السؤالأشعر
أن هناك شيئًا عظيمًا في هذه الحياة لا أعرفه، أبدأ دائمًا في جداول تقسيم
الوقت, وتخطيط الحياة, ولكنني أحسُّ بأن هذا التخطيط خطأ أصلًا وسطحيٌّ،
فلستُ مُستعدة لأقابل الموت به! أردتُ أن أكون ذات دورٍ بارز جدًّا في
العالم، ولكن أنا امرأة، وغايتي الأساسية ينبغي أن تكون التربية!أريد
أن أكونَ طالبة علم، مِن أين أبدأ في هذا البحر؟ هل أتركه حينما أنشغل
بغيره؟ وما الفائدة من حياتي لي ولأمتي؟ قد لا نستطيع فعل الأشياء الكبيرة؟
كيف نسير على الطريق الأمثل والأفضل؟ وكيف نعرف أننا نسير عليه؟فالله
عندما خلق البَشَر خلقهم بالعدل، فكيف أصل إلى درجات شُيُوخ الإسلام,
الصحابة, والتابعين؟ هل يُمكن أن نكون مثلهم؟ كيف أعرف الأعمال الأساسيَّة
التي يجب أن أفعلها؟ أريد أن أرى الطريق لأسير، وأحسب أنكم قد رأيتموه -
والله حسيبكم.أتمنى أن أجد لديكم الإجابة التي تريني الطريق بوُضُوح كبيرٍ، وأرجو أن تسامحوني على تضييع وقتكم، شاكرة لكم ما تقدمونه. أسأل الله أن يباركَ فيكم ويجزيكم خير الجزاء. الجواببسم الله الموفق للصواب
وهو المستعان
((وإنَّ أحدكم لن يزال بخيرٍ ما اتقى الله، وإذا شكَّ في نفسه شيءٌ سأل رجلًا فشفاه منه، وأوشك ألا تجدوه))؛ "
صحيح البخاري"، عن ابن مسعود.
أيتها العزيزة، ثمة أُمُور
تبدِّد أوقاتنا سدًى، ولكن بلا ريب ليستِ استشارتكِ مما يضيِّع وقت أحدٍ،
بل مما يملأ الأوقات إيمانًا وتأمُّلًا وتفَكُّرًا وأجرًا - بمشيئة الله
تعالى، فشكرًا لكِ جزيلًا، لا عدمنا العُقُول المؤمنة المتفكِّرة بلقاء
الله - تعالى - والدار الآخرة، ثم اسمحي لي بكلمةٍ قبل أن أجيبَ عنْ
أسئلتكِ النيرة، تعقيبًا على كلمةٍ وردتْ بين سطوركِ، حين قلت: "أريد أن
أرى الطريق لأسير، وأحسب أنكم قد رأيتموه، والله حسيبكم"، أقول لكِ: لعلَّ
أحدًا غيري قد رأى هذا الطريقَ، ثم هداه الله فسَلَكَه، أمَّا أنا فما زلتُ
أحمل قنديلًا صغيرًا، وعلى ضوْئِه الخافتِ كتبتُ لكِ هذا الجواب، وليس مَن
حمل القنديل وراح يبحث عن طريق، كمَن مشى بنور الله على الطريق المستقيم،
جعل الله لي ولكِ وللمسلمين والمسلمات نورًا من الله نمشي به في الناس،
آمين.
هذه أسئلتكِ، وتحتها جوابي وأجوبة العلماء، وبالله التوفيق:"أريد أن أكونَ طالبة للعلم، مِن أين أبدأ في هذا البحر؟":عن الحسن قال: "إن كان الرجل
ليصيب الباب مِن أبواب العلم، فينتفع به، فيكون خيرًا له من الدنيا لو
جعلها في الآخرة"، قال ابن عبدالبر - رحمه الله تعالى - معلِّقًا في كتابه:
"
جامع بيان العلم وفضله": "حسبك بقوله: لو جعلها في الآخرة"، وفي "
الحلية"
لأبي نُعَيْم: "سمعتُ محمد بن يوسف الفريابي يقول: سمعتُ الثَّوري يقول:
"ما مِن عملٍ أفضل مِن طلب الحديث إذا صحت النيةُ فيه"، قال أحمد: قلتُ
للفريابي: وأي شيءٍ النيةُ؟ قال: تريد به وجه الله والدار الآخرة، فابتغاء
الله - سبحانه وتعالى - والدار الآخرة هي الخطوة الأولى إلى طلب العلم، ثم
التمسي لنفسكِ أنفع العُلُوم وأحسنها؛ مما يحسُن بكِ إن أنت تعلمْتِه أن
تُبدعِي وتبرَعي فيه.
ثم خُذي العلم من أهله
المختصِّين أساتذة العلم وشيوخه، وادرسي على أيديهم، واقرئي بنفسكِ أمهات
الكتب في العلم، والأصول المعتمَدة، والعُمدة من كل مذهب أو مدرسة مع أفضل
شروحاتها.
للهِ ثم للعلم أنصحكِ: ألَّا تأخذي شيئًا من الكُتُب المُخْتَصَرة، بل خُذي الأصول ومعها أفضل شروحاتها؛ ككتاب "
العقيدة الطحاوية"؛ للإمام الطحاوي - رحمه الله - في العقيدة، ومعه "
شرح العقيدة الطحاوية"؛ لابن أبي العز الحنفي - رحمه الله - و"
صحيح البخاري"؛ للإمام البخاري - رحمه الله - في الحديث، ومعه "
فتح الباري بصحيح البخاري"؛ لابن رجب - رحمه الله - و"
فتح الباري بصحيح البخاري"؛ لابن حجَر، وإذا درستِ الفقه الحنبلي فاقرئي: "
المغني"؛ لابن قُدامة - رحمه الله - وإذا درستِ الفقه الحنفي فاقرئي: "
حاشية ابن عابدين"، وإذا قرأتِ التفسير فعليكِ بـ"
تفسير الطبري"،
فقد سُئل شيخُ الإسلام ابنُ تيميَّة - رحمه الله تعالى ورضي عنه -: أي
التفاسير أقرب إلى الكتاب والسنة: الزمخشري، أم القرطبي، أم البغَوي، أو
غير هؤلاء؟
فأجاب: "وأما التفاسير التي في أيدي الناس، فأصحُّها: تفسير محمد بن جريرٍ
الطبري؛ فإنه يذكر مقالات السلف بالأسانيد الثابتة، وليس فيه بدعةٌ، ولا
ينقل عن المتَّهمين؛ مقاتل بن بُكيْر، والكلبي، والتفاسيرُ المأثورة
بالأسانيد كثيرةٌ؛ كتفسير عبدالرزاق، وعبد بن حميدٍ، ووكيع بن أبي قُتيبة،
وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وأمَّا التفاسير الثلاثة المسؤول عنها،
فأسلمها مِن البدعة والأحاديث الضعيفة: البَغَويُّ، لكنه مختصرٌ من تفسير
الثعلبي، وحذف منه الأحاديث الموضوعة والبدَع التي فيه، وحذف أشياء غير
ذلك"؛ "
مجموع الفتاوى"، وهكذا في سائر العلوم.
ولمزيد فائدةٍ أنصحك بمطالعة الكُتُب التالية لما فيها من اللطائف والفوائد العلميَّة النافعة:- كتاب: "
جامع بيان العلم وفضله"؛ لابن عبدالبر.
- كتاب: "
الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع"؛ للخطيب البغدادي.
- كتاب: "
زغل العلم"؛ للإمام الذهبي.
"وهل أتركه حينما أنشغل بغيره؟"قيل لابن المبارَك: إلى متى تطلب العلم؟ قال: "حتى الممات - إن شاء الله"؛ "
جامع بيان العلم وفضله"؛ لابن عبدالبر.
"ما الفائدة من حياتي لي ولأمتي إن كنَّا لا نستطيع فِعْل الأشياء الكبيرة؟"روى الإمامُ البخاريُّ - رحمه الله تعالى ورضِيَ عنه - في "
صحيحه":
أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لن ينجِّيَ أحدًا منكم عملُه))،
قالوا: ولا أنتَ يا رسول الله؟ قال: ((ولا أنا، إلَّا أن يتغمدني الله
برحمةٍ، سدِّدوا، وقارِبوا، واغدوا وروحوا، وشيءٌ من الدلجة، والقصدَ
القصدَ تبلغوا))، وفي رواية مسلم: ((سدِّدوا، وقاربوا، وأبشِرُوا؛ فإنه لن
يُدخل الجنة أحدًا عملُه))، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ((ولا أنا،
إلَّا أن يتغمدني اللهُ منه برحمةٍ، واعلموا أنَّ أحب العمل إلى الله
أدوَمُه وإن قلَّ)).
قال شيخُ الإسلام ابن تيميَّة - رحمه الله تعالى ورضِيَ عنه - معلِّقًا على الحديث، كما في "
جامع الرسائل":
"فنفى بهذا الحديث ما قد تتوهَّمُه النفوسُ مِن أن الجزاء من الله - عزَّ
وجلَّ - على سبيل المعاوضة والمقابلة؛ كالمعاوضات التي تكون بين الناس في
الدنيا، فإنَّ الأجير يعمل لمن استأجره، فيعطيه أجره بقدر عمله على طريق
المعاوضة، إن زاد زاد أجرته، وإن نقص نقص أجرته، وله عليه أجرة يستحقها كما
يستحق البائع الثمن، فنفى - صلى الله عليه وسلم - أن يكونَ جزاءُ الله
وثوابه على سبيل المعاوضة والمقابلة والمعادلة"، ثم يقول: "وإذا تبيَّن
ذلك، أفاد هذا الحديث ألَّا يعجب العبد بعملِه، بل يشهد نعَمَ الله عليه،
وإحسانه إليه في العمل، وأنه لا يستكثر العمل؛ فإن عمله لو بلغ ما بلغ - إن
لم يرحمْهُ اللهُ، ويعفُ عنه، ويتفضلْ عليه - لم يستحقَّ به شيئًا، وأنه
لا يكلف من العمل ما لا يطيق، ظانًّا أنه يزداد بذلك أجره، كما يزداد أجر
الأجير الذي يعمل فوق طاقته، فإن ذلك يضره؛ إذ ((المنبتُّ لا أرضًا قطَع،
ولا ظهرًا أبقى))، وأحَبُّ العمل ما داوم عليه صاحبُه، فإنَّ الأعمال
بالخواتيم، بخِلاف عمل الأجراء في الدُّنيا، فإنَّ الأجرة تتقسَّط على
المنفعة، فإذا عمل بعض العمل استحقَّ مِن الأجرة بقدر ما عمل، ولو لم يعملْ
إلَّا قليلًا، فمن خُتِم له بخير استحقَّ الثواب، وكفَّر اللهُ بتوبته
سيئاته، ومَن ختم له بكُفْرٍ أحبطتْ ردتُه حسناته، فلهذا كان العملُ الذي
داوم عليه صاحبه إلى الموت خيرًا ممن أعطى قليلًا ثم أكدى، وكلف نفسه ما لا
يطيق، كما يفعله كثيرٌ من العمال، فقولُه - صلى الله عليه وسلم -:
((سدِّدوا، وقاربوا، واعلموا أن أحدًا منكم لن يَدخُل الجنة بعملِه))، ينفي
المعاوضة والمقابلة التي يولد اعتقادها هذه المفاسد"؛ انتهى كلامه - قدَّس
الله روحَه.
والله - سبحانه وتعالى - لا يكلِّفنا ما ليس في وُسْعِنا؛ ﴿
لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا ﴾ [البقرة: 233]، فإن وسعكِ عمل الأشياء العظيمة فاعمليها، وإن وسعكِ عملُ
الأشياء الصغيرة فاعمليها، فما ستحاسبين عليه هو ما وسعكِ أن تعمليه، ثم
لم تعمليه! ونستعين بالصلاة والصبر؛ ﴿
وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ ﴾ [البقرة: 45]، وإذا استطاع الناسُ المحافظة على الصلاة، فما أقل الصابرين على القضاء! ﴿
فَاتَّقُوا
اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا
لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ
الْمُفْلِحُونَ ﴾ [التغابن: 16].
"كيف نسير على الطريق الأمثل والأفضل؟"الطريقُ الأمثلُ هو الطريق الموصل إلى الله - عز وجل، ولكن النفس - كما يقول ابن القيِّم - رحمه الله تعالى ورضي عنه - في كتابه: "
مدارج السالكين"
- "جبلٌ عظيمٌ شاق في طريق السير إلى الله - عز وجل - وكلُّ سائر لا طريق
له إلا على ذلك الجبل، فلا بد أن ينتهيَ إليه، ولكن منهم مَن هو شاقٌّ
عليه، ومنهم من هو سهلٌ عليه، وإنه ليسيرٌ على مَن يسَّرَه الله عليه، وفي
ذلك الجبل أودية، وشُعُوب، وعَقَبات، ووُهُود، وشَوْك، وعَوْسَج،
وعُلَّيْق، وشبرق، ولصوص يقتطعون الطريق على السائرين، ولا سيما أهل الليل
المدلجين، فإذا لم يكن معهم عُدد الإيمان، ومصابيح اليقين تتَّقد بزيت
الإخبات، وإلَّا تعلقتْ بهم تلك الموانع، وتشبَّثتْ بهم تلك القواطع،
وحالتْ بينهم وبين السير، فإنَّ أكثر السائرين فيه رجعوا على أعقابهم لما
عجزوا عن قطعه، واقتحام عقباته، والشيطانُ على قلَّة ذلك الجبل يحذِّر
الناس مِن صُعُوده وارتفاعه، ويخوِّفهم منه، فيتفق مشقة الصُّعود وقعود ذلك
المخوف على قلَّته، وضعف عزيمة السائر ونيته، فيتولَّد من ذلك: الانقطاعُ
والرجوع، والمعصوم مَن عَصَمَهُ الله، وكلما رقى السائرُ في ذلك الجبل
اشتدَّ به صياح القاطع وتحذيره، وتخويفه، فإذا قَطَعه وبلغ قلته: انقلبتْ
تلك المخاوفُ كلهن أمانًا، وحينئذٍ يسهل السير، وتزول عنه عوارضُ الطريق،
ومشقة عقباتها، ويرى طريقًا واسعًا آمنًا يفضي به إلى المنازل والمناهل،
وعليه الأعلام، وفيه الإقامات، وفيه أعِدَّت لركب الرحمن، فبين العبد وبين
السعادة والفلاح: قوة عزيمة، وصبر ساعة، وشجاعة نفس، وثبات قلب، والفضل بيد
الله، يؤتيه مَن يشاء، والله ذو الفضل العظيم".
وكيف نعرف أننا نسير عليه؟((يا وابصة، استفتِ قلبك،
واستفتِ نفسك)) ثلاث مراتٍ، ((البر ما اطمأنت إليه النفسُ، والإثم ما حاك
في النفس، وتردَّد في الصدر، وإن أفتاك الناس وأفتوك))؛ رواه أحمد، وحسَّنه
النوويُّ والمنذريُّ والشوكاني، وحسنه الألباني لغيره.
"كيف أصل إلى درجات شُيُوخ الإسلام, والصحابة, والتابعين؟"الصحابة أنفسهم - رضي الله عنهم وأرضاهم - في الدرجات على درجات؛ لقوله تعالى: {﴿
لَا
يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ
أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ
وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا
تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾[الحديد: 10]، ونحن لن نصلَ - ولو حرصنا - إلى
درجات المقاتلين بعد الفتح؛ أمثال: خالد بن الوليد، وعمرو بن العاص - رضي
الله عنهما وأرضاهما - فضلًا عن أن نصل إلى درجات السابقين من المهاجرين
والأنصار؛ أمثال: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي - رضي الله عنهم وأرضاهم
أجمعين - لكنَّنا إن رغبنا في الجنة، فعلينا اتِّباع نهجهم؛ نهج الأنبياء
والمرسلين - صلى الله عليهم أجمعين - واقتفاء أثرهم، مِن خلال التأسِّي
بسِيَرهم المعطرة، والتحلِّي بأخلاقهم الكاملة، وتعلُّم عِلْمهم، والعمل
بأنفع ما علمنا من علومهم، وذلك لن يحصلَ إلَّا إذا قرأنا بنَهَمٍ ووعيٍ
كتبَ التأريخ، والتراجم، والسير المعتمدة؛ ككتاب: "
البداية والنهاية"؛ لابن كثير، و"
تأريخ الإسلام" و"
سير أعلام النبلاء" و"
تراجم الأئمة الكبار"؛ للذهبي، و"
أسد الغابة"؛ لابن الأثير، و"
الإصابة في معرفة الصحابة"؛ لابن حجر، و"
المنتظم"؛ لابن الجوزي، و"
تأريخ بغداد"؛ للخطيب البغدادي وأمثالها.
وإن كنتِ معجبة بأحد السلف الصالح، فاقرئي له، واقرئي ما قيل وكُتِب عنه، فعلى
سبيل المثال: لو كان يعجبكِ شيخُ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى ورضيَ عنه - فاقتني كتبه، أو أهم كتبه كـ: "
مجموع الفتاوى"، و"
منهاج السنة النبويَّة" و"
العقيدة الواسطية"،
وأدمني مطالعتها وقراءتها؛ حتى تتشبعي بفكره، ويصبح لديكِ رصيدٌ "تيمي"
يُمكنكِ من الاستدلال أو العمل على نهجه، بالإضافة إلى الكُتُب التي
ألِّفَتْ عنه، أو صنفتْ للدفاع عنه؛ مثل كتاب: "
ترجمة شيخ الإسلام ابن تيميَّة"؛ لابن حجر، و"
جلاء العينين بمحكامة الأحمدين"؛ للألوسي، و"
موقف ابن تيمية من الأشاعرة"؛ للدكتور عبدالرحمن الحمود.
"هل يمكن أن نكون مثلهم؟"لا أظن - والله أعلى وأعلم - أن
أحدًا بعد عمر بن عبد العزيز - رحمه الله تعالى ورضي عنه - سيكون مثل
الصحابة الكرام - رضي الله عنهم وأرضاهم - إلا المهدي - عليه السلام - ولكن
بمقدورنا التشبُّه بالصحابة والتابعين والسلف الصالح، مثلما بمقدورنا
تقليد الممثلين والمغنِّين واللاعبين، وبأيدينا القراءة لهم والكتابة عنهم،
مثلما بأيدي بعضنا - نسأل الله العافية - أن يسرقَ أفكار غيره وحتى
مفرداته، والتشبع بما لم يعطَ، ثم ينسبه لنفسه، بل ويُعادي أصحاب الفكر أو
يساوي نفسه بهم! وما دُمْنا ننجح كثيرًا في التقليد والمحاكاة، والنسخ
واللصق، والسرقة العلميَّة والأدبية والفكرية هكذا بمنتهى الوقاحة، فمِن
باب أولى أن نتشبه بهؤلاء الأجلَّاء، فعلى الأقل سيخجل الواحد منَّا إن هو
تشبَّه بابن القيم مثلًا أن ينسب كلام ابن القيم لنفسه، أليس كذلك؟!
فَتَشَبَّهُوا إِنْ لَمْ تَكُونُوا مِثْلَهُمْ إِنَّ التَّشَبُّهَ بِالْكِرَامِ فَلَاحُ
|
"كيف أعرف الأعمال الأساسية التي يجب أن أفعلها؟"كامرأةٍ مسلمة يمكنكِ معرفة
أعمالك الأساسية، إنْ تأسيتِ بأمهات المؤمنين - رضي الله عنهن وأرضاهن -
زوجات الحبيب محمد - صلى الله عليه وسلم؛ ﴿
أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ﴾ [الأنعام: 90] ، فانظري في سيرهن الندِيَّة، وتعلَّمي منها أعمالكِ الأساسيَّة.
ولعل مِن أفضل الكُتُب المصنفة في هذا الباب:كتاب: "
السمط الثمين في مناقب أمهات المؤمنين"؛ للمحب الطبري.
وكتاب: "
نساء أهل البيت في ضوء القرآن والحديث"؛ للدكتور أحمد خليل جمعة.
والله - سبحانه وتعالى - أعلم بالصواب، والحمد لله كما هو أهله