اسلام ويب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

من فقه الدعاء يقول سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "أنا لا أحمل همَّ الإجابة، وإنما أحمل همَّّ الدعاء، فإذا أُلهمت الدعاء كانت الإجابة معه". وهذا فهم عميق أصيل ، فليس كل دعاء مجابًا، فمن الناس من يدعو على الآخرين طالبًا إنزال الأذى بهم ؛ لأنهم ينافسونه في تجارة ، أو لأن رزقهم أوسع منه ، وكل دعاء من هذا القبيل ، مردود على صاحبه لأنه باطل وعدوان على الآخرين. والدعاء مخ العبادة ، وقمة الإيمان ، وسرّ المناجاة بين العبد وربه ، والدعاء سهم من سهام الله ، ودعاء السحر سهام القدر، فإذا انطلق من قلوب ناظرة إلى ربها ، راغبة فيما عنده ، لم يكن لها دون عرش الله مكان. جلس عمر بن الخطاب يومًا على كومة من الرمل ، بعد أن أجهده السعي والطواف على الرعية ، والنظر في مصالح المسلمين ، ثم اتجه إلى الله وقال: "اللهم قد كبرت سني ، ووهنت قوتي ، وفشت رعيتي ، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفتون ، واكتب لي الشهادة في سبيلك ، والموت في بلد رسولك". انظر إلى هذا الدعاء ، أي طلب من الدنيا طلبه عمر، وأي شهوة من شهوات الدنيا في هذا الدعاء ، إنها الهمم العالية ، والنفوس الكبيرة ، لا تتعلق أبدًا بشيء من عرض هذه الحياة ، وصعد هذا الدعاء من قلب رجل يسوس الشرق والغرب ، ويخطب وده الجميع ، حتى قال فيه القائل: يا من رأى عمرًا تكسوه بردته ** والزيت أدم له والكوخ مأواه يهتز كسرى على كرسيه فرقًا ** من بأسه وملوك الروم تخشاه ماذا يرجو عمر من الله في دعائه ؟ إنه يشكو إليه ضعف قوته ، وثقل الواجبات والأعباء ، ويدعو ربه أن يحفظه من الفتن ، والتقصير في حق الأمة ، ثم يتطلع إلى منزلة الشهادة في سبيله ، والموت في بلد رسوله ، فما أجمل هذه الغاية ، وما أعظم هذه العاطفة التي تمتلئ حبًا وحنينًا إلى رسول الله - صل الله عليهلم -: (أن يكون مثواه بجواره). يقول معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: "يا بن آدم أنت محتاج إلى نصيبك من الدنيا ، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج ، فإن بدأت بنصيبك من الآخرة ، مرّ بنصيبك من الدنيا فانتظمها انتظامًا ، وإن بدأت بنصيبك من الدنيا ، فائت نصيبك من الآخرة ، وأنت من الدنيا على خطر). وروى الترمذي بسنده عن النبي - صل الله عليهلم -: أنه قال: ((من أصبح والآخرة أكبر همه جمع الله له شمله ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن أصبح والدنيا أكبر همه فرَّق الله عليه ضيعته ، وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له)). وأخيرًا .. أرأيت كيف أُلهم عمر الدعاء وكانت الإجابة معه ، وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186)" (البقرة:186).


 

 أداء الامانة مفتاح الرزق

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة


avatar


نقــاط : 100245
أداء الامانة مفتاح الرزق Oooo14
أداء الامانة مفتاح الرزق User_o10

أداء الامانة مفتاح الرزق Empty
مُساهمةموضوع: أداء الامانة مفتاح الرزق   أداء الامانة مفتاح الرزق Emptyالأربعاء 24 أبريل 2013 - 19:31

أداء الامانة مفتاح الرزق


الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله وبعد:

تعريف الأمانة:

الأمانة لغة:

الأمانة مصدر قولهم: أمِن يأمَن أمانة أي صار أمينًا، وهو مأخوذ من مادّة (أ م ن) الّتي تدلّ على سكون القلب، ويقال: أمنت الرّجل أمنا وأمنة وأمانا وآمنني يؤمنني إيمانا، ورجل أمنة: إذا كان يأمنه النّاس ولا يخافون غائلته، وأمنة بالفتح إذا كان يصدّق ما سمع ولا يكذّب بشي ء، وقال الجوهريّ: الأمنة: الّذي يصدّق بكلّ شيء وكذلك الأمنة مثال الهمزة، واستأمن إليه دخل في أمانه.



وقال ابن منظور: الأمان والأمانة بمعنى، والأمانة: ضدّ الخيانة.



واصطلاحًا:

قال الكفويّ: الأمانة: كلّ ما افترض اللّه على العباد فهو أمانة كالصّلاة والزّكاة والصّيام وأداء الدّين، وأوكدها الودائع، وأوكد الودائع كتم الأسرار، وقال في موضع آخر: كلّ ما يؤتمن عليه من أموال وحرم وأسرار فهو أمانة.



وقيل: هي خلق ثابت في النّفس يعفّ به الإنسان عمّا ليس له به حقّ، وإن تهيّأت له ظروف العدوان عليه دون أن يكون عرضة للإدانة عند النّاس، ويؤدّي به ما عليه أو لديه من حقّ لغيره، وإن استطاع أن يهضمه دون أن يكون عرضة للإدانة عند النّاس.



وهي أحد الفروع الخلقيّة لحبّ الحقّ وإيثاره وهي ضدّ الخيانة.



• والأمانة إقامة لشرع الله في حنايا النفس وفي حياة الناس.

• والأمانة ثباتٌ على الذِّكر، ووفاءٌ لصاحب الأمر، صلى الله عليه وسلم، ودوامٌ على الدين إلى آخر العمر.

• والأمانة قوةٌ في حفظ الحقوق.

• والأمانة مراقبة ٌللسمع، ومحاسبةٌ للبصر، ومتابعة للفؤاد.

• والأمانة صونٌ للعلم ورعايةٌ للرواية كما كان العلماء يقولون (إنّ هذا العلم دينٌ، فانظروا عمنّ تأخذون دينكم).

• والأمانة قيامٌ بحقوق المسلمين، وتحمّلٌ لحاجات المساكين، وخدمةٌ للمحتاجين.

• والأمانة وفاءٌ بتكاليف الكتاب العزيز والسنة الشريفة والائتمار بأمرهما والوقوف عند حدودهما.

• والأمانة إنصافٌ وتجرّدٌ وأن نُنزِل الناس منازلهم ولا نَبخَسهم حقّهم.



والأمانة شهادةٌ لله، ونصيحةٌ للمسلمين، وبيانٌ للحق، حتّى لقد سُئل الحافظ علي بن المديني عن والده عبد الله بن جعفر فقال: (أبي ضعيف)، وتكلم شُعبة بن الحجاج في ولده فقال: (سميت ابني سعدًا فما سعد ولا أفلح)، وقال الذهبي في ترجمة أبي عليّ الأهوازي من الميزان: (لو حابيت أحدًا لحابيت أبا عليّ لمكان علّو روايتي في القرآن عنه).



والأمانة تركٌ للادعاء الكاذب فإن (المتشبع بما ليس عنده كلابس ثوبي زور). وقد ذكر الذهبي في "سير أعلام النبلاء" وابن كثير في "البداية والنهاية" أن أبا عبد الله الحاكم النيسابوري كان يقرأ على الناس استدراك الحافظ عبد الغني بن سعيد عليه في أوهام وقعت له في كتاب "المدخل"، ولم يكتف بذلك حتّى بعث إليه يشكُره على نصيحته، قال ابن سعيد: (فعلمت أنه رجلٌ عاقل)!



الأمانة يا عباد الله هي التكاليفُ الشرعية، هي حقوقُ الله وحقوق العباد، فمن أدَّاها فله الثواب، ومن ضيَّعها فعليه العقاب، فقد روى أحمد والبيهقي وابن أبي حاتم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: (الصلاةُ أمانة، والوضوءُ أمانة، والوزن أمانةٌ، والكيل أمانة) وأشياء عدّدها، (وأشدُّ ذلك الودائع)، وقال أبو الدرداء رضي الله عنه: (والغسل من الجنابة أمانة



فمن اتَّصفَ بكمَال الأمانة فقد استكمَل الدينَ، ومن فقد صفةَ الأمانة فقد نبذ الدينَ، كما روى الطبراني من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا إيمانَ لمن لا أمانةَ له)



فضل الأمانة على الفرد والمجتمع:

معاشر المسلمين، الأمانةُ خلُقٌ مِن أخلاق الأنبياءِ والمرسَلين، وفضيلةٌ من فضائل المؤمنين، عظَّم الله أمرَها ورفع شأنها وأعلى قدرَها، يقول جلّ وعلا: ﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولاً ﴾ [الأحزاب:72]، ويقول سبحانه في وَصفِ عبادِه المفلحين المؤمِنين: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ﴾ [المعارج:32].



وقال الملكُ ليوسف عليه السلام: ﴿ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ ﴾ يوسف - 54 وقالت إحدى المرأتين عن موسى - عليه السلام: ﴿ قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ ﴾ القصص - 26، وعُرِف النبي صلى الله عليه وسلم بالأمانة ولُقّبَ بالأمين قبل البعثة، وقصة وضع الحجر الأسود مشهورة حيث فرح القوم بمقدمه صلى الله عليه وسلم وقالوا: هذا الأمين.



وأمانته صلى الله عليه وسلم كانت سببًا في زواجه من أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها بل إن الله جل وعلا وصف بها جبريل عليه السلام: ﴿ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ ﴾ [الشعراء - 193]، وقال سبحانه: ﴿ مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ ﴾.



الأمانةُ أمر الله بحفظِها ورِعايَتِها، وفرَض أداءَها والقِيامَ بحقِّها: ﴿ فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ ﴾ [البقرة: 283]، ويقول جل وعلا: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ﴾ [النساء: 58]، ونبيُّنا يقول: ((أدِّ الأمانةَ إلى من ائتَمَنك، ولا تخُن من خانك)) رواه أبو داودَ والترمذيّ وسنده صحيح (وعن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "آية المنافق ثلاث: إذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان" رواه البخاري.



(عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص رضي اللّه تعالى عنهما - قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم:

"كيف بكم، وبزمان يوشك أن يأتي يغربل النّاس فيه غربلة، ثمّ تبقى حثالة من النّاس قد مرجت عهودهم وأماناتهم، فاختلفوا هكذا وشبّك بين أصابعه - قالوا: كيف بنا يا رسول اللّه إذا كان ذلك؟ قال: تأخذون بما تعرفون، وتدعون ما تنكرون، وتقبلون على خاصّتكم، وتذرون أمر عوامّكم" رواه ابن ماجه والحديث صحيح كما قال الألباني وغيره (عن أبي هريرة - رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم -: "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده. والمؤمن من أمنه النّاس على دمائهم وأموالهم" لرواه الترمذي والحديث صحيح.



(عن عبد اللّه بن عمر - رضي اللّه تعالى عنهما - أنّه كان يقول للرّجل إذا أراد سفرًا: ادن منّي أودّعك كما كان رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - يودّعنا: "أستودع اللّه دينك وأمانتك وخواتيم عملك" رواه الترمذي وأبو داود والحديث صحيح.



وفي قصّة هرقل مع أبي سفيان - رضي الله عنه - قال هِرَقل: سألتُك عن ماذا يأمركم أي: النبي فزعمتَ أنه يأمُر بالصلاة والصِّدق والعفاف والوفاءِ بالعهد وأداء الأمانة، وهذه صِفَة نبيّ. متّفق عليه.



عباد الله، إن من الأمور المهمة التي شرعها الله بين الخلق وجعلها من الصفات المحمودة بينهم وعليها ترتكز حياة الأمة أداءَ الأمانة؛ إذ إن الأمانة هي الرابطة بين الناس في أداء الحقوق والواجبات، ولا فرق بين حاكم وموظف وصانع وتاجر وزارع، ولا بين غني وفقير وكبير وصغير، فهي شرف الغني وفخر الفقير وواجب الموظف ورأس مال التاجر وسبب شهرة الصانع وسر نجاح العامل والزارع ومفتاح كل تقدم بإذن الله ومصدر كل سعادة ونجاح بفضل الله، وإن مجتمعًا يفقد هذه الصفة الشريفة لهو من أفسد المجتمعات، ويكون ذلك في آخر الزمان؛ إذ إن الأمانة موجودة في الناس عن طريق الفطرة والوحي، ثم تقبض منهم لسوء أفعالهم، قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ ﴾ [الرعد: 11].



فتزول الأمانة من القلوب شيئًا فشيئًا، فإذا زال أول جزء منها زال نوره وخلفه ظلمة، ثم إذا زال الجزء الثاني خلفه ظلمة أشد من الظلمة التي قبلها، ويصبح الأمين بعد ذلك غريبا في الناس، حتى يمدح من لا خير فيه ولا إيمان.



وكلَّما انتُقصت الأمانة نقصت شعبُ الإيمان لما روى مسلم من حديث حذيفة - رضي الله عنه - قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الأمانةَ نزلت في جذر قلوبِ الرجال أي: في وسطها، ثم نزلَ القرآن، فعلموا من القرآن، وعلموا من السنَّة، ثم حدثنا عن رفع الأمانة فقال: ((ينام الرجل النومةَ، فتُقبَض الأمانة من قلبه، فيظلّ أثرها مثل الوَكت، ثم ينام الرجل، فتقبض الأمانة من قلبه، فيظل أثرها مثل أثر المجل، كجمر دحرجته على رجلك، فنفط فتراه منتبرًا وليس فيه شيء))، ثم أخذَ حصاةً فدحرجها على رجله، ((فيصبح الناس يتبايَعون، لا يكاد أحدٌ يؤدِّي الأمانة، حتى يقال: إنَّ في بني فلان رجلا أمينا، وحتى يقال للرَّجل: ما أظرفَه ما أعقله، وما في قلبه مثقالُ حبة من خردل من إيمان))



قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: (أصدق الصدق الأمانة وأكذب الكذب الخيانة)

وقال ابن أبي الدنيا: (الداعي إلى الخيانة شيئان: المهانة وقلة الأمانة، فإذا حسمهما عن نفسه بما وصفت ظهرت مروءته.

وقال ميمون بن مهران: (ثلاثة يؤدين إلى البر والفاجر: الأمان، والعهد، وصلة الرحم)

وقال ابن عباس - رضي الله عنهما -: (لم يرخص الله لمعسر ولا لموسر أن يمسك الأمانة)

وعن هشام أن عمر قال: (لا تغرني صلاة امرئ ولا صومه من شاء صام ومن شاء صلى لا دين لمن لا أمانة له).



أنواع الأمانات:

1- الأمانة في العبادة.

2- الأمانة في حفظ الجوارح.

3- الأمانة في الودائع.

4- الأمانة في العمل.

5- الأمانة في البيع والشراء.

6- المسؤولية أمانة.

7- الأمانة في حفظ الأسرار.

8- الأمانة في الكلام.



أيها المؤمنون:

نجد الأمانة تنظم شؤون الحياة كلها: من عقيدة وعبادة وأدب ومعاملة وتكافل اجتماعي وسياسة حكيمة رشيدة وخلق حسن كريم.



والأمانة بهذا المعنى وهذه الحدود، سر سعادة الأمم، ويوم كانت أمتنا من أصدق الشعوب والأمم في حمل هذه الأمانة والوفاء بها كانت أمتنا خير أمة أخرجت للناس.



الأمَانَة في واحة الشِّعر:

قال كعب المزني:
أرعَى الأمَانَةَ لا أخونُ أمانتي
إنَّ الخؤونَ على الطريقِ الأنكبِ



وقال العرجي
وما حُمِّل الإنسانُ مثلَ أمانةٍ
أشقَّ عليه حين يحملُها حملا
فإن أنت حمِّلتَ الأمَانَةَ فاصطبرْ
عليها فقد حمِّلتَ مِن أمرها ثقلا
ولا تقبلنَّ فيما رضيتَ نميمة
وقل للذي يأتيك يحملُها مهلا



وقال صالح بن عبد القدوس
أدِّ الأمَانَة والخيانة فاجْتَنِبْ
واعْدِلْ ولا تظلمْ، يَطِبْ لك مكسبُ
وإذا بُلِيْتَ بِنكبَةٍ فاصبرْ لها
مَن ذا رأيت مسلَّمًا لا يُنكَبُ



من فوائد (الأمانة):

(1) الأمانة من كمال الإيمان وحسن الإسلام.



(2) يقوم عليها أمر السّموات والأرض.



(3) هي محور الدّين وامتحان ربّ العالمين.



(4) بالأمانة يحفظ الدّين والأعراض والأموال والأجسام والأرواح والمعارف والعلوم والولاية والوصاية والشّهادة والقضاء والكتابة..



(5) الأمين يحبّه اللّه ويحبّه النّاس.



(6) من أعظم الصّفات الخلقيّة الّتي وصف اللّه بها عباده المؤمنين بقوله ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ ﴾ [المؤمنون: 8]، و[المعارج: 32].



(7) مجتمع تفشو فيه الأمانة مجتمع خير وبركة.



كيف تكون أمينًا؟

أولاً: أداء حق الله جل وعلا بتوحيده وفعل الواجبات والبُعد عن المحرمات، ومن لم يكن أمينًا في دينه حريٌّ به ألا يكون أمينًا في مُعاملاته مع الناس، ومن ضيّع حق الله جل وعلا فهو لحق غيره أضيع.



ثانيًا: بذل جهدك في أداء ما كُلّفتَ به على الوجه المطلوب أينما كان مكانك ومهما كانت صفتك، وإن لم يعلم عنك أحد فالله جل وعلا هو السميع البصير، وهو سيجازيك لإحسانك ونزاهتك، ويُعاقبك على إساءتك وتفريطك.



ثالثًا: نزاهتك المادية بصيانة الأموال العامّة وحفظها ورعايتها، وعدم التساهل فيما هو ليس من حقك، والبعد عن كل ما فيه شُبهة أو شك، فسلامة الدين لا يعدلها شيء، ومن ترك شيئًا لله عوضه خيرًا منه.



رابعًا: القيام بحقوق المسلمين والعدل فيها وعدم الظلم والجور وأدائها بالصفة الصحيحة والوقت المحدد، مع النصح لهم فيما هو خير وأنفع.



خامسًا: التعامل مع الموظفين بما تقتضيه الأمانة فلا إفراط ولا تفريط، والعدل فيما بينهم وتقوى الله فيهم، وفي المقابل عدم التساهل معهم في أداء أعمالهم



قصص عن الأمانة:

1- قال - صلى الله عليه وسلم - وهو يحكي لأصحابه رضي الله عنهم: " اشترى رجل من رجل عقارًا له، فوجد الذي اشترى العقار في عقاره جرة فيها ذهب، فقال له الذي اشترى العقار: خذ ذهبك مني، إنما اشتريت منك الأرض، ولم ابتع منك الذهب، فقال الذي شرى الأرض (أي: الذي باعها ): إنما بعتك الأرض وما فيها، قال: فتحاكما إلى رجل، فقال الذي تحاكما إليه: ألكما ولد؟ فقال أحدهما: لي غلام، وقال الآخر: لي جارية، قال: أنكحوا الغلام بالجارية، وأنفقوا على أنفسكما منه، وتصدقا ".



2- في القادسية ماذا فعل سعد ابن أبي وقاص بكنوز كسرى؟

لما فتح المسلمون القادسية ونصرهم الله، ورفعوا لا إله إلا الله محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في القادسية سلم لسعد بن أبي وقاص ذهب وفضة، واستولى على خزائن كسرى، ولما رآها دمعت عيناه وقال: ﴿ كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ * فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ ﴾ [الدخان: 25-29].



فجمع الجيش وقال: هذه أمانة فما رأيكم؟

قالوا: نرى أن تدفعها لعمر بن الخطاب الخليفة فما أخذوا منها درهمًا ولا دينارًا.



3- بينما كان الرجل يسير بجانب البستان وجد تفاحة ملقاة على الأرض.. فتناول التفاحة.. وأكلها ثم حدثته نفسه بأنه أتى على شيء ليس من حقه.. فأخذ يلوم نفسه.. وقرر أن يرى صاحب هذا البستان فإما أن يسامحه أو أن يدفع له ثمنها، وذهب الرجل لصاحب البسان وحدثه بالأمر.. فأندهش صاحب البستان لأمانة الرجل.. وقال له: ما اسمك؟؟ قال له: ثابت، قال له: لن أسامحك في هذه التفاحة إلا بشرط... أن تتزوج ابنتي... واعلم إنها خرساء عمياء صماء مشلولة.. إما أن تتزوجها وإما لن أسامحك في هذه التفاحة فوجد ثابت نفسه مضطرًا... يوازي بين عذاب الدنيا وعذاب الاخرة.. فوجد نفسه يوافق على هذه الصفقة؛ وحين حانت اللحظة التقى ثابت بتلك العروس...وإذ بها آية في الجمال والعلم والتقى... فأستغرب كثيرًا... لماذا وصفها أبوها بأنها صماء مشلولة خرساء عمياء.... فلما سألها قالت: أنا عمياء عن رؤية الحرام، خرساء صماء عن قول وسماع ما يغضب الله.. ومشلولة عن السير في طريق الحرام.. وتزوج هذا ثابت بتلك المرأة.. وكان ثمرة هذا الزواج: الإمام أبى حنيفة النعمان ابن ثابت.



واعلموا إن لأمانة من الأمور المهمة للمجتمع، وبدونها يعيش المجتمع في بلاء عظيم، والأمة التي لا أمانة لها هي التي تنتشر فيها الرشوة، وينتشر فيها الغش والخداع والتحايل على الحق وتضييع الواجبات التي أنيطت بأفرادها، فما من إنسان منا إلا وعمله أمانة لله في عنقه، فالشعب أمانة في يد ولاة الأمور، والدين أمانة في يد العلماء وطلبة العلم، والعدل أمانة في يد القضاة، والحق أمانة في يد القائمين عليه، والصدق أمانة في يد الشهود، والمرضى أمانة في يد الأطباء، والمصالح أمانة في يد المستخدمين، والتلميذ أمانة في يد الأستاذ، والولد أمانة في يد أبيه، والوطن أمانة في يد الجميع، وأعضاء الإنسان أمانة لديه، فاللسان أمانة فاحفظه من الكذب والغيبة والنميمة والسخرية بعباد الله، والعين أمانة فاصرفها عن النظر إلى الحرام وتوجه بها إلى النظر إلى المباح الحلال، والأذن أمانة فجنبها استماع المحرمات واصرفها إلى استماع ما يعود عليك بالنفع والفائدة في الدنيا والآخرة، والرجل أمانة واليد أمانة فلا تبطش إلا المباحات ولا تمش إلا إلى الخيرات، وأموالكم أمانة لديكم فلا تصرفوها إلا فيما يرضي ربكم سبحانه وتعالى، من قبل أن يأتي يوم تسأل عن هذه الأمانة: ماذا عملت بها؟ فلا تستطيع الإجابة، فقد ثبت في الحديث أن النبي قال: ((لن تزول قدما عبد يوم القيام حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين أتى به وفيم أنفقه، وعن علمه ماذا عمل به؟)).



أمّة الإسلام، ومِن الأمانةِ العظيمةِ على كلِّ مسلم في هذه الأرض حملُ هذا الدينِ، وإبراز محاسنِه العِظام وفضائِله الجسام، وإفهامُ العالم كلِّه بالعِلم والعمَل بالسلوك والمظهر أنَّ هذا الدينَ خير ورحمةٌ عامّة للبشرية وصلاحٌ للعالَم يحمِل السعادة والسّلام والفوزَ والنجاة في الدنيا والآخرة.



فاتقوا الله عباد الله، وأدوا أماناتكم كما أمركم بذلك ربكم جل وعلا.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
أداء الامانة مفتاح الرزق
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اسلام ويب :: ۩✖ منتدي الاسلاميات العامه ۩✖ :: مقــــالات اســــلاميه :: خطب مقـــرؤه-
انتقل الى: