اسلام ويب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

من فقه الدعاء يقول سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "أنا لا أحمل همَّ الإجابة، وإنما أحمل همَّّ الدعاء، فإذا أُلهمت الدعاء كانت الإجابة معه". وهذا فهم عميق أصيل ، فليس كل دعاء مجابًا، فمن الناس من يدعو على الآخرين طالبًا إنزال الأذى بهم ؛ لأنهم ينافسونه في تجارة ، أو لأن رزقهم أوسع منه ، وكل دعاء من هذا القبيل ، مردود على صاحبه لأنه باطل وعدوان على الآخرين. والدعاء مخ العبادة ، وقمة الإيمان ، وسرّ المناجاة بين العبد وربه ، والدعاء سهم من سهام الله ، ودعاء السحر سهام القدر، فإذا انطلق من قلوب ناظرة إلى ربها ، راغبة فيما عنده ، لم يكن لها دون عرش الله مكان. جلس عمر بن الخطاب يومًا على كومة من الرمل ، بعد أن أجهده السعي والطواف على الرعية ، والنظر في مصالح المسلمين ، ثم اتجه إلى الله وقال: "اللهم قد كبرت سني ، ووهنت قوتي ، وفشت رعيتي ، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفتون ، واكتب لي الشهادة في سبيلك ، والموت في بلد رسولك". انظر إلى هذا الدعاء ، أي طلب من الدنيا طلبه عمر، وأي شهوة من شهوات الدنيا في هذا الدعاء ، إنها الهمم العالية ، والنفوس الكبيرة ، لا تتعلق أبدًا بشيء من عرض هذه الحياة ، وصعد هذا الدعاء من قلب رجل يسوس الشرق والغرب ، ويخطب وده الجميع ، حتى قال فيه القائل: يا من رأى عمرًا تكسوه بردته ** والزيت أدم له والكوخ مأواه يهتز كسرى على كرسيه فرقًا ** من بأسه وملوك الروم تخشاه ماذا يرجو عمر من الله في دعائه ؟ إنه يشكو إليه ضعف قوته ، وثقل الواجبات والأعباء ، ويدعو ربه أن يحفظه من الفتن ، والتقصير في حق الأمة ، ثم يتطلع إلى منزلة الشهادة في سبيله ، والموت في بلد رسوله ، فما أجمل هذه الغاية ، وما أعظم هذه العاطفة التي تمتلئ حبًا وحنينًا إلى رسول الله - صل الله عليهلم -: (أن يكون مثواه بجواره). يقول معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: "يا بن آدم أنت محتاج إلى نصيبك من الدنيا ، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج ، فإن بدأت بنصيبك من الآخرة ، مرّ بنصيبك من الدنيا فانتظمها انتظامًا ، وإن بدأت بنصيبك من الدنيا ، فائت نصيبك من الآخرة ، وأنت من الدنيا على خطر). وروى الترمذي بسنده عن النبي - صل الله عليهلم -: أنه قال: ((من أصبح والآخرة أكبر همه جمع الله له شمله ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن أصبح والدنيا أكبر همه فرَّق الله عليه ضيعته ، وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له)). وأخيرًا .. أرأيت كيف أُلهم عمر الدعاء وكانت الإجابة معه ، وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186)" (البقرة:186).


 

 كيف الخلاص من مصارع السوء؟

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة


avatar


نقــاط : 99980
كيف الخلاص من مصارع السوء؟ Oooo14
كيف الخلاص من مصارع السوء؟ User_o10

كيف الخلاص من مصارع السوء؟ Empty
مُساهمةموضوع: كيف الخلاص من مصارع السوء؟   كيف الخلاص من مصارع السوء؟ Emptyالإثنين 29 أبريل 2013 - 5:21

كيف الخلاص من مصارع السوء؟



بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي كان بعباده خبيراً بصيراً, وتبارك الذي جعل في السماء بروجاً وجعل فيها سراجاً وقمراً منيراً، وهو الذي جعل الليل والنهار خلفةً لمن أراد أن يذكر أو أراد شكوراً.



وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا يبقى إلا وجهه ولا يدوم إلا ملكه له الحكم واليه ترجعون.



قالَ الحسنُ البصريُّ (رحمه الله): "ما مِنْ يومٍ ينشقُّ فجرُهُ، إلا وينادي: يا ابنَ آدمَ، أنا خلقٌ جديدٌ، وعلى عملِكَ شهيدٌ، فتزوّدْ منّي، فإني إذا مضيتُ لا أعودُ إلى يومِ القيامةِ".


تزَودْ من التقوى فإنكَ لا تدري
إذا جنَّ ليلٌ هلْ تعيشَ إلى الفجر؟
فكمْ من صحيحٍ ماتَ من غيرِ علةٍ
وكمْ من عليلٍ عاشَ حينًا من الدهرِ
وكمْ من صغارٍ يرتجى طولَ عُمْرَهْم
وقدْ أُدْخِلَتْ أجسادَهُمْ ظُلمَة القبرِ
وكمْ من عرُوسٍ زَينوها لِزَوجها
وقدْ قُبضَتْ أَرْواحَهُم ليلةَ القدرِ
وكمْ من فتىَ أمسى وأصبحَ ضاحكًا
وقدْ نُسِجَتْ أكفَانَهْ وَهوَ لا يدري





وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله بعثه ربه هادياً ومبشراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً, بلّغ الرسالة، وأدّى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حتى أتاه اليقين, هدى الله به البشرية, وأنار به أفكار الإنسانية، وزعزع به كيان الوثنية.


لمّا أراد الله جل جلاله
أن يخرج الدنيا من الظلماتِ
أهداك ربك للورى يا سيدي
فيضاً من الأنوار والنفحاتِ
الحق أنت وأنت إشراق الهُدَى
ولك الكتاب الخالد الصفحاتِ
من يقصد الدنيا بغيرك يلقها
تيهاً من الأهوال والظلماتِ



فيا رب صل وسلم على هذا النبي العظيم وعلى آله وصحبه الغر الميامين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين.



أوصيكم يا عباد الله ونَفسِيَ الخاطئة أولاً بتقوى الله، وأحذرّكم ونفسيَ مِن عِصيانِه ومخالَفِة أمرِه وأستفتحُ بالذي هو خير: ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾ [الزلزلة: 7، 8].




أما بعد:

إن الواقع الذي تعيشه الأمة الإسلامية اليوم هو واقع مؤلم، واقع كثرت فيه الفتن والمصائب والشدائد ومصارع السوء، فما من يوم يمر الا ونسمع ونشاهد عبر الفضائيات بالعلميات الاجرامية من قتل وسلب وتفجيرات هنا وهناك، حتى أصبح المسلم لا يأمن على نفسه من هذه العلميات، الموظف لا يأمن على نفسه وهو في دائرته، الطالب لا يأمن على نفسه وهو في مدرسته، الأستاذ لا يأمن على نفسه وهو في جامعته، صاحب العمل لا يأمن على نفسه وهو في محل عمله، وصاحب السيارة لا يأمن على نفسه وهو يسير في الشارع، حتى المصلي لا يأمن على نفسه وهو في مسجده.



فتجد المسلم في حيرة فهو دائما يدعو الله تعالى ان يحفظه من هذه الفتن التي اخبرنا عنها النبي (صلى الله عليه وسلم) في الحديث الذي يرويه احمد في مسنده ((إِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامًا يَنْزِلُ فِيهَا الْجَهْلُ وَيُرْفَعُ فِيهَا الْعِلْمُ وَيَكْثُرُ فِيهَا الْهَرْجُ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْهَرْجُ قَالَ الْقَتْلُ)).



وفي الحديث الذي يرويه مسلم عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: « وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لاَ تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَأْتِيَ عَلَى النَّاسِ يَوْمٌ لاَ يَدْرِى الْقَاتِلُ فِيمَ قَتَلَ وَلاَ الْمَقْتُولُ فِيمَ قُتِلَ ». فَقِيلَ كَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ قَالَ: «الْهَرْجُ. الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ».



قَالَ الْقُرْطُبِيّ: المقصود هنا هو: الْقِتَال إِذَا كَانَ عَلَى جَهْل مِنْ طَلَب الدُّنْيَا أَوْ اِتِّبَاع هَوًى فَهُوَ الَّذِي أُرِيدَ بِقَوْلِهِ: "الْقَاتِل وَالْمَقْتُول فِي النَّار".



فالمسلم في مثل هذه الأيام التي كثر فيها الهرج أصبح يبحث عن طريق الأمان، عن طريق يحفظ به نفسه وماله وأهله من مصارع السوء.



فيا ترى ما هو طريق الأمان؟ ما هو طريق الخلاص من العمليات الإجرامية؟ ما هو الطريق الذي يحفظ المسلم به نفسه وماله وأهله من الفتن والمصائب ومصارع السوء؟



أنا أقف اليوم لأبين للمسلم الحائر طريق الأمان، طريق الحفظ من الآفات، طريق الخلاص من المهلكات..فتعال أخي المسلم لنستمع سويا إلى الذي لا ينطق عن الهوى ان هو إلا وحي يوحى إلى سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) وهو يرسم لنا هذا الطريق فيقول في الحديث الذي أخرج الحاكم في المستدرك عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: (صنائع المعروف تقي مصارع السوء والآفات والهلكات، وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة).



إذن أين أنت من صنائع المعروف، أين أنت من أفعال الخير، صنائع المعروف إلى الناس هي طريق نجاتك وخلاصك من مصارع السوء.



فكم من إنسان نجاه الله من مصارع السوء بسبب فعله للخير؟ وكم إنسان حفظ الله ماله من الضياع والسرقة والتلف بسبب إحسانه إلى الناس؟ وكم من إنسان نجاه الله من الحوادث المميتة بسبب معروفه إلى الناس؟ وكم إنسان حفظ الله أولاده وأهله من المهلكات بسبب صالحه؟


ازرع جميلاً ولو في غير موضعه
فلا يضيع جميل أينما زُرعا
إن الجميل وإن طال الزمان به
فليس يحصده إلا الذي زرعا





أنت لو تصفحت كتاب الله تعالى ستجد ان الله تعالى تحدث عن صنائع المعروف وبين لنا انه نجا أناسا من مصائب وشدائد وقعوا فيها وكل ذلك بسبب معروفهم وصلاحهم.



هذا سيدنا يونس عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم التسليم يوم ان ضاق بإعراض قومه عن دعوته، فهجرهم ورحل عنهم بعيداً غاضباً عليهم، ظانًّا أن الله أباح له أن يهجرهم، فظن أن الله لن يقدر عليه، فابتلعه الحوت، وعاش في الظلمات في ظلمات الليل وظلمات البحر وظلمات بطن الحوت فأصبح في شدة وفي محنة، فقال الله تعالى عنه: ﴿ وذا النون إذ ذهب مُغاضبا فظن أن لن نقْدر عليْه فنادى في الظلُمات أن لا إلـه إلا أنت سُبْحانك إني كُنتُ من الظالمين * فاسْتجبْنا لهُ ونجيْناهُ من الْغم ﴾ [الأنبياء: 87].



لماذا نجاه الله؟ لابد أن هناك سببا في نجاته؟ اسمعوا إلى كتاب الله تعالى وهو يبين لنا سبب نجاته وخلاصه من هذه الشدة فقال تعالى في "الصافات": ﴿ وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ * فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ * فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾ [139-144].



لولا حرف امتناع لوجود، أي لولا عمله الصالح، لولا صنائع المعروف، لولا التسبيح الذي فسره العلماء بأنه الصلاة والعبادة، لبقي في بطن الحوت إلى يوم يبعثون..فالمعروف كان سببا في خلاصه من محنته، وكذلك المؤمن لا يتخلص من المصائب ومصارع السوء إلا بمعروفه وعمله الصالح. ﴿ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِين ﴾ [الأنبياء: 87، 88].



ولذلك قال (صلى الله عليه وسلم): ((دعوة ذي النون إذ دعا بها وهو في بطن الحوت: "لا إلهَ إلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إني كُنْتُ مِن الظالمين - لم يدعُ بها رجلٌ مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له". صحيح الترمذي 3/168.



بل انظروا إلى قصة الغلامين اليتيمين في سورة الكهف لماذا سخر الله سيدنا الخضر (عليه السلام) لإقامة الجدار لكي يحفظ أموال الغلامين؟ والجواب لأن أبوهما كان من أهل المعروف قال سعيد بن جبير رحمه الله عن والد الغلامين: إنه كان يؤدي الأمانات والودائع إلى أهلها، فحفظ الله تعالى كنزه حتى أدرك ولداه فاستخرجا كنزهما).



قال الله تعالى: ﴿ وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ ﴾ [الكهف: 82]. فحفظ الله للغلامين كنزهما الذي هو من متاع الدنيا الزائل لصلاح أبيهما.



قال ابن المنكدر: "إن الله ليحفظ بالرجل الصالح ولده وولد ولده وعترته وعشيرته والدويرات التي حوله، فما يزالون في حفظ من الله وستر، ومتى كان العبد مشتغلا بطاعة الله فإن الله يحفظه في تلك الحال".



وقال سعيد بن المسيب لأبنه: لأزيدن في صلاتي من أجلك رجاء أن أحفظ فيك، ثم تلا هذه الآية وكان أبوهما صالحا فهذا عبدالله بن مسعود عندما كان يصلي من الليل وابنه الصغير نائم ينظر إليه قائلاً: من أجلك يا بني! ويتلو وهو يبكي قوله تعالى: ﴿ وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا ﴾ [الكهف: 82].



فصاحب المعروف يحفظ نفسه وأهله وأولاده وعشيرته.



بل انظروا الى أم المؤمنين خديجة (رضي الله عنها) زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف استدلت بحسن الأفعال على حسن العواقب...فبعد أن نزل الوحي على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في غار حراء وقال له: اقرأ..عاد إليها يرجف فؤاده.. فقال: زملوني زملوني؛ فزملوه حتى ذهب عنه الروع، فقال لخديجة وأخبرها الخبر: لقد خشيت على نفسي، فقالت خديجة: كلا والله ما يخزيك الله أبدا إنك لتصل الرحم وتحملالكل وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق، لست أنت بالوجه الذي يرده الله، ولست أنت بالعبد الذي يتخلى عنه ربه، فأنت عبد أكرمت عباده، أشبعت جوعتهم، وأذهبت ظمأتهم، وكسوت عورتهم، ومسحت على رأس اليتيم، فكنت الأب، وعفوت عمن أساء إليك فكنت الأم:
وإذا رحمت فأنت أمٌّ أو أب
هذان في الدنيا هما الرحماء



لا يخزيك.. ولم ولن يخزيك الله أبدًا.. فأنعم بحياتك! "فوالله لا يخزيك الله أبدا"..



وقرأت فيما كتبة الشيخ علي الطنطاوي - رحمه الله تعالى - قصة امرأة كان لها ولد مسافر للدراسة وكانت امرأة فقيرة لكنها جوادة كريمة محبة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، فينما هي ذات يوم على عشائها الذي لا تملك غيره إذا بطارق يطرق عليها الباب ففتحته فإذا هو مسكين يسأل طعاماً. فقامت إلى عشائها فأعطته إياه. وذهب هو ليشبع وباتت هي وهي جائعة لكن محتسبة عند الله الأجر، ألم الجوع في بطنها لكن فرحة السعادة في قلبها أن سدت جوعة لمسلم.



