الشيء الله يهنيه، واضح أنه متميز هذا أيش نعمل له نعمة من الله الذي أنعم عليه". نقول لعدنان إبراهيم: ماذا لو أعطى الرجل قوة في الجماع؟! هل معنى هذا أنه لا يصلح إلا لذلك؟، أو ينبغي أن يعير بذلك ويشنع عليه؟! ويكون ذلك سببًا في أن يقال: إنه لا يصلح إلا لذلك؛ والجواب: لا ينبغي ذلك؛ لأنه من الممكن أن يجمع الرجل بين قوة الجماع، وغيره من الأمور كالحزم والأناة، والثبات، وقوة الجأش ونحو ذلك!! سبحانك هذا بهتان عظيم.



ثم انظر إلى علماء الأمة ماذا قالوا عن قوة ابن عمر في الجماع، عدوا ذلك من كمالاته، فقال أبو نعيم في "معرفة الصحابة": "أُعْطِيَ الْقُوَّةَ فِي الْعِبَادَةِ، وَفِي الْبِضَاعِ". ثم إن نبينا - صلى الله عليه وسلم - قد أعطي قوة ثلاثين رجلًا في الجماع، كما قال أنس - رضي الله عنه - : "كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّهُ أُعْطِيَ قُوَّةَ ثَلاَثِينَ". قال ابن حجر في "فتح الباري": "في هذا الحديث من الفوائد غير ما تقدم ما أعطى النبي - صلى الله عليه وسلم - من القوة على الجماع وهو دليل على كمال البنية وصحة الذكورية". ومع ذلك لم يكن هذا الأمر يتعارض مع مهام النبوة وبقية شئونه. ولكنها الأهواء!!



ثم يذكر عدنان إبراهيم ما أخرجه الطبراني وغيره عن محمد بن سيرين قال: "ربما أفطر ابن عمر على الجماع". قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" إسناده حسن". وقال العيني في "عمدة القاري": "وإسناده حسن". علق عدنان إبراهيم بقوله: "يفطر على امرأته هناه الله مش قادر يتحمل عنده طاقة جبارة رضوان الله عليه". نقول لعدنان إن العلماء يستدلون بفعل ابن عمر هذا على جواز أن يفطر الرجل على جماع زوجته، فلا مانع من أن يطأ الرجل الصائم زوجته بعد غروب الشمس قبل أن يأكل أو يشرب شيئًا، وصومه صحيح ولا يلزمه شيء؛ لأنه بمجرد غروب الشمس فقد حل للصائم ما كان محرمًا عليه من الأكل والشرب والوطء، فله أن يفعل من ذلك ما يشاء. قال العيني في "عمدة القاري": "وروينا عن ابن عمر أنه كان ربما أفطر على الجماع رواه الطبراني من رواية محمد ابن سيرين عنه وإسناده حسن، وذلك يحتمل أمرين:

أحدهما: أن يكون ذلك لغلبة الشهوة وإن كان الصوم يكسر الشهوة.



والثاني: أن يكون لتحقق الحل من أهله، وربما يتردد في بعض المأكولات".



ولعل ابن عمر - رضي الله عنه - فعل ذلك لبيان عدم التحرج من هذا الفعل.



ثم يمضي عدنان إبراهيم في محاولة فجة ليثبت أن ابن عمر كان همه النساء، وذلك بذكر أن عمر - رضي الله عنه - كان يخاف على ابنه عبد الله من الوقوع في الزنا، قد يقال: إنك تبالغ في ذلك إن عدنان إبراهيم لم يقصد ذلك، وحتى نقطع هذا كله نذكر كلام عدنان إبراهيم في ذلك فقال ما نصه: "في مناقب عمر لابن الجوزي في صفحة (150) عن ابن عمر قال استأذنت عمر في الجهاد، فقال: أي بني إني أخاف عليك الزنى –قال عدنان معلقًا: يعرف إنه عنده طاقة جبارة، جبارة ممكن لا يتحمل وبعدين يأخذ له جارية!!- فقلت: أو على مثلي تتخوف ذلك؟ قال: تلقون العدو فيمنحكم الله أكنافهم فتقتلون المقاتلة وتسبون الذرية وتجمعون المتاع فتقام جارية في المغنم فينادى عليها فتسوم بها فينكل الناس عنك ويقولون: ابن أمير المؤمنين ولله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل فيها حق فتقع عليها فإذا أنت زان، أجلس". قال عدنان: "في سؤال هنا كان يقول لأبيه نبهتني لم أفعل هذا، لا أبوه يعرف أنه ربما لا يستطيع أن يقاوم عنده طاقة جنسية جبارة".



نقول لعدنان إبراهيم:

أولًا: أن هذه الرواية التي ذكرتها من كتاب ابن الجوزي لا إسناد لها، فلا حجة فيها.



ثانيًا: أنه على فرض صحتها لا دلالة فيها على ما ادعاه عدنان إبراهيم من أن عمر - رضي الله عنه - كان يعرف عدم قدرة أبنه عبد الله - رضي الله عنه - على تحمل أمر النساء، فكل ما في هذه القصة، شدة ورع عمر - رضي الله عنه - وخوفه من مجاملة الناس لأبنه في أمر الجواري فخشي عليه أن يقع على جارية لا تحل له، فهذا الأمر الذي خاف منه عمر - رضي الله عنه - أن يقع من الناس قد يخفى على ابن عمر - رضي الله عنه - ولا يظهر، ولهذا لا حاجة لابن عمر - رضي الله عنه - لمراجعة أبيه في هذا الأمر، بل كان عليه طاعة أمير المؤمن
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
مناقشة علمية لعدنان إبراهيم في طعنه في عبدالله بن عمر
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  شرح علل ابن أبي حاتم pdf .. د.إبراهيم عبدالله اللاحم
»  تفسير أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها د. عبدالله عبدالله أبو السعود بدر
» مناقشة في تغطية الوجه
» فتاوى الشيخ العلامة عبدالله بن جبرين المؤلف الشيخ عبدالله بن جبرين
» مناقشة العلاقة بين الإسلام والديموقراطية جدل سفسطائي، أم قربى إلى الله؟

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اسلام ويب :: ۩✖ Known to the islam ۩✖ :: شبهـات حــول الاسـلام-
انتقل الى: