اسلام ويب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

من فقه الدعاء يقول سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "أنا لا أحمل همَّ الإجابة، وإنما أحمل همَّّ الدعاء، فإذا أُلهمت الدعاء كانت الإجابة معه". وهذا فهم عميق أصيل ، فليس كل دعاء مجابًا، فمن الناس من يدعو على الآخرين طالبًا إنزال الأذى بهم ؛ لأنهم ينافسونه في تجارة ، أو لأن رزقهم أوسع منه ، وكل دعاء من هذا القبيل ، مردود على صاحبه لأنه باطل وعدوان على الآخرين. والدعاء مخ العبادة ، وقمة الإيمان ، وسرّ المناجاة بين العبد وربه ، والدعاء سهم من سهام الله ، ودعاء السحر سهام القدر، فإذا انطلق من قلوب ناظرة إلى ربها ، راغبة فيما عنده ، لم يكن لها دون عرش الله مكان. جلس عمر بن الخطاب يومًا على كومة من الرمل ، بعد أن أجهده السعي والطواف على الرعية ، والنظر في مصالح المسلمين ، ثم اتجه إلى الله وقال: "اللهم قد كبرت سني ، ووهنت قوتي ، وفشت رعيتي ، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفتون ، واكتب لي الشهادة في سبيلك ، والموت في بلد رسولك". انظر إلى هذا الدعاء ، أي طلب من الدنيا طلبه عمر، وأي شهوة من شهوات الدنيا في هذا الدعاء ، إنها الهمم العالية ، والنفوس الكبيرة ، لا تتعلق أبدًا بشيء من عرض هذه الحياة ، وصعد هذا الدعاء من قلب رجل يسوس الشرق والغرب ، ويخطب وده الجميع ، حتى قال فيه القائل: يا من رأى عمرًا تكسوه بردته ** والزيت أدم له والكوخ مأواه يهتز كسرى على كرسيه فرقًا ** من بأسه وملوك الروم تخشاه ماذا يرجو عمر من الله في دعائه ؟ إنه يشكو إليه ضعف قوته ، وثقل الواجبات والأعباء ، ويدعو ربه أن يحفظه من الفتن ، والتقصير في حق الأمة ، ثم يتطلع إلى منزلة الشهادة في سبيله ، والموت في بلد رسوله ، فما أجمل هذه الغاية ، وما أعظم هذه العاطفة التي تمتلئ حبًا وحنينًا إلى رسول الله - صل الله عليهلم -: (أن يكون مثواه بجواره). يقول معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: "يا بن آدم أنت محتاج إلى نصيبك من الدنيا ، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج ، فإن بدأت بنصيبك من الآخرة ، مرّ بنصيبك من الدنيا فانتظمها انتظامًا ، وإن بدأت بنصيبك من الدنيا ، فائت نصيبك من الآخرة ، وأنت من الدنيا على خطر). وروى الترمذي بسنده عن النبي - صل الله عليهلم -: أنه قال: ((من أصبح والآخرة أكبر همه جمع الله له شمله ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن أصبح والدنيا أكبر همه فرَّق الله عليه ضيعته ، وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له)). وأخيرًا .. أرأيت كيف أُلهم عمر الدعاء وكانت الإجابة معه ، وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186)" (البقرة:186).


 

 تصريف الرياح وهدي النبي صلى الله عليه وسلم

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة


avatar


نقــاط : 100165
تصريف الرياح وهدي النبي صلى الله عليه وسلم Oooo14
تصريف الرياح وهدي النبي صلى الله عليه وسلم User_o10

تصريف الرياح وهدي النبي صلى الله عليه وسلم Empty
مُساهمةموضوع: تصريف الرياح وهدي النبي صلى الله عليه وسلم   تصريف الرياح وهدي النبي صلى الله عليه وسلم Emptyالأربعاء 24 أبريل 2013 - 19:57

تصريف الرياح وهدي النبي صلى الله عليه وسلم


إخوة الإسلام والإيمان:

يقول الله تعالى: ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾ [البقرة: 164] ويقول جل ذكره: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [الروم: 46] ويقول عز وجل: ﴿ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آَيَاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾ [الجاثية: 5].



لقد مرت بنا الأيام الماضية رياح صرَّفها الله بقدرته، وأجراها بقدَرِه وحكمته، وقد يتأذى بعض الناس بهذه الرياح ولكن فيها من الآيات الباهرة، والحجج العظيمة، والدلائل الدالة على عبادة الله وتوحيده، فهُبُوبُ الرِّيحِ وَرُكُودُهَا آيَةٌ، وَاخْتِلَافُ مَهَابِّهَا آيَةٌ، فَلَوْلَا الصَّانِعُ الْحَكِيمُ الَّذِي أَوْدَعَ أَسْرَارَ الْكَائِنَاتِ لَمَا هَبَّتِ الرِّيحُ أَوْ لَمَا رَكَدَتْ، وَلَمَا اخْتَلَفَتْ مَهَابُّهَا بَلْ دَامَتْ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ وَهَذَا مَوْضِعُ الْعبْرَة، وفي آيتي البقرة والجاثية ﴿ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ ﴾ قَدِ اخْتِيرَ التَّعْبِيرُ بِلَفْظِ التَّصْرِيفِ هُنَا دُونَ لَفْظِ التَّبْدِيلِ أَوِ الِاخْتِلَافِ لِأَنَّهُ اللَّفْظُ الَّذِي يَصْلُحُ مَعْنَاهُ لِحِكَايَةِ مَا فِي نفس الْأَمْرِ مِنْ حَالِ الرِّيَاحِ؛ لِأَنَّ التَّصْرِيفَ تَفْعِيلٌ مِنَ الصَّرْفِ لِلْمُبَالَغَةِ ومعلوم أَنَّ مَنْشَأَ الرِّيحِ هُوَ صَرْفُ بَعْضِ الْهَوَاءِ إِلَى مَكَانٍ وَصَرْفُ غَيْرِهِ إِلَى مَكَانِهِ الَّذِي كَانَ فِيهِ، فَيَجُوزُ أَنْ تُقَدِّرَ: وَتَصْرِيفِ اللَّهِ تَعَالَى الرِّيَاحَ.



وَمِنْ فَوَائِدِ الرِّيَاحِ الْإِعَانَةُ عَلَى تَكْوِينِ السَّحَابِ وَنَقْلِهِ مِنْ مَوْضِعٍ إِلَى مَوْضِعٍ وَتَنْقِيَةِ الْكُرَةِ الْهَوَائِيَّةِ مِمَّا يَحِلُّ بِهَا مِنَ الْجَرَاثِيمِ الْمُضِرَّةِ، وَهَذَانِ الْأَمْرَانِ مَوْضِعُ عِبْرَةٍ وَنِعْمَةٍ لِأَهْلِ الْعِلْمِ.



فَلَوْلَا الرِّيَاحُ تُسَخِّرُهُ مِنْ مَوْضِعٍ إِلَى مَوْضِعٍ لَكَانَ الْمَطَرُ لَا يَنْزِلُ إِلَّا فِي الْبِحَارِ، وَمَوْضِعُ الْمِنَّةِ فِي هَذَا فِي تَكْوِينِهِ حَتَّى يَحْمِلَ الْمَاءَ لِيُحْيِيَ الْأَرْضَ، وَفِي تَسْخِيرِهِ لِيَنْتَقِلَ، وَفِي كَوْنِهِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ فَهُوَ مُسَخَّرٌ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، حَتَّى يَتَكَامَلَ مَا فِي الْجَوِّ مِنَ الْمَاءِ فَيَثْقُلُ السَّحَابُ فَيَنْزِلُ مَاءٌ إِذَا لَمْ تَبْقَ فِي الْهَوَاءِ مَقْدِرَةٌ عَلَى حَمْلِهِ قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ ﴾ [الرعد: 12].



يقول العلامة السعدي -رحمه الله - في تفسيره: (في ﴿ تَصْرِيفِ الرِّيَاحِ ﴾ باردة وحارة، وجنوباً وشمالاً، وشرقاً ودبوراً وبين ذلك، وتارة تثير السحاب، وتارة تؤلف بينه، وتارة تلقحه، وتارة تُدرُّه، وتارة تمزقه وتزيل ضرره، وتارة تكون رحمة، وتارة ترسل بالعذاب.



فمَن الذي صرّفها هذا التصريف، وأودع فيها من منافع العباد، ما لا يستغنون عنه؟ وسخرها ليعيش فيها جميع الحيوانات، وتصلح الأبدان والأشجار، والحبوب والنوابت، إلا العزيزُ الحكيمُ الرحيم، اللطيفُ بعباده، المستحق لكل ذل وخضوع، ومحبة وإنابة وعبادة؟.



وفي تسخير السحاب بين السماء والأرض على خفته ولطافته يحمل الماء الكثير، فيسوقه الله إلى حيث شاء، فيحيي به البلاد والعباد، ويروي التلول والوهاد، وينزله على الخلق وقت حاجتهم إليه، فإذا كان يضرهم كثرته، أمسكه عنهم، فينزله رحمة ولطفاً، ويصرفه عناية وعطفاً، فما أعظمَ سلطانَه، وأغزرَ إحسانَه، وألطفَ امتنانه، أليس من القبيح بالعباد، أن يتمتعوا برزقه، ويعيشوا ببره وهم يستعينون بذلك على مساخطه ومعاصيه؟ أليس ذلك دليلاً على حلمه وصبره، وعفوه وصفحه، وعميم لطفه؟ فله الحمدُ أولاً وآخراً، وباطناً وظاهراً.



والحاصل، أنه كلما تدبر العاقل في هذه المخلوقات، وتغلغل فكره في بدائع المبتدعات، وازداد تأمله للصنعة وما أودع فيها من لطائف البر والحكمة، علم بذلك: أنها خلقت للحق وبالحق، وأنها صحائفُ آيات، وكتبُ دلالات، على ما أخبر به الله عن نفسه ووحدانيته، وما أخبرت به الرسل من اليوم الآخر، وأنها مسخرات، ليس لها تدبير ولا استعصاء على مدبرها ومصرفها.



فتعرفُ أن العالم العلوي والسفلي كلهم إليه مفتقرون، وإليه صامدون، وأنه الغني بالذات عن جميع المخلوقات، فلا إله إلا الله، ولا رب سواه).



فهذه الرياح تارة تأتي بالرحمة، وتارة تأتي بالعذاب، تارة تأتي مبشرة بين يدي السحاب، وتارة تسوقه، وتارة تجمعه، وتارة تفرقه، وتارة تصرفه، ثم تارة تأتي من الجنوب وهي الشامية، وتارة تأتي من ناحية اليمن وتارة صبا، وهي الشرقية التي تصدم وجه الكعبة، وتارة دبور وهي غربية تفد من ناحية دبر الكعبة، فالرياح تسمى كلها بحسب مرورها على الكعبة.



ويقول العلامة محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله -: (ولو أن الخلقَ اجتمعوا كلهم على أن يصرفوا الريح عن جهتها التي جعلها الله عليها ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً، ولو اجتمعت جميعُ المكائنِ العالميةِ النفاثةِ لتوجدَ هذه الريح الشديدةَ ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً، ولكن الله عز وجل بقدرته يصرفها كيف يشاء وعلى ما يريد).



معشر المؤمنين:

إن حياةَ ما على الأرضِ من نباتٍ وحيوانٍ بالرياح؛ فإنه لولا تسخيرُ الله لها لعبادِه لذوى النبات، ومات الحيوان، وفسدتِ المطاعم، وأنتن العالَم وفسد، فسبحان من جعل هبوبَ الرياح تأتي بروحه ورحمته ولطفه ونعمته، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الريح من رَوْحِ الله تأتي بالرحمة، وتأتي بالعذاب، فلا تَسُبُّوها وسلوا الله خيرها واستعيذوا من شرِّها) رواه الحاكم و ابن حبان وصححه الألباني.



الرياح تلقحُ الشجرَ والنبات، وتسيِّر السفن، ومن منافعِها أنها تُبرِّد الماء، وتُضرمُ النارَ التي يُراد إضرامها، وتجفِّفُ الأشياءَ التي يحتاج إلى جفافها، وهو الحاملُ لهذه الروائحِ على اختلافها ينقلُها من موضعٍ إلى موضع، فتأتي العبدُ الرائحةُ من حيث تهُبُّ الريح، وهو أيضًا الحاملُ للحر والبرد اللذَينِ بهما صلاحُ الحيوان والنبات.



وتأملوا الحكمةَ البالغةَ في كونِ الريح في البحر تأتي من وجهٍ واحدٍ لا يعارضها شيء؛ فإنَّ السفينة لا تسير إلا بريحٍ واحدة، من وجهٍ واحد لسيرها، فإذا اختلفت عليها الرياحُ وتصادمت وتقابلت فهو سببُ الهلاك، فالمقصودُ بها في البحر غيرُ المقصود بها في البر؛ في البر جعل لها ريحًا أخرى تقابلُها وتكسرُ سَورتَها وحدّتَها فيبقى لينها ورحمتها، فرياحُ الرحمة متعددة، وأما ريحُ العذاب فإنها ريح واحدة ترسلُ من وجهٍ واحد لإِهلاك ما ترسلُ بإهلاكه، فلا تقوم لها ريحٌ أخرى تقابلها وتكسر سورتها وتدفع حدتها.



وجعل - سبحانه - الريحَ للسفن بقدَرٍ لو زاد عليها لأغرقها، ولو نقص عنه أعاقها.



والرياح تحمل الصوت عند اصطكاكِ الأجرامِ وتؤديه إلى مسامع الناس، فينتفعون به في حوائجهم ومعاملاتهم بالليل والنهار، كالبريد والرسول الذي من شأنه حملُ الأخبار، وتَحْدُثُ الحركاتُ العظيمة من حركاتهم فلو كان أثرُ هذه الحركاتِ والأصوات يبقى في الهواء كما يبقى الكتابُ والقرطاس لامتلأ العالم منه، ولعظُم الضرر به واشتدت مؤنته، واحتاج الناس إلى محوه من الهواء، والاستبدال به أعظم من حاجتهم إلى استبدال الكتاب المملوءِ كتابة، فاقتضت حكمةُ العزيز الحكيم أن جعل هذا الهواء.



وصدق ربنا تبارك وتعالى إذ يقول: ﴿ أَمْ مَنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾[النمل: 63].



بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم...


الخطبة الثانية

• الحمد لله الذي أرسل الرياح بقدرته، وسخرها للناس بفضله ورحمته، نحمدُه تعالى على أن جعلها للناس عذاباً ولآخرين بشارة، والصلاة والسلام على نبي الرحمة، أعلمُ الناس بربه، وأشدُهم تعظيماً وتسبيحاً واعترافاً بمنته، وعلى آله وأصحابه وعترته.



وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، ومن اتبعهم إلى يوم لقاه، وسلم تسليماً كثيراً.



أما بعد:

عباد الله:

أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل.



عرفنا أن الرياح يصرفها الله تعالى، ويسخرها لعذابه أو رحمته، وقد كان لنبيكم صلى الله عليه وسلم هدياً للتعامل مع الريح، من ذلك:

أنه نهى عن سب الريح، لكونها تهب عن إيجاد الله لها وأمره إياها، فلا تأثير لها إلا بأمر الله، ففي الحديث عن أبيِّ بن كعب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لَا تَسُبُّوا الرِّيحَ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ مَا تَكْرَهُونَ فَقُولُوا: اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ هَذِهِ الرِّيحِ وَخَيْرِ مَا فِيهَا وَخَيْرِ مَا أُمِرَتْ بِهِ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ هَذِهِ الرِّيحِ، وَشَرِّ مَا فِيهَا وَشَرِّ مَا أُمِرَتْ بِهِ" رواه الترمذي والنسائي وأحمد وصححه الألباني، فشرع الله لعباده أن يسألوه ما ينفعهم، ويستعيذوا به من شر ما يضرهم، ففيه عبودية الله وحده، والطاعة له، والإِيمان به، واستدفاع الشرور به، والتعرض لفضله ونعمته، وهذه حال أهل التوحيد.



وروى أبوداود والترمذي عن ابن عباس أَنَّ رَجُلًا لَعَنَ الرِّيحَ وَقَالَ مُسْلِمٌ - أحد رواة الحديث -إِنَّ رَجُلًا نَازَعَتْهُ الرِّيحُ رِدَاءَهُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَعَنَهَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَلْعَنْهَا فَإِنَّهَا مَأْمُورَةٌ وَإِنَّهُ مَنْ لَعَنَ شَيْئًا لَيْسَ لَهُ بِأَهْلٍ رَجَعَتْ اللَّعْنَةُ عَلَيْه".



أي: لا تشتموها ولا تلعنوها للحوق ضررٍ منها، فإنها خلقٌ من خلقِ الله مقهورٌ مدبر، وإنما تهب بمشيئة الله وقدرته، فلا يجوز سبُّها فيرجعُ السبُّ إلى من خلَقها وسخرها.



• وكان عليه الصلاة والسلام إذا هبت الرياح عُرِفَ ذَلِكَ فِي وَجْهِه فعن عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالت: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ يَوْمُ الرِّيحِ وَالْغَيْمِ عُرِفَ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ وَأَقْبَلَ وَأَدْبَرَ فَإِذَا مَطَرَتْ سُرَّ بِهِ وَذَهَبَ عَنْهُ ذَلِكَ قَالَتْ عَائِشَةُ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ: (إِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ عَذَابًا سُلِّطَ عَلَى أُمَّتِي وَيَقُولُ إِذَا رَأَى الْمَطَرَ رَحْمَةٌ) رواه مسلم، وفي رواية في مسلم أيضاً قَالَتْ: وَإِذَا تَخَيَّلَتْ السَّمَاءُ تَغَيَّرَ لَوْنُهُ وَخَرَجَ وَدَخَلَ وَأَقْبَلَ وَأَدْبَرَ فَإِذَا مَطَرَتْ سُرِّيَ عَنْهُ، فَعَرَفْتُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ: لَعَلَّهُ يَا عَائِشَةُ كَمَا قَالَ قَوْمُ عَادٍ: ﴿ فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا ﴾ [الأحقاف: 24] قال الإمام النووي - رحمه الله -: (فِيهِ الِاسْتِعْدَاد بِالْمُرَاقَبَةِ لِلَّهِ وَالِالْتِجَاء إِلَيْهِ عِنْد اِخْتِلَاف الْأَحْوَال وَحُدُوث مَا يُخَاف بِسَبَبِهَا، وَكَانَ خَوْفه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعَاقَبُوا بِعِصْيَانِ الْعُصَاة، وَسُرُورُه لِزَوَالِ سَبَب الْخَوْف).



• ومن هديه صلى الله عليه وسلم أنه كان يأمر الناس بالصلاة في بيوتهم إذا اشتدت الريح وكانت عاصفة باردة فعَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ نَادَى بِالصَّلَاةِ فِي لَيْلَةٍ ذَاتِ بَرْدٍ وَرِيحٍ وَمَطَرٍ فَقَالَ فِي آخِرِ نِدَائِهِ: أَلَا صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ أَلَا صَلُّوا فِي الرِّحَالِ، ثُمَّ قَالَ: (إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُرُ الْمُؤَذِّنَ إِذَا كَانَتْ لَيْلَةٌ بَارِدَةٌ أَوْ ذَاتُ مَطَرٍ فِي السَّفَرِ أَنْ يَقُولَ أَلَا صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ) رواه مسلم.



هذا بعض هدي النبي صلى الله عليه وسلم، الذي ما ترك خيراً إلا ودلنا عليه، ولا شراً إلا وحذرنا منه، وعلّمنا كيف نتعامل مع الخالق سبحانه وتعالى وكيف نتعامل مع الخلق، بل والحيوانات وبعض الجمادات والظواهر الكونية.. فكلُّ خير في اتباعه عليه الصلاة والسلام، والاهتداءِ بهديه، والتمسكِ بسنته، وكلُّ شر في مخالفة أمره، واتخاذ طريق غير طريقه:
فكل خير في اتباع من سلف
وكل شر في اتباع من خلف


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
تصريف الرياح وهدي النبي صلى الله عليه وسلم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» حكم إطلاق "سيدنا" على النبي صلى الله عليه وسلم والتسمي بأسماء الله
» زواج النبي صلى الله عليه وسلم بخديجة ـ رضي الله عنها ـ
» شبهة (علي رضي الله عنه أحق بالخلافة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم)
»  من جهود سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله في الدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم
»  لماذا منع النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب من الزواج على فاطمة رضي الله عنهما ؟

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اسلام ويب :: ۩✖ منتدي الاسلاميات العامه ۩✖ :: مقــــالات اســــلاميه :: خطب مقـــرؤه-
انتقل الى: