اسلام ويب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

من فقه الدعاء يقول سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "أنا لا أحمل همَّ الإجابة، وإنما أحمل همَّّ الدعاء، فإذا أُلهمت الدعاء كانت الإجابة معه". وهذا فهم عميق أصيل ، فليس كل دعاء مجابًا، فمن الناس من يدعو على الآخرين طالبًا إنزال الأذى بهم ؛ لأنهم ينافسونه في تجارة ، أو لأن رزقهم أوسع منه ، وكل دعاء من هذا القبيل ، مردود على صاحبه لأنه باطل وعدوان على الآخرين. والدعاء مخ العبادة ، وقمة الإيمان ، وسرّ المناجاة بين العبد وربه ، والدعاء سهم من سهام الله ، ودعاء السحر سهام القدر، فإذا انطلق من قلوب ناظرة إلى ربها ، راغبة فيما عنده ، لم يكن لها دون عرش الله مكان. جلس عمر بن الخطاب يومًا على كومة من الرمل ، بعد أن أجهده السعي والطواف على الرعية ، والنظر في مصالح المسلمين ، ثم اتجه إلى الله وقال: "اللهم قد كبرت سني ، ووهنت قوتي ، وفشت رعيتي ، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفتون ، واكتب لي الشهادة في سبيلك ، والموت في بلد رسولك". انظر إلى هذا الدعاء ، أي طلب من الدنيا طلبه عمر، وأي شهوة من شهوات الدنيا في هذا الدعاء ، إنها الهمم العالية ، والنفوس الكبيرة ، لا تتعلق أبدًا بشيء من عرض هذه الحياة ، وصعد هذا الدعاء من قلب رجل يسوس الشرق والغرب ، ويخطب وده الجميع ، حتى قال فيه القائل: يا من رأى عمرًا تكسوه بردته ** والزيت أدم له والكوخ مأواه يهتز كسرى على كرسيه فرقًا ** من بأسه وملوك الروم تخشاه ماذا يرجو عمر من الله في دعائه ؟ إنه يشكو إليه ضعف قوته ، وثقل الواجبات والأعباء ، ويدعو ربه أن يحفظه من الفتن ، والتقصير في حق الأمة ، ثم يتطلع إلى منزلة الشهادة في سبيله ، والموت في بلد رسوله ، فما أجمل هذه الغاية ، وما أعظم هذه العاطفة التي تمتلئ حبًا وحنينًا إلى رسول الله - صل الله عليهلم -: (أن يكون مثواه بجواره). يقول معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: "يا بن آدم أنت محتاج إلى نصيبك من الدنيا ، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج ، فإن بدأت بنصيبك من الآخرة ، مرّ بنصيبك من الدنيا فانتظمها انتظامًا ، وإن بدأت بنصيبك من الدنيا ، فائت نصيبك من الآخرة ، وأنت من الدنيا على خطر). وروى الترمذي بسنده عن النبي - صل الله عليهلم -: أنه قال: ((من أصبح والآخرة أكبر همه جمع الله له شمله ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن أصبح والدنيا أكبر همه فرَّق الله عليه ضيعته ، وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له)). وأخيرًا .. أرأيت كيف أُلهم عمر الدعاء وكانت الإجابة معه ، وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186)" (البقرة:186).


 

  ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة


avatar


نقــاط : 100205
 ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون Oooo14
 ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون User_o10

 ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون Empty
مُساهمةموضوع: ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون    ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون Emptyالجمعة 3 مايو 2013 - 4:23

أَمَّا بَعدُ، فَأُوصِيكُم - أَيُّهَا النَّاسُ - وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾.



أَيُّهَا المُسلِمُونَ: مُنذُ أَن ظَهَرَ كُلُّ مِنَّا عَلَى هَذِهِ الحَيَاةِ وَهُوَ يَرَى الخَبِيثَ فِيهَا وَالطَّيِّبَ يَعتَلِجَانِ، وَيَلمَسُ الخَيرَ وَالشَّرَّ يَتَعَاوَرَانِ، وَيُعَايِشُ الصِرَاعَ بَينَ جُندِ الرَّحمَنِ وَجُندِ الشَّيطَانِ، وَيَتَّضِحُ لَهُ أَنَّهُ في الوَقتِ الَّذِي يَهتِفُ أَنصَارُ اللهِ بِالحَقِّ وَيَدعُونَ إِلَيهِ وَيَبذُلُونَ النَّفسَ وَالنَّفِيسَ في إِعلائِهِ وَإِظهَارِهِ، فَإِنَّ أَهلَ البَاطِلِ لا يَألُونَ جُهدًا في التَّلبِيَسِ عَلَى الحَقِّ بِبَاطِلِهِم، وَلا يَتَوَانَونَ في نَفخِ ذَلِكَ البَاطِلِ وَتَزوِيقِهِ وَنَشَرِهِ. وَيَرجِعُ اللَّبِيبُ البَصَرَ كَرَّتَينِ وَيُقَلِّبُ الفِكرَ مِرَارًا ؛ لَيَرَى أَنَّ هَذَا الصِّرَاعَ لم يَكُنْ وَلِيدَ عَصرِنَا أَو حَلِيفَ زَمَانِنَا هَذَا فَحَسبُ ؛ وَإِنَّمَا هُوَ مَوجُودٌ وَظَاهِرٌ مُنذُ القِدَمِ، مُنذُ أَن قَتَلَ الظَّالِمُ مِنِ ابنَي آدَمَ أَخَاهُ، وَمَا زَالَ قَائِمًا عَلَى مَرِّ السِّنِينَ وَتُعَاقُبِ الأُمَمِ، يَشهَدُهُ التَّأرِيخُ عَلَى جَمِيعِ المَيَادِينِ وَالأَصَعِدَةِ، سَوَاءٌ العَسكَرِيَّةُ مِنهَا أَوِ الفِكرِيَّةُ، أَو حَتَّى الاجتِمَاعِيَّةُ أَوِ الاقتِصَادِيَّةُ، يَظهَرُ الحَقُّ كَثِيرًا وَتَكُونُ لَهُ الدَّولَةُ وَالغَلَبَةُ، ثُمَّ لا يَلبَثُ أَن يَضعُفَ قَلِيلاً وَيَتَوَارَى ؛ لِيَطفُوَ زَبَدُ البَاطِلِ مُدَّةً وَيَعلُوَ حِينًا، كُلُّ ذَلِكَ ﴿ لِيَقضِيَ اللهُ أَمرًا كَانَ مَفعُولاً لِيَهلِكَ مَن هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحيَى مَن حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ ﴾ وَمَعَ هَذَا فَإِنَّ المُؤمِنَ لا يَزدَادُ بما مَعَهُ مِنَ الحَقِّ إِلاَّ تَمَسُّكًا بِهِ وَعَضًّا عَلَيهِ بِالنَّوَاجِذِ، إِذْ يَتَذَكَّرُ دَومًا أَنَّهُ وَإِنْ عَلا البَاطِلُ في بَعضِ الأَحيَانِ إِلاَّ أَنَّهُ لا يَتَّحِدُ الطَّرِيقَانِ وَلا تَتَّفِقُ النِّهَايَتَانِ ﴿ لا يَستَوِي أَصحَابُ النَّارِ وَأَصحَابُ الجَنَّةِ أَصحَابُ الجَنَّةِ هُمُ الفَائِزُونَ ﴾ ﴿ أَمْ نَجعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالمُفسِدِينَ في الأَرضِ أَمْ نَجعَلُ المُتَّقِينَ كَالفُجَّارِ ﴾ نَعَم، إِنَّهُ لا يَتَّحِدُ طَرِيقٌ وَليُّ أَهلِهِ وَنَاصِرُهُمُ الرَّحمَنُ، بِمَخذُولِينَ وَلِيُّهُم وَقَائِدُهُمُ الشَّيطَانُ، لا تَستَوِي نِهَايَةُ مَن جَزَاؤُهُ الجَنَّةُ وَالنَّعِيمُ المُقِيمُ، بِمَن عَاقِبَتُهُ النَّارُ المُوقَدَةُ وَالجَحِيمُ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنصُرُوا اللهَ يَنصُرْكُم وَيُثَبِّتْ أَقدَامَكُم. وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعسًا لَهُم وَأَضَلَّ أَعمَالَهُم. ذَلِكَ بِأَنَّهُم كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللهُ فَأَحبَطَ أَعمَالَهُم. أَفَلَم يَسِيرُوا في الأَرضِ فَيَنظُرُوا كَيفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبلِهِم دَمَّرَ اللهُ عَلَيهِم وَلِلكَافِرِينَ أَمثَالُهَا. ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَولى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الكَافِرِينَ لا مَولى لَهُم ﴾ وَفي حَدِيثِ البَرَاءِ بنِ عَازِبٍ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - لَمَّا أُصِيبَ المُسلِمُونَ في يَومِ أُحُدٍ، فَأَخَذَ أَبُو سُفيَانَ يَرتَجِزُ: اُعلُ هُبَلُ، اُعلَ هُبَلُ. قَالَ النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " أَلا تُجِيبُوا لَهُ؟ " قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا نَقُولُ؟ قَالَ: " قُولُوا: اللهُ أَعلَى وَأَجَلُّ " قَالَ: إِنَّ لَنَا العُزَّى وَلا عُزَّى لَكُم. فَقَالَ النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " أَلا تُجِيبُوا لَهُ " قَالَ: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا نَقُولُ؟ قَالَ: " قُولُوا: اللهُ مَولانَا وَلا مَولى لَكُم " نَعَم - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - إِنَّهُ وَإِنْ عَلا زَبَدُ البَاطِلِ وَارتَفَعَ لَهُ في السَّمَاءِ دُخَانٌ أَو ثَارَ لَهُ غُبَارٌ يُؤذِي المُؤمِنِينَ وَيُكَدِّرُ صَفوَهُم، وَقَد يَخنِقُ بَعضَهُم وَيَقبِضُ أَنفَاسَهُم، فَإِنَّنَا نَقُولُ: حَسبُنَا إِنْ كُنَّا صَادِقِينَ أَنَّ اللهَ مَولانَا وَنَاصِرُنَا، وَيَكفِينَا أَنَّ سَيرَنَا عَلَى طَرِيقِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -، يَكفِينَا أَنَّنَا مُتَعَبَّدُونَ لِرَبِّنَا مُتَّبِعُونَ لِنَبِيِّنَا، نَرجُو أَن يُعلِيَ اللهُ بِنَا الحَقَّ وَأَن نَنشُرَ نُورَهُ عَلَى الخَلقِ، وَأَمَّا هَؤُلاءِ المُحَارِبُونَ لِلحَقِّ المُستَغِلُّونَ لِمَنَابِرِ الصَّحَافَةِ وَالإِعلامِ، المُستَقوُونَ بِبَعضِ مَن أَزَاغَ اللهُ قَلبَهُ مِن عِليَةِ القَومِ أَو أَشيَاخِ المُؤَسَّسَاتِ أَو أَصحَابِ رُؤُوسِ الأَموَالِ المُحَارِبِينَ لِلدِّينِ وَالقِيَمِ بِمَنَاصِبِهِم وَأَموَالِهِم، فَمَولاهُمُ الشَّيطَانُ الَّذِي يُزَيِّنُ لهم المَعَاصِيَ ويَؤُزُّهُم عَلَى الشَّرِّ أَزًّا، حَتَّى إِذَا كَانَ يَومُ القِيَامَةِ وَاتَّضَحَتِ الأُمُورُ وَانجَلَى العَمَى، وَحُصِّلَ مَا في الصُّدُورِ ﴿ وَبَرَزُوا للهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ استَكبَرُوَا إِنَّا كُنَّا لَكُم تَبَعًا فَهَل أَنتُم مُغنُونَ عَنَّا مِن عَذَابِ اللهِ مِن شَيءٍ قَالُوا لَو هَدَانَا اللهُ لَهَدَينَاكُم سَوَاءٌ عَلَينَا أَجَزِعنَا أَم صَبَرنَا مَا لَنَا مِن مَحِيصٍ. وَقَالَ الشَّيطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمرُ إِنَّ اللهَ وَعَدَكُم وَعدَ الحَقِّ وَوَعَدتُّكُم فَأَخلَفتُكُم وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيكُم مِن سُلطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوتُكُم فَاستَجَبتُم لي فَلا تَلُومُوني وَلُومُوا أَنفُسَكُم مَا أَنَا بِمُصرِخِكُم وَمَا أَنتُم بِمُصرِخِيَّ إِنِّي كَفَرتُ بما أَشرَكتُمُونِ مِن قَبلُ إِنَّ الظَّالمِينَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ. وَأُدخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجرِي مِن تَحتِهَا الأَنهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذنِ رَبِّهِم تَحِيَّتُهُم فِيهَا سَلامٌ ﴾.



أَيُّهَا المُسلِمُونَ: إِنَّنَا في زَمَانٍ ظَهَرَ فِيهِ البَاطِلُ بَعضَ الظُّهُورِ، وَصَارَت لِلشَّرِّ دَولَةٌ وَصَولَةٌ وَجَولَةٌ، وَاستَولى عَلَى كَثِيرٍ مِنَ الأُمُورِ أَقوَامٌ لا يُرِيدُونَ لِهَذِهِ المُجتَمَعَاتِ المُحَافَظَةِ إِلاَّ أَن تَخلَعَ أَثوَابَ التَّدَيُّنِ وَتَتَخَلَّى عَنِ الثَوَابِتِ وَتَزهَدَ في القِيَمِ، وَتَنبُذَ الأَخلاقَ وَالآدَابَ، وَتَفتَحَ البَابَ عَلَى مِصرَاعَيهِ لِتَقلِيدِ كُلِّ مَن هَبَّ وَدَبَّ، فَتَتَّبِعَ نَصرَانِيًّا ضَالاًّ أَو يَهُوَدِيًّا مَغضُوبًا عَلَيهِ، أَو تُشَابِهَ شُيُوعِيًّا مُلحِدًا أَو مَجُوسِيًّا مُخَلِّطًا، أَفَتَعجِزُ هَذِهِ المُجتَمَعَاتُ أَن تَقِفَ في وَجهِ هَؤُلاءِ المُفتَرِينَ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ، وَتَجعَلَ بَينَهَا وَبَينَهُم حَاجِزًا بِإِجَابَةٍ قَاطِعَةً؟ إِنَّهَا وَاللهِ لا تَعجِزُ أَن تَقُولَ بِمِلءِ أَفوَاهِهَا: (لا) وَأَلفَ (لا) لِكُلِّ مُغَيِّرٍ لِلشَّرعِ وَمُبَدِّلٍ لِلدِّينِ، فَتَبقَى عَلَى مَا هِيَ عَلَيهِ مِنَ الحَقِّ وَالسُّنَّةِ، حَتَّى تَلقَى رَبَّهَا غَيرَ مُغَيِّرَةٍ وَلا مُبَدِّلَةٍ، وَتَرِدَ عَلَى نَبِيِّهَا الحَوضَ وَهِيَ مَا زَالَت عَلَى مَا تَرَكَهَا عَلَيهِ، فَتَشرَبَ مِن حَوضِهِ وَتَدخُلَ مَعَهُ الجَنَّةَ بِرَحمَةِ رَبِّهَا، في الصَّحِيحَينِ وَغَيرِهِمَا أَنَّهُ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - قَالَ: " إِنِّي فَرَطُكُم عَلَى الحَوضِ، مَن مَرَّ بي شَرِبَ، وَمَن شَرِبَ لم يَظمَأْ أَبَدًا، وَلَيَرِدَنَّ عَلَيَّ أَقوَامٌ أَعرِفُهُم وَيَعرِفُوني، ثُمَّ يُحَالُ بَيني وَبَينَهُم فَأَقُولُ: إِنَّهُم مِنِّي فَيُقَالُ: إِنَّكَ لا تَدرِي مَا أَحدَثُوا بَعدَكَ. فَأَقُولُ: سُحقًا سُحقًا لِمَن بَدَّلَ بَعدِي " وَقَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ -: يُعجِبُني الرَّجُلُ إِذَا سِيمَ خُطَّةَ ضَيمٍ أَن يَقُولَ: "لا" بِمِلءِ فِيهِ. نَعَم - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - إِنَّ رَفضَ كُلِّ مَا يُخَالِفُ الدِّينَ وَيُضَادُّ الحَقَّ وَيُغَايِرُ السُّنَّةَ، وَالثَّبَاتَ عَلَى الحَقِّ وَالتَّمَسُّكَ بِهِ، إِنَّهُ الخِيَارُ الَّذِي لا بُدَّ لَنَا مِنهُ إِذَا أَرَدنَا النَّجَاةَ، بَل إِنَّهُ لا بُدَّ أَن يَكُونَ سِلاحَنَا الأَقوَى الِّذِي نُشهِرُهُ في وَجهِ كُلِّ مَن يُرِيدُ لَنَا الشَّرَّ كَائِنًا مَن كَانَ، فَحِينَ يُرَادُ لَنَا أَن نَتَخَلَّى عَنِ الدِّينِ وَنَرضَى بِالدُّنيَا وَنَقنَعَ بِالدُّونِ، أَو أَن نُغرِقَ في لَذَّاتِ النُّفُوسِ وَنَتَخَبَّطَ في الشَّهَوَاتِ فَـ(لا) وَأَلفُ (لا)، وَحِينَ يُرَادُ تَغيِيرُ مُسَلَّمَاتِنَا وَانتِزَاعُ ثَوَابِتِنَا، أَو نَقضُ مَبَادِئِنَا وَتَحوِيرُ مُصطَلَحَاتِنَا فَـ(لا) وَأَلفُ (لا)، وَحِينَ يُرَادُ بِنِسَائِنَا التَّخرِيبُ بِاسمِ التَّحرِيرِ، أَو يُدفَعنَ لِلاختِلاطِ وَالعَمَلِ مَعَ الرِّجَالِ فَـ(لا) وَأَلفُ (لا)، وَحِينَ يُرَادُ لِمنَابِعِ الخَيرِ أَن تُجَفَّفَ أَو يُضَيَّقَ الخِنَاقُ عَلَى الخَيرِ وَأَهلِهِ فَـ(لا) وَأَلفُ (لا)، (لا) لِكُلِّ مَن يُرِيدُ إِطفَاءَ نُورِ اللهِ ثُمَّ (لا)، لا ؛ لأَنَّ نُورَ اللهِ لا بُدَّ أَن يَتِمَّ وَلَو كَرِهَ الكَافِرُونَ، إِنَّهُ لا يَجُوزُ لِلمُؤمِنِ أَن يَرضَى بِالذُّلِّ أَو يَهُونَ ﴿ وَللهِ العِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلمُؤمِنِينَ ﴾ وَكَيفَ يَستَسلِمُ مُسلِمٌ وَتَمتَلِئُ نَفسُهُ خَوَرًا وَهَزِيمَةً وَقَد قَالَ - تَعَالى - في كَيدِ الكَافِرِينَ: ﴿ يُرِيدُونَ أَن يُطفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفوَاهِهِم وَيَأبى اللهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَو كَرِهَ الكَافِرُونَ. هُوَ الَّذِي أَرسَلَ رَسُولَهُ بِالهُدَى وَدِينِ الحَقِّ لِيُظهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَو كَرِهَ المُشرِكُونَ ﴾؟! لَقَد أَرَادَ اللهُ لِلمُؤمِنِينَ العُلُوَّ وَالرِّفعَةَ في الدُّنيَا وَالآخِرَةِ، فَلِمَ السُّقُوطُ وَالضَّعَةُ، لِمَ الهَوَانُ وَقَد قَالَ الحَقُّ - تَبَارَكَ وَتَعَالى -: ﴿ وَلا تَهِنُوا وَلا تَحزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعلَونَ إِنْ كُنتُم مُؤمِنِينَ ﴾؟! لَقَدِ اختَارَ اللهُ لِلمُؤمِنِينَ العُلُوَّ لأَنَّهُ لا يَستَحِقُّهُ سِوَاهُم، اختَارَهُ لَهُم لأَنَّهُ لا يَصمُدُ عَلَيهِ غَيرُهُم، اختَارَهُ لَهُم لأَنَّهُ لَن يَتَمَكَّنَ مِنَ الدِّفَاعِ عَنهُ إِلاَّ هُم، فَهُم الأَوصِيَاءُ عَلَى هَذِهِ البَشَرِيَّةِ لإِنقَاذِهَا، وَهُمُ الهُدَاةُ لَهَا كُلِّهَا، وَهُمُ المُخرِجُونَ لَهَا مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلى النُّورِ بِإِذنِ اللهِ ﴿ كِتَابٌ أَنزَلنَاهُ إِلَيكَ لِتُخرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلى النُّورِ بِإِذنِ رَبِّهِم إِلى صِرَاطِ العَزِيزِ الحَمِيدِ. اللهِ الَّذِي لَهُ مَا في السَّمَاوَاتِ وَمَا في الأَرضِ وَوَيلٌ لِلكَافِرِينَ مِن عَذَابٍ شَدِيدٍ. الَّذِينَ يَستَحِبُّونَ الحَيَاةَ الدُّنيَا عَلَى الآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللهِ وَيَبغُونَهَا عِوَجًا أُولَئِكَ في ضَلالٍ بَعِيدٍ ﴾ إِنَّ مَكَانَ عِبَادِ اللهِ في الأَرضِ أَعلَى، وَإِنَّ قَدرَهُم في النُّفُوسِ لأَسمَى، وَعِندَمَا يُصَابُونَ مِن أَعدَائِهِم أَو يُهزَمُونَ حِينًا، أَو يَحدُثُ لِلحَقِّ الَّذِي مَعَهُم شَيءٌ مِنَ الخَفَاءِ، فَإِنَّمَا هِيَ سُنَّةُ التَّدَافُعِ الَّتي سَنَّهَا اللهُ في الأَرضِ، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَلَولا دَفعُ اللهِ النَّاسَ بَعضَهُم بِبَعضٍ لَهُدِّمَت صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذكَرُ فِيهَا اسمُ اللهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾ نَعَم، هِيَ سُنَّةُ المُدَافَعَةِ الَّتي جَعَلَهَا اللهُ في خَلقِهِ لِتَستَمِرَّ الحَيَاةُ، عَلَى أَن تَكُونَ العُقبى لِلمُؤمِنِينَ، وَالنَّصرُ لِعِبَادِ اللهِ وَلَو بَعدَ حِينٍ ﴿ وَلَقَد سَبَقَت كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا المُرسَلِينَ. إِنَّهُم لَهُمُ المَنصُورُونَ. وَإِن جُندَنَا لَهُمُ الغَالِبُونَ ﴾ ﴿ وَكَانَ حَقَّا عَلَينَا نَصرُ المُؤمِنِينَ ﴾ وَفي المُتَّفَقِ عَلَيهِ، يَقُولُ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: "لا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِن أُمَّتي قَائِمَةً بِأَمرِ اللهِ، لا يَضُرُّهُم مَن خَذَلَهُم وَلا مَن خَالَفَهُم حَتَّى يَأتيَ أَمرُ اللهِ وَهُم ظَاهِرُونَ عَلَى النَّاسِ" أَلا فَاتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ - وَلا تَيأَسُوا، وَاثبُتُوا عَلَى الحَقِّ وَلا تَلتَفِتُوا، فَإِنَّ وَعدَ اللهِ حَقٌّ وَاقِعٌ وَلا رَيبَ، وَكَلِمَةَ اللهِ بِاقِيَةٌ إِلى قِيَامِ السَّاعَةِ وَلا شَكَّ، وَالنَّصرَ لِلمُؤمِنِينَ في الدُّنيَا وَالآخِرَةِ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا في الحَيَاةِ الدُّنيَا وَيَومَ يَقُومُ الأَشهَادُ ﴾ وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ وَلَيَنصُرَنَّ اللهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ. الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُم في الأَرضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالمَعرُوفِ وَنَهَوا عَنِ المُنكَرِ وَللهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ ﴾ الثَّبَاتَ الثَّبَاتَ - عِبَادَ اللهِ - فَإِنَّهُ وَصِيَّةُ نَبِيِّكُم - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - عِندَمَا ذَكَرَ أَكبَرَ الفِتَنِ وَهِيَ فِتنَةُ الدَّجَّالِ، فَعَنِ النَّوَّاسِ بنِ سَمعَانَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: ذَكَرَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - الدَّجَّالَ ذَاتَ غَدَاةٍ فَخَفَّضَ فِيهِ وَرَفَّعَ حَتَّى ظَنَنَّاهُ في طَائِفَةِ النَّخلِ... وَذَكَرَ الحَدِيثَ وَفِيهِ قَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: "إِنَّهُ خَارِجٌ خَلَّةً بَينَ الشَّامِ وَالعِرَاقِ، فَعَاثٍ يَمِينًا وَعَاثٍ شِمَالاً، يَا عِبَادَ اللهِ فَاثبُتُوا" الحَدِيثَ رَوَاهُ مُسلِمٌ. أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُم فِئَةً فَاثبُتُوا وَاذكُرُوا اللهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ. وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوَا فَتَفشَلُوا وَتَذهَبَ رِيحُكُم وَاصبِرُوا إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾.



أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ ﴿ وَمَن يَتَّقِ اللهَ يَجعَلْ لَهُ مَخرَجًا ﴾ ثُمَّ اعلَمُوا أَنَّنَا في زَمَنٍ يَجِبُ عَلَى كُلِّ مِنَّا الإِصلاحُ وَالمُدَافَعَةُ وَالمُجَاهَدَةُ، وَبَذلُ مَا يَستَطِيعُ مَن جُهدٍ وَمَالٍ وَنَفسٍ في سَبِيلِ اللهِ، مَعَ الأَمرِ بِالمَعرُوفِ وَالنَّهيِ عَنِ المُنكَرِ وَالدَّعوَةِ إِلى الحَقِّ وَالمُنَافَحَةِ عَنهُ، وَرَدِّ الشُّبُهَاتِ وَالشَّهَوَاتِ وَالصَّبرِ في ذَلِكَ وَالمُصَابَرَةِ وَالمُرَابَطَةِ، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبيُّ جَاهِدِ الكُفَّارَ وَالمُنَافِقِينَ وَاغلُظْ عَلَيهِم ﴾ وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ ﴾ لَقَد وَعَدَ اللهُ المُجَاهِدِينَ في سَبِيلِهِ بِالهِدَايَةِ وَأَن يَكُونَ مَعَهُم فَقَالَ: ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهدِيَنَّهُم سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ المُحسِنِينَ ﴾ وَهَذَا عَامٌّ في حَقِّ كُلِّ مَن وَقَفَ حَارِسًا لِدَينِ اللهِ عِندَ أَيِّ بَابٍ يُرَادُ الدُّخُولِ عَلَى الإِسلامِ مِنهُ، في البَيتِ أَوِ السُّوقِ أَو دَائِرَةِ العَمَلِ، مَعَ الزَّوجَاتِ وَالبَنِينَ وَالبَنَاتِ، أَو مَعَ الإِخوَةِ وَالأَقَارِبِ وَالجِيرَانِ وَالأَصدِقَاءِ وَالزُّمَلاءِ، أَو مَعَ الأَبَاعِدِ وَمَن لا تَربِطُ المَرءَ بهم عِلاقَةٌ، وَإِنَّهُ وَإِنْ قُدِّرَ لَنَا أَن نَعِيشَ في هَذِهِ الأَزمِنَةِ المَلِيئَةِ بِهَذِهِ الصِّرَاعَاتِ بَينَ الحَقِّ وَالبَاطِلِ، فحَرِيٌّ بِنَا أَن نَحتَسِبَ كُلَّ مَا يُصِيبُنَا، فَلَعَلَّنَا نَدخُلُ في قَولِهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "إِنَّ مِن وَرَائِكُم أَيَّامَ الصَّبرِ، لِلمُتَمَسِّكِ فِيهِنَّ يَومَئِذٍ بما أَنتُم عَلَيهِ أَجرُ خَمسِينَ مِنكُم" صَحَّحَهُ الأَلبانيُّ.



وَلَقَد صَمَدَ الإِسلامُ في حَيَاتِهِ المَدِيدَةِ لِمَا هُوَ أَعنَفُ وَأَقسَى مِن هَذِهِ الضَّرَبَاتِ الوَحشِيَّةِ الَّتي تُوَجَّهُ إِلَيهِ اليَومَ في كُلِّ مَكَانٍ، وَنَصَرَهُ اللهُ لَمَّا تَخَلَّى عَنهُ العَرَبُ في بَعضِ الأَزمِنَةِ بِقَومٍ مِن غَيرِ العَرَبِ، أَلا فَاتَّقُوا اللهَ يَا قَومَنَا في هَذِهِ البِلادِ وَكُونُوا مِن أَنصَارِ اللهِ، فَإِنَّكُم مِن آخِرِ المَعَاقِلِ لِهَذَا الدِّينِ، فَإِن تَخَلَّيتُم عَنهُ تَخَلَّى اللهُ عَنكُم ﴿ وَاللهُ الغَنيُّ وَأَنتُمُ الفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوا يَستَبدِلْ قَومًا غَيرَكُم ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمثَالَكُم ﴾.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» والله يعلم وأنتم لا تعلمون
» ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه وأنتم تنظرون

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اسلام ويب :: ۩✖ منتدي الاسلاميات العامه ۩✖ :: مقــــالات اســــلاميه :: خطب مقـــرؤه-
انتقل الى: