اسلام ويب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

من فقه الدعاء يقول سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "أنا لا أحمل همَّ الإجابة، وإنما أحمل همَّّ الدعاء، فإذا أُلهمت الدعاء كانت الإجابة معه". وهذا فهم عميق أصيل ، فليس كل دعاء مجابًا، فمن الناس من يدعو على الآخرين طالبًا إنزال الأذى بهم ؛ لأنهم ينافسونه في تجارة ، أو لأن رزقهم أوسع منه ، وكل دعاء من هذا القبيل ، مردود على صاحبه لأنه باطل وعدوان على الآخرين. والدعاء مخ العبادة ، وقمة الإيمان ، وسرّ المناجاة بين العبد وربه ، والدعاء سهم من سهام الله ، ودعاء السحر سهام القدر، فإذا انطلق من قلوب ناظرة إلى ربها ، راغبة فيما عنده ، لم يكن لها دون عرش الله مكان. جلس عمر بن الخطاب يومًا على كومة من الرمل ، بعد أن أجهده السعي والطواف على الرعية ، والنظر في مصالح المسلمين ، ثم اتجه إلى الله وقال: "اللهم قد كبرت سني ، ووهنت قوتي ، وفشت رعيتي ، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفتون ، واكتب لي الشهادة في سبيلك ، والموت في بلد رسولك". انظر إلى هذا الدعاء ، أي طلب من الدنيا طلبه عمر، وأي شهوة من شهوات الدنيا في هذا الدعاء ، إنها الهمم العالية ، والنفوس الكبيرة ، لا تتعلق أبدًا بشيء من عرض هذه الحياة ، وصعد هذا الدعاء من قلب رجل يسوس الشرق والغرب ، ويخطب وده الجميع ، حتى قال فيه القائل: يا من رأى عمرًا تكسوه بردته ** والزيت أدم له والكوخ مأواه يهتز كسرى على كرسيه فرقًا ** من بأسه وملوك الروم تخشاه ماذا يرجو عمر من الله في دعائه ؟ إنه يشكو إليه ضعف قوته ، وثقل الواجبات والأعباء ، ويدعو ربه أن يحفظه من الفتن ، والتقصير في حق الأمة ، ثم يتطلع إلى منزلة الشهادة في سبيله ، والموت في بلد رسوله ، فما أجمل هذه الغاية ، وما أعظم هذه العاطفة التي تمتلئ حبًا وحنينًا إلى رسول الله - صل الله عليهلم -: (أن يكون مثواه بجواره). يقول معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: "يا بن آدم أنت محتاج إلى نصيبك من الدنيا ، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج ، فإن بدأت بنصيبك من الآخرة ، مرّ بنصيبك من الدنيا فانتظمها انتظامًا ، وإن بدأت بنصيبك من الدنيا ، فائت نصيبك من الآخرة ، وأنت من الدنيا على خطر). وروى الترمذي بسنده عن النبي - صل الله عليهلم -: أنه قال: ((من أصبح والآخرة أكبر همه جمع الله له شمله ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن أصبح والدنيا أكبر همه فرَّق الله عليه ضيعته ، وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له)). وأخيرًا .. أرأيت كيف أُلهم عمر الدعاء وكانت الإجابة معه ، وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186)" (البقرة:186).


 

  إنكم إذًا مثلهم

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة


avatar


نقــاط : 99975
 إنكم إذًا مثلهم Oooo14
 إنكم إذًا مثلهم User_o10

 إنكم إذًا مثلهم Empty
مُساهمةموضوع: إنكم إذًا مثلهم    إنكم إذًا مثلهم Emptyالثلاثاء 30 أبريل 2013 - 16:04

إنكم إذًا مثلهم

أَمَّا بَعدُ:

فَأُوصِيكُم - أَيُّهَا النَّاسُ - وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾.



عِبَادَ اللهِ:

يَقُولُ رَبُّكُم - تَبَارَكَ وَتَعَالى -: ﴿ وَقَد نَزَّلَ عَلَيكُم في الكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعتُم آيَاتِ اللهِ يُكفَرُ بها وَيُستَهزَأُ بها فَلا تَقعُدُوا مَعَهُم حَتَّى يَخُوضُوا في حَدِيثٍ غَيرِهِ إِنَّكُم إِذًا مِثلُهُم إِنَّ اللهَ جَامِعُ المُنَافِقِينَ وَالكَافِرِينَ في جَهَنَّمَ جَمِيعًا ﴾.



قَالَ الإِمَامُ الطَّبَرِيُّ في تَفسِيرِهِ: وَفي هَذِهِ الآيَةِ الدِّلالَةُ الوَاضِحَةُ عَلَى النَّهيِ عَن مُجَالَسَةِ أَهلِ البَاطِلِ مِن كُلِّ نَوعٍ مِنَ المُبتَدِعَةِ وَالفَسَقَةِ عِندَ خَوضِهِم في بَاطِلِهِم. وَقَالَ القُرطُبيُّ في تَفسِيرِهِ: فَدَلَّ بِهَذَا عَلَى وُجُوبِ اجتِنَابِ أَصحَابِ المَعَاصِي إِذَا ظَهَرَ مِنهُم مُنكَرٌ؛ لأَنَّ مَن لم يَجتَنِبْهُم فَقَد رَضِيَ فِعلَهُم، وَالرِّضَا بِالكُفرِ كُفرٌ، فَكُلُّ مَن جَلَسَ في مَجلِسِ مَعصِيَةٍ وَلم يُنكِرْ عَلَيهِم يَكُونُ مَعَهُم في الوِزرِ سَوَاءً، وَيَنبَغِي أَن يُنكِرَ عَلَيهِم إِذَا تَكَلَّمُوا بِالمَعصِيَةِ وَعَمِلُوا بها؛ فَإِنْ لم يَقدِرْ عَلَى النَّكِيرِ عَلَيهِم فَيَنبَغِي أَن يَقُومَ عَنهُم حَتى لا يَكُونَ مِن أَهلِ هَذِهِ الآيَةِ.



أُمَّةَ الإِسلامِ:

إِنَّ مَعنى الآيَةِ ظَاهِرٌ وَمُقتَضَاهَا وَاضِحٌ، وَقَدِ استَدَلَّ العُلَمَاءُ بِهَا عَلَى أَنَّ الرَّاضِيَ بِالذَّنبِ كَفَاعِلِهِ، حَتى يُحدِثَ مَا يُبَيِّنُ كَرَاهِيَتَهُ لَهُ وَيُنكِرَهُ بما يَقدِرُ عَلَيهِ مِن دَرَجَاتِ الإِنكَارِ، وَأَمَّا مُجَرَّدُ الادِّعَاءِ أَنَّهُ يَكرَهُ ذَلِكَ بِقَلبِهِ وَهُو مُشَارِكٌ لأَهلِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لا يُعفِيهِ مِن مُشَارَكَتِهِم في الوِزرِ وَالذَّنبِ، وَلا يَرفَعُ عَنهُ العَذَابَ لَو وَقَعَ وَنَزَلَ. قَد يَظُنُّ بَعضُ النَّاسِ أَنَّ الاستِهزَاءَ بِآيَاتِ اللهِ مَقصُورٌ عَلَى اللِّسَانِ، وَأَنَّ المُستَهزِئَ هُوَ مَن يَنطِقُ بِذَلِكَ بِلِسَانِهِ وَيُقذِعُ في السَّبِّ أَوِ الاستِهزَاءِ، دُونَ مَن يُخَالِفُ حُكمَ اللهِ وَرَسُولِهِ في مَجَامِعِ النَّاسِ المَشهُودَةِ وَمُنتَدَيَاتِهِمُ المَقصُودَةِ، بِأَن يُمَارِسَ فِيهَا المَعصِيَةَ جِهَارًا دُونَ حَيَاءٍ وَلا خَوفٍ وَلا وَجَلٍ، وَالحَقُّ أَنَّ مَن أَصَرَّ عَلَى مَعصِيَتِهِ في العَلَنِ، وَجَاهَرَ بِالمُنكَرِ دُونَ حَيَاءٍ وَلا اتَّبَاعٍ لِلنَّاصِحِينَ، فَإِنَّ جُرمَهُ لَيسَ دُونَ جُرمِ مَن مَارَسَ الاستِهزَاءَ بِلِسَانِهِ أَو قَلَمِهِ، فَكُلٌّ مِنهُم غَيرُ مُعَظِّمٍ لِلنُّصُوصِ الَّتي جَاءَت مِن عِندِ اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - وَلا مُقَدِّرٍ لها، وَلا مُنقَادٍ لأَمرِهِ - سُبحَانَهُ - وَلا مُجتَنِبٍ لِنَهيِهِ، وَمِن ثَمَّ كَانَ الحُكمُ فِيهِم وَاحِدًا، وَهُوَ وُجُوبُ إِنكَارِ المُؤمِنِ لِمَا يَأتُونَهُ بِيَدِهِ إِن كَانَ مِن أَهلِ السَّلطُةِ وَالقُدرَةِ، أَو بِلِسَانِهِ إِن كَانَ مِن أَهلِ العِلمِ أَوِ الفَصَاحَةِ، أَو بِقَلبِهِ إِن كَانَ دُونَ ذَلِكَ.



وَإِنَّ المُتَأَمِّلَ في حَيَاةِ النَّاسِ اليَومَ وَالمُعَايَشَ لِوَاقِعِهِم، يَلمَسُ مِنهُم في هَذَا الأَمرِ العَظِيمِ بُرُودَةً بَالِغَةً وَتَهَاوُنًا ظَاهِرًا، يُخشَى عَلَيهِم بِسَبَبِهِ مِن أَن يَحِلَّ بهم عَذَابُ اللهِ كَمَا حَلَّ بِمَن قَبلَهُم، أَو أَن تَمُوتَ قُلُوبُهُم فَلا يُجَابَ دُعَاؤُهُم، وَهُوَ مَا حَصَلَ وَيَحصُلُ مِن عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ لِمُجتَمَعَاتٍ طَالَ بِأَهلِهَا المُكُوثُ عَلَى المُنكَرِ أَوِ السُّكنى حَولَ أَمَاكِنِهِ، وَشُهُودُ المُستَهزِئِينَ يَعِيشُونَ بَينَهُم وَيَغدُونَ وَيَرُوحُونُ، بَل وَمُشَارَكَتُهُم في بَاطِلِهِم وَالرِّضَا بما هُم عَلَيهِ مِنِ انتِقَاصٍ لِشَرعِ اللهِ وَانتِهَاكٍ لِحُرُمَاتِهِ، فَمَاذَا جَنَت تِلكَ المُجتَمَعَاتُ؟ إِنَّهَا لم تَجنِ إِلاَّ حُلُولَ الجُوعِ وَالخَوفِ وَالمَسكَنَةِ، وَانتِشَارَ الفَقرِ وَالذِّلَّةِ وَالعَيلَةِ، وَتَزَايُدَ الظُّلمِ مِنَ الوُلاةِ الطُّغَاةِ، وَتَكَرُّرَ التَّجَاوُزِ مِن أَعوَانِهِمُ العُتَاةِ، وَهَضمَ الحُقُوقِ وَالاستِضعَافَ وَالاستِعبَادَ، وَالمَنعَ مِن إِظهَارِ شَرَائِعِ الدِّينِ وَالعِبَادَاتِ، وَمَن سَلِمَ مِن هَذَا لم يَسلَمْ مِنَ الغَلاءِ وَقِلَّةِ البَرَكَةِ وَغَورِ الآبَارِ وَقِلَّةِ الأَمطَارِ، وَتَنَافُرِ القُلُوبِ وَضِيقِ الصُّدُورِ، وَكَثرَةِ المُشكِلاتِ وَالمُنَغِّصَاتِ، وَعَدَمِ الإِحسَاسِ بِالرَّاحَةِ وَالاطمِئنَانِ، مَعَ مَا يَكتَنِفُهُم مِنَ النِّعَمِ وَمَا يُحِيطُ بهم مِنَ الخَيرَاتِ.



إِنَّهَا سُنَّةُ اللهِ في الَّذِينَ خَلَوا مِن قَبلُ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن بَني إِسرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابنِ مَريَمَ ذَلِكَ بما عَصَوا وَكَانُوا يَعتَدُونَ. كَانُوا لا يَتَنَاهَونَ عَن مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئسَ مَا كَانُوا يَفعَلُونَ. تَرَى كَثِيرًا مِنهُم يَتَوَلَّونَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئسَ مَا قَدَّمَت لَهُم أَنفُسُهُم أَنْ سَخِطَ اللهُ عَلَيهِم وَفي العَذَابِ هُم خَالِدُونَ. وَلَو كَانُوا يُؤمِنُونَ بِاللهِ وَالنَّبيِّ وَمَا أُنزِلَ إِلَيهِ مَا اتَّخَذُوهُم أَولِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنهُم فَاسِقُونَ ﴾.



أَيُّهَا المُسلِمُونَ:

إِنَّ كَثِيرِينَ يَعتَذِرُونَ بِأَنَّهُم لا يَستَطِيعُونَ تَغيِيرَ الوَاقِعِ وَلا صَدَّ مَا حَولَهُم مِن مُنكَرَاتٍ، لأَنَّهُم لَيسُوا مِن أَهلِ السُّلطَةِ وَلا مِن أَربَابِ العِلمِ، وَهَذَا صَحِيحٌ في أَحوَالٍ وَغَيرُ صَحِيحٍ في أَحوَالٍ أُخرَى، وَالمَرجِعُ في ذَلِكَ لأَهلِ العِلمِ، الَّذِينَ يَجِبُ عَلَى الأُمَّةِ الرُّجُوعُ إِلَيهِم في كُلِّ مَا يَخفَى عَلَيهَا مِن أَحكَامِ دِينِهَا أَو يُشكِلُ عَلَيهَا فَهمُهُ، وَمَعَ هَذَا فَإِنَّ ثَمَّةَ أُمُورًا مِنَ الإِنكَارِ لا عُذرَ لأَحَدٍ في تَركِهَا أَو أَن يَتَهَاوَنَ في تَطبِيقِهَا، إِذْ كُلُّهَا دَاخِلٌ في الإِنكَارِ بِالقَلبِ الَّذِي لا عُذرَ لأَحَدٍ في عَدَمِ الإِتيَانِ بِهِ مَعَ عِلمِهِ وَقِيَامِ الحُجَّةِ عَلَيهِ، فَهَذِهِ المَهرَجَانَاتُ الَّتي تُقَامُ كُلَّ عَامٍ، يَحضُرُهَا المُستَهزِئُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ، وَيُقِيمُ بَرَامِجَهَا المُخَالِفُونَ لِشَرعِهِ المُعلِنُونَ لِلمُنكَرَاتِ بِلا خَوفٍ وَلا حَيَاءٍ، وَيُجَاهَرُ فِيهَا بِالمَعَاصِي بِتَبَجُّحٍ وَإِصرَارٍ، وَتِلكَ المُنتَدَيَاتُ وَالنَّوَادِي الَّتي تُسَمَّى ثَقَافِيَةً أَو أَدَبِيَّةً، وَمَا هِيَ بِثَقَافِيَّةٍ وَلا أَدَبِيَّةٍ، وَتِلكَ الجَرَائِدُ وَالصُّحُفُ وَالقَنَوَاتُ المُوَجَّهَةُ الخَبِيثَةُ، الَّتي يَكتُبُ فِيهَا وَيَتَكَلَّمُ الرُّوَيبِضَةُ التَّافِهُ السَّاقِطُ، فَيُشَرِّقُ في الاستِهزَاءِ وَيُغَرِّبُ، وَيَنقُضُ الأَحكَامَ عَن جَهلٍ وَغَلَبَةِ شَهوَةٍ وَهَوًى، أَمَا يَستَطِيعُ المُسلِمُونَ أَن يُنكِرُوهَا بِقُلُوبِهِم إِنكَارًا عَمَلِيًّا فَلا يَشهَدُوهَا وَلا يَحضُرُوهَا، بَل وَيَنبُذُوهَا فَلا يَقرَبُوهَا؟! أَمَا يَملِكُونَ الشَّجَاعَةَ فَيُخرِجُوا قَنَوَاتِ الفَسَادِ مِن بُيُوتِهِم وَيَهجُرُوهَا طَاعَةً للهِ وَرَسُولِهِ وَغَيرَةً عَلَى المَحَارِمِ؟! أَمَا عِندَهُم مِنَ العَزمِ مَا يُمسِكُ بِأَيدِيهِم عَن دَفعِ مَا رَزَقَهُمُ اللهُ مِن أَموَالٍ في دَعمِ جَرَائِدِ البَاطِلِ وَصُحُفِ الفَسَادِ الَّتي يَشتَرِكُونَ فِيهَا أَو يَشتَرُونَهَا يَومًا وَرَاءَ آخَرَ وَيَتَصَفَّحُونَهَا؟!



عَبادَ اللهِ:

يَا مَن تَقرَأُ في الجَرَائِدِ الاستِهزَاءَ بِآيَاتِ اللهِ، وَتُطَالِعُ فِيهَا السُّخرِيَةَ بِالآمِرِينَ بِالمَعرُوفِ وِالنَّاهِينَ عَنِ المُنكَرِ، وَلا يَمُرُّ بِكَ يَومٌ إِلاَّ وَتَجِدُ عَلَى صَفَحَاتِهَا الحَطَّ مِن قَدرِ الحِسبَةِ وَأَهلِهَا وَمُحَارَبَةَ القَائِمِينَ عَلَيهَا، وَنَشرَ صُوَرِ تَغرِيبِ المَرأَةِ وَدَعمَ مَشرُوعَاتِهِ.



عَبادَ اللهِ:

يَا مَن تُشَاهِدُ في القَنَوَاتِ البَرَامِجَ الَّتي يُدعَى فِيهَا لِلسُّفُورِ وَالاختِلاطِ، وَتَظهَرُ فِيهَا النِّسَاءُ السَّافِرَاتُ المَائِلاتُ المُمِيلاتُ، وَتُضرَبُ فِيهَا نُصُوصُ الشَّرعِ بَعضُهَا بِبَعضٍ وَيُفتى بِخِلافِ مَا أَنزَلَ اللهُ.



عَبادَ اللهِ:

يَا مَن قَد تُسَارِعُ لِحُضُورِ مَهرَجَانَاتِ البَاطِلِ الَّتي ظَهَرَ عَفَنُهَا وَفَاحَ نَتَنُهَا، وَعُصِيَ اللهُ فِيهَا وَحُورِبَ شَرعُهُ، أُمَّةَ الإِسلامِ جَمِيعًا، يَا أَحبَابَ مُحَمَّدِ بنِ عَبدِ اللهِ، يَا مَن تَرجُونَ أَن تَشرَبُوا مِن حَوضِهِ وَتَنَالُوا شَفَاعَتَهُ، أَلم تَسمَعُوا مَا قَالَهُ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - حَيثُ قَامَ خَطِيبًا بِمَوعِظَةٍ فَقَالَ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّكُم تُحشَرُونَ إِلى اللهِ حُفَاةً عُرَاًة غُرلاً، كَمَا بَدَأنَا أَوَّلَ خَلقٍ نُعِيدُهُ وَعدًا عَلَينَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ، أَلا وَإِنَّ أَوَّلَ الخَلائِقِ يُكسَى يَومَ القِيَامَةِ إِبرَاهِيمُ - عَلَيهِ السَّلامُ - أَلا وَإِنَّهُ سَيُجَاءُ بِرِجَالٍ مِن أُمَّتي فَيُؤخَذُ بهم ذَاتَ الشِّمَالِ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ، أَصحَابي. فَيُقَالُ: إِنَّكَ لا تَدرِي مَا أَحدَثُوا بَعدَكَ. فَأَقُولُ كَمَا قَالَ العَبدُ الصَّالحُ: وَكُنتُ عَلَيهِم شَهِيدًا مَا دُمتُ فِيهِم فَلَمَّا تَوَفَّيتَني كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيهِم وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ شَهِيدٌ إِنْ تُعَذِّبْهُم فَإِنَّهُم عِبَادُكَ وَإِنْ تَغفِرْ لهم فَإِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ. قَالَ: فَيُقَالُ لي: إِنَّهُم لم يَزَالُوا مُرتَدِّينَ عَلَى أَعقَابِهِم مُنذُ فَارَقتَهُم. رَوَاهُ مُسلِمٌ. فَيَا أُمَّةَ الإِسلامِ، مَنِ الَّذِي أَلجَأَكُم إِلى إِدخَالِ قَنَوَاتِ الشَّرِّ في بُيُوتِكُم وَرَفعِ صُحُونِ استِقبَالِهَا عَلَى سُطُوحِكُم؟! مَنِ الَّذِي أَرغَمَكُم عَلَى شِرَاءِ جَرَائِدِ البَاطِلِ أَوِ الاشتِرَاكِ في الصُّحُفِ الضَّالَّةِ المُضِلَّةِ؟! مَنِ الَّذِي دَفَعَكُم إِلى حُضُورِ مَهرَجَانَاتِ البَاطِلِ بِلا رِضًا مِنكُم؟! أَلا تَستَطِيعُونَ أَن تُعرِضُوا عَنِ البَاطِلِ وَأَهلِهِ حَتى يَخُوضُوا في حَدِيثٍ غَيرِهِ؟!



إِنَّكُم - وَاللهِ - تَستَطِيعُونَ، وَوَاللهِ لَولا دَعمُ بَعضِكُم لأَصحَابِ المُنكَرِ بِرِضَاهُم بِهِ وَسُكُوتِهِم عَن أَهلِهِ، وَمُشَارَكَتِهِم في تَلَقِّي مَا يَبُثُّونَهُ مِن تُرَّهَاتٍ وَيَنشُرُونَهُ مِن خُزُعبُلاتٍ، لَولا ذَلِكَ، لَمَا تَجَرَّأَ أَهلُ البَاطِلِ عَلَى بَاطِلِهِم، وَلَكِنَّ الانسِيَاقَ وَرَاءَ أَصحَابِ الشَّهَوَاتِ، وَسَمَاعَ خَبِيثِ قَولِهِم، والاستِجَابَةَ لِمَاكِرِ دَعَوَاتِهِم، وَتَشَرُّبَ مَا يَسُنُّونَهُ مِن أَنظِمَةٍ خَبِيثَةٍ تُضَادُّ الدِّينَ وَتُخَالِفُ الشَّرِيعَةَ، إِنَّ ذَلِكَ هُوَ الَّذِي قَوَّى شَوكَتَهُم وَرَوَّجَ لِبَاطِلِهِم، فَرَضِيَ اللهُ عَن عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ حَيثُ قَالَ: يُعجِبُني الرَّجُلُ إِذَا سِيمَ خُطَّةَ خَسفٍ أَن يَقُولَ بِمِلءِ فِيهِ: لا.



أَلا فَاتَّقُوا اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَقُولُوا بِأَلسِنَتِكُم وَقُلُوبِكُم وَجَوَارِحِكُم: لا وَأَلفُ لا لِمَن يَستَهزِئُ بِاللهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ، لا وَأَلفُ لا لِمَن يَتَجَرَّأُ عَلَى الدِّينِ وَيَهتِكُ الحُرُمَاتِ، لا وَأَلفُ لا لِمَن يُجَاهِرُ بِالمَعَاصِي وَالمُنكَرَاتِ، لا وَأَلفُ لا لِمَن يَدعُونَا لِتَغيِيرِ مَا بِأَنفُسِنَا مِنَ الحَقِّ وَيُحَاوِلُ إِلزَامَنَا بِاتِّبَاعِ البَاطِلِ.



اللَّهُمَّ إِنَّا نَسأَلُكَ الثَّبَاتَ في الأَمرِ وَالعَزِيمَةَ عَلَى الرُّشدِ، وَنَسأَلُكَ مُوجِبَاتِ رَحمَتِكَ وَعَزَائِمَ مَغفِرَتِكَ، وَنَسأَلُكَ شُكرَ نِعمَتِكَ وَحُسنَ عِبَادَتِكَ، وَنَسأَلُكَ قُلُوبًا سَلِيمَةً وَأَلسِنَةً صَادِقَةً، وَنَسأَلُكَ مِن خَيرِ مَا تَعلَمُ وَنَعُوذُ بِكَ مِن شَرِّ مَا تَعلَمُ، وَنَستَغفِرُكَ لِمَا تَعلَمُ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الغُيُوبِ.



الخطبة الثانية

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَاشكُرُوهُ وَلا تَكفُرُوهُ.



عِبَادَ اللهِ:

لا يَشُكُّ مَن لَهُ أَدنى عِلمٍ أَنَّ الاستِهزَاءَ بِاللهِ رَبِّ العَالَمِينَ، أَو بِرَسُولِهِ النَّبيِّ الصَّادِقِ الأَمِينِ، أَو بِكَلامِ اللهِ أَو كَلامِ رَسُولِهِ، لا يَشُكُّ أَحَدٌ وَلا يُنَازِعُ أَنَّهُ كُفرٌ صَرِيحٌ، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَلَئِن سَأَلتَهُم لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلعَبُ قُلْ أَبِاللهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُم تَستَهزِئُونَ. لا تَعتَذِرُوا قَد كَفَرتُم بَعدَ إِيمَانِكُم ﴾.



أَلا وَإِنَّ في الجَرَائِدِ اليَومَ استِهزَاءً بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتَنَقُّصًا لِلشَّرِيعَةِ وَمُهَاجَمَةً لِلقَائِمِينَ عَلَيهَا، وَتَنَدُّرًا بِالدُّعَاةِ وَالمُحتَسِبِينَ، وَمُحَارَبَةً لِلآمِرِينَ بِالمَعرُوفِ وَالنَّاهِينَ عَنِ المُنكَرِ، وَإِنَّ في المَهرَجَانَاتِ المُغَلَّفَةِ بِغِلافِ الوَطَنِيَّةِ، وَمَا يُسَمَّى بِالمُنتَدَيَاتِ الثَّقَافِيَّةِ لِمِثلَ ذَلِكَ، وَإِنَّنَا لَنَبرَأُ إِلى اللهِ مِن كُلِّ مَا يُغضِبُهُ، وَنُشهِدُهُ عَلَى بُغضِ المُنكَرَاتِ وَبُغضِ مَن نَظَّمَهَا أَو مَدَحَهَا أَو حَثَّ عَلَى حُضُورِهَا، أَو حَضَرَهَا وَشَهِدَهَا وَشَارَكَ فِيهَا وَلم يُنكِرْهَا، نَبرَأُ إِلى اللهِ مِن كُلِّ مَا يُخَالِفُ شَرعَهُ، وَنَبرَأُ إِلَيهِ مِن كُلِّ مَن يُجَاهِرُ بِذَلِكَ وَيُعرِضُ عَنِ النَّاصِحِينَ، وَنُشهِدُهُ أَنَّنَا قَد أَنكَرنَا بِقُلُوبِنَا وَأَلسِنَتِنَا وَحَذَّرنَا عَلَى قَدرِ استِطَاعَتِنَا مِن دَعمِ الجَرَائِدِ أَوِ القَنَوَاتِ، أَو حُضُورِ المَهرَجَانَاتِ وَطَنِيَّةً أَو ثَقَافِيَّةً مَا دَامَت تَفتَحُ صَفَحَاتِهَا وَأَبوَابَهَا لِلاستِهزَاءِ بِآيَاتِ اللهِ وَكَلامِ رَسُولِهِ، وَتَستَضِيفُ المُخَالِفِينَ لأَمرِهِمَا وَنَهيِهِمَا، اللَّهُمَّ فَاشهَدْ، فَإِنَّا إِلَيكَ رَاجِعُونَ، وَبِلِقَائِكَ مُؤمِنُونَ، وَلأَمرِكَ مُمتَثِلُونَ وَلِنَهيِكَ مُجتَنِبُونَ ﴿ وَسَيَعلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ ﴾.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
إنكم إذًا مثلهم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فتشبهوا.. إن لم تكونوا مثلهم ♥ ♥ ♥
» إنكم سعداء ولكن لا تدرون
» إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون
»  معنى حديث: إنكم اليوم في زمان كثير علماؤه قليل خطباؤه..

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اسلام ويب :: ۩✖ منتدي الاسلاميات العامه ۩✖ :: مقــــالات اســــلاميه :: خطب مقـــرؤه-
انتقل الى: