اسلام ويب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

من فقه الدعاء يقول سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "أنا لا أحمل همَّ الإجابة، وإنما أحمل همَّّ الدعاء، فإذا أُلهمت الدعاء كانت الإجابة معه". وهذا فهم عميق أصيل ، فليس كل دعاء مجابًا، فمن الناس من يدعو على الآخرين طالبًا إنزال الأذى بهم ؛ لأنهم ينافسونه في تجارة ، أو لأن رزقهم أوسع منه ، وكل دعاء من هذا القبيل ، مردود على صاحبه لأنه باطل وعدوان على الآخرين. والدعاء مخ العبادة ، وقمة الإيمان ، وسرّ المناجاة بين العبد وربه ، والدعاء سهم من سهام الله ، ودعاء السحر سهام القدر، فإذا انطلق من قلوب ناظرة إلى ربها ، راغبة فيما عنده ، لم يكن لها دون عرش الله مكان. جلس عمر بن الخطاب يومًا على كومة من الرمل ، بعد أن أجهده السعي والطواف على الرعية ، والنظر في مصالح المسلمين ، ثم اتجه إلى الله وقال: "اللهم قد كبرت سني ، ووهنت قوتي ، وفشت رعيتي ، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفتون ، واكتب لي الشهادة في سبيلك ، والموت في بلد رسولك". انظر إلى هذا الدعاء ، أي طلب من الدنيا طلبه عمر، وأي شهوة من شهوات الدنيا في هذا الدعاء ، إنها الهمم العالية ، والنفوس الكبيرة ، لا تتعلق أبدًا بشيء من عرض هذه الحياة ، وصعد هذا الدعاء من قلب رجل يسوس الشرق والغرب ، ويخطب وده الجميع ، حتى قال فيه القائل: يا من رأى عمرًا تكسوه بردته ** والزيت أدم له والكوخ مأواه يهتز كسرى على كرسيه فرقًا ** من بأسه وملوك الروم تخشاه ماذا يرجو عمر من الله في دعائه ؟ إنه يشكو إليه ضعف قوته ، وثقل الواجبات والأعباء ، ويدعو ربه أن يحفظه من الفتن ، والتقصير في حق الأمة ، ثم يتطلع إلى منزلة الشهادة في سبيله ، والموت في بلد رسوله ، فما أجمل هذه الغاية ، وما أعظم هذه العاطفة التي تمتلئ حبًا وحنينًا إلى رسول الله - صل الله عليهلم -: (أن يكون مثواه بجواره). يقول معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: "يا بن آدم أنت محتاج إلى نصيبك من الدنيا ، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج ، فإن بدأت بنصيبك من الآخرة ، مرّ بنصيبك من الدنيا فانتظمها انتظامًا ، وإن بدأت بنصيبك من الدنيا ، فائت نصيبك من الآخرة ، وأنت من الدنيا على خطر). وروى الترمذي بسنده عن النبي - صل الله عليهلم -: أنه قال: ((من أصبح والآخرة أكبر همه جمع الله له شمله ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن أصبح والدنيا أكبر همه فرَّق الله عليه ضيعته ، وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له)). وأخيرًا .. أرأيت كيف أُلهم عمر الدعاء وكانت الإجابة معه ، وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186)" (البقرة:186).


 

  بين احتفاء الصحابة واحتفال المبتدعة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة


avatar


نقــاط : 100210
 بين احتفاء الصحابة واحتفال المبتدعة Oooo14
 بين احتفاء الصحابة واحتفال المبتدعة User_o10

 بين احتفاء الصحابة واحتفال المبتدعة Empty
مُساهمةموضوع: بين احتفاء الصحابة واحتفال المبتدعة    بين احتفاء الصحابة واحتفال المبتدعة Emptyالثلاثاء 30 أبريل 2013 - 16:11

بين احتفاء الصحابة واحتفال المبتدعة

أَمَّا بَعدُ:

فَأُوصِيكُم - أَيُّهَا النَّاسُ - وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾.



أَيُّهَا المُسلِمُونَ:

للهِ رَبِّ العَالمِينَ - سُبحَانَهُ - العَظَمَةُ المُطلَقَةُ، وَلَهُ - تَعَالى - الكَمَالُ في ذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَفعَالِهِ، وَمِن ثَمَّ كَانَ - جَلَّ وَعَلا - هُوَ المُستَحِقَّ لِلعِبَادَةِ وَحدَهُ دُونَ سِوَاهُ، إِخلاصًا لَهُ وَاستِسلامًا، وَطَاعَةً لَهُ وَانقِيَادًا، وَخُلُوصًا مِنَ الشِّركِ وَالبِدَعِ بِجَمِيعِ أَنوَاعِهَا وَأَشكَالِهَا.



وَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ العِبَادُ مَدِينِينَ لأَنبِيَاءِ اللهِ وَرُسُلِهِ في مَعرِفَةِ رَبِّهِم وَالاهتِدَاءِ إِلَيهِ، فَإِنَّ هَذَا غَيرُ مُسَوِّغٍ لأَحَدٍ مِن أُولَئِكَ العِبَادِ أَن يَتَجَاوَزَ بِأَحَدٍ مِن أَنبِيَاءِ اللهِ قَدرَهُ أَو يُنزِلَهُ في غَيرِ مَنزِلَتِهِ، أَو يَغلُوَ فِيهِ وَيُجَاوِزَ بِهِ مَكَانَتَهُ، أَو يَصرِفَ لَهُ شَيئًا مِن أَنوَاعِ العِبَادَةِ أَو يَجعَلَهُ للهِ نِدًّا، مُدَّعِيًا أَنَّهُ يَفعَلُ هَذَا مِن بَابِ المَحَبَّةِ وَالتَّعظِيمِ.



وَإِذَا كَانَتِ البَشَرِيَّةُ عَلَى مَرِّ عُصُورِهَا لم تَعرِفْ أَعظَمَ وَلا أَكرَمَ وَلا أَجَلَّ وَلا أَفضَلَ، ولا أَمَنَّ عَلَى أُمَّتِهِ مِن محمَّدِ بنِ عبدِ اللهِ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - وَلم يَمُرَّ بها جِيلٌ هُوَ أَتقَى للهِ وَلا أَنقَى قُلُوبًا وَأَفئِدَةً، وَلا أَشَدَّ لِنَبِيِّهِ تَعظِيمًا وَأَكمَلَ حُبًّا، وَلا أَعظَمَ وَفَاءً لَهُ مِنَ الصَّحَابِةِ - رَضِيَ اللهُ عَنهُم - فَإِنَّهَا لم تَعرِفْ عَن أُولَئِكَ الأَبرَارِ أَنَّهُم غَلَوا في حُبِّهِ فَوَقَعُوا فِيمَا يَكرَهُهُ، أَو مَيَّزُوهُ بما لم يَخُصَّهُ اللهُ بِهِ، لا وَاللهِ، لم يُؤثَرْ عَنهُم ذَلِكَ، لا تَهَاوُنًا بِقَدرِهِ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - أَو تَقصِيرًا في حَقِّهِ، وَلَكِنْ لِمَا أَخَذُوهُ عَنهُ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - وَمَا تَعَلَّمُوهُ مِنهُ، مِن أَنَّهُ كَانَ يَكرَهُ الغُلُوَّ في شَخصِهِ وَيُحَذِّرُ مِنهُ أَشَدَّ التَّحذِيرِ، حَيثُ قَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: "لا تُطرُوني كَمَا أَطرَتِ النَّصَارَى ابنَ مَريمَ، فَإِنَّمَا أَنَا عَبدُهُ فَقُولُوا: عَبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ"؛ رَوَاهُ البُخَارِيُّ، وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - في مَرَضِهِ الَّذِي لم يَقُمْ مِنهُ: "لَعَنَ اللهُ اليَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنبِيَائِهِم مَسَاجِدَ"؛ مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.



لَقَد نَالَ الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللهُ عَنهُم - شَرَفَ لِقَائِهِ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - وَاكتَحَلَت أَعيُنُهُم بِرُؤيَتِهِ، وَطَابَت نُفُوسُهُم بِمُصَاحَبَتِهِ وَهَنِئُوا بِمُخَالَطَتِهِ، وَتَشَرَّفُوا بِالجِهَادِ مَعَهُ وَالذَّبِّ عَنهُ وَحِمَايَتِهِ، وَكَانَ لهم النَّصِيبُ الأَوفى مِن تَوقِيرِهِ وَتَعظِيمِهِ وَتَكرِيمِهِ، حَتى كَانَ شَأنُهُم في ذَلِكَ عَظِيمًا، فَفِي البُخَارِيِّ أَنَّهُ لَمَّا فَاوَضَ عُروَةُ بنُ مَسعُودٍ الثَّقَفِيُّ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - النَّبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - في صُلحِ الحُدَيبِيَةِ، ثم رَجَعَ إِلى قُرَيشٍ وَلم يَكُنْ قَد أَسلَمَ يَومَئِذٍ فَقَالَ: أَيْ قَومِ، وَاللهِ لَقَد وَفَدتُ عَلَى المُلُوكِ وَوَفَدتُ عَلَى قَيصَرَ وَكِسرَى وَالنَّجَاشِيِّ، وَاللهِ إِنْ رَأَيتُ مَلِكًا قَطُّ يُعَظِّمُهُ أَصحَابُهُ مَا يُعَظِّمُ أَصحَابُ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - مُحَمَّدًا، وَاللهِ إِنْ تَنَخَّمَ نُخَامَةً إِلاَّ وَقَعَت في كَفِّ رَجُلٍ مِنهُمْ فَدَلَكَ بها وَجهَهُ وَجِلدَهُ، وَإِذَا أَمَرَهُم ابتَدَرُوا أَمرَهُ، وَإِذَا تَوَضَّأَ كَادُوا يَقتَتِلُونَ عَلَى وَضُوئِهِ، وَإِذَا تَكَلَّمَ خَفَضُوا أَصوَاتَهُم عِندَهُ، وَمَا يُحِدُّونَ إِلَيهِ النَّظَرَ تَعظِيمًا لَهُ... هَكَذَا كَانَ فِعلُ أُولَئِكَ الأَبرَارِ إِجلالاً لِنَبِيِّهِم - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - وَتَعظِيمًا وَتَوقِيرًا، ثم إَنَّهُم بَعدَ ذَلِكَ عُنُوا أَشَدَّ العِنَايَةِ بِنَقلِ سُنَّتِهِ وَحِفظِ شَرِيعَتِهِ، وَأَفَاضُوا في ذِكرِ مَآثِرِهِ وَأَيَّامِهِ وَمَغَازِيهِ، وَتَحَدَّثُوا عَن سِيرَتِهِ حَتى في أَدَقِّ مَوَاقِفِ حَيَاتِهِ، وَوَصَفُوا هَديَهُ وَتَعَامُلَهُ حَتى في أَقصَى بَيتِهِ وَمَعَ زَوجَاتِهِ، بَل وَفَصَّلُوا في كَيفِيَّةِ قِيَامِهِ وَجُلُوسِهِ، وَذَهَابِهِ وَمَجِيئِهِ، وَمَشيِهِ وَرُكُوبِهِ، وَأَكلِهِ وَشُربِهِ، بَل وَنَومِهِ وَقَضَائِهِ حَاجَتَهُ وَمُعَاشَرَتِهِ أَهلَهُ، وَمَعَ هَذَا كَانُوا يَهَابُونَهُ وَيُجِلُّونَهُ، وَيُحِسُّونَ بِالتَّقصِيرِ في حَقِّهِ في هَذَا الجَانِبِ، وَيَحرِصُونَ عَلَى إِكرَامِهِ وَيَتَجَنَّبُونَ إِيذَاءَهُ حَتى بِأَقَلَّ أَنوَاعِ الإِيذَاءِ، قَالَ عَمرُو بنُ العَاصِ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ -: "وَمَا كَانَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِليَّ مِن رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وَلا أَجَلَّ في عَيني مِنهُ، وَمَا كُنتُ أُطِيقُ أَن أَملأَ عَينيَّ مِنهُ إِجلالاً لَهُ، وَلَو سُئِلتُ أَن أَصِفَهُ مَا أَطَقتُ لأَني لم أَكُنْ أَملأُ عَينيَّ مِنهُ"؛ رَوَاهُ مُسلِمٌ، وَقَالَ أَنَسُ بنُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ -: "إِنَّ أَبوَابَ النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - كَانَت تُقرَعُ بِالأَظَافِيرِ"؛ رَوَاهُ البُخَارِيُّ في الأَدَبِ المُفرَدِ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.



هَكَذَا كَانَ الصَّحَابَةُ في تَعظِيمِهِم لِنَبِيِّهِم - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - وَمَحَبَّتِهِم لَهُ وَتَقدِيرِهِ وَإِجلالِهِ، وَمَعَ هَذَا فَلَم يُؤثَرْ عَنهُم أَنَّهَم غَلَوا فِيهِ بِإِقَامَةِ حَفلٍ لِمَولِدِهِ، أَوِ اتَّخَذُوا قَبرَهُ عِيدًا، فَمَا أَحرَى الأُمَّةَ اليَومَ أَن تَسِيرَ عَلَى هَديِ أُولَئِكَ الأَبرَارِ، وَأَن تَحذَرَ مَا تَفعَلُهُ بَعضُ الطَّوَائِفِ الضَّالَّةِ المُنحَرِفَةِ، مِنَ الصُّوفِيَّةِ أَوِ الرَّافِضَةِ، الَّذِين جَعَلُوا دِينَهُم مُجَرَّدَ احتِفَالاتٍ وَرَقصٍ وَطَرَبٍ وَغِنَاءٍ، بَل وَشُربَ خُمُورٍ وَاحتِسَاءً لِمَا حَرَّمَهُ اللهُ، وَهِيَ الأُمُورُ المُنكَرَةُ الَّتي وَإِنْ كُنَّا في مَعزِلٍ عَنهَا في مُعظَمِ أَجزَاءِ بِلادِنَا وَللهِ الحَمدُ، إِلاَّ أَنَّها قَد تَمُرُّ عَلَى نَوَاظِرِ بَعضِنَا في هَذِهِ القَنَوَاتِ الفَاسِدَةِ المُفسِدَةِ، الَّتي جَعَلَت تَنقُلُ مَا يَحصُلُ في أَجزَاءٍ مِنَ العَالمِ الإِسلامِيِّ مِن بِدَعٍ وَمُحدَثَاتٍ، وَقَد تُهَنِّئُ الأُمَّةَ بما تُسَمِّيهِ بِعِيدِ المَولِدِ، غَافِلَةً أَو مُتَغَافِلَةً عَن أَنَّ تَعظِيمَهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - لا يَكُونُ إِلاَّ بِتَحقِيقِ شَهَادَةِ أَنَّهُ رَسُولُ اللهِ، وَهُوَ مَا لا يَكُونُ إِلاَّ بِطَاعَتِهِ فِيمَا أَمَرَ، وَتَصدِيقِهِ فِيمَا أَخبَرَ، وَاجتِنَابِ مَا عَنهُ نَهَى وَزَجَرَ، وَأَلاَّ يُعبَدَ اللهُ إِلاَّ بما شَرَعَ، هَذَا هُوَ كَمَالُ التَّعظِيمِ، وَتِلكَ هِيَ غَايَةُ التَّوقِيرِ وَالتَّكرِيمِ، أَمَّا مَا تَتَولاَّهُ تِلكَ القَنَوَاتُ الضَّالَّةُ المُضِلَّةُ مِنِ استِضَافَةٍ لِلمُشَكِّكِينَ في أَخبَارِهِ المُستَنكِفِينَ عَن طَاعَتِهِ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -، وَنَشرٍ لأَقوَالِهِم المُنحَرِفَةِ أَو نَقلٍ لأَفعَالِهِمُ القَبِيحَةِ، أَو بَثٍّ لِمَا يَرتَكِبُونَهُ مِن مُخَالَفَاتٍ أَوِ الدِّعَايَةِ لِمَا يَأتُونَهُ مِن مُبتَدَعَاتٍ، فَإِنَّمَا كُلُّ ذَلِكَ تَقَدُّمٌ عَلَيهِ وَافتِياتٌ عَلَى هَديِهِ وَسُنَّتِهِ، فَمَا أَشَدَّ جُرمَهُم وَأَعظَمَ جَهلَهُم!! وَمَا أَحرَاهُم بِحُبُوطِ أَعمَالِهِم!!



أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَينَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرفَعُوا أَصوَاتَكُم فَوقَ صَوتِ النَّبيِّ وَلا تَجهَرُوا لَهُ بِالقَولِ كَجَهرِ بَعضِكُم لِبَعضٍ أَن تَحبَطَ أَعمَالُكُم وَأَنتُم لا تَشعُرُونَ * إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصوَاتَهُم عِندَ رَسُولِ اللهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امتَحَنَ اللهُ قُلُوبَهُم لِلتَّقوَى لَهُم مَغفِرَةٌ وَأَجرٌ عَظِيمٌ ﴾ [الحجرات: 1-3].


الخطبة الثانية

أَمَّا بَعدُ:

فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ. وَاعلَمُوا أَنَّ مَحَبَّةَ النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - حَقٌّ مِن أَعظَمِ حُقُوقِهِ الوَاجِبَةِ عَلَينَا تِجَاهَهُ، عَلَى هَذَا دَلَّ الكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، قَالَ - تَعَالى -: "قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُم وَأَبنَاؤُكُم وَإِخوَانُكُم وَأَزوَاجُكُم وَعَشِيرَتُكُم وَأَموَالٌ اقتَرَفتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخشَونَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرضَونَهَا أَحَبَّ إِلَيكُم مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ في سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأتيَ اللهُ بِأَمرِهِ وَاللهُ لاَ يَهدِي القَومَ الفَاسِقِينَ" وَثَبَتَ في البُخَارِيِّ مِن حَدِيثِ عُمَرَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - أَنَّهُ قَالَ لِلنَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "يَا رَسُولَ اللهِ، لأَنتَ أَحَبُّ إِليَّ مِن كُلِّ شَيءٍ إِلاَّ مِن نَفسِي. فَقَالَ النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "لا وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ حَتى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيكَ مِن نَفسِكَ " فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: فَإِنَّهُ الآنَ وَاللهِ لأَنتَ أَحَبُّ إِليَّ مِن نَفسِي. فَقَالَ النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "الآنَ يَا عُمَرُ" وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "لا يُؤمِنُ أَحَدُكُم حَتى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيهِ مِن وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجمَعِينَ"؛ رَوَاهُ مُسلِمٌ وَغَيرُهُ.



وَإِنَّ لِحُبِّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - دَلِيلاً يَتَبَيَّنُ بِهِ وَبُرهَانًا يَدُلُّ عَلَيهِ، ذَلِكُم هُوَ تَعظِيمُ مَا جَاءَ بِهِ وَاتِّبَاعُهُ، وَالتِزَامُهُ قَلبًا وَقَالَبًا، وَالاستِقَامَةُ عَلَيهِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَتَحكِيمُ أَقوَالِهِ وَأَفعَالِهِ في كُلِّ شُؤُونِ الحَيَاةِ الخَاصَّةِ وَالعَامَّةِ صَغِيرِهَا وَكَبِيرِهَا، وَالثَّبَاتُ عَلَى هَديِهِ حَتى المَمَاتِ، وَالسَّيرُ عَلَى طَرِيقِهِ دُونَ التِفَاتٍ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ قُلْ إِن كُنتُم تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُوني يُحبِبْكُمُ اللهُ وَيَغفِرْ لَكُم ذُنُوبَكُم وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قُلْ أَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوا فَإِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الكَافِرِينَ ﴾ [آل عمران: 31- 32].



وَأَمَّا الاشتِغَالُ بِالمَظَاهِرِ الجَوفَاءِ وَإِقَامَةُ الاحتِفَالاتِ، وَشَغلُ النَّاسِ بِذَلِكَ سَاعَاتٍ أَو لَيَاليَ وَأَيَّامًا مَعدُودَاتٍ، ثم الانغِمَاسُ في التَّقصِيرِ وَالإِهمَالِ في سَائِرِ العَامِ، فَإِنَّمَا كُلُّ ذَلِكَ مُشَابَهَةٌ لأَعدَاءِ اللهِ مِنَ اليَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالرَّافِضَةِ، المَفتُونِينَ بِالاحتِفَالاتِ وَإِقَامَةِ المَوالِدِ وَبَسطِ المَوَائِدِ، لا مَحَبَّةً لِلرَّسُولِ، وَلَكِنِ اتَّبَاعًا لِشَهَوَاتِهِم، وَقَد قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ ويَقُولُونَ آمَنَّا بِاللهِ وبِالرَّسُولِ وأَطَعنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنهُم مِن بَعدِ ذَلِكَ ومَا أُولَئِكَ بِالمُؤمِنِينَ ﴾ فَاللَّهُمَّ اجعَلْنَا مِنَ المُعَظِّمِينَ لِرَسُولِنَا حَقَّ التَّعظِيمِ، المُتَّبِعِينَ لِشَرعِهِ القَوِيمِ، المُكثِرِينَ مِنَ الصَّلاةِ عَلَيهِ وَالتَّسلِيمِ، المُرَافِقِينَ لَهُ في جَنَّاتِ النَّعِيمِ، اللَّهُمَّ أَحيِنَا عَلَى سُنَّتِهِ، وَأَمِتْنَا عَلَى طَرِيقَتِهِ، وَلا تَحرِمْنَا مِن رُؤيَتِهِ.


المصدر
ألقيت بتاريخ (11-3-1433هـ)


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
بين احتفاء الصحابة واحتفال المبتدعة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» معاوية ستر الصحابة
»  سبل دعوة الناس وتبيان ضلال عقائد المبتدعة
»  الصحابة والقرآن
»  الصحابة
» تعظيم قدر الصحابة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اسلام ويب :: ۩✖ منتدي الاسلاميات العامه ۩✖ :: مقــــالات اســــلاميه :: خطب مقـــرؤه-
انتقل الى: