اسلام ويب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

من فقه الدعاء يقول سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "أنا لا أحمل همَّ الإجابة، وإنما أحمل همَّّ الدعاء، فإذا أُلهمت الدعاء كانت الإجابة معه". وهذا فهم عميق أصيل ، فليس كل دعاء مجابًا، فمن الناس من يدعو على الآخرين طالبًا إنزال الأذى بهم ؛ لأنهم ينافسونه في تجارة ، أو لأن رزقهم أوسع منه ، وكل دعاء من هذا القبيل ، مردود على صاحبه لأنه باطل وعدوان على الآخرين. والدعاء مخ العبادة ، وقمة الإيمان ، وسرّ المناجاة بين العبد وربه ، والدعاء سهم من سهام الله ، ودعاء السحر سهام القدر، فإذا انطلق من قلوب ناظرة إلى ربها ، راغبة فيما عنده ، لم يكن لها دون عرش الله مكان. جلس عمر بن الخطاب يومًا على كومة من الرمل ، بعد أن أجهده السعي والطواف على الرعية ، والنظر في مصالح المسلمين ، ثم اتجه إلى الله وقال: "اللهم قد كبرت سني ، ووهنت قوتي ، وفشت رعيتي ، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفتون ، واكتب لي الشهادة في سبيلك ، والموت في بلد رسولك". انظر إلى هذا الدعاء ، أي طلب من الدنيا طلبه عمر، وأي شهوة من شهوات الدنيا في هذا الدعاء ، إنها الهمم العالية ، والنفوس الكبيرة ، لا تتعلق أبدًا بشيء من عرض هذه الحياة ، وصعد هذا الدعاء من قلب رجل يسوس الشرق والغرب ، ويخطب وده الجميع ، حتى قال فيه القائل: يا من رأى عمرًا تكسوه بردته ** والزيت أدم له والكوخ مأواه يهتز كسرى على كرسيه فرقًا ** من بأسه وملوك الروم تخشاه ماذا يرجو عمر من الله في دعائه ؟ إنه يشكو إليه ضعف قوته ، وثقل الواجبات والأعباء ، ويدعو ربه أن يحفظه من الفتن ، والتقصير في حق الأمة ، ثم يتطلع إلى منزلة الشهادة في سبيله ، والموت في بلد رسوله ، فما أجمل هذه الغاية ، وما أعظم هذه العاطفة التي تمتلئ حبًا وحنينًا إلى رسول الله - صل الله عليهلم -: (أن يكون مثواه بجواره). يقول معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: "يا بن آدم أنت محتاج إلى نصيبك من الدنيا ، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج ، فإن بدأت بنصيبك من الآخرة ، مرّ بنصيبك من الدنيا فانتظمها انتظامًا ، وإن بدأت بنصيبك من الدنيا ، فائت نصيبك من الآخرة ، وأنت من الدنيا على خطر). وروى الترمذي بسنده عن النبي - صل الله عليهلم -: أنه قال: ((من أصبح والآخرة أكبر همه جمع الله له شمله ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن أصبح والدنيا أكبر همه فرَّق الله عليه ضيعته ، وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له)). وأخيرًا .. أرأيت كيف أُلهم عمر الدعاء وكانت الإجابة معه ، وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186)" (البقرة:186).


 

  التذكير بنعمة الله، والزجر عن التخلُّف عن الصلاة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة


avatar


نقــاط : 99985
 التذكير بنعمة الله، والزجر عن التخلُّف عن الصلاة   Oooo14
 التذكير بنعمة الله، والزجر عن التخلُّف عن الصلاة   User_o10

 التذكير بنعمة الله، والزجر عن التخلُّف عن الصلاة   Empty
مُساهمةموضوع: التذكير بنعمة الله، والزجر عن التخلُّف عن الصلاة     التذكير بنعمة الله، والزجر عن التخلُّف عن الصلاة   Emptyالخميس 2 مايو 2013 - 11:59

الحمد لله الذي كتَب الصلاة على المؤمنين وجعَلَها عمود الدين، وثانية فرائض ربِّ العالمين، أحمَدُه - سبحانه - على ما مَنَّ به من الهدى، وأشكُرُه على سَوابِغ النعماء وجزيل العطاء، وأسأَلُه أنْ يجعَلَنا من أئمَّة الحق والتُّقَى.



وأشهَدُ أن لا إله إلاَّ الله وحدَه لا شريك له، ذو العزَّة والجلال والعظَمَة والكَمال، فرَّق بين المؤمنين الصادقين والمنافقين المجرمين في الأعمال والمآل، فجعَلَ من صفة المؤمنين أنهم ﴿ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [المؤمنون: 2 - 11].



وقال في المنافقين المجرمين: ﴿ كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ﴾ [المرسلات: 46 - 49].



وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله أكرم البريَّات، الذي جعلت قرَّة عينه في الصلاة، والذي أخبر أنَّ أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء والفجر، ولو يعلَمون ما فيهما - يعني: من الأجر - لأتَوْهما ولو حبوًا.



صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين كانوا يُحافِظون على الصلوات في سائر الأوقات، ويُؤَدُّونها في المساجد مع الجماعات، فما يتخلَّف عنها - في عهدهم - إلاَّ منافق قد عُلِمَ نفاقُه، أو مريض يُقعِده مرضه، وإنْ كان المريض ليُؤتَى به يهادى بين الرجلين حتى يُقام في الصف.



أمَّا بعد:

فيا أيها الناس:

اتَّقوا الله - تعالى - وأطيعوه، واذكُرُوه ولا تنسوه، واشكُرُوه ولا تكفُروه، فكم أسبَغَ عليكم في عامكم المنصَرِم من نعمة، وصرَف عنكم من نقمة، ونجَّاكم من فتنة، وعافاكم من بليَّة، وردَّ عنكم من كيْد، وكَفَّ عنكم من يد، وكبَت من حاسِد، أمَا تَمَّ الأمان؟ أمَا هجرتم الأوطان؟ أمَا لُذتُم بالقُرَى النائية والوديان، فعرفتم قيمة النعمة وثمرة الطاعة، فعاد الله عليكم بجوده ولطفه، ونصركم بحوله وقوَّته، وحفظ عليكم سوابغ نعمائه، وأمدَّكُم بجزيل عطائه، وجاد عليكم بأنواع آلائه؟ فأي نعم الله تنكرون؟ أم بأي آلائه تكذبون؟ ﴿ فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الأعراف: 69]، ﴿ وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ﴾ [النحل: 114]، ﴿ أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ﴾ [لقمان: 20]، ﴿ وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ﴾ [إبراهيم: 34]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [المائدة: 11]، ﴿ وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [الأنفال: 26]، ﴿ فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ﴾ [الأعراف: 74].



عباد الله:

لقد مضى هذا العام المنصَرِم بعظيم أهواله ومتنوع أحواله، ومضى شاهِدًا على ابن آدم فيما أودَعَه من أعماله، وهكذا تمرُّ الأعوام وتَمضِي كأنها أضْغاث أحلام، تتغيَّر فيها الأحوال، وتنقَضِي فيها الآجال، وكثيرٌ من الناس أشباه الأنعام، يأكُلون ويتمتَّعون ويعصون ويُجاهِرون، ويُلهِيهم الأمل فسوف يعلَمون، كثيرٌ من الناس في غفلةٍ عن شكر النعمة، والحذر من فجأة النقمة، والاستعداد للنقلة، بل في انهماكٍ في الشهوات، وتضييعٍ للصلاة وأنواع الطاعات، وتلهُّفٍ على ما فات، أفكارُهم تدورُ على جمْع الحطام، ونفوسُهم تتلوَّث بأوضار الذنوب والآثام، في سكرة الدنيا ونشوة الهدى، فليت شِعرِي متى تستَيقِظ الضَّمائر؟ ومتى تستَنِير البصائر؟ فيكون همُّ أحدِهم حاله يوم القدوم على الملك الحي القيوم، فيسأله عن الكبير والصغير، والجليل والحقير، حتى عن الفتيل والقطمير؛ ﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [الحجر: 92 - 93].



أيها المسلمون:

إنَّ من أعظم المنكرات المُوبِقات التخلُّف عن الصلوات، وهجْر المساجد والجماعات، فكم توعَّد الله أهلَها ببليغ العقوبات إذا عصوا الله ورسوله جهارًا، واستكبَرُوا عن السجود لله استكبارًا، ﴿ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ﴾ [مريم: 59].



وغَيٌّ: قيل: إنَّه وادٍ في جهنَّم؛ شديدٌ حرُّه، بعيدٌ قعرُه، عظيمٌ هولُه.



فيا ويحهم ما أعظَمَ ما ارتكبوا، ويا ويلهم ما أسوَأَ ما اجترَحُوه في حق الرب الكريم المنعِم العظيم، مع أنهم في غاية الافتِقار إليه في حركات أنفاسهم، ودقَّات قلوبهم، ونبضات الدم في شرايينهم، فلو سكتَت القلوب فمَن يحركها؟ ولو انقَطعت الأنفاس فمَن يَصِلُها؟ ولو تجمَّدت الدماء في العروق فمَن يدفَعُها؟ ﴿ قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ ﴾ [عبس: 17]، ويحَه ما أغدَرَه! فمَن لهم غير الله لو كانوا يعقلون؟



أيُّها الإنسان الفقير:

ويحكَ؛ تعصي ربَّك الملك الكبير الذي لا غنى لك إلاَّ به، أم تتَكبَّر عن طاعة جبَّار السَّماوات والأرض وأنت منقلبٌ إليه؟ ابن آدم، أيُّها الكسلان، يا مَن تسمع الأذان فلا تجيب داعيَ الرحمن، بل تبقَى أسيرَ الشيطان، في البيوت مع النساء والولدان، هل تذكَّرت ﴿ كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ * وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ * وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ * وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ * إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ ﴾ [القيامة: 26 - 30].



ويحك؛ بأيِّ وجهٍ تَلقَى الله؟ أبوجه إبليس الذي استَكبَر وأبى فأبلس من كلِّ خيرٍ في الدنيا والأخرى؟ أم بوجه فرعون الذي افتُتِن بالملك فتجبَّر وطَغَى؟ فأغرَقَه الله في الماء، وقال في عاقبته نصَّ الكتاب: ﴿ النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ ﴾ [غافر: 46].



أيُّها الناس:

إنَّ تارِك الصلاة عاصٍ للرحمن ومُتَّبِعٌ للشيطان؛ فإنَّه أوَّل مَن امتَنَع عن السجود بنصِّ القرآن، وسيُحشَر مع مَن يليق به في المنزلة ويُسامِيه ممَّن سبَقَه ممَّن تمرَّد على ربِّه وبارِيه، فإنْ كان ملكًا أو رئيسًا شغَلَه ملكُه ورئاسته، فسيُحشَر مع فرعون الذي شغَلَه ملكُه ورئاسته عن طاعة الرحمن الملك الديَّان، وإنْ كان وزيرًا أو سكرتيرًا لجبَّار، فشغلَتْه وظيفتُه عن طاعة الواحد القهَّار، فسيُحشَر مع هامان وزير فرعون، ويا هول ما سيُلاقون، وإنْ كان غنيًّا أبطَرَه غِناه فلم يجب داعي الله، فسيُحشَر مع قارون تاجر بني إسرائيل الذي شغَلَه غناه عن طاعة ربِّه ومولاه، فخسَف الله به الأرض، فهو يتَجلجَل فيها إلى يوم يَلقاه، وسيشقى بماله فلا تسأل عن حاله، وإنْ كان صاحب بيعٍ وشراء ألهاه الصفق في الأسواق، فتخلَّف عن الصلاة حتى اسوَدَّ قلبُه بالكفر والنِّفاق، فسيُحشَر مع أُبَيِّ بن خَلَفٍ تاجر أهل مكة الذي أهلَكَه الله شرَّ هلكة، ولا تسأل عن مَنزِلِه في النار فهو في شرُّ دركة.



أيُّها المسلمون:

شتَّان بين المؤمنين المصلِّين المفلِحين الذين يُحشَرون إلى الرحمن وفدًا؛ ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا ﴾ [النساء: 69]، وبين المنافقين المجرِمين الذين هم عن صلاتهم ساهون، الذين هم يُراؤون وإذا قيل لهم: اركَعوا، لا يركَعون، وسيُحشَرون مع أكابر المجرِمين الملعُونِين في الدارين، مع فرعون وهامان وقارون وأكابر مشرِكِي قريش، غدًا يُساقُون إلى جهنَّم وِرْدًا، وتُقَطَّع لهم ثياب من نار؛ ﴿ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ * يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ * وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ * كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ ﴾ [الحج: 19 - 22].



يا مَن تُدعَون إلى السجود قلا تُجِيبُون وأنتم سالِمون، تذكَّروا حالَكم يوم القيامة في العَرَصات، حين يأتي الله في هذه الأمَّة من كلِّ الفئات، فيَسجُد له عِبادُه المؤمنون المصلُّون، الذين كانوا على صلواتهم يُحافِظون، وفي سائر الأحوال والأوقات إلى الخيرات يُسارِعون، وأمَّا المنافقون الذين من شأنهم التخلُّفُ عن الصلوات، وهجَرُوا المساجد والجماعات، فيذهب أحدهم كيما يسجد فيعود ظهره طبقًا واحدًا؛ أي: لا ينحي ظهرُه فيستطيع السجود، وهذا ما أشار الله إليه، يقول الكريم: ﴿ يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ * خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ ﴾ [القلم: 42 - 43].



وتذكَّروا حين يُنصَب الصراط على جهنَّم للمرور، وهي من تحته تَغلِي وتَفُور، لها تغيُّظ وزَفِير، والصراط دحض ومزلَّة، وعليه كلاليب وحسكة، تخطَف مَن أُمِرَتْ بخطفه، وهو ظلمةٌ مدلهمة، ويُعطَى كلُّ أحدٍ نورًا بحسب عمله في الدنيا.



فأمَّا المؤمنون المصلُّون فنورُهم يُضِيء لهم الطريق، ويثبت على الصراط لما سبق لهم من التوفيق، ويَقِيه حرَّ النار، حتى تقول جهنم لأحدهم: يا عبد الله، جُزْ فقد أطفأ نورُك حرِّي.



وأمَّا المضيِّعون للصلاة المتَّبِعون للشهوات فيُعطَوْن نورًا بقدر حظِّهم من الإيمان والصلاة، فإذا مرُّوا على الصراط ما شاء الله انطَفَأت الأنوار، وتحقَّقت الأخطار، وتحتهم جهنَّم وبئس القرار، فينادون أهل الإِيمان يَطلُبون منهم أنْ يُسعِفوهم بشيءٍ من الأنوار، فلا يُسعِفونهم لأنَّ كلَّ أحدٍ مشغولٌ بنفسه؛ ﴿ يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ * يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ * فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾ [الحديد: 12 - 15].



فحافِظُوا عبادَ الله على الصلاة، وأدُّوها في المساجد مع الجماعة؛ فإنها نورٌ للعبْد في الدنيا والآخِرة، وذكرٌ له في الجنَّة؛ قال - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((بَشِّروا المشَّائين في الظُّلَم إلى المساجد بالنور التامِّ يوم القيامة))، وفي الحديث: ((والصلاة نورٌ، والصدقة بُرهانٌ)).



أيها المسلمون:

ويوم القيامة يَتَساءَل أصحابُ اليمين وهم في جنَّات النعيم عن المجرِمين، فيُرِيهم الله إيَّاهم في دركات الجحيم، فيسألونهم: ﴿ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ ﴾ [المدثر: 42 - 43].



فكفى بهذا وعيدًا وتهديدًا وزجرًا أكيدًا للمتخلِّفين عن الصلوات، المُفارِقين للجَماعات، وأنهم قد أخَذُوا بعملٍ يُوصِلهم إلى سقر وبئس المستقر.



فاتَّقوا الله أيها المؤمنون، وحافِظُوا على فرائض ربِّكم، وأدُّوا الصلاة جماعةً مع إخوانكم في بيوت الله التي أَذِنَ الله أنْ تُرفَع ويُذكَر فيها اسمُه، ينجز لكم من الخير ما وعَدَكم، ويكفكم شرَّ وهولَ ما ينتَظِركم؛ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [المنافقون: 9].



بارَك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفَعَنا جميعًا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.



أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم من كلِّ ذنب، فاستَغفِروه يغفر لكم إنَّه هو الغفور الرحيم.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
التذكير بنعمة الله، والزجر عن التخلُّف عن الصلاة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الصلاة على رسول الله صلى الله عليه و سلم
» حكم قول " تقبل الله " بعد الفراغ من الصلاة .
» حكم قول " تقبل الله " بعد الفراغ من الصلاة .
»  فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
» الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اسلام ويب :: ۩✖ منتدي الاسلاميات العامه ۩✖ :: مقــــالات اســــلاميه :: خطب مقـــرؤه-
انتقل الى: