السؤالالسَّلام عليكم ورحمة الله وبرَكاته،,لَم
أُرِد في بداية الأَمْر أن أكتب هذي العِبارات، ولَم يَخْطر في بالي يومًا
أنَّني سأصل إلى ما أنا عليه؛ لقد كنتُ شابًّا حافظًا للقرآن الكريم،
طالبًا للعلم في مَجالس العلماء والشُّيوخ، كنت أصلِّي بالنَّاس، وأَدْعوهم
إلى الله، وأنصَحُهم فيما يخصُّ دينَهم، بل إنَّ البعض كانوا يسألونني
لأُجيبهم في بعض أمور الدِّين، كان مطلبي الوحيد في هذه الدُّنيا أن أُصْبح
شيخًا يُجيب النَّاس عن أمور دينهم، وأن أُصْبح داعيًا إلى الله كما أنتم
عليه الآن، تفيدون الناس، أدامَكم الله لنا، وجعَلَكم ذخرًا.وبعد
سنوات من الدعوة انقلبَت حياتي، ما كنتُ أتصوَّر يومًا أن أُصبِح على ما
أنا عليه، حتَّى إنَّني احترتُ في كتابة هذي العبارات، ولَم أَجِد أيًّا من
الكلمات لِتُساعدني في شرح أحاسيسي؛ فإنِّي الآن قد أصبحتُ أحد كبار
الفنَّانين في الغِناء، واحترَفْتُ الآلات الموسيقيَّة، وارتكبتُ المعاصي
والآثام، وانحرفتُ انحرافًا كليًّا عن الدِّين! لا تُجيبوني بأيٍّ من
العبارات التَّالية: الصُّحبة الفاسدة، المخدِّرات... إلخ؛ فما كنت يومًا
تبعًا لها، بل إنَّني - يا عبادَ الله - كنت أخطب في النَّاس ليل نهار،
مُحَذِّرًا من الصُّحبة والأَصْحاب، كنت أُلْقي الندوات الدينية القصيرة
تحذيرًا للناس، ورأفةً بهم؛ لكي لا يقَعوا فيما أنا عليه.هذه
نبذة يسيرة عن حياتي الدِّينية، أمَّا عن مشاكلي النفسيَّة فأنا لا أَخْلو
من المشاكل النفسيَّة، لَم أذهب يومًا لأيِّ طبيبٍ نفسي، ولكن مِمَّا
بِنَفْسي علمتُ أنَّ المشاكل النفسيَّة موجودة:أوَّلاً:
هناك عيوبٌ في جسمي؛ مِمَّا سبَّب لي الانطوائيَّة التامَّة، وطبعًا هذا
الكلام ليس ردًّا أو اعتِراضًا على حكم الله والقدَر، أما بالنِّسبة لي
فأنا مقتنِعٌ تَمامًا بنفسي، ولكن كلام الناس أرهقَني.كما
أنَّ حالتي الأُسَريَّة معقَّدة؛ فوالدتي منفصِلةٌ عن أبي منذُ أن كنت في
رَحِمها، والتَّواصل مع الوالد منفصِلٌ تمامًا، واللهُ أعلم أين هو الآن،
ولَرُبَّما في إحدى الدُّول الأجنبيَّة، كما أنِّي لا أَسْكُن مع
والِدَتِي؛ فقد تزوَّجَتْ وأنا صغير، وأنا الآن أعيش مع جَدِّي، والحالة
النفسيَّة سيِّئة جدًّا، لدرجة التَّفكير في الانتحار.الحالة
الدراسيَّة: كرهتُ المدرسة كرهًا شديدًا لدرجة الاختِناق، والآن أنا عاطل
عن الدِّراسة، جَدِّي وجدَّتي كبيران في السِّن، وأظُنُّ أنَّهما يُواجِهان
الكثير من المشاكل النفسيَّة؛ فإنِّي قد تعذَّبتُ كثيرًا معَهما يومَ أن
كنتُ ملتزِمًا، حتَّى إنَّهما كانا يَمْنعانني من الذَّهاب إلى التَّحفيظ
والمُحاضَرات؛ خوفًا عليَّ، فكانا يظُّنان أنَّهم إرهابيُّون، أو شيئًا من
هذا القبيل، هذا شيءٌ بسيط عنهم، لقد ذهبتُ للشَّيخ مرَّة للرُّقية، ولَم
أتَجاوب مع القراءة، ولَم أتَضايق منها، ولَم يُخبِروني بشيء. لا
أريد جوابًا، بل أريد نصيحة، لعلَّ الله يَكْتب لي الهداية على أيديكم،
كما أنَّ هناك شيئًا عجيبًا، في بعض الفترات يكون هناك صدودٌ منِّي لتلبية
نداءات الصَّلاة، وكلَّما أعزم على التَّوبة الصادقة يأتي شيءٌ يُغيِّر
مسارات توبتي، لَم أستطع مقاومتَه، حتَّى إنني لم أستطع التَّفكير به، أو
ما هو هذا الشيء، أكون ذاهبًا للصَّلاة مثَلاً فأجد نَفْسي نائمًا، أو أجد
نفسي لا أستطيع التَّفكير في شيء، حتَّى تنتهي الصَّلاة، شعورٌ لا يُوصَف،
ولكنَّه عظيم جدًّا؛ فهو سبَبُ كتابتي لكم، كما أُعاني من الوساوس. الجواببِسْمِ اللهِ الهادي للحقِّ
وهو المُستعان
"المُبادَرة إلى التَّوْبة من
الذَّنْب فرْضٌ على الفَوْر، ولا يجوزُ تأخيرُها، فمتى أخَّرها عصَى
بالتَّأخير، فإذا تابَ من الذَّنْب بَقِي عليه تَوْبةٌ أُخْرى، وهي
تَوْبتُه من تَأْخير التَّوْبة، وقلَّ أن تخطُرَ هذه ببالِ التَّائِب"؛ "
مَدارِج السَّالكين"، ابن قيِّم الجوزيَّة.
على رِسْلكَ أيُّها الأخ
الكرِيم؛ فليس بالضَّرُورة أنْ نَحِيدَ عن نَهْج الاسْتقامَةِ من أثرِ
صُحْبةِ أهلِ الفَسَاد، أو تَعاطي المُخدِّرات، ولكنَّها مَشِيئة اللهِ -
عزَّ وجلَّ - فهو سُبْحانه يحولُ بين المَرْء وقَلْبه؛ ﴿
وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ ﴾ [الأنفال: 24]، وقد قال المُصْطفى - صلَّى الله عليه وسلَّم -
(إنَّ
القُلوب بين أصبعَيْن من أصابع الله يُقلِّبُها كيف يَشاء))؛ رواه
التِّرمذيُّ، وعند أَحْمد مِن حديث أمِّ سلمة - رضي الله عنها - أنَّ رسول
الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان يكثر في دعائه أن يقول: ((اللَّهمَّ
مقلِّبَ القلوب، ثبِّت قلبي على دينك)), قالت: قلت: يا رسول الله، أوَ إنَّ
القلوب لتتقلَّب؟! قال: ((نعم، ما من خلق الله من بني آدم من بشرٍ, إلاَّ
أنَّ قلبه بين أصبعين من أصابع الله، فإن شاء الله - عزَّ وجلَّ - أقامه،
وإن شاء الله أزاغه، فنسأل الله ربَّنا أن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا،
ونسأله أن يهب لنا من لدنه رحمةً، إنَّه هو الوهَّاب)), قالت: قلت: يا رسول
الله، ألا تعلِّمني دعوةً أدعو بها لنفسي؟ قال: ((بلى، قولي: اللَّهمَّ
ربَّ محمَّدٍ النَّبيِّ، اغفر لي ذنبي، وأذهب غيظ قلبي، وأجرني من مضلاَّت
الفتن ما أحييتنا))، وفي التَّنْزيل العَزيز: ﴿
وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴾ [الأنعام: 110]، "فسُبْحان مُقلِّب القُلوب، ومُودِعها ما يَشاءُ مِن
أَسْرارِ الغُيوب، الَّذي يحُولُ بينَ المَرْء وقَلْبِه، ويعلَمُ ما
يَنْطوي عليه مِن طَاعتِه ودِينه، مُصرِّف القُلُوب كيفَ أَرَاد وحيثُ
أَرَاد، أَوْحى إلى قُلُوب الأَوْلِياء أنِ اقْبلِي إليَّ، فبادَرتْ وقامتْ
بينَ يدَيْ ربِّ العَالَمين، وكَرِهَ - عزَّ وجلَّ - انبِعَاثَ آخَرين،
فثَبَّطَهم وقيلَ: اقْعُدوا مَع القاعِدين"؛ "التِّبْيان في أَقْسام
القُرآن"، لابن القيِّم.
والغِناءُ - أيُّها الكريم - لا
يَختلِفُ في إطْرابِه اثْنانُ، بما يُولِّده في النَّفْس من سُرور، وما
يُحدِثه في الأُذن مِن لَذَّة، "وإنَّه لَينُوب عن الخَمْر، ويصْنعُ
بالعَقْل ما يصنعُه السُّكْر"؛ كما يقولُ يَزيدُ بن الوَليد، وقد ذكرَ ابنُ
خَلْدُون - رحمه الله - هذا الأثَرَ النَّفْسيّ في "المُقدِّمة" حينَ
قالَ: "النَّفْسُ عندَ سَماعِ النَّغَم والأَصْوات يُدركُها الفَرَح
والطَّرَب بلا شكٍّ، فيُصيبُ مِزاج الرُّوح نَشْوةً يسْتَسهلُ بها
الصَّعْب، ويسْتَميت في ذلِك الوَجْه الذي هُو فيه، وهذا موجودٌ في
الحَيواناتِ العجم، بانْفِعال الإبِل بالحُداء، والخَيْل بالصَّفِير
والصَّريخ كما عَلِمتَ، ويزيدُ ذلك تأثيرًا إذا كانت الأصْواتُ مُتَناسِبة
كما في الغِنَاء، وأنتَ تعلمُ ما يَحدُثُ لِمُستمِعه مِن مِثْل هذا
المَعْنى".
وقد كانت العَربُ مِن أَوائِل
مَن اسْتَعملَ الغِناءَ في العِلاج النَّفْسيّ، حيثُ يصِفُه الرَّازيُّ
ضِمْن مَجْموعةٍ عِلاجيَّة لعِلاج "
المالنخوليا"
- وهو مُصطلَح لحالةٍ عقليَّة ونفسيَّة تُشبه في أعراضِها مرَضَ
الاكْتِئاب وبعْض أَعْراض الأمْراضِ الذُّهانيَّة - فيقول في "الحَاوي":
"وَينْبغي أنْ يُعالَج هذا الدَّاءُ بالأشْغَال، فإنْ لَم يتهيَّأْ
فبالصَّيْد، والشِّطْرَنْج، وشُرْب الشَّراب، والغِنَاء والمُبَاراة فيه،
ونَحْو ذلِك ممَّا يجعلُ للنَّفْس شُغْلاً عن الأفْكَار العَمِيقة"، كما
وصفَهُ ابنُ سِينا لعِلاج نفسِ العِلَّة في كتابِ "القانُون" فيقُول:
"ويُشغَلُ أيضًا بالسَّماع والمُطْرِبات"، فالتَّأثيرُ المُطْرب للغِنَاء
لا يُنازَع عليه، واللَّذَّة الحَاصِلة مَعْلُومة، شَأْنها في ذلِك شَأْن
اللَّذَّة المُتولِّدة عن مُعاقَرة الخَمْر، أو مُمارسَة الزِّنا، أو أَكْل
لَحْمَ الخِنْزير، وقد قرأتُ عندَ الجَاحِظ في كتاب "الحَيوان" ما نصُّه:
"وفي إطباقِ جميع الأُممِ على شهوةِ أكْله - أي: الخِنْزير - واستطابَةِ
لحْمِه، دليلٌ على أنَّ له في ذلِكَ ما ليس لغيْره"، فكلُّ المُحرَّمات
تُحدِث شُعورًا باللذَّة والمُتْعة والنَّشْوة والاسْتِطابة، وصدقَ الحبيبُ
المُصطفى - صلَّى الله عليه وسلَّم - حين قال: ((حُفَّت الجنَّة
بالمَكاره، وحُفَّت النَّار بالشَّهوات))؛ رواه مُسلم.
فالتَّحْريم فيه حِكَم إلهيَّة،
يُراد من بعضِها اختبارُ انْصِياعنا واتِّباعنا لأوَامِره - تبَارك
وتَعَالى - فالجنَّةُ غَالِية، وما فِيها من نَعِيم مُقيم لا يَستحِقُّه
مَن تلذَّذ بالمُتع الدُّنيويَّة المُحرَّمة.
ما تحتاجُ إليه اليَوْم -
أيُّها الدَّاعية الصَّغير - بَعْد أنْ نهضَتْ فيكَ الفِطْرة النَّقِيَّة:
أنْ تَدْعُو ربَّكَ بثلاث دَعَواتٍ مُبَاركات، هِي بِمَنْزلة الغَيْث
لقَلْبكَ الظَّامِئ:
أمَّا الدَّعوة الأُولى: فـ"اللَّهُمَّ رَبَّ جبْرائيلَ وميكائيل وإسرافيل، فاطِرَ السَّماوات
والأرض، عالم الغيب والشَّهادة، أنت تَحْكم بينَ عِبادِك فيما كانوا فيه
يَخْتلفون، اهدِني لِما اختُلِف من الحقِّ بإذنك؛ إنَّك تَهْدي مَن تشاء
إلى صراطٍ مستقيمٍ".
وهذا العِلاجُ نبَّه عليه ابنُ أبي العزِّ الحنفِيُّ - رحمه الله - في كِتابه "
شرْح العَقِيدة الطَّحَاوِيَّة"
عَقِب شَرْحه لقَوْل الإمامِ الطَّحاويِّ - رحمه الله -: "فيَتذَبْذبُ بين
الكُفْر والإيمان، والتَّصْديق والتَّكْذيب، والإقْرَار والإنْكَار،
مُوسْوِسًا تَائِهًا، شَاكًّا، لا مُؤمنَا مُصدِّقًا، ولا جَاحِدًا
مُكذِّبًا"، فيقول: "والدَّواءُ النَّافِع لمِثْل هذا المَرَض، ما كان
طَبِيبُ القُلُوب - صَلواتُ اللهِ وسَلامُه عَليْه - يقُوله إذا قامَ من
الَّليْل يَفْتتِح الصَّلاة: ((اللَّهُمَّ رَبَّ جبْرائيلَ وميكائيل
وإسرافيل، فاطِرَ السَّماوات والأرض، عالم الغيب والشَّهادة، أنت تَحْكم
بينَ عِبادِك فيما كانوا فيه يَخْتلفون، اهدِني لِما اختُلِف من الحقِّ
بإذنك؛ إنَّك تَهْدي مَن تشاء إلى صراطٍ مستقيمٍ))؛ خرَّجه مُسلِم، توجَّه -
صلَّى الله عليه وسلَّم - إلى ربِّه برُبوبيَّة جَبْرائيل ومِيكائيل
وإِسْرافِيل أنْ يهديَهُ لِما اخْتُلِف فيه من الحَقِّ بإذْنِه؛ إذْ حَياةُ
القَلْبِ بالهِداية، وقدْ وكَّل اللهُ - سُبْحانه - هَؤلاء الثَّلاثَة
بالحَياة: فجبْرائيل مُوكَّلٌ بالوَحْي الَّذي هو سببُ حَياة القُلُوب،
ومِيكائيل بالقَطْرِ الَّذي هو سببُ حَياة الأبْدَان وسَائِر الحَيوان،
وإِسْرافِيل بالنَّفْخ في الصُّور الَّذي هو سببُ حَياة العالَم، وعَوْد
الأَرْواحِ إلى أَجْسادِها، فالتَّوسُّل إلى اللهِ - سُبحانَه - برُبوبيَّة
هذه الأَرْواح العَظِيمة المُوكَّلة بالحَياة، له تَأْثيرٌ عَظِيم في
حُصُول المَطْلُوب، واللهُ المُستَعان".
ولو عَلِم اللهُ في قَلْبكَ خيرًا وصَلاحًا، فسيَهْديكَ للحقِّ بإذنِه، شِئْتَ أم أَبيْتَ؛ ﴿
فَهَدَى
اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ
بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [البقرة: 213].
وأمَّا الثَّانِية: فـ"اللَّهُمَّ إنِّي ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا، ولا يغفر الذُّنوب إلاَّ
أنت، فاغفر لي مغفرةً من عندك وارحمني, إنَّك أنت الغفور الرَّحيم".
وهذه الدَّعْوة بما فيها من اعْترافٍ وإقْرارٍ على النَّفْس بالظُّلم؛ نبَّه عَليها ابنُ القيِّم - رضي الله عنه - في "
الصَّواعِق المُرسَلة"
حين قال: "مَذْهب أَهْل السُّنَّة: أنَّ الأَنْبياء والمُرْسلَين أَفْضَل
مِن المَلائِكة، وقد طلَبُوا كلُّهم منه المَغْفِرة والرَّحْمة، فقال أوُّل
الأنْبِياء وأبُو البَشَر: ﴿
رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [الأعراف: 23]، فهو - عليه السَّلام - الذي خلَقَه ربُّه بيدِه، ونفَخَ
فيه مِن رُوحِه، وأسجدَ له مَلائِكتَه، وأسكنَهُ جنَّتَه، وعلَّمَه أسْماءَ
كلِّ شَيْء، وإنَّما انتفعَ في المِحْنة باعْتِرافه وإقْرارِه على نَفْسِه
بالظُّلْم، وسُؤالِه المَغْفرة والرَّحْمة، وهذا نُوحٌ أوُّل رسُولٍ بعثَه
اللهُ - تعَالى - إلى أَهْلِ الأرْضِ يسألُه المَغْفرة ويقُول: ﴿
وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [هود: 47]، وهذا يُونُس يقُول: ﴿
لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ [الأنبياء: 87]، وإِبْرَاهِيم الخَلِيل يقُول: ﴿
وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ ﴾ [الشعراء: 82]، ويقُول: ﴿
رَبَّنَا
وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً
لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ
الرَّحِيمُ ﴾ [البقرة: 128]، وكَلِيم الرَّحْمن مُوسَى يقُول: ﴿
رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي ﴾ [القصص: 16]، ويقُول:﴿
أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ ﴾[الأعراف:
155]، ومُحمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - أَكْمَلهم وأَفْضَلهم، وقد
تقدَّم بعضُ ما كان يَسْتغفِر به ربَّه - ذكَرَها ابنُ القيِّم قبل هذا
المَقْطع في ص 592 مِن طَبْعة المَكتَبة العصريَّة - وسألَه الصِّدِّيق -
رضي الله عنه - أنْ يُعلِّمَه دُعاءً يدعُو به في صَلاتِه فقال: ((قُلْ:
اللَّهمَّ إنِّي ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا، ولا يغفر الذُّنوب إلاَّ أنت،
فاغفر لي مغفرةً من عندك وارحمني, إنَّك أنت الغفور الرَّحيم))؛مُتَّفق
عليه، فإذا كان هذا حال الصِّدِّيق الذي هو أَفْضلُ الخَلْق بعد الأَنْبياء
والمُرْسَلين، وأَفْضلُ مِن المَلائِكة عند أهلِ السُّنَّة، وهو يُخْبِر
بما هُو صَادِقٌ فيه من ظلم نفسه ظُلمًا كثيرًا، فما الظَّنُّ بِسواه؟".
وأمَّا الثَّالِثة: فقَوْل: "يَا حَيُّ يا قَيُّوم، لا إلهَ إلاَّ أَنتَ".
وهذا الدَّعْاء المُبارك أشارَ إليه ابنُ القيِّم - رحمه الله تعَالى - في "
مَدارج السَّالكين"
حين قال: "ومِن تَجْريبات السَّالِكين الَّتي جرَّبُوها فألْفَوْها
صَحِيحةً: أنَّ مَن أَدْمن "يَا حَيُّ يَا قَيُّوم، لا إِلَهَ إِلاَّ
أَنتَ" أورثَهُ ذلِك حياةَ القَلْب والعَقْل، وكانَ شيْخ الإسْلام ابنُ
تيميَّة - قدَّس اللهُ رُوحَه - شَدِيد الَّلهج بها جدًّا، وقالَ لي يومًا:
"لِهذيْن الاسْمَين وُهما ﴿
الْحَيُّ الْقَيُّومُ ﴾ تأثيرٌ عَظِيم في حَياة القَلْب"، وكانَ يُشِير إلى أنَّهما الاسْم الأَعْظم".
وبإذنِ اللهِ المُحْيي؛ يُغاث
قلبُكَ برَحْمة منه - تَعَالى - ويَحْيا مِن جَدِيد، وتعُود ذلك الدَّاعية
الذي يُعلِّم النَّاس الخيْر.
أثِقُ بأنَّكَ ستعرِفُ الطَّريق
الصَّحِيح بإشاراتٍ إلهيَّة تقودُكَ - بإذنِه تَعَالى - إلى جنَّاتِ عَدْن
الَّتي وعَدَ الرَّحْمنُ عِبادَه بِالغَيْب؛ ﴿
فَخَلَفَ
مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ
فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا
فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا * جَنَّاتِ
عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ
وَعْدُهُ مَأْتِيًّا * لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا
وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا * تِلْكَ الْجَنَّةُ
الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا ﴾ [مريم: 59 - 63].
أمَّا العُيوب الجَسَديَّة
فعِلاجُها مُتاحٌ في العِيادات الطِّبيَّة، والمَنْهج النَّبويُّ في
التَّعامُل مع العِلَل أنْ نأخُذَ بالأَسْباب، ولعلَّكَ لا تَقْوى على
التَّوجُّه للعِلاج الآن، لكنَّك إذا اشتغلتَ مُستقبَلاً، وأُجري لكَ راتبٌ
شَهْريٌّ، أمكنَكَ ساعتَئذٍ أنْ تُعالِجَ كلَّ عِلَّة تُؤثِّر سلبًا على
نفسِيَّتكَ، وهذا يُعيدني إلى نُقْطة الدِّراسَة؛ فإنَّ أكثرَ طلَبة العِلم
قد أكمَلُوا دِراستَهُم بِشِقِّ الأَنفُس، فبُلوغُ مَنازِل العِلْم يحتاجُ
إلى عَزْم وإِرادَة ومُجَاهدَة، وأنتَ لا تزالُ في أوَّل عُمْركَ، فلا
تقْعُد عن طلَب العِلْم بالقُعودِ في البَيْت.
لنْ تَشْعُر اليومَ بقِيمة
الشَّهادة الجَامعيَّة، ولكن في الغَد إذا طالَ بكَ العُمْر وعِشْت، وصار
أَتْرابُكَ في مَناصِب عُليا، وأصبحَتْ حاجَتُكَ إلى الزَّواج والعَمل
مُلِحَّة، بُؤْتَ بأعباءِ النَّدم على ما فرَّطتَ في طلَب العِلْم، فلا
تُجرِّب هذا الشُّعور، وعُد إلى المَدْرسة ولو انْتِسابًا، ثمَّ أكْمِل
دراستَكَ انتظامًا في الجَامِعة، حيث تُرتَّب لكَ مُكافأة ماليَّة
تُساعدِكَ - بمشيئةِ اللهِ تَعَالى - على شِرَاء مُستلزماتِكَ
الدِّراسيَّة، وقَضاء شُؤونكَ الشَّخصيَّة بما فيها عِلاج مُشكلاتِكَ
الجَسديَّة، متى أحسنتَ تدبُّر المُكأفاة على نَحوٍ جيِّد.
وعن رغبتِكَ في الانتِحار، فهي
مُؤشِّرٌ على الاكِتَئاب، وهذا النَّوع من الاكِتَئاب سببُه الخَواء
الرُّوحيّ، وقد مرَّ به الإمامُ الغزاليّ - رحمه الله - مِن قَبْل، وذكَر
أعراضَه في كِتابه "المُنْقِذ من الضَّلال"، ولأهميَّة هذه القِصَّة
سأذكرُها بطُولِها، والله المُستَعان:
يقولُ الغزاليّ: "ثُمَّ لاحظتُ
أَحْوالي؛ فإذا أنَا مُنْغِمس في العَلائِق، وقد أحْدَقتْ بِي من
الجَوانِب؛ ولاحظتُ أعْمَالي - وأَحْسنها التَّدرِيس والتَّعْليم - فإذا
أنا فِيها مُقبِلٌ على عُلومٍ غير مُهِمَّة، ولا نافِعة في طَريق الآخِرة،
ثُمَّ تفكَّرْتُ في نِيَّتِي في التَّدْريس فإذا هِي غير خَالِصة لوَجْه
اللهِ - تَعَالى - بل باعثُها ومُحرِّكُها طلَب الجاه وانْتِشار الصِّيت؛
فتيقَّنْتُ أنِّي على شَفا جُرُفٍ هار، وأنِّي قد أَشْفيتُ على النَّار إنْ
لم أشتغِلْ بتلافِي الأَحْوال، فلم أزَل أتفكَّر فيه مُدَّة، وأنا بعدُ
على مقَام الاخْتِيار، أُصمِّم العَزْم على الخُروج من بَغْداد، ومُفارَقة
تلك الأحوالِ يومًا، وأحلّ العَزْم يومًا، وأقدِّم فيه رِجْلاً وأؤخِّر عنه
أُخْرى، لا تَصْدُق لي رَغْبة في طلَب الآخِرة بُكْرَةً، إلا ويَحْمِل
عليها جُنْد الشَّهْوة حَمْلةً فيُفْترها عَشيَّةً، فصارتْ شَهَواتُ
الدُّنْيا تُجاذبني بسَلاسِلها إلى المُقام، ومُنادِي الإيمانِ يُنادي:
"الرَّحِيلَ الرَّحِيل! فلم يبقَ من العُمْر إلا قَلِيل، وبين يديكَ
السَّفَر الطَّويل، وجَمِيع ما أنتَ فيه من العِلْم والعمَل رياءٌ
وتَخْييل! فإن لم تَستعِدَّ الآن للآخِرة، فمتى تستعِدُّ؟! وإن لم تقْطَع
الآن هذه العَلائِق فمتى تقْطَع؟!
فعند ذلِك تَنْبعث الدَّاعِية،
وينجزمُ العَزْم على الهَرب والفِرار، ثم يعُود الشَّيْطانُ ويقُول: "هذه
حالٌ عَارِضة، إيَّاك أن تُطاوعِها؛ فإنَّها سَرِيعة الزَّوال؛ فإنْ
أذعنْتَ لها وتركْتَ هذا الجَاه العَرِيض، والشَّأْن المَنْظُوم الخَالِي
عن التَّكْدير والتَّنْغيص، والأمْر المُسلَّم الصَّافي عن مُنازعَة
الخُصوم، رُبَّما التفتَتْ إليه نفسُكَ، ولا يتيسَّر لكَ المُعاودَة.
فلم أزلْ أتردَّدُ بين تَجاذُب
شَهوات الدُّنيا، ودَواعِي الآخِرة قريبًا من ستَّة أَشهُر، أوّلُها رجَب،
سنة ثَمانٍ وثَمانين وأرْبَع مَائة، وفي هذا الشَّهْر جاوزَ الأمْرُ حدَّ
الاخْتِيار إلى الاضْطِرار، إذْ أقفلَ اللهُ على لِساني حتَّى اعتقلَ عن
التَّدْريس، فكنتُ أُجاهِد نَفْسي أنْ أدرِّس يومًا واحِدًا تطييبًا
لقُلُوب المُختلفِة إليّ، فكان لا يَنْطِق لِساني بكلِمَةٍ واحدةٍ، ولا
أستطيُعها ألبتَّة، حتَّى أورثتْ هذه العُقْلَة في الِّلسِان حُزنًا في
القَلْب، بطلَتْ معه قُوَّة الهَضْم، ومَراءَة الطَّعام والشَّراب؛ فكان لا
ينْساغُ لي ثَرِيد، ولا تنْهضِم لي لُقْمة؛ وتعدَّى إلى ضَعْف القُوى،
حتَّى قطَعَ الأطِّبَاءُ طمعَهُم من العِلاج وقالُوا: "هذا أَمْرٌ نَزلَ
بالقَلْب، ومنه سَرى إلى المِزاج، فلا سَبيِل إليه بالعِلاج، إلاَّ بأنْ
يتروَّح السِّرُّ عن الهَمِّ المُلِم، ثُمَّ لَمَّا أحسستُ بعَجْزي، وسقَط
بالكُلِّيَّة اخْتِياري، التجأتُ إلى اللهِ - تَعَالى - الْتِجاء
المُضْطرِّ الَّذي لا حِيلة له، فأجابنِي الَّذي ﴿
يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ ﴾ [النمل: 62]، وسهَّل على قَلْبي الإعْراضَ عن الجَاه والمَال والأَهْل
والولَد والأصْحَاب، وأظهرْتُ عَزْم الخُروج إلى مكَّة، وأنا أُدبِّر في
نَفْسي سفرَ الشَّام؛ حذرًا أنْ يطَّلِع الخَلِيفةُ وجُمْلة الأصْحَاب على
عَزْمي على المُقام في الشَّام، فتلطَّفتُ بِلطائِف الحِيل في الخُروج من
بَغْداد على عَزْمٍ أن لا أُعاودَها أبدًا...".
لكَ أنْ تتابعَ بقيَّة القِصَّة في كِتابه "المُنْقِذ من الضَّلال".
أيُّها الدَّاعِية الحَزِين:ثَمَّة فرَاغ في قلبِكَ كان
الإيمانُ يَملُؤه من قَبْل، هو ما يُسبِّب لكَ هذا الحُزْن والألَم
والرَّغْبة في الانْتِحار، ومتَى اكتنَزَ قلبُكَ بالإيمَان، والطَّاعَة،
واليقين، وحُبِّ الله - عزَّ وجلَّ - انزاحَتْ هذه السَّوداويَّة من
قَلْبك، فعالِج قلبَكَ بالإيمانيَّات قبل أنْ تُفكِّر في أيِّ عِلاج
دوائيّ، واطلبْ شفاءَك من اللهِ - سُبحانه - فهو مَن يُزيِّن الإيمانَ في
القَلْب ﴿
وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ
إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ
الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ ﴾[الحجرات: 7].
أمَّا الوَساوس، فلا أجدُ لكَ
أَحْسن من العِلاج الَّذي نصحَ به سَمَاحة الشَّيْخ ابنُ عُثيْمِين - رحمه
الله - في إحْدى أَجْوبته عن أَسئِلة المُستمِعين في بَرنامج "
نُور على الدَّرْب".
أمَّا العَراقيل التي تَحُولُ بينكَ وبين الاسْتجابة لِنداءاتِ الصَّلاة، فهو بسبب الرَّيْن على قلبِكَ؛ ﴿
كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾[المطففين: 14]، قال الحسنُ البصريُّ - رحمه الله -: "هو الذَّنْبُ على الذَّنْبِ حتَّى يَسْوادَّ القَلْب"؛ والرَّيْن في "
لِسان العَرب"
الصَّدأُ الذي يعلُو السَّيفَ والمِرآة، فهو كالصَّدَأ يَغْشى القَلْب من
أثرِ الذُّنوب، والرَّيْن من أشدِّ الحُجُب التي تطبعُ على القَلْب، يقول
ابن القيِّم في "
مَدارِج السَّالِكين":
"المُكاشَفة الصَّحِيحة عُلومٌ يُحْدِثها الرَّبُّ - سُبحانَه وتَعَالى -
في قَلْب العَبْد، ويُطلِعه بها على أُمورٍ تَخْفى على غَيْره، وقد
يُواليها، وقد يُمسِكها عنه بالغَفْلة عنها، ويُواريها عنه بالغَيْن الذي
يَغْشَى قلبَه، وهو أرَقُّ الحُجُب، أو بالغَيْم وهو أغلظُ منه، أو
بالرَّان - الرَّان والرَّيْن سَواء - وهو أشدُّها، فالأوَّل يقعُ
للأنْبياءِ - عليهم السَّلام - كما قال النَّبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم
-: ((إنَّه ليغان على قلبي، وإنِّي لأستغفر الله أكثر من سبعين مرَّةً))،
والثَّاني يكونُ للمُؤمِنين، والثَّالِث لمَن غلبتْ عليه الشِّقْوة، قالَ
اللهُ - تَعَالى -: ﴿
كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [المطففين: 14]..".
وأَشدُّ من الرَّيْن الطَّبَع؛ قال تَعَالى: ﴿
فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ ﴾ [المنافقون: 3]، فأكثِرْ من الاستِغْفار لصَقْل قلبَكَ من صدَأِ
الذُّنُوب؛ فقد قال اللهُ - تعَالى - فيما حَكى عن نبيِّه هُود - عليه
الصَّلاة والسَّلام -: ﴿
وَيَا قَوْمِ
اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ
عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ ﴾ [هود: 52]، وبإذنِ الله، تقطفُ ثمرةَ هذا الاسْتِغفار قُوَّةً في الطَّاعَة والعِبَادة كما وعدَ ربُّ العِزَّة - جلَّ جلالُه.
واللهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أعلمُ بالصَّواب، وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ.