اسلام ويب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

من فقه الدعاء يقول سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "أنا لا أحمل همَّ الإجابة، وإنما أحمل همَّّ الدعاء، فإذا أُلهمت الدعاء كانت الإجابة معه". وهذا فهم عميق أصيل ، فليس كل دعاء مجابًا، فمن الناس من يدعو على الآخرين طالبًا إنزال الأذى بهم ؛ لأنهم ينافسونه في تجارة ، أو لأن رزقهم أوسع منه ، وكل دعاء من هذا القبيل ، مردود على صاحبه لأنه باطل وعدوان على الآخرين. والدعاء مخ العبادة ، وقمة الإيمان ، وسرّ المناجاة بين العبد وربه ، والدعاء سهم من سهام الله ، ودعاء السحر سهام القدر، فإذا انطلق من قلوب ناظرة إلى ربها ، راغبة فيما عنده ، لم يكن لها دون عرش الله مكان. جلس عمر بن الخطاب يومًا على كومة من الرمل ، بعد أن أجهده السعي والطواف على الرعية ، والنظر في مصالح المسلمين ، ثم اتجه إلى الله وقال: "اللهم قد كبرت سني ، ووهنت قوتي ، وفشت رعيتي ، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفتون ، واكتب لي الشهادة في سبيلك ، والموت في بلد رسولك". انظر إلى هذا الدعاء ، أي طلب من الدنيا طلبه عمر، وأي شهوة من شهوات الدنيا في هذا الدعاء ، إنها الهمم العالية ، والنفوس الكبيرة ، لا تتعلق أبدًا بشيء من عرض هذه الحياة ، وصعد هذا الدعاء من قلب رجل يسوس الشرق والغرب ، ويخطب وده الجميع ، حتى قال فيه القائل: يا من رأى عمرًا تكسوه بردته ** والزيت أدم له والكوخ مأواه يهتز كسرى على كرسيه فرقًا ** من بأسه وملوك الروم تخشاه ماذا يرجو عمر من الله في دعائه ؟ إنه يشكو إليه ضعف قوته ، وثقل الواجبات والأعباء ، ويدعو ربه أن يحفظه من الفتن ، والتقصير في حق الأمة ، ثم يتطلع إلى منزلة الشهادة في سبيله ، والموت في بلد رسوله ، فما أجمل هذه الغاية ، وما أعظم هذه العاطفة التي تمتلئ حبًا وحنينًا إلى رسول الله - صل الله عليهلم -: (أن يكون مثواه بجواره). يقول معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: "يا بن آدم أنت محتاج إلى نصيبك من الدنيا ، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج ، فإن بدأت بنصيبك من الآخرة ، مرّ بنصيبك من الدنيا فانتظمها انتظامًا ، وإن بدأت بنصيبك من الدنيا ، فائت نصيبك من الآخرة ، وأنت من الدنيا على خطر). وروى الترمذي بسنده عن النبي - صل الله عليهلم -: أنه قال: ((من أصبح والآخرة أكبر همه جمع الله له شمله ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن أصبح والدنيا أكبر همه فرَّق الله عليه ضيعته ، وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له)). وأخيرًا .. أرأيت كيف أُلهم عمر الدعاء وكانت الإجابة معه ، وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186)" (البقرة:186).


 

  الإيمان بالله تعالى

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة


avatar


نقــاط : 100265
 الإيمان بالله تعالى Oooo14
 الإيمان بالله تعالى User_o10

 الإيمان بالله تعالى Empty
مُساهمةموضوع: الإيمان بالله تعالى    الإيمان بالله تعالى Emptyالسبت 4 مايو 2013 - 18:23

الإيمان بالله تعالى

الحمد لله ربِّ العالمين، الرحمن الرحيم، الحمد لله الواحد الأحد الذي لم يتَّخِذ ولدًا، ولم يكنْ له شريكٌ في الملك، ولم يكنْ له كفوًا أحد، رفَعَ السماء بلا عَمَد، وخَلَق الخلائق، فأحصاهم عددًا، وقسم الأرزاق، فلم ينسَ أحدًا، وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحْدَه لا شريك له، وأشهد أنَّ نبيَّنا محمدًا خيرُ مَن صلَّى وسجد، وعلى آله وصَحْبه عددَ ما ذَكَر اللهَ ذاكرٌ وعبد.



أمَّا بعدُ:

فإن أوَّل ما أراد الله - تعالى - أن يعلِّمه لنبيِّه - صلَّى الله عليه وسلَّم - من العلوم هو العقيدة، فهي أساس كل عِلْم، والأساس هو الأصل الذي يُبنى عليه غيرُه، فهي أصل؛ أصل للعبادة، أصل للتعامل، أصل للمآل والعاقبة.



لذلك؛ نجد أن الله - تعالى - عندما أنزل الكلمات الأُوَل، كانتْ هذه الكلمات داعية إلى العلم، مع أنها أوَّل الكلمات، ومَبدأ العبارات؛ قال - تعالى -: ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴾ [العَلَق: 1].



بل نجدُ أنَّ أوَّل كلمة إلهيَّة نزلتْ في القرآن الكريم هي "اقرأ"، ثم إن العجبَ العُجاب في هذه الآية أن الدعوة إلى العلم استمرَّتْ وتواصلتْ: ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴾، ثم: ﴿ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ﴾ [العلق: 3]، ثم: ﴿ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ﴾ [العلق: 4]، ثم قال - سبحانه -: ﴿ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾ [العلق: 5].



وعن عائشة - رضي الله عنه - قالتْ: "أوَّل ما بُدِئ به رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - الرؤيا الصادقة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلاَّ جاءتْ مثل فَلَق الصبح، ثم حُبِّب إليه الْخَلاء، فكان يلحق بغارِ "حِراء"، فيتحنَّثُ فيه – قال: والتحنُّث التعبُّد - الليالي ذوات العَدد قبل أن يرجعَ إلى أهله، ويتزوَّد لذلك، ثم يرجع إلى خديجة، فيتزوَّد بمثلها، حتى فَاجأه الحقُّ وهو في غار حراء"، فجاءَه الملك، فقال: اقرأ، فقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ما أنا بقارئ)) قال: ((فأخذني، فغطني؛ حتى بلغَ منِّي الْجَهد، ثم أرسلني، فقال: اقرأْ، قلتُ: ما أنا بقارئ، فأخَذَني فغطَّني الثانية؛ حتى بلَغَ منِّي الْجَهد، ثم أرْسَلَني، فقال: اقرأْ، قلتُ: ما أنا بقارئ، فأخذني فغطَّني الثالثة؛ حتى بلَغَ منِّي الْجَهد، ثم أرْسَلَني، فقال: ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾ [العلق: 1- 5].



قال الإمام ابنُ كثير في تفسيره: "فأوَّل شيءٍ نزَلَ من القرآن هذه الآيات الكريمات المباركات، وهنَّ أوَّل رحمة رَحِم الله بها العباد، وأوَّل نعمة أنْعَمَ الله بها عليهم، ثم قال: وإن مِن كَرَمه - تعالى - أنْ علَّم الإنسان ما لم يعلمْ، فشرَّفه وكَرَّمه بالعلم، وهو القَدْر الذي امتازَ به أبو البشريَّة آدمُ على الملائكة".



ثم تجد أن أول ما أوجبَ الله على رسوله تعلُّمه هو عِلم العقيدة التي أشار - تعالى - إليها في كلمة التوحيد، وكأنَّها الرمز الحقيقي الشامل لهذا العلم، فقال - عزَّ وجلَّ -: ﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ﴾ [محمد: 19].



قال سيد طنطاوي في تفسيره: ("فاعلم أنه لا إله إلا الله": واثبتْ على هذا العلم واعمل بمقتضاه، واستمر على هذا العمل).



يقول الشيخ السعدي: "وهذا العلم الذي أمر الله به - وهو عِلم توحيد الله - فَرْضُ عينٍ على كل إنسان، لا يسقط عن أحدٍ كائنًا مَن كان".



ولو سأل إنسانٌ سؤالاً، كيف لي أن أتعلَّم العقيدة؟ فالجواب: إنَّ السبيل الأول لمعرفة ذلك هو معرفة أركان الإيمان.



فهذا نبيُّنا - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان يَحْرِص حِرْصًا شديدًا على أن يُعلِّمَ أتباعه هذه الأركان، ولأهميَّة تعلُّمها كان الوحْي بنفسه يشارِك في تعليم أصحاب النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - هذه الأركان.



فعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: بينما نحن عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يومٍ، إذ طلع علينا رجلٌ شديد بياضِ الثياب، شديد سواد الشعر، لا يُرى عليه أثَرُ السفر، ولا يعرفه منَّا أحدٌ، حتى جلس إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأسْنَدَ رُكْبَتيه إلى رُكْبَتيه، ووضَعَ كَفَّيه على فَخذيه، وقال: يا محمد، أخْبِرني عن الإسلام، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((الإسلام أنْ تشهدَ أنْ لا إله إلا الله، وأنَّ محمدًا رسول الله، وتُقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحجَّ البيت إنِ استطعتَ إليه سبيلاً))، قال: صَدَقْتَ، قال: فعجبْنا له يسأله ويصدِّقه، قال: فأخبرني عن الإيمان، قال: ((أنْ تؤمِنَ بالله وملائكته وكُتبه، ورُسله واليوم الآخر، وتؤمن بالقَدَر خيرِه وشره))، قال: صَدَقْتَ، قال: فأخبرني عن الإحسان، قال: ((أنْ تعبَدَ الله كأنَّك تراه، فإن لم تكنْ تراه، فإنَّه يراك))، قال: فأخبرني عن الساعة، قال: ((ما المسؤول عنها بأعلمَ من السائل))، قال: فأخبرني عن أمارتها، قال: ((أنْ تَلِدَ الأَمَةُ رَبَّتها، وأنْ ترى الْحُفاة العُراة العالَة رِعاء الشَّاء يتطاولون في البنيان))، قال: ثم انطلق فلبثتُ مَليًّا، ثم قال لي: ((يا عمر، أتدري مَن السائل؟))، قلتُ: الله ورسوله أعلم، قال: ((فإنه جبريل أتاكم يعلِّمكم دينَكم))؛ رواه مسلم.



ولأهميَّة هذه الأركان نقفُ اليوم عند الركن الأول من هذه الأركان: وهو الإيمان بالله - تعالى - فتعالوا إخوتي نؤمِن ساعة؛ عسى أن يكتبَنا الله من أهل الإيمان.



أيُّها المؤمن، إن الإيمان: هو الاعتقاد الجازم بأن الله ربُّ كلِّ شيءٍ ومَلِيكه وخَالقه، وأنه الذي يستحقُّ وحْدَه أن ينفرِدَ بالعبادة، وأنه المتَّصِف بصفات الكمال المنزَّه عن كلِّ نَقْصٍ.



وهذا الإيمان يتضمَّن توحيد الله - تعالى - بثلاثة أمور، وهي:

أولاً: توحيد الربوبيَّة، ومعنى توحيد الربوبيَّة: الاعتقاد بأن الله ربُّ كلِّ شيءٍ لا ربَّ غيره، ومعنى "ربّ كلِّ شيءٍ": أي: المتفرِّد وحْدَه بِخَلق الخلائق وملكِهم، وتدبير شؤونهم، لا يشاركه في ذلك أحدٌ.



قال - تعالى -: ﴿ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ﴾ [الأعراف: 54].



قال أهْلُ التفسير: "يخبِرُ - تعالى - بأنه خَلق هذا العالَم؛ سماواته وأرضه، وما بين ذلك في ستة أيام، كما أخْبَرَ بذلك في غير ما آية من القرآن، والستة الأيام هي: الأحد، والاثنين، والثلاثاء، والأربعاء، والخميس، والجمعة، وفيه اجتمع الْخَلق كلُّه، وفيه خُلِق آدمُ - عليه السلام".



فكلمة "وما بين ذلك"؛ يعني: "كل شيء ما بين السماوات والأرض".



وهذا النوع من أنواع التوحيد أفْصَحَ القرآن الكريم عنه إفصاحًا كبيرًا، لا تَكَاد تجدُ سورة إلا وأشارتْ إلى خَلْق الله وقدرته وتدبيره - سبحانه وتعالى - جلَّ شأنه.



ومَن الذي يستحقُّ الربوبيَّة سوى الله؟ مَن الذي خَلَق ورَزَق؟ مَن الذي أماتَ وأحيا؟ من الذي أضلَّ وهَدَى؟ إنَّه الله وحْدَه لا إله إلا هو، حتى قال الله عنهم: ﴿ وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ ﴾ [يوسف: 106].



حتى أهْل الكفر والنفاق اعترفوا بذلك، ولئن سألتَهم مَن خَلَق السماوات والأرض، ليقولنَّ الله، نعم يقولون: إنه الله - تعالى - لكنَّهم يعبدون غيرَه استكبارًا، فلم يخرجْهم اعترافُهم من دائرة الكفر إلى الإيمان؛ إذ يقتضي ذلك الإيمان بكلِّ أنواع التوحيد وليس بعضها؛ إذ إنَّ توحيد العبد في ربوبيَّته لا يعني أنه يوحِّده في إلوهيَّته.



ثانيًا: توحيد الألوهيَّة، ومعنى هذا النوع من التوحيد: الاعتقاد الجازم بأن الله - تعالى - هو الإله الحق، لا إله غيره، وإفراده بالعبادة.



أنت أيها العابد المؤمن بالألوهيَّة، تعبد الله وحْدَه، وتُخْلِص المحبَّة له، وكذا الخوف والرجاء، والدعاء والتوكُّل، والتذلُّل والخضوع، وكل أنواع العبادات.



قال ابن تيميَّة: "وهذا التوحيد هو الفارق بين الموحِّدين والمشركين، وعليه يقعُ الثواب والجزاء"؛ "رسائل الحسنة والسيِّئة" ص 261.



ولو فكَّرتَ في كلمة التوحيد (لا إله إلا الله)، لوجدتَ أنها مبنيَّة على توحيد الألوهيَّة، وأنَّه الأساس فيها، مما يدلُّ على أنه التوحيد المشتمل على كلِّ أنواع التوحيد، ففيها النفي:

أولاً: نفي الألوهيَّة، والإثبات ثانيًا، إثبات الألوهيَّة، واشتملتْ على الْحَصْر؛ ليفيد أنَّه ما من إله إلا الله؛ كما قرَّر القرآن الكريم، فقال: ﴿ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ ﴾ [آل عمران: 62].



فيا لعِظَم هذه الكلمة، ويا لمكانتها في قلب المؤمن، فلا يستشعر بها إلا مَن ذَاق طعْمَها، ووَقَف عندها، فإن ساحِلَها عظيم،ٌ وإن خيرَها عميمٌ، فهنيئًا لِمَن أقرَّها وآمن بها.



فقد بُني الإسلام كلُّه على خَمس؛ "لا إله إلا الله" أوَّلها، ويدخل العُصاة النار، فيخرج منها حافظُها، ويَسعد بشفاعة نبيِّنا وحبيبِنا - صلَّى الله عليه وسلَّم - قائلها.



ومِن شَرَفِها ومكانتها وعِظَمها أنها لا تُعادَل بشيءٍ ولا تُقَدَّر بثمن أبدًا مَهْمَا كان هذا الثمن؛ فعن عبدالله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إنَّ الله سيخلص رجلاً من أُمَّتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فينشر عليه تسعة وتسعين سِجلاًّ، كلُّ سِجلٍّ مثل مَدِّ البصر، ثم يقول له: أتنكرُ شيئًا من هذا؟ أظَلَمك كَتَبتي الحافظون؟ فيقول: لا يا رب، فيقول: أفلك عذرٌ أو حَسَنة؟ فيُبْهَت الرجل ويقول: لا يا رب، فيقول: بَلَى، إنَّ لك عندنا حَسَنة، وإنَّه لا ظُلْمَ عليك اليوم، فيُخْرَج له بطاقةٌ فيها: أشهد أنْ لا إله إلا الله، وأنَّ محمدًا عبده ورسوله، فيقول: أحْضِر وزْنَك، فيقول: يا رب، ما هذه البطاقة مع هذه السِّجلات؟ فيقول: إنَّك لا تُظْلم، قال: فتُوضَع السجلات في كِفَّة والبطاقة في كِفَّة، فطاشَتِ السجلات وثَقُلَتِ البِطاقة، يُقال: فلا يَثْقُل مع اسمِ الله شيءٌ))؛ رواه ابن حِبَّان وغيره، وقال الأرناؤوط: إسنادُه صحيح.



فليعلمِ المؤمن أنَّه سيُسألُ عن توحيده لربِّه في ربوبيَّته وألوهيَّته.



ثالثًا: توحيد الأسماء والصفات، وهذا هو النوع الثالث من أنواع التوحيد، نعم أيُّها الأحبَّة الكرام، وواجبُك تجاه هذا النوع من التوحيد هو الاعتقاد الجازم - الذي لا يقبل أيَّ شَكٍّ - بأن الله مُتَّصِفٌ بجميع صفات الكمال، مُنزَّه عن جميع صفات النَّقْص، مُتفرِّد بذلك عن جميع الكائنات، وإثبات ما أثبتَه - سبحانه - لنفسه وما أثبتَه له نبيُّه - صلَّى الله عليه وسلَّم - من غير تشبيه بشيءٍ من صفات الخلائق؛ لأن الله: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ﴾ [الشورى: 11].



ولا تعطيل بالنفي أو العمل، ولا تكييف بتحديدِ مكانها أو جِهتها، ولا تمثيل؛ ﴿ فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ ﴾ [النحل: 74].



فلا تسألْ عمَّا لَم يخبرْك الله به من الصفات، وليكنْ شعارُك: "الكيف مجهول، والسؤال عنها بدعة، والإيمان بها واجبٌ".



فلا تصفْ ربَّك إلا بما وَصَف به نفسَه، عند هذا تكون من أهل الملَّة والإيمان.



إخوتي في الله، هذا هو الإيمان بالله، ليس أمرًا صعبًا، ولا اعتقادًا مستحيلاً، وليس شيئًا ثقيلاً، وإنما ثَقُلَتْ بعضُ النفوس عن الإيمان بربِّها؛ لأنها عمدتْ على القلوب فحَجَبتْها، ومُدَّتْ إلى الآذان فصَمَّتْها، وعلى الأعين فأعْمَتْها، فأضلَّهم الله، ومَن يهدي مَن أضلَّ الله؟!



نسأل اللهَ أن يجعلَنا من المهتدين، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنَّه غفورٌ رحيم.


الخطبة الثانية

الحمد لله وحْدَه، والصلاة والسلام على مَن لا نبيَّ بعده سيدنا محمدٍ وعلى آله وصَحْبه وجنده.



وبعدُ:

اعلموا - أيُّها الأحبَّة الكرام - أنَّ لهذا الإيمان أثرًا عظيمًا في حياتك، لَم يشعرْ به أحدٌ، والآثار لا تكاد تُحصى وستستشعرها أنتَ بنفسك شيئًا فشيئًا، يومًا بعد يوم، ومنها:



• الراحة النفسيَّة مع الطمأنينة والسكون؛ إذ تشعر أنَّك عبدٌ لربٍّ واحدٍ، هذا الربُّ لا يريد لك إلا الخير، فلا يأمرك إلا به ولا ينهاك إلا عن الشرِّ، فمن الذي يَعتني بكَ هكذا؟ ألا يُشعرك بالرضا والطمأنينة؟!



• المؤمن شديدُ الحبِّ لربِّه، فهو على موعد معه؛ ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ ﴾ [البقرة: 165]، فتراه إنسانًا مُتدفِّقًا بالطاعات والقُربات، مُتلذِّذًا بها، مُحرومًا غيره منها.



• العِزة والإباء: فمتى نال السابقون العِزة؟ وبماذا؟ إنه الإيمان، وصلوا إلى أصقاع الدنيا، وملؤوا الأرض عدلاً وسؤْدَدًا، إنه الإيمان، ليس الطائرات ولا البارجات، ولا الناطحات، إنه الإيمان؛ لأن الله وعَدَ أهْله، وإنه لا يُخْلف الميعاد؛ ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [النور: 55].


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الإيمان بالله تعالى
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  هل يجتمع الإيمان بالله.. والشرك به؟!
» حتى نستأنس بالله تعالى
»  قوله تعالى: {عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} .. بين الإيمان والجحود
» تعريف الرسل بالله تعالى
»  الرضا بالله تعالى ربًّا

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اسلام ويب :: ۩✖ منتدي الاسلاميات العامه ۩✖ :: مقــــالات اســــلاميه :: خطب مقـــرؤه-
انتقل الى: