السؤالالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.أطلب نصيحتكم؛ كيف أستعيد ثقة زوجتي فيَّ بعد اكتشافها رسائل كنتُ قد أرسلتُها لفتيات؟والحقيقة
أنني لا أعرف ما الذي دفَعَنِي لهذا؟ فزوجتي لم تُقَصِّرْ في حقي بصفة
عامة، بل تتحمَّلني، المشكلةُ أنها تُصِرُّ على معرفة تفاصيل خروجي من
البيت، وتفاصيل ما حدث بيني وبين هؤلاء البنات؛ لأنني كنتُ أخْرُج معهنَّ
منذ سنوات، وقالتْ: إنها بعد هذه المعرفة ستُقَرِّر هل ستستمر معي أو لا؟
لأنها لو لم تعرفْ فسيظل الشيطان يصوِّر لها أشياء لم تحدثْ بالفعل، ولن
تستطيعَ أن تعيشَ معي بشكلٍ طبيعيٍّ، وستتدمَّر نفسيتُها مِن الشك القاتل
والتصوُّرات الهائلة، مع اعترافي لها بأنني لم أصلْ للزنا! وأنني قد أخطأتُ
في حق ربي ونفسي وحقِّها، وأنا أحاول أن أغيِّر مِن نفسي وأخلاقي؛ فأحاول
غضَّ البصر، والصلاة في الجامع، إلا أنها تُصر أيضًا على بعثِ رسالةٍ مني
لهنَّ، فيها أنني رجعتُ لربي، وليس فقط إغلاق رقمي، فهل رأيُها صحيح؟ علمًا
بأن شفرة الهاتف معي، ومنزوعة مِن الهاتف، ولا أستبعد أن تطلبَ أن تكونَ
معها حتى تضمنَ عدم استخدامي له!أنا
أُقَدِّر ما تُعَانِي منه بسببي، ولكن أخاف أن أفقدَها إذا أخبرتها بما
تريد، وهي قد سامحتني؛ ولن تقاضيَني أمام الله، إلا أنها لم تغفرْ لي
فعلتي؛ لكوني لم أطلبْ منها شيئًا مِن قبل ولم تفعلْه، بل على العكس بدلًا
من الوفاء لها اتجهتُ إلى غيرِها، وزاد ألمها أيضًا لكوني لا أعرف لماذا
فعلتُ هذا؟ وهي تطلب مني أن أعرف السبب حتى لا يتكرَّر الأمر.هي
قريبتي، وبيننا أولاد، وأعلم أنها لن تفضحني في حالة انفصالِنا، وأعرف أن
هذا ما جَنَتْه يدايَ؛ فالرجاء النصيحة، وكيف السبيل لإعادتها لي؟ وكيف
أتودَّد إليها؟ والله عقلي توقف عن التفكير؛ فلا أعرف كيف أتعامل معها؟!لقد
قرأتُ عن مثل مشكلتي هذه، وتكون الزوجة هي مَن تسأل عن كيفية علاج خيانة
الزوج، فيكون الرد دائمًا بأنها هي المقصِّرة، وعليها التحبُّب والتقرب
إليه، وأعتقد أن هذا كثير عليها؛ فكانتْ تكفيها الخيانة، أَفَتُلَام هي بعد
ذلك؟! أريد النصيحة لزوجتي؛ فهي تعاني جدًّا، وداخلها بركان كما تقول، فلا تبخلوا عليَّ بالنصح. الجواببسم الله الرحمن الرحيم
أخي الكريم، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.نحيِّي بداية انضمامَك إلى شبكة الألوكة، سائلين المولى القدير أن يسخِّرنا ويسدِّدنا في تقديم ما ينفعك وينفع جميع المستشيرين.كما أحيِّي ما لمستُه فيك من
مشاعر ندم على ما ارتكبتَ، ورغبتك في التوبة منه، والعودة إلى الله تعالى،
وليكن يقينك به - عز وجل - كبيرًا في أنه لن يضيِّعَك إن صدقتَ النية،
وأخلصتها له تعالى، واسألْه الثبات على ذلك.
كذلك أحيِّي مشاعر الحب الواضحة
لديك تُجَاه زوجتك، ورغبتك الجادَّة في تضميد جراحها، وإقرارك بمميزاتها،
وبعدم تقصيرها معك، فلم تبحثْ عن أي قصور أو نقص فيها لتبرِّر ما قمتَ به،
مثلما يفعل ذلك للأسف كثيرٌ مِن الرجال، وكان عدلك في عرض مشكلتِك واضحًا
جدًّا، وأسأل الله تعالى أن يجعلك من المُقسِطين الذين يحبهم.
كذلك أودُّ أن أشيد بالعقلانية
المتميِّزة، ونُبل الخُلُق، والاتزان الانفعالي الذي تتَّسِم به زوجتُك،
وهو ما يمكن الاستدلال عليه مِن أسلوب ردِّ فعلها بعد اكتشافها لخطئك، فلك
الحق في اعتزازِك الكبير بها، وفي خشيتك من خسارتها؛ لأن تلك السمات يندر
توافرها لدى المرأة العربية، لا سيما في مواقفَ كهذه.
أخي الكريم، أستشفُّ مِن وصْفِك
لمشاعر زوجتِك الحالية وجودَ عوامل قد زادتْ في حجم شعور الألم التي
تجتاحُ نفسَها؛ ومنها: ثقتها المُطلَقة - سابقًا - في وفائك لها، وشعورها
بالأمان تجاه موضوعاتٍ كهذه، وبعد اهتزاز تلك الثقة بدأتِ الأفكار
والتصوُّرات السلبية تتسلَّل إلى مخيلتِها، وربما تتعاظَم تلك التصورات
لدرجة تُبعِدها عمَّا حدث بالفعل منك.
ولذلك، فإني أعتقدُ بأنها
محقَّة في أكثر مَطالبها، والتي قد تُساعِدها على تخفيفِ آلامها، وعلى
استعادة ثقتها بك، بالتَّزامُن مع خطواتٍ أخرى من قبلك؛ فقيامُك بكتابة
رسالة إلى أولئك الفتيات تُعلِمُهن فيها بقرارِ توبتك إلى الله تعالى
وبعودتك إلى زوجتك التي لن يعوضها أي شيء، ثم إِطْلاعها على مضمون تلك
الرسائل بعد قيامك بإرسالها - سيكون له وَقْع مهمٌّ في نفسِها، ويزيد منه
تسليمك لشفرة موبايلك إليها.
أما فيما يخص طلبها بالاطِّلاع
على تفاصيل عَلاقاتك وما صدر منك، فلا أراه صائبًا، لاسيما وأن الأمر لم
يصلْ إلى الزنا - كما قلتَ؛ لأن ذلك يَزِيد من مشاعر غضبِها وحنقها،
ويُعِيد ذاكرتها إلى تلك الفترة، فتتذكَّر ما كان يصدر منك آنذاك تجاهها،
ثم تترك الأمر لمخيلتها، وهلم جرًّا.
كما أني لا أجد أي فائدة ستعود
عليها مِن إِطْلاعِها على أمرٍ سيئ قد مضى، وربما يقع ذلك فيما نهى الله
تعالى عنه بقوله - عز وجل -: ﴿
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ ﴾[المائدة: 101].
واعلم - يا أخي - أنك بثباتك
على التوبة، وبعودتك إلى التعامُل الطيِّب مع زوجتك، واستمرارك في ذلك؛
سيُنْسِيها - بإذن الله تعالى - ما صدر منك في حقِّها، فإنَّ الذِّكرى
المؤلمة يتلاشى تأثيرُها مع مرور الوقت، إذا لم تتعرَّض إلى ما يخدشها
ويحركها ثانية.
كما أنصحُك بأن ترافقَ زوجتَك
في رحلة عمرة تصطحبان فيها نية صادقة، وتتوجَّهان فيها بالدعاء إلى الله
تعالى أن يمنَّ عليكما بالمودة والرحمة والسكينة، وأن يجنِّبكما كل مكروهٍ.
وإذ أختمُ بدعاء الله تعالى أن يَمُنَّ عليكما بهذا الفضل، ويجنِّبكما رجس الشيطان، سنكون سعداءَ بسماع أخباركما الطيبة.