اسلام ويب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

من فقه الدعاء يقول سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "أنا لا أحمل همَّ الإجابة، وإنما أحمل همَّّ الدعاء، فإذا أُلهمت الدعاء كانت الإجابة معه". وهذا فهم عميق أصيل ، فليس كل دعاء مجابًا، فمن الناس من يدعو على الآخرين طالبًا إنزال الأذى بهم ؛ لأنهم ينافسونه في تجارة ، أو لأن رزقهم أوسع منه ، وكل دعاء من هذا القبيل ، مردود على صاحبه لأنه باطل وعدوان على الآخرين. والدعاء مخ العبادة ، وقمة الإيمان ، وسرّ المناجاة بين العبد وربه ، والدعاء سهم من سهام الله ، ودعاء السحر سهام القدر، فإذا انطلق من قلوب ناظرة إلى ربها ، راغبة فيما عنده ، لم يكن لها دون عرش الله مكان. جلس عمر بن الخطاب يومًا على كومة من الرمل ، بعد أن أجهده السعي والطواف على الرعية ، والنظر في مصالح المسلمين ، ثم اتجه إلى الله وقال: "اللهم قد كبرت سني ، ووهنت قوتي ، وفشت رعيتي ، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفتون ، واكتب لي الشهادة في سبيلك ، والموت في بلد رسولك". انظر إلى هذا الدعاء ، أي طلب من الدنيا طلبه عمر، وأي شهوة من شهوات الدنيا في هذا الدعاء ، إنها الهمم العالية ، والنفوس الكبيرة ، لا تتعلق أبدًا بشيء من عرض هذه الحياة ، وصعد هذا الدعاء من قلب رجل يسوس الشرق والغرب ، ويخطب وده الجميع ، حتى قال فيه القائل: يا من رأى عمرًا تكسوه بردته ** والزيت أدم له والكوخ مأواه يهتز كسرى على كرسيه فرقًا ** من بأسه وملوك الروم تخشاه ماذا يرجو عمر من الله في دعائه ؟ إنه يشكو إليه ضعف قوته ، وثقل الواجبات والأعباء ، ويدعو ربه أن يحفظه من الفتن ، والتقصير في حق الأمة ، ثم يتطلع إلى منزلة الشهادة في سبيله ، والموت في بلد رسوله ، فما أجمل هذه الغاية ، وما أعظم هذه العاطفة التي تمتلئ حبًا وحنينًا إلى رسول الله - صل الله عليهلم -: (أن يكون مثواه بجواره). يقول معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: "يا بن آدم أنت محتاج إلى نصيبك من الدنيا ، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج ، فإن بدأت بنصيبك من الآخرة ، مرّ بنصيبك من الدنيا فانتظمها انتظامًا ، وإن بدأت بنصيبك من الدنيا ، فائت نصيبك من الآخرة ، وأنت من الدنيا على خطر). وروى الترمذي بسنده عن النبي - صل الله عليهلم -: أنه قال: ((من أصبح والآخرة أكبر همه جمع الله له شمله ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن أصبح والدنيا أكبر همه فرَّق الله عليه ضيعته ، وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له)). وأخيرًا .. أرأيت كيف أُلهم عمر الدعاء وكانت الإجابة معه ، وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186)" (البقرة:186).


 

  ماذا في القبور؟!

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة


avatar


نقــاط : 99980
 ماذا في القبور؟! Oooo14
 ماذا في القبور؟! User_o10

 ماذا في القبور؟! Empty
مُساهمةموضوع: ماذا في القبور؟!    ماذا في القبور؟! Emptyالإثنين 29 أبريل 2013 - 9:46

ماذا في القبور؟!

الحمد لله المحيي المميت؛ كتبَ الموتَ على العباد، وأنذرهم يوم المعاد، وحذَّرَهم من الغفلة والعناد، نحمده على هدايته، ونشكره على رعايته، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ﴿ أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ إِنَّ الإِنْسَانَ لَكَفُورٌ ﴾ [الحج: 66] وأشهد أن محمدا عبده ورسوله؛ أنصح الخلق للخلق، وأحرصهم عليهم، وأرأفهم بهم.. أوصى أمته بكثرة ذكر الموت، وبزيارة القبور؛ لئلا يغتروا بزينة الدنيا فيتركوا العمل للآخرة، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.



أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، وراقبوه فلا تعصوه.. أخلصوا له في أعمالكم، وفرغوا له قلوبكم، وأقيموا ما افترض عليكم؛ فإن أمامكم عزلة ووحشة، وشدة وكربة، وقبرًا ضيقًا مظلمًا، لا يوسع ولا يضاء إلا بالعمل الصالح، فأعدوا له عدته، وخذوا له أهبته فهو منزلكم إلى يوم القيامة، ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾ [الزَّلزلة: 7-8].



أيها الناس:

جعل الله تعالى القبر برزخًا بين الدنيا والآخرة، فهو انقطاع عن الأولى وإقبال على الأخرى، وهو مشترك بين الدارين؛ فمكانه في الأرض وهي من الدنيا، وفترة بقاء الميت فيه هي من زمن الدنيا أيضًا، ولكن المقبور فيه يعامل معاملة الآخرة لا معاملة الدنيا؛ ولذا كان القبر أول منازل الآخرة.



تلك الحفرة الموحشة المظلمة أسهرت ليالي الصالحين؛ خوفاً منها، وتفكرًا فيها، ودعاء بالنجاة من عذابها.



حفرة ضيقة يوسد الميت فيها، ثم يهال التراب عليه فلا نفس فيها ولا فرجة ولا ضوء ولا هواء ولا شيء معه إلا كفنه وعمله، ويبلى الكفن ويبقى العمل.



وآخر لمسة يظفر بها مقبور من بشر مثله هي لمسة من يوسده في لحده، وآخر نظرة تصيبه هي نظرة من يضع آخر لبنة عليه، ثم ينقطع عن البشر، فلا يبقى إلا العمل، وآخر إحساس له بالبشر في تلك اللحظات حين ينتهون من دفنه، ويتولون عنه وهو يسمع قرع نعالهم؛ كما جاء في الحديث..



يا لها من نهاية تستحق الوقوف عندها، والتفكر فيها، والعمل لها.. نهاية قد صار إليها عدد كبير من أقاربنا وأحبابنا وخاصتنا، وحتمًا سنصير إليها، وسيقف واعظ وخطيب وداعية يذكر الناس بنا، كما ذكرهم من قبل بغيرنا، ولكن الإنسان ينسى، والقلوب تقسو، والغفلة مطبقة.



كم من واقف على شفير قبر يتأمل الميت وهو مسجى، ويتساءل: أهو فرح بمصيره أم حزين؟ ما مصيره؟ ماذا يتمنى وماذا يريد؟ فلا يقطع تفكيره إلا صوت يقول: سلوا له الثبات، فتتحرك الألسن بالدعاء. ومن كان المقبور عزيزًا عليه، قريبًا منه؛ مكث عند قبره مليًا يلهج بالدعاء له حتى يشبع نهمته فيفارقه، فلا يجف قبر الميت من مائه وحوله أحد.. قد تفرق الجمع، وولى عنه أحب الناس إليه، فيقابل مصيره وحده، ويتحمل تبعة عمله؛ فإن خيرا فخير، وإن شرا فشر.. فاللهم أيقظ قلوبنا من الغفلة، وأزل عنها السكرة، ووفقنا للعمل الذي يجعل قبورنا روضة.



أيها المؤمنون:

القبور وما يجري فيها عالم عجيب يدل على قدرة الخالق سبحانه وتعالى، وسعة ملكه، فله سبحانه عوالم أخرى غير عالمنا، لا ندركها بحواسنا ونحن أحياء، ولولا أن الله تعالى أخبرنا عن القبر وما فيه؛ لكان غيبًا لا نعلم منه شيئًا، فلا يُدرك القبر وما فيه بالبحث ولا بالتجربة ولا بالتنقيب ولا بالحساب ولا بغيرها من علوم البشر ووسائلهم.. لا يُدرك علم ما فيه إلا بالوحي، ومن لا يؤمن بالوحي لا بد أن يكذب بنعيم القبر وفتنته وعذابه.



دل القرآن في عدد من الآيات على أحوال المقبورين، وفصلَّت ذلك سنة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم؛ فكُشف لنا بالكتاب والسنة علم القبر وأحواله وأهواله، وخصت هذه الأمة بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم بهذا العلم دون غيرها؛ وذلك ببركة إيمانها وتصديقها بالوحي، وإذعانها له.



دل على فتنة القبر قول الله تعالى ﴿ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ المَوْتِ وَالمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ اليَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الهُونِ ﴾ [الأنعام:93] فلم يقل الملائكة غدًا، ولم يقولوا ستجزون بل قالوا ﴿ اليَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الهُونِ ﴾. ومثلها قول الله تعالى ﴿ وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا المَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الحَرِيقِ ﴾ [الأنفال:50].



وعن الْبَرَاءِ بن عَازِبٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ﴿ يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالقَوْلِ الثَّابِتِ ﴾ [إبراهيم:27] قال: نَزَلَتْ في عَذَابِ الْقَبْرِ»رواه الشيخان.



وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: ﴿ فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا ﴾ [طه:124] قال: عذاب القبر»رواه ابن أبي شيبة والحاكم بإسناد جيد.



وقال الله تعالى في آل فرعون ﴿ النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آَلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ العَذَابِ ﴾ [غافر:46] قال القاضي ابن الطيب رحمه الله تعالى:«اتفق المسلمون أنه لا غدو ولا عشي في الآخرة، وإنما هو في الدنيا، فهم معروضون بعد مماتهم على النار».



وفي حديث البراء رضي الله عنه أن الله تعالى يقول في حق المؤمن حين سئل في القبر فأجاب:«قد صَدَقَ عَبْدِي فافرشوه من الْجَنَّةِ وَافْتَحُوا له بَابًا إلى الْجَنَّةِ وَأَلْبِسُوهُ من الْجَنَّةِ، قال: فَيَأْتِيهِ من رَوْحِهَا وَطِيبِهَا قال وَيُفْتَحُ له فيها مَدَّ بَصَرِهِ...» وقال تعالى في الكافر بعد أن سئل في القبر فلم يجب:«أَنْ كَذَبَ فافرشوه من النَّارِ وَأَلْبِسُوهُ من النَّارِ وَافْتَحُوا له بَابًا إلى النَّارِ قال فَيَأْتِيهِ من حَرِّهَا وَسَمُومِهَا قال وَيُضَيَّقُ عليه قَبْرُهُ حتى تَخْتَلِفَ فيه أَضْلَاعُهُ»رواه أبو داود.



وأعلم الناس بالقبر وما فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه يتلقى خبر هذا الغيب عن الله تعالى مباشرة، ولو نظرنا في أحاديثه صلى الله عليه وسلم عن القبر لوجدنا اهتماما بالغًا به، وأحاديثه في القبر كثيرة، وهي تدل على خوف شديد، فلولا أن القبر مخوف ما خافه صلى الله عليه وسلم، ولا خوف أمته منه.



وعثمان بن عفان رضي الله عنه هو ثالث ثلاثة كانوا ملازمين للنبي صلى الله عليه وسلم، وسمع منه كثيرًا، وحاز منه علما غزيرًا، وكان خوفه من القبر شديدا؛ فعَنْ هَانِئٍ مَوْلَى عُثْمَانَ قَالَ:«كَانَ عُثْمَانُ إِذَا وَقَفَ عَلَى قَبْرٍ بَكَى، حَتَّى يَبُلَّ لِحْيَتَهُ، فَقِيلَ لَهُ: تَذْكُرُ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ فَلا تَبْكِي، وَتَبْكِي مِنْ هَذَا؟ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:الْقَبْرُ أَوَّلُ مَنَازِلِ الْآخِرَةِ، فَإِنْ يَنْجُ مِنْهُ فَمَا بَعْدَهُ أَيْسَرُ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَنْجُ مِنْهُ، فَمَا بَعْدَهُ أَشَدُّ مِنْهُ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والله ما رأيت مَنْظَراً قَطُّ إِلاَّ وَالْقَبْرُ أَفْظَعُ منه»رواه أحمد.



تأملوا قسم الصادق المصدوق، وإخباره أنه ما رأى منظرًا قط إلا والقبر أفظع منه. ولا بد أن نستحضر أن النبي صلى الله عليه وسلم قد رأى أناس قطعت أطرافهم، وسملت أعينهم، ورأى جراحا وقتلى، فأخبر أن القبر أفظع من ذلك، وقد أطلعه الله تعالى على أحوال المعذبين في قبورهم، فيا له من عذاب ما أفظعه!



وفي حديث جَابِر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لاَ تَمَنَّوُا الْمَوْتَ فإن هَوْلَ المُطَّلَعِ شَدِيدٌ»رواه أحمد. وأول أهوال المطلع هي أهوال القبر، نجانا الله تعالى من فتنته، ووقنا ومن نحب عذابه.



ومثّل صلى الله عليه وسلم فتنة القبر بفتنة الدجال، وهي أعظم فتنة بين خلق آدم وقيام الساعة؛ ففي حديث الكسوف قال صلى الله عليه وسلم:«فَأُوحِيَ إلي أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ في قُبُورِكُمْ مِثْلَ أو قَرِيبَا -شك الراوي- من فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ»رواه البخاري.



ولما أخبرت عائشة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عجوزين يهوديتين أخبراها بعذاب القبر، قال صلى الله عليه وسلم:«صَدَقَتَا، إِنَّهُمْ يُعَذَّبُونَ عَذَابًا تَسْمَعُهُ البَهَائِمُ كُلُّهَا، قالت عائشة: فَمَا رَأَيْتُهُ بَعْدُ فِي صَلاَةٍ إِلَّا تَعَوَّذَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ»رواه الشيخان. وفي رواية لأحمد قالت عائشة رضي الله عنها:«فَخَرَجَ ذَاتَ يَوْمٍ نِصْفَ النَّهَارِ مُشْتَمِلاً بِثَوْبِهِ مُحْمَرَّةً عَيْنَاهُ وهو يُنَادِى بِأَعْلَى صَوْتِهِ، أَيُّهَا الناس: أَظَلَّتْكُمُ الْفِتَنُ كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، أَيُّهَا الناس: لو تَعْلَمُونَ ما أَعْلَمُ لَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا وَضَحِكْتُمْ قَلِيلاً ،أَيُّهَا الناس: اسْتَعِيذُوا بِالله من عَذَابِ الْقَبْرِ فإن عَذَابَ الْقَبْرِ حَقٌّ».



وهذا يدل على اهتمامه صلى الله عليه وسلم بعذاب القبر؛ لعلمه بما يجري في القبور.



ومن أحوال أهل القبور أن أماكنهم في الدار الآخرة تعرض عليهم وهم في قبورهم؛ ليزداد المنعمون فرحًا إلى فرحهم، ويزداد المعذبون حسرة على حسرتهم، قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا مَاتَ عُرِضَ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالْغَدَاةِ وَالعَشِيِّ، إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ فَمِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَمِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَيُقَالُ: هَذَا مَقْعَدُكَ حَتَّى يَبْعَثَكَ الله يَوْمَ القِيَامَةِ»متفق عليه.



اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ، وَمِنْ عَذَابِ النَّارِ، وَمِنْ فِتْنَةِ المَحْيَا وَالمَمَاتِ، وَمِنْ فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجَّالِ.



أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم...



الخطبة الثانية

الحمد لله حمدا طيبا كثيرا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى، أحمده وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين.



أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، ولا تغتروا بدنياكم، وتزودوا لما أمامكم ﴿ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الأَلْبَابِ ﴾ [البقرة:197].



أيها المسلمون:

نعيم القبر وعذابه، وجميع ما ورد من أحوال أهله، يقع على الروح والجسد على كيفية لا يعلمها إلا الله تعالى.



وهو نعيم أو عذاب يصيب الميت ولو لم يدفن، أو وضع في ثلاجة أبد الدهر، أو أحرق حتى صار رمادًا وذرته الرياح، أو أكله سبع، أو ابتلعه حوت، أو دفن في قاع البحر، كل أولئك تجري عليهم فتنة القبر، وتصيبهم أهوله، وينعم المنعم منهم، ويعذب المعذب منهم. ولو قطع إنسان وفرقت أوصاله في البر والبحر، والسهل والوعر؛ فإن نصيب كل جزء منه من النعيم والعذاب يصله، ولو أكل إنسان إنسانًا لنعم المأكول أو عذب وهو في جوف آكله، ولا يحس آكله بنعيمه أو بعذابه.



وكم من مقبور في مروج وأزهار وأشجار تسر الناظرين وقبورهم بالنار مشتعلة، وأهلها يعذبون بأنواع العذاب، ولا يدرك من حولهم ذلك ولا يحسونه؟


وكم من قبور في خربات ومستنقعات القذر والأذى، وهي من رياض الجنة، وريحها من ريح الجنة، وأهلها منعمون.. وكم من قبور يكسوها الجليد، ويحيط بها الصقيع، وهي نار تلظى على أهلها.. وكم من قبور في رمضاء حامية، أو تحت تنور يشعل كل يوم نارا، وأهلها منعمون لا يحسون بشيء منها، وتلك قدرة العليم القدير، الذي قلب حرارة النار بردا وسلاما على إبراهيم.



إن تذكر القبر وأحواله، وزيارة القبور بين حين وآخر؛ حتم لازم لمن أراد حياة قلبه، وخشوعه في عبادته، وبناء آخرته، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:«زُورُوا الْقُبُورَ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ بِالْمَوْتِ»رواه أبو داود.



وكان أبو الدرداء رضي الله عنه يقعد إلى القبور فقيل له في ذلك فقال:«أجلس إلى قوم يذكرونني معادي، وإن قمت عنهم لم يغتابوني». وقيل لبَعض الزهاد:«مَا أبلغ العظات؟ فَقَالَ: النّظر إِلَى محلّة الْأَمْوَات».



وذلك أن زائر القبور يرى أهل القبور قد تركوا جميع ما يملكون وراءهم، إلا أكفانهم وأعمالهم فيعتبر بذلك.



وَقد مرَّ رجل مُسَافر بِغُلَام فِي صحراء فَقَالَ لَهُ: «يَا غُلَام، أَيْن الْعمرَان؟ فَقَالَ لَهُ: اصْعَدْ الرابية تشرف على الْعمرَان، فَصَعدَ فَأَشْرَف على قُبُور، فَرجع إِلَيْهِ فَقَالَ: سَأَلتك عَن الْعمرَان فدللتني على الْقُبُور، فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْت أهل هَذِه الدُّنْيَا يُنقلون إِلَى تِلْكَ، وَلم أر أحدًا من تِلْكَ ينْقل إِلَى هَذِه، وَإِنَّمَا يُنْتَقل من الخراب إِلَى الْعمرَان، وَلَو سَأَلتنِي عَمَّا يواريك ويواري دابتك لدللتك عَلَيْهِ».



وزائر القبور يرى أهلها لا يستطيعون العمل، ولا اكتساب حسنة واحدة؛ فيسعى للعمل والاكتساب مادام قادرا عليه، قَالَ أَبُو ذر رضي الله عنه:«أَلا أخْبركُم بِيَوْم فقري! يَوْم أنزل قَبْرِي». ونظر الحسن رحمه الله تعالى إلى ميت يدفن فقال:« إن شيئاً أوله هذا لحقيق أن يخاف آخره، وإن شيئاً هذا آخره لحقيقٌ أن يزهد في أوله».



وقد رأيتم وسمعتم عن أثرياء يملكون ميزانيات دول، صاروا إلى القبور بلا شيء من دنياهم، كان الناس في حياتهم يغبطونهم، ثم بعد وفاتهم يدعون لهم بالعون على حسابهم!



ألا فلنتعظ -عباد الله- بمن مضوا إلى قبورهم قبلنا، فعن قريب سنكون عظة لغيرنا، والسعيد من قدم على الله تعالى بخير ما عمل، والشقي من تمادى به التسويف حتى مات بلا عمل، ﴿ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ المَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾ [المؤمنون:99-100].



وصلوا وسلموا على نبيكم...


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
ماذا في القبور؟!
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» حديث كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروا القبور
» أحوال القبور
» أهوال القبور
» الدعاء عند زيارة القبور
» لعن الله زورات القبور

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اسلام ويب :: ۩✖ منتدي الاسلاميات العامه ۩✖ :: مقــــالات اســــلاميه :: خطب مقـــرؤه-
انتقل الى: