اسلام ويب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

من فقه الدعاء يقول سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "أنا لا أحمل همَّ الإجابة، وإنما أحمل همَّّ الدعاء، فإذا أُلهمت الدعاء كانت الإجابة معه". وهذا فهم عميق أصيل ، فليس كل دعاء مجابًا، فمن الناس من يدعو على الآخرين طالبًا إنزال الأذى بهم ؛ لأنهم ينافسونه في تجارة ، أو لأن رزقهم أوسع منه ، وكل دعاء من هذا القبيل ، مردود على صاحبه لأنه باطل وعدوان على الآخرين. والدعاء مخ العبادة ، وقمة الإيمان ، وسرّ المناجاة بين العبد وربه ، والدعاء سهم من سهام الله ، ودعاء السحر سهام القدر، فإذا انطلق من قلوب ناظرة إلى ربها ، راغبة فيما عنده ، لم يكن لها دون عرش الله مكان. جلس عمر بن الخطاب يومًا على كومة من الرمل ، بعد أن أجهده السعي والطواف على الرعية ، والنظر في مصالح المسلمين ، ثم اتجه إلى الله وقال: "اللهم قد كبرت سني ، ووهنت قوتي ، وفشت رعيتي ، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفتون ، واكتب لي الشهادة في سبيلك ، والموت في بلد رسولك". انظر إلى هذا الدعاء ، أي طلب من الدنيا طلبه عمر، وأي شهوة من شهوات الدنيا في هذا الدعاء ، إنها الهمم العالية ، والنفوس الكبيرة ، لا تتعلق أبدًا بشيء من عرض هذه الحياة ، وصعد هذا الدعاء من قلب رجل يسوس الشرق والغرب ، ويخطب وده الجميع ، حتى قال فيه القائل: يا من رأى عمرًا تكسوه بردته ** والزيت أدم له والكوخ مأواه يهتز كسرى على كرسيه فرقًا ** من بأسه وملوك الروم تخشاه ماذا يرجو عمر من الله في دعائه ؟ إنه يشكو إليه ضعف قوته ، وثقل الواجبات والأعباء ، ويدعو ربه أن يحفظه من الفتن ، والتقصير في حق الأمة ، ثم يتطلع إلى منزلة الشهادة في سبيله ، والموت في بلد رسوله ، فما أجمل هذه الغاية ، وما أعظم هذه العاطفة التي تمتلئ حبًا وحنينًا إلى رسول الله - صل الله عليهلم -: (أن يكون مثواه بجواره). يقول معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: "يا بن آدم أنت محتاج إلى نصيبك من الدنيا ، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج ، فإن بدأت بنصيبك من الآخرة ، مرّ بنصيبك من الدنيا فانتظمها انتظامًا ، وإن بدأت بنصيبك من الدنيا ، فائت نصيبك من الآخرة ، وأنت من الدنيا على خطر). وروى الترمذي بسنده عن النبي - صل الله عليهلم -: أنه قال: ((من أصبح والآخرة أكبر همه جمع الله له شمله ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن أصبح والدنيا أكبر همه فرَّق الله عليه ضيعته ، وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له)). وأخيرًا .. أرأيت كيف أُلهم عمر الدعاء وكانت الإجابة معه ، وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186)" (البقرة:186).


 

 الاختبارات بين طلاب الدنيا وطلاب الآخرة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة


avatar


نقــاط : 99975
الاختبارات بين طلاب الدنيا وطلاب الآخرة Oooo14
الاختبارات بين طلاب الدنيا وطلاب الآخرة User_o10

الاختبارات بين طلاب الدنيا وطلاب الآخرة Empty
مُساهمةموضوع: الاختبارات بين طلاب الدنيا وطلاب الآخرة   الاختبارات بين طلاب الدنيا وطلاب الآخرة Emptyالإثنين 29 أبريل 2013 - 5:19

الاختبارات بين طلاب الدنيا وطلاب الآخرة


أَمَّا بَعدُ:

فَأُوصِيكُم - أَيُّهَا النَّاسُ - وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنظُرْ نَفسٌ مَا قَدَّمَت لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بما تَعمَلُونَ. وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللهَ فَأَنسَاهُم أَنفُسَهُم أُولَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ ﴾.



أَيُّهَا المُسلِمُونَ:

قَبلَ سَنَوَاتٍ وَفي مِثلِ هَذِهِ الأَيَّامِ مِن كُلِّ عَامٍ، كَانَت حَالَةُ الطَّوارِئِ تُعلَنُ في كَثِيرٍ مِنَ البُيُوتِ، فَيُمنَعُ مِنهَا الخُرُوجُ وَتَقِلُّ إِلَيهَا الزِّيَارَةُ، وَتُستَنفَرُ فِيهَا الجُهُودُ وَتُستَفرَغُ الطَّاقَةُ، وَتَتَحَوَّلُ بَعدَ طُولِ خُمُولٍ وَتَهَاوُنٍ إِلى حِيَاةِ جِدٍّ وَاجتِهَادٍ وَانضِبَاطٍ، بَل قَد يَصِلُ الوَضعُ في بَعضِهَا إِلى قِمَّةِ التَّوَتُّرِ وَغَايَةِ القَلَقِ، وَكُلُّ ذَلِكَ مِن أَجلِ أَن يَتَفَرَّغَ الأَبنَاءُ لِلقِرَاءَةِ وَالاستِذكَارِ، فَيَستَعِيدُوا مَعلُومَاتِهِم وَيَضبِطُوهَا وَيُرَتِّبُوهَا، وَمِن ثَمَّ يَنجَحُونَ في الاختِبَارَاتِ وَيُحَصِّلُونَ أَعلَى الدَّرَجَاتِ.



وَأَمَّا في هَذِهِ السُّنَيَّاتِ المُتَأَخِّرَةِ، فَقَد خَفَّت هَذِهِ الظَّاهِرَةُ أَوِ اختَفَت، وَقَلَّ اهتِمَامُ الطُّلاَّبِ وَضَعُفَت مُتَابَعَةُ الأَولِيَاءِ لهم، حَتى لَتَكَادُ أَيَّامُ الاختِبَارَاتِ تَكُونُ مَرتَعًا خِصبًا لِعَبِيدِ الشَّهَوَاتِ وَصَرعَى الهَوَى وَالغَفَلاتِ، الَّذِينَ يَتَصَيَّدُونَ الشَّبَابَ لِيُوقِعُوا بهم في شِرَاكِهِم، وَمِن ثَمَّ يَهوُونَ بهم في حُفَرٍ سَحِيقَةٍ مِنَ الضَّيَاعِ، قَد يَطُولُ بهمُ الوَقتُ ولَمَّا يَخرُجُوا مِنهَا، إِمَّا في اعتِيَادِ سَهَرٍ وَإِضَاعَةِ صَلَوَاتٍ، أَو فِعلِ فَوَاحِشَ وَإِتيَانِ مُنكَرَاتٍ، أَو إِدمَانِ مُخَدِّرَاتٍ وَمُفَتِّرَاتٍ، أَو تَنَاوُلِ مُنَبِّهَاتٍ وَقِيَادَةٍ جُنُونِيَّةٍ لِلسَّيَارَاتِ. وَكُلُّهَا أُمُورٌ خَطِيرَةٌ وَمَصَائِبٌ كَبِيرَةٌ، تُحَتِّمُ عَلَى الجَمِيعِ آبَاءً وَمُعَلِّمِينَ وَرِجَالَ أَمنٍ وَمَسؤُولِينَ، أَن يَتَحَمَّلُوا المَسؤُولِيَّةَ وَيَرعَوُا الأَمَانَةَ، فَيَبذُلُوا مَزِيدًا مِنَ الاهتِمَامِ وَيُكَثِّفُوا المُتَابَعَةَ، وَيَتَعَاوَنُوا عَلَى حِفظِ هَؤُلاءِ الطُّلاَّبِ وَيُرَاقِبُوهُم، في بُيُوتِهِم وَمَدَارِسِهِم، وَفي شَوَارِعِهِم وَطُرُقَاتِهِم، وَعِندَ ذَهَابِهِم وَإِيَابِهِم، لِئَلاَّ تَكُونَ هَذِهِ الأَيَّامُ بِدَايَةَ انحِرَافٍ تَتَّسِعُ بِهِ الفَجوَةُ بَينَهُم وَبَينَ الخَيرِ وَأَهلِهِ، وَيَدُومُ شَرُّهَا في مُقتَبَلِ أَعمَارِهِم عَلَيهِم وَعَلى أَهلِيهِم وَبِلادِهِم.



أَيُّهَا المُسلِمُونَ:

إِنَّهُ لَيسَ مِنَ الصَّوَابِ أَن يَتَوَالى مِنَ الآبَاءِ وَالمُعَلِّمِينَ التَّرهِيبُ مِنَ الامتِحَانَاتِ وَجَعلُهَا شَبَحًا يُورِثُ الطُّلاَّبَ خَوفًا وَقَلَقًا , وَلَكِنَّ الوَاجِبَ أَن يَحُثُّوهُم عَلَى بَذلِ الوُسعِ وَالاجتِهَادِ قَدرَ الاستِطَاعَةِ، وَالاستِعدَادِ لِلامتِحَانَاتِ دُونَ مُبَالَغَةٍ وَلا تَهوِيلٍ، وَأَن يُعَمَّقَ في نُفُوسِهِم قَبلَ ذَلِكَ وَبَعدَهُ الإِيمَانُ بِاللهِ رَبِّهِم، وَيُعَوَّدُوا التَّوَكُّلَ عَلَى مَولاهُم وَتَفوِيضَ الأُمُورِ إِلَيهِ وَالاعتِمَادَ عَلَيهِ، وَسُؤَالَهُ - تَعَالى - التَّوفِيقَ وَالنَّجَاحَ وَالسَّدَادَ، فَإِنَّهُ وَحدَهُ الَّذِي بِيَدِهِ مَقَالِيدُ الأُمُورِ وَمَفَاتِيحُهَا، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ مَا يَفتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِن رَحمَةٍ فَلاَ مُمسِكَ لَهَا وَمَا يُمسِكْ فَلاَ مُرسِلَ لَهُ مِن بَعدِهِ وَهُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ ﴾ وَإِنَّ ممَّا يَجِبُ أن يُرَبَّى عَلَيهِ الطُّلاَّبُ بَل وَالأُمَّةُ جَمِيعًا، أَنَّهُم متى اتَّقَوُا اللهَ - تَعَالى - وَجَعَلُوا هَمَّهُمُ النَّجَاحَ في الآخِرَةِ وَالفَوزَ بِرِضَا رَبِّهِم، فَاجتَهَدُوا لِذَلِكَ وَتَمَسَّكُوا بِدِينِهِم وَاستَقَامُوا، وَحَافَظُوا عَلَى الطَّاعَاتِ وَاستَغرَقُوا في العِبَادَاتِ، وَعَمِلُوا بما تَعَلَّمُوا وَطَبَّقُوهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ سَيُورِثُهُم بَرَكَةً في الأَوقَاتِ وَالأَعمَارِ، وَفَتحًا في العُلُومِ وَالفُهُومِ، وَتَيسِيرًا لِكُلِّ عَسِيرٍ وَتَنفِيسًا لِلكُرُوبِ، وَأَمَّا إِن هُم جَعَلُوا الدُّنيا هَمًّا لهم وَغَايَةً وَرَأسَ مَالٍ، فَلَم يَنظُرُوا إِلاَّ إِلى النَّجَاحِ في امتِحَانَاتِهَا، وَلم يَهتَمُّوا إِلاَّ بِتَحصِيلِ شَهَوَاتِهَا، وَلم يَتَمَدَّحُوا إِلاَّ بِالتَّفَوُّقِ فِيهَا، فَمَا أَبعَدَهُم حِينَئِذٍ عَنِ التَّوفِيقِ وَالتَّسدِيدِ! وَمَا أَحرَاهُم أَن يُوكَلُوا إِلى جُهُودِهِم! وَكَفَى بِذَلِكَ ضَيَاعًا وَخَسَارَةً، في الحَدِيثِ عَن أَبي هُرَيرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - : " إِنَّ اللهَ - تَعَالى - يَقُولُ : يَا ابنَ آدَمَ، تَفَرَّغْ لِعِبَادَتي أَملأْ صَدرَكَ غِنًى وَأَسُدَّ فَقرَكَ، وَإِنْ لا تَفعَلْ مَلأتُ يَدَيكَ شُغلاً ولم أَسُدَّ فَقرَكَ " رَوَاهُ أَحمَدُ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - : " مَن كَانَتِ الدُّنيَا هَمَّهُ، فَرَّقَ اللهُ عَلَيهِ أَمرَهُ، وَجَعَلَ فَقرَهُ بَينَ عَينَيهِ، وَلم يَأتِهِ مِنَ الدُّنيَا إِلاَّ مَا كُتِبَ لَهُ، وَمَن كَانَتِ الآخِرَةُ نَيِّتَهُ، جَمَعَ اللهُ لَهُ أَمرَهُ، وَجَعَلَ غِنَاهُ في قَلبِهِ، وَأَتَتهُ الدُّنيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ " رَوَاهُ ابنُ مَاجَه وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. لَقَد خَلَقَ اللهُ - تَعَالى - الإِنسَانَ لِعِبَادَتِهِ وَإِقَامَةِ شَرعِهِ وَدِينِهِ، قَالَ - سُبحَانَهُ - : ﴿ وَمَا خَلَقتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعبُدُونِ. مَا أُرِيدُ مِنهُم مِن رِزقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطعِمُونِ. إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو القُوَّةِ المَتِينُ ﴾.



فَإِذَا عَرَفَ المُؤمِنُ الهَدَفَ مِن خَلقِهِ وَإِيجَادِهِ، عَمِلَ بِهِ وَلَهُ، وَاستَعَدَّ لِلِقَاءِ رَبِّهِ، وَأَعَدَّ العُدَّةَ لِلامتِحَانِ الحَقِيقِيِّ الَّذِي هُوَ مُقبِلٌ عَلَيهِ في قَبرِهِ وَيَومَ حَشرِهِ، فَفِي الحَدِيثِ الطَّوِيلِ أَنَّ العَبدَ المُؤمِنَ إِذَا وُضِعَ في قَبرِهِ " يَأتِيهِ مَلَكَانِ فَيُجلِسَانِهِ فَيَقُولانِ لَهُ : مَن رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ : رَبِّيَ اللهُ. فَيَقُولانِ لَهُ : مَا دِينُكَ؟ فَيَقُولُ : دِينيَ الإِسلامُ. فَيَقُولانِ لَهُ : مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُم؟ فَيَقُولُ : هُوَ رَسُولُ اللهِ. فَيَقُولانِ لَهُ : وَمَا عِلمُكَ؟ فَيَقُولُ : قَرَأتُ كِتَابَ اللهِ فَآمَنتُ بِهِ وَصَدَّقتُ، فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ : أَنْ صَدَقَ عَبدِي فَأَفرِشُوهُ مِنَ الجَنَّةِ وَأَلبِسُوهُ مِنَ الجَنَّةِ وَافتَحُوا لَهُ بَابًا إِلى الجَنَّةِ، فَيَأتِيهِ مِن رَوحِهَا وَطِيبِهَا، وَيُفسَحُ لَهُ في قَبرِهِ مَدَّ بَصَرِهِ، وَيَأتِيهِ رَجُلٌ حَسَنُ الوَجهِ حَسَنُ الثِّيَابِ طَيِّبُ الرِّيحِ فَيَقُولُ : أَبشِرْ بِالَّذِي يَسُرُّكَ، هَذَا يَومُكَ الَّذِي كُنتَ تُوعَدُ. فَيَقُولُ لَهُ : مَن أَنتَ، فَوَجهُكَ الوَجهُ يَجِيءُ بِالخَيرِ؟ فَيَقُولُ : أَنَا عَمَلُكَ الصَّالحُ. فَيَقُولُ : رَبِّ أَقِمِ السَّاعَةَ، رَبِّ أَقِمِ السَّاعَةَ " وَأَمَّا الكَافِرُ فَ-" يَأتِيهِ مَلَكَانِ فَيُجلِسَانِهِ فَيَقُولانِ لَهُ : مَن رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ : هَاه هَاه لا أَدرِي. فَيَقُولانِ لَهُ : مَا دِينُكَ؟ فَيَقُولُ : هَاه هَاه لا أَدرِي. فَيَقُولانِ لَهُ : مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُم؟ فَيَقُولُ : هَاه هَاه لا أَدرِي. فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ : أَنْ كَذَبَ عَبدِي فَأَفرِشُوهُ مِنَ النَّارِ، وَافتَحُوا لَهُ بَابًا إِلى النَّارِ، فَيَأتِيهِ مِن حَرِّهَا وَسَمُومِهَا، وَيُضَيَّقُ عَلَيهِ قَبرُهُ حَتى تَختَلِفَ أَضلاعُهُ، وَيَأتِيهِ رَجُلٌ قَبِيحُ الوَجهِ قَبِيحُ الثِّيَابِ مُنتِنُ الرِّيحِ، فَيَقُولُ : أَبشِرْ بَالَّذِي يَسُوؤُكَ، هَذَا يَومُكَ الَّذِي كُنتَ تُوعَدُ، فَيَقُولُ : مَن أَنتَ، فَوَجهُكَ الوَجهُ يَجِيءُ بِالشَّرِّ؟ فَيَقُولُ : أَنَا عَمَلُكَ الخَبِيثُ، فَيَقُولُ : رَبِّ لا تُقِمِ السَّاعَةَ " رَوَاهُ أَحمَدُ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.



وَعِندَ التِّرمِذِيِّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ : " لا تَزُولُ قَدَمَا عَبدٍ حَتى يُسأَلَ عَن أَربَعٍ : عَن عُمُرِهِ فِيمَ أَفنَاهُ؟ وَعَن عِلمِهِ مَا فَعَلَ فِيهِ؟ وَعَن مَالِهِ مِن أَينَ اكتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنفَقَهُ؟ وَعَن جِسمِهِ فِيمَ أَبلاهُ ".



فَاتَّقُوا اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَحَذَارِ مِن أَن يَملأَ أَحَدُكُم قَلبَهُ بِالدُّنيَا أَو يُكثِرَ فِيهَا التَّمَنِّي، أَو يَزدَادَ حِرصُهُ عَلَيهَا عَلَى حِسَابِ آخِرَتِهِ " يَا قَومِ إِنَّمَا هَذِهِ الحَيَاةُ الدُّنيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الآخِرَةَ هِيَ دَارُ القَرَارِ. مَن عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجزَى إِلاَّ مِثلَهَا وَمَن عَمِلَ صَالِحًا مِن ذَكَرٍ أَو أُنثَى وَهُوَ مُؤمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدخُلُونَ الجَنَّةَ يُرزَقُونَ فِيهَا بِغَيرِ حِسَابٍ ".




الخطبة الثانية


أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ.



أَيُّهَا المُسلِمُونَ:

مِن بَرَكَةِ العِلمِ النَّافِعِ، أَنَّهُ لا يَنتَهِي بِامتِحَانٍ يُفَرِّغُ فِيهِ الطَّالِبُ قَلِيلاً مِنَ المَعلُومَاتِ عَلَى وَرَقَاتٍ، ثم يَنسَاهُ أَو يَتَنَاسَاهُ وَيَنطَلِقُ في دُنيَاهُ، مِن غَيرِ أَن يَكُونَ لَهُ عَلَيهِ أَثَرٌ حَسَنٌ في سُلُوكِهِ وَأَخلاقِهِ، وَفي تَعَامُلِهِ وَأَخذِهِ وَعَطَائِهِ.



إِنَّ العِلمَ النَّافِعَ لا يُشبَعُ مِنهُ، بَل كُلَّمَا ازدَادَ صَاحِبُهُ لَهُ أَخذًا، عَلِمَ أَنَّهُ لم يَنَلْ مِنهُ شَيئًا، وَوَجَدَ أَنَّهُ لم يُؤتَ مِنهُ إِلاَّ قَلِيلاً، قَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - : " مَنهُومَانِ لا يَشبَعَانِ : طَالِبُ عِلمٍ، وَطَالِبُ دُنيَا " رَوَاهُ البَزَّارُ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.



وَإِنَّ مَا نَرَاهُ اليَومَ بَعدَ خُرُوجِ الطُّلاَّبِ مِن قَاعَاتِ الامتِحَانِ، مِن إِلقَاءِ الكُتُبِ في الشَّوَارِعِ تَدُوسُهَا الأَقدَامُ، وَيُهَانُ مَا فِيهَا مِن عِلمٍ وَأَعظَمُهُ اسمُ اللهِ وَآيَاتُ كِتَابِهِ وَأَقوَالُ نَبِيِّهِ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -، إِنَّهُ لَمُؤَشِّرٌ عَلَى أَنَّ طُلاَّبَنَا يَعِيشُونَ جَهلاً ذَرِيعًا وَسُوءَ فَهمٍ بَالِغًا، إِنَّهَا أَزمَةٌ يَقَعُ فِيهَا الكِبَارُ مِنَّا قَبلَ الصِّغَارِ، وَقَد تَبدُو عَلَى المُعلِمِينَ قَبلَ الطُّلاَّبِ، وَمِن ثَمَّ فَلا عَجَبَ أَن يُستَهَانَ بِالعِلمِ وَأَوعِيَتِهِ، إِنَّهَا عَدَمُ إِتبَاعِ العِلمِ بِالعَمَلِ، وَعَدَمُ إِثبَاتِ الأَقوَالِ بِالأَفعَالِ، وَطَلَبُ العِلمِ مِن أَجلِ الدَّرَجَاتِ وَالشَّهَادَاتِ، وَجَعلُهُ سُلَّمًا لِلوُصُولِ إلى المَنَاصِبِ وَالوَظَائِفِ، وَذَلِكَ في حَقِيقَتِهِ نَوعٌ مِنَ المَقتِ لِلنُّفُوسِ وَالبُعدِ عَنِ اللهِ وَقِلَّةِ البَرَكَةِ، قَالَ - سُبحَانَهُ - : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفعَلُونَ. كَبُرَ مَقتًا عِندَ اللهِ أَن تَقُولُوا مَا لا تَفعَلُونَ ﴾.



أَلا فَرَحِمَ اللهُ امرَأً تَعَلَّمَ لِيَعمَلَ، وَتَفَقَّهَ لِيُطَبِّقَ، وَأَخَذَ القُرآنَ لِيَتَخَلَّقَ بِهِ، فَعَن سَعدِ بْنِ هِشَامٍ قُلْتُ : يَا أُمَّ المُؤمِنِينَ، أَنبِئِيني عَن خُلُقِ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قَالَت : أَلَستَ تَقرَأُ القُرآنَ؟ قُلتُ : بَلَى. قَالَت : فَإِنَّ خُلُقَ نَبيِّ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - كَانَ القُرآنَ... " رَوَاهُ مُسلِمٌ.



وَكَانَ مِن دُعَائِهِ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " اللَّهُمَّ إِني أَعُوذُ بِكَ مِن عِلمٍ لا يَنفَعُ، وَمِن قَلبٍ لا يَخشَعُ، وَمِن نَفسٍ لا تَشبَعُ، وَمِن دَعوَةٍ لا يُستَجَابُ لها " رَوَاهُ مُسلِمٌ وَغَيرُهُ، وَعِندَ ابنِ مَاجَه وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.



" سَلُوا اللهَ عِلمًا نَافِعًا، وَتَعَوَّذُوا بَاللهِ مِن عِلمٍ لا يَنفَعُ " وَرَحِمَ اللهُ القَائِلَ :

وَلم أَقضِ حَقَّ العِلمِ إِنْ كَانَ كُلَّمَا

بَدَا طَمَعٌ صَيَّرتُهُ لِيَ سُلَّمَا

أَأَشقَى بِهِ غَرسًا وَأَجنِيهِ ذِلَّةً

إِذًا فَاتِّبَاعُ الجَهلِ قَد كَانَ أَحزَمَا

وَلَو أَنَّ أَهلَ العِلمِ صَانُوهُ صَانَهُم

وَلَو عَظَّمُوهُ في النُّفُوسِ لَعُظِّمَا

وَلَكِنْ أَهَانُوهُ فَهَانُوا وَدَنَّسُوا

مُحَيَّاهُ بِالأَطمَاعِ حَتى تَجَهَّمَا


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الاختبارات بين طلاب الدنيا وطلاب الآخرة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الدنيا ضرة الآخرة
»  يا من عمرت الدنيا وخربت الآخرة
»  حرث الدنيا وحرث الآخرة
» الدنيا مزرعة الآخرة
» حديث (الدنيا مزرعة الآخرة)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اسلام ويب :: ۩✖ منتدي الاسلاميات العامه ۩✖ :: مقــــالات اســــلاميه :: خطب مقـــرؤه-
انتقل الى: