اسلام ويب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

من فقه الدعاء يقول سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "أنا لا أحمل همَّ الإجابة، وإنما أحمل همَّّ الدعاء، فإذا أُلهمت الدعاء كانت الإجابة معه". وهذا فهم عميق أصيل ، فليس كل دعاء مجابًا، فمن الناس من يدعو على الآخرين طالبًا إنزال الأذى بهم ؛ لأنهم ينافسونه في تجارة ، أو لأن رزقهم أوسع منه ، وكل دعاء من هذا القبيل ، مردود على صاحبه لأنه باطل وعدوان على الآخرين. والدعاء مخ العبادة ، وقمة الإيمان ، وسرّ المناجاة بين العبد وربه ، والدعاء سهم من سهام الله ، ودعاء السحر سهام القدر، فإذا انطلق من قلوب ناظرة إلى ربها ، راغبة فيما عنده ، لم يكن لها دون عرش الله مكان. جلس عمر بن الخطاب يومًا على كومة من الرمل ، بعد أن أجهده السعي والطواف على الرعية ، والنظر في مصالح المسلمين ، ثم اتجه إلى الله وقال: "اللهم قد كبرت سني ، ووهنت قوتي ، وفشت رعيتي ، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفتون ، واكتب لي الشهادة في سبيلك ، والموت في بلد رسولك". انظر إلى هذا الدعاء ، أي طلب من الدنيا طلبه عمر، وأي شهوة من شهوات الدنيا في هذا الدعاء ، إنها الهمم العالية ، والنفوس الكبيرة ، لا تتعلق أبدًا بشيء من عرض هذه الحياة ، وصعد هذا الدعاء من قلب رجل يسوس الشرق والغرب ، ويخطب وده الجميع ، حتى قال فيه القائل: يا من رأى عمرًا تكسوه بردته ** والزيت أدم له والكوخ مأواه يهتز كسرى على كرسيه فرقًا ** من بأسه وملوك الروم تخشاه ماذا يرجو عمر من الله في دعائه ؟ إنه يشكو إليه ضعف قوته ، وثقل الواجبات والأعباء ، ويدعو ربه أن يحفظه من الفتن ، والتقصير في حق الأمة ، ثم يتطلع إلى منزلة الشهادة في سبيله ، والموت في بلد رسوله ، فما أجمل هذه الغاية ، وما أعظم هذه العاطفة التي تمتلئ حبًا وحنينًا إلى رسول الله - صل الله عليهلم -: (أن يكون مثواه بجواره). يقول معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: "يا بن آدم أنت محتاج إلى نصيبك من الدنيا ، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج ، فإن بدأت بنصيبك من الآخرة ، مرّ بنصيبك من الدنيا فانتظمها انتظامًا ، وإن بدأت بنصيبك من الدنيا ، فائت نصيبك من الآخرة ، وأنت من الدنيا على خطر). وروى الترمذي بسنده عن النبي - صل الله عليهلم -: أنه قال: ((من أصبح والآخرة أكبر همه جمع الله له شمله ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن أصبح والدنيا أكبر همه فرَّق الله عليه ضيعته ، وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له)). وأخيرًا .. أرأيت كيف أُلهم عمر الدعاء وكانت الإجابة معه ، وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186)" (البقرة:186).


 

  الجمرة الخبيثة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة


avatar


نقــاط : 100215
 الجمرة الخبيثة Oooo14
 الجمرة الخبيثة User_o10

 الجمرة الخبيثة Empty
مُساهمةموضوع: الجمرة الخبيثة    الجمرة الخبيثة Emptyالأحد 5 مايو 2013 - 15:19

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [الجمعة: 9].



إنَّ الحمد لله نَحْمدُه، ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيِّئات أعمالنا، مَن يهدِه الله فلا مضلَّ له، ومَن يُضللْ فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلاَّ الله وحْده لا شريكَ له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله؛ ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1] ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70 - 71].



أمَّا بعد:

في هذا الزَّمَنِ الذي أصبح العالَم فيه قريةً صغيرة، تنتقل الأفكارُ والمعارِف، وتُتداول المعلوماتُ بواسطة شبكة المعلومات وغيرها، فيها ما هو طيِّب نافِع، وما هو خبيث ضارّ، وما أكثرَ الخبيثَ في زماننا هذا! يُزيَّن لأصحابِ الأهواء فيَفْتتِنون به، وللأنفُسِ المريضة فيُقبِلون عليه، وكأنَّ الحسن متجسِّد فيه، وصَدَق الله العظيم: ﴿ أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ﴾ [فاطر: 8].



فقد تطوَّرت وتعدَّدتْ وسائل تخدير العقل وتزيين الشرّ، وأصبح الناسُ يتَّخذون دِينَهم لهوًا ولعبًا، فلا تجد إلاَّ شابًّا خائرَ العزيمة، وفتاةً فاترة الهمَّة، وبيْن الخور والفتور تنتشر أنواعُ المفاسد، متنوِّعة بأشكال مختلفة، تُغري ضِعافَ الإيمان، فينجذبون إليها دون وازعٍ من ضمير أو خُلُق؛ ولذلك نبَّه الإسلامُ إلى انتشار هذه المفاسِد، وحمَّل الناسَ مسؤوليةَ كبْحها، وما يترتَّب عليه من آثار؛ قال - عزَّ مِن قائل -: ﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [الروم: 41].



ومِن المفاسِدِ انتشارُ أنواع الموبقات مِن مخدِّرات ومسكِرات ومفتِّرات؛ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ﴾ [المائدة: 90 - 91]، فقد بيَّنتْ هاتان الآيتانِ بيانًا شافيًا بأسلوبٍ واضح جليّ، ونظْم أخَّاذ بليغٍ تحريمَ هذه المضار تحريمًا قاطعًا، وقد فهِم الصحابة مرادَ الله، فتسارعوا إلى إهراقِ الخمْر في سِكك المدينة المنورة - عليها وعلى ساكنها أفضلُ الصلوات وأزكى التسليم - عندَ نزولِ هذه الآيات، وقد علَّق سيِّدُنا عمر - رضي الله عنه - على قوله - تعالى -: ﴿ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ﴾ أجاب إجابةَ المؤمن الواثق: انتهينا يا ربّ، وعرَّف - رضي الله عنه - الخمرَ فقال: الخمر ما خامَر العَقْل؛ أي: حَجَبه وستَره، وإذا كان مفهومُ الخمر معناه الستر، فإنَّ أنواع المسكرات والمخدِّرات والمفتِّرات تدخُل فيه، وعلَّق الرازيُّ مفسرًا لهذه الآية فبيَّن عددًا من العِلل والوجوه:

أولها: تصدير الآية الكريمة بـ"إنَّما"، وهي أداةُ حصْر؛ إذ حصر الرجس في الخمْر والميسر.



ثانيها: أنَّ شاربَ المسكِرات والمخدِّرات والمفتِّرات كعابدِ الأوثان، فهما في الحُكم سواء؛ لقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فيما رواه ابنُ ماجه في سُننه، والإمام أحمدُ في مسنده عن ابن عبَّاس - رضي الله عنهما -: ((مُدمِن الخمر كعابدِ وثن)).



ثالثها: أنَّ في المسكِرات والمخدِّرات والمفتِّرات مفاسدَ عظيمةً، فهي رجس، والرجس (الخبث المستقذَر الذي تَعافُه النفس بطبعها).



رابعها: أنَّها تصدُّ عن ذِكْر الله وعن الصلاة، فهي ملهاةٌ عن الدِّين ومضيعة له.



خامسها: أنها جالبةٌ للبغضاء والعداوة بيْن الإخْوة في الدِّين والنَّسْل.



سادسها: أنَّ الأمرَ صادر من الله - عزَّ وجلَّ - بقوله: ﴿ فَاجْتَنِبُوهُ ﴾، ومفهوم الاجتناب الابتعادُ عنه.



سابعها: الاستفهام في قوله - تعالى -: ﴿ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ﴾ سِيق مساقَ النهي، وهو أبلغ وأوْكد للتحريم؛ ا.هـ ملخصًا.



والرسولُ - صلَّى الله عليه وسلَّم - صحَّ عنه في أحاديثَ كثيرةٍ تشدُّ بعضها بعضًا بأسانيدها، بما يَرقى ببعضها إلى درجة التواتر، كلها تحرِّم المسكِرات والمخدِّرات والمفتِّرات، وقد ذكَر المفسِّر ابن كثير في شرْحه للآيتين سالفتَي الذِّكْر نحوًا مِن خمسين حديثًا.



المسكِرات والمخدِّرات والمفتِّرات مفسِدة بالضَّرورات الخمْس: الدِّين - النَّفْس - العقل - النَّسْل - المال - فهي تُؤثِّر على استقرارِ الأفراد والعائلات، وقد بيَّن الفُقهاء أضرارها على المستوى الشخْصي والعائلي والمجتمع، أمَّا الضَّرَر الشخصي فهو التأثيرُ الفادِح في الجسد، والاغتيال للعقْل لما في السُّكْر والمخدِّر والفتر مِن تخريبٍ وتدمير للصحَّة والأعصاب، والعقل والفِكْر، ومختلف أعضاء جهاز الهضْم، وغير ذلك من المفاسِد والمضار، التي تَفتِكُ بالبدن كلِّه، بل وبالاعتبار الأدبي، وكرامة الإنسان؛ حيث تهتزُّ شخصيةُ الإنسان، ويصبح موضعَ الهُزْء والسخرية، وفريسة للأمراض الكثيرة المتنوِّعة.



وأمَّا الضرر العائلي، فهو ما يَلْحق بالزوجة والأولاد مِن إساءات، فينقلب البيتُ جحيمًا لا يُطاق من جرَّاءِ التوتُّرات العصبية، والهياج والسبِّ والشَّتْم، وترداد عبارات الطَّلاق بصِيغ مختلفة، وتحطيم الأثاث والعبَث به، وإرْباك العائلات، وإهْمال الزَّوْجة والتقصير في الإنفاق على المنزل، وقد تؤدِّي المسكِرات والمخدِّرات والمفتِّرات إلى إنجابِ أولاد معاقين جسديًّا ومختلِّين ذهنيًّا.



وأمَّا ضرَر المجتمع، فهو واضحٌ في إتلاف أموالٍ طائلة من غيْر مردود نفْعي، وفي تعطيلِ المصالِح والأعمال، والتقصير في أداء الواجبات، والإخلال بالوظائفِ العامَّة، سواء بمصالِح الدولة أو مؤسَّساتها، أو المعامل والمدارس، والجامعات والمرافق الاقتصادية والخدميَّة، فضلاً عمَّا يؤدِّي إليه السُّكر والتَّخْدير والتَّفْتير من ارْتكاب الجرائم على الأشخاص والأموال والأعْراض، كما ذكَر الفقهاء تحريم الحشيشة التي مِن أنواعها الأفيون والكوكاين، والمورفين والقات، وغير ذلك ممَّا يُؤْخذ بالحقن أو الشَّم، أو البلع أو المضْغ، أو بواسطة التدخين وغيرها، وهي أخبثُ من الخمر، يُحَدُّ متناولها ويُعزَّر، فيعاقب بالسجن عقوبةً رادعة، فهي أخبثُ مِن كل مسكِر، وهي مفسِدة للعقل والمزاج، حتى يصيرَ في الرجل تخنُّث وميوعة ودياثة، فلا يَغار متعاطيها ومُروِّجها والمُتَّجِر بها على دِينه أو عِرْضه، فكَمْ من فتاةٍ انتهك عفافُها، وكم من أمٍّ نُهِب مالها فعقَّها ولدُها، وكم من منزلٍ سُرِق متاعه!



فهي مروِّعة للآمنين، ومُدمِّرة للمجتمع، سهْلٌ على المتعاطي والمروج والمتجر أن يبيعَ الوطن بمؤسَّساته للمغتصِبين والمستعمرين، لا يَرْقُب في أهله ولا مجتمعه إلاًّ وَلا ذِمَّة، فهو أسير لذَّة عابِرة تقوده إلى جهنم؛ عن عبدالله بن بُرَيدة عن أبيه، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن حبَس العنبَ أيَّام القطاف حتى يبيعَه ممَّن يتخذه خمرًا، فقد تقحم النار على بَصيرة))؛ رواه الطبراني في الأوسط بإسناد حسن.



وأمَّا أكثر مضار المخدِّرات والمسكِرات والمفتِّرات، فقد ذكر بدر الدين الزَّرْكشي في رسالة "زهر العريش في تحريم الحشيش" نقلاً عن ابن البيطار مضارَّها، فقد بلغتْ زُهاءَ مائة وعشرين مضرَّة؛ لذلك فإنَّ علماء الشريعة والقانون والأطبَّاء حذَّروا منها، وفي عالَمنا اليوم مئات الملايين يتعاطَوْن المخدرات، وكأنهم يقتلون أنفسهم، والطامَّة الكُبرى أنَّ معظمهم من المسلمين؛ يقول - سبحانه وتعالى -: ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴾ [النساء: 29].



فحسبَ إحصائيةِ الأمم المتحدة الصادرة في عام 2009، أنَّ عددَ المتعاطين لأنواع المخدِّرات يَزيد عن أربعمائة واثنين وعشرين مليونًا، كما وصَل التسابق للتجارة بالمخدِّرات إلى مستوًى فاق سباقَ التسلُّح، فقد بلغ حجمُ الإنفاق على هذه الجَمْرة الخبيثة سبعمائة مليار دولار وَفقَ إحصاء 2009!



حقًّا إنَّها لُقمة الفجور والفِسق، ملعونٌ متعاطيها والمتَّجِر بها؛ عن أنس - رضي الله عنه - قال: "لعَن رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - في الخمر عشرة: عاصِرَها، ومعتصرَها، وشاربَها، وحاملَها، والمحمولةَ إليه، وساقيَها، وبائعَها، وآكِلَ ثمنها، والمشتري لها، والمشتراة له"؛ رواه الترمذيوابن ماجه

ويذكُر الأطباء أنَّ مِن بيْن أضرارها:

1- الإيدز (العوز المناعي).



2- الالتِهاب الرِّئوي المزمن.



3- زيادة احتمال الإصابة بسَرطان الرئة.



4- انخفاض الخُصوبة عندَ الرِّجال والنِّساء.



5- تأثير كبير على الذاكرة، وبالتالي على التعليم.



6- كثرة الاستعمال تؤدِّي إلى أمراض نفسيَّة مختلفة، يصبح معها المتعاطي لا يُميِّز بيْن الواقِع والخيال.



7- في حالة المرأة الحامل، فهناك خطرٌ على ولادة الجنين، من حيث ولادته مبكِّرًا، أو ناقصًا في وزنه.



8- سرطان الحنجرة.



9- التبوُّل اللاإرادي.



10- الربو الشعبي.



11- وأمراض القلْب، وغيرها من الأمراض.



وأودُّ أن أنبِّه إلى أن متعاطِي المخدرات مسؤولٌ عن كلِّ الجنايات التي يرتكبها، فهو عابثٌ بأمن المجتمع، فإذا صدم أحدًا بسيَّارة، أو قتَل نفسًا بريئة، أو أتْلَف مالاً أو زرعًا، أو طلَّق زوجته، فهو مسؤولٌ عمَّا قام به، ويتحمَّل كلَّ ما يترتَّب على ذلك من آثار؛ لأنَّه أدْخل المخدِّرات على عقله فاغتالَه، وعطَّل إرادته بيده، وكأنَّه بفِعْله هذا يرفض هبةَ المنَّان له التي ميَّزه بها عن كلِّ مخلوقاته، فالعقل شرْط التكليف؛ يقول الحق - تبارك وتعالى -: ﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ﴾ [الإسراء: 70].



وما نتَج من بيْع المخدِّرات من أموال وثروات، فهو سحتٌ لا يجوز الانتفاعُ به، سواء كان الانتفاعُ صدقةً أو أكْلاً، أو شراء أشياء لتملك، فهو مالٌ خبيث، يجب طرْحُه، ويجب على الدولة تأميمُه، وإذا أناب المتجر، وأقبل على الله وضَع هذا المال في المؤسَّسات الخيريَّة، فهو شرْط واجبٌ لقَبول توبته، روَى ابن أبي شيبة عن ابن عبَّاس - رضي الله عنهما -: أنَّ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((إنَّ الله إذا حرَّم شيئًا حَرَّم ثمنَه))؛ رواه أبو داود وصحَّحه الشيخ الألباني.



ورَوى أبو هريرة - رضي الله عنه - مرفوعًا: ((إنَّ الله حرَّم الخمرَ وثمنَها، وحرَّم الميتة وثمنَها، وحرَّم الخِنزير وثمنَه))؛ أخرجه أبو داود في سننه.



وحتَّى يُجنَّب مجتمعُنا والمجتمعات الإسلاميَّة قاطبةً هذه الآفة، ينبغي لمؤسَّسات المجتمعات والدُّول أن تسلكَ الخُطوات التالية:

1- الشباب هو رأس مال الوطَن، وعماد بناء الأمَّة، فلا بدَّ أن ننشئه التنشئةَ الصالحة التي تحفَظ عليه إسلامَه وعقلَه وبدنَه، فنُسقيه من سلسال الفضائل، ونُغذيه بمكارم الأخلاق؛ لنبنيَه بناءً سليمًا.



2- على المؤسَّسات الاجتماعيَّة من رِياض الأطفال إلى الجامعات، ومراكز تحفيظ القرآن بالمساجد، والمنارات والزوايا، والنوادي الرياضية، وغيرها من المؤسَّساتِ الأخرى، كلٌّ فيما يخصُّه - وقاية أبنائنا مِن هذه الجمْرة الخبيثة التي تعصِف بكيان الأمَّة.



3- على المؤسَّسات التربويَّة - ولا سيَّما أساتذةِ المناهِج - الاهتمام بالشباب، وتبصيرهم بمخاطرِ آفة التعاطي؛ حتى يتجنَّبوا مضارَّها وويلاتها؛ لنجعلَ منهم رجالاً صالحين، يحبُّون الله ورسولَه، وينتمون للوطن والأمَّة، على أن تكونَ هذه التوعية بالمخاطِر في المناهج بجميع المراحِل التعليميَّة.



4- على أجهزةِ الإعلام من قنوات فضائيَّة، وإذاعات مسموعة، وصُحف مقروءة، ومراكز المعلومات - توعيةُ شبابنا، بحثِّهم على الالتزام بالوقاية من مخاطرِ هذا الخَطَر الماحِق، فلا تبثّ المسلسلاتِ المُمنتجَة التي تُزيِّن الخبائث، فتُلبسها ثيابَ الحُسْن والبهاء، وعليها أن تبثَّ البرامج الهادِفة، وتنشر المقالات الملتزمة التي تُنير العقلَ والجسم، وتدعو لمكارمِ الأخلاق.



5- توفير الإمكانات بمراكزِ العلاج، وذلك بمضاعفةِ قُدراتها الطبيَّة والنفسيَّة والاجتماعيَّة.



6- على المجتمعات قَبول التائِبين الذين أنابوا إلى الله، وأقْبلوا عليه وأخْلصوا له، وذلك بتوفيرِ فُرَص العمل لهم؛ ليُسهموا في بناء المجتمع، وتقدُّمه ورخائه؛ حتى يتحقَّق اندماجهم في المجتمع اندماجًا كاملاً، وليكونَ ذلك دافعًا لزملائهم الذين لا يزالون يعانون من مخاطرِ الإدمان للتوبة والإنابةِ إلى الله.



7- في هذا الزمن تفنَّن المروِّجون والمتاجرون في وسائلِ التهريب، فهرَّبوا المخدِّرات بين دفَّتي المصحف، وفي أحشاء الأطفال، وإطارات السيَّارات وغيرها! فلم يتركوا وسيلةً إلا نفذوا إليها؛ لذا فإنَّه ينبغي لوسائلِ الأمن المختلفة وبخاصَّة رجال المكافَحة تدريبهم ومَنْحهم الصلاحيات الكافية والمرتَّبات السخية؛ لأنَّهم يُعرِّضون أنفسهم للهلاك حمايةً لهذا الوطن.



8- مراقبة جميعِ المنافذ البرية والبحرية والجوية، مراقبةً دقيقة، حتى تَزيد كميات الضبط مِن هذه الآفة، بالإضافة إلى اعتِقال المهرِّبين وتسليمهم إلى القضاء؛ ليلقوا جزاءهم العادل.



9- رَضِي الله عن سيِّدنا عثمان بن عفَّان، الذي قال: "إنَّ الله يَزَعُ بالسلطان ما لا يَزَع بالقرآن"، مِن أجل تطبيق مقالة ذي النورين وتجسيدها واقعًا معيشًا، يتحقَّق من خلاله أمنُ الناس جميعًا، فينبغي للدول الإسلاميَّة أن تُصْدِر تشريعًا حازمًا يَرْدَع المتعاطين والمروِّجين، والمتاجرين والمنتجين لهذه المُهلِكات، التي تُفسِد العقل والبَدن والدِّين، وتعصف بأمن المجتمع؛ بقصْد تحقيق الأمْن وخلوِّ المجتمعات الإسلامية من هذه الآفاتِ الخطيرة المدمِّرة.



وصَدَق رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فيما رواه البخاريُّ وأحمدُ والترمذي عن النُّعمان بن بشير - رضي الله عنه -: ((مَثَل القائم على حدودِ الله والواقِع فيها، كمَثَل قومٍ اسْتَهموا على سفينة، فأصابَ بعضُهم أعلاها وبعضُهم أسفلَها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا مِنَ الماء، مرُّوا على مَن فوقهم، فقالوا: لو أنَّا خرقْنا في نصيبنا خرقًا، ولم نؤذِ مَن فوقنا، فإنْ يتركوهم وما أرادوا هلَكوا جميعًا، وإن أخذوا على أيديهم نجَوْا ونجَوْا جميعًا))، صَدقتَ يا نبيَّ الله، أمَّتك كسفينة تحتاج لربَّان حكيم، يُطبِّق حدودَ الله؛ يأمُر بالمعروف وينهَى عن المنكر؛ لتسودَ راية الحق والهُدَى.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الجمرة الخبيثة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اسلام ويب :: ۩✖ منتدي الاسلاميات العامه ۩✖ :: مقــــالات اســــلاميه :: خطب مقـــرؤه-
انتقل الى: