السؤالالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.أنا
امرأة متزوجة وزوجي أصغر مني بعدة سنوات، الحمد لله منذ زواجي منه وأنا
أعيش في سعادة، ولا ينقصنا سوى الأولاد، فلديه مشاكل في الإنجاب، ولم
يقدِّر الله لنا أن يكون لدينا أطفال!سلمتُ بالأمر، ولكن مؤخرًا تغيَّر زوجي؛ إذ اكتشفتُ أنه يُراسل الفتيات، ويتكلم معهن في الهاتف، وعندما واجهتُه قال: (بتسلى فقط).علمتُ بعد ذلك أنه واعد امرأة بالزواج، وأنه يحبها، ولا أدري كيف أتعامل معه، وكيف أواجهه؟!عندما
تزوجتُه كان راتبه ضعيفًا، وكنت أعمل وأضع راتبي بين يديه، وهو يعطيني ما
أريد من النقود، أعطيته بطاقتي البنكية، ولا أدري كيف آخذها منه، خاصة
بعدما علمتُ أنه ينفق من مالي على من يعدها بالزواج، وعلى ملابسه؟!طلبتُ منه أن نذهبَ للطبيب، ويمكننا الإنجاب عن طريق الأنابيب، لكنه رفض، بل أخبرني بعد ذلك أنه يمكن أن يتزوج بأخرى، وينجب منها!!أصبحتُ لا أثق فيه، فهل أطلب منه الطلاق، العمر يتقدم ولا أدري كيف أكون بعدما أتقدَّم في العمر؟ الجوابوعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.تخطئ كثير من النساء إن ظنتْ
أنها كلما قامتْ بدور الزوج، وساعدتْ في تغطية نفقات البيت، وأعانتْه في
تأسيس المنزل، وتكفلتْ دفع فواتير الكهرباء, والماء, والهاتف, وأكرمتْه
بمالها، وبالغتْ في ذلك - كان داعيًا لرغبته فيها، وزيادة لمحبته لها، وأنه
سيكرمها، ويُبقي على ودِّها, وقد تكون على جانبٍ من الصواب في جزءٍ يسير
من هذا الظن؛ فالزوجُ قد يتحرج أن يهينها، أو يعاملها بقسوة، أو يبخل
عليها، أو يرفض لها مطلبًا, ولكن بكلِّ أسف ينتاب الرجل في أغلب الأحوال
شعور مستمر بحاجته لامرأة تحتاج إليه، ولا يحتاج إليها!
ولعل هذا يبدو عجيبًا، لكنه
يصدق مع كثيرٍ من الحالات الزوجية، وتُصاب المرأة حينها بخيبة أمل كبيرة،
بعد أن قدمت الكثير، ولم تجد ما تأمل من محبة صادقة وإخلاص حقيقي.
وإن كنتِ تتحرجين أن تطلبي
بطاقتكِ منه, فلتفكري: أفلا يستحي هو أن يواعد الفتيات، ويخبركِ بكل هدوء
تتقبلينه أنها مجرد تسلية، لا تعني له الكثير؟
أيتها الفاضلة, غلطة كبيرة أن
نتحرج من أمور لا تدعو للحرج، ولا نتحرج من أمور تُعد في نظر الشرع فسوقًا،
وفي نظر العرف إجرامًا! اعتدتِ أن يكون الراتب بين يديه لمدة عشر سنوات أو
أقل, واعتاد هو أن يكون المتصرف فيه، دون أخذ رأيك ومشاورتكِ حتى في أوجه
إنفاقه, والعجيبُ أنكِ تشكرين له عدم البخل عليكِ من مالكِ؛ "لا يحرمني من
شيء"!
فقد آن الأوان للنظرة المنصفة
تجاه نفسكِ, وحان وقت التفكير في اليوم والغد بطريقة أكثر عدلًا؛ فنفسكِ
لها عليكِ حقوق كما للآخرين حقوق.
لا أشير عليك بالتسرع وطلب
الطلاق لمجرد أنه عزم على الزواج, ولكن أريد توضيح نقطة لاحظتُ فيها
تناقضًا في حديثكِ: فكيف يكون زوجكِ السبب في تأخر الإنجاب بما يعني أن
المشكلة لديه فقط, ويرى أنه يستطيع الإنجاب متى تزوَّج من امرأة أخرى؟
على كل حال فإن الإنجاب حق
شرعيٌّ لكلٍّ من الزوجين، ولا يحق له منعكِ هذا الحق وهو قادر, وأنصحكِ أن
تنظري في الأمر من جديد، وتحاولي إقناعه، أو إيصال الفكرة بأنه حق لكِ كما
هو حق له, وإن كان يفكر في الخسارة المادية، فلديك دخل قد ييسر لكِ التكفل
بالكثير، أو يغطي كافة النفقات اللازمة عوضًا عن إنفاق المال في العناية
بمظهره والاهتمام بشكله!
هذا، ولتضعي في تفكيركِ أن تخطي
سن الأربعين عند المرأة يشير إلى ضرورة الإسراع في اتخاذ اللازم والبدء في
التنفيذ, وكما يشير الدكتور جهاد سمور "استشاري أمراض النساء والتوليد"
إلى أن الإنجاب بعد الأربعين ما زال محفوفًا ببعض المخاطر، رغم تقدُّم الطب
بشكل هائل في مجال علاج العقم وتأخُّر الإنجاب؛ فاحتمالية إنجاب أطفال
مصابين ببعض الاعتلالات الكروموسومية ما زال واردًا، كما أن النسبة تزيد
بزيادة تقدم العمر, رغم أن هناك بعض الحالات التي تنجب فيها المرأة بعد
الخامسة والأربعين، وربما الخمسين، والتي تبشِّر بخير, لكن هذا لا ينفي
احتمال الخطر القائم.
فلا يجوز للزوج منع زوجه حقًّا
كفله لها الشرع, والإنجاب يأتي على رأس مقاصد النكاح لكثير من النساء,
فليتق الله الأزواج، ولينظروا في حقوق أزواجهن، كما ينظرون في حقوقهم
الشخصية ورغباتهم الخاصة.
تذكري أخيرًا أن عليكِ أن
تغيِّري من وجهة نظركِ في الحياة، وأن تفكِّري في قدرتكِ للحصول على كافة
حقوقكِ، وأن تتحلي بالمزيد من الشجاعة التي لا تؤثِّر على الأخلاق، ولا
تتنافى مع الآداب العرفية والذوق العام, فالأدب لا يعني التصرف بضعف، ولا
يستلزم الوهن والانكسار المستمر, والأنوثة لا تشترط الذل، ولا تعادي اعتدال
الشخصية والتصرف بحكمةٍ وشجاعة.
حفظكِ الله وأعانكِ على أمرك, وفرَّج كربكِ، وهدى زوجكِ, والله الموفق وهو الهادي إلى سواء السبيل