مضت الأيام والليالي وقدم ابنها من سفره وأخذ يحدثها عن سفره فذكر لها من أعجب ما حدث له أن أسداً اعتدى عليه في إحدى الغابات حتى صار بين يديه فجاءه رجل عليه ثياب بيض فأنقذه.



فسأله: من أنت؟ قال: لقمة بلقمة !! فتعجبت ماذا يريد بهذا الكلام!

فسألته أمه متى حدث هذا الكلام، فأخبرها فإذا هو نفس اليوم الذي سدت به لقمة ذلك الجائع، لقمة الجائع أنقذت ولدها أن يكون لقمة لأسد مفترس.فيا سبحان الله صنائع المعروف تقي مصارع السوء.



واختم كلامي بقصة حدثنا عنها النبي (صلى الله عليه وسلم) هذه القصة تبين لنا ان المعروف والعمل الصالح الخالص لوجه الله تعالى هو سببا في نجاة صاحبه من الشدائد وان الحسنة البيضاء النقية الخالصة من الرياء تنفع صاحبها في المحنة السوداء.. اسمع إلى نبيك العظيم وهو يروي لنا هذه القصة الرائعة:

يقول (صلى الله عليه وسلم): (( انطَلَقَ ثَلاثَةُ نَفَرٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حَتَّى آوَاهُمُ المَبيتُ إِلى غَارٍ فَدَخلُوهُ، فانْحَدرَتْ صَخْرَةٌ مِنَ الجَبَلِ فَسَدَّتْ عَلَيْهِمُ الغَارَ، فَقالُوا: إِنَّهُ لاَ يُنْجِيكُمْ مِنْ هذِهِ الصَّخْرَةِ إِلاَّ أنْ تَدْعُوا اللهَ بصَالِحِ أعْمَالِكُمْ.



قَالَ رجلٌ مِنْهُمْ: اللَّهُمَّ كَانَ لِي أَبَوانِ شَيْخَانِ كبيرانِ، وكُنْتُ لا أغْبِقُ قَبْلَهُمَا أهْلاً ولاَ مالاً، فَنَأَى بِي طَلَب الشَّجَرِ يَوْماً فلم أَرِحْ عَلَيْهمَا حَتَّى نَامَا، فَحَلَبْتُ لَهُمَا غَبُوقَهُمَا فَوَجَدْتُهُما نَائِمَينِ، فَكَرِهْتُ أنْ أُوقِظَهُمَا وَأَنْ أغْبِقَ قَبْلَهُمَا أهْلاً أو مالاً، فَلَبَثْتُ - والْقَدَحُ عَلَى يَدِي - أنتَظِرُ اسْتِيقَاظَهُما حَتَّى بَرِقَ الفَجْرُ والصِّبْيَةُ يَتَضَاغَوْنَ عِنْدَ قَدَميَّ، فاسْتَيْقَظَا فَشَرِبا غَبُوقَهُما. اللَّهُمَّ إنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذلِكَ ابِتِغَاء وَجْهِكَ فَفَرِّجْ عَنّا مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ هذِهِ الصَّخْرَةِ، فانْفَرَجَتْ شَيْئاً لا يَسْتَطيعُونَ الخُروجَ مِنْهُ.



قَالَ الآخر: اللَّهُمَّ إنَّهُ كانَتْ لِيَ ابْنَةُ عَمّ، كَانَتْ أَحَبَّ النّاسِ إليَّ - وفي رواية: كُنْتُ أُحِبُّها كأَشَدِّ مَا يُحِبُّ الرِّجَالُ النساءَ - فأَرَدْتُهَا عَلَى نَفْسِهَا فامْتَنَعَتْ منِّي حَتَّى أَلَمَّتْ بها سَنَةٌ مِنَ السِّنِينَ فَجَاءتْنِي فَأَعْطَيْتُهَا عِشْرِينَ وَمئةَ دينَارٍ عَلَى أنْ تُخَلِّيَ بَيْني وَبَيْنَ نَفْسِهَا فَفعَلَتْ، حَتَّى إِذَا قَدَرْتُ عَلَيْهَا - وفي رواية: فَلَمَّا قَعَدْتُ بَينَ رِجْلَيْهَا، قالتْ: اتَّقِ اللهَ وَلاَ تَفُضَّ الخَاتَمَ إلاّ بِحَقِّهِ، فَانصَرَفْتُ عَنْهَا وَهيَ أَحَبُّ النَّاسِ إليَّ وَتَرَكْتُ الذَّهَبَ الَّذِي أعْطَيتُها. اللَّهُمَّ إنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذلِكَ ابْتِغاءَ وَجْهِكَ فافْرُجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فيهِ، فانْفَرَجَتِ الصَّخْرَةُ، غَيْرَ أَنَّهُمْ لا يَسْتَطِيعُونَ الخُرُوجَ مِنْهَا.



وَقَالَ الثَّالِثُ: اللَّهُمَّ اسْتَأْجَرْتُ أُجَرَاءَ وأَعْطَيْتُهُمْ أجْرَهُمْ غيرَ رَجُل واحدٍ تَرَكَ الَّذِي لَهُ وَذَهبَ، فَثمَّرْتُ أجْرَهُ حَتَّى كَثُرَتْ مِنهُ الأمْوَالُ، فَجَاءنِي بَعدَ حِينٍ، فَقالَ: يَا عبدَ اللهِ، أَدِّ إِلَيَّ أجْرِي، فَقُلْتُ: كُلُّ مَا تَرَى مِنْ أجْرِكَ: مِنَ الإبلِ وَالبَقَرِ والْغَنَمِ والرَّقيقِ، فقالَ: يَا عبدَ اللهِ، لاَ تَسْتَهْزِئ بي ! فَقُلْتُ: لاَ أسْتَهْزِئ بِكَ، فَأَخَذَهُ كُلَّهُ فاسْتَاقَهُ فَلَمْ يتْرُكْ مِنهُ شَيئاً. الَّلهُمَّ إنْ كُنتُ فَعَلْتُ ذلِكَ ابِتِغَاءَ وَجْهِكَ فافْرُجْ عَنَّا مَا نَحنُ فِيهِ، فانْفَرَجَتِ الصَّخْرَةُ فَخَرَجُوا يَمْشُونَ )) مُتَّفَقٌ عليهِ.



فلنحرص على صناعة المعروف صغيرًا أو كبيرًا حسب استطاعتنا.. المهم أن نلحق بركب صنَّاع المعروف، دونما تحقيرٍ لصغيرِ معروفٍ، فلربما كان الصغير عظيمًا عند الله تعالى.



اللهم اجعلنا من أهل المعروف، اللهم اجعلنا باذلين للخير صانعين له، اللهم اجعل قضاء حوائج الناس على أيدينا، اللهم من آتيته منا مالاً أو جاهًا أو منصبًا فاجعله في سبيلك، وعونًا على طاعتك، وطريقًا لبذل المعروف لعبادك وقضاء حوائجهم، وتفريج كرباتهم يا حي يا قيوم. اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات...


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
كيف الخلاص من مصارع السوء؟
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» ظن السوء (2) المنافقون وظن السوء
» مصارع الشبـــــــاب
» كتاب / مصارع الشهوات
» مصارع القوم ... من دلائل النبوة
» رفاق السوء

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اسلام ويب :: ۩✖ منتدي الاسلاميات العامه ۩✖ :: مقــــالات اســــلاميه :: خطب مقـــرؤه-
انتقل الى: