السؤالالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.أنا
فتاةٌ مخطوبةٌ، وسيتم زواجي بعد مدَّة يسيرة - إن شاء الله، مشكلتي أنَّ
خطيبي أخْبَرَني أنه ارتَكَب إثمًا؛ حيثُ يتكلَّم مع فتاةٍ عبر الإنترنت
بما يُثير شهوتَه! وقال لها كلامًا فيه زنا اللسان!أخبرني أنه تاب إلى الله، وطلَب مني أن أُسامحه، لكنني غَضِبتُ، وطَلَبتُ منه الانفصال!لم
أستطعْ أن أخبرَ أهلي؛ لأنني لا أريد أن أفضَحه، وقد ستَره الله، وأيضًا
حتى لا تُشوَّه صورتُه عندهم، وهم يكنُّون له الاحترامَ والتقدير.أنا أبحث عن إنسانٍ متدينٍ، وما يخيفني هو إصرارُه على المعصية، فهل أنا على حقٍّ في قراري؟ أو كان يجب عليَّ أن أسامحه؟ وجزاكم الله خيرًا. الجوابالحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحْبِه، ومَن والاه، أما بعدُ:فقد أحسنتِ عندما غضبتِ لله على
خطيبكِ، وأنكرتِ فِعْل المُنْكَر؛ وقد قال - صلى الله عليه وسلم -:
((والذي نفسي بيده، لتأمرُنَّ بالمعروف، ولتنهونَّ عن المنكر، أو ليوشكَنَّ
اللهُ أن يبعثَ عليكم عقابًا منه، ثم تدعونه فلا يُستجاب لكم))؛ رواه
الترمذي، وقال: حديثٌ حسَن، وحسَّنه الألباني.
وقال - صلى الله عليه وسلم -:
((مَن رأى منكم منكرًا، فليُغَيِّره بيدِه، فإن لم يستطعْ فبلسانه، فإن لم
يستطعْ فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان))؛ رواه مسلم.
كما أحسنتِ بستركِ عليه، وعدم
إخبارك أسرتك بما فعله؛ فقد قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ومَن
ستر مسلمًا، ستره الله يوم القيامة))؛ متفق عليه.
ولكنكِ قد أخطأتِ لتسرعكِ في
اتخاذ قرارٍ كهذا، كما أنكِ لم تخبرينا هل خطيبك صاحب خُلُق ودين، وإنما
يستزلُّه الشيطان، ويوقعه في المعصية كحال البعض؟ فإن كان الأمر كذلك،
فننصحكِ بالصبر عليه، والوقوف بجانبه بعد عقد الزواج؛ حتى يتمكَّن من
مجاهَدة نفسِه، مع كثرة الدعاء له بالهداية؛ عسى الله - تعالى - أن يهديَه،
ويقلع عن المعاصي، واستعيني على ذلك بالله - تعالى - ثم بأهل الصلاح.
أما إقامة عَلاقات مع النساء عبر النت، والحديث معهن؛ فهذا مِن المعاصي التي استسهلها الكثيرُ، وعواقبها وخيمة؛ ففي "
الصحيحين"،
عن أبي هريرة: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم قال -: ((إن الله كتب على
ابن آدم حظَّه مِن الزنا، أدركَ ذلك لا محالة، فزنا العين النظر، وزنا
اللسان المنطق، والنفس تَمَنَّى، وتشتهي، والفرْج يصدِّق ذلك كله،
ويكذبه)).
ولتُذكِّريه أنه سيُسأل بين يدي الله عنْ جوارحه؛ هل استعْمَلَها في طاعة الله؟ أو في معصيته؟ قال - تعالى -: ﴿
وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولًا ﴾ [الإسراء: 36]، وأنَّ جَوارحه سوف تشهد عليه يوم القيامة؛ كما قال الله - تعالى -: ﴿
يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النور: 24]، وقال الله - تعالى -: ﴿
حَتَّى إِذَا مَا جَاؤُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [فصلت: 20].
أمَّا إن كنتِ قد أسأتِ
الاختيار مِن البداية، وخطيبكِ صفاته لا توافِق مرادَ الشارع الحكيم، أو
كان تاركًا للصلاة، ومُسرفًا على نفسه، فاتركيه، إلَّا أن يتوبَ ويُقبِل
على الله؛ فصاحب الخلق والدين إنْ أحبَّ المرأة أكرَمَها، وإن أبغضها لم
يُهِنْها، شعارُه في ذلك قوله - تعالى -: ﴿
فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ﴾[البقرة: 229].
ومن هنا، أوصى النبيُّ - صلى
الله عليه وسلم - باختيار صاحب هاتين الصفتَيْن؛ فقال - صلى الله عليه وسلم
-: ((إذا أتاكم مَن ترضون دينه وخلُقه، فزوِّجوه))؛ أخرجه الترمذيُّ، وابن
ماجه، وحسَّنه الألبانيُّ في "
صحيح الترمذي".
فأهمُّ الأوصاف التي ينبغي
للمرأة أن تختارَ الخاطب مِن أجلها: هي الخُلُق والدين، أما المال والنسَب
فهذا أمرٌ ثانوي، لكن أهم شيء أن يكونَ الخاطبُ ذا دينٍ وخلُقٍ؛ لأنَّ صاحب
الدين والخلق لا تفقد المرأةُ منه شيئًا؛ إن أمسكها أمسكها بمعروفٍ، وإن
سرَّحها سرَّحها بإحسانٍ، ثم إنَّ صاحب الدين والخلق يكون مباركًا عليها
وعلى ذريتها، تتعلم منه الأخلاق والدين، أما إن كان غير ذلك، فعليك أن
تبتعدي عنه - لاسيما - إن كان يتهاوَن في أداء الصلاة، أو يشرب الدخان، أو
المُسكِرات.
وأسأل الله أن يلهمكِ رشدكِ، ويعيذكِ مِن شرِّ نفسكِ