اسلام ويب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

من فقه الدعاء يقول سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "أنا لا أحمل همَّ الإجابة، وإنما أحمل همَّّ الدعاء، فإذا أُلهمت الدعاء كانت الإجابة معه". وهذا فهم عميق أصيل ، فليس كل دعاء مجابًا، فمن الناس من يدعو على الآخرين طالبًا إنزال الأذى بهم ؛ لأنهم ينافسونه في تجارة ، أو لأن رزقهم أوسع منه ، وكل دعاء من هذا القبيل ، مردود على صاحبه لأنه باطل وعدوان على الآخرين. والدعاء مخ العبادة ، وقمة الإيمان ، وسرّ المناجاة بين العبد وربه ، والدعاء سهم من سهام الله ، ودعاء السحر سهام القدر، فإذا انطلق من قلوب ناظرة إلى ربها ، راغبة فيما عنده ، لم يكن لها دون عرش الله مكان. جلس عمر بن الخطاب يومًا على كومة من الرمل ، بعد أن أجهده السعي والطواف على الرعية ، والنظر في مصالح المسلمين ، ثم اتجه إلى الله وقال: "اللهم قد كبرت سني ، ووهنت قوتي ، وفشت رعيتي ، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفتون ، واكتب لي الشهادة في سبيلك ، والموت في بلد رسولك". انظر إلى هذا الدعاء ، أي طلب من الدنيا طلبه عمر، وأي شهوة من شهوات الدنيا في هذا الدعاء ، إنها الهمم العالية ، والنفوس الكبيرة ، لا تتعلق أبدًا بشيء من عرض هذه الحياة ، وصعد هذا الدعاء من قلب رجل يسوس الشرق والغرب ، ويخطب وده الجميع ، حتى قال فيه القائل: يا من رأى عمرًا تكسوه بردته ** والزيت أدم له والكوخ مأواه يهتز كسرى على كرسيه فرقًا ** من بأسه وملوك الروم تخشاه ماذا يرجو عمر من الله في دعائه ؟ إنه يشكو إليه ضعف قوته ، وثقل الواجبات والأعباء ، ويدعو ربه أن يحفظه من الفتن ، والتقصير في حق الأمة ، ثم يتطلع إلى منزلة الشهادة في سبيله ، والموت في بلد رسوله ، فما أجمل هذه الغاية ، وما أعظم هذه العاطفة التي تمتلئ حبًا وحنينًا إلى رسول الله - صل الله عليهلم -: (أن يكون مثواه بجواره). يقول معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: "يا بن آدم أنت محتاج إلى نصيبك من الدنيا ، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج ، فإن بدأت بنصيبك من الآخرة ، مرّ بنصيبك من الدنيا فانتظمها انتظامًا ، وإن بدأت بنصيبك من الدنيا ، فائت نصيبك من الآخرة ، وأنت من الدنيا على خطر). وروى الترمذي بسنده عن النبي - صل الله عليهلم -: أنه قال: ((من أصبح والآخرة أكبر همه جمع الله له شمله ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن أصبح والدنيا أكبر همه فرَّق الله عليه ضيعته ، وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له)). وأخيرًا .. أرأيت كيف أُلهم عمر الدعاء وكانت الإجابة معه ، وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186)" (البقرة:186).


 

  أسيرُ الشهوة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة


avatar


نقــاط : 100260
 أسيرُ الشهوة Oooo14
 أسيرُ الشهوة User_o10

 أسيرُ الشهوة Empty
مُساهمةموضوع: أسيرُ الشهوة    أسيرُ الشهوة Emptyالأربعاء 24 أبريل 2013 - 14:40

السؤال
السلام عليكم،،،

أنا حار
جدًّا, لا أدري ماذا أفعل, أحس بذل، بسبب المعاصي، كنت أدعو الناس في
الإنترنت، وألقي الدروس, ولكن كنت أتحدث مع النساء في الخاص، وأتكلم معهن
بكلام فاحش، أنا أحب - كثيرًا - العلم، ولكن تغلبني شهوتي, لذا؛ عزمت على
الهجرة إلى الجامعة الإسلامية؛ لطلب العلم، ولكي أغير حياتي الماضية, لكن
بعد فترة في الجامعة، تكلمت مع أخت متزوجة كنت أعرفها قبل زواجها, والشيطان
- مرة أخرى - غرني، وتكلمت معها بكلام فاحش, والمشكلة أن زوجها اكتشف هذه
المكالمة، والآن يهددني بنشر كل ما قلت؛ لكي يحذر الناس من رجل مثلي، قال
لي: أنا سأسترك، إذا تركت الدعوة, أما إذا رأيتك تدعو الناس, سأفضحك، ماذا
أفعل يا شيخ؟ أنا تبت من هذا، وطلبت المسامحة من الأخ, لكن لم يقبل، أحس
بذل،،



الجواب
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:

وهل فيما ذكرته مشورة؟! اترك
الدعوة وشأنها، ولا تتصدَّ لنصح غيرك، حتى لا يُؤتَى الإسلام من قبلك،
ويُضرَبَ على قلبك، فلا تستطيع التوبة ولا الأوبة؛ فقد أخطأتَ عدة أخطاء،
وتماديت، ولذلك؛ فُضِحْتَ، والله - تعالى - سَتِيْر، لا يفضح عبده حتى يسرف
على نفسه بالمعاصي، ويتمادى؛ كما روي عن عمر المحدَّثِ الملهمِ، وهل تظن
أن لسؤالك موضعًا، بعد ما اتخذت دين الله والدعوة التي هي عمل الأنبياء،
والخُلص من أتباعهم، بازيًا تصطاد به النساء في الخاص، وتحدثهن بالكلام
الفاحش؟!!



وأنت تعلم أن شهوتك تغلبك - كما
تقول - وَتَعَلُّق القلب بالنساء، يصرفه عن دعوته، فلماذا تعرضت للحديث مع
النساء، ألم تعلم بأن الله يرى، ويغار، وغيرته أن تنتهك محارمه، فكيف إذا
انتُهِكت باسم الدين والدعوة.



ثم من أجاز لك أن تعمل في حقل
الدعوة أصلاً، وهل فَرَغْتَ من نفسك بالعلم والعمل والمجاهدة، ألم تتعلم أن
النفوس مجبولة على عدم الانتفاع بكلام من لا يعمل بعلمه، ولا ينتفع به،
فضلًا عن أن يخالفه، وأنه عند جماعة العقلاء، بمنزلة الطبيب يصف دواء لمرض
به مثله، والطبيب معرض عن دوائه، غير ملتفت، فالداعية والواعظ أسوأ حالًا
منه؛ لأن ما يعظ به سبيلٌ وحيدٌ للنجاة لا يقوم غيره مقامه، بخلاف الدواء؛
فإن له بدائلَ وأشباهًا، ولأجل هذه النفرة؛ قال نبي الله شعيب - عليه
السلام - لقومه: ﴿ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ ﴾ [هود: 88].



وقال أبو الأسود الدؤلي:






يأيها الرجلُ المعلمُ غيرَهُ ... هلا لنفسِكَ كان ذا التعليمُ؟  أسيرُ الشهوة Space


تصفُ الدواء لذي السقامِ وذي الضنى ... كيما يصحَّ به وأنتَ سقيمُ  أسيرُ الشهوة Space


ونراكَ تصلحُ بالرشادِ عقولَنا ... أبداً وأنتَ من الرشادِ عديمُ  أسيرُ الشهوة Space


لا تنهَ عن خلقٍ وتأتيَ مثلهُ ... عارٌ عليكَ إِذا فعْلتَ عظيمُ  أسيرُ الشهوة Space


وابدأ بنفسِكَ فانَهها عن غَيِّها ... فإِذا انتهتْ منه فأنتَ حكيمُ  أسيرُ الشهوة Space


فهناكَ يقبلُ ما وعظْتَ ويفتدى ... بالعلم منكَ وينفعُ التعليمُ  أسيرُ الشهوة Space



ثم مَن مِن أهل العلم رخص لك في
الحديث مع الفتيات، وأنت في هذه السن، وفي تلك الحال، وبدون ضوابط، ألم
تقرأ في كتب العلم – التي تحبها!! - تحذير النبي - صلى الله عليه وسلم - من
فتنة النساء، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الدنيا حلوة خضرة، وإن
الله مستخلفكم فيها، فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء، فإن
أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء)؛ رواه مسلم.



ألم تسمع قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء))؟! متفق عليه.



كيف هَجَمْتَ على حقل الدعوة
ولم تعلم كل هذا؟! وأن الداعية الحق وطالب العلم الصادق لا يتعامل مع
النساء - ابتداءً - وإن اضطر، فبحذر، ويكون في ذلك متيقظ القلب؛ لما تشتمل
عليه من الإغراء، أو الإعجاب، وإخلاصُهُ في دعوته، يدفعه لوأد الفتنة في
مهدها، وإذا ما شعر بتساهل المرأة، أوقفها عند حدِّها، وقطع حديثها، وتجاهل
اتصالها، أو مشاركتها، مستشعرًا مراقبة الله - تعالى - له، واطلاعه على
باطن أمره، وَثِقَلَ المسؤولية، حامدًا ربه على نعمة العلم والفهم، مدركًا
أن الله قد يبتلي أمثاله بسلب العلم، وطمس البصيرة، كما قال تعالى: ﴿ وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ
﴾ [الأنعام: 110] أي: ونعاقبهم، إذا لم يؤمنوا أول مرة يأتيهم فيها
الداعي، وتقوم عليهم الحجة، بتقليب القلوب، والحيلولة بينهم وبين الإيمان،
وعدم التوفيق لسلوك الصراط المستقيم، وقال تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا ﴾ [النساء: 66].



وكما جرى لبعض علماء بني إسرائيل الذين شبههم الله بالكلاب؛ كما قال - تعالى -:﴿ وَاتْلُ
عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا
فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ* وَلَوْ شِئْنَا
لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ
هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ
أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا
بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ

[الأعراف: 175، 176]، وشبههم بالحُمُر التي تحمل كتب العلم، فلم يستفيدوا
منها إلا الخيبة والخسران، وإقامة الحجة؛ كما قال - تعالى -: ﴿ مَثَلُ
الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ
الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ
كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ

﴾ [الجمعة:5]، فحظُّهُ كحظ الحمار من الكتب التي على ظهره، وهذه الأمثال
إن كانت ضُرِبَتْ لليهود، فهي تتناول من حيث المعنى لمن حمل القرآن، فترك
العمل به، ولم يؤد حقه، ولم يرعه حق رعايته، وصدق رسول الله - صلى الله
عليه وسلم – القائل: ((لتتبعن سنن من كان قبلكم، شبرًا بشبر، وذراعًا
بذراع، حتى لو دخلوا في جحر ضب لاتبعتموهم، قلنا يا رسول الله: آليهود
والنصارى؟ قال فمن؟!))؛ متفق عليه من حديث أبي سعيد الخدري.



والحاصل: أن سلطان الشهوة ما
دام غالبًا عليك، والفتنة بالنساء - بالنظر والحديث إليهن - كما هو طافح من
كلامك: (أتحدث مع النساء في الخاص، وأتكلم معهن بكلام فاحش، تغلبني شهوتي،
الشيطان - مرة أخرى – غرني، وتكلمت معها بكلام فاحش) - فابحث عن سبل
النجاة بنفسك، ودع الدعوة لأهلها، وعالج فتنة الشهوة بالأدوية الشرعية من
الصبر، والصيام، وأخذ النفس بالشدة، وهجر السيئات، وألزم نفسك بغض البصر،
وحفظ الفرج، وغير ذلك، ولتحذر فإن الشهوة متى اشتعلت استولت على صاحبها،
وأخذت بمجامعه، حتى تورده المهالك، وقد قال - تعالى -: ﴿ وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا ﴾ [النساء: 28]؛ أي: ضعيفًا عن النساء، لا يصبر عنهن؛ كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية.



واعلم أن السيئات تهواها النفس،
ويزينها الشيطان، فتجتمع فيها الفتنتان: الشبهات والشهوات، والواقع يشهد
أن بعض من يُظَنُّ به الصلاح أُوتوا من قبل تساهُلِهِم مع النساء - عبر
الإنترنت وغيره - فإذا خسرت دينك، فما عساك أن تربح؟! وأي دعوة تبحث عنها
بعد ذلك؟! فسارع بالفرار إلى الله بالتوبة النصوح، والندم على ما قدمت،
وأدمن: يا حي، يا قيوم، برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كله، ولا تَكِلْنِي
إلى نفسي طرفة عين، فلهذين الاسمين - وهما الحي القيوم - تأثير عظيم في
حياة القلب؛ كما ذكر شيخا الإسلام ابن تيمية وابن القيم، وأكثر من الدعاء
النبوي: (( اللهم إني أعوذ بك من شر سمعي، ومن شر بصري، ومن شر لساني، ومن
شر قلبي، ومن شر منيي)).



هذا؛ ومن أعظم ما يقمع النفس، و
يعينك على التوبة النصوح، تَذَكُّرُ الموت والآخرة؛ يقول ابن القيم - في
معرض كلامه عن حسن الخاتمة وسوئها "الجواب الكافي" (ص: 62) -:

"وإذا كان العبد في حال حضور
ذهنه، وقوته، وكمال إدراكه، قد تمكن منه الشيطان، واستعمله بما يريده من
المعاصي، وقد أغفل قلبه عن ذكر الله - تعالى - وعطل لسانه من ذكره، وجوارحه
عن طاعته، فكيف الظن به عند سقوط قواه؟! واشتغال قلبه ونفسه بما هو فيه من
ألم النزع؟! وجمع الشيطان له كل قوته وهمته؟! وحشد عليه بجميع ما يقدر
عليه لينال منه فرضته؟! فإن ذلك آخر العمل، فأقوي ما يكون عليه شيطانه ذلك
الوقت، وأضعف ما يكون هو في تلك الحالة، فمن تُري يَسْلَمُ علي ذلك؟! فهناك
يُثبِّت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة،
ويضل الله الظالمين، ويفعل الله ما يشاء، فكيف يوفق لحسن الخاتمة من أغفل
الله - سبحانه - قلبه عن ذكره؟ واتبع هواه؟ وكان أمره فُرُطًا؟



فبعيدٌ من قلبُهُ بعيدٌ من الله
- تعالى -غافلٌ عنه، متعبدٌ لهواه، أسيرٌ لشهواته، ولسانُهُ يابس من ذكره،
وجوارحُهُ معطلة من طاعته، مشتغلة بمعصية الله - أن يُوَفَّقَ لحسن
الخاتمة، ولقد قطع خوفُ الخاتمة ظهورَ المتقين، وكأن المسيئين الظالمين قد
أخذوا توقيعًا بالأمان، ﴿ أَمْ لَكُمْ
أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ
لَمَا تَحْكُمُونَ سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ
﴾ [القلم: 39،40].






يا آمنًا من قبيح الفعل يصنعه ... هل أتاك تواقيع أم أنت تملكه  أسيرُ الشهوة Space


جمعت شيئين أمنًا واتباعَ هوى ... هذا وإحداهما في المرء تهلكه  أسيرُ الشهوة Space


والمحسنون على درب المخاوف قد ... ساروا وذلك درب لست تسلكه  أسيرُ الشهوة Space


فرطت في الزرع وقت البذر من سفه ... فكيف عند حصاد الناس تدركه  أسيرُ الشهوة Space


هذا وأعجب شيء منك زهدك في ... دار البقاء بعيش سوف تتركه  أسيرُ الشهوة Space


مَنِ السفيهُ إذًا - بالله - أنت أمِ ال ... مغبون في البيع غبنًا سوف تدركه  أسيرُ الشهوة Space



ولا يعني قولنا أن كل من وقع في
معصية ترك الدعوة إلى الله، أو أن الداعية يجب أن يكون معصومًا، لا، وإنما
نختار ذلك لكل من استشعرنا منه وجود رواسب جاهلية في قلبه لم يغيرها
الإسلام، فضلاً عن أننا لم نلحظ منك أخذًا بأسباب النجاة؛ ولهذا تعين عليك
الالتفات لنفس، وترك مجال الدعوة، ولا تَعُدْ للحديث مع النساء - مطلقًا -
وَتَحْتَ أيِّ ذريعة، وَتَأَمَّلْ قوله – تعالى -: ﴿ يَا
نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ
اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي
قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا
﴾ [الأحزاب:32]، يقول الأستاذ سيد قطب - في "ظلال القرآن" (ج5 / ص2859) :

"ينهاهن حين يخاطبن الأغراب من
الرجال أن يكون في نبراتهن ذلك الخضوع اللين الذي يثير شهوات الرجال، ويحرك
غرائزهم، ويطمع مرضى القلوب ويهيج رغائبهم.



ومن هن اللواتي يحذرهن الله هذا
التحذير؟ إنهن أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - وأمهات المؤمنين،
اللواتي لا يطمع فيهن طامع، ولا يرف عليهن خاطر مريض، فيما يبدو للعقل أول
مرة. وفي أي عهد يكون هذا التحذير؟ في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -
وعهد الصفوة المختارة من البشرية في جميع الأعصار.



ولكن الله الذي خلق الرجال
والنساء، يعلم أن في صوت المرأة حين تخضع بالقول، وتترقق في اللفظ، ما يثير
الطمع في قلوب، ويهيج الفتنة في قلوب، وأن القلوب المريضة التي تثار وتطمع
موجودة في كل عهد، وفي كل بيئة، وتجاه كل امرأة، ولو كانت هي زوج النبي
الكريم، وأم المؤمنين، وأنه لا طهارة من الدنس، ولا تَخَلُّصَ من الرجس،
حتى تمتنع الأسباب المثيرة من الأساس.



فكيف بهذا المجتمع الذي نعيش
اليوم فيه - في عصرنا المريض الدنس الهابط الذي تهيج فيه الفتن وتثور فيه
الشهوات وترف فيه الأطماع؟ كيف بنا في هذا الجو الذي كل شيء فيه يثير
الفتنة، ويهيج الشهوة وينبه الغريزة، ويوقظ السعار الجنسي المحموم؟ كيف بنا
في هذا المجتمع، في هذا العصر، في هذا الجو، ونساء يتخنثن في نبراتهن،
ويتميعن في أصواتهن، ويجمعن كل فتنة الأنثى، وكل هتاف الجنس، وكل سعار
الشهوة، ثم يطلقنه في نبرات ونغمات؟! وأين هن من الطهارة؟ وكيف يمكن أن يرف
الطهر في هذا الجو الملوث - وهن بذواتهن وحركاتهن وأصواتهن، ذلك الرجسُ
الذي يريد الله أن يذهبه عن عباده المختارَيْنَ؟!



﴿ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا
﴾؛ نهاهن من قبل عن النبرة اللينة واللهجة الخاضعة، وأمرهن في هذه أن يكون
حديثهن في أمور معروفة غير منكرة؛ فإن موضوع الحديث قد يُطْمِعُ مثل لهجة
الحديث، فلا ينبغي أن يكون بين المرأة والرجل الغريب لحن ولا إيماء، ولا
هذر ولا هزل، ولا دعابة ولا مزاح، كي لا يكون مدخلًا إلى شيء آخر - وراءه -
من قريب، أو من بعيد.



والله - سبحانه - الخالق العليم
بخلقه، وطبيعة تكوينهم هو الذي يقول هذا الكلام لأمهات المؤمنين الطاهرات؛
كي يراعينه في خطاب أهل زمانهن خير الأزمنة على الإطلاق". اهـ.



وما دمتَ تعلم من نفسك الضعف،
فالواجبُ عليك أن تخاف على نفسك الوقوع في مصائد الشيطان، وأن تنأى بنفسك
عن التعرض المباشر لدعوة النساء، حتى بعد أن تَتَضَلَّعَ من العلم الشرعي
والتقوى؛ فالدَّعوة حتى تكون مباركة مثمرة يشترط أن تكون دعوة إلى الله، لا
إلى النفس وشهواتها، وإنما يقصد الله بالدَّعوة؛ لإخراج الناس من
الظُّلُمات إلى النُّور، ونفعهم هو قصدُ الدَّاعية المخلص؛ قال - سبحانه -:
﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ﴾ [الأنعام: 153].



والله اسأل أن يتوب علينا وعليك وعلى
المسلمين أجمعين، وأن يطهر قلوبنا، ويحصن فروجنا، وأن يعذنا من شر سمعنا
وأبصارنا ولساننا، ومن شر منيّنا،، اللهم آمين.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
أسيرُ الشهوة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» أثر الشهوة على الإنسان
» يعاني من شدة الشهوة
» الشهوة الخفية
» مواجهة الشهوة
»  فاحص الذهب ولظى الشهوة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اسلام ويب :: ۩✖ المكتبه الاسلاميه والفتاوي الشرعيه ۩✖ :: فتــــاوي واسئله :: احكـــــام الاســره-
انتقل الى: