السؤالالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.هل يحتاج اسم الفاعل إلى فاعل؟ في مثل قولنا: هذا ضاربٌ زيدًا، هل نقدّر لاسم الفاعل فاعلاً مستترًا؟ الجوابوعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
ابتداء نرحب بكم في شبكة
الألوكة، ويسرُّنا أن نجيب عما يعنُّ لكم من أسئلة، فكونوا على تواصل معنا،
ونسأل الله أن نكون عند حسن ظنكم.
الجواب: نعم، لا بد أن نقدر فاعلاً مستترًا في المثال المذكور: (هذا ضاربٌ زيدًا)؛ ولتوضيح ذلك نقول:
قول العلماء: (اسم الفاعل) يطلق
على اللفظة المفردة التي تأتي على وزن (فاعل) للثلاثي، وعلى وزن (مُفْعِل)
ونحوه للرباعي، وعلى وزن (مُفتعِل) ونحوه للخماسي، وعلى وزن (مُستفعِل)
ونحوه للسداسي.
فهذا الاصطلاح (اسم الفاعل)
يتعلق في الأصل بالمفردات لا بالمركبات (الجمل)؛ ولذلك لا يصح أن نقول في
إعراب بعض الكلمات: (اسم فاعل)؛ لأن اسم الفاعل:
- قد يأتي مرفوعًا؛ كما في قوله تعالى: ﴿
سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ ﴾ [الحج: 25].
- وقد يأتي منصوبًا؛ كما في قوله تعالى: ﴿
إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا ﴾ [ص: 44].
- وقد يأتي مجرورًا؛ كما في قوله تعالى: ﴿
وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ ﴾ [الحج: 27].
أما قولنا: (فاعل)، فيطلق على
الكلمة التي يُسند إليها الفعل؛ سواء كانت على وزن فاعل أم لم تكن؛ كقولنا
(قام زيد)، فـ(زيد) فاعل، وليس على وزن فاعل؛ قال ابن آبَّ:
الفَاعِلَ ارْفَعْ وَهْوَ مَا قَدْ أُسْنِدَا إِلَيْهِ فِعْلٌ قَبْلَهُ قَدْ وُجِدَا
|
فالاشتباه بين الاصطلاحين (فاعل) و(اسم فاعل) هو الذي أدى إلى حصول اللبس بينهما، وهما شيئان مختلفان تمامًا.
واسم الفاعل إذا ورد في
المركبات (الجمل)، فإن له أحكامًا نحوية، وهذه الأحكام لا تختص باسم الفاعل
في الجملة؛ بل هي متعلقة بالمشتقات عمومًا؛ كما قال ابن مالك:
والمُفْرَدُ الجَامِدُ فَارِغٌ وَإنْ يُشْتَقَّ فَهْوَ ذُو ضَمِيرٍ مُسْتكِنّْ
|
يعني أن اللفظ المفرد إذا لم
يكن مشتقًّا، فإنه لا يحتاج إلى تقدير ضمير مستتر، أما إذا كان من المشتقات
كاسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة، فإنه يتحمل ضميرًا مستترًا،
والدليل على وجود هذا الضمير المستتر أنه قد يبرز ويظهر كما قال ابن مالك:
وَأَبْرِزَنْهُ مُطْلَقاً حَيْثُ تَلا مَا لَيْسَ مَعْنَاهُ لَهُ مُحَصَّلا
|
والخلاصة أنه لا إشكال في تقدير فاعل لاسم الفاعل؛ لأن اسم الفاعل يعملُ عملَ فِعْلِه؛ كما في قوله تعالى: ﴿
وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ ﴾ [الكهف: 18]، فـ(ذراعيه) مفعول به لاسم الفاعل (باسط)، وكما في المثال
المذكور في السؤال: (هذا ضاربٌ زيدًا)، فـ(زيدًا) مفعول به، وإذا وجد
المفعول فلا بد من وجود الفاعل؛ لأنه لا مفعول بغير فاعل، وإذا وجد الفاعل
فلا بد له من فعل؛ لأنه لا فاعل بغير فعل، ولكن لا يوجد فعل ظاهر في
الجملة، فلذلك نقول: إن اسم الفاعل (باسط) و(ضارب) قام مقامه، فثبت بذلك أن
اسم الفاعل لا بد له من فاعل.
وإذا لم يكن الفاعل ظاهرًا، قدرناه ضميرًا مناسبًا، فقلنا: الفاعل ضمير مستتر تقديره (هو)؛ قال ابن مالك:
وَبَعْدَ فِعْلٍ فَاعلٌ فَإنْ ظَهَرْ فَهْوَ وَإلاَّ فََضَمِيرٌ اسْتَتَرْ
|
ولكن أحيانًا عند الإعراب لا
نذكر الفاعل المستتر لاسم الفاعل، وذلك إذا لم يكن له أثر في إعراب الجملة؛
كقولنا: (محمدٌ جالس) نقول: محمد مبتدأ، وجالس خبر، ولا نحتاج إلى أن
نقول: وهو اسم فاعل وفاعله ضمير مستتر تقديره هو؛ لأن هذا وإن كان صحيحًا
إلا أنه ليس له أثر في معنى الجملة، بخلاف قولنا: (محمد جالسٌ أبوه) فلا بد
أن نقول هنا: (أبو) فاعل.
والله تعالى أعلم.