السؤالالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.في
البداية أشكركم على هذه الشبكة الرائعة، وأشكر كلَّ العاملين عليها، جزاكم
الله خير الجزاء، وأعانكم على ما تقومون به، ووفَّقكم لما يحبُّ ويرضى. بحثتُ
حولي لأجِد مَن أستشيره في مشكلتي هذه، ولكن لم أجد مَن أطمئن لمشورتِه،
وعندما عثرتُ على شبكة الألوكة أحسستُ بارتياحٍ شديدٍ، وشعرتُ أنه يُمكنني
البوح بمكنونات صدري، وأثق أني سأجد الجواب الشافي - بإذن الله.تعرفتُ
على شابٍّ أعزب مِن أقارب أمِّي، كان لطيفًا حسَن الخُلُق، في بداية الأمر
لم تكنْ ثَمَّ مشاعِر تجاهه، إذ كانتْ زياراتُه لنا قليلة، ثم بدأتْ
زيارته تزيد؛ فتعلَّقتُ به دون أن يعرفَ، وبدأتُ أراقبه حتى أحببتُه، شعرتُ
في لحظاتٍ أنه يُبادلني نفس الشُّعور، وصرتُ أكتب عنه خواطِر في
مفَكِّرتي، وتفجَّرتْ لدي موهبةٌ لم أعتقد يومًا أني سأمتلكها.حاولتُ
تجاهُل ما يحدث، وإقناع نفسي بأنَّ مشاعري غير ناضِجة، وأنها مِن مشاعر
فترة المُراهقة، ولكني لم أستطعْ، وأدركتُ أني أحببتُه ولا مفرَّ.سافرتُ بعيدًا عنه، ولم يكنْ بيننا تواصُل إلَّا من خلال الإنترنت، وكنتُ أراقبه مِن بعيدٍ لأطمئنَّ عليه.كان
حبِّي له دافعًا لأتغيَّر، فبدأتُ بحفْظِ كتابِ الله، وتفوَّقتُ في
دراستي، وتوقَّفتُ عنْ مُصافَحة الرِّجال، وارتديتُ النقاب، وقررتُ أن
أكونَ داعيةً إلى الله - عزَّ وجل - بقدْر ما أستطيع، وكلُّ هذا بفَضْل
الله - عز وجل - ثم بفَضْل هذا الشخص، وهو لا يعلم.أرسلتُ
له رسالةً أخبره فيها بأني أحبه، وأنه غيَّر حياتي كلها، وبعد فترةٍ
أرْسَلَ لي رسالةً مبهمة، لم أعلم مقصِدَه منها، ولم يكنْ ردُّه واضحًا
جازمًا؛ فشعرتُ بأن ذلك عقابٌ لي؛ لأني لم أصبرْ!أغلقتُ
حسابي على شبكة التواصُل الاجتماعيِّ الذي كان يُمثِّل حبل الصلة الوحيد
بيني وبينه، ولكني لم أتوقفْ عنْ حبِّه حتى بعد البُعد عنه، وما زال لديَّ
أملٌ وثقة في الارتباط الشَّرعيِّ به، فأنا أريده شريكًا لي في حياته،
وبالرغم مِن هذا فإني أخاف أن يكونَ هذا مجرد أوهام، وأن يكونَ قلبي
معلَّقًا برجلٍ لا يحلُّ لي، لا أعلم ما الذي يجب عليَّ فعله؟ وهل كان فعلي
هذا خاطئًا؟ الجوابوعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.الحمدُ
لله أنْ جعل الألوكةَ محلَّ ثقتكم، ومَصْدَر راحتكم, وشَكَر اللهُ لكِ
كلماتكِ الطيِّبةَ، وثناءَكِ العَذْب، وتقبَّل منكِ دعواتكِ الرائعة، وجعل
لكِ منها أوفرَ النَّصيب. يختلف الرجالُ في نظرتهم للفتاة
التي تبوح بمكنونِ صدْرها، وتعترف بما يعتلجُ في قلبها اختلافًا كبيرًا،
على أنَّ مُعظمَهم لا يحبُّ ذلك، ولا يرضاه، ولا ينظرُ لمن تفعل ذلك إلا
بعين الازدِراء! فإن كان في قلبِه لها مِن إعجابٍ فهو يزول بفعْلتِها،
ويتبخَّرُ بقَوْلِها؛ حيث ينظر للفتاة نظرةَ إجلالٍ وإكبار, وهي عنده
كالشمس في فَلَكِها, والقمر في عَلْيائه؛ لا يجوزُ لها أن تدنوَ, وليس لها
إلا أن تبقى مرغوبةً لا راغبةً، ومطلوبةً لا طالبةً، ولو اشتدتْ بها
الحاجةُ، وزاد عليها الألمُ, فلا ينبغي لها أن تنزلَ مِن عَلْيائها، أو
تهبط مِن سمائها!
لستُ أعني بحديثي إلَّا توضيحَ
حالهم فقط, مِن غير مُوافقة أو رفضٍ لموقفهم وفَهْمهم, قد يكون في ذلك
مبالغةٌ، لكن الفتاة عندهم أكبرُ مِن أن تفعلَ، أو تلمِّح، أو تستجيب!
فقُلتُ لأصحابي: هي الشمسُ ضوْءُها قريبٌ، ولكنْ في تناولِها بُعْدُ
|
ولو اقتربتْ منه، وقبِلتْ، وبدا منها ما يُنبئ بغير التمنُّع لَمَا هام بها، ولَمَا زاد في طلبها، وألحَّ في حبها!
وطائفة أخرى: يَميل قلبُها
ويخفقُ لكلمة حبٍّ تخرج من الفتاة، فتُذيب فؤادَه، وتثير حواسَّه, تستجلب
مودَّتَه، وتستخرج محبتَه باعترافها الذي قد يُفاجئه، لكنه يجذبه بقوة
إليها, وقد علمتْ بعضُ النِّساء الخبيثات ذلك، فذهبْنَ لصيد الرِّجال ذوي
النفوس الضعيفة والإيمانِ المهلهَل؛ لإقامة علاقاتٍ غير شرعيَّة، ولكنهنَّ
يعلمْنَ كيف يكون ذلك، ومتى يُخبرْنَ بهذه المشاعر الكاذبةِ، ومتى
يلمِّحْنَ، ومتى يصرِّحْنَ, وأما فتاةٌ مثلكِ، صغيرةُ العمر، قليلة الخبرة،
طيِّبة القلب، حسَنة النيَّة؛ قد لا تُحسن استخدامَ هذه الوسيلة، ولا
تفقهُ في أمور الرِّجال وشخصياتِهم ما يؤهِّلُها لفِعْلِ هذا, فضلًا عن عدم
جوازه شرعًا!
لا أدري أيَّ نوع من الرجال هو؟
وحتى إن كان ممن يتأثَّر بمثل ذلك فقد يقبله قلبُه، ويرفضه عقلُه؛ لِما
فيه مِن محاذيرَ شرعيةٍ، وشبهات عُرفية؛ حيث لا يقبل المجتمعُ الشرقيُّ
مثلَ هذا السلوك، ولا يرضاه في التعامُلاتِ بين الرجل والمرأة، بصَرْف
النظرِ عن حُكمِه شرعًا, ولعل هذا سببُ الرِّسالة المبهَمة التي أرسلها
إليكِ بعد مدَّة!
ما الذي يجب عليكِ فعلُه؟1) عليكِ
بالتوبة إلى اللهِ, فقد تعدَّيْتِ حدًّا في العلاقة بينكِ وبين رجلٍ
أجنبيٍّ، ونطقتِ بما لا يحلُّ لكِ معه, والله - تعالى – يقول:﴿
يَا
نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ
اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي
قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا ﴾ [الأحزاب: 32], وهذا ليس من المعروفِ في شيءٍ.
2) عليكِ
أن تحصُري تفكيرَكِ فيما ينفعكِ، وقد أحسنتِ بإلغاء حسابكِ من الموقع؛
لقطعِ سُبل التواصُل، وقطْع الطريق على الشيطان، وما قد يُوسوسُ إليكِ به
مِن سبُلٍ جديدة لتصحيحِ الوضعِ، ومعاودةِ المحاولات لجذبه, وقد يُرغِّبُكِ
في وسيلةٍ جديدة، ويزيِّنُها لكِ حتى تحسبيها صوابًا، وتبصري فيها ما
يصحِّحُ الوضعَ، ويعيدُ مكانتكِ، وإذا بها تَقضي على كلِّ أملٍ لكِ؛
فتنبَّهي - بارك اللهُ فيكِ.
3) استمرِّي
في حياتكِ، واجتهدي في دراستكِ دون إعمال فِكْركِ في هذا الأمر بما قد
يعطِّلُ لديكِ الكثيرَ مِن الأمور، وعلى رأسها أمور دينكِ ودراستكِ, ومن ثم
عليكِ أن تتوقَّفي عن كتابة الأشعار، والخواطر، وإن تفجَّرتْ لديكِ
مَواهبُ أعجبتكِ, فبإمكانكِ استغلالُ هذه المواهب في مجالاتٍ كثيرةٍ، تصرفُ
فكرَكِ عنه، عوضًا عن إشغالِ النفس به.
4) تذكَّري أنَّنا كلنا ذَوُو خطأ, وأخطاؤُنا لا تعني بالضرورة أننا كُتَلٌ
متحرِّكة من الشرِّ, فلا بدَّ من الخطأ والاستفادة منه، حتى ننضجَ فكريًّا
وعقليًّا واجتماعيًّا, تقبَّلي خَطَأَكِ على أن تُحسني الاستفادةَ منه في
المواقف القادمةِ.
وفَّقكِ
الله، وأصلحَ قلبَكِ، وهدى بالَكِ، ويسَّر أمرَكِ, ويسُرُّنا التواصلُ
معكِ في أيِّ وقت, والله الموفِّق، وهو الهادي إلى سواء السبيل.