اسلام ويب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

من فقه الدعاء يقول سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "أنا لا أحمل همَّ الإجابة، وإنما أحمل همَّّ الدعاء، فإذا أُلهمت الدعاء كانت الإجابة معه". وهذا فهم عميق أصيل ، فليس كل دعاء مجابًا، فمن الناس من يدعو على الآخرين طالبًا إنزال الأذى بهم ؛ لأنهم ينافسونه في تجارة ، أو لأن رزقهم أوسع منه ، وكل دعاء من هذا القبيل ، مردود على صاحبه لأنه باطل وعدوان على الآخرين. والدعاء مخ العبادة ، وقمة الإيمان ، وسرّ المناجاة بين العبد وربه ، والدعاء سهم من سهام الله ، ودعاء السحر سهام القدر، فإذا انطلق من قلوب ناظرة إلى ربها ، راغبة فيما عنده ، لم يكن لها دون عرش الله مكان. جلس عمر بن الخطاب يومًا على كومة من الرمل ، بعد أن أجهده السعي والطواف على الرعية ، والنظر في مصالح المسلمين ، ثم اتجه إلى الله وقال: "اللهم قد كبرت سني ، ووهنت قوتي ، وفشت رعيتي ، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفتون ، واكتب لي الشهادة في سبيلك ، والموت في بلد رسولك". انظر إلى هذا الدعاء ، أي طلب من الدنيا طلبه عمر، وأي شهوة من شهوات الدنيا في هذا الدعاء ، إنها الهمم العالية ، والنفوس الكبيرة ، لا تتعلق أبدًا بشيء من عرض هذه الحياة ، وصعد هذا الدعاء من قلب رجل يسوس الشرق والغرب ، ويخطب وده الجميع ، حتى قال فيه القائل: يا من رأى عمرًا تكسوه بردته ** والزيت أدم له والكوخ مأواه يهتز كسرى على كرسيه فرقًا ** من بأسه وملوك الروم تخشاه ماذا يرجو عمر من الله في دعائه ؟ إنه يشكو إليه ضعف قوته ، وثقل الواجبات والأعباء ، ويدعو ربه أن يحفظه من الفتن ، والتقصير في حق الأمة ، ثم يتطلع إلى منزلة الشهادة في سبيله ، والموت في بلد رسوله ، فما أجمل هذه الغاية ، وما أعظم هذه العاطفة التي تمتلئ حبًا وحنينًا إلى رسول الله - صل الله عليهلم -: (أن يكون مثواه بجواره). يقول معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: "يا بن آدم أنت محتاج إلى نصيبك من الدنيا ، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج ، فإن بدأت بنصيبك من الآخرة ، مرّ بنصيبك من الدنيا فانتظمها انتظامًا ، وإن بدأت بنصيبك من الدنيا ، فائت نصيبك من الآخرة ، وأنت من الدنيا على خطر). وروى الترمذي بسنده عن النبي - صل الله عليهلم -: أنه قال: ((من أصبح والآخرة أكبر همه جمع الله له شمله ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن أصبح والدنيا أكبر همه فرَّق الله عليه ضيعته ، وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له)). وأخيرًا .. أرأيت كيف أُلهم عمر الدعاء وكانت الإجابة معه ، وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186)" (البقرة:186).


 

  أعظم آيات القرآن

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة


avatar


نقــاط : 99975
 أعظم آيات القرآن Oooo14
 أعظم آيات القرآن User_o10

 أعظم آيات القرآن Empty
مُساهمةموضوع: أعظم آيات القرآن    أعظم آيات القرآن Emptyالخميس 2 مايو 2013 - 4:49

أعظم آيات القرآن

أيها الإخوة، القرآن كلام الله - تعالى - لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ولقد فضَّل الله - عزَّ وجلَّ - بعض السور على بعض، كما سمِعْنا عن فضْل سورة الفاتحة، كما فضَّل بعض الآيات على بعض، ففي صحيح مسلم عن أُبَي بن كعب، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((يا أبا المنذر، أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟))، قال: قلت: الله ورسوله أعلم، قال: ((يا أبا المنذر، أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟))، قال: قلت: ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ﴾، قال: فضرَب في صدري، وقال: ((والله ليَهْنِك العلم أبا المنذر))، إنها آية الكرسي: ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ﴾ [البقرة: 255].


فهنَّأه النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - على هذا العلم النافع الذي حوَاه صدْره، فهو أقْرَأُ الأمة بكتاب الله، والقارئ زمن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - لَم تكنْ قراءته دون علْمٍ، وها هو قد عَلِم أعظمَ آية؛ لِمَا فيها من أصول الدين وقواعده، ولِمَا تحويه من أسماء الله الحسنى وصفاته العُلى.


فأي علْمٍ ينفع صاحبه مثل العلم بكتاب الله؟ وقد قال النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((سَلوا الله عِلمًا نافعًا، وتعوَّذوا بالله من علْمٍ لا ينفع))؛ الصحيحة.


والنبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان يقول إذا صلَّى الصبح حين يُسَلِّم: ((اللهم إني أسألك علْمًا نافعًا، ورزقًا طيبًا، وعملاً مُتقبَّلاً))؛ صحيح ابن ماجه.


إنَّ كثيرًا من العلوم التي يبذُل لها بعضُ الناس أعمارَهم وأموالهم، ويفرحون بها ويبتهجون، تكون وَبالاً عليهم وخسارًا؛ قال - تعالى -: ﴿ ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى ﴾ [النجم: 30].


أيها الإخوة، هذه الآية مشتملة على عشر جمل مُستقلة:

1- فقوله - تعالى -: ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ﴾، إخبار بأنه المنفرِد بالإلهية لجميع الخلائق، فلا معبود بحقٍّ إلاَّ هو - سبحانه - وهو المستَحق للعِبادة، وبهذه الكلمة أرْسَل الله الرُّسل، وأنزَل الكُتُب، وعليها قامت السماوات والأرض، ومِن أجْلها خَلَق الله الجنَّة والنار؛ قال - تعالى -: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ﴾ [الأنبياء: 25] وقال - تعالى -: ﴿ يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ ﴾ [النحل: 2].


2- ﴿ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ﴾؛ أي: الحي في نفسه الذي لا يموت أبدًا، القَيِّم لغَيْره، ولا قوام للموجودات دون أمره؛ وقد ورَد أنَّ النبِيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان يقول: ((أعوذ بعزَّتك الذي لا إله إلا أنت، الذي لا يموت، والجن والإنس يموتون))، وقال - تعالى -: ﴿ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ﴾ [الرحمن: 26 - 27].


من هنا - أخي المسلم - تعلَّم أنَّ الذين في القبور والمقامات والأضرحة أموات ليسوا أحياءً، كما يزعُم بعض الجَهَلة، والميِّت لا يقدر على شيء؛ ﴿ إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ﴾ [فاطر: 14].


فاحْذَرْ من الاستغاثة بهم، أو دعائهم والطلب منهم، وإيَّاك أن تعتقدَ بهم ما ليس فيهم، حتى لو كان مَن في القبر سيد البشر - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال - تعالى -: ﴿ وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [القصص: 88]، ﴿ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ ﴾ [الأحقاف: 5].


والحي القيوم: هو اسم الله الأعظم، وقد كان النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - إذا حَزَبه أمرٌ، قال: ((يا حي يا قيُّوم، برحمتك أستغيث))؛ الصحيحة.


وكان يقول في أذكار الصباح والمساء: ((يا حي يا قيوم، برحمتك أستغيث، أصلِحْ لي شأني كله، ولا تَكِلني إلى نفسي طرْفة عينٍ أبدًا)).


فهذه الآية فيها اسم الله الأعظم، الذي إذا دُعِي به أجَاب، وإذا سُئِل به أعْطَى؛ كما جاء في الحديث الحسن: ((اسم الله الأعظم لفي ثلاث سُوَرٍ من القرآن: في البقرة وآل عمران وطه))، أمَّا في البقرة، فقوله: ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ﴾ [البقرة: 255]، وأمَّا في آل عمران، فقوله: ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ﴾ [آل عمران: 2]، وأمَّا في طه، فقوله: ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى ﴾ [طه: 8].


3 - ﴿ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ﴾: لا تَغْلبه سِنة، وهي النُّعاس؛ ولهذا قال - تعالى -: ﴿ وَلَا نَوْمٌ لَهُ ﴾؛ لأنه أقوى من النُّعاس.


جاء في صحيح مسلم: عن أبي موسى، قال: قام فينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بخمس كلمات، فقال: ((إن الله - عز وجل - لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام، يخفِض القِسْط ويرفعه، يُرْفَع إليه عملُ الليل قبل عمل النهار، وعمل النهار قبل عمل الليل، حجابه النور، لو كشَفَه لأَحْرَقَتْ سُبُحات وجْهه ما انتهى إليه بصرُه من خَلْقه)).


فالله لا ينام، بل هو حي قيُّوم، وسيرى المكذِّبون ذلك: ﴿ يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾ [المجادلة: 6].


4- ﴿ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ﴾: إخبار بأنَّ الجميع عبيده وفي مُلكه، وتحت قهْره وسلطانه؛ ﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [آل عمران: 26 - 27].


5- ﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ﴾، كقوله - تعالى -: ﴿ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى ﴾ [الأنبياء: 28].


وهذا من عَظَمته وكبريائه وجلاله - عزَّ وجلَّ - وأنَّه لا يَتَجاسَر أحَدٌ على أن يشفَعَ لأحدٍ عنده إلاَّ من أذن له في الشفاعة؛ كما جاء في حديث الشفاعة الذي في الصحيح: عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - الذي قال فيه: ((فأَنْطَلِقُ حتى أستأذِنَ على ربِّي، فيؤذَنَ لي، فإذا رأيتُ ربي، وقعتُ ساجدًا، فيَدَعُني ما شاء الله، ثم يُقال: ارفعْ رأْسَك، وسَلْ تُعْطَه، وقلْ يُسْمع، واشفَعْ تُشَفَّعْ، فأرفعُ رأْسي، فأحمدُه بتحميد يُعَلِّمنيه، ثم أشفعُ، فيَحُدُّ لي حدًّا، فأُدْخِلُهم الجنة، ثم أعود إليه، فإذا رأيتُ ربي مثله، ثم أشفعُ، فيَحُدُّ لي حدًّا، فأُدْخِلُهم الجنة)).


فلا شفاعة إلا بإذن الله؛ إذْن لِمَن يَشفع (الشافع)، وإذْن لِمَن يُشفَع له؛ قال - تعالى -:﴿ وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ ﴾ [سبأ: 23]، وقال: ﴿ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ ﴾ [الأنبياء: 28].


فلا تَطلب الشفاعة - أخي المسلم - إلاَّ من الله الذي بيده الأمر كله، واعلمْ أنَّ الشفاعة لا يأْذن بها الله للمشركين؛ ﴿ فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ ﴾ [المدثر: 48].


6- ﴿ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ﴾: هذا دليل على إحاطة علْمِ الله بجميع الكائنات؛ ماضيها وحاضرها ومستقبلها؛ كما قال - تعالى - إخبارًا عن الملائكة: ﴿ وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا ﴾ [مريم: 64]، وقال: ﴿ وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴾ [الأنعام: 59].


7- ﴿ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ﴾؛ أي: لا يطَّلع أحدٌ على شيءٍ مِن عِلْم الله، إلاَّ بما أعْلَمَه الله - عزَّ وجلَّ - كما قال - سبحانه -: ﴿ عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا * لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا ﴾[الجن: 26 - 28].


وكل ما وصَل إليه الإنسان من عِلْم، فهو بإذن الله؛ كما قال الملائكة لربِّهم: ﴿ قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴾ [البقرة: 32].


8- ﴿ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ﴾، وقد صحَّ عن ابن عباس قولُه: "الكرسي: موضع القَدَمين، والعرش لا يقدر قَدْرَه إلاَّ الله - تعالى".


9- ﴿ وَلَا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا ﴾؛ أي: لا يثقله ولا يَكترثه، ولا يشتدُّ عليه حِفْظُ السماوات والأرض، ومَن فيهما وما بينهما - سبحانه وتعالى - بل ذلك سهْلٌ عليه، يسير لَدَيه، وهو قائم على كل نفس بما كسبت، الرقيب على جميع الأشياء، فلا يَعْزُب عنه شيء، ولا يغيب عنه شيء، والأشياء كلُّها حقيرة بين يديه، متواضعة ذليلة صغيرة بالنسبة إليه، محتاجة فقيرة إليه، وهو الغني الحميد، الفعَّال لِمَا يريد، الذي لا يُسْأَل عما يفعل وهم يُسْأَلون، وهو القاهر لكلِّ شيء، الحسيب على كل شيء، الرقيب العَلِي العظيم، لا إله إلا هو، ولا إله غيره، ولا ربَّ سواه.


10- ﴿ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ﴾، فهو العَلِي بذاته على جميع مخلوقاته؛ عُلُو منزلة، وعلو قهْرٍ وسلطان، وهو العظيم - سبحانه وتعالى - الكبير المتعال، لا مَلْجأ ولا مَنْجا منه إلاَّ إليه، وهو حسبُنا ونِعم الوكيل.


الخطبة الثانية

• أخرَج البخاري عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: "وكَلَني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحِفْظ زكاة رمضان، فأتاني آتٍ، فجعَل يحثو من الطعام، فأخذتُه وقلتُ: والله لأرفعنَّك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إني محتاج، وعليّ عِيال، ولي حاجة شديدة، قال: فخلَّيْتُ عنه، فأصبحتُ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((يا أبا هريرة، ما فعَل أسيرك البارحة؟))، قال: قلتُ، يا رسول الله، شكا حاجة شديدة وعيالاً، فرَحِمتُه، فخلَّيْتُ سبيلَه، قال: ((أما إنه قد كَذَبَك وسيعود))، فعَرَفْتُ أنه سيعود؛ لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إنه سيعود))، فرصدتُه، فجاء يحثو من الطعام، فأخذتُه، فقلتُ: لأرفعنَّك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: دَعْني؛ فإني محتاج وعليَّ عيالٌ، لا أعود، فرَحِمتُه، فخَلَّيْتُ سبيلَه، فأصبحتُ، فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((يا أبا هريرة، ما فعل أسيرك؟))، قلتُ: يا رسول الله، شكا حاجة شديدة وعيالاً، فرَحِمته، فخَلَّيْتُ سبيلَه، قال: ((أما إنه قد كَذَبك وسيعود))، فرصدتُه الثالثة، فجاء يحثو من الطعام، فأخذتُه، فقلتُ: لأرفعنَّك إلى رسول الله، وهذا آخر ثلاث مرات، أنك تزعُم لا تعود، ثم تعود، قال: دَعْني أُعَلِّمك كلمات، ينفعك الله بها، قلتُ: ما هو؟ قال: إذا أويتَ إلى فراشك، فاقرأ آية الكرسي: ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّوم ﴾، حتى تختم الآية؛ فإنك لن يزال عليك من الله حافظٌ، ولا يَقْرَبنَّك شيطان حتى تُصبح، فخَلَّيْتُ سبيلَه، فأصبحت، فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما فعل أسيرك البارحة؟))، قلت: يا رسول الله، زعَمَ أنه يعلِّمني كلمات ينفعني الله بها، فخَلَّيت سبيلَه، قال: ((ما هي؟))، قلت: قال لي: إذا أويتَ إلى فراشك، فاقرأ آية الكرسي من أوَّلها حتى تَختم الآية: ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّوم ﴾، وقال لِي: لن يزال عليك من الله حافظٌ، ولا يَقرَبك شيطان حتى تُصبِح، وكانوا أحرصَ شيء على الخير، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((أما إنه قد صَدَقك وهو كذُوب، تعلمُ مَن تُخاطِب منذ ثلاث ليالٍ يا أبا هريرة؟ قال: لا، قال: ((ذاك شيطان)).


• ن، طب عن أُبَي بن كعب - رضي الله عنه - أنه كان له جُرْن من تَمر، فكان ينقص، فحرَسه ذات ليلة، فإذا هو بدابَّة شِبْه الغلام المحتلم، فسلَّم عليه، فردَّ عليه السلام، فقال: ما أنت؟ جِني أم إنسي؟ قال: جني، قال: فناوِلْني يدَك، فناوَلَه يدَه، فإذا يده يد كلبٍ، وشعره شعر كلْبٍ، قال: هذا خَلْق الجن، قال: قد عَلِمت الجن أنَّ ما فيهم رجلٌ أشدُّ مني، قال: فما جاء بك، قال: بلغنا أنك تحبُّ الصدقة، فجِئنا نُصيب من طعامك، قال: فما يُنجينا منكم، قال: هذه الآية التي في سورة البقرة: ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ﴾ [البقرة: 255].


مَن قالها حين يُمسي، أُجِير منَّا حتى يُصبِح، ومَن قالها حين يُصبح، أُجِير منَّا حتى يُمسي، فلمَّا أصبَح، أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكَر ذلك له، فقال: ((صدَق الخبيث)).


• عن أبي أُمامة أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن قرأ آية الكرسي دُبر كل صلاة مكتوبة، لَم يمنعْه من دخول الجنة إلاَّ أن يموت)).


فهذه الآية العظيمة التي هي أعظم آية في القرآن، حِرْز من الشيطان لِمَن قرأها، وتكون سببًا في دخول الجنة لِمَن حضَر الصلاة ثم قرأها مع أذكار الصلاة، إذًا الأجر العظيم والحِرز من الشيطان يكون لِمَن قرأها؛ كما وردت الأحاديث، وليس لِمَن عَلَّقها أو زيَّن بها المجالس، أو وضَعها على جُثمان الميِّت، إن هذه الأمور كلها مُحْدَثات لَم يفعلْها الصحابة ولا التابعون، ولا الأئمة الأربعة، ولا مَن سار على نَهجهم، إنما كانوا يقرؤون القرآن ويعملون به، وخير الهدْي هدْي محمد - صلى الله عليه وسلم - وعلينا الالتزام بسُنته - أيها الإخوة - حتى نفوزَ ونَسعدَ في الدَّارين.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
أعظم آيات القرآن
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اسلام ويب :: ۩✖ منتدي الاسلاميات العامه ۩✖ :: مقــــالات اســــلاميه :: خطب مقـــرؤه-
انتقل الى